الخميس، 27 أغسطس 2015

هل يفعلها الشيعة والسنة كما فعلها قسطنطين وثيودوسيوس .

 
الحقيقة أنني لا أتعجب علي شيئ مثلما أتعجب علي ذلك الصراع الشيعي - السني المستمر منذ ما يزيد علي الألف عام ، وسقط علي إثره أعداد من المسلمين لا يعلمها إلا الله عز وجل ، وتخلف بسببه العالم الإسلامي ليصبح في ذيل الأمم .
ومما لاشك فيه أن المحرك الأساسي لهذا الصراع هو التنافس علي السلطة والتي تمثل عشقا للشخصية العربية له انعكاساته في كافة صور الأدب العربي لاسيما الشعر والذي يعج بالفخر والاعتداد بالذات والشعور بشرف الأصل والأفضلية  علي الغير ، ولا يخلو الأمر من الفتن والدسائس من غير المسلمين ، والتي ما كان يمكن أن تُحدث أثرا بدون بيئة حاضنة لديها من الأسباب ما يدعوها لاستحسان الفتن .
أدي الصراع علي السلطة إلي ظهور نظريات فقهية هنا وهناك أحدثت الانقسام ثم رسخته ثم عمقت الكراهية إلي حد تكفير كل طرف للأخر في كثير من الأحيان ، وظلت الشعوب الإسلامية تسير خلف هذه النظريات الفقهية دون بصر أو بصيرة ، دون مراجعة أو مناقشة ، وكانت النتيجة هي ذلك الصراع التاريخي القاتل المدمر فضلا عما نعيشه الآن من صراع سني - شيعي علي كل أرض الإسلام ، كلت وملت فيه الأعين من رؤية الدماء والدمار والتعذيب ، علي نحو يؤكد لنا أن الكثيرين منا يعتنقون نظريات فقهية باطلة لا تحصي ولا تعد ، ولو لم تكن باطلة لما كانت سببا للدمار والخراب الذي يناقض تعاليم الإسلام علي طول الخط .
أكثر من ألف عام من الصراع بين مسلمين موحدين بالله عز وجل جعلتهم في ذيل الأمم ،  وجعلتهم محلا لاستخفاف وسخرية غير المسلمين ، ألم يكن هذا الزمن الطويل كافيا لكي تعيد هذه الشعوب النظر فيما تعتنقه من أفكار بالية ، أن تقوم بدراسة تلك النظريات التي وضعها عشاق السلطة ومشايخهم لتصبح سببا لهلاك الملايين منهم ، وتخلفهم عن كثير من الأمم والشعوب .
لا أقول بأنني وبهذه المقدمة أحسم أسباب الانقسام إلي سنة وشيعة ، وأضع الحلول ، بل أكشف عن انطباع أولي ، وأنني قد استعنت بالله عز وجل وعقدت العزم أن أبحث في هذه القضية والتي كان ينبغي أن تكون قضية كل مسلم سني أو شيعي ، كان علي كل منا أن يسعي لتشخيص المشكلة ؟ ومتي ظهرت ؟ ولماذا ؟ وكيف هو سبيل نجاة المسلمين من هذا الصراع ؟
الحديث عن الصراع السني - الشيعي يذكرني بالإمبراطور الروماني قسطنطين الذي قال عنه Rodney Stark " " في كتابه " The Triumph of Christianity: How the Jesus movement became the world’s largest religion " ، وترجمته " انتصار المسيحية : كيف أصبحت حركة المسيح أكبر ديانة في العالم " ، حيث يقول :
But Constantine’s major contribution was to elevate the clergy to high levels of wealth, power, and status. Keep in mind that, contrary to popular belief, Constantine did not make Christianity the official religion of the empire. “What he did was to make the Christian church the most-favored recipient of the near-limitless resources of imperial favour.” Legal privileges and powers were lavished on the clergy. Episcopal courts were given official status. The clergy were exempted from taxes and civic duties. And bishops “now became grandees on a par with the wealthiest senators… [and were] expected to take on the role of judges, governors, great servants of state.”As a result there was a sudden influx of men from aristocratic families into the priesthood which transformed the church into a far more worldly and far less energetic institution, as will be seen in chapter 17. Such a transformation may well have happened anyway once Christianity had become the dominant religion. But Constantine made this shift occur very rapidly and to a remarkable degree
وترجمته :
" لكن أحد اسهامات " قسطنطين " الكبيرة هو أنه رفع رجال الدين ( Clergy ) إلى مستويات عليا من الثراء والقوة والمكانة. لندرك أيضاً أنه على خلاف الاعتقاد السائد ، لم يجعل " قسطنطين " المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية ، ولكن ما فعله هو أنه جعل الكنيسة المسيحية أكثر المؤسسات حصولا علي الموراد والحظوة الامبراطورية بشكل غير محدود . الامتيازات والصلاحيات القانونية منحت للأكليروس. المحاكم الأسقفية أُعطيت مكانة رسمية . تم إعفاء الأكليروس من الضرائب والواجبات المدنية. والأساقفة أصبحوا نبلاء على قدم المساواة مع أغنى أعضاء السانات ( مجلس الشيوخ الروماني ). وكان متوقع منهم أن يأخذوا دور القضاة والحكام و موظفي الدولة.
فكانت النتيجة التدفق المفاجئ لرجال من عائلات أرستقراطية إلى الكهنوت الذي حوّل الكنيسة إلى مؤسسة دنيوية أكثر بكثير و أقل حيوية. كما سنرى في الفصل السابع عشر. مثل هذا التحول ربما كان سيحدث على أية حال عندما أصبحت المسيحية الديانة السائدة . لكن " قسطنطين " جعل هذا التحول يحدث بسرعة كبيرة وبدرجة ملحوظة ".
ويقول عنه " موقع شهود يهوه " قسم " تعاليم الكتاب المقدس " :
" قسطنطين هو أول إمبراطور روماني يعلن إهتداءه الى المسيحية ،‏ مغيِّرا بذلك مجرى التاريخ .‏ فأيَّد هذا الدين الذي عانى الظلم والقهر في الماضي ،‏ ووضعه على طريق أدَّت في النهاية إلى نشأة العالم المسيحي , وعليه أصبحت هذه المسيحية أقوى العناصر الاجتماعية والسياسية التي تلعب دورا في المسرح العالمي ،‏ بحسب دائرة المعارف البريطانية ".‏
وتقول عنه " موسوعة ويكيبيديا الحرة " :
" عندما حكم الإمبراطور الروماني " قسطنطين " العظيم روما بين عامي (306–337م) أصبحت المسيحية دين الإمبراطورية الرومانية المهيمن . ولا زال المؤرخون يجهلون أسباب تفضيل قسطنطين للمسيحية ، وقد بحث علماء الدين (اللاهوتيون) والمؤرخون وناقشوا أي أنواع المسيحية اتخذه نهجاً. على الرغم من أن القديسة هيلانة والدة قسطنطين كانت مسيحية إلا أنه لم تتوافق آراء العلماء حول ما إذا دان بدين والدته (المسيحية) في شبابه ، أو كان تدريجياً على مدى حياته ، وأنه لم يعمَّد حتى قبيل وفاته.
كان تحول " قسطنطين " نقطة تحول للمسيحية مبكرة ، والتي يشار إليها أحياناً بـ" انتصار الكنيسة " ، أو تحول القسطنطينيين . فقد أصدر " قسطنطين " و " ليسنيوس" في سنة 313م " مرسوم ميلانو" يقضي بإضفاء الشرعية على العبادة والشعائر المسيحية. وأصبح الإمبراطور مناصر كبير للكنيسة ومهد منصب الإمبراطور المسيحي داخل الكنيسة ومفهوم الأرثوذكسية والمسيحية ، والمجامع المسكونية والكنيسة الرسمية للإمبراطورية الرومانية بمرسوم أعلن عنه في 380م . لقب بالقديس و الرسول في الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية و الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية جعلته مثلاً وقدوة لكل "ملك مسيحي ".
أُضطهد المسيحيون لأول مرة على يد الامبراطورية الرومانية اضطهاداً رسمياً سنة 64م ، عندما اتهم الإمبراطور " نيرون " المسيحيين بالوقوف خلف حريق روما العظيم كما ذكر المؤرخ الروماني " تاسيتس ". ووفقا لتقاليد الكنيسة ، فإن بطرس وبولس استشهدا في عهد نيرون في روما .
عانى المسيحيون من سلسلة اضطهادات متفرقة وانصبت عليهم على مدى قرنين ونصف قرن . وكان رفضهم المشاركة في العبادة الإمبراطورية شكلاً من أشكال الخيانة التي يعاقب عليها بالإعدام . وكانت معظم عمليات الاضطهاد الرسمية في عهد دقلديانوس. فبين عامي (303م–311م) كان " الاضطهاد العظيم " حيث أمر الإمبراطور بهدم المباني المسيحية ومنازل المسيحيين وجمع كتبهم المقدسة وإحراقها . كما أُعتقل المسيحيون وعذبوا ، وشوهوا ، وأحرقوا , وجوعوا وأخذوا لمسابقات المصارعة لتسلية المتفرجين . وانتهى هذا " الاضطهاد العظيم " رسميا في نيسان/ أبريل عام 311م ، عندما أصدر كبير أباطرة الحكم الرباعي " غاليريوس " مرسوما يدعو إلى التسامح ، والذي منح به المسيحيين حق ممارسة شعائرهم الدينية ، على الرغم من أنه لم يرجع لهم أياً من ممتلكاتهم . حيث وقع " قسطنطين " ، وقيصر الإمبراطورية الغربية , و" ليسنيوس " قيصر الشرق على مرسوم التسامح . ويرى البعض أن تغير سياسة " غاليريوس " في اضطهاد النصارى وقمعهم لفترة طويلة تعزى إلى أحد أو كلا هؤلاء القياصرة .
عايش الإمبراطور " قسطنطين " المسيحية منذ ولدته القديسة " هيلانة " ، لكنه لم يصرح باعتناقه المسيحية حتى جاوز 42 سنة ، وكتب إلى المسيحيين : إن قسطنطين يعتقد اعتقاداً جلياً أن نجاحاته لم تكن لتتحقق لولا حماية " الإله الأعلى " وحده .
وحسب المؤرخ " أوساويوس القيصري " وبعض المصادر المسيحية الأخرى أن " قسطنطين " شهد موقعة كبيرة عام 312م في " معركة جسر ميلفيو " ، والتي دعي بعدها " قسطنطين " بالإمبراطور الأعلى في الغرب . ووفقا لتلك المصادر ، فقد نظر قسطنطين للشمس قبل المعركة ورأى صليباً من نور فوق الشمس ومعها كلمات باليونانية :   " فُز بهذا "، وأمر " قسطنطين " قواته بتزيين دروعهم برمز المسيحية ( شيرو) ، وبعد ذلك انتصروا.
تجاهل الإمبراطور الجديد في أعقاب المعركة مذابح الآلهة التي أعدت في " الكابيتول " ولم يقم بتقديم القرابين المتعارف عليها للاحتفال بدخول روما منتصرا ، بل توجه مباشرة إلى القصر الإمبراطوري . مع ذلك لم يعتنق سكان الإمبراطورية الأكثر نفوذا - لا آسيما كبار المسؤولين العسكريين - المسيحية ، ولا زالت تؤمن بالديانات التقليدية السائدة في روما ؛ وأبدى حكم قسطنطين على الأقل استعدادا لاسترضاء هذه الفصائل . وسكت العملات المعدنية الرومانية لثماني سنوات بعد المعركة وعليها صور الآلهة الرومانية. كما لم تتضمن الآثار التي قام بها بداية مثل قوس قسطنطين في إشارة إلى المسيحية.
أصدر " قسطنطين " و " ليسنيوس " في عام 313م " مرسوم ميلانو " والذي قرر :
" أن منح المسيحيين وغيرهم الحرية لاتباع الدين والنهج المناسب والأفضل لكل فرد منهم لهي خطوة أخلاقية صائبة "، مما منح التسامح لجميع الأديان ، بما فيها المسيحية ، وزاد " مرسوم ميلانو " على " مرسوم غاليريوس " للتسامح عام 311م إرجاع ممتلكات الكنيسة المصادرة .
وبهذا المرسوم أصبحت الإمبراطورية رسميا محايدة فيما يتعلق بالعبادة الدينية ؛ فالمرسوم لم يجعل الديانات التقليدية باطلة غير مشروعة ولا المسحية دين الدولة ، كما حدث فيما بعد بموجب " مرسوم تسالونيكي " ، إلا أنه رفع شأن المسيحية داخل الإمبراطورية وأكد من جديد أهمية العبادة الدينية لمصلحة ورفاهية الدولة .
وكان اعتناق " قسطنطين " نقطة تحول للمسيحية مبكرة . وبعد انتصاره أخذ قسطنطين دور الحامي للعقيدة المسيحية . فقد كان يدعم الكنيسة بالأموال ، وبنى عدد كبيراً من الكاتدرائيات ، ومنح رجال الدين بعض الامتيازات ( كالإعفاء من ضرائب معينة ) لرجال الدين ، وولى النصارى رتباَ رفيعة في الدولة ، وأرجع الممتلكات التي صادرها دقلديانوس خلال " الاضطهاد العظيم " ، كما وهب الكنيسة أراضي وثروات أخرى . وبنى قسطنطسن بين عامي 324م و 330 عاصمة إمبراطوريتة الجديدة في بيزنطة على مضيق البوسفور ، والتي سميت القسطنطينية من أجله . واستخدمت فنون العمارة النصرانية علناً وحوت المدينة العديد من الكنائس داخل أسوارها خلاف ما كانت عليه روما " القديمة "كما لم تتضمن هذه المدينة سلفاً أي معابد لديانات أخرى .
فازت المسيحية بنصيب الأسد في التفضيل الإمبراطوري عدة مرات بالفتوى ؛ وفتحت آفاقاً جديدة للمسيحيين ، بما في ذلك الحق في التنافس مع غيرهم من الرومان في الترشح التقليدي لمناصب حكومية عالية ، وقبول أكبر في المجتمع المدني عامة. احترم قسطنطين الثقافة والتهذيب ، وتألفت محكمته من الرجال الأكبر سنا ، ذوي احترام وشرف. وحرم رجال من الأسر الرومانية الرائدة ممن رفضوا اعتناق المسيحية من مناصب في السلطة والتي كانت تتطلب تعييناً ، وحتى نهاية حياته كانت ثلثي حكومته العليا من غير المسيحيين ، فضلا عما ذكرناه من إصداره لمرسوم ميلانو الذي يسمح للمسيحيين بممارسة شعائرهم الدينية داخل الإمبراطورية الرومانية .
أصدر " قسطنطين " قوانينا عكست إصلاحاته المسيحية ، فقد ألغيت عقوبة الصلب لأسباب تتعلق بمعتقد أو بالتقوى النصرانية ، واستبدل بعقوبة الشنق لإظهار وجود قانون وعدالة الأمبراطورية الرومانية. وأعلن في السابع من آذار/ مارس عام 321 أن يوم الأحد يوم عطلة رسمية ؛ تغلق فيه الأسواق والمكاتب العامة باستثناء ما كان منها لغرض تحرير العبيد ، حتى أن بعض القوانين لتوصف بالإنسانية بمعناها الحديث ، بل ربما يكون هذا المعنى نشأ من المسيحية : فلا ينبغي أن يحبس السجين في ظلام دامس بل يعطى فسحة في الهواء الطلق أثناء النهار؛ وقد ينفذ حكم الإعدام على الرجل المدان في ساحة عامة ، لكن لا يوسم وجهه الذي أحسن الله خلقته ؛ كما أمر بمنع ألعاب المصارعة سنة 325م.
كلف " قسطنطين " " أوساويوس " في 331م بإيصال خمسين نسخة من الكتاب المقدس لكنيسة القسطنطينية . وسجلت مكتبة أثناسيوس نحو 340 ناسخاً في الاسكندرانية لتجهيز أناجيل قسطنطين ولم يعرف سوى القليل غيرها. وكانت هناك تكهنات بأن هذا قد حفز قوائم القديسين ، وأن المخطوطة الفاتيكانية والسينائية أمثلة على تلك الأناجيل ؛ وكذلك بشيطتا و المخطوطة الإسكندرانية وهذه المخطوطات الأربعة هي أقدم نسخ الأناجيل النصرانية الموجودة .
مهد حكم قسطنطين موقف الإمبراطور المسيحي في الكنيسة ؛ وحيث أن الأباطرة يرون أنهم مسئولون أمام الله عن سلامة رعاياهم الروحية ، كان لزاماً عليهم الحفاظ على عقيدتهم . إلا أن الإمبراطور لا يقرر التعاليم الدينية والعقائد ؛ فتلك مسؤولية الأساقفة ؛ بل يتوجب عليه فرض العقيدة واقتلاع الهرطقة ، والتمسك بالوحدة الكنسية والتأكد من أن الله يعبد كما ينبغي - في عقيدتهم – داخل أسوار إمبراطوريته ؛ أما عن ماهية العبادة الصحيحة ومما تتألف تلك التعاليم والعقيدة فكان واجب الكنيسة أن تحدد ذلك.
حكَّم قسطنطين في خلافات شمال أفريقيا سنة 316م حول مناظرة دوناتوس . والأهم من ذلك أنه استدعى " مجمع نيقية الأول " في 325م ، وهو أول مجمع مسكوني فعال ( ما لم يشمل هذا التصنيف مجمع القدس وكان مجمع نيقية يركز غالباً على مناظرات الآريوسية , فكان قسطنطين مشتتاً بين مخيما الآريوسية والثالوث .
وتفصيلا لما قام به الإمبراطور " قسطنطين " في توحيد العقيدة المسيحية من خلال مجمع نيقية ، تقول " موسوعة ويكيبيديا الحرة " تحت عنوان " تاريخ المسيحية " :
" أصبحت المسيحية في عام 380 الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية ، وفي عام 330 قام الإمبراطور قسطنطين بنقل العاصمة من روما إلى القسطنطينية ، والتي أصبحت مركز المسيحية الشرقية ومركز حضاري عالمي ، فأضحت أعظم مدن العالم في ذلك العصر.
ولكون المسيحية قد انفتحت على مختلف الحضارات والثقافات ، كان لا بدّ لها من الانقسام ، ليس فقط من ناحية الطقوس إنما من ناحية العقائد أيضًا ، بنتيجة تنوع البيئات والمشارب لمعتنقيها ، لقد وجدت كنيسة القرن الرابع نفسها تواجه سيلاً من هذه الحركات التي دعيت في لغة الكنيسة الرسمية هرطقات ؛ أغلب هذه الحركات كانت محدودة التأثير واضمحلت دون بذل جهد كبير ، لكن بعضها الآخر شكل قوة كالآريوسية ، ما دفع لعقد مجمع مسكوني في نيقية عام 325 برئاسة الإمبراطور قسطنطين الأول والأسقف أوسيوس القرطبي .
لا يعتبر " مجمع نيقية " المجمع الأول ، إذ عقد قبله عدد كبير من المجامع الإقليمية غالبًا ما كان يرأسها أسقف المنطقة ، لكن مجمع نيقية هو المجمع المسكوني الأول أي أن أساقفة من جميع أنحاء العالم شاركوا به : حكم المجمع بهرطقة آريوس وحَرَمه بعد أن اعتقد بأن الابن كائن مخلوق غير مساوٍ للآب ، ووضع المجمع قانون الإيمان الذي لا يزال مستعملاً حتى اليوم ؛ تأتي أهمية مجمع نيقية أيضًا لأنه وللمرة الأولى في تاريخ المسيحية تستخدم مصطلحات غير توراتية بشكل رسمي أمثال : نور من نور ، إله حق منبثق من إله حق ، مولود غير مخلوق ؛ وهذه المصطلحات القادمة من فلسفة الرومان منحت الإيمان المسيحي تحديدات جديدة ووهبته مزيدًا من الدقة ؛ كذلك فقد أقر المجمع نظام البطريركيات الخمس الكبرى ونظّم قواعد تعاملها مع بعضها البعض ؛ وفي أعقاب المجمع أخذت الأديان الوثنية بالتقهقر والتراجع أمام المسيحية .
ونقول : هكذا استطاع الإمبراطور قسطنطين الأول أو قسطنطين العظيم كما يسميه كثير من المسيحيين أن يجعل المسيحية ديانة معترف بها في الإمبراطورية الرومانية بأكملها ، مُصرح لمعتنقيها أن يؤدوا شعائرهم بشكل علني دون اضطهاد أو تعذيب ، ولم يكتف بهذا الانجاز الضخم ، بل عقد مجمع نيقية دعا إليه أساقفة من العالم أجمع حتي يقوموا بتوحيد العقيدة المسيحية فيما يتعقلق بطبيعة المسيح عليه السلام بعد أن أصبح الخلاف حولها سببا للصراع بين المختلفين وتهديدا للديانة المسيحية ذاتها ، لتنطلق بعدها المسيحية إلي آفاق رحبة ، وتنتشر في العالم كله ، وتتخلص من منافسها في ذلك الوقت وهي الديانة الوثنية ، وقد أدي ذلك إلي استقرار الإمبراطورية الرومانية ، وأصبحت المسيحية هي الديانة الأولي فيما بعد في العالم الغربي كله ، كما أدي انتهاء الصراع الديني إلي نهضة الدول الأوربية وأمريكا بعد أن توصلت هذه الدول إلي التحول لحياة ديمقراطية أدت بدورها إلي النهضة الصناعية الكبري التي انتفع منها العالم أجمع.
أليس عارا علي المسلمين جميعا أن ينجح قسطنطين فيما فشل فيه العالم الإسلامي كله منذ أكثر من ألف عام ، أليس مما يزيد من قدر العار أن يعالج قسطنطين خلافا حول العقيدة المسيحية ذاتها ، بينما نفشل نحن في علاج خلافات فقهية لفقهاء يؤخذ منهم ويرد ، وفي أمر يتعلق بشئون الحكم كقضية الخلافة وما إذا كانت من أصول الدين من عدمه ، ومن الأحق بها أو قضية ولاية العهد ، وما ورد حول هذه المسائل الخلافية من نظريات فقهية أكثرها يرفضها الشرع والعقل معا .
لقد جاء من بعد قسطنطين كثيرون استكملوا ما بدأه في لم شمل المسيحيين ،  نذكر منهم الإمبراطور " ثيودوسيوس" الذي ألغي الوثنية بجميع أشكالها في الإمبراطورية الرومانية .
 يقول " ويليام جيمس ديورَانت " ( المتوفى : 1981 م ) مؤلف كتاب " قصة الحضارة " ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود وآخرين عن الإمبراطور ثيودوسيوس :
" كان " ثيودوسيوس الأول الأكبر " من أصل أسباني ، أظهر مواهبه الحربية ومهارته في القيادة أسبانيا ، وبريطانيا ، وتراقية . وكان قد أقنع القوط المنتصرين بالانضواء تحت لوائه بدلا من محاربته ، وحكم الولايات الشرقية بحكمة وروية في كل شيء إلا في عدم تسامحه الديني ؛ فلما تولى الملك روع نصف العالم بما اجتمع فيه من صفات متناقضة هي جمال خلقه ، ومهابته ، وغضبه السريع ورحمته الأسرع ، وتشريعاته الرحيمة ، وتمسكه الصارم بمبادئ الدين القويم . وبينما كان الإمبراطور يقضي الشتاء في ميلان حدث في تسالونيكي ( سالونيكا ) اضطراب كان من خصائص تلك الأيام . وكان سببه أن " بُثريك " Botheric نائب الإمبراطور في ذلك البلد قد سجن سائق عربة محبوب من أهل المدينة جزاء له على جريمة خلقية فاضحة ، فطلب الأهلون إطلاق سراحه ، وأبى " بثريك " أن يجيبهم إلى طلبهم ، وهجم الغوغاء على الحامية وتغلبوا عليها ، وقتلوا الحاكم وأعوانه ومزقوا أجسامهم إرباً ، وطافوا بشوارع المدينة متظاهرين يحملون أشلاءهم دلالة على ما أحرزوه من نصر . ولما وصلت أنباء هذه الفتنة إلى مسامع " ثيودوسيوس " فاستشاط غضباً وبعث بأوامر سرية تقضي بأن يحل العقاب بجميع سكان تسالونيكي . فدعى أهل المدينة إلى ميدان السباق لمشاهدة الألعاب ، ولما حضروا انقض عليهم الجند المترصدون لهم وقتلوا منهم سبعة آلاف من الرجال والنساء والأطفال . وكان ثيودوسيوس قد بعث بأمر ثان يخفف به أمره الأول ولكنه وصل بعد فوات الفرصة.
وارتاع العالم الروماني لهذا الانتقام الوحشي وكتب الأسقف " أمبروز " Ambrose الذي كان يجلس على كرسي ميلان ويصرف منه على شؤون الأبرشية الدينية بالجرأة والصلابة الخليقتين بالمسيحية الحقة ، كتب إلى الإمبراطور يقول إنه ( أي الأسقف ) لا يستطيع بعد ذلك الوقت أن يقيم القداس في حضرة الإمبراطور إلا إذا كفر " ثيودوسيوس " عن جرمه هذا أمام الشعب كله . وأبى الإمبراطور أن يحط من كرامة منصبه بهذا الإذلال العلني وإن كان في خبيئة نفسه قد ندم على ما فعل ، وحاول أن يدخل الكنيسة ، ولكن " أمبروز " نفسه سد عليه الطريق ، ولم يجد الإمبراطور بداً من الخضوع بعد أن قضى عدة أسابيع يحاول فيها عبثاً أن يتخلص من هذا المأزق ، فجرد نفسه من جميع شعائر الإمبراطورية ، ودخل الكنيسة دخول التائب الذليل ، وتوسل إلى الله أن يغفر له خطاياه . وكان هذا الحادث نصراً وهزيمة تاريخيين في الحرب القائمة بين الكنيسة والدولة.
ولما عاد " ثيودوسيوس " إلى القسطنطينية تبين أن " فالنتنيان الثاني " ؛ وهو شاب في العشرين من عمره ، عاجز عن حل المشاكل التي تحيط به . فقد خدعه أعوانه وجمعوا السلطة كلها في أيديهم المرتشية ، واغتصب " أربوجاست " Arbogast الفرنجي الوثني قائد جيشه المرابط السلطة الإمبراطورية في غالة ، ولما قدم " فلنتنيان " إلى " فين " ليؤكد فيها سيادته قُتل غيلة . ورفع " أربوجاست " على عرش الغرب تلميذاً وديعاً سلس القياد يدعى " أوجينوس " Eugenius وبدأ بعمله هذا سلسلة من البرابرة صانعي الملك . وكان " أوجينوس " مسيحياً ، ولكنه كان وثيق الصلة بالأحزاب الوثنية في إيطاليا إلى حد جعل " أمبروز " يخشى أن يصبح " يولياناً " ثانياً .
وزحف " ثيودوسيوس " مرة أخرى نحو الغرب ليعيد إلى تلك الأنحاء السلطة الشرعية ويردها إلى الدين القويم . وكان تحت لوائه جيش من الهون والقوط ، والألاني ، وأهل القوقاز ، وأيبيريا ، وكان من بين قواده " جيناس " Gainas القوطي الذي استولى فيما بعد على القسطنطينية ، و " استلكو الوندالي " الذي دافع في المستقبل عن روما ، و " ألريك القوطي " الذي نهبها . ودارت بالقرب من " أكويليا " معركة دامت يومين ، هزم فيها " أربوجاست " و " أوجينوس"  ؛ فأما " أوجينوس " فقد ذبح بعد أن أسلمه جنوده ، وأما " أربوجاست " فقد قتل نفسه بيده . واستدعى " ثيودوسيوس " ابنه " هونوريوس " Honorius وهو غلام في الحادية عشرة من عمره ليقيمه إمبراطور على الغرب ، ورشح ابنه " أركاديوس " Arcadius البالغ من العمر ثماني عشر سنة ليكون إمبراطور معه على الشرق ثم مات بعدئذ في ميلان منهوكاً من كثرة الحروب (395) ولما يتجاوز الخمسين من عمره . وانقسمت بعد موته الإمبراطورية التي طالما وحدها ، ولم يجتمع شملها مرة أخرى بعد ذلك الوقت إلا في فترة قصيرة تحت حكم جستنيان .
وتفصيلا لما قام به الإمبراطور " ثيودوسيوس " في القضاء علي الوثنية وإعلان المسيحية ديانة وحيدة للإمبراطورية الرومانية يقول " ول ديورانت " :
وبقيت في روما كما بقيت في الإسكندرية أقليات وثنية كبيرة العدد ، وكان فيها حتى نهاية القرن الرابع سبعمائة هيكل وثني . ويبدو أن " جوفيان " و" فلنتنيان " الأول لم يغلقا الهياكل التي فتحها " يوليان " ؛ فظل القساوسة الرومان حتى عام 394 يجتمعون في مجامعهم المقدسة ، وظلت أعياد " اللوبركاليا " يحتفل بها بكل ما فيها من شعائر نصف همجية ، كما ظلت الطريق المقدسة نتردد فيها بين الفينة والفينة أصداء خوار الأثوار التي تساق للضحية.
وكان أعظم الناس إجلالاً بين الوثنيين في روما في أيامها الأخيرة هو " فتيوس بريتكستاتوس " ، زعيم الأقلية الوثنية في مجلس الشيوخ . وكان الناس جميعاً يعترفون بفضائله واستقامته ، وعلمه ، ووطنيته ، وحياته العائلية اللطيفة. ومن الناس من يقول إنه يماثل " كاتو وسنسناتوس "  Cincinnatus ؛ ولكن الزمان يذكر أكثر منه صديقه " سيماخوس " (345 - 410) ، الذي ترسم رسائله صورة رائعة ساحرة للأرستقراطية التي كانت تظن نفسها مخلدة وهي تحتضر . وحتى أسرته نفسها قد بدت أنها من المخلدين : فقد كان جده قنصلاً في عام 364، وكان هو نفسه حاكماً في عام 384، وقنصلاً في عام 391. وكان اثنان من أحفاده قنصلين في عام 522. وكان هو ذا ثروة طائلة ؛ فقد كانت له ثلاثة قصور ريفية بالقرب من روما ، وسبعة أخرى في لاتيوم ، وخمسة على خليج نابلي ، فضلاً عن قصور أخرى مثلها في أماكن أخرى من إيطاليا ؛ وبفضل هذه القصور " كان في وسعه أن يسافر من أقصى شبه الجزيرة إلى أقصاها ثم يأوي إلى منزله في كل مكان يحل به ". ولا يذكر لنا التاريخ أن أحداً من الناس كان يحسده على ثروته ، لأنه كان ينفق منها بسخاء وينميها بحياة الدرس ، والخدمة العامة ، والأخلاق الفاضلة ، وأعمال البر والإنسانية ، التي لا تعرف فيها شماله ما تفعل يمينه. وكان من أصدقائه الأوفياء مسيحيون ووثنيون ، وبرابرة رومان . ولعله كان يضع وثنيته قبل وطنيته ؛ فقد كان يظن أن الثقافة التي يمثلها ويستمع بها وثيقة الصلة بالدين القديم ، وكان يخشى أن يؤدي سقوط أيهما إلى سقوط كليهما. ويعتقد أن المواطن بإخلاصه للشعائر القديمة يحس أنه حلقة في سلسلة مترابطة متصلة أعجب اتصال تمتد من " رميولوس " إلى " فلنتنيان " ، وأن هذا الإخلاص يبعث في نفسه حب المدينة وحب الحضارة التي نشأت بفضل الأجيال المتعاقبة خلال ألف عام . وقد استحق " كونتس أورليوس سيماخوس " بفضل أخلاقه الطيبة أن يختاره مواطنوه ممثلاً لهم في آخر كفاحهم الرائع في سبيل آلهتهم .
وقد استطاع " أمبروز " أن يجعل الإمبراطور " جراتيان " مسيحياً متحمساً لدينه ، وأغراه تحمسه للدين القديم أن يعلن على الملأ أن العقيدة النيقية فريضة واجبة على جميع الشعوب الخاضعة لحكمنا الرحيم ، وأن إتباع غيرها من العقائد "مفتونون مسلوبو العقول" ، وفي عام 382 أمر ألا تؤدي خزانة الإمبراطورية أو خزائن البلديات أية إعانات لإقامة الاحتفالات الوثنية ، أو للعذارى الفستية أو الكهنة الوثنيين ، ثم صادر الأراضي التي تملكها الهياكل ، وجماعات الكهنة ، وأمر أتباعه بأن يرفعوا من قاعة مجلس الشيوخ في روما " تمثال إلهة النصر " الذي أقامه فيها أغسطس في عام 29 ق. م ، والذي ظل اثنا عشر جيلاً من الشيوخ يقسمون بين يديه يمين الولاء للإمبراطور؛ وانتدب مجلس الشيوخ وفدا برياسة "سيماخوس" يشرح " لجراتيان " قضية تمثال النصر هذا. ولكن " جراتيان " أبى أن يستقبل الوفد ، وأمر بنفي " سيماخوس " من روما ؛ وفي عام 383 قُتل " جراتيان" وبعث هذا الأمل في مجلس الشيوخ فأرسل وفداً إلى خليفته على العرش ؛ وكانت الخطبة التي ألقاها " سيماخوس " بين يدي " فلنتنيان الثاني " آية من آيات الدفاع البليغ ، وكان مما قاله فيها إنه ليس من الحكمة في شيء أن يقضي هذا القضاء العاجل المفاجئ على شعائر دينية ظلت طوال ألف عام مرتبطة أشد الارتباط باستقرار النظام الاجتماعي وبهيبة الدولة ، ثم قال : " ماذا يهمنا ، في آخر الأمر، أي طريق يسلكه إنسان ليصل به إلى الحقيقة ؟ والحق أن في وسع الناس أن يصلوا إلى معرفة هذا السر العظيم من طريق واحد ".
وتأثر " فلنتنيان الثاني " الشاب بهذا القول ، ويقول " أمبروز " إن من كان في المجلس الإمبراطوري من المسيحيين أنفسهم قد أشاروا على الإمبراطور بإعادة تمثال النصر إلى مكانه ، ولكن " أمبروز " ، وكان في ذلك الوقت غائباً في بعثة دبلوماسية الدولة ، تغلب على المجلس برسالة قوية مليئة بالكبرياء والغطرسة أرسلها إلى الإمبراطور . وعدد فيها حجج " سيماخوس " حجة بعد حجة ، ثم دحضها كلها بما وهب من قوة وبلاغة . وقد حوت هذه الرسالة ما يعد في الواقع تهديداً للإمبراطور بإخراجه من حظيرة الدين إذا أجاب الوفد إلى طلبه ، " وقد يكون في وسعك أن تدخل الكنيسة ولكنك لن تجد فيها قساً يستقبلك ، أو أنك قد تجدهم فيها ليحرموا عليك دخولها " . وكان من أثر ذلك أن رفض " فلنتنيان " طلب مجلس الشيوخ .
وبذل الوثنيون في إيطاليا مجهوداً آخر في عام 393، فأعلنوا الثورة وخاطروا في سبيل غايتهم بكل شيء . وكان " ثيودوسيوس " قد أبى أن يعترف بالإمبراطور " يوجنيوس " نصف الوثني ، فرأى هذا الإمبراطور أن يستعين بوثني الغرب في دفاعه عن نفسه ، فأعاد تمثال النصر إلى مكانه. وتباهى بقوله إنه حين تم له النصر على " ثيودوسيوس " سيربط خيله في الكنائس المسيحية. وسار " نقوماكس خوس فلافيانوس " Nicomachus زوج ابنة " سيماخوس " ، على رأس جيش ليساعد به " يوجنيوس " ، فقاسمه الهزيمة وانتحر .
وزحف " ثيودوسيوس " على روما ، وأرغم مجلس الشيوخ على أن يعلن إلغاء الوثنية بجميع أشكالها .
هكذا يتضح لنا أن الإمبراطور قسطنطين جعل المسيحية ديانة رسمية تعيش جنبا إلي جنب مع الوثنية ، ثم عقد مجمع نيقية لتوحيد العقيدة المسيحية ، وجاء من بعده الإمبراطور ثيودوسيوس ليقضي علي الوثنية قضاءا مبرما ، والحقيقة أننا لا يمكن أن نقدر آثار هذه الأعمال الجليلة علي المسيحية دون أن نقرأ بعض ما كتبه  " ويليام جيمس ديورَانت " في كتابه " قصة الحضارة " في فصل بعنوان " المارقون " يصور لنا فيه ما كان عليه الحال من جراء الاختلافات بين المسيحيين حول لب العقيدة المسيحية ، حيث يقول :
" لقد كان أشق الواجبات التي واجهها التنظيم الكنسي هو منع تفتت الكنيسة بسبب تعدد العقائد المخالفة لتعاريف العقيدة المسيحية كما قررتها المجالس الدينية. ولم تكد الكنيسة تظفر بالنصر على أعدائها حتى امتنعت عن المناداة بالتسامح ، فكانت تنظر إلى الفردية في العقيدة بنفس النظرة المعادية التي تنظر بها الدولة إلى الانشقاق عنها أو الثورة عليها ، ولم تكن الكنيسة ولا الخارجون عليها يفكرون في هذا المرق على أنه مسألة دينية خالصة. وكان المرق في كثير من الحالات مظهراً فكرياً لثورة محلية تهدف إلى التحرر من سلطان الإمبراطورية. فاليعقوبيون Monophsityes كانوا يريدون أن يحرروا سوريا ومصر من سيطرة القسطنطينية ، وكان الدوناتيون  يرجون أن يحرروا أفريقية من نير روما ، وإذ كانت الكنيسة والدولة قد توحدتا في ذلك الوقت ، فقد كان الخروج على إحداهما خروجاً على الاثنتين معا. وكان أصحاب العقيدة الدينية الرسمية يقاومون القومية ، كما كان المارقون يؤيدونها ويدافعون عنها ؛ وكانت الكنيسة تعمل جاهدة للمركزية وللوحدة ، أما المارقون فكانوا يعملون في سبيل الاستقلال المحلي والحرية. وأحرزت الآريوسية نصراً مؤزراً بين البرابرة بعد أن غلبت على أمرها في داخل الإمبراطورية .
كانت المسيحية قد جاءت إلى القبائل التيوتونية على أيدي الأسرى الرومان الذين قبض عليهم القوط أثناء غزوهم آسية الصغرى في القرن الثالث ، ولم يكن " الرسول " ألفلاس " رسولا بالمعنى الصحيح لهذا اللفظ ، بل كان من أبناء أسير مسيحي من كبدوكية ، ولد بين القوط الذين كانوا يعيشون في شمال نهر الدانوب وتربى بين ظهرانيهم ، وفي عام 431 رسمه " يوسبيوس " مطران نقوميديا الأريوسي أسقفاً عليهم ، ولما اضطهد " أثنريك " Athanaric الزعيم القوطي من كان في أملاكه من المسيحيين أذن قنسطنطيوس الأريوسي " لألفلاس " أن يعبر بالجالية القوطية المسيحية القليلة العدد إلى نهر الدانوب ، وينزلها في تراقية ، وأراد أن يلم معتنقي دينه من القوط أصول هذا الدين ، وأن يكثر عددهم ، فترجم في صبر وأناة جميع أسفار الكتاب المقدس إلى اللغة القوطية ما عدا أسفار الملوك فقد حذفها لأنها في رأيه ذات نزعة عسكرية خطرة ؛ وإذا لم يكن للقوط وقتئذ حروف هجائية يكتبون بها ، فقد وضع لهم هذه الحروف معتمداً في ووضعها على الحروف اليونانية ، وكانت ترجمته هذه أول عمل أدبي في جميع اللغات التيوتونية ، ووثق القوط بحكمة " ألفلاس " واستقامته لشدة إخلاصه وتمسكه بأهداب الفضيلة ، ثقة حملتهم على أن يقبلوا مبادئه المسيحية الأريوسية دون مناقشة ، وإذا كان غير هؤلاء من البرابرة قد تلقوا أصول المسيحية في قرنين الرابع والخامس عن القوط أنفسهم ، فقد كان جميع من غزوا الإمبراطورية ، إلا قليلا منهم ؛ من الأريوسيين ، كما كانت الممالك الجديدة ، التي أقامها في البلقان ، وغالة وأسبانيا ، وإيطاليا ، وأفريقية أريوسية من الناحية الرسمية ، ولم يكن الفرق بين دين الغالبين والمغلوبين إلا فرقاً ضئيلاً : ذلك أن أتباع الدين القويم كانوا يعتقدون أن المسيح مطابق في كينونته ( Homommusios) لله الآب ، أما الأريوسيون فكانوا يعتقدون أنه مشابه لا أكثر، في كينونته ( Homroousios) لله الآب. ولكن هذا الفرق الضئيل أصبح عظيم الأثر في الشئون السياسية في القرنين الخامس والسادس ، وبفضل تتابع الحوادث على هذا النحو ثبتت الأريوسية حتى غلب الفرنجة التباع الدين القويم القوط الغربيين في غالة ، وفتح بلساريوس Belisarius أفريقية الوندالية ، وإيطاليا القوطية ، وغير ريكارد عقيدة القوط الغربيين في أسبانيا.
ويتابع " ديورانت " قائلا : ليس في وسعنا الآن أن نشغل أنفسنا بجميع العقائد الدينية المختلفة التي كانت تضطرب بها الكنيسة في تلك الفترة من تاريخها ، عقائد اليونوميين Eunomians والأنوميين Anomeans ، والأبليناريين Appollinarians ، والمقدونيين ، والسبليين Sabellians ، والمساليين Massalians، ، والنوفاتيين Norvatians والبرسليانيين Priscillianists، وكل ما في وسعنا أن نفعله هو أن نرثى لهذه السخافات التي امتلأت بها حياة الناس ، والتي ستظل تملؤها في المستقبل . ولكن من واجبنا أن نقول كلمة عن " المانية " Manicheism تلك العقيدة التي لم تكن مروقا من المسيحية بقدر ما كانت ثنائية فارسية تجمع بين الله والشيطان ، والخير والشر، والضوء والظلام . وقد حاولت أن توفق بين المسيحية والزرادشتية ، ولكن الدينيين قاوماها مقاومة شديدة. وقد واجهت هذه العقيدة بصراحة منقطعة النظير مشكلة الشر، وما في العالم الذي تسيطر عليه العناية الإلهية من عذاب وآلام كثيرة يبدو أن من ينوءون بها لا يستحقونها ، وشعرت بأن ليس أمامها ألا تفترض وجود روح خبيثة ، أزلية ، كالروح الخيرة ، واعتنق المانية كثيرون من الناس في الشرق الغرب ، ولجأ بعض الأباطرة في مقاومتها إلى وسائل غاية في القسوة ، وعدها " جستنيان " من الجرائم الكبرى التي يعاقب عليها بالإعدام ، ثم ضعف شأنها شيئاً فشيئاً وأخذت في الزوال ، إلا أنها تركت بعض أثارها في بعض الطوائف المارقة المتأخرة ، كالبوليسية Paulicians ، والبجوميلية Bogomiles ، والألبجنسية Albegensians ، وقد أتهم أسقف أسباني يدعى برسليان في عام 385 بأنه يدعو إلى المانية وإلى العزوبة العامة ؛ وأنكر الرجل التهمة ، ولكنه حوكم أمام مكسموس الإمبراطور المغتصب في تريير، وكان اللذان اتهماه اثنين من الأساقفة ، وأدين الرجل وحرق هو وعدد من رفاقه في عام 385 بالرغم من احتجاج القديسين أمبروز ومارتن.
وبينما كانت الكنيسة تواجه كل أولئك المهاجمين ، إذ وجدت نفسها يكاد يغمرها سيل المارقين الدونانيين في أفريقية ، وتفصيل ذلك أن دوناتوس Donatus ، أسقف قرطاجنة ، كان قد أنكر ما العشاء الرباني الذي يقدمه القساوسة من أثر في الخطيئة ، ولم تشأ الكنيسة أن تنتزع من رجالها هذه الميزة الكبيرة فهدتها حكمتها إلى عدم الأخذ بهذه الفكرة. ولكن هذه العقيدة المارقة أخذت تنتشر على الرغم من هذا انتشاراً سريعاً في شمال أفريقية ؛ وتحمس لها الفقراء من الأهليين ، وستحال هذا الانحراف الديني إلى ثورة اجتماعية ، وغضب الأباطرة أشد الغضب من هذه الحركة ، وأصدروا المراسيم المتعاقبة ضد من يستمسكون بها ، وفرضوا عليهم الغرامات الفادحة ، وصادروا أملاكهم ، وحرموا على الدوناتيين حق التصرف فيما يمتلكون بالبيع أو الشراء أو الوصية ، وأخرجهم جنود الأباطرة من كنائسهم بالقوة ، وأعطيت هذه الكنائس للقساوسة أتباع الدين القويم ، وسرعان ما تألفت عصابات مسيحية شيوعية في آن واحد وسميت بأسم الجوابين Circumcelliones؛ وأخذت تندد بالفقر والاسترقاق ، فألغت الديون ، وحررت الرقيق ، وحاولت أن تعيد المساواة المزعومة التي كان يتمتع بها الإنسان البدائي . وكانوا إذا قابلوا عربة يجرها عبيد ، أركبوا العبيد العربة ، وأرغموا سيدهن على أن يجرها خلفه ، وكانوا يقنعون عادة بالسرقة وقطع الطريق على المارة ، ولكنهم كانوا في بعض الأحيان يغضبون من المقاومة ، فيعمون أعين أتباع الدين القويم أو أعين الأغنياء بمسحها بالجير، أو يضربونهم بالعصى الغليظة حتى يموتون وكانوا إذا واجهوا الموت ابتهجوا به لأنه يضمن لهم الجنة. واستبد بهم التعصب الديني آخر الأمر، فكانوا يسلمون أنفسهم إلى ولاة الأمور معترفين بأنهم مارقون من الدين ، ويطالبون بالاستشهاد . وكانوا يعترضون السابلة ، ويطلبون إليهم أن يقتلوهم ، ولما أن تعب أعداؤهم أنفسهم من إجابتهم إلى ما يريدون أخذوا يطلبون الموت بالقفز في النيران المتقدة أو بإلقاء أنفسهم من فوق الأجراف العالية ، أو بالمشي فوق ماء البحر. وحارب أوغسطين الدوناتيين بكل ما كان لديه من الوسائل ، وبدا في وقت من الأوقات أنه قد تغلب عليهم ، ولكن الدوناتيين عادوا إلى الظهور أكثر مما كانوا عدداً حين جاء الوندال إلى أفريقية ، وسروا أعظم السرور لطرد قساوسة الدين القويم ، وبقى الحقد الطافي يأكل الصدور، وينتقل من الأبناء إلى الأباء ، وهو أشد ما يكون قوة ، حتى جاء العرب إلى أفريقية في عام670 فلم يجدوا في البلاد قوة متحدة تقف في وجههم .
وكان " بلاجيوس " Pelagius في هذه الأثناء يثير قارات ثلاثاً بهجومه على عقيدة الخطيئة الأولى ، كما كان " نسطوريوس " يطلب الاستشهاد بما يجهر به من شكوك في أم المسيح ، وكان نسطوريوس في بدء حياته من تلاميذ " ثيودور المبسوستيائي" الذي كاد أن يبتدع النقد الأعلى للكتاب المقدس . وكان من أقوال ثيودور هذا أن سفر أيوب إن هو إلا قصيدة مأخوذة من مصادر وثنية ، وأن نشيد الأناشيد إن هو إلا إحدى أغاني الفرس ذات معنى شهواني صريح ، وأن الكثير من نبوءات العهد القديم التي يزعم الزاعمون أنها تشير إلى يسوع ، لا تشير إلا إلى حوادث وقعت قبل المسيحية ؛ وأن مريم ليست أم الله ، بل هي أم الطبيعة البشرية في يسوع . ورفع نسطوريوس نفسه إلى كرسي الأساقفة في القسطنطينية ، والتفت حوله الجموع لفصاحته وذلاقة لسانه ، ولكنه خلق له أعداء بتعسفه في عقائده ، وأتاح الفرصة لهؤلاء الأعداء بقبوله فكرة ثيودور غير الكريمة في مريم . وكانت كثرة المسيحيين تقول : إذا كان المسيح إلهاً ، كانت مريم قد حملت في الله أي أنها أم الله ؛ ولكن نسطوريوس يقول إن هذا أكثر مما قد يطيق ويرد عليهم بقوله إن مريم لم تكن أم الطبيعة الإلهية في المسيح بل أم الطبيعة البشرية ، وإن خيراً من تسميتها بأم الله أن تسمى أم المسيح .
وألقى " سيريل " Cyril ، كبير أساقفة الإسكندرية ، موعظة في يوم عيد القيامة من عام 429 أعلن فيها العقيدة التي تدين فيها كثرة من المسيحيين وهي أن مريم ليست أم الله الحق بل هي أم كلمة الله ، المشتملة على طبيعتي المسيح الإلهية والبشرية معاً ، واستشاط البابا " سلستين " Celestine الأول غضباً على أثر رسالة تلقاها من سيريل فعقد مجلساً في روما ، طالب بأن يرجع نسطوريوس عن آرائه أو يعزل من منصبه ، فلما رفض نسطوريوس ، كلا المطلبين اجتمع في إفسس مجلس عام ، لم يعزل نسطوريوس فحسب بل حرمه أيضاً من الكنيسة المسيحية ، واحتج على ذلك كثيرون من الأساقفة ، ولكن أهل إفسوس قاموا بمظاهرات يعلنون فيها ابتهاجهم بقرار الحرمان ، وكانت مظاهرات أحيت بلا ريب ذكريات ديانة أرتميس ، وسمح لنسطوريوس أن يرتحل إلى إنطاكيا ، ولكنه وهو فيها ظل يدافع عن أراءه ، ويطالب بالعودة إلى منصبه ، فنفاه الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني إلى واحة في صحراء ليبيا ، بقى فيها سنين كثيرة ، حتى أشفقت عليه حاشية الإمبراطور في الدولة الشرقية فبعثت إليه بعفو إمبراطوري ، فلما جاءه الرسول وجده يحتضر  وانتقل أتباعه من بعده إلى شرقي سوريا ، وشادوا لهم كنائس وأنشأوا مدرسة لتعليم مذهبهم في الرها وترجموا التوراة وكتب أرسطو وجالينوس إلى اللغة السريانية ، وكان لهم شأن أيما شأن في تعريف المسلمين بعلوم اليونان وطبهم وفلسفتهم . ولما أضطهدهم الإمبراطور زينون انتقلوا إلى فارس وأنشئوا مدرسة عظيمة الأثر في نصيبين . وعلا شأنهم بسبب اضطهاد الفرس لهم ، وتكونت منهم جماعات في بلخ وسمرقند وفي الهند والصين ؛ ولا يزالون حتى الآن يعيشون جماعات متفرقة في آسيا ، ولا يزالون ينكرون عبادة مريم .
وكانت آخر الشيع المارقة الكبرى في ذلك العصر المضطرب وأعظمها أثراً في تاريخ المسيحية هي التي أنشأها " أوتيكيس " Eutyches رئيس دير قريب من القسطنطينية وكان أوتيكيس هذا يقول إن المسيح ليست له طبيعتان بشرية وإلهية ، بل إن له طبيعة واحدة هي الطبيعة الإلهية . ودعى " فلافيان " Flavian بطريق القسطنطينية مجمعاً محلاً مقدساً أنكر هذه البدعة القائلة بالطبيعة الواحدة ، وحرم أوتيكس من الكنيسة المسيحية. ولجأ الراهب إلى أسقفي الإسكندرية وروما ؛ وأقنع ديوسكوراس ، الذي خلف سيريل ، الإمبراطور ثيودوسيوس بأن يدعوا مجلساً آخر في إفسس . وكان للدين وقت إذ خاضعاً للسياسة فبّرئ أوتيكس وهوجم فلاَفيان هجوماً خطابياً عنيفاً قضى على حياته . وأصدر المجلس قراراً بلعنة كل من يقول بوجود طبيعتين للمسيح . ولم يحضر البابا " ليو " الأول المجلس ، ولكنه بعث إليه بعد رسائل يؤيد فيها فلافيان . وأرتاع ليو من التقرير الذي أرسله إليه مندوبوه ، فأطلق على هذا المجلس "مجمع اللصوص" وأبى أن يوافق على قراراته ، ثم عقد مجلس آخر في خلقيدون Chalcedon عام451 أبدى استحسانه لرسائل ليو على أوتيكيس، وأيد من جديد ازدواج طبيعة المسيح . ولكن القاعدة الثامنة والعشرين من القواعد التي أقرها المجلس أكدت مساواة سلطة أسقف القسطنطينية لسلطة أسقف روما. وكان ليو قبل ذلك تدافع عن حقه في أن تكون لكرسيه السلطة العليا لأنه يرى ذلك ضرورياً لوحدة الكنيسة وسلطانها. لذلك رفض هذه القاعدة وبدأ بذلك نزاع طويل الأمد بين الكرسيين.
وزاد الاضطراب حتى أوفى على غايته حين رفضت كثرة المسيحيين في سوريا ومصر عقيدة الطبيعتين في شخص المسيح المفرد ، وظل رهبان سوريا يعلمون الناس عقائد اليعقوبيين ، ولما أن عين أسقف لكرسي الإسكندرية من أتباع الدين القويم قتل ومزق جسمه أرباً في كنيسته في يوم الجمعة الحزينة . وأصبحت اليعقوبية من ذلك الحين الدين القومي لمصر وأثيوبيا المسيحيتين ، ولم يحل القرن السادس حتى كانت لها الغلبة في غربي سوريا ، وأرمينيا ، بينما انتشرت النسطورية فيما بين النهرين وشرقي سوريا . وكان نجاح الثورة الدينية من أكبر العوامل في نجاح الثورة السياسية ؛ ولما تدفق سيل العرب الجارف على مصر والشرق الأدنى في القرن السابع رحب بهم نصف سكانها ورأوا فيهم محررين لهم من استبداد العاصمة البيزنطية الديني والسياسي والمالي .
ونقول : رغم كل هذه الخلافات حول لب العقيدة المسيحية وجوهرها استطاع رجال أمثال قسطنطين وثيودوسيوس أن يتغلبوا عليها ، وأن يحصلوا علي ما يشبه الإجماع أو الأغلبية علي هذا الرأي أو ذاك في هذه المسألة أو تلك ، فضيقوا الشرخ ، وقربوا الفوارق ، واستمرت جهود أمثالهم حتي توصلوا إلي أن الخلاف في أصول العقيدة لا يفسد للود قضية ، فماذا عن المسلمين الذين رزقهم الله عز وجل دينا واضحا جليا لا لبس فيه ولا تناقض ولا غموض .
لقد صدق من قال أن قسطنطين استطاع أن يغير تاريخ العالم بما فعله ، ويصدق ذات القول علي ثيودوسيوس ، فهل يمكن أن يفعل أهل السنة والشيعة مثلما فعل قسطنطين وثيودوسيوس وأن يتخلصلوا من النظريات الفقهية الهدامة التي أصابت بسهامها مواضع قاتلة من جسد خير أمة أخرجت للناس ، هل يمكن أن يقدموا مصلحة أمتهم علي مصالح الملوك والرؤساء والسلاطين وغيرهم من المستفيدين وجميعهم يحرصون علي بقاء كل ما هو فاسد حتي يظلوا جاثمين علي صدور شعوبهم .
هل نستطيع أن نفعلها نحن الشيعة والسنة معا ؟
هذا السؤال لا أتوجه به لأي من أصحاب السلطة في العالم الإسلامي ولا أنصارهم ولا أئمتهم ، إنني أتوجه بالسؤال للشعوب الإسلامية لاسيما شبابها الذي بلغ حدا من الوعي والثقافة والحرص علي الأمة ما يجعله الأكثر استعدادا للقيام بهذه المهمة ، هل نستطيع أن نهدم هذه النظريات والأفكار التي ألفها أصحاب المصالح ووهبوها من القداسة ما لم يعطوه للكتب السماوية ذاتها ، هل نستطيع أن نفعلها لنوحد أمتنا ونصبح جميعا مسلمين دون تقسيمات ولا تصنيفات ولا اختلافات إلا في أضيق نطاق ودون أن يفسد الخلاف للود القضية .
وللحديث بقية في سلسلة المقالات القادمة .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة . 
  

الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

السيسي يُملك وزارة الدفاع الثروة المعدنية المصرية .

 
غرق صندل الفوسفات التابع للقوات المسلحة في مياه النيل
ذكرنا من قبل أن السيسي أصدر ما يزيد عن مائتي وستين قانونا خلال سنة حكمه يندرج فيها القوانين التي أصدرها من خلال عدلي منصور ، وأن الهدف من جملة هذه القوانين هو إرساء حكم العسكر لعشرات أو مئات من السنوات القادمة .
كان من بين القوانين التي أصدرها السيسي قانون الثروة المعدنية الجديد ، والذي سنكتشف بالاطلاع عليه أنه جعل وزارة الدفاع هي المالك الأصلي للثروة المعدنية المصرية ، وفيما يلي الأدلة علي ذلك :
 أولا : نصت المادة (6) علي أنه :
" يجوز طرح مناطق للبحث والاستغلال التعديني بقرار يصدر من مجلس إدارة الهيئة وبعد موافقة الوزير المختص أو المحافظ المختص بحسب الأحوال . ويكون طرح هذه المناطق للبحث أو للاستغلال وفقا للائحة خاصة تتضمن تنظيم طرق وإجراءات التعاقد والطرح والترسية في الحالات المختلفة فيما يتعلق بخامات المناجم والمحاجر ، وضوابط المفاضلة بين مقدمي الطلبات وذلك كله دون التقيد بأحكام التشريعات المنظمة للمناقصات والمزايدات .
علي أن تراعي الهيئة أو المحافظة بحسب الأحوال أخذ رأي وزارة الدفاع وما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة .
وتتولي الجهات المختصة بوزارة الدفاع القيام بأعمال البحث والاستغلال للخامات الخاضعة لهذا القانون في الأراضي التي تقع في ولايتها ".
وعلي ضوء ذلك فإن المادة السادسة تقرر أمرين :
1- اختصاص وزارة الدفاع بالبحث والاستغلال التعديني في الأراضي التي تدخل في ولايتها ، مع ملاحظة أن القانون لم يحدد تلك الأراضي التي تدخل في ولاية وزارة الدفاع ، ومن ثم فإن وزارة الدفاع هي التي ستحدد المناطق التي تدخل في ولايتها سواء من حيث المساحة أو من حيث نوعية المعادن التي تحرص وزارة الدفاع علي الاستئثار بها .
2- أن وزارة الدفاع هي التي ستحدد شروط البحث والاستغلال التعديني في جميع الأحوال بذريعة متطلبات الدفاع عن الدولة .
إذن وزارة الدفاع هي صاحبة اليد الطولي فيما سيتم توقيعه من عقود للبحث والاستغلال التعديني ، فضلا عن اختصاصها بالبحث والاستغلال في المناطق التي تقع في ولايتها وحتي لا يصبح في وجه وزارة الدفاع أي قيود أو عقبات ، نصت المادة السادسة علي عدم التزام الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية أوالوزير المختص أو المحافظ المختص أو وزارة الدفاع بقانون المناقصات والمزايدات .
ثانيا : نصت المادة (7) علي أنه :
" يجوز أن يرخص بقانون للوزير المختص في أن يعهد بالبحث عن المواد المعدنية واستغلال المناجم إلي شركة أو جمعية أو مؤسسة بشروط خاصة دون التقيد بأحكام هذا القانون ، ويحدد القانون الصادر بالترخيص هذه الشروط .
ويكون للمحافظ المختص ذات الصلاحيات بالنسبة لخامات المحاجر والملاحات .
ويسري حكم هذه المادة علي خامات الوقود المصوص عليها بالقانون رقم 66 لسنة 1953 المنظم خامات الوقود ".
نص فاسد يكرس للفساد كمعظم القوانين المصرية الفاسدة التي يصدرها العسكر علي مر تاريخهم الطويل ، يجيز إصدار قانون يفتح المجال للوزير المختص ليفعل ما يشاء دون أدني مراعاة لقانون الثروة المعدنية ليعهد بالبحث والاستغلال لأي شركة أو جمعية أو مؤسسة بشروط خاصة دون التقيد بأحكام القانون ، ولاشك أن الهدف هو استئثار القوات المسلحة أيضا وهيمنتها علي استغلال الثروة المعدنية لحسابها دون قيد أوشرط.
ثالثا : نصت المادة (11) علي أنه :
" للمحافظة القيام بأعمال الاستغلال لخامات المحاجر والملاحات في دائرة اختصاصها سواء بنفسها أو بالإشتراك مع الغير بعد موافقة مجلس الوزراء .... الخ " .
للأسف الشديد الهدف من تخصيص هيئة للثروة المعدنية هو حماية الثروة المعدنية من الاستيلاء عليها بمعرفة هذه الجهة أو تلك ، بحيث تقوم الهيئة بتحقيق الحد الأقصي من المنفعة لصالح الشعب وفقا لقواعد عامة مجردة تكفل الحفاظ علي هذه الثروة ، ولذا حرص السيسي في القانون علي سحب هذه الوظيفة من الهيئة المصرية للثروة المعدنية وإحالتها للوزير المختص ثم المحافظ المختص ، والنتيجة سيطرة السلطة التنفيذية علي هذه الثروة خاصة وزارة الدفاع علي نحو ما رأينا واستفحال الفساد وضياع هذه الثروة علي الشعب لصالح السلطة التنفيذية وكبار رجال الدولة . فجميعنا يعلم سيطرة القوات المسلحة علي باقي الوزارات والمحافظات ، فلا يخفي علي أحد مثلا أن الغالبية العظمي من المحافظين طوال عهد حكم العسكر هي من اللواءات المحالين إلي التقاعد .
وهكذا يتضح لنا أن السيسي جعل الثروة المعدنية ملكا لوزارة الدفاع وتحت سيطرتها وهيمنتها تتحكم وتتصرف فيها كيفما شاءت من خلال عدة أمور ، الأول اختصاصها بأراضي تقوم بتحديدها بنفسها تدخل في ولايتها وتقوم بالبحث فيها واستغلالها بنفسها ، والثاني هو تحكمها علي وجه العموم في شروط وقواعد البحث والاستغلال ، والثالث هو  توسيع اختصاصات الوزير المختص والمحافظات علي حساب الهيئة حتي تتحكم السلطة التنفيذية في الثروة المعدنية بالكامل ومن ثم يصبح الأمر بيد وزارة الدفاع  ، وبكرة تشوفوا مسر .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

الاثنين، 24 أغسطس 2015

السيسي استحدث وظيفة "معاون شرطة "من حملة الإعدادية .

 
نشرت صحيفة المصري اليوم الانقلابية بتاريخ 2014/12/15 تحت عنوان " قرار بتعديل بعض أحكام « قانون الشرطة » : استحداث فئة «معاون أمن» بضبطية قضائية " خبرا جاء فيه :
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قراراً بقانون بتعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971.
وصرح السفير علاء يوسف ، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ، بأن القرار بقانون يستهدف استحداث فئة جديدة ضمن أعضاء هيئة الشرطة بمسمى «معاون أمن»، يتم تعيينهم وتأهيلهم وفقاً لأسس ومعايير خاصة للاستفادة من حملة الشهادة الإعدادية ذوي القدرات الصحية والنفسية والرياضية المؤهِلة لعمل رجل الشرطة.
وبتاريخ 2014/11/19 نشرت صحيفة اليوم السابع الانقلابية تحت عنوان " الوزراء يوافق على قرار الرئيس بتعديل أحكام قانون هيئة الشرطة " خبرا جاء فيه :
وينص التعديل على إضافة فئة " معاونو الأمن "، ليكون ضمن أعضاء هيئة الشرطة. كما ينص التعديل على إضافة فصل إلى الباب الثالث من قانون الشرطة بعنوان " معاونو الأمن "، يتضمن كل ما يخص الفئة الجديدة من شروط واجبة فيمن يتقدم لشغلها ، بالإضافة إلى كل ما يخص الحقوق والالتزامات والترقيات والجزاءات والإجازات والقواعد والأحكام المطبقة على شاغلها.
فيلم " البرئ " بطولة الفنان أحمد زكي كشف لنا عن أحد استراتيجيات حكم العسكر في السيطرة علي أي حراك شعبي سلمي ، حيث درج العسكر من بداية حكمهم عام 1952 علي استخدام الجنود غير المؤهلين في الجيش محدودي العلم والثقافة وتوزيعهم علي الجيش والشرطة واستخدامهم لقمع أي حراك شعبي سلمي يهدف للتعبير عن الرأي ، وذلك بعد شحن هؤلاء الجنود بأن الفئة التي سيتصدون لها من المواطنين هم من أعداء الوطن ويحصلون علي تمويل من اليهود والأمريكان لاسقاط الدولة ، فيخرج هؤلاء البسطاء ليفتكوا بالشعب وكأنهم يحاربون إسرائيل ، ولا يدرون أن من يحركونهم هم عبيد أمريكا وإسرائيل الذين يحصلون منهم علي رواتب بالملايين والمليارات تحت مسمي المساعدات والتدريبات والمناورات.
كما كشفت لنا أحداث ثورة يناير كيف أن العسكر يستخدمون البلطجية أيضا لوأد أي حراك شعبي ، من خلال الاستعانة بتجار المخدرات والممنوعات لحشد عناصرها ومواجهة أي حراك شعبي ، ولم تكن واقعة الجمل فقط هي الدليل ، بل إن البلطجية كانوا يحاصرون ميدان التحرير طوال الثمانية عشر يوما التي أعقبت 28 يناير ليبدأوا في الاعتداء الدموي علي من يأتون إلي الميدان أو يخرجون منه لاسيما بعد صلاة المغرب وحتي شروق الشمس ، كما استمر البلطجية في القيام بذات الدور ضد أي مظاهرات تخرج معارضة للانقلاب ، بينما لم يحدث أي اعتداء علي مظاهرات 6/30 الممهدة للانقلاب .
لقد فعلها السيسي واستحدث وظيفة " معاون أمن " ليتمكن من استخدام الاستراتيجيتين معا ، الأولي الاستعانة بأفراد من محدودي العلم والثقافة في جهاز الشرطة ، والثانية الاستعانة بالبلطجية للفتك بالشعب ومحاولة تثبيت أعمدة الانقلاب بهذه العناصر من خلال تقنين وظيفة تجمعهم ، وبكرة تشوفوا مسر .

أكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن "استحداث معاون شرطة من حملة الشهادة الإعدادية سيكون له تأثير سلبي على الداخلية أولاً، لاسيما أنه يخلق شخصية "حاتم" بطل "هى فوضى" في كل قسم شرطة.
 
وأضافت في تصريحات صحفية أنه سيخلق حالة من الاحتقان بين الجمهور والشرطة، لعدم تلقي الفئة الجديدة التعليم الكافي، واختلاف المعايير بالنسبة للملتحقين بالجهاز من خلال الكشف العائلي والهيئة.
- See more at: http://rassd.com/7-125260.htm#sthash.7H9Bpsa5.dpuf
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

السبت، 22 أغسطس 2015

موسوعة قوانين السيسي الفرعونية .(8)


(27) قانون الغاء انتخاب رؤساء وعمداء الجامعات وتعيينهم بقرارات جمهورية.
بعد أن كان تعيين رؤساء وعمداء الجامعات بالانتخاب ، قام السيسي بتعديل قانون تنظيم الجامعات ليجعل تعيينهما بقرار من رئيس الجمهورية ، حيث أصدر قرارا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، نص في مادته الأولى على ما يلي : " يستبدل بنصي المادتين (25) و (43) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، النصان الآتيان:
مادة 25:
يعين رئيس الجامعة بقرار من رئيس الجمهورية ، بناء على عرض وزير التعليم العالي ، وذلك من بين ثلاثة أساتذة ترشحهم لجنة متخصصة ، في ضوء مشروع لتطوير الجامعة في كافة المجالات يتقدم به طالب الترشح.
ويصدر بتشكيل اللجنة المشار إليها وبتنظيم عملها وضوابط وإجراءات وشروط الترشح ومعايير المفاضلة قرار من وزير التعليم العالي بعد موافقة المجلس الأعلى للجامعات، ويكون تعيين رئيس الجامعة لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد ، ويعتبر خلال مدة تعيينه شاغلا وظيفة أستاذ على سبيل التذكار، فإذا لم تجدد مدته أو ترك رئاسة الجامعة قبل نهاية المدة ، عاد إلى شغل وظيفة أستاذ التي كان يشغلها من قبل إذا كانت شاغرة فإذا لم تكن شاغرة شغلها بصفة شخصية إلى أن تخلو.
ويجوز إقالة رئيس الجامعة من منصبه قبل نهاية مدة تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية بناء على طلب المجلس الأعلى للجامعات ، وذلك إذا أخل بواجباته الجامعية أو بمقتضيات مسئولياته الرئاسية.
مادة 43:
يعين عميد الكلية أو المعهد بقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم العالي ، وذلك من بين ثلاثة أساتذة ترشحهم لجنة متخصصة ، في ضوء مشروع لتطوير الكلية أو المعهد في كافة المجالات التي يتقدم به طالب الترشح. ويصدر بتشكيل اللجنة المشار إليها وبتنظيم عملها وضوابط وإجراءات وشروط الترشح ومعايير المفاضلة ، قرار من وزير التعليم العالي بعد موافقة المجلس الأعلى للجامعات.
وفي حالة عدم وجود أساتذة في الكلية أو المعهد ، لرئيس الجامعة أن يندب أحد الأساتذة من الكليات أو المعاهد التابعة للجامعة أو أحد الأساتذة المساعدين من ذات الكلية أو المعهد للقيام بعمل العميد ، ويجوز إقالة العميد من العمادة قبل نهاية مدتها بقرار من رئيس الجامعة ، بناء على طلب مجلس الجامعة المختص وذلك إذا أخل بواجباته الجامعية أو بمقتضيات مسئولياته."
قوانين تمثل انتكاسة وردة وهدم لكل انجازات ثورة يناير ، كما كنا أيام مبارك بل وأكثر سوءا ، تعيين رؤساء الجامعات وعمدائها بقرارات من رئيس الجمهورية ، ليس ذلك فحسب ، بل أعطي الحق لرئيس الجمهورية أن يعزل رئيس الجامعة قبل نهاية مدته ، ولرئيس الجامعة أن يعزل العمداء قبل نهاية مدتهم ، الكل لابد أن يكون عبدا لحكم العسكر ، لابد أن يفعلوا ما يؤمرون أو يعزلون .
(28) تعديل قانون إعادة تنظيم الأزهر لتقرير عقوبة العزل للأساتذة والفصل للطلاب عن التظاهر .
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي ، الخميس، قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، وفيما يلي نص القرار بقانون :
المادة الأولى :
يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة (72) من القانون رقم 103 لسنة 1961 المشار إليه النص الآتي :
« ويعاقب بالعزل المنصوص عليه في البندين ( 4 أو 5) من هذه المادة عضو هيئة التدريس الذي يرتكب أيا من المخالفات الآتية :
1- الاشتراك في مظاهرات تعرقل العملية التعليمية أو تعطل الدراسة أو تمنع أداء الامتحانات أو تؤثر عليها ، أو التحريض أو المساعدة على ذلك .
2- إدخال أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو أي أدوات من شأنها أن تستعمل في إثارة الشغب والتخريب.
3- الإضرار العمدي بالمنشآت الجامعية أو المباني التابعة لها أو ممتلكات الجامعة.
4- التعامل في الدروس الخصوصية بمقابل أو بغير مقابل .
5- كل فعل يخل بشرف عضو هيئة التدريس ، أو لا يتلاءم مع صفته كعالم مسلم ، أو يتعارض مع حقائق الإسلام الثابتة أو ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، أو ما يمس نزاهته.
وتسري أحكام هذه المادة على العاملين بالجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس بالجامعة عند ارتكابهم المخالفات الواردة بالبنود «1، 2، 3» من هذه المادة.
المادة الثانية :
تضاف إلى القانون رقم 103 لسنة 1961 المشار إليه مادة جديدة برقم «74» مكرر، نصها الآتي : لرئيس الجامعة أن يوقع عقوبة الفصل من الجامعة على كل طالب يرتكب أو يسهم في ارتكاب أيا من المخالفات التالية :
1- ممارسة أعمال تخريبية تضر بالعملية التعليمية أو بالمنشآت الجامعية أو تعرض أيا منهما للخطر.
2- إدخال أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو أي أدوات من شأنها أن تستعمل في إثارة الشغب أو التخريب.
3- إتيان ما يؤدي إلى تعطيل الدراسة أو منع أداء الامتحانات أو التأثير إلى أي منهما.
4- تحريض الطلاب على العنف أو استخدام القوة.
ولا يصدر قرار الفصل إلا بعد تحقيق تجريه الجامعة خلال 7 أيام من تاريخ الواقعة، ويخطر الطالب بقرار رئيس الجامعة بكتاب موصى عليه مصحوبا بعلم الوصول، ويكون التظلم من هذا القرار أمام مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة «71» من هذا القانون. ويجوز الطعن على قرار مجلس التأديب أمام دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا.
قوانين لفرض الحصار علي الجامعات بأساتذتها وطلابها لمنعهم عن المشاركة السياسية ، ومنعهم من حقوقهم في التعبير عن آرائهم  بأي شكل من الأشكال .
إنها قوانين تؤسس لحكم عسكري أبدي ، وليس أدل علي ذلك من أن يصدر السيس أكثر من مائتي وخمسين قانونا في عام .

الخميس، 20 أغسطس 2015

موسوعة قوانين السيسي الفرعونية .(7)

 
فندق القوات المسلحة بأسوان التي تعاني من أكبر نسبة بطالة بين الشباب
(24) قانون إعفاء مشروعات القوات المسلحة من الضريبة العقارية .
نشرت صحيفة اليوم السابع الانقلابية خبرا بتاريخ 2014/8/19 بعنوان " ننشر نص تعديلات قانون الضريبة على العقارات بعد إصداره من الرئيس " جاء فيه :
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى ، قرارا بالقانون رقم 117 لسنة 2014، بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء ، وينشر " اليوم السابع " النص الكامل لتعديلات القانون ، كما ورد بالجريدة الرسمية فى عددها اليوم " الثلاثاء".
وكان من بين المواد المعدلة المادة (18/الفقرة الأولى) والتي نصت بعد استبدالها علي أنه :
مع عدم الإخلال بالإعفاءات المنصوص عليها فى المادة (4) من هذا القانون، تعفى من الضريبة :
( أ ) ................
(ى) أندية وفنادق القوات المسلحة ودور الأسلحة والمجمعات والمراكز الطبية والمستشفيات والعيادات العسكرية والعقارات المبنية فى نطاقها وغيرها من الوحدات التى تقترحها هيئة عمليات القوات المسلحة، على أن يصدر بتحديدها قرار من وزير الدفاع بالاتفاق مع الوزير المختص وفى جميع الأحوال لا تخضع أى من هذه الجهات لأعمال لجان الحصر والتقدير وفقا لما تقتضيه اعتبارات شئون الدفاع ومتطلبات الأمن القومى .
وقد سبق أن تناولنا في سلسلة مقالات سابقة بعنوان " السيسي والعسكر ونهب مصر " ذكر بعض المشروعات السياحية للقوات المسلحة والمشروعات الاستثمارية في مجال بناء الوحدات السكنية بمواصفات مختلفة وبيعها وكذلك شركات ومصانع القوات المسلحة ، وحتي تحقق هذه المشروعات أصدر السيسي التعديل السابق علي قانون الضريبة علي العقارات لينص علي إعفاء مؤسسات معينة مع فتح المجال لهيئة عمليات القوات المسلحة لإدراج باقي مشروعات القوات المسلحة من الضريبة العقارية .
وعلي ضوء ذلك أصدر الفريق صدقي صبحي وزير الدفاع قرارا بإعفاء 574 منشأة مملوكة للجيش من الضريبة العقارية ، حيث نشرت صحيفة المصري اليوم الانقلابية بتاريخ 2015/6/3 خبرا تحت عنوان " وزير الدفاع يعفي 574 منشأة للجيش من الضريبة العقارية " جاء فيه :
أصدر الفريق أول صدقي صبحي ، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي ، قرارا بإعفاء عدد من الدور والفنادق والنوادى والشقق والفيللات والساحات التابعة للقوات المسلحة ، من الضريبة العقارية المقررة في القانون رقم 196 لسنة 2008، والذي تأجل تطبيقه أكثر من مرة طوال السنوات الماضية ، إلى أن صدر قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى في 19 أغسطس الماضى ببدء تطبيقه بأثر رجعي من أول يوليو 2013، على أن يطبق بعد ذلك من أول يناير سنويا.
ويقضي القرار، الذي يحمل رقم 68 لسنة 2015، ونشر بجريدة الوقائع المصرية ، الأربعاء ، بألا تخضع أي من الوحدات الواردة في الكشف المرفق بالقرار، إلى لجان الحصر والتقدير ( المشكلة من وزارة المالية لتحديد قيمة الضريبة )، وفقا لما تقتضيه اعتبارات شؤون الدفاع والأمن القومي .
ونص القرار على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه، على أن يتم إيداع كشوف الحصر بمأمورية الضرائب العقارية بالقوات المسلحة ، ويعمل به اعتبارا من تاريخ نشره.
وتشمل قائمة العقارات المعفاة 52 ناديا ، و29 فندقا ، و18 مصيفا ، و8 دور سينما ومسارح ، إلى جانب عدد من دور القوات المسلحة ، والساحات وفروع السوبر ماركت والمجازر الآلية ، إلى جانب العمارات والشقق والفيللات.
وتتبع العقارات المعافة من الضريبة 38 إدارة أو فرعا من فروع القوات المسلحة ، منها قيادة القوات البحرية ، التي أعفى مبنى قيادتها المعروف بـ« المحروسة » ، إلى جانب قرية فخر البحار، والدار التابعة لها والمعروفة بـ« قاصد خير » ، فيما أعفي لقيادة القوات الجوية مبنى دارها ، ومجمع النسور للأنشطة ، ومعسكر القوات للراحة والترفيه ، وبالنسبة لقيادة قوات الدفاع الجوي ، أعفي دار العجمي ، ودار سموحة ، وقرية « تيبا روز » ، وكافتيريا سيدي كرير، وأعفي للهيئة الهندسية مصايف الفنارة ، ومطروح ، والعين السخنة ، وفايد ، ولقيادة الجيش الثاني الميداني ، تم إعفاء نادي الجلاء للتجديف والرياضات المائية ، وصالة البولينج ، وحديقة النصر ، وقرية الجوهرة بفايد ، ومعهدي لغات الإسماعيلية وعرابي ، والمجزر الآلي واستراحة الضباط ، ولقيادة المنطقة المركزية ، تم إعفاء حديقة بدر، وسينما ألماظة ، وساحات الفيوم وعزبة الوالدة والخانكة وحلوان وسمالوط، فيما تم إعفاء فروع مجمعات جهاز الخدمة الوطنية البالغ عددها 58 فرعا ، إلى جانب عدد من المبانى الإدارية والاستراحات .
(25) السيسي وزيادات مالية لا تتوقف للقوات المسلحة.
بالنسبة للشعب يكرر السيسي دائما عبارته الشهيرة " مفيش معنديش حجيب لك منين يعني حتاكلوا مصر يعني " ، بينما يختلف الأمر حين يكون الحديث عن زيادة رواتب ومعاشات جهات أخري تعد صاحبة دور أساسي في دعم الانقلاب ، حيث تظهر ساعتها الأموال وتختفي مفيش .
أولا : زيادة رواتب جنود القوات المسلحة بعد مذبحة رابعة .
نشرت صحيفة الأهرام الانقلابية بتاريخ 2013/8/21 أي بعض مذبحة رابعة بأسبوع خبرا تحت عنوان " قرار جمهوري بزيادة رواتب المجندين في القوات المسلحة " ، جاء فيه  :
أصدر الرئيس المؤقت للبلاد المستشار عدلي منصور قرارا جمهوريا بتعديل رواتب المجندين في القوات المسلحة ، ونص التعديل علي حصول الجندي المجند علي‏246‏ جنيها شهريا‏ ,‏ والعريف المجند علي‏248‏ جنيها ‏,‏ والرقيب علي‏250‏ جنيها والرقيب أول المجند علي‏252‏ جنيها ‏,‏ وذلك اعتبارا من أول أغسطس الجاري ‏.‏
بعد حكم القوات المسلحة الذي دام ستين عاما انتشر فيها الفقر علي طول البلاد وعرضها أصبح في إمكانهم أن يسخروا مصريين لقتل المصريين مقابل زيادة الراتب بواقع  مائة جنيه أو أكثر قليلا .
ثانيا : زيادة معاشات القوات المسلحة 10% عام 2014 .
نشرت صحيفة الشروق الانقلابية بتاريخ 2014/7/10 خبرا تحت عنوان " السيسي يقرر زيادة المعاشات العسكرية 10% من أول يوليو " جاء فيه :
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قانونا جديدا بزيادة المعاشات العسكرية المستحقة لرجال القوات المسلحة ، المقررة بقانون التقاعد والتأمين والمعاشات الخاص بهم ، بنسبة 10% اعتبارا من أول يوليو 2014، وبدون حد أقصى .
ونص القانون الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء وروجع في مجلس الدولة على " أن هذه الزيادة ستكون جزءاً من المعاش وتسري عليها جميع أحكامه ، على أن يحتسب بالمعاش الذي تحسب على أساسه الزيادة بمجموع المعاشين الأصلي والإضافي المستحقين لصاحب المعاش أو للمستحقين عنه وما أضيف إليهما من زيادات حتى 30 يونيو 2014 .
ونظم القانون أنه في حالة وفاة صاحب المعاش ، يتم صرف منحة بواقع 3 أمثال المعاش المستحق في تاريخ الوفاة ، وأن تصرف المنحة بالكامل دفعة واحدة وتوزع على المستحقين وفقاً لأنصبتهم المقررة .
ثالثا : زيادة معاشات القوات المسلحة 10% عام 2015 . 
 عرضت في سلسلة مقالاتي بعنوان " موسوعة قوانين السيسي الفرعونية 6 "  ما نشرته صحيفة اليوم السابع الانقلابية بتاريخ 2015/6/28 خبرا تحت عنوان " قرار جمهورى بقانون بزيادة المعاشات العسكرية بنسبة 10% " جاء فيه :
" أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا جمهوريا بقانون يحمل رقم ٣٠ لسنة ٢٠١٥ بزيادة المعاشات العسكرية وتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٧٥. ويقضى القرار الجمهورى بقانون الذى نشرته الجريدة الرسمية اليوم بزيادة المعاشات العسكرية بنسبة عشرة فى المائة اعتبارا من أول يوليو المقبل والمستحقة قبل هذا التاريخ، والمقررة بقانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٧٥. كما نص القرار على أن تعد هذه الزيادة جزءا من المعاش وتسرى فى شأنها جميع أحكامه، على أن تكون الزيادة بدون حد أدنى أو أقصى ".
وفي الوقت الذي ستبدأ فيه زيادة معاشات القوات المسلحة وهو شهر 2015/7 سيبدأ أيضا انخفاض رواتب الموظفين العموميين بالدولة بموجب قانون الخدمة المدنية ، وكأن الهدف من الثانية هو توفير موازنة للأولي .
رابعا : معاشات استثنائية لبعض ضباط صف وجنود القوات المسلحة .
لم يتوقف الأمر عند زيادة معاشات جميع أفراد القوات المسلحة المحالين للتقاعد ، فقد سبق أن نشرت اليوم السابع أيضا بتاريخ 2014/10/16 تحت عنوان " بالأسماء.. قرار جمهورى بمنح معاشات استثنائية لضباط صف ومجندين " ، جاء فيه :
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى ، قرارًا جمهوريًا رقم ٣٤٤ لسنة ٢٠١٤، يقضى بمنح معاشات استثنائية لبعض ضباط الصف والجنود المتطوعين والمجندين السابقين بالقوات المسلحة ، الذين انتهت خدمتهم أو توفوا ، على أن يحصل المستحقون منهم على المعاشات فى حالة الوفاة . ونُشِرَ القرار بالجريدة الرسمية اليوم الخميس ، وينشر "اليوم السابع" ، أسماء المستحقين وقيمة المعاش الاستثنائى .
وجاء القرار في ستة مواد تضمنت الأربعة الأولي منها بيان أسماء المستحقين ، وأمام كل منهم قيمة الزيادة .
وسؤال هام يطرح نفسه حول أسباب تقرير معاشات استثنائية لبعض أفراد القوات المسلحة دون غيرهم .
خامسا : زيادة الحد الأقصي لبدل طبيعة العمل للقوات المسلحة إلي 250%.
نشرت صحيفة اليوم السابع الانقلابية بتاريخ 2015/8/18 تحت عنوان " قرار جمهورى بتعديل الحد الأقصى لـبدل طبيعة العمل للقوات المسلحة " جاء فيه :
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قراراً جمهورياً اليوم الثلاثاء بتعديل الحد الأقصى لنسبة بدل طبيعة العمل التى تدخل كأحد العناصر فى حساب المعاش الإضافى ، وفقاً لحكم المادة الثانية الفقرة الأولى/ بند (أ) من القانون رقم 51 لسنة 1984 المشار إليه ليكون (250%) . صدر القرار المنشور بالجريدة الرسمية برقم 335 مكرراً لسنة 2015، بعد الاطلاع على الدستور ، وعلى قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، وبناء على ما عرضه وزير الدفاع والإنتاج الحربى .
وبالطبع هذا التعديل سوف يؤدي إلي إمكانية زيادة الرواتب من خلال القيمة التي زادت علي الحد الأقصي لبدل طبيعة العمل ، كما سيؤدي لرفع المعاشات لأنه يدخل ضمن القيمة التي يحسب علي أساسها  المعاش .
سادسا : زيادة راتب منصب الرئيس قبل تولي السيسي بفترة وجيزة .
نشرت صحيفة المصري اليوم الانقلابية بتاريخ 2014/5/18 خبرا تحت عنوان " عدلي منصور يقر زيادة مرتب وبدل تمثيل الرئيس لـ42 ألف جنيه " جاء فيه :
أصدر الرئيس عدلي منصور ، الأحد ، قراراً بقانون باستبدال نص الفقرة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1987 بتحديد مرتب ومخصصات رئيس الجمهورية بالنص الآتي :
" يحدد مرتب رئيس الجمهورية بمبلغ مقداره واحد وعشرون ألف جنيه شهرياً، بالإضافة إلى بدل تمثيل بمبلغ مقداره واحد وعشرون ألف جنيه شهرياً ".
تجدر الإشارة إلى أن مرتب رئيس الجمهورية كان ينظمه القانون رقم «99 لسنة 1987» ، والذي ينص في مادته الأولى على أن يحدد مرتب رئيس الجمهورية بمبلغ 12 ألف جنيه سنوياً ، وبدل تمثيل بمبلغ 12 ألف جنيه سنوياً ".
وجدير بالذكر أن هناك أخبار عن زيادات أخري بالنسبة لضباط الجيش ولكني لم أعرضها لأنها غير موثقة المصادر ، فاكتفيب بعرض الزيادات المنشورة بالصحف الانقلابية سواء الصحف القومية أو صحف رجال الأعمال المشاركين في الانقلاب بكل قوتهم .
ومن جهة أخري فإن رواتب ضباط الجيش علي ما يبدو مدرجة بمعرفة القادة ضمن الأسرار العسكرية ، لذلك عندما تبحث ضمن ملايين أو مليارات الأخبار المحملة علي المواقع الإلكترونية من كافة وسائل الإعلام لن تجد أخبارا تتضمن رواتب ضباط القوات المسلحة أو ما يطرأ عليها من زيادات ، ناهيك عما نشرته صحيفة الشروق ضمن تقريرها عن القوانين التي أصدرها السيسي عندما ذكرت أن من بين هذه القوانين التي وقعها السيسي خمسة عشر قانونا لم تنشر في الجريدة الرسمية ولا أحد يعرف محتواها .
لعل ما عرضناه يكشف للبسطاء لماذا تشارك المؤسسات الأمنية بكل ما تملك من قوة تأييدا لهذا الانقلاب الدموي ، فلاشك أن مصر الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي يحكمها رئيس ونواب منتخبون انتخابا صحيحا سوف يسعون لتحقيق العدالة الاجتماعية ، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يخصصوا موازنة الدولة لموظفي المؤسسات الكبري وأن يتركوا لهم الحبل علي الغارب فيما يتعلق بالمزايا التي يحصلون عليها ، بينما باقي الشعب يتضور جوعا .
(26) السيسي أصدر قانون خصخصة قطاع الكهرباء .
تحدثنا في سلسلة مقالات " موسوعة قوانين السيسي الفرعونية " البند رقم (13) تحت  عنوان " خصخصة قطاع الكهرباء إنتاجا ونقلا وتوزيعا " عن مشروع قانون يعده السيسي لخصصة قطاع الكهرباء بحيث ترفع الدولة يدها عن إنتاج وتوزيع الكهرباء وتترك هذه المهمة للمستثمرين ليقوموا بالإنتاج والتوزيع نظير الأسعار التي سيحددوها للمستهلك ، علي أن يقتصر دور الدولة علي تنظيم المرفق ومعالجة ما ينشأ عن النظام الجديد من مشاكل وصراعات ، وليصبح الضحية هو المواطن الذي سيحصل علي الكهرباء في بيته بكارت يشبه كارت التليفون المحمول عندما ينفد رصيده تنقطع الكهرباء عن بيته .
لقد فعلها السيسي وخصخص قطاع الكهرباء بموجب قانون تنظيم الكهرباء رقم 87 لسنة  2015 ، فقد انحصر دور الدولة في جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك والذي نصت عليه المادة الثانية من القانون بقولها :
" جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك هيئة عامة مستقلة عن أطراف مرفق الكهرباء ، تكون له الشخصية الاعتبارية ، ومقره الرئيسي مدينة القاهرة ......"
ونصت المادة (3) علي أن :
" يهدف الجهاز إلي تنظيم ومراقبة ومتابعة وتطوير كل ما يتعلق بنشاط الكهرباء انتاجا ونقلا وتوزيعا واستهلاكا ، وبما يضمن توفرها وكفاءتها وجودتها واستمرارها في الوفاء بمتطلبات أوجه الاستخدام المختلفة بأنسب الأسعار مع الحفاظ علي البيئة ، وإلي جذب وتشجيع الاستثمار في هذا المجال في إطار المنافسة الحرة المشروعة ....."
وتضمنت المادة (4) من القانون اختصاصات الجهاز ، لتجعل من بين هذه الاختصاصات ما نصت عليه الفقرة رقم (16) بقولها :
" منح التصاريح والتراخيص لإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها وبيعها ".
ونصت المادة (13) من القانون علي أنه :
" لا يجوز مزاولة أي من أنشطة إنتاج أو توزيع أو بيع الكهرباء دون الحصول علي ترخيص من الجهاز......... ويجب علي من يزاول أي من أنشطة إنتاج أو توزيع أو بيع الكهرباء أن يتخذ شكل شركة مساهمة " .
ونصت المادة (16) علي أن :
" تكون مدة الترخيص بحد أقصي خمسة وعشرون سنة قابلة للتجديد لمدد مماثلة أو جزء منها ......"
أما أسعار بيع وتوزيع الكهرباء فمتروك للمنافسة الحرة بين الشركات البائعة للكهرباء حسبما نصت الفقرة (15) بقولها :
" إلتزام المرخص له بعدم خرق قواعد المنافسة الحرة المشروعة وعدم الإخلال بشفافية التعامل وتكافؤ الفرص " .
ونصت المادة (19) علي أنه :
" يلتزم مالكو ومشغلوا المحطات النووية لتوليد الكهرباء بالحصول علي موافقة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية ...."
ولاشك أن هذا النص يدعونا للتساؤل هل يجوز خصخصة محطات الطاقة النووية المنتجة للكهرباء ، وما الذي يضمن ألا تقوم شركة من هذه الشركات بارتكاب كارثة بيئية في مصر بتحريض ومقابل مدفوع من دولة معادية ؟
ومن كوارث القانون ما نصت عليه المادة ( 26) والتي جعلت نقل الكهرباء حكرا علي الشركة المصرية لنقل الكهرباء المملوكة للدولة ، بحيث يلتزم كل من يعمل في إنتاج الكهرباء بنقل الكهرباء عبر شبكتها للمستهلكين ، بذلك أصبحنا أمام جهتين سوف يسعيان لتحقيق الربح من وراء قطاع الكهرباء ، الأولي هي فئة المستثمرين منتجي الكهرباء والثانية هي الدولة ممثلة في الشركة المصرية لنقل الكهرباء ، والمواطن هو الضحية كما كان الضحية من عهد محمد علي باشا الذي علم من جاء بعده وعلي رأسهم العسكر كيف يستنزفون المواطنين لصالح كباررجال السلطة ليصبح المواطن في نظرهم كالقماشة المبتلة التي ينبغي عصرها حتي تجريدها من آخر قطرة من قطرات المياه .
ثم أباحت المادة (40) لما أسمته الموزع المعتمد أن يقوم بشراء الكهرباء وبيعها ، والقانون مليئ بما يستحق التعقيب ولكننا اقتصرنا علي ما يؤكد أن السيسي خصص قطاع الكهرباء .
أهنئ وأبشر السيساوية بإرتفاع باهظ في أسعار الكهرباء كما حدث لأسعار الحديد والأسمنت بعد خصخصتها ، أبشرهم بما بدأ حدوثه وسوف يستفحل أمره في وقت قريب ، سوف تحصلون علي الكهرباء بكارت شحن عندما ينفد رصيدك تنقطع الكهرباء عن بيتك لتعود إلي عهد لمبة الجاز وأنوار الشموع ، ونتمني أن يكون الجاز متوفر ساعتها ، وأن يكون سعره في متناول يدك .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .
 

الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

السيسي وزيادات مالية لا تتوقف للقوات المسلحة.

 
بالنسبة للشعب يكرر السيسي دائما عبارته الشهيرة " مفيش معنديش حجيب لك منين يعني حتاكلوا مصر يعني " ، بينما يختلف الأمر حين يكون الحديث عن زيادة رواتب ومعاشات جهات أخري تعد صاحبة دور أساسي في دعم الانقلاب ، حيث تظهر ساعتها الأموال وتختفي مفيش .
أولا : زيادة رواتب جنود القوات المسلحة بعد مذبحة رابعة .
نشرت صحيفة الأهرام الانقلابية بتاريخ 2013/8/21 أي بعض مذبحة رابعة بأسبوع خبرا تحت عنوان " قرار جمهوري بزيادة رواتب المجندين في القوات المسلحة " ، جاء فيه  :
أصدر الرئيس المؤقت للبلاد المستشار عدلي منصور قرارا جمهوريا بتعديل رواتب المجندين في القوات المسلحة ، ونص التعديل علي حصول الجندي المجند علي‏246‏ جنيها شهريا‏ ,‏ والعريف المجند علي‏248‏ جنيها ‏,‏ والرقيب علي‏250‏ جنيها والرقيب أول المجند علي‏252‏ جنيها ‏,‏ وذلك اعتبارا من أول أغسطس الجاري ‏.‏
بعد حكم القوات المسلحة الذي دام ستين عاما انتشر فيها الفقر علي طول البلاد وعرضها أصبح في إمكانهم أن يسخروا مصريين لقتل المصريين مقابل زيادة الراتب بواقع  مائة جنيه أو أكثر قليلا .
ثانيا : زيادة معاشات القوات المسلحة 10% عام 2014 .
نشرت صحيفة الشروق الانقلابية بتاريخ 2014/7/10 خبرا تحت عنوان " السيسي يقرر زيادة المعاشات العسكرية 10% من أول يوليو " جاء فيه :
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قانونا جديدا بزيادة المعاشات العسكرية المستحقة لرجال القوات المسلحة ، المقررة بقانون التقاعد والتأمين والمعاشات الخاص بهم ، بنسبة 10% اعتبارا من أول يوليو 2014، وبدون حد أقصى .
ونص القانون الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء وروجع في مجلس الدولة على " أن هذه الزيادة ستكون جزءاً من المعاش وتسري عليها جميع أحكامه ، على أن يحتسب بالمعاش الذي تحسب على أساسه الزيادة بمجموع المعاشين الأصلي والإضافي المستحقين لصاحب المعاش أو للمستحقين عنه وما أضيف إليهما من زيادات حتى 30 يونيو 2014 .
ونظم القانون أنه في حالة وفاة صاحب المعاش ، يتم صرف منحة بواقع 3 أمثال المعاش المستحق في تاريخ الوفاة ، وأن تصرف المنحة بالكامل دفعة واحدة وتوزع على المستحقين وفقاً لأنصبتهم المقررة .
ثالثا : زيادة معاشات القوات المسلحة 10% عام 2015 . 
 عرضت في سلسلة مقالاتي بعنوان " موسوعة قوانين السيسي الفرعونية 6 "  ما نشرته صحيفة اليوم السابع الانقلابية بتاريخ 2015/6/28 خبرا تحت عنوان " قرار جمهورى بقانون بزيادة المعاشات العسكرية بنسبة 10% " جاء فيه :
" أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا جمهوريا بقانون يحمل رقم ٣٠ لسنة ٢٠١٥ بزيادة المعاشات العسكرية وتعديل بعض أحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٧٥. ويقضى القرار الجمهورى بقانون الذى نشرته الجريدة الرسمية اليوم بزيادة المعاشات العسكرية بنسبة عشرة فى المائة اعتبارا من أول يوليو المقبل والمستحقة قبل هذا التاريخ، والمقررة بقانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٧٥. كما نص القرار على أن تعد هذه الزيادة جزءا من المعاش وتسرى فى شأنها جميع أحكامه، على أن تكون الزيادة بدون حد أدنى أو أقصى ".
وفي الوقت الذي ستبدأ فيه زيادة معاشات القوات المسلحة وهو شهر 2015/7 سيبدأ أيضا انخفاض رواتب الموظفين العموميين بالدولة بموجب قانون الخدمة المدنية ، وكأن الهدف من الثانية هو توفير موازنة للأولي .
رابعا : معاشات استثنائية لبعض ضباط صف وجنود القوات المسلحة .
لم يتوقف الأمر عند زيادة معاشات جميع أفراد القوات المسلحة المحالين للتقاعد ، فقد سبق أن نشرت اليوم السابع أيضا بتاريخ 2014/10/16 تحت عنوان " بالأسماء.. قرار جمهورى بمنح معاشات استثنائية لضباط صف ومجندين " ، جاء فيه :
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى ، قرارًا جمهوريًا رقم ٣٤٤ لسنة ٢٠١٤، يقضى بمنح معاشات استثنائية لبعض ضباط الصف والجنود المتطوعين والمجندين السابقين بالقوات المسلحة ، الذين انتهت خدمتهم أو توفوا ، على أن يحصل المستحقون منهم على المعاشات فى حالة الوفاة . ونُشِرَ القرار بالجريدة الرسمية اليوم الخميس ، وينشر "اليوم السابع" ، أسماء المستحقين وقيمة المعاش الاستثنائى .
وجاء القرار في ستة مواد تضمنت الأربعة الأولي منها بيان أسماء المستحقين ، وأمام كل منهم قيمة الزيادة .
وسؤال هام يطرح نفسه حول أسباب تقرير معاشات استثنائية لبعض أفراد القوات المسلحة دون غيرهم .
خامسا : زيادة الحد الأقصي لبدل طبيعة العمل للقوات المسلحة إلي 250%.
نشرت صحيفة اليوم السابع الانقلابية بتاريخ 2015/8/18 تحت عنوان " قرار جمهورى بتعديل الحد الأقصى لـبدل طبيعة العمل للقوات المسلحة " جاء فيه :
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قراراً جمهورياً اليوم الثلاثاء بتعديل الحد الأقصى لنسبة بدل طبيعة العمل التى تدخل كأحد العناصر فى حساب المعاش الإضافى ، وفقاً لحكم المادة الثانية الفقرة الأولى/ بند (أ) من القانون رقم 51 لسنة 1984 المشار إليه ليكون (250%) . صدر القرار المنشور بالجريدة الرسمية برقم 335 مكرراً لسنة 2015، بعد الاطلاع على الدستور ، وعلى قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975، وبناء على ما عرضه وزير الدفاع والإنتاج الحربى .
وبالطبع هذا التعديل سوف يؤدي إلي إمكانية زيادة الرواتب من خلال القيمة التي زادت علي الحد الأقصي لبدل طبيعة العمل ، كما سيؤدي لرفع المعاشات لأنه يدخل ضمن القيمة التي يحسب علي أساسها  المعاش .
سادسا : زيادة راتب منصب الرئيس قبل تولي السيسي بفترة وجيزة .
نشرت صحيفة المصري اليوم الانقلابية بتاريخ 2014/5/18 خبرا تحت عنوان " عدلي منصور يقر زيادة مرتب وبدل تمثيل الرئيس لـ42 ألف جنيه " جاء فيه :
أصدر الرئيس عدلي منصور ، الأحد ، قراراً بقانون باستبدال نص الفقرة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1987 بتحديد مرتب ومخصصات رئيس الجمهورية بالنص الآتي :
" يحدد مرتب رئيس الجمهورية بمبلغ مقداره واحد وعشرون ألف جنيه شهرياً، بالإضافة إلى بدل تمثيل بمبلغ مقداره واحد وعشرون ألف جنيه شهرياً ".
تجدر الإشارة إلى أن مرتب رئيس الجمهورية كان ينظمه القانون رقم «99 لسنة 1987» ، والذي ينص في مادته الأولى على أن يحدد مرتب رئيس الجمهورية بمبلغ 12 ألف جنيه سنوياً ، وبدل تمثيل بمبلغ 12 ألف جنيه سنوياً ".
وجدير بالذكر أن هناك أخبار عن زيادات أخري بالنسبة لضباط الجيش ولكني لم أعرضها لأنها غير موثقة المصادر ، فاكتفيب بعرض الزيادات المنشورة بالصحف الانقلابية سواء الصحف القومية أو صحف رجال الأعمال المشاركين في الانقلاب بكل قوتهم .
ومن جهة أخري فإن رواتب ضباط الجيش علي ما يبدو مدرجة بمعرفة القادة ضمن الأسرار العسكرية ، لذلك عندما تبحث ضمن ملايين أو مليارات الأخبار المحملة علي المواقع الإلكترونية من كافة وسائل الإعلام لن تجد أخبارا تتضمن رواتب ضباط القوات المسلحة أو ما يطرأ عليها من زيادات ، ناهيك عما نشرته صحيفة الشروق ضمن تقريرها عن القوانين التي أصدرها السيسي عندما ذكرت أن من بين هذه القوانين التي وقعها السيسي خمسة عشر قانونا لم تنشر في الجريدة الرسمية ولا أحد يعرف محتواها .
لعل ما عرضناه يكشف للبسطاء لماذا تشارك المؤسسات الأمنية بكل ما تملك من قوة تأييدا لهذا الانقلاب الدموي ، فلاشك أن مصر الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي يحكمها رئيس ونواب منتخبون انتخابا صحيحا سوف يسعون لتحقيق العدالة الاجتماعية ، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يخصصوا موازنة الدولة لموظفي المؤسسات الكبري وأن يتركوا لهم الحبل علي الغارب فيما يتعلق بالمزايا التي يحصلون عليها ، بينما باقي الشعب يتضور جوعا .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

الاثنين، 17 أغسطس 2015

السيسي أصدر قانون خصخصة قطاع الكهرباء .

 
تحدثنا في سلسلة مقالات " موسوعة قوانين السيسي الفرعونية " البند رقم (13) تحت  عنوان " خصخصة قطاع الكهرباء إنتاجا ونقلا وتوزيعا " عن مشروع قانون يعده السيسي لخصصة قطاع الكهرباء بحيث ترفع الدولة يدها عن إنتاج وتوزيع الكهرباء وتترك هذه المهمة للمستثمرين ليقوموا بالإنتاج والتوزيع نظير الأسعار التي سيحددوها للمستهلك ، علي أن يقتصر دور الدولة علي تنظيم المرفق ومعالجة ما ينشأ عن النظام الجديد من مشاكل وصراعات ، وليصبح الضحية هو المواطن الذي سيحصل علي الكهرباء في بيته بكارت يشبه كارت التليفون المحمول عندما ينفد رصيده تنقطع الكهرباء عن بيته .
لقد فعلها السيسي وخصخص قطاع الكهرباء بموجب قانون تنظيم الكهرباء رقم 87 لسنة  2015 ، فقد انحصر دور الدولة في جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك والذي نصت عليه المادة الثانية من القانون بقولها :
" جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك هيئة عامة مستقلة عن أطراف مرفق الكهرباء ، تكون له الشخصية الاعتبارية ، ومقره الرئيسي مدينة القاهرة ......"
ونصت المادة (3) علي أن :
" يهدف الجهاز إلي تنظيم ومراقبة ومتابعة وتطوير كل ما يتعلق بنشاط الكهرباء انتاجا ونقلا وتوزيعا واستهلاكا ، وبما يضمن توفرها وكفاءتها وجودتها واستمرارها في الوفاء بمتطلبات أوجه الاستخدام المختلفة بأنسب الأسعار مع الحفاظ علي البيئة ، وإلي جذب وتشجيع الاستثمار في هذا المجال في إطار المنافسة الحرة المشروعة ....."
وتضمنت المادة (4) من القانون اختصاصات الجهاز ، لتجعل من بين هذه الاختصاصات ما نصت عليه الفقرة رقم (16) بقولها :
" منح التصاريح والتراخيص لإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها وبيعها ".
ونصت المادة (13) من القانون علي أنه :
" لا يجوز مزاولة أي من أنشطة إنتاج أو توزيع أو بيع الكهرباء دون الحصول علي ترخيص من الجهاز......... ويجب علي من يزاول أي من أنشطة إنتاج أو توزيع أو بيع الكهرباء أن يتخذ شكل شركة مساهمة " .
ونصت المادة (16) علي أن :
" تكون مدة الترخيص بحد أقصي خمسة وعشرون سنة قابلة للتجديد لمدد مماثلة أو جزء منها ......"
أما أسعار بيع وتوزيع الكهرباء فمتروك للمنافسة الحرة بين الشركات البائعة للكهرباء حسبما نصت الفقرة (15) بقولها :
" إلتزام المرخص له بعدم خرق قواعد المنافسة الحرة المشروعة وعدم الإخلال بشفافية التعامل وتكافؤ الفرص " .
ونصت المادة (19) علي أنه :
" يلتزم مالكو ومشغلوا المحطات النووية لتوليد الكهرباء بالحصول علي موافقة هيئة الرقابة النووية والإشعاعية ...."
ولاشك أن هذا النص يدعونا للتساؤل هل يجوز خصخصة محطات الطاقة النووية المنتجة للكهرباء ، وما الذي يضمن ألا تقوم شركة من هذه الشركات بارتكاب كارثة بيئية في مصر بتحريض ومقابل مدفوع من دولة معادية ؟
ومن كوارث القانون ما نصت عليه المادة ( 26) والتي جعلت نقل الكهرباء حكرا علي الشركة المصرية لنقل الكهرباء المملوكة للدولة ، بحيث يلتزم كل من يعمل في إنتاج الكهرباء بنقل الكهرباء عبر شبكتها للمستهلكين ، بذلك أصبحنا أمام جهتين سوف يسعيان لتحقيق الربح من وراء قطاع الكهرباء ، الأولي هي فئة المستثمرين منتجي الكهرباء والثانية هي الدولة ممثلة في الشركة المصرية لنقل الكهرباء ، والمواطن هو الضحية كما كان الضحية من عهد محمد علي باشا الذي علم من جاء بعده وعلي رأسهم العسكر كيف يستنزفون المواطنين لصالح كباررجال السلطة ليصبح المواطن في نظرهم كالقماشة المبتلة التي ينبغي عصرها حتي تجريدها من آخر قطرة من قطرات المياه .
ثم أباحت المادة (40) لما أسمته الموزع المعتمد أن يقوم بشراء الكهرباء وبيعها ، والقانون مليئ بما يستحق التعقيب ولكننا اقتصرنا علي ما يؤكد أن السيسي خصص قطاع الكهرباء .
أهنئ وأبشر السيساوية بإرتفاع باهظ في أسعار الكهرباء كما حدث لأسعار الحديد والأسمنت بعد خصخصتها ، أبشرهم بما بدأ حدوثه وسوف يستفحل أمره في وقت قريب ، سوف تحصلون علي الكهرباء بكارت شحن عندما ينفد رصيدك تنقطع الكهرباء عن بيتك لتعود إلي عهد لمبة الجاز وأنوار الشموع ، ونتمني أن يكون الجاز متوفر ساعتها ، وأن يكون سعره في متناول يدك .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

السبت، 15 أغسطس 2015

السيسي يستلهم مذبحة رابعة من مذبحة القلعة .

 
إنها نفس الفكرة مع فارق جوهري ، حاكم مستبد يستأثر بالحكم لا يريد أن ينازعه فيه أحد أو حتي يشاركه ، ولو قام مجرد احتمال أن زيدا من الناس يفكر في المنازعة أو المشاركة قام الحاكم علي الفور بالتخلص من زيد وكل من يمت له بصلة .
العسكر يحكمون مصر منذ عام 1952 لم يسمحوا طوال هذه المدة بأي قدر من الديمقراطية ، أي مظاهر للديمقراطية في مصر في ظل العسكر كانت شكلية ، فالبرلمان هم من يعينوه بانتخابات مزورة ، هم من يعينوا مجالس النقابات واتحادات الطلاب ، هم من يعينوا قيادات كل المؤسسات القضائية أوالرقابية علي أساس الموالاة وليس الكفاءة ، وسائل الإعلام هم من يختاروا العاملين فيها ، وظلت هذه الأوضاع حتي قيام ثورة يناير المجيدة والتي استرد الشعب بمقتضاها إرادته ووضع دستوره واختار ممثليه في مجلسي الشعب والشوري والرئاسة ، فقام العسكر بهدم المعبد بعد مؤامرة شاركت فيها قوي خارجية وعناصر داخلية منها من يبغض الإسلام والإسلاميين والمرجعية الإسلامية ، ومنهم من له مصالح مع حكم العسكر ، واستردوا الحكم ، وأعادوا حكم العسكر من جديد في نموذج نازي ليس له مثيل ، ولم تشاهده مصر علي مر تاريخها حتي في عهود الاحتلال .
بعد الانقلاب أصبحت كل الفصائل والحركات السياسية التي شاركت في ثورة يناير عدوا للعسكر لأنها طالبت بالديمقراطية ومن ثم نازعتهم علي الحكم ، فاتخذ العسكر قراره بالتخلص من كل هذه الفصائل ، ولكن كيف يتخلصوا منهم ، كان لابد أن يعود السيسي والعسكر إلي ذاكرة التاريخ ، أن يعودوا إلي محمد علي باشا الذي يعتبرونه كبيرهم الذي علمهم السحر باعتباره مؤسس جيش مصر الحديثة ، محمد علي باشا الذي قال عنه السيسي أنه قدوته ، محمد علي باشا الذي يسعي مؤرخو العسكر دائما إلي تجميل صورته ، وتبرير جرائمه ، وتحويلها إلي إنجازات ، زاعمين أن ارتكابها كان ضرورة من ضرورات نهضة مصر .
كل إنسان حاكما كان أو محكوما له حسناته وسيئاته ، له مزاياه وعيوبه ، له انجازاته أو جرائمه ، ومن الإنصاف أن يذكر المؤرخ والمحلل هذا وذاك ، لا أن يغالط لتحقيق مكاسب لهذا الفصيل أو ذاك.
كان الخصم الأساسي لمحمد علي باشا هم المماليك الذين كانوا يحكمون مصر قبل ظهوره ووصوله للحكم ، وهنا يأتي الفارق الجوهري الذي أشرت إليه ، إذ لا وجه للمقارنة بين المماليك الذين هم في الأصل دخلاء علي مصر جلبهم الخلفاء والسلاطين من تركيا وألبانيا وغيرها من الدول ليستعينوا بهم في الجيش وسائر الدواويين ، ثم استولوا علي حكم مصر بعد أن زادت أعدادهم واشتد عودهم وبين فصائل المعارضة وعلي رأسهم الإخوان المسلمين الفصيل الأكبر عددا والأقوي تنظيما ، والذين هم مصريون وطنيون يضمون علية القوم تعليما وثقافة وأصحاب فكر ولهم مطالب سياسية علي رأسها التحول الديمقراطي في مصر .
ولم يكن ما ذكرناه عن المماليك هو سبب سعي محمد علي للتخلص منهم ، لأن محمد علي نفسه كان من الوافدين علي مصر ، كما أن الممالك كانوا قد عاشوا مئات السنين في مصر وأصبحوا مصريين لغة ودينا وقيما ، كما لم يكن السبب أيضا هو فساد المماليك ، لأن محمد علي نفسه ارتكب من الفساد ما لا يقل عما ارتكبه المماليك ، ومن يقرأ تاريخ الجبرتي كاملا سوف يتأكد من ذلك .
لم يحاول محمد علي باشا في بداية حكمه التخلص من المماليك إنما تصالح معهم وأحضرهم من الصعيد إلي القاهرة ليكونوا تحت بصره وأجزل لهم العطاء وارتضوا بحكم محمد علي .
إذن لماذا رتب لهم محمد علي مذبحة القلعة ليتخلص منهم بعد أن كان قد تصالح معهم ؟.
الإجابة أن السلطان العثماني " محمود " طلب منه إرسال قواته إلى نجد للمساعدة في القضاء على الثورة الوهابية ، وعندئذ قرر محمد علي القضاء على المماليك قبل خروج الجيش بقيادة ابنه " طوسون " إلى " نجد " ؛ حتى لا يثوروا ضده بعد خروج الجيش .
إنه الإرهاب المحتمل إنه احتمال قيام المماليك بثورة ضده بعد خروج ابنه طوسون إلي نجد ومعه الجيش ، فما الحل ؟ كيف ينفذ محمد علي باشا الأمر السلطاني بإرسال جيشه إلي نجد ، وفي نفس الوقت يكون مطمئن الجانب من ناحية المماليك الذين تصالح معهم ، لكي يحقق هذه المعادلة رتب مؤامرة للخلاص منهم ، رتب لهم مذبحة القلعة .
أعد "محمد علي" مهرجانًا فخمًا بالقلعة دعا إليه كبار رجال دولته ، وجميع الأمراء والبكوات والكشاف المماليك ، فلبى المماليك تلك الدعوة وعدوها دليل رضاه عنهم ، وقبل ابتداء الحفل دخل البكوات المماليك على محمد علي فتلقاهم بالحفاوة ، ودعاهم إلى تناول القهوة معه ، وشكرهم على إجابتهم دعوته ، وألمح إلى ما يناله ابنه من التكريم إذا ما ساروا معه في الموكب ، وراح محمد علي يتجاذب معهم أطراف الحديث ؛ إمعانًا في إشعارهم بالأمن والود .
يصف الجبرتى مذبحة القلعة ويقول :
" فلما أصبح يوم الجمعة سادسه ( يقصد 6 صفر 1226هـ ــ 1 مارس 1811م ) ركب الجميع ، وطلعوا إلى القلعة وطلع المصرية ( كان الجبرتى يسمى المماليك بالأمراء المصرية ) بمماليكهم وأتباعهم وأجنادهم فدخل الأمراء عند الباشا وصبحوا عليه ، وجلسوا معه حصة وشربوا القهوة وتضاحك معهم .
ثم انجر الموكب على الوضع الذى رتبوه ، فلما انجر الموكب وفرغ طائفة الدلاة ومن خلفهم من الوجاقلية والألداشات المصرية وانفصلوا من باب العزب ، فعند ذلك أمر صالح قوج بغلق الباب ، وعرف طائفته بالمراد فالتفتوا ضاربين بالمصرية ، وقد انحصروا بأجمعهم فى المضيق المنحدر الحجر المقطوع فى أعلى باب العزب بمسافة ما بين الباب الأعلى الذى يتوصل منه إلى رحبة سوق القلعة إلى الباب الأسفل ، وقد أعدوا عدة من العساكر أوقفوهم على علاوى النقر الحجر والحيطان التى به فلما حصل الضرب من التحتانيين أراد الأمراء الرجوع القهقرى فلم يمكنهم ذلك لانتظام الخيول فى مضيق النقر وأخذهم ضرب البنادق والقرابين من خلفهم أيضا ، وعلم العساكر الواقفون بالأعالى المراد فضربوا أيضا فلما نظروا ما حل بهم سقط فى أيديهم ، وارتبكوا فى أنفسهم وتحيروا فى أمرهم ووقع منهم أشخاص كثيرة فنزلوا عن الخيول .
واقتحم شاهين بك وسليمان بك البواب وآخرون فى عدة من مماليكهم راجعين إلى فوق والرصاص نازل عليهم من كل ناحية ، ونزعوا ما كان عليهم من الفراوى والثياب الثقيلة ، ولم يزالوا سائرين وشاهرين سيوفهم حتى وصلوا إلى الرحبة الوسطى المواجهة لقاعة الأعمدة وقد سقط أكثرهم ، وأصيب شاهين بك وسقط إلى الأرض فقطعوا رأسه وأسرعوا بها إلى الباشا ليأخذوا عليها البقشيش ، وأما سليمان بك البواب فهرب من حلاوة الروح وصعد الى حائط البرج الكبير فتابعوه بالضرب حتى سقط وقطعوا رأسه أيضا ، وهرب كثيرا لبيت طوسون باشا يظن الالتجاء به والاحتماء فيه فقتلوهم .
وأسرف العسكر فى قتل المصريين وسلب ما عليهم من الثياب ، ولم يرحموا أحدا وأظهروا كامن حقدهم وضبعوا فيهم ، وفى من رافقهم متجملا معهم من أولاد الناس وأهالى البلد الذين تزيوا بزيهم لزينة الموكب ، وهم يصرخون ويستغيثون ومنهم من يقول أنا لست جنديا ولا مملوكا ، وآخر يقول أنا لست من قبيلتهم ، فلم يرقوا لصارخ ولا شاك ولا مستغيث ، وتتبعوا المتشتتين والهربانين فى نواحى القلعة وزواياها والذين فروا ودخلوا فى البيوت والأماكن وقبضوا على من أمسك حيا ولم يمت من الرصاص أو متخلفا عن الموكب ، فسلبوا ثيابهم وجمعوهم إلى السجن تحت مجلس كتخدا بك ، ثم أحضروا أيضا المشاعلى لرمى أعناقهم فى حوش الديوان واحدا بعد واحد من ضحوة النهار إلى أن أمضى حصة من الليل فى المشاعل حتى امتلأ الحوش من القتلى ومن مات من المشاهير المعروفين وانصرع فى طريق القلعة قطعوا رأسه وسحبوا جثته إلى باقى  الجثث حتى إنهم ربطوا فى رجلى شاهين بك ويديه حبالا وسحبوه على الأرض مثل الحمار الميت إلى حوش الديوان هذا ما حصل بالقلعة " .
وبمجرد انتشار خبر المجزرة فى القاهرة حتى هاجم الجنود بيوت الأمراء المماليك واندفعوا يبحثون عنهم فى كل مكان ، ونهبوا بيوتهم ولم يتركوا كبير أو صغير من المماليك إلا وقتلوه ، وانتشر النهب والقتل فى المدينة ، وفى صباح اليوم التالى نزل محمد على باشا إلى القاهرة فى موكبه محاطا بحاشيته ورجاله ، وأمر بوقف القتل والنهب ، ومثل بمن لم يمتثل فتوقف النهب ، وأرسلوا بعدها إلى الأقاليم والصعيد يطلبون رءوس المماليك ، ولم يقبلوا شفاعة فى مملوك من كائن كان ، واستمر وصول رءوس المماليك من الأقاليم عدة أيام ، ولم ينجوا منها إلا أمين بك الذى كان متأخرا عن الموكب ، فلما سمع صوت الرصاص قفز بحصانة من فوق سور القلعة وفر إلى الشام .
ويقدر الجبرتى عدد من قتل فى القلعة بأكثر من 500 مملوك ، وحوالى 2000 آخرين فى عمليات القتل التى تبعتها فى طول مصر وعرضها ، ونصب جنود محمد على مصطبة أمام باب زويلة وعلقوا عليها رءوس القتلى ".
وأقول إن مذبحة القلعة جريمة بشعة ارتكبها محمد علي باشا لا يُقدم عليها حاكم مسلم في قلبه مثقال ذرة من خشية الله ، يقوم بقتل الآلاف من المصريين المسلمين سبق وأن تصالح معهم وارتضوا بحكمه ، وأمنوا جانبه ، لكنه قتلهم خشية الإرهاب المحتمل ، خشية أن يثوروا عليه بعد خروج الجيش .
لم يكتف بقتل المماليك الذي حضروا الحفل ، وإنما قتل كل المصريين الذين حضروا معهم ، ولم يشفع لهم صراخهم بأنهم ليسوا مماليك ولا جنود ، إنها جريمة إبادة جماعية .
لقد صدق السيسي حين صرح ذات مرة بأن محمد علي باشا قدوته ، إنه ليس قدوة السيسي فقط ، إنه قدوة جميع العسكر الذين حكموا مصر منذ عام 1952 ، لقد تعلموا منه الاستئثار بالسلطة ، ومن يقرأ تاريخ الجبرتي سيري ماذا كان يفعل محمد علي باشا لكي يحصل علي رضا السلطان العثماني ليستمر حاكما واحدا وحيدا لا شريك له ، كما تعلموا منه أن القتل مباح لكي تستمر حاكما ، بل إن مؤرخي العسكر يجعلون مذبحة القلعة من حسناته ، لقد تعلموا منه كيف ينهبون الشعب ليوفروا الأموال التي تكفل لهم رغد العيش أو التي تمكنهم من الانفاق علي مشروعاتهم الخاصة التي يقومون بها لتحقيق منافع لهم دون أدني نفع للشعب .
إن كافة حسنات محمد علي باشا في تحديث مصر ، أهدرها بقواعد الاستبداد التي أورثها للعسكر المصري ، فجميعهم ساروا علي نفس النهج ، أصبح شعارهم السلطة لنا الثروة لنا ومن نازعنا فيهما قتلناه ، هذه هي السلوكيات التي سار عليها الرئيس جمال عبد الناصر والسادات ومبارك وأسرف السيسي في استعمالها .
لقد  تخلص محمد علي باشا من كافة قيادات المماليك الذين ينافسوه علي الحكم في مذبحة القلعة من خلال جريمة إبادة جماعية واستولي علي منازلهم وأموالهم ، وهكذا ابنه وتلميذه الذي اقتدي به السيسي يرتكب جريمة إبادة جماعية ضد الإخوان المسلمين الذين ينافسوا العسكر علي السلطة ، وكما أدرج محمد علي كل المصريين الذين توجهوا لمهرجان القلعة ضمن قائمة المماليك وقتلهم ، كذلك أدرج السيسي والعسكر كل المعارضين ضمن الإخوان وقتلوهم واعتقلوهم .
لا بديل عن تحديد وضعية المؤسسة العسكرية في الدستور المصري ، وقصر دورها علي وظيفة الجيوش في كل الدول المدنية الديمقراطية الحديثة وهي حماية الحدود ، لابد من رقابة الشعب علي موازنة الجيش مثل كافة الدول المدنية الحديثة ، لابد من حظر تدخل الجيش في السياسة أو الاقتصاد ، لابد من منع الجيش من وضع السياسات الخارجية لمصر أو التعامل مع دول أو منظمات أجنبية بعيدا عن رقابة الشعب كما يحدث الآن ، حيث يتولي قيادات جيشنا شئون السياسية الخارجية لاسيما علاقتهم مع وزارة الدفاع الأمريكية ، وتلقيهم لمساعدات عسكرية لا يعلم عنها أحد شيئا ، ما لم يحدث ذلك ستظل المؤمرات ويظل الفساد الذي أوصل ديون مصر إلي اثني تريليون جنيه ، وأوصل عجز موازنتها خمسمائة مليار جنيه ، وعم الفساد كل القطاعات ، فساد إعلامي ، فساد أخلاقي ، فساد اجتماعي .
لقد أدخل محمد علي باشا بعض مظاهر الحداثة لمصر ، ولكنه أيضا وضع حجر أساس استبداد العسكر ، وفعل مثله جمال عبد الناصر أنشأ مشروعات قومية كبري ، ولكنه أضاف علي أسس الاستبداد أعمدة جديدة ، والنتيجة ، لم ينفعنا حداثة محمد علي ولا مشروعات عبد الناصر ، بعد أن أصبحنا نعيش في مستنقع الاستبداد الذي بناه الأول وقام الثاني بتوسعته ، وجاء السيسي ليجعل مستنقع الاستبداد علي كامل أرض مصر .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .