الأحد، 30 أبريل 2017

ستون عاما من ظلم العسكر للإخوان . 13






المقدمة الثابتة لهذه السلسلة من المقالات :

" شهادات لا تحصي ولا تعد تكشف وتؤكد أن الإخوان المسلمين هم من أنشئوا تنظيما سريا بين ضباط الجيش المصري هو نفسه ما سُمي فيما بعد " تنظيم الضباط الأحرار " ، وحددوا أهدافه في الخلاص من الملكية المستبدة الفاسدة والاحتلال الانجليزي ، وتحقيق مبدأ الوحدة الإسلامية بين الدول الإسلامية من خلال التعاون وليس من خلال حكومة مركزية واحدة ، كما تكشف هذه الشهادات كيف تحالف العسكر والإخوان المسلمون وأفراد من الشعب من أجل مصر وتحريرها ونهضتها ، وسرعان ما تفكك التحالف بعد أن وصل العسكر للسلطة ، فاستبدلوا حب الوطن بحب الدنيا ، واستبدلوا المودة مع شركاء العمل الوطني بالعداء السافر الذي لم يظهروه تجاه إسرائيل نفسها ".

سبعة وعشرون : خالد محيي الدين يكشف العلاقة الوطيدة بين عبد الناصر وضابط الإخوان / عبد المنعم عبد الرؤوف .

تحدث خالد محيي الدين عما أسماه ( الثالوث الغريب : عبد الناصر – عبد الرؤوف – يوسف رشاد ) وقال :
" هكذا أضيف سببا جديدا لينسج مساحة التباعد بيني وبين "أيسكرا "( التنظيم الشيوعي الذي انضم إليه ) ، ولعل هذه العوامل التي أسرعت ودون تأن لتلاحق علاقتي بالشيوعيين هي التي دفعتني إلى عدم مفاتحة زميل البحث الدائب عن طريق لنا ولمصر جمال عبد الناصر في مشاركتي في الانضمام لأيسكرا ، ربما لهذا السبب ، وربما لأنني كنت قد عدت للاتصال بعبد الناصر بعد فترة انقطاع طويلة وكانت المناسبة أننا دعينا كضباط لحضور مباراة في الملاكمة بين الجيش المصري والجيش البريطاني في قشلاق قصر النيل ، وهناك التقيت بعبد الناصر وطلب إلي أن أزوره دون انتظار لاتصال من عبد المنعم عبد الرؤوف أو غيره ، وبالفعل بدأت أزوره من حين لآخر لنتداول في ذات الموضوع الذي يلاحقنا جمعا : ماذا يجب أن نفعل وكيف ومتى ومع من ؟
وأصبحت العلاقة مع جمال متصلة ولما علم بنقلي إلى سلاح الحدود فوجئت به يزورني هو وعبد المنعم عبد الرؤوف  وفاجأني مفاجأة لم تزل تحيرني حتى الآن ،
قال جمال وعبد المنعم عبد الرؤوف أنهما يستطيعان تدبير عملية إلغاء نقلي لسلاح الحدود وإعادتي إلى الفرسان وبأسرع ما يمكن.
وعندما أبديت دهشتي ، قالا إن النقل سيلغى بواسطة القصر الملكي وتحديدا بواسطة يوسف رشاد ، وقد كان يوسف رشاد هو يد الملك التي يحركها وسط ضباط الجيش.
وأبديت المزيد من الدهشة وشرح لي جمال الأمر بهدوئه المعتاد ، وقال : لقد تلقيت رسالة من يوسف رشاد يقول فيها إنه على استعداد للتعامل معنا ، وفهمت أن الرسالة جاءت عن طريق عبد المنعم عبد الرؤوف ، وبهذه المناسبة أقرر أن عبد الناصر لم يلتق أبدا بيوسف رشاد ، وإن كان قد تعامل معه عن طريق آخرين منهم عبد المنعم والسادات ومصطفى كمال صدقي وواصل جمال حديثه قائلا : لم أبد اعتراضا وقلت إننا على استعداد للتعامل أيضا فقال يوسف رشاد:  بإمكانكم أن ترشحوا لنا ضباطا يمكن الاعتماد عليهم لنقلهم إلى أماكن مهمة فقد نحتاج إليهم في المستقبل ، وقال جمال : وبما أنك منقول إلى الحدود فقد قدمنا أسمك بأمل أن يعيدوك إلى الفرسان لتكون معنا ونحن بهذا لن نخسر شيئا فأنت كنت مبعدا فعلا فإن رجعت كان خير وإن لم ترجع فأنت فعلا مبعد إلى الحدود..
وقد ناقشت الأمر طويلا مع جمال وعبد الرؤوف ولم أصدق أن بالإمكان نقلي من الحدود وتصورت أن الأمر مجرد خدعة للتعرف على اسم ضابط أو أكثر من الضباط الوطنيين.
ولم تزل هذه الواقعة تحيرني حتى الآن ، وتحيرني معها ظاهرة عبد المنعم عبد الرؤوف فقد كان وثيق الصلة بالإخوان ووثيق الصلة بعبد الناصر حتى بعد أن تركنا معا جماعة الإخوان ووثيق الصلة بعزيز المصري ثم هو همزة الوصل مع القصر الملكي وتحديدا مع يوسف رشاد.
ولكن وحتى لا أكون متجنيا فإنني ومع اعتقادي بأن عبد الرؤوف هو الذي نقل الرسائل بين عبد الناصر ويوسف رشاد ، فإن هناك احتمالا أن يكون صاحب العلاقة المباشرة مع يوسف رشاد هو الضابط مصطفى كمال صدقي الذي كان يؤسس في ذلك الحين مجموعة «الحرس الحديدي» والتي كانت على علاقة وثيقة بيوسف رشاد.
المهم هو أن المعجزة قد تحققت وعلى غير المألوف وغير المتوقع لم أبق في سلاح الحدود سوى شهرين أو ثلاثة ، وتقرر نقلي من جديد إلى الفرسان وكان الضابط الذي حضر للتسليم مني في الحدود قبل العودة للفرسان لطفي واكد ، وبقينا سويا لمدة أسبوع للتسلم ، وطرحت عليه ما يمر برأسي من أفكار ففوجئت به يقول إنه مسلم اشتراكي فأعجبني الكلام ، وبعد أن بدأنا تأسيس الضباط الأحرار علمت من عبد الناصر أنه عضو معنا وقد لعب لطفي واكد دورا هاما في الثورة وتشاء الصدف أننا أسسنا سويا حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي في عام 1976  .
وعدت من الحدود مندهشا لألتقي بعبد الناصر الذي طلب مني أن أكف عن أي نشاط سياسي أو أي اتصالات غير عادية بالضباط لفترة طويلة وقال : لقد عرفوا اسمك ولابد أنهم سيراقبونك ويتتبعون حركاتك لأننا نحن الذين رشحناك وإن كنا قلنا لهم ونحن نقدم لهم اسمك إنك مجرد ضابط جدع ويمكن الاعتماد عليك..
وأذكر أنني وبعد فترة كنت عائدا من مهمة في الصعيد بالقطار مع أحد الضباط ذوي العلاقة بالقصر الملكي وهو الملازم سيد جاد وخلال الرحلة أفرط هذا الضابط في شرب الخمر حتى سكر بعض الشيء وقال لي إن يوسف رشاد يعتقد أنك ضابط يساري لكنه لا يملك شيئا ضدك.
المهم عدت من الحدود وإلى الإسكندرية توجهت إلى بيت خالتي لأخطب سميرة ابنتها ، وبعد قليل تزوجنا وكان هذا الزواج واحدا من أهم العوامل التي دفعتني لمواصلة طريقي نحو الهدف الذي أنشد أن أقدم شيئا لوطني ، فقد كانت زوجتي مصرية ومخلصة بكل ما تحمل هذه الكلمات من معنى ، لم تكن تقف في طريقي على الإطلاق ، وكانت تعتبر أن محبتها لي وإخلاصها كزوجة يحتمان عليها ألا تعرقل مسيرتي نحو هدفي الذي رسمته لنفسي لأكون دوما في خدمة الوطن ، وكم مر على وعليها لحظات صعبة وفترات مليئة بالخطر ومع ذلك لم تشعرني في أي لحظة بأنها غير راضية عما أفعل أو حتى خائفة مما أفعل إن توفيق من الله ليهيئ لي مسيرتي نحو هدفي.
وبعد عودتي من الحدود كانت الأمور قد بدأت في التبلور في ذهني على الأقل كنا في نهايات عام 1947  وبدايات عام 1948  وكانت مصر تعيش فترة غليان شديدة ، إضرابات عديدة منها الأخطر والأكثر إثارة وهو إضراب ضباط البوليس وإضراب الممرضين والمعلمين إلخ ، والقضية الوطنية لم تحل صحيح أن الإنجليز قد رحلوا من المدن تحت ضغط الحركة الوطنية المظاهرات الصاخبة التي قادتها اللجنة الوطنية للطلبة والعمال إلا أنهم لم يزالوا في مدن القناة ، بل لم يزالوا بنفوذهم وسيطرتهم في القاهرة ، وفي مجلس الوزراء وفي القصر الملكي وحتى عرض قضية مصر في مجلس الأمن لم يحقق سوى المزيد من الصلف الإنجليزي والتشدد إزاء المطالب الوطنية مما زاد من التهاب مشاعرنا الوطنية والقضية الفلسطينية تتفجر هي الأخرى لتثير معها مشاعري ومشاعر المصريين جميعا.
وأحسست أنني مقبل لا محالة على مواجهة صعبة ، وقلت لنفسي إذا فصلوني من الجيش لأي سبب كيف أعيش أنا وزوجتي ، ولأول مرة في حياتي بدأت أشعر بمسئولية رب الأسرة الذي يتعين عليه أن يضع مستقبلها في حساباته ، وبدأت أفكر في الالتحاق بكلية التجارة لأحصل على البكالوريوس كضمان لمستقبل ضابط مؤهل في أية لحظة للتصادم الذي قد يقود إلى مخاطر لعل أقلها هو الفصل من الخدمة العسكرية.
وكان الضابط صلاح هدايت دفعتي في الكلية الحربية تساوره نفس الرغبة فقد كان يطمح الالتحاق بكلية العلوم لتطوير معارفه العسكرية كضباط مدفعية ، وكان والده أحمد بك هدايت سكرتيرا عاما لجامعة فؤاد الأول سابقا ( جامعة القاهرة حاليا ) فأكد لنا أن التوجيهية العسكرية يمكن معادلتها بالتوجيهية العادية ، وبالفعل تقدمنا إلى مجلس الجامعة بطلبنا مرفقا به شهادات من الكلية الحربية بالعلوم التي درسناها في التوجيهية العسكرية وتمت الموافقة على طلبنا.
لكن المشكلة الأصعب هي كيف ننتظم في الدارسة ؟ ، صلاح هدايت وجد واسطة ما ونجح في الانتقال إلى إدارة التدريب الجامعي حيث يعمل عدد من ضباط الجيش في تدريب الطلاب الجامعيين على الخدمة العسكرية كضباط احتياط أثناء الدراسة كبديل للتجنيد بعد التخرج.
ونجحت أنا أيضا في الانتقال من الفرسان إلى التدريب الجامعي ، وكانت المسألة صعبة للغاية لكنني كنت على صداقة في نادي التجديف بشخص اسمه عمر شيرين وكان زوج عمته حيدر باشا وزير الحربية آنذاك ، وعمر شرين هذا كان زميلي في فريق التجديف وكان زميلي في القارب في بطولة التجديف ونجح فعلا في ترتيب نقلي.
وهكذا كنت موجودا وبشكل دائم في مبنى الجامعة كان طابور التدرب لمدة ساعتين فقط من 7 إلى 9 صباحا وطوال اليوم أتفرغ للدراسة ، أخلع السترة العسكرية وأدخل كطالب عادي إلى المدرج وقد ساعدتني فترة الدارسة هذه من أكتوبر 1947 وحتى 1951  على الاندماج مع الطلاب ومتابعة مناقشاتهم الصاخبة دون أن أشارك فيها بالطبع فأنا في نهاية الأمر ضابط في القوات المسلحة ، كذلك أفادتني دراستي في كلية التجارة في توسيع معارفي ، فقد درست الاقتصاد والمحاسبة وإدارة الأعمال دراسة منهجية ، وفي عام 1951  حصلت على البكالوريوس شعبة محاسبة وهكذا.
ومع تصاعد الأحداث الفلسطينية بدأنا أيضا في تدريب عدد من المتطوعين العرب بناء على طلب من جامعة الدول العربية وكان عدد هؤلاء المتطوعين حوالي 3000 متطوع من مختلف البلدان العربية.
وفي هذه المرحلة التقيت بياسر عرفات كان يحضر طوابير التدريب ، وكان عرفات الطالب آنذاك بكلية الهندسة نموذجا للجندي الجاد الملتزم الراغب في لتعرف وبأسرع ما يمكن على مختلف الفنون العسكرية ، فتقاربنا من بعضنا البعض وأذكر أنني أركبته معي في السيارة لأوصله إلى مكان ما وتحدثنا معا في مختلف الشئون وفجأة قال لي : تعرف يا حضرة الضابط أنت تتكلم مثل التقدميين وسألته في دهشة إزاي ؟ فقال : نحن نتناقش مع الطلاب ونعرف اتجاهاتهم من أسلوبهم في الكلام ولهذا يمكنني أن أعرف من طرقة مناقشتك أنك تقدمي.
واستوعبت الدرس وعرفت كيف يمكن أن أدير حوارا دون أن أكشف عن اتجاهي .

ثمانية وعشرون : خالد محيي الدين يكشف العلاقة الوطيدة بين جمال عبد الناصر والإخوان المسلمين .

يقول خالد محيي الدين :
 وذات يوم جاءني ثروت عكاشة ليبلغني رسالة خطيرة من جمال عبد الناصر كنا تحديدا في يونيو 1949 ، وكنت منهمكا في امتحانات السنة الثانية بكلية التجارة وكانت الرسالة خطيرة فعلا فقد ضبط لدي الجهاز السري للإخوان كتاب من كتب الجيش الممنوع تداولها للأفراد المدنيين والتي يقتصر توزيعها على ضباط الجيش وهو كتاب عن كيفية استخدام القنابل اليدوية ، وفي أعلى الصفحة الأولى للكتاب وجد اسم « اليوزباشي جمال عبد الناصر « .
وأثارت هذه الواقعة مخاوف الحكم من أن يكون للإخوان امتدادا داخل القوات المسلحة ، وبالفعل ولفرط اهتمام الحكم بهذا الموضوع تولى التحقيق فيه إبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء بنفسه ، وهكذا اُستدعي جمال عبد الناصر ومعه الفريق عثمان المهدي رئيس أركان حرب الجيش لمقابلة رئيس الوزراء ، وسأله عبد الهادي : هل هذا الكتاب لك ؟
فقال : نعم .
وسأله : هل لك علاقة بالإخوان ؟
فقال : كنت أعرف ضابطا منهم اسمه أنور الصيحي .
 وقال عبد الهادي : ولمن سلمت هذا الكتاب ؟
فقال عبد الناصر : استعاره مني أنور الصيحي وسأله عبد الهادي .
فسأله : وأين هو ؟
فقال جمال : استشهد في حرب فلسطين .
وهنا ثار عبد الهادي ودق المكتب بيده غاضبا وصاح :
- أنت يا أفندي بتضحك عليا ..
- أنتو عايزين تخربوا البلد ..
- أنتو فاهمين إيه ..
- البلد دي لا تحتمل إن واحد جريجي ببنطلون مزيت تحصل له أي حاجة ، وإلا كان الأجانب يبهدلونا ...
- انتم لا تعرفون مدى الخطورة في أن ضابط جيش يشتغل مع الإخوان ..
ووسط هذه الثورة تذكر جمال أن في جيب بنطلونه ورقة خطيرة أعتقد أنها كانت الأصل الخطي لبيان سياسي ، وفي أثناء هذه الثورة أيضا دق التليفون وأنشغل عبد الهادي بالمكالمة ، واستأذن جمال في الذهاب إلى دورة المياه ليتخلص من الورطة التي في جيبه ويعود ليجد عبد الهادي وقد هدأ قليلا ، وإن كان قد واصل تهديده وقال في النهاية : إن سيادة الفريق عثمان المهدي قال عنك كلام كويس ، ولولا هذا أنا كنت وديتك في داهية ، ومن الآن فصاعد أنت ضابط جيش وبس لا علاقة لك بأحد.
واعتبر عبد الناصر أن هذه المقابلة بمثابة إنذار وقرر أن نبدأ عملا جادا حتى لا نؤخذ على غرة دون أن نكون مستعدين أو حتى دون أن نفعل شيئا جادا من أجل الوطن.  ....

الجمعة، 28 أبريل 2017

ستون عاما من ظلم العسكر للإخوان . 12






المقدمة الثابتة لهذه السلسلة من المقالات :
" شهادات لا تحصي ولا تعد تكشف وتؤكد أن الإخوان المسلمين هم من أنشئوا تنظيما سريا بين ضباط الجيش المصري هو نفسه ما سُمي فيما بعد " تنظيم الضباط الأحرار " ، وحددوا أهدافه في الخلاص من الملكية المستبدة الفاسدة والاحتلال الانجليزي ، وتحقيق مبدأ الوحدة الإسلامية بين الدول الإسلامية من خلال التعاون وليس من خلال حكومة مركزية واحدة ، كما تكشف هذه الشهادات كيف تحالف العسكر والإخوان المسلمون وأفراد من الشعب من أجل مصر وتحريرها ونهضتها ، وسرعان ما تفكك التحالف بعد أن وصل العسكر للسلطة ، فاستبدلوا حب الوطن بحب الدنيا ، واستبدلوا المودة مع شركاء العمل الوطني بالعداء السافر الذي لم يظهروه تجاه إسرائيل نفسها ".
خالد محيي الدين ضابط سابق في الجيش المصري إبان العصر الملكي وأحد الضباط الأحرار ، وعضو سابق في مجلس الشعب المصري ، ذي توجه يساري ديمقراطي علماني ، وهو مؤسس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي حتى اعتزاله العمل العام.
ولد خالد محيي الدين في كفر شكر في محافظة القليوبية عام  1922، تخرج من الكلية الحربية عام 1940 ، وفي  1944 أصبح أحد الضباط الذين عرفوا باسم تنظيم الضباط الأحرار والذين شاركوا في ثورة يوليو سنة  1952، وكان وقتها برتبة صاغ ، ثم أصبح عضوا في مجلس قيادة الثورة ، حصل على بكالوريوس التجارة عام 1951  مثل كثير من الضباط الذين سعوا للحصول على شهادات علمية في علوم مدنية بعد الثورة وتقلدوا مناصب إدارية مدنية في الدولة.
وصفه جمال عبد الناصر بالصاغ الأحمر في إشارة إلى توجهات محيى الدين الماركسية وحينما دعا الصاغُ خالد محيي الدين رفاقَه في مارس 1954 إلى العودة لثكناتهم العسكرية لإفساح مجال لإرساء قواعد حكم ديمقراطي نشب خلاف بينه وبين جمال عبد الناصر ومعظم أعضاء مجلس قيادة الثورة استقال على إثره من المجلس، وآثر - ربما تحت ضغوط من جمال عبد الناصر - الابتعاد إلى سويسرا لبعض الوقت.
بعد عودته إلى مصر ترشح في انتخابات مجلس الأمة عن دائرة كفر شكر عام 1957  وفاز في تلك الانتخابات ، ثم أسس أول جريدة مسائية في العصر الجمهوري وهي جريدة المساء ، وشغل منصب أول رئيس للجنة الخاصة التي شكلها مجلس الأمة في مطلع الستينيات لحل مشاكل أهالي النوبة أثناء التهجير.
تولى خالد محيي الدين رئاسة مجلس إدارة ورئاسة تحرير دار أخبار اليوم خلال عامي 1964  و1965، وهو أحد مؤسسي مجلس السلام العالمي ، ورئيس منطقة الشرق الأوسط ، ورئيس اللجنة المصرية للسلام ونزع السلاح.
حصل على جائزة لينين للسلام عام 1970  وأسس [ حزب التجمع ] العربي الوحدوي في 10 أبريل  1976م ، اتهمه الرئيس السادات بالعمالة لموسكو.
كان عضوا في مجلس الشعب المصري منذ عام  1990 حتى عام 2005  وقد نشر مذكراته في كتاب بعنوان ( الآن أتكلم ) .
 ورغم أن خالد محيي الدين ، تحول من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار حينما ترك جماعة الإخوان ، وانضم إلى تنظيم ( حدتو ) الشيوعي ، أو ما يطلق عليه " الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني"  حسبما ذكر الأستاذ / سامي شرف مدير مكتب عبد الناصر في مذكراته ( سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر ) ، إلا أنه لم يحاول أن ينكر دور الإخوان المسلمين في ثورة يوليو 1952م ، وإن كان التناقض في الفكر الأيديولوجي بينه وبينهم بالتأكيد سوف ينعكس في أحاديثه علي نحو يشعر به القارئ المحايد الذي يعرف الاختلاف بين الهوية الفكرية لكل منهما ومما قد يترتب عليها من خصومة سياسية .

ستة وعشرون : خالد محيي الدين يؤكد أن الإخوان المسلمين هم من أسسوا تنظيم الضباط الأحرار .

يقول خالد محيي الدين في كتابه " الآن أتكلم " :
كنا في نهاية عام 1944  وكانت الحيرة تغلفنا جميعا بحثا عن طرق لنا ولمصر وذات يوم مر علي / عبد المنعم عبد الرؤوف وعرض علي أن نلتقي بضابط آخر يحمل ذات الهموم ويبحث عن إجابات لذات الأسئلة ، وأخذني لأقابل / جمال عبد الناصر، وكان لقائي الأول معه ،  لكن عبد المنعم عبد الرؤوف ما لبث أن طلب مني أن يعرفني بضابط آخر ، وأخذني إلى جزيرة الشاي في حديثة الحيوان حيث قابلت الصاغ / محمود لبيب الذي عرفت فيما بعد أنه مسئول الجناح العسكري في الإخوان المسلمين .
ذهبت في لقائي الأول ومعي / عثمان فوزي ، وبدأ محمود لبيب يتكلم في تؤدة ويتطرق إلى موضوع الدين دون تعجل ، كان يعرف أن محركنا الأساسي هو القضية الوطنية ، فظل يتحدث عن هذا الموضوع ولكن بنكهة إسلامية وكنت ألح في استخراج إجابات محددة عن أسئلة شغلت بالي طويلا الوطن وكيف سنحرره وبأية وسيلة ؟ وما هو الموقف من المفاوضات ؟ وكان يجيب هو في حذر وذكاء لم يكن يريد أن يخسرني بإلقاء الإجابات التقليدية للإخوان كان يقول:  مصر سيحررها رجالها وشباب القوات المسلحة هم قوتها الضاربة وكلام من هذا القبيل.
اشتم عثمان فوزي رائحة الإخوان من الحديث وقال لي ونحن عائدان من مقابلتنا:
هذه جماعة خطرة وضارة ، لكنني كنت سعيدا بالمقابلة وقلت إن الوطن بحاجة إلى تضحية والاتجاه الإسلامي يمكنه أن يبث في الشباب روح التضحية.
صمم عثمان فوزي على موقفه وانسحب ولم يحضر مرة أخرى ، وواصلت أنا مقابلاتي مع محمود لبيب ، وفي مرة تالية حضر اللقاء جمال عبد الناصر ، فعبد المنعم عبد الرؤوف قابلني أنا وجمال كل منا على انفراد بمحمود لبيب.
وبدأت علاقة من نوع غريب مع جماعة الإخوان ، وتكونت مجموعة عسكرية تضم العديد من الضباط ولم نعد نلتقي في أماكن عامة ، وإنما بدأنا نعقد اجتماعات منتظمة في البيوت ، فكنا نجتمع في بيت مجدي حسنين ، وأحيانا في بيت الضابط أحمد مظهر)  وهو نفسه أحمد مظهر الفنان ) وفي هذه اللقاءات الإخوانية كان يحضر معنا جمال عبد الناصر وكمال الدين حسين وحسين حموده وحسين الشافعي وسعد توفيق وصلاح خليفة وعبد اللطيف بغدادي وحسن إبراهيم كانت علاقة الإخوان بهذه المجموعة من الضباط تتسم بالحساسية ففجأة وجد الإخوان أنفسهم أمام كنز من الضباط المستعد لعمل أي شيء من أجل الوطن.
لكن هؤلاء الضباط لم يكونوا على ذات الدرجة من الولاء للجماعة فمثلا صلاح خليفة و حسين حمودة كانا من الإخوان قلبا وقالبا ، أما الآخرون فكانوا مجرد عناصر تبحث عن طريق ، لسنا ضد الإخوان بل نحن معهم ، لكننا لسنا معهم بالكامل ، فعبد الناصر مثلا كان يعتقد أن الإخوان يريدون استغلالنا كضباط لنكون أداة في أيديهم ونعطيهم مكانة سياسية بوجود نفوذ لهم في الجيش لكنهم لن يقدموا شيئا للقضية الوطنية وكان جمال يلح في الاجتماعات : إذا كان لديكم نصف مليون عضو وأربعة آلاف شعبة فلماذا لا نبدأ بعمليات ضرب ضد الاحتلال ، ومظاهرات وتحركات جماهيرية ؟
وكنت أنا دوما عنصرا مثيرا للقلق في الاجتماعات ، كان عثمان فوزي يلاحقني بالكتب ويدعوني إلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية ، وفيما يبدو أنه كان قد أصبح على علاقة فعلية بالحركة الشيوعية لأنه في ذلك الحين أحضر لي كتابا ذا غلاف أخضر مطبوعا بالعربية " لروجيه جارودي " هو « الاقتصاد محرك التاريخ » ، وبنهم قرأت الكتاب لأكتشف أن إجابات عديدة بدأت تتلاحق ولأربط بين مصر وبين المصريين ، بين تحرير الوطن وبين تحرير المواطن ، وبدأت مشكلات الوطن الاجتماعية تشغل جزءا هاما من تفكيري وبدأت ألح على محمود لبيب في اجتماعاتنا : ما هو برنامج الجماعة ؟ فيجيب الشرعية كنت أقول : كلنا مسلمون ولكنا نؤمن بالشريعة لكن تحديدا ماذا سنفعل لتحرير الوطن ، هل سنخوض كفاحا مسلحا أم نقبل بالتفاوض ؟ وماذا سنقدم للشعب في مختلف المجالات في التعليم والإسكان والزراعة وغيرها من القضايا الاجتماعية ، وكان محمود لبيب يزوغ من الإجابة ، وأنا أطارده وانتهى الأمر بأن أحضر لنا الأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان.
وللحقيقة كان حسن البنا يمتلك مقدرة فذة على الإقناع وعلى التسلل إلى نفوس مستمعيه ، وكان قوي الحجة واسع الاطلاع ، وفي اللقاء الأول معه بدأنا نحن بالحديث وطرحنا أنا وعبد الناصر آراءنا ، وعندما تكلم البنا أفهمنا بهدوء وذكاء أن الجماعة تعاملنا معاملة خاصة ، ولا تتطلب منا نفس الولاء الكامل الذي تتطلبه من العضو العادي وقال : نحن الإخوان كبهو واسع الأرجاء يمكن لأي مسلم أن يدخله من أي مدخل لينهل منه ما يشاء ، فالذي يريد التصوف يجد لدينا تصوفا ، ومن يريد أن يتفقه في دينه فنحن جاهزون ، ومن يريد رياضة وكشافة يجدها لدينا ، ومن يريد نضالا وكفاحا مسلحا يجدهما ، وأنتم أتيتم إلينا بهدف القضية الوطنية فأهلا وسهلا.
تناقشنا معه وكان رحب الصدر ألححت في ضرورة إعلان برنامج قلت : لن نستطيع أن نكسب الشعب بدون برنامج واضح يقدم حلولا عملية لمشاكل الناس وأجاب : لو وضعت برنامجا لأرضيت البعض وأغضبت البعض سأكسب ناسا وأخسر آخرين وأنا لا أريد ذلك.
وتتالت مقابلاتنا مع حسن البنا وقد كان يمتلك حججا كثيرة لكنها لم تكن كافية ولا مقنعة بالنسبة لأكثرنا ، وظل عبد الناصر مستريبا في أن الجماعة تريد أن تستخدمنا كمجموعة ضباط لتحقق أهدافها الخاصة ، وظللت أنا أوالي قراءة ما يزودني به عثمان فوزي من كتب ، وأزداد إلحاحا في مناقشاتي على ضرورة وضع برنامج للجماعة يحدد أهدافها الوطنية وموقفها من مطالب الفئات المختلفة وبدأت في هذه المناقشات أنحو منحى يساريا وأصبحت نشازا في مجموعة من المفترض أنها تابعة للإخوان المسلمين.
وأخيرا حاول حسن البنا أن يشدنا إلى الجماعة برباط وثيق ، وتقرر ضمنا أنا وجمال عبد الناصر إلى الجهاز السري للجماعة ربما لأننا الأكثر فعالية وتأثيرا في المجموعة ومن ثم فإن كسبنا بشكل نهائي يعني كسب المجموعة بأكملها وربما لأننا كنا نتحدث كثيرا عن الوطن والقضية الوطنية ومن ثم فقد تصور حسن البنا أن ضمنا للجهاز السري حيث التدريب على السلاح والعمل المسلح يمكنه أن يرضي اندفاعنا الوطني ويكفل ارتباطا وثيقا بالجماعة.
المهم اتصل بنا صلاح خليفة وأخذنا أنا وجمال عبد الناصر إلى بيت قديم في حي الدرب الأحمر باتجاه السيدة زينب ، وهناك قابلنا عبد الرحمن السندي المسئول الأول للجهاز السري للإخوان في ذلك الحين ، وأدخلونا إلى غرفة مظلمة تماما ، و استمعنا إلى صوت أعتقد أنه صوت صالح عشماوي ، ووضعنا في يدنا على مصحف ومسدس ، ورددنا خلف هذا الصوت يمين الطاعة للمرشد العام في المنشط والمكره ( الخير والشر ) ، وأعلنا بيعتنا التامة الكاملة والشاملة له على كتاب الله وسنة رسوله.
وبرغم هذه الطقوس المفترض فيها أن تهز المشاعر فإنها لم تترك إلا أثرا محدودا سواء في نفس عبد الناصر أو نفسي.
وعلى أية حال بدأنا بعدها عملنا في الجهاز السري أخذونا للتدريب في منطقة قريبة من حلوان وطبعا كنا نحن ضباط نفهم في السلاح أكثر ممن يدربوننا وكان عبد الناصر يبدو ممتعضا من ذلك وبدأنا نستشعر حالة من الاغتراب عن الجماعة.
وأتى عام 1946  ليجد مصر في مد وطني عارم ، وتحركت جماهير شعبية واسعة تحت شعارات اللجنة الوطنية للطلبة والعمال وإذ التهبت المظاهرات وتساقط الشهداء وتزايد الصدام مع الحكم قررت الحكومة الاستعانة بالجيش في مواجهة المظاهرات.
وتقرر إرسالي ضمن قوة من الفرسان إلى المنصورة لمواجهة المظاهرات بها وكان معي من الضباط ثروت عكاشة ، وعسكرت قوتنا في منزل عائلة نور بشاعر البحر قرب سينما رويال وبقينا هناك حوالي شهر ونصف الشهر هناك جرى نقاش طويل بيني وبين ثروت عكاشة : كيف نضرب المواطنين الذين يتظاهرون طلبا للاستقلال ؟ وكيف نعتبر أنفسنا وطنيين إذا سمحنا للحكومة أن تستغلنا في سحق الحركة الوطنية المعادية للاحتلال وتعاهدنا ألا نسمح باستخدام الجيش ضد الشعب.
لكن المظاهرات ازدادت اشتعالا في المنصور بصورة كبيرة ، وعندما سقط أحد الطلاب شهيدا برصاص مباشرة من ضباط بوليس التهبت البلدة وعجز البوليس عن السيطرة على المظاهرات وطلب الحكمدار منا أن ننزل لنفرق المظاهرات.
كان قائد القوة الضابط عبد الخالق كامل وكان برتبة بكباشي وهو ابن لضابط مصري وأم سودانية وذهبت إليه وأنا وثروت عكاشة وقلنا له : لا يجوز أن تنزل قواتنا إلا إذا قدم لنا حكمدار البوليس طلبا كتابيا يعلن فيه أنه عاجز عن حفظ الأمن بالبلدة إقرار منع بعجزه وفشله وقلنا للبكباشي عبد الخالق كامل : إذا كنت تريدنا أن ننزل إلى البلدة فلا بد أن ينسحب البوليس نهائيا ونحن على استعداد للتفاهم مع الأهالي ، ورفض حكمدار البوليس ذلك أيضا ، وهكذا تخلصنا من مأزق حقيقي وضع واجباتنا العسكرية كضباط في مواجهة واجباتنا الوطنية ولم تشارك قوتنا في أي عملية قمع للمظاهرات وظللنا هناك لمدة شهر ونصف الشهر دون أي عمل ثم عدنا إلى القاهرة.
وأعود مرة أخرى إلى علاقتنا بجماعة الإخوان كانت الأحداث السياسية تتسارع وكشفت جماعة الإخوان عن وجهها السياسي ، وتصرفت كجماعة سياسية وتخلت عن دعاوي النقاء الديني ، ولما كانت بحاجة إلى صحيفة يومية وورق صحف في ظل أزمة شديدة في الورق تقاربت من إسماعيل صدقي وحصلت في مقابل تقاربها هذا على ما أرادت من دعم.
كذلك وقفت الجماعة ضد اللجنة الوطنية للطلبة والعمال وحاولت أن تشكل جماعة أخرى بالتعاون مع إسماعيل صدقي ، وبدأنا نحس أنهم مثل أي سياسيين آخرين يفضلون مصلحتهم ومصلحة جماعتهم على ما ينادون به من مبادئ وعلى مصلحة الوطن ، وتحادثت طويلا مع جمال عبد الناصر حول علاقتنا بالجماعة ، وأفضى جمال لي بمخاوفه من أن الجماعة تستخدمنا كضباط لمصالحها الذاتية وليس لمصلحة الوطن وأفضيت له بمشاعري واتفقنا أننا قد تورطنا أكثر مما يجب مع هذه الجماعة وأنه يجب أن ننسحب منها.
لكنه لا يمكن أن نقول إننا في يوم كذا انسحبنا من الجماعة ، فقط أصبحت الشكوك تملؤنا ، وأصبحنا على غير وفاق وغير متحمسين ، وبدأن نتباعد أنا وجمال وربما بدأت الجماعة هي أيضا تستشعر أننا لا نمتلك الولاء الكافي فبدأت تتباعد عنا.
وتدريجيا يأتي عام  1947 ليجد علاقتنا جمال وأنا وقد أصبحت باهتة تماما مع جماعة الإخوان ، ولكنني كنت لم أزل على علاقتي الحميمة بعثمان فوزي وكان لم يزل يزودني من حين لآخر بكتب لأقرأها وباليقين كان عثمان فوزي قد أصبح عضوا في جماعة أسكرا.
وفي يناير أو فبراير 1947 قابلني صديقي هو أحمد فؤاد وكان وكيل نيابة وكنا أعضاء معا في نادي القاهرة النهري حيث كنت أمارس رياضة التجديف قابلني أحمد فؤاد وقال أريد أن نجلس معا لنتحادث فجلسنا وتحادثنا ومنذ اللحظة الأولى أحسست أن لعثمان فوزي علاقة بهذا اللقاء.
كتاب " الآن أتكلم " تم نشره عام 1992م ، أي صدر بعد ثورة يوليو بأربعين عاما ، وفي وقت كان يعيش فيه خالد محيي الدين حياته بشكل طبيعي ، يتولي مناصب لا يتولاها إلا الموالون للنظام ، وينجح في انتخابات مجلس الشعب الذي لم يكن يدخله إلا الموالون للنظام ، ولذلك نجده في حديثه عن جماعة الإخوان يتبني نفس الاتهامات التي تبناها العسكر منذ نجاح الثورة مباشرة ، ويسعي إلي التأكيد علي أن موقف جمال عبد الناصر من الجماعة كان هو الارتياب والشك في مقاصدهم .
نعم لم ينكر خالد محيي الدين دور الإخوان في أنهم المؤسسون لتنظيم الضباط الأحرار ، لكنه أراد أن يقنع القارئ أن انقلاب العسكر علي الإخوان المسلمين كان يرجع إلي أخطاء وعيوب في الإخوان ، بينما ما أميل له أنا شخصيا أن انقلاب عبد الناصر علي الإخوان كان مجرد جزء من انقلابه علي كافة القوي السياسية التي كانت تقوم بثورة التحرر من الملكية المستبدة والاحتلال الانجليزي منذ بداية تحرك الزعيم مصطفي كامل وحتي إلغاء مصطفي النحاس لمعاهدة 1936م بتاريخ 8/10/1951م ، فالرئيس عبد الناصر انقلب علي الإخوان والوفد والشيوعيين والطلبة والعمال ، وكان ذلك نتيجة التفاهمات التي تمت بينه وبين الأمريكان وأحيل بشأنها لمقالي السابق " إقرأوا كتاب ثورة يوليو الأمريكية " منعا من التكرار ومختصرها ، أن الأمريكان التزموا بمنع الانجليز من مساندة الملك فاروق عندما يحدث الانقلاب ، في مقابل أن يكون النظام العسكري الجديد مواليا لهم ، وملتزما بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل وفرضه علي المنطقة باعتباره أهم مطالب الأمريكان في ذلك الوقت ، وكان من بين مطالبهم أيضا القضاء علي الثورة الشعبية المشتعلة والتي كان يقوم بها الوفد والإخوان والشيوعيون والطلبة والعمال .