الخميس، 13 مارس 2025

مريم الإلهة بين الفاتيكان والأدب الكاثوليكي

 #كتابي_الجديد_في_معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب

وقعت في يدي بمحض الصدفة رواية "By the River Piedra I sat Down and Wept" ، "على ضفاف نهر بييدرا جلست وبكيت" للروائي البرازيلي الكاثوليكي المعروف باولو كويلو . 


باولو كويلو كتب روايته بلغته الأصلية "البرتغالية" ونشرها عام 1994م، وترجمها الكاتب Alan R. Clarke "ألان كلارك"من اللغة البرتغالية إلى الإنجليزية ، وأثناء قراءتي للرواية لاحظت أنها تروج لألوهية السيدة مريم العذراء رضي الله عنها وأرضاها .


ولما كانت السيدة مريم تخص المسلمين كما تخص المسيحيين، ولما كانت روايات باولو كويلو تُترجم إلى اللغة العربية وتُنشر في كثير  من البلدان العربية ، كان لزاما علي أن أناقش ما تم طرحه من معتقدات تتعلق بها.


تحولت من مرحلة القراءة للرواية إلى ترجمتها ترجمة دقيقة حتى أتبين ما يعتقده باولو كويلو بخصوص السيدة مريم ، كما بدأت في ذات الوقت دراسة العلوم المريمية التي يعتنقها الفاتيكان باعتباره المرجعية الدينية الأساسية للطائفة الكاثوليكية التي ينتمي لها باولو كويلو.


ونتائج البحث أنشرها لكم في هذا الكتاب ( مريم الإلهة بين الفاتيكان والأدب الكاثوليكي ) لتستمتعوا برواية باولو كويلو العاطفية الشيقة "على ضفاف نهر بييدرا جلست وبكيت" ، لنكتشف سويا: 

هل هدف الرواية هو الترويج لألوهية السيدة مريم العذراء من عدمه ؟ ، وهل تتفق الرواية فيما صرحت به عن مريم العذراء مع نتائج العلوم المريمية التي يعتنقها الفاتيكان ؟ ، هل تتفق مع القرارات التي أصدرها مجمع الآباء الكاثوليك ؟

من يرغب في شراء الكتاب عبر البريد ، فإن رابط إرسال طلب الشراء على بوست دار نشر ( كتبنا ) أدناه .

                                            د محمد محمود العمدة

الخطر الشيعي على الأمن القومي العربي

 

#إلى_من_يتباكون_على_بشار_الأسد
#الخطر_الشيعي_مسألة_أمن_قومي
في الوقت الذي حول فيه بشار سوريا إلى جحيم ، وحول الشعب السوري إلى أشلاء، كان يحظى بدعم كبير من بعض الحكام العرب لدرجة أنهم دعوه لحضور القمة العربية الأخيرة دون  أدني مراعاة لمشاعر الشعب السوري ، بل دون أدنى مراعاة لمشاعر الشعوب العربية جميعها .

وعندما كان الحشد الشعبي الشيعي يرتكب أفظع الجرائم في حق أهل السنة في سوريا ، كان أيضا يحظى بترحيب وتأييد حكومات عربية ، وشاهدنا فنانين وممثلين مصريين يذهبون إلى سوريا لتشجيعهم على الاستمرار في مجازرهم .

عندما نرى هذا التأييد الكاسح لطائفة الشيعة ضد السنة في أي دولة عربية، وعندما نرى حكومات عربية تتباكى على رحيل بشار الأسد وشيعته فهذا يدل على جهل هؤلاء جميعا بالخطر الشيعي ، رغم أنه خطر كبير يهدد كل الشعوب العربية حكاما ومحكومين .

كنت قد نشرت مقالين عن هذا الأمر ، وأعيد الآن نشرهما ، لعل من لا يعرفون أن الخطر الشيعي من أهم مسائل الأمن القومي المصري والعربي يتنبه لهذا الخطر، ويمنح تأييده لمن يستحق هذا التأييد، وهذا مشروط بحسن نيتهم، أما إن كانوا يؤيدون بشار لدرجة الحزن على رحيله وهم على علم بخطورته وخطورة شيعته فهذه كارثة كبرى لا حل لها إلا من الله عز وجل الذي يدبر الأمر في السماوات والأرض.
وإليكم المقالين :
                            #المقال_الأول
                  
                   #كيف_أشعل_الخميني_الثورة_الإيرانية

لا جدال في أن الخميني هو صانع الثورة الإيرانية ، وأن كتابه " الحكومة الإسلامية " والذي يسميه البعض " ولاية الفقيه " كان خريطة طريق الثورة التي سار الثوار الإيرانيون على نهجها .

لقد استطاع الخميني أن يصنع ثورة استنادا إلى عقيدة باطلة ، وهي عقيدة الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، تلك العقيدة القائمة على أن وجود إمام يحكم المسلمين بعد وفاة النبي ( ص ) هو فريضة إسلامية ، الإمام إذن عند الشيعة هو من يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن سبقه من الأنبياء كانوا حجة على الناس لأنهم أبلغوا الرسالة، فكذلك لابد من إمام في كل زمن ليكون حجة علي الناس، ولا يخلو عندهم زمن من الأزمان من الحجة .

الإمام عندهم معصوم من كل خطأ صغيرا كان أو كبيرا ، والإمام موصوف بأوصاف تكاد أن تجعل منه إلها أو بالأدنى موصوفا بصفات إلهية، فهو يعلم الغيب، وهو يجمع العلوم من عهد آدم وحتي تقوم الساعة، وهو لا يخطئ ، والإمام لا يختاره المسلمون، وأنّى لهم أن يختاروه، وإنما يختاره ربه .

وتعيين الإمام الأول من منظورهم " سيدنا علي بن أبي طالب " تم بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أوصى سيدنا علي بن أبي طالب لابنيه الحسن والحسين رضي الله عنهما وحفيده علي بن الحسين ، وهكذا يوصي كل إمام لمن بعده .

وحين سقطت نظرية الإمامة - وهي ساقطة منذ وضعها - والتي كانت تزعم أن الإمامة سوف تظل تنتقل في ذرية سيدنا علي حتى يوم القيامة - باختفاء الإمام الثاني عشر وانقطاع سلسلة توريث الأئمة - ، تحول الإمام الثاني عشر إلى شخصية أسطورية اختفت لتعود يوما ما لتملأ الأرض عدلا ورخاءً " المهدي المنتظر ".

بعض مراجع الشيعة تفيد أن الإمام الحادي عشر لم ينجب ولدا مما أثار حيرة الشيعة بشأن نظرية الإمامة التي ابتدعوها وتصوروا أنها سوف تظل مستمرة ليوم القيامة في ذرية سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والبعض يقول أنه أنجب ولدا أسماه محمد وهو الإمام الثاني عشر لكنه اختفى في صغره .

بعد اختفاء الإمام الثاني عشر محمد بن علي بن الحسن عام ٢٦٠ه‍ فيما سمي عند الشيعة بالغيبة الصغرى ثم الكبرى ، أصبح الشيعة في مأزق لاسيما بعد أن طالت غيبته قرابة الألف عام أو يزيد وهم يرون أن الدين لا يقوم إلا بالإمام  .

ولكي يحل الشيعة الإثنى عشرية هذه المشكلة ادعوا أن الإمام الثاني عشر لم يمت وأنه غائب ، وأنه هو المهدي المنتظر الذي سيظهر آخر الزمان .

ورغم ذلك استمرت مشكلة الشيعة الإثنى عشرية قائمة طيلة ألف عام، كيف نقيم الدين بدون إمام ، إلى أن تمكن الخميني من حل هذه المعضلة في كتابه " الحكومة الإسلامية ".

كتاب " الحكومة الإسلامية " عبارة عن ثلاث عشرة محاضرة ألقاها على طلّاب العلوم الدينيّة في النجف عام ١٩٦٩م تحت عنوان "ولاية الفقيه".

وفي عام ١٩٧٠م طُبعت هذه المحاضرات في بيروت من قِبَل أنصار الخميني ، ثمّ أُرسلت إلى إيران سراً ، كما أُرسلت في الوقت نفسه إلى أوروبا وأمريكا وصولاً إلى أفغانستان وباكستان.

وفي عام ١٩٧٧م طُبع كتاب " الحكومة الإسلامية " في إيران ولكن تحت اسم: " رسالة من الإمام الموسويّ كاشف الغطاء .

الكتاب كما قلنا حل مشكلة الإمام الغائب ، حيث جعل الفقهاء هم البديل عن الإمام حتى يعود ، وعلى حد قول الخميني:
" كل ما ثبت للرسول ( ص ) وللأئمة من بعده يثبت للفقيه " ،
ثم وضع تصورا للحكومة الإسلامية قائما على ولاية الفقيه ، كما وضع تصورا للحكومة الإسلامية في ظل فكرة " ولاية الفقيه " .

كانت إيران تحت حكم الشاه / محمد رضا بهلوي الموصوف بالعمالة لأمريكا حين أصدر الخميني كتاب " الحكومة الإسلامية ".
وبعد أن وضع الخميني في كتابه أفكاره عن الحكومة الإسلامية والثورة السياسية أخبر الشباب بأن تشكيل هذه الحكومة هي مهمتهم ، حيث يقول :
وقد طرحنا الموضوع على بساط البحث ، فعلى أجيال الغد أن تتعمّق بعزمٍ وثبات وروح مثابرة لا سبيل لليأس والقنوط إليها، وسيوفّقون بإذن الله إلى التوصّل إلى تشكيل الحكومة ، وتنظيم سائر الشؤون بتبادل وجهات النظر المخلصة الموضوعيّة النزيهة ، وتتسلّم بإذن الله أعمال الحكومة الإسلاميّة أيدٍ أمينة عارفة خبيرة وحكيمة رساليّة ذات عقيدة راسخة ، وتقطع أيدي الخونة الّتي تمتدّ إلى الحكم أو الوطن أو بيت مال المسلمين ، وإنّ الله على نصرهم لقدير.

جعل الخميني مطلب الاستقلال والتحرر من هيمنة الدول الاستعمارية على رأس أسباب الثورة ، وتحدث عن ذلك في العديد من المواضع ، حيث يقول :
- وبعد ذلك أيضاً اتفق المستعمرون الأمريكيون وغيرهم مع الانجليز ، وساروا معاً مشتركين في تطبيق هذه المخططات . عندما كنت في همدان ـ في وقت ما ـ أراني أحد طلاب الحوزة ورقة كبيرة قد وضعت عليها علامات بالأحمر. وحسب قوله فإنّ هذه العلامات الحمراء إشارات إلى الثروات الطبيعية المخزونة الموجودة في إيران ، والتي قد اكتشفها الخبراء الأجانب .
درس الخبراء الأجانب بلادنا ، وتعرفوا إلى أماكن وجود ثرواتنا الطبيعية من ذهب ونحاس ونفط وغير ذلك . وفهموا نفسياتنا ، ووزنوا مستوى روحية الأشخاص في بلادنا . وعلموا أن الشيء الوحيد الذي يشكل سدّاً في مقابلهم ، ويمنع خططهم من التنفيذ ، هو الإسلام وعلماؤه .
لقد تعرف هؤلاء إلى قوة الإسلام الذي وصلت سيطرته إلى أوربا ، وعلموا أنّ الإسلام الحقيقي معارض لما يريدون . كما أدركوا أيضاً أنهم لا يستطيعون الهيمنة على علماء الدين الحقيقيين والتصرف بفكرهم ، لذا سعوا من البداية لإزالة هذه الشوكة من طريق سياستهم ، وإلى إضعاف الإسلام والقضاء على مؤسسة علماء الدين ، وقاموا بذلك أيضاً من خلال دعايات السوء بنحو صار فيه الإسلام يبدو بنظرنا هذه الأيام أنه لا يتجاوز عدة مسائل .
- وقد استعان المستعمرون بعملاء لهم في بلادنا من أجل تنفيذ مآربهم الاقتصاديّة الجائرة . وقد نتج عن ذلك وجود مئات الملايين من الناس جياعاً ، ويفتقدون أبسط الوسائل الصحيّة والتعليميّة ، وفي مقابلهم أفراد ذوو ثراء فاحش وفساد عريض . والجياع من الناس في كفاحٍ مستمر من أجل تحسين أوضاعهم ، وتخليص أنفسهم من وطأة جور حكّامهم المعتدين ، ولكنّ الأقليّات الحاكمة وأجهزتها الحكوميّة هي الأخرى تسعى إلى إخماد هذا الكفاح . أمّا نحن فمكلّفون بإنقاذ المحرومين والمظلومين.  نحن مأمورون بإعانة المظلومين ومناوأة الظالمين .
- ابتُليت الحركة الإسلاميّة من أوّل أمرها باليهود ، حينما بدأوا نشاطهم المضادّ ، بالتشويه لسمعة الإسلام ، والوقيعة فيه ، والافتراء عليه ، واستمرّ ذلك إلى يومنا هذا. ثمّ كان دورٌ كبير لفئاتٍ يُمكن أن تُعتبر أشدّ بأساً من إبليس وجنوده . وقد برز ذلك الدور في النشاط الاستعماريّ الّذي يعود تاريخه إلى ما قبل ثلاثة قرون .
وقد وجد المستعمرون في العالَم الإسلاميّ ضالّتهم المنشودة ، وبغية الوصول إلى مطامعهم الاستعماريّة سعوا في إيجاد ظروف ملائمة تنتهي بالإسلام إلى العدم . ولم يكونوا يقصدون إلى تنصير المسلمين بعد إخراجهم من الإسلام ، فهم لا يؤمنون بأيٍّ منهما ، بل أرادوا السيطرة والنفوذ ، لأنّهم أدركوا دائماً وفي أثناء الحروب الصليبيّة ، أنّ أكبر ما يمنعهم من نيل مآربهم ، ويضع خططهم السياسيّة على شفا جرفٍ هار ، هو الإسلام : بأحكامه ، وعقائده ، وبما يملك الناس به من إيمان . لأجل هذا تحاملوا عليه وأرادوا به كيداً . وتعاونت على ذلك أيدي المبشِّرين ، والمستشرقين ، ووسائل الإعلام ، وكلّها تعمل في خدمة الدول الاستعماريّة ، من أجل تحريف حقائق الإسلام ، بشكلٍ جعل كثيراً من الناس ، والمثقّفين منهم بشكلٍ خاصّ ، بعيدين عن الإسلام ، ولا يكادون يهتدون إليه سبيلاً .
- المخطط هو أن يبقونا ، وعلى الحال التي نحن فيها من الحياة المنكوبة لكي يتمكنوا من استغلال ثرواتنا ومنابعنا الطبيعية وأراضينا وطاقاتنا البشرية . يريدون لنا أن نبقى غرقى في المشاكل والعجز ، وأن يبقى فقراؤنا بهذه التعاسة ، ولا يخضعوا لأحكام الإسلام التي تحل مشكلة الفقر والفقراء ، ولكي يبقوا هم وعملاؤهم في القصور الفخمة مستمرين في تلك الحياة المرفهة.
- وبالنسبة لمن يعارضون كل صوت يدعو للحياة الحرة والاستقلال من تحت هيمنة الآخرين ، وإلى منع الانجليز والأمريكان من الهيمنة علينا إلى هذه الدرجة ، وإلى مواجهة إسرائيل في اعتداءاتها على المسلمين . علينا في البدء أن ننصحهم ونوقظهم وننبههم إلى الخطر ، إلى جرائم إسرائيل من قتل وتهجير ، وإلى دعم الانجليز وأمريكا لها .
كذلك وجه الخميني النقد اللاذع لنظام شاه إيران / محمد رضا بهلوي واصفا إياه بالعمالة لدول أجنبية ، فضلا عن وصفه بالفساد والاستيلاء على ثروات الشعب ،........
- هذا أكلٌ للسحت على نطاقٍ عالميّ ، وهو منكرٌ فظيع خطر ، ليس هناك ما هو أشدّ منه فظاعةً وخطراً ونكراً . تأمّلوا في أوضاع مجتمعنا ، وفي أعمال الدولة وأجهزتها لتتبيّن لكم أشكال فظيعة من أكل السحت. فإذا حدثت زلزلة في مكانٍ ما من البلاد غَنِم بذلك الحكّام قبل المنكوبين أموالاً طائلة.  في المعاهدات والاتفاقيّات المعقودة بين الحكّام الخائنين مع الدول أو الشركات الأجنبيّة ، تنصبّ في جيوب الحكّام ملايين كثيرة ، وتنصبّ ملايين أخرى في جيوب الأجانب ، من دون أن يحصل أبناء الشعب على شيءٍ من ثروات بلادهم .  هذه أشكالٌ من أكل السحت تجري بمسمعٍ منّا ومرأى ، وما لا نعلمه كثير . ونظير ذلك يقع في الاتفاقيّات التجاريّة وامتيازات التنقيب عن النفط واستخراجه ، وامتيازات استثمار الغابات ، وسائر الموارد الطبيعيّة ، والاتفاقيّات العمرانيّة أو ما يتّصل بالمواصلات وشراء الأسلحة من الاستعماريّين الغربيّين أو الشيوعيّين.  يجب علينا أن نُقاوم أكل السحت ونهب الثروات الوطنيّة ، وهذا واجب على جميع الناس .

- وقد تطفو على سطح بعض الصحف بعض أعمال السلب والاختلاس فيما يتعلّق بالتبرّعات الخاصّة بإغاثة منكوبي الفيضانات والسيول أو الزلازل  .أحد علماء "ملاير " كان يقول : في حادثة ذهب ضحيّتها الكثيرون أرسلنا سيارة شحن مليئة بالأكفان ، إلّا أنّ المسئولين كانوا يمنعوننا في إيصالها ، ويُريدون أن يأكلوها!  لأجل هذا وأمثاله من الآثام قد ورد .

ثم يطالب الخميني العلماء بأن يقوموا بدورهم في الثورة من أجل الخلاص من الحاكم المستبد ومن ظلمه ، فيقول :
- فالله يعيب على المفرّطين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفاً وطمعاً ويقول  :﴿ فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾  . لماذا الخوف ؟ فليكن حبساً ، أو نفياً ، أو قتلاً ، فإنّ أولياء الله يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ﴾.

- فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  دعاءٌ إلى الإسلام مع ردّ المظالم ومخالفة الظالم ، فينبغي توجيه أكبر قدر من الأمر والنهي إلى العابثين بأرواح الناس وأموالهم وممتلكاتهم. 

- ماذا يضرّ لو هبّ العلماء وصاروا يداً واحدة في وجه الظلم ؟ ما ضرّهم لو اعترضوا جميعاً .......

- وإنّما عاب الله ذلك عليهم لأنّهم كانوا يرون من الظلمة الّذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك , رغبةً فيما كانوا ينالون منهم ، ورهبةً ممّا يحذرون " . فالله يعيب على المفرّطين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفاً وطمعاً ويقول : ﴿ فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾.

- وعلماء الإسلام مكلّفون بمناضلة المستغلِّين الجشعين لئلّا يكون في المجتمع سائلٌ محروم ، مقابل مرفّه جشع أصابه بطر . كيف يسوغ لنا اليوم ، أن نسكت عن بضعة أشخاص من المستغلِّين والأجانب المسيطرين بقوّة السلاح ، وهم قد حرموا مئات الملايين من الاستمتاع بأقلّ قدر من مباهج الحياة ونعمها . فواجب العلماء وجميع المسلمين أن يضعوا حدّاً لهذا الظلم ، وأن يسعوا من أجل سعادة الملايين من الناس ، في تحطيم الحكومات الجائرة وإزالتها ، ........

ويطالب الخميني الثوار بضرورة التحرك ومقاومة نظام الشاه الفاسد العميل المستبد حتي ولو لم يكن في قدرتهم الخلاص منه بشكل تام ، فالمهم عنده البدء في التحرك والاعتراض علي المظالم والاستعانة بوسائل إعلام لفضح النظام وتحريك قوي الثورة ، حيث يقول :
-  وأنتم اليوم لا تملكون القدرة على مقاومة بدع الحكّام ، أو دفع هذه المفاسد دفعاً تامّاً ، ولكن لماذا السكوت ؟ هؤلاء يُذلّونكم فاصرخوا في وجوههم على الأقل ، واعترضوا ، وأنكروا ، وكذّبوهم ، لا بُدّ في مقابل ما يملكون من وسائل النشر والإعلام أن يكون في جانبكم شيء من تلك الوسائل حتّى تُكذّبوا ما ينشرون وما يبثّون , من أجل أن تُظهروا للناس أنّ ما يدّعونه من العدالة ليس من العدالة الإسلاميّة في شيء. فالعدالة الإسلاميّة الّتي منحها الله للفرد والمجتمع والعائلة قد دُوِّنت وشُرِّعت بكلّ دقّة من أوّل يوم . يجب أن يكون لكم صوت مسموع حتّى لا تتّخذ الأجيال القادمة من سكوتكم ما يُبرِّر أعمال الظلمة من قول الإثم وأكل السحت ، وأكل أموال الناس بالباطل .

ثم يطالب الخميني الثوار بضرورة مواجهة فقهاء الملوك والسلاطين الذين يراهم ركن أصيل من أركان الفساد من خلال تضليلهم للناس ليخضعوا للحاكم العميل الفاسد المستبد ، فيقول :

- إنّ هؤلاء ليسوا فقهاء الإسلام ، والكثير منهم قد عمّمهم السافاك ( جهاز الأمن عند الشاه ) ليدعوا وليسبحوا بحمد الشاه وجلاله ، ويكون عندهم البديل فيما لو لم يتمكّنوا من إجبار أئمة الجماعة عن الحضور في الأعياد وسائر المراسم ، ولقد منحوه لقب جل جلاله مؤخراً ! هؤلاء ليسوا بفقهاء ، وباتوا معروفين والناس صارت تعرفهم . على شبابنا أن ينزعوا عمائم هؤلاء المعممين الذين يقومون بفساد كهذا في مجتمعنا باسم فقهاء الإسلام وعلمائه. لست أدري هل مات شبابنا في إيران ؟ أين هم ؟ عندما كنا هناك لم يكن الأمر كذلك . لِمَ لا ينزعون عمائم هؤلاء ؟ لم أقل اقتلوهم ، فإنهم لا يُقْتَلون . لكن انزعوا عمائمهم . إن شعبنا مكلف ، وشبابنا الغيور في إيران مكلف بعدم السماح لهؤلاء المعممين (الناطقين بجلاله) بالظهور كمعممين في أماكن تجمعنا ، وبالتحرك كمعممين بين الناس . ليس من الضروري الإكثار من ضربهم وتأديبهم ، لكن لينزعوا عمائمهم ، وليمنعوهم من الظهور بالعمائم . هذا اللباس شريف ، فلا يجب أن يرتديه أي كان .
لقد ذكرت أنّ علماء الإسلام منزَّهون عن هذه الأمور ، ولم يكونوا ـ ولا هم حالياً كذلك ـ ضمن هذه الأجهزة . وأولئك التابعون لهذه الأجهزة إنما هم من الفارغين ، الذين ألصقوا أنفسهم بالمذهب وبالعلماء ، ووضعهم مختلف ، والناس يعرفونهم .

ثم يحذر الخميني الشباب من أكاذيب النظام وتضليله فيقول :
لقد غرسوا في أذهانكم من البداية أنّ السياسة تعني الكذب وما شابه ذلك من المعاني ، لكي يبعدوكم عن أمور البلاد ، بينما يتصرفون هم كما يريدون.

ثم يطالب الثوار بمقاطعة المؤسسات الحكومية وعدم التعاون معها فيقول :
لنقطع علاقاتنا بالمؤسسات الحكومية ونمتنع عن التعاون معها ، ونرفض القيام بكل ما من شأنه أن يُعَدَّ عوناً لهم ، ونبني مؤسسات قضائية ومالية واقتصادية وثقافية وسياسية جديدة .

وأخيرا يحذر الخميني الثوار من اليأس فيقول :
يجب أن نحمل هم هذه الأمور . ولا يجب أن نيأس . لا تتصوروا أنّ هذا الأمر لا يتحقق . والله يعلم أن كفاءتكم ولياقتكم ليست بأقل من الآخرين .

وبالفعل اعتنق الشعب الإيراني فكرة الحكومة الإسلامية القائمة على فكرة ولاية الفقيه ، ونفذ خريطة طريق الثورة التي وضعها الخميني في كتاب الحكومة الإسلامية ، وقبل أن تمر عشر سنوات كان الشعب الإيراني قد أسقط الشاه / محمد رضا بهلوي ، وتم تنفيذ الحكومة الإسلامية على النحو الذي رسمه الخميني .

وللأسف لم ينجح فقط كتاب الثورة الإسلامية في إسقاط النظام الإيراني العميل وبناء نظام جديد ، بل تم  مد نفوذ ولاية الفقيه الإيراني إلى كل من سوريا والعراق بشكل كامل وبشكل جزئي في بعض الدول العربية الأخرى مثل لبنان واليمن ، على ضوء مفهوم الثورة الإسلامية التي وضعها الخميني ،

فسلطة الإمام كما ذكرنا وفقا لمذهب الشيعة الإثنى عشرية الباطل تمتد لكافة المسلمين على سطح الكرة الأرضية ، والثورة الخمينية هي لإسقاط كافة الأنظمة التي لا تخضع للإمام والولي الفقيه باعتبارها من وجهة نظره حكومات طواغيت خارجة عن الحكم الشرعي للحكومة الإسلامية الخمينية صاحبة الولاية على كل مسلمي العالم ا

                                #المقال_الثاني
              الثورة الإيرانية واحتلال إيران للدول الإسلامية .

الخميني ، تقول عنه الموسوعة الحرة :

السيد روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني ، رجل دين سياسي إيراني من مواليد ٢٤  سبتمبر ١٩٠٢م وتوفى في  ٣ يونيو ١٩٨٩م، حكم إيران في الفترة من (١٩٧٩م-١٩٨٩م) وكان فيلسوفاً ومرجعاً دينياً شيعياً أيضاً ، قاد الثورة الإيرانية حتى أطاح بالشاه محمد رضا بهلوي المعروف بالبهلوي الثاني والذي سبقه الشاه رضا بهلوي . وكان كالأب الروحي لعدد من الشيعة داخل إيران وخارجها. درجته الحوزوية آية الله وتضاف إليها العظمى لأنه بلغ الاجتهاد في نظر الشيعة وأصدر رسالته العلمية ، أي مجموعة فتاواه في العبادات والمعاملات في الإسلام.  وسمته مجلة التايم الأمريكية برجل العام في سنة ١٩٧٩م  .

ونضيف أن من مؤلفات الخميني كتاب " الحكومة الإسلامية " وهو عبارةٌ عن ثلاث عشرة محاضرة ألقاها على طلّاب العلوم الدينيّة في النجف عام ١٩٦٩م تحت عنوان "ولاية الفقيه".
وفي عام ١٩٧٠م طُبعت هذه المحاضرات في بيروت من قِبَل أنصار الخميني ، ثمّ أُرسلت إلى إيران سراً ، كما أُرسلت في الوقت نفسه إلى أوروبا وأمريكا وصولاً إلى أفغانستان وباكستان.
وفي عام ١٩٧٩م طُبع كتاب " الحكومة الإسلامية " في إيران ولكن تحت اسم: " رسالة من الإمام الموسويّ كاشف الغطاء".

يمكن أن نقول أن كتاب " الحكومة الإسلامية " أو " ولاية الفقيه " هو ذلك الدستور الذي بنيت عليه إيران ما بعد الثورة الإيرانية .
الكتاب يكشف لنا أن أهداف الثورة الإيرانية وما قامت عليه من أفكار غير محصورة في إزالة نظام حكم فاسد ومستبد في إيران ، بل يسعى إلى فرض ولاية الفقيه على كافة الدول الإسلامية المحيطة ، لأن سلطة الإمام – والذي يقوم الولي الفقيه مقامه مؤقتا - وفقا لمذهب الشيعة الإثنى عشرية تمتد لكافة المسلمين على سطح المعمورة .

إيران الشيعية إذن تسعي لاحتلال كافة الدول الإسلامية المحيطة بها ، وإخضاعها لولاية الفقيه ، وفرض الوحدة الإسلامية بالقوة ، ومن لا يصدق فليقرأ ما قاله الخميني تحت عنوان "ضرورة الثورة السياسيـّة" حيث يقول :
في صدر الإسلام سعى الأمويّون ومن يُسايرهم لمنع استقرار حكومة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام مع أنّها كانت مُرضية لله وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وبمساعيهم البغيضة تغيّر أسلوب الحكم ونظامه وانحرف عن الإسلام ، لأنّ برامجهم كانت تُخالف وجهة الإسلام في تعاليمه تماماً .

وجاء من بعدهم العبّاسيّون ، ونسجوا على نفس المنوال . وتبدّلت الخلافة ، وتحوّلت إلى سلطنة وملكيّة موروثة ، وأصبح الحكم يُشبه حكم أكاسرة فارس ، وأباطرة الروم ، وفراعنة مصر ، واستمرّ ذلك إلى يومنا هذا.

الشرع والعقل يفرضان علينا ألّا نترك الحكومات وشأنها. والدلائل على ذلك واضحة ، فإنّ تمادي هذه الحكومات في غيّها يعني تعطيل نظام الإسلام وأحكامه. في حين توجد نصوص كثيرة تصف كلّ نظام غير إسلاميّ بأنّه شرك ، والحاكم أو السلطة فيه طاغوت . ونحن مسئولون عن إزالة آثار الشرك من مجتمعنا المسلم ، وإبعادها تماماً عن حياتنا . وفي نفس الوقت نحن مسئولون عن تهيئة الجوّ المناسب لتربية وتنشئة جيل مؤمن فاضل يُحطِّم عروش الطواغيت ، ويقضي على سلطاتهم غير الشرعيّة ، لأنّ الفساد والانحراف ينمو على أيديهم ، وهذا الفساد ينبغي إزالته ومحوه وإنزال العقوبة الصارمة بمسبّبيه. وقد وصف الله في كتابه المجيد فرعون ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ .

وفي ظلِّ حُكمٍ فرعونيّ يتحكّم في المجتمع ويُفسده ولا يُصلحه ، لا يستطيع مؤمن يتّقي الله أن يعيش ملتزماً ومحتفظاً بإيمانه وهديه. وأمامه سبيلان لا ثالث لهما : إمّا أن يُقْسَرَ على ارتكاب أعمال مُردية ، أو يتمرّد على حُكم الطاغوت ويُحاربه ، ويُحاول إزالته ، أو يُقلِّل من آثاره على الأقل . ولا سبيل لنا إلّا الثاني ، لا سبيل لنا إلّا أن نعمل على هدم الأنظمة الفاسدة المفسدة ، ونُحطِّم زمر الخائنين والجائرين من حكّام الشعوب.
هذا واجب يُكلَّف به المسلمون جميعاً أينما كانوا ، من أجل خلق ثورة سياسيّة إسلاميّة ظافرة منتصرة.

كذلك قال الخميني تحت عنوان "ضرورة الوحدة الإسلاميـّة" :
ومن جهة أخرى فقد جزّأ الاستعمار وطننا ، وحوّل المسلمين إلى شعوب. وعند ظهور الدولة العثمانيّة كدولة موحّدة سعى المستعمرون إلى تفتيتها. لقد تحالف الروس والإنكليز وحلفاؤهم وحاربوا العثمانيّين ، ثمّ تقاسموا الغنائم كما تعلمون. ونحن لا ننكر أنّ أكثر حكّام الدولة العثمانيّة كانت تنقصهم الكفاءة والجدارة والأهليّة ، وبعضهم كان مليئاً بالفساد ، وكثير منهم كانوا يحكمون الناس حُكماً مَلكيّاً مطلقاً. ومع ذلك كان المستعمرون يخشون أن يتسلّم بعض ذوي الصلاح والأهليّة ـ من الناس وبمعونة الناس ـ منصّة قيادة الدولة العثمانيّة على وحدتها وقدرتها وقوّتها وثرواتها ، فيبدّد كلّ آمال الاستعماريّين وأحلامهم . لهذا السبب ما لبثت الحرب العالميّة الأولى أن انتهت حتّى قسّموا البلاد إلى دويلات كثيرة ، وجعلوا على كلّ دويلة منها عميلاً لهم ، ومع ذلك فقد خرج قسم من هذه الدويلات بعد ذلك عن قبضة الاستعمار وعملائه.
ونحن لا نملك الوسيلة إلى توحيد الأمّة الإسلاميّة وتحرير أراضيها من يد المستعمرين ، وإسقاط الحكومات العميلة لهم ، إلّا أنّنا نسعى إلى إقامة حكومتنا الإسلاميّة ، وهذه بدورها سوف تتكلّل أعمالها بالنجاح يوم تتمكّن من تحطيم رؤوس الخيانة ، وتدمّر الأوثان والأصنام البشريّة والطواغيت الّتي تنشر الظلم والفساد في الأرض.
تشكيل الحكومة إذن يرمي إلى الاحتفاظ بوحدة المسلمين بعد تحقيقها ، وقد ورد ذلك في خطبة السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام  "... وطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ...".
وتحت عنوان " لنسقط الحكومات الجائرة " كتب الخميني :
لنقطع علاقاتنا بالمؤسسات الحكومية ونمتنع عن التعاون معها ، ونرفض القيام بكل ما من شأنه أن يُعَدَّ عوناً لهم ، ونبني مؤسسات قضائية ومالية واقتصادية وثقافية وسياسية جديدة.
إنّ إسقاط الطاغوت ـ أي السلطات غير الشرعية القائمة في مختلف أنحاء الوطن الإسلامي ـ هو مسؤوليتنا جميعاً. يجب أن نستبدل الأجهزة الحكومية الجائرة والمعادية للشعب بمؤسسات خدمات عامة تدار وفقاً للقانون الإسلامي ، وشيئاً فشيئاً تستقر الحكومة الإسلامية . لقد نهى الله تعالى في القرآن الكريم عن إطاعة الطاغوت والسلطات غير المشروعة ، وحث الناس على الثورة ضد السلاطين ، وأمر موسى (ع) بذلك . توجد أحاديث كثيرة تحث على محاربة الظلمة ، والذين يتصرفون بالدين . كان للأئمة (ع) ولأتباعهم ـ أي الشيعة ـ مواجهات مستمرة مع الحكومات الجائرة وسلطات الباطل ، وهذا الأمر واضح في سيرتهم ونمط حياتهم . وقد ابتلوا بحكام الظلم والجور في كثير من الأحيان ، وعاشوا في ظروف تقية وخوف شديدين . وبالطبع فإنّ خوفهم كان لأجل المذهب لا على أنفسهم ، ونلاحظ هذا الأمر كلما راجعنا الروايات . كما كان حكّام الجور يشعرون بالخوف من الأئمة (ع) باستمرار ، إذ كانوا يعلمون أنهم لو فسحوا المجال للأئمة (ع) لثاروا عليهم ، وحرَّموا عليهم حياة اللهو والترف والمجون . فعندما نرى هارون الرشيد يحبس الإمام الكاظم (ع) عدة سنوات ، أو نرى المأمون يأخذ الإمام الرضا (ع) إلى مرو ليكون تحت نظره ، ومن ثم يقوم بسمِّه ، فليس ذلك لأن الأئمة (ع) سادة وأولاد النبي (ص) بينما الرشيد والمأمون معادون للنبي ، إذ هارون والمأمون كانا شيعيين كلاهما ، وإنما كان ذلك بسبب أن المُلك عقيم . لأنهم كانوا يعلمون أنّ أولاد علي (ع) يرون الخلافة لأنفسهم ومن مسؤولياتهم ، ويصرّون على إقامة الحكومة الإسلامية . إذ عندما طُلب من الإمام (ع) أن يعيّن حدود فدك ليردُّها لهم قام الإمام (ع) ـ حسب الرواية ـ بذكر حدود البلاد الإسلامية (كحد لفدك). وهذا يعني أنه يرى حقه ما بين هذه الحدود ، وأنه هو الذي يجب أن يكون حاكماً عليه ، وأن الذين يحكمون حينها كانوا غاصبين ، فرأى أنه إذا بقي الإمام موسى بن جعفر (ع) حراً فسوف يحرّم الحياة عليهم ، ومن الممكن أن تتاح له الفرصة ، فيقوم بالثورة عليهم وانتزاع السلطة منهم ، ولذا لم يمهلوه . ولو أمهلوه لكان قام بثورته بلا شك . كونوا متيقنين أنه لو دامت الفرصة للإمام الكاظم (ع) لكان ثار، وقلب نظام حكم السلاطين الغاصبين .
كذلك المأمون قام بوضع الإمام الرضا (ع) تحت نظره ـ مع كل ما أبداه المأمون من تملق وكذب ومحابات ـ ومخاطبته له بـ "يا ابن العم" ، أو يا ابن رسول الله ، وذلك خوفاً من أن يثور يوماً عليه ويقلب أساس الحكم . إذ أنه ابن رسول الله (ص) ، وقد أوصى له ، فلا يمكن تركه في المدينة حراً طليقاً.
إنّ حكام الجور يريدون السلطة ، وهم يضحّون بكل شيء في سبيلها ، لا أنهم يمتلكون عداوة خاصة تجاه أحد . إذ لو رضي الإمام (ع) ـ والعياذ بالله ـ أن يكون من أتباع البلاط ، لعاملوه بمنتهى الإعزاز والاحترام ، ولقاموا بتقبيل يديه أيضاً ـ بحسب الرواية ـ عندما دخل الإمام (ع) على هارون أمر بأن يظل راكباً حتى يصل إلى مجلسه ، وعامله بمنتهى الاحترام . وعندما جاء وقت توزيع عطاء بيت المال ووصل الدور لبني هاشم أعطاهم مبلغاً يسيراً ، وكان المأمون حاضراً . فتعجب من ذلك الاحترام مع هذا النحو من التوزيع . فقال له هارون : يا بني أنت لا تدري . ينبغي أن لا يزيد سهم بني هاشم عن هذا المال ، إن هذا الأمر لهم ، وهم أولى به منا ، فلو مكناهم لوثبوا علينا فيجب أن يبقى بنو هاشم هكذا فقراء ، مسجونين منفيين ، مقتولين ، مسمومين ، يعيشون المعاناة ، وإلاّ لقاموا علينا ، وأبدلوا حلاوة أيامنا بالمرارة.

ولم يكتف الأئمة (ع) بأن يقوموا هم بمحاربة الأنظمة الظالمة والدولة الجائرة وأتباع البلاط الفاسدين ، بل حثُّوا المسلمين على جهادهم أيضاً. هناك أكثر من خمسين رواية في وسائل الشيعة والمستدرك والكتب الأخرى تدعو إلى الابتعاد عن السلاطين والحكام الظلمة ، وإلى وضع التراب في فم المداحين لهم . وتبين مراتب عقوبة من يناولهم دواة ، أو يملأها لهم بالحبر والخلاصة أنها تأمر بقطع العلاقات معهم ، وعدم التعاون معهم بأي شكل من الأشكال . ومن جهة أخرى وردت كل تلك الروايات في مدح وتفضيل العالم والفقيه العادل ونبهت إلى أفضليتهم على سائر الناس . فهذا كله يمثّل خطة وضعها الإسلام لتشكيل الحكومة الإسلامية ، وذلك من خلال إبعاد الناس وصرفهم عن الأنظمة الظالمة ، وتخريب بيوت الظلم ، وفتح أبواب الفقهاء ـ العدول المتقين المجاهدين العاملين في سبيل تطبيق الأحكام الإلهية ، وإقامة النظام الإسلامي ـ أمام الناس.

لن يتمكن المسلمون من العيش في أمن وهدوء ـ مع حفظ إيمانهم وأخلاقهم الفاضلة ـ إلاّ في كنف حكومة العدل والقانون ، الحكومة التي وضع الإسلام نظامها وطريقة إدارتها وقوانينها . فتكليفنا اليوم هو تطبيق مشروع الحكومة الإسلامية وترجمته في ساحة العمل.
آمل أن يؤدي بيان وتعريف نمط الحكومة ، والأصول السياسية والاجتماعية للإسلام للمجاميع البشرية الكبيرة ، إلى إيجاد تيار فكري ، وقوة ناتجة من نهضة الشعب تكون العامل في استقرار النظام الإسلامي .

كلام واضح وصريح من الخميني في كتاب " الحكومة الإسلامية " والذي يسميه البعض " ولاية الفقيه " يقطع بأن احتلال الدول الإسلامية ومد نفوذ الولي الفقيه إليها هو أحد الأهداف الأساسية لإيران ما بعد الثورة ، وهو هدف مرتبط باعتقاداتهم الباطلة بشأن الإمامة المفروضة والتي فرعت عن الإسلام تركة اسمها " الحكم " ، يرثها أقارب النبي (ص) من جهة ابن عمه سيدنا علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة بنت النبي (ص) .

وهكذا نجح الخميني بكتابه " الحكومة الإسلامية " الذي صدر عام ١٩٧٠م في أن يقيم ثورة بعدها بتسع سنوات تخلع نظام الشاه محمد رضا بهلوي المدعوم من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل والغرب ، كما نجح في تحقيق أهدافه في مد النفوذ الشيعي بعد أن أصبحت العراق وسوريا الآن تحت الحكم الشيعي .

أما الحكام العرب الذين وصفهم الخميني بأنهم عملاء فهم يدعمون أمريكا وإيران في مد ولاية الفقيه إلى سوريا والعراق ، وهم يعلمون أن إيران سوف تحتل بلادهم ، لكنهم مطمئنون أنهم ساعتها سيكونون في عداد الأموات ، وأحفادهم هم من سيعانون مما عانى منه  المسلمون السنة في حلب والموصل وباقي المدن العراقية والسورية .ا

فهل كان من الطبيعي إذن أن نجد مواطن أو حكومات عربية تؤيد بشار في بطشه وتنكيله بالمسلمين من أهل السنة ، وهل من الطبيعي أن نجد من بين الحكومات العربية أو الشعوب العربية من يحزن على رحيل بشار الأسد وشيعته ويسعى إلى إعادتهم للحكم بعد أن دفنوا الشعب السوري لاسيما السني في أعماق الأرض بجانب طبقة الأرض النارية .
اللهم بلغت ، اللهم بلغت اللهم فاشهد .