الخميس، 31 ديسمبر 2015

العسكر وإهدار ثروات مصر البترولية . ( 1 )

 
سامح فهمي وحسين سالم أذرع العسكر
(( تعديل إتفاقيتي شمال إسكندرية وغرب البحر المتوسط للتنقيب والبحث واستخراج البترول من المياه العميقة والتعديل يتضمن التنازل عن حقوق مصر في بترولها وغازها للشريك الأجنبي وشرائها لبترولها وغازها بسعر السوق )).
كان من المفروض أن أبدأ بجريمة تصدير الغاز لإسرائيل لحساب جهاز المخابرات العامة ، ولكني فضلت أن أبدأ بجريمة أخري لا تقل عن تصدير الغاز لإسرائيل ولكنها لم تحظَ بنصيب وافر من الإنتشار والتداول .
قدمت استجوابا عن هذه الجريمة والتي هي إحدي جرائم العسكر في إهدار ثروة مصر البترولية وذلك في غضون شهر مايو / 2010 أي في نهاية برلمان الثورة الأول ( 2010/2005م ) ، وفي الشهر الأخير من دور الإنعقاد للعام 2010م .
كان الإستجواب متعلقا بإعداد الحكومة لتعديلات علي إتفاقيتي "شمال الإسكندرية" و"غرب البحر المتوسط" في شأن البحث عن البترول واستغلاله ، وقد اختارت حكومة العسكر أن تقدم هذه التعديلات للبرلمان في دور الإنعقاد الأخير وهو العام 2010م ، كما اختارت الشهر الأخير من دور الإنعقاد وهو شهر مايو حتي يسهل تمرير التعديلات دون أن يشعر بها أحد .
وفيما يلي نص الإستجواب الذي قدمته في شهر مايو / 2010م عن جريمة من أخطر جرائم العسكر في إهدار ثروة مصر البترولية :
السيد الأستاذ الدكتور / رئيس المجلس .
تحية طيبة وبعد ،
مقدمه لسيادتكم / محمد العمدة عضو مجلس الشعب
أرجو توجيه الإستجواب الماثل لكل من :
1- السيد / رئيس مجلس الوزراء .
2- السيد / وزير البترول .
3- السيد / وزير العدل .
4- السيد / وزير الداخلية .
بشأن :
جريمة جديدة في حق الشعب المصري تتمثل في إعداد الحكومة لتعديلات لإدخالها علي إتفاقيتي شمال الإسكندرية وغرب البحر المتوسط في شأن البحث عن البترول واستخراجه تؤدي إلي تنازل مصر عن مخزونها من الغاز والبترول لصالح الشريك الأجنبي مع محاولة التأثير علي نواب الشعب والصحفيين من خلال المنح والعطايا لتمرير هذه التعديلات .
الموضوع :
اتصل بي مسئول كبير بوزارة البترول يدعي ( و.ع ضابط قوات مسلحة معين بالوزارة ) من خلال تليفون أرضي ، وطلب مني مقابلته بمقر الوزارة ، فأبديت استعدادي لمقابلته في اليوم التالي الأربعاء الموافق 2010/5/26 فطلب إرجاء المقابلة إلي الخميس لأن الأربعاء يوم مزدحم بالنواب ففهمت أن الموضوع سري .
توجهت إلي الوزارة يوم الخميس الموافق 2010/5/27 وانتظرت بمكتب السكرتارية الذي تردد عليه المسئول الكبير عدة مرات يكرر إعتذاره عن تأخيرالإجتماع بسبب كثرة الضيوف وأن الموضوع سري .
وبعد حوال ثلاث ساعات من الإنتظار بدأ الإجتماع في غرفة المسئول الكبير ، ثم توالي حضور شخصيات أخري بناء علي دعوة من نفس المسئول منهم ( الأستاذ / حمدين صباحي ، الأستاذ/ محمد السادات ، الدكتور / جمال زهران ) ، ثم قام المسئول المذكور باستدعاء بعض الخبراء من الوزارة ليشرحوا للضيوف مضمون إتفاقيتي شمال الإسكندرية وغرب البحر المتوسط في شأن البحث والتنقيب عن البترول واستغلاله ومضمون التعديلات المزمع إدخالها علي الإتفاقيتين .
لم أشعر بالإرتياح طوال شرح مضمون التعديلات المقرر عرضها علي مجلس الشعب يومي 9 ، 10 من شهر يونيو الحالي ، إذ كان الواضح من العرض أن وزارة البترول قررت التنازل عن كامل الكمية المكتشفة من احتياطيات الغاز والتي تقدر بحوالي 5 خمسة تريليون قدم مكعب فضلا عن 55 خمسة وخمسين مليون برميل متكثفات ، وأن هذا التنازل لصالح الشركتين القائمتين بالتنقيب والإستخراج وهما شركة (بريتش بتروليم ) الإنجليزية و (أر- دبليو- أي) الألمانية ، وأن مصر سوف تقوم بشراء الغاز والمتكثفات من الشركتين كما لو كانت تستوردهما من الخارج .
ومما زاد من عدم الإرتياح أنني كنت قد حملت معي بعض الطلبات التي تُقدم لي من المواطنين لعرضها علي وزارة البترول مثل طلبات التعيين أو النقل من شركة إلي شركة أو طلبات العودة للعمل لأستغل وجودي في الوزارة في إنجاز شيئ من هذه الطلبات رغم أنني أعلم أن هذه الوزارة لا تمنح الوظائف إلا لنواب الوطني ، وأن كافة طلباتي منذ التحقت بمجلس الشعب لم يستجاب منها إلا لطلب تعيين وحيد وبعد أن ترددت علي الوزراة ما لا يقل عن خمس مرات علي الأقل .
فإذا بي أفاجأ بأن المسئول الكبير يوقع علي ستة طلبات تعيين دفعة واحدة ، وتم إعطائي ورقة تفيد التعيين ، فاتضحت الرؤية لاسيما أنني رأيت بعض الزملاء من الحزب الوطني يتسلمون أيضا أوراق من السيد مدير مكتب الإتصال السياسي ويغادرون بها .
وفهمت أيضا من حديث المسئول الكبير والخبير المرافق له أن اجتماعات أخري تمت مع عدد كبير من الصحفيين ، وأن هؤلاء الصحفيين سوف يقومون بدورهم في الترويج للإتفاقيتين بعد أن تم دعوتهم لاجتماعات بأحد فنادق الإسكندرية الكبري لعدة أيام .
كان بالفعل يوما محاطا بظلال من الريبة والشكوك في النوايا ، ما الذي يدعو المسئولين بوزارة البترول إلي محاولة التأثير علي نواب المعارضة في البرلمان وعدد كبير من الصحفيين ، إنهم ليسوا في حاجة إلي أولئك ولا إلي هؤلاء ، يكفيهم أغلبيتهم الميكانيكية لتمرير التعديلات علي الإتفاقيتين والذين لا يكتفون بالتمرير وإنما يقفوا لمدح وزير البترول قائلين ( ما لقيوش في الورد عيب قالوا له يا أحمر الخدين ) .
كل ذلك دعاني إلي الخروج مسرعا من وزارة البترول بعد الإجتماع وقراءة الأوراق التي تسلمتها من المسئول الكبير بدقة ، فتبين لي ما يأتي :
أولا : مضمون الإتفاقيتن قبل التعديل.
قبل أن أعرض علي سيادتكم مضمون التعديلات الجديدة التي سيتم إدخالها علي إتفاقيتي شمال الإسكندرية وغرب البحر المتوسط ، أشير في عجالة إلي أن وزير البترول وبمقتضي الترخيص المقرر له بالقانون رقم 5 لسنة 1999 تعاقد مع الهيئة المصرية العامة للبترول وشركة ( بريتش بتروليم ) الإنجليزية و ( آر- دبليو - أي ) الألمانية علي البحث عن البترول واستغلاله في منطقة غرب البحر المتوسط بالمياه العميقة ، وأن الإتفاق كان يقوم علي تقاسم الإنتاج بين مصر والشركات سالفة الذكر لاسيما بعد التعديل الذي تم إدخاله علي الإتفاقيتين بموجب القانون رقم 3 لسنة 2008 ، حيث تم إنشاء شركة مساهمة مصرية تشارك فيها الشركتان سالفتي الذكر والهيئة العامة للبترول بحيث تقوم هذه الشركة المصرية بتنمية الحقل بمصادر التمويل المقررة في الإتفاق وخبرة وكوادر الشركتين نظير حصول مصر علي أتاوة مجانية من الإنتاج عينا ، فضلا عن توزيع الإنتاج بين مصر والشريك الأجنبي علي أساس قاعدة تقاسم الإنتاج والنصيب الأكبر لمصر بعد استرداد الشريك الأجنبي لمصروفات البحث والإستخراج ، ومن ثم فالإتفاقيتان مقبولتان حيث يستطيع كل طرف تحقيق عائد من وراء هذه الشراكة .
ثانيا : التعديلات المقترحة علي الإتفاقيتن .
أما عن التعديل المقترح لإتفاقيتي شمال الإسكندرية وغرب البحر المتوسط مياه عميقة وفقا للورقة التي تسلمتها من المسئول الكبير بوزارة البترول فيتمثل في الآتي :
1- يتحمل المقاول جميع الإستثمارات المطلوبة  وبدون أي استرداد للتكايف .
2- يقوم المقاول تحت إشراف لجنة مشتركة من ممثلين عن الهيئة والمقاول بالإشراف ومتابعة جميع عمليات الاستكشاف والتنمية والإنتاج .
3- يتحمل المقاول جميع عناصر المخاطرة .
4- يقوم المستثمر بتسليم جميع كميات الغاز المنتج إلي الهيئة المصرية العامة للبترول نظير سعر للغاز طبقا لمعادلة سعرية لمتوسط أسعار خام برنت وأسعار الغاز(هنري هوب) بأمريكا و(NBP ) ببريطانيا بحد أدني 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وبحد أقصي 4,1 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية .
5- بعد أربع سنوات من بدء الإنتاج تتم مراجعة لأسعار الغاز بناء علي الكلفة والإحتياطي والإنتاج ، ثم كل خمس سنوات .
6- يقوم المقاول بتسليم جميع كميات المتكثفات المنتجة إلي الهيئة طبقا للأسعار العالمية حتي يساوي 140دولار للبرميل ، وعند زيادة سعر البرميل عن 140دولار إلي أن يساوي 160دولار يدفع للمقاول 140دولار زائد نسبة للزيادة 40% طبقا للمعادلة ، ثم يتم تطبيق نسب مختلفة عند شرائح أسعار مختلفة حتي يبلغ سعر البرميل أكثر من 200 دولار زائد نسبة 10% طبقا للمعادلة .
ومفاد ما تقدم أن مصر سوف تشتري من شركات التنقيب والإستخراج مخزونها من الغاز والمتكثفات كما لو كانت تستورده من الخارج وبأسعار ربما تكون أعلي من السعر العالمي عند بدء الإنتاج في 2014/7/1 وإذا حدث ذلك لن تستطيع مصر إعادة النظر في الأسعار إلا بعد أربع سنوات ، ثم تُراجع الأسعار كل خمس سنوات .
وكل ما تسوقه وزارة البترول من مبررات لقبول هذا التعديل مرفوض ومخالف للإتفاقيات الأصلية ذلك لأن الشركات الأجنبية حصلت علي امتياز التنقيب في المياه العميقة بالبحر المتوسط من خلال مزايدة وفي ظل شروط متفق عليها ، وليس من حقها وفقا للإتفاقيتين إدخال أي تعديلات تمس بحقوق الطرفين ، ومن  ثم فليس لها بعد أن اكتشفت وجود البترول والغاز في مناطق البحث أن تعلن أن هذه الشروط غير مجزية ، فإذا أعلنت ذلك كان من حق مصر إلغاء هذه الإتفاقية والإستعاضة عنها بشركات أجنبية أخري مع مطالبة الشركة بالتعويض للإخلال بالإلتزامات التعاقدية .
وللأسف الشديد سبق وأن فرطت مصر في ثروتها من الغاز ببيعه لإسرائيل بأقل من سعر التكلفة ليستفيد منه المواطن الإسرائيلي ويحرم منه المواطن المصري الذي يعاني من الفقر والبطالة والمرض .
وها هي ضربة جديدة من ضربات وزارة البترول حيث تتنازل عن مخزون مصر من الغاز والمتكثفات للشركات الأجنبية لأسباب غير معلنة ولكنها مفهومة وكل لبيب بالإشارة يفهم ، وتقوم بشراء المنتج من الغاز والبترول من الحقول المصرية كما لو كانت تستورده من الخارج وبأسعار ستكون أعلي من الأسعار العالمية وفقا للمعادلات الحسابية التي سيتم تمريرها وفقا للتعديلات المقترحة .
إن حرص وزارة البترول علي استقطاب نواب المعارضة وعدد كبير من الصحفيين لتمرير هذه التعديلات في هدوء وسرية من خلال تقديم منح وعطايا يستدعي قبل عرض هذه التعديلات علي المجلس أن تكلف لجنة مشكلة من عدة أجهزة رقابية مجتمعة لبحث هذه التعديلات ومعرفة ما ورائها ولتقوم اللجنة المشار إليها بإعداد تقرير مشترك بتقييم هذه التعديلات التي ستلتزم بها مصر لمدة عشرين عام قابلة للزيادة علي أن يضاف إلي اللجنة جهة قانونية رفيعة المستوي.
وأقول للمسئول الكبير ، عفوا أيها المسئول الكبير ، إن مصر أكبر مني ومنك والشعب المصري الذي يعاني من التدهور علي جميع المستويات هو الأولي بالرعاية ، وهذا ما دعاني إلي قبول تحمل مخاطرة الكشف عن تحركات وزارة البترول لتمرير اتفاقيات مشبوهة .
لم أكتف بما ذكرت من حيثيات الاستجواب سالف الذكر ، فقد علمت أثناء الحوار مع المسئول الكبير ومن معه من خبراء أن التعديلات المقترحة علي الإتفاقيتين قد تم تمريرها أمام لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب ، لذا توجهت للجنة وحصلت علي نسخة من التقرير الذي أعدته اللجنة بالموافقة علي التعديلات المقترحة علي كل إتفاقية علي حدي ، ثم توجهت لمكتبة المجلس وحصلت علي الإتفاقيتين الأصليتين حتي أتمكن من معرفة حجم الخسائر من خلال مقارنة حقوق مصر في الإتفاقيات الأصلية وحقوقها وفقا للتعديلات ، وعلي ضوء ذلك أعددت مذكرة شارحة أكثر تفصيلا عن خطورة التعديلات والتي يمكن القول بأنها تجاوزت التنازل عن كميات البترول والغاز - التي تم اكتشافها - لصالح الشركات الأجنبية إلي ما هو أبعد من ذلك ، فالتعديلات تفرض علي مصر شراء البترول والغاز المملوك لها بأسعار أعلي من السعر العالمي .
وفيما يلي نص المذكرة التكميلية التي تم إرفاقها بالإستجواب :
السيد / رئيس المجلس .
إن التعديلات المقترح إدخالها علي إتفاقيتي شمال إسكندرية وغرب البحر المتوسط تمثل جريمة جديدة في حق الشعب المصري ، فقد سبق لوزارة البترول بيع الغاز المصري لإسرائيل بأقل من سعر تكلفة استخراجه في الوقت الذي يفكر فيه وزير التضامن الإجتماعي في توزيع إسطوانات البوتاجاز علي المواطنين من خلال بطاقات التموين .
سأعرض لسيادتكم شرحا للتعديلات المقترحة علي إتفاقية غرب البحر المتوسط مع الأخذ في الاعتبار أنها ذات التعديلات المقترحة علي إتفاقية شمال إسكندرية .
في البداية طرحت وزارة البترول مساحة 15000خمسة عشر ألف متر مربع بمنطقة البحر المتوسط للتنقيب عن البترول والغاز ، وتم الطرح علي كافة الشركات المتخصصة في استخراج البترول والغاز من المياه العميقة من خلال مزايدة لمن يقدم أفضل مزايا لمصر .
رسي المزاد علي شركتين هما شركة " أموكو" وشركة" إيلف هاربروكاربورز" علي ضوء المزايا التي عرضوها في مظروف المزايدة ، وتم الإتفاق معهما علي كل شيئ بدءا من البحث وتكاليفه وحتي الإستخراخ وتقسيم الحصص وكيفية التصرف فيها ، وتم التصديق علي هذه الإتفاقية بالقانون رقم 5 لسنة 11999م ، وكانت مزايا مصر في هذه الإتفاقية مرتفعة ومجزية علي نحو يتناسب مع أن الغاز والبترول مملوك لمصر ومستخرج من مياهها الإقليمية ، وفيما يلي بعض الأمثلة للمزايا :
أولا : وفقا للمادة الثالثة من إتفاقية غرب البحر المتوسط بند أ  تستحق مصر إتاوة نقدا أو عينا بنسبة 10%من مجموع كمية البترول المنتج أثناء فترة التنمية بما في ذلك مدة التجديد .
ثانيا : بعد أن يسترد المقاول كل ربع سنة كافة التكاليف والمصروفات الخاصة بجميع عمليات البحث والتنمية والإستخراج في حدود 40% من كل البترول المنتج داخل منطقة البحث يتم اقتسام الإنتاج سواء من الزيت الخام أو البترول بين مصر والشركات الأجنبية علي نحو يجعل لمصر النصيب الأكبر ، وتتزايد حصص مصر كلما زاد الإنتاج حيث تبدأ حصة مصر من 61% حتي تصل إلي 80% ، وهذا الكلام ينطبق علي البترول والغاز ، مع ملاحظة أن تكاليف البحث والإنتاج إذا قلت عن 40% يوزع الباقي بين مصر والشركات وفقا للنسب المشار إليها .
ثالثا : تحصل مصر علي ما يسمي بمنح الإنتاج وأولها منحة بقيمة 2 مليون دولار ، ثم منح إنتاج متدرج حسب زيادة الكميات المنتجة ، وتبدأ المنحة ب 4 مليون دولار ثم 8 مليون دولار ثم 12 مليون دولار حين يصل الإنتاج إلي 500 ألف برميل يوميا .
وتم الإتفاق من خلال إتفاقية عام 1999م علي أن تكون مدة البحث 5 سنوات قابلة للتجديد 5 سنوات أخري ثم 3 سنوات بحيث يبدأ الإنتاج عام 2014 ، وبعد ذلك طالب الشركاء الأجانب بإدخال تعديل طفيف علي الإتفاقية يتمثل في زيادة سعر الغاز حين تقوم مصر بشراء حصة الشركة الأجنبية وتم التعديل بالفعل بموجب القانون رقم 3 لسنة 2008 ، وإلي هذا الحد تسير الأمور في صالح مصر .
وفجأة وبعد أن أعلنت الشركات عن اكتشاف 5 تريليون قدم مكعب من الغاز ، و 5 مليون برميل "متكثفات " وهي مادة ينتج منها البنزين بعد خلطه بمواد أخري توقفت الشركات عن العمل وأعلنت أن جميع الشروط الواردة بالإتفاقيات الأصلية لا تتناسب مع التكاليف التي ستنفقها وبدأوا مفاوضات مع وزارة البترول ليقدموا لنا بالاشتراك معا التعديل الذي تم تمريره من لجنة الصناعة والطاقة ومطلوب تمريره من المجلس الموقر ، والتعديل في حقيقته إتفاق جديد مفاده أن تقوم مصر بشراء الغاز المنتج بمعادلة سعرية بحيث لا يقل السعر بالنسبة للغاز عن 3 دولار ولا يزيد عن 4,1 دولار لكل مليون وحدة حرارية ، وهذا يعني أن مصر سوف تقوم بشراء غازها بسعر يزيد عن السعر العالمي دون أن يكون لمصر أي حصص من الإنتاج ، وبالنسبة للبترول فستقوم مصر بشرائه بسعر السوق ، أي أن مصر فقدت كل المزايا المنصوص عليها بالإتفاقية الأصلية ، علما بأن الإتفاقية الأصلية حظرت بشكل مطلق تعديل الإتفاقية علي نحو يمس بحقوق الطرفين ، وكل ما أجازته الإتفاقية الأصلية للشريك الأجنبي ورد في مادة تسمي " توازن العقد " حيث أجازت له أن يطلب إعادة التوازن إلي العقد إذا صدر تشريع مصري يضر بمركزه القانوني ، وفي هذه الحالة يطلب رفع الضرر عنه دون أن يؤدي ذلك لزيادة حقوقه أو الإنتقاص من حقوق مصر .
نلاحظ مما تقدم أن التعديل الذي تم مخالف للقانون مخالفة جسيمة لأنه خالف أصل الإتفاقية التي تمنع تعديل المزايا بالنسبة للطرفين .
ومن جهة أخري فالتعديل يلحق بالشعب المصري أضرارا فادحة لأنه يحرم هذا الشعب من الاستفادة بثرواته في الوقت الذي تحقق فيه سائر الدول المنتجة للبترول ومواد الطاقة ثروات طائلة تؤدي إلي طفرة اقتصادية وطفرة في حياة شعوبها .
للأسف الشديد باكورة إنتاج مصر من الغاز تم تصديره لإسرائيل وأسبانيا بأسعار تقل عن تكلفة إنتاج الغاز، وبدلا من أن يعود ثمن البيع علي الشعب المصري عاد علي جهاز المخابرات العامة من خلال شركة شرق البحر المتوسط التي أنشأها الجهاز ليستولي من خلالها علي ثمن تصدير الغاز لإسرائيل .
وبعد أن رزقنا الله عز وجل بكميات جديدة من الغاز نفاجئ بوزارة البترول تتنازل عنها للشريك الأجنبي في صفقة مثيرة للشكوك لاسيما أن وزارة البترول جمعت عددا كبيرا من الصحفيين في فنادق خمسة نجوم بالإسكندرية لكي تستعين بهم في الترويج لهذه التعديلات ، كما تم الإتصال ببعض نواب المعارضة لنفس الغرض وهو دعم تمرير التعديلات وقد كنت واحدا منهم وتم التوقيع لي علي تعيين ستة من أبناء الدائرة إلا أنني استعنت بخطاب التعيين كأحد المستندات المرفقة بالإستجواب .
كان ينبغي علي وزارة البترول أن ترفض تعديل الإتفاقيات وتطالب الشركات المتعاقدة الإلتزام ببنود العقد ، فإذا رفضت قامت الوزارة بفسخ العقد ومطالبة الشركات المتعاقدة بالتعويض عن الإخلال بشروط التعاقد وإسناد المهمة إلي شركات أخري من خلال الإجراءات القانونية المتبعة .
ومما يؤسف له أن المبرر الذي استندت إليه الشركات لتعديل الإتفاقية هو أن الإستخراج سيتم من المياه العميقة وسايرتها وزارة البترول زورا رغم أن الوزارة تعلم أن الإتفاقيات الأصلية عنوانها التنقيب عن البترول والغاز في المياه العميقة ، بما معناه أن هذا المبرر معلوم مسبقا للأطراف وتم الإتفاق علي أساسه وفقا للمزايا التي قررتها الشركات لمصر في مظروف المزاد المقدم منها .
وما عرضناه بشأن إتفاقية غرب البحر المتوسط تكرر في إتفاقية شمال إسكندرية والتي تم التصديق عليها بالقانون رقم 15 لسنة 1992م ثم تعدلت بالقانون رقم 34 لسنة 1994م ثم تعدلت بالقانون رقم 1 لسنة 2008م وتضمنت نفس الحقوق والمزايا بالنسبة لمصر ، وبعد أن ظهر البترول والغاز في غضون عام 2008م تم إدخال نفس التعديلات عليها والمتمثلة في إلغاء حصص ومزايا مصر وشراء مصر للغاز والبترول المملوك لها بالأسعار العالمية .
وسوف تلاحظ سيادتكم أن أصول الإتفاقيات سالفة الذكر والمقترح تعديلها لم تقدم للنواب في لجنة الصناعة والطاقة حتي لا يتمكنوا من معرفة الخسائر التي لحقت بمصر من جراء هذه التعديلات .
ومن الجدير بالذكر أنه قد حدثت تنازلات من بعض الشركات المتعاقدة لشركات أجنبية أخري حلت محلها في العقد علي النحو المبين بالاستجواب وأصول الإتفاقيات وتقرير لجنة الصناعة والطاقة المعروضين علي المجلس الموقر .
لكل ما تقدم فإنني أستجوب المذكورين فيما ذكر بأصل الاستجواب والمذكرة الملحقة به .
وفي المقال القادم سوف نعرض نص صحيفة الدعوي القضائية التي أقامها السفير إبراهيم يسري المحامي طالبا القضاء ببطلان ذات التعديلات الموضحة أعلاه حتي تتضح الصورة أكثر فأكثر .
وأقر برلمان الحزب الوطني التعديلات في 2010/6/10في  واحدة من جرائم العسكر في حق الشعب المصري حيث يتنازلون عن أي شيئ من حقوق الشعب المصري نظير استمرار الغرب في دعم حكمهم لمصر واستبدادهم بها واستيلائهم علي ثرواتها .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .
 

الاثنين، 28 ديسمبر 2015

موازنة المحكمة الدستورية الصندوق الأسود للانقلاب .

 
عدلي منصور يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب ويلتقط صورا بقصد دعوة المقاطعين للنزول
في غضون شهرنوفمبر 2012 تقدمت ببلاغ للنائب العام بتاريخ ضد كل من :
1- السيد المشير / محمد حسين طنطاوي      وزير الدفاع الأسبق.
2- السيد الأستاذ المستشار/ ماهر البحيري    رئيس المحكمة الدستورية العليا .
3- السيد الأستاذ الدكتور / كمال الجنزوري   رئيس الوزراء السابق .
بشأن قيام الأول بزيادة ميزانية المحكمة الدستورية في موازنة الدولة للعام 2013/2012 جاء فيه :
السيد الأستاذ المستشار النائب العام :
بالاطلاع علي الزيادات الواردة علي موازنة المحكمة الدستورية العليا خلال ميزانية الدولة للعامين 2012/2011 و2013/2012 تلاحظ لنا الآتي :
أولا : زيادة بند أجور وتعويضات العاملين بالمحكمة الدستورية .
تلاحظ لنا بالاطلاع علي موازنة الدولة للعام 2013/2012 بند المصروفات الوارد بالباب الأول زيادة أجور وتعويضات العاملين بالمحكمة الدستورية العليا لتصبح (67500000 ) أي سبعة وستون مليونا وخمسمائة ألف جنيه ، بينما كانت أجور وتعويضات العاملين بالمحكمة بموازنة 2012/2011 (53500000 ) أي ثلاثة وخمسون مليون وخمسمائة ألف جنيه .
وهذا يعني أن أجور وتعويضات العاملين بالمحكمة الدستورية العليا قد زادت اعتبارا من 2012/7/1 بمقدار ( 14000000 ) أربعة عشر مليون جنيه عن موازنة العام 2012/2011 .
ثانيا : زيادة بند شراء الأصول غير المالية ( الاستثمارات ) .
كما تلاحظ لنا أيضا زيادة بند شراء الأصول غير المالية ( الاستثمارات ) ليصبح في موازنة 2013/2012 (86320000 ) أي ستة وثمانون مليونا و ثلاثمائة وعشرون ألف جنيه ، بينما كان ذات البند في موازنة 2012/2011 بقيمة (75499000 ) أي خمسة وسبعون مليونا وأربعمائة وتسعة وتسعون ألف جنيه .
وهذا يعني أن بند شراء الأصول غير المالية ( الاستثمارات ) قد زاد في موازنة 2013/2012 عن سابقتها بمقدار ( 10821000 ) عشرة ملايين وثمانمائة وواحد وعشرين ألف جنيه .
وبذلك يكون إجمالي الزيادات الواردة علي موازنة المحكمة الدستورية العليا للعام 2013/2012 ( 25821000 ) خمسة وعشرون مليونا وثمانمائة وواحد وعشرون ألف جنيه .
ويكون إجمالي ما حصلت عليه المحكمة الدستورية العليا كموازنة للعام 2013/012 ( 153820000 ) مائة وثلاثة وخمسون مليونا وثمانمائة وعشرون ألف جنيه .
وقد نما إلي علمي أن موازنة المحكمة الدستورية العليا قد تم زيادتها للعام 2012/2011 بقيمة مقاربة .
وحيث أن هذه الزيادة التي تم إضافتها علي موازنة 2013/2012 وقدرها ( 14 ) أربعة عشر مليون جنيه اعتمدها مجلس الوزراء بتاريخ 2012/5/16 أي قبل حكم حل البرلمان بأقل من شهر ، واعتمدها المجلس العسكري بتاريخ 2012/7/1 أي بعد حكم حل البرلمان بسبعة عشر يوما ، لذلك ألتمس من سيادتكم :
تكليف لجنة من الجهاز المركزي للمحاسبات لبحث الأمور الآتية :
أولا : هل الزيادات التي اعتمدها المجلس العسكري للمحكمة الدستورية العليا في العامين 2012/2011 و 2013/2012 هي زيادات طبيعية أم مغالي فيها أخذا في الاعتبار أن إجمالي العاملين بالمحكمة من القضاة والموظفين يعد علي أصابع اليد .
ثانيا : أثرهذه الزيادات علي ما يتقاضاه كل قاضي ومفوض وموظف بالمحكمة اعتبارا من 2011/7/1 من رواتب وحوافز وخلافه ، وهل هذه الرواتب بالإضافات تتناسب مع الظروف التي تمر بها البلاد أم أن قضاة المحكمة الدستورية يُعاملون معاملة خاصة.
ثالثا : ما هي الأصول غير الثابتة التي أنفقت المحكمة الدستورية عليها سبعة وستون مليونا ونصف المليون في العام 2011 ، وستة وثمانون مليونا وثلاثمائة وواحد وعشرين ألف جنيه في العام 2012 .

أحال المستشار / عبد المجيد محمود النائب العام السابق البلاغ لنيابة الأموال العامة للتحقيق فيه ، إلا أنه وللأسف الشديد لم يتم فتح باب التحقيق في البلاغ منذ شهر نوفمبر 2012 .
إن موازنة المحكمة الدستورية لغز كبير حاول القضاة أنفسهم بباقي المحاكم فك طلاسمه دون جدوي عندما طالبوا بمساواة رواتبهم برواتب قضاة الدستورية ، والعجيب أن إجمالي العاملين بالمحكمة الدستورية من القضاة والمفوضين والموظفين لا يذكر ( 23 قاضي ومفوض و 50 موظف ) ، وهذا ما كشفه الأستاذ / طاهر عبد المحسن وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشوري ، حيث نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة الأهرام القومية بتاريخ 2013/6/20 خبرا بعنوان " تشريعية الشوري ترفض مناقشة موازنة المحكمة الدستورية : 20‏1 ألف جنيه راتب شهري للقاضي بالمحكمة " قالت فيه :
" رفضت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشوري خلال اجتماعها مساء أمس مناقشة موازنة المحكمة الدستورية العليا لعدم حضور ممثل المحكمة ، وأكد نواب اللجنة أنه لن يتم الموافقة علي موازنة المحكمة الدستورية إلا بعد حضور ممثل لها لمناقشته في أسباب الزيادة المطلوبة.
وأشار طاهر عبد المحسن وكيل اللجنة الي أن المحكمة الدستورية العليا طلبت زيادة ميزانيتها بمبلغ23 مليون جنيها مشيرا إلي أن الميزانية الحالية تبلغ70 مليون جنيه - يقصد بند الأجور والتعويضات فقط - بينما تطالب المحكمة زيادتها الي93 مليونا سنويا لافتا إلي أن الدستورية بها50 موظفا و11 قاضيا و12 عضو بالمفوضية العليا بالمحكمة ، وقال إن متوسط ما يتقاضاه القاضي بالمحكمة120 ألف جنيه شهريا ، علي جانب آخر كشف أعضاء لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عن وجود صناديق خاصة داخل المحكمة لم تدرج أموالها في الموازنة مطالبين بالكشف عن ذلك وضمها لميزانية المحكمة ".
وهذا يعني أن إجمالي الموازنة التي حصلت عليها المحكمة الدستورية للعام 2013/2012 وقدره ( 153820000 ) مائة وثلاثة وخمسون مليونا وثمانمائة وعشرون ألف جنيه ليس كل ما حصلت عليه المحكمة الدستورية إذا سلمنا بحديث أعضاء اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشوري بوجود صناديق خاصة بالمحكمة غير مدرجة بالموازنة .
ويبدو أن القضاة بالمحاكم الأخري سواء العادية أو الإدارية يعرفون الرواتب والمزايا الباهظة التي يحصل عليها قضاة المحكمة الدستورية العليا لذلك قاموا برفع العديد من القضايا بعضها أمام القضاء الإداري وهي الخاصة بمستشاري مجلس الدولة وبعضها أمام دوائر رجال القضاء بمحكمتي الاستئناف والنقض طلبوا في ختام صحيفتها مساواتهم بقضاة الدستورية في الرواتب والمزايا وحصلوا علي أحكام بالفعل ، فقد أصدرت الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا ، حكمها بمساواة قضاة مجلس الدولة وإعطائهم جميع المزايا المالية والعينية التي يحصل عليها نظراؤهم من مستشاري المحكمة الدستورية العليا ، وصرف الفروق بينهم بأثر رجعي لمدة 5 سنوات ، وذلك في الطعن المقام من 40 مستشارا بالمجلس ، من بينهم مستشار رئيس الوزراء/ السيد الطحان ، ورئيس قسم التشريع / المستشار مجدي العجاتي ورئيس محاكم القضاء الإداري/ المستشار يحيي دكروري ، والمستشارين عبدالقادر قنديل وحسن البرعي وأحمد الشاذلي وأحمد عبود وعبدالحليم القاضي ، وألزمت المحكمة كل من وزير العدل ووزير المالية ورئيس مجلس الدولة، بتنفيذ الحكم طبقا لقانون المحكمة الدستوريه العليا، الذي أكد سريان الضمانات والحقوق المقررة لقضاة مجلس الدولة ومحكمة النقض ، علي قضاة المحكمة الدستورية العليا ، وهو الأمر الذي يقتضي المساواة المالية بين جميع قضاة الهيئات الثلاث ، مجلس الدولة والنقض والدستورية العليا ( موقع دوت مصر ) .
وصدرت أحكام مماثلة لمستشارين بالقضاء العادي من دائرة رجال القضاء بمحكمة النقض .
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل حصل بعض الموظفين بمحاكم مجلس الدولة علي أحكام بمساواة رواتبهم ومزاياهم برواتب ومزايا موظفي المحكمة الدستورية ، وهذا ما نشرته صحيفة اليوم السابع بتاريخ 2014/11/1 في خبر بعنوان " الحكم بمساواة موظفى المحاكم والنيابات بنظرائهم فى المحكمة الدستورية " جاء فيه :
" قضت دائرة الترقيات بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بإلزام رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير العدل بمساواة موظفى المحاكم والنيابات بموظفى المحكمة الدستورية العليا بالمرتبات والترقيات وكافة المزايا العينية الأخرى بما فى ذلك شهور الصيف ، وكان سمير صبرى المحامى قد أقام دعوى بصفته وكيلا عن بعض موظفى المحاكم بطلب مساواتها بموظفين الدستورية العليا فى المرتبات وكافة المميزات والمكافآت وشهور الصيف " .
وعندما بدأ القضاة وأعضاء النيابة في تنفيذ الحكم تطلب الأمر بيان من المحكمة الدستورية موضح به إجمالي ما يحصل عليه القاضي بالمحكمة الدستورية من راتب وحوافز وبدلات وغير ذلك من المزايا المالية والنقدية ، لذلك قدموا طلبا للمحكمة الدستورية لإعطائهم البيان سالف الذكر إلا أن المحكمة الدستورية رفضت إعطائهم هذا البيان مما اضطرهم إلي رفع دعوي أمام دائرة طلبات رجال القضاء لإلزام الدستورية بالكشف عن رواتب قضاتها بملحقاتها ، وبالفعل أصدرت محكمة النقض حكما يلزم الدستورية بالكشف عن رواتب أعضائها ، إلا أن المحكمة الدستورية أصدرت حكما لنفسها بعدم الإعتداد بحكم محكمة النقض ، قالت في حيثياته " إن الباب الخامس من الدستور أكد استقلال المحكمة الدستورية العليا عن السلطة القضائية بجهتيها ( القضاء العادي ) و( مجلس الدولة ) ، وكذلك عن الهيئتين القضائيتين ( هيئة قضايا الدولة ) و(النيابة الإدارية) ، وأضافت أن هذا الاستقلال يؤدي إلى قيام المحكمة الدستورية العليا بذاتها على شؤونها ، وعدم انعقاد الولاية لأي جهة قضائية أخرى لنظر شؤون المحكمة الدستورية ، وذكرت المحكمة - وفقا لصحيفة الشروق - أن حكم النقض افتئات على الاختصاص الولائي للمحكمة الدستورية العليا في شأن أعضائها ، وجاوز حدود ولايته المقصورة على طلبات قضاة محاكم القضاء العادي دون غيرها من جهات القضاء الأخرى ، وهو الأمر الذي اضطر القضاة وأعضاء النيابة العامة للجوء لمحكمة النقض مرة أخري والتي أصدرت حكما ثانيا بإلزام الدستورية بالكشف عن رواتب أعضائها ، وفيما يتعلق بتفصيلات ما ذكرناه نشرت صحيفة الوطن بتاريخ 2015/9/10 خبرا بعنوان " النقض" تلزم عدلي منصور للمرة الثانية بالكشف عن رواتب الدستورية " جاء فيه :
" قضت دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض أمس بقبول الدعوى المقامة من عدد من قضاة محاكم الاسئتناف والسير في إجراءت التنفيذ بإلزام رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور بالكشف عن رواتب أعضاء المحكمة الدستورية لإجراء تسوية مالية بين قضاة الدستورية وأقرانهم بمحاكم الاستئناف استنادًا لنصوص الدستور التي تؤكد أنّ جميع أعضاء الهيئات القضائية متساوون في الحقوق والمزايا.
وجاءت الدعوى ردًا على حكم المحكمة الدستورية العليا في 24 فبراير 2015، والذي قضى بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ، والصادر في 17 يناير الماضي بإلزام المستشار عدلي منصور بالكشف عن رواتب قضاة المحكمة الدستورية حتى يتمكّن قضاة محاكم الاستئناف من إجراء مساواة مالية ".
ونشرت صحيفة الوطن حيثيات حكم النقض الثاني بإلزام الدستورية بالكشف عن رواتب أعضائها والذي تضمن بالإيضاح تسلل هذا النزاع بين المحكمة الدستورية ومحكمة النقض حيث تصمم الدستورية علي عدم الكشف عن رواتب أعضائها بينما أصدرت النقض حكمين بإلزام الدستورية بالكشف عن رواتب ومزايا أعضائها ، وكان الحكم الثاني للنقض قد صدر عقب إصدار الدستورية حكما لنفسها ترتكن إليه في رفض الإفصاح عن رواتب أعضائها ومزاياهم ، حيث نشرت بتاريخ 2015/9/17 خبرا بعنوان " الوطن تنشر حيثيات «النقض» بإلزام «الدستورية» بالكشف عن رواتب أعضائها " جاء فيه :
" تنفرد الوطن بنشر حيثيات حكم دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض ، بإلزام المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا بالسير فى إجراءات تنفيذ الحكم الصادر عن النقض فى 23 ديسمبر الماضى بالكشف عن كل ما يتقاضاه أعضاء المحكمة من راتب أساسى وما ارتبط به من بدلات وحوافز أياً كان مسماها غير المرتبطة بالراتب الأساسى ، مثل بدل عدم جواز الندب أو غيره ، وكل المزايا العينية التى يحصل عليها أو قيمتها المالية ، لإجراء مساواة مالية بين قضاة «الدستورية» وأقرانهم فى «الاستئناف».
واستعرضت المحكمة فى حيثيات حكمها مراحل التقاضى التى مرت بها الدعوى ، بدءاً من صدور حكم بات واجب النفاذ من محكمة النقض بإلزام «الدستورية» بالكشف عن الرواتب ، مروراً بطعن 11 عضواً من المحكمة الدستورية أمام دائرة طلبات المحكمة الدستورية ، التى قضت فى 24 فبراير 2015 ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض وعدم الاعتداد به ، ثم الطعن مجدداً من قبل قضاة الاستئناف لتمكينهم من تنفيذ الحكم البات الصادر لصالحهم ، مشيرة إلى أن محكمة النقض قضت بقبول الدعوي شكلا وفي الموضوع باستمرار السير في تنفيذ حكم النقض .
وقالت المحكمة فى حيثياتها ، إنها قبلت الطعن المقام من قضاة الاستئناف لإزالة كل عقبات التنفيذ التى تعترض تنفيذ حكمها الأول ، معتبرة أن حكم «الدستورية» يعتبر باطلاً ومنعدماً ، باعتباره عقبة من عقبات التنفيذ التى تعوق تنفيذ حكم محكمة النقض ، وهو والعدم سواء ، لأنه يشكل عائقاً أمام تنفيذ حكم محكمة النقض ، التى لا يجوز قانوناً الطعن عليها نهائياً من أى جهة.
وأضافت المحكمة أن قضاة الاستئناف تمسكوا بحقهم فى إزالة كل العقبات الخاصة بتنفيذ حكم محكمة النقض الأول ، وحضر المدعون عن أنفسهم ، وأصروا على طلباتهم ، فى إصدار حكم قضائى ببطلان حكم عدم الاعتداد الصادر من «الدستورية» وانعدامه ، مشددين على أحقيتهم فى صرف المخصصات المالية أياً كان مسماها ، وهى التى تصرف لأقرانهم بالمحكمة الدستورية وهيئة المفوضين بها والمتماثلين معهم فى الدرجة الوظيفية وفى الأقدمية ، وبإلزام المدعى عليهم بصفتهم فى هذا الطلب بأن يؤدوا لهم الفروق المالية المستحقة بموجب هذا الحكم لمدة خمس سنوات سابقة على تاريخ رفع الدعوى ، وبمراعاة تاريخ بدء الاستحقاق ، باعتبار أن الدستور نص على مساواة أعضاء الهيئات القضائية فى المزايا والحقوق ، ولم يستثنِ فى ذلك أعضاء المحكمة الدستورية العليا ، وبالتالى وجب تنفيذ الحكم للمساواة.
وأضافت المحكمة أن قضاة الاستئناف ، الصادر لهم حكم «النقض» بالمساواة ، أعلنوا الصيغة التنفيذية لذلك الحكم ، وتقدموا إلى مجلس القضاء الأعلى بطلب لتنفيذه ، إلا أنه توقف بسبب امتناع المستشار عدلى منصور بصفته رئيساً للمحكمة الدستورية عن تقديم بيان رسمى عن كل ما يتقاضاه والمستشارون نوابه وأعضاء هيئة مفوضى المحكمة الدستورية من راتب أساسى وما ارتبط به من بدلات وحوافز وكذا البدلات أياً كان مسماها غير المرتبطة بالراتب الأساسى مثل بدل عدم جواز الندب أو غيره وكل المزايا العينية التى يتم الحصول عليها أو قيمتها المالية وبالتالى لم يتمكنوا من تنفيذ الحكم.
وأوضحت المحكمة أنه من المقرر فى قضاء محكمة النقض ، أن اختصاص دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة استئناف القاهرة ، ومن بعدها محكمة النقض ، بكل ما يتعلق بشئون القضاة يعد اختصاصاً نوعياً متعلقاً بالنظام العام ، لا يقتصر نطاقه على ذلك فحسب ، بل يمتد بالضرورة إلى ما يحول دون تنفيذ الأحكام التى تصدر لصالحها ويتعذر تنفيذها ، والتى تمتد إلى الادعاءات التى لو صحت لأثرت فى التنفيذ ، ويترتب عليها أن يصدر الحكم بجواز التنفيذ أو عدم جوازه لصحته أو بطلانه ، أو بوقفه أو الاستمرار فيه، أو بعدم الاعتداد به ، أو بالحد من نطاقه ، مشيرة إلى أن القوانين المتعلقة بالتنظيم القضائى والمرافعات المدنية ، وهى المشتملة على الإجراءات والأوضاع التى تلزم مراعاتها عند الالتجاء إلى القضاء ، وكيفية الفصل فى الدعوى وقواعد إصدار الأحكام والطعن فيها وتنفيذها ، لا شأن لها بجوهر الحقوق الموضوعية ولا بالنصوص القانونية المنظمة لها ، وأن القانون منع الطعن على أى حكم صادر من محكمة النقض ، وأن أحكامها باتة واجبة النفاذ ، لافتة إلى أن محكمة النقض التى تعتبر قمة السلطة القضائية فى سلم ترتيب المحاكم ، فلا تعلوها محكمة ولا تخضع أحكامها لرقابة جهة ما.
واختتمت المحكمة حيثيات حكمها بتأكيد أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا ، وأياً كان وجه الرأى فيه من حيث المصلحة والاختصاص لا يعدو أن يكون عقبة مادية فى سبيل تنفيذ الحكم الأول الصادر على «النقض» ، وهو والعدم سواء ، ولا قيمة له ، انطلاقاً من مبدأ عدم جواز تسلط قضاء على قضاء ، ولا يغير ذلك ما يُقال من أن أحكام المحكمة الدستورية العليا ذات حجية مطلقة ، لأن الحجية المطلقة لأحكام «الدستورية العليا» تكون للأحكام الصادرة عنها بخصوص الفصل فى دستورية القوانين ، التى تلتزم بها جميع سلطات الدولة ، ولا تتحقق تلك الحجية المطلقة إلا فى تلك الحالة ، وبناءً عليه قضت المحكمة بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر من دائرة طلبات رجال القضاء وإلزام رئيس المحكمة الدستورية بالكشف عن رواتب أعضاء المحكمة.
ولا شك أن المحكمة الدستورية قد أصدرت لنفسها حكما بعدم الإعتداد بحكم النقض الذي يلزمها بالكشف عن رواتب أعضائها حتي يتحاشي المستشار عدلي منصور إقامة جنحة مباشرة ضده من القضاة بالمحاكم الأخري وأعضاء النيابة بتهمة الإمتناع عن تنفيذ حكم صادر عن محكمة النقض ، وقد نشرت صحيفة الوطن تحقيقا رصدت فيه ردود فعل القضاة وأعضاء النيابة عقب قيام أعضاء من هيئة مفوضي المحكمة الدستورية بإقامة دعوي ضدهم لمنع إصدار بيان يكشف حقيقة رواتبهم ومزاياهم العينية والنقدية ، حيث نشرت تحقيقا بعنوان " قضاة الاستئناف يحشدون لمساواتهم مالياً مع مستشارى الدستورية " جاء فيه :
" كشفت مصادر قضائية عن بدء إعداد عدد من قضاة الاستئناف الحاصلين على أحكام بمساواتهم مالياً مع قضاة المحكمة الدستورية العليا لمذكرة قانونية للرد على الدعوى المقامة ضدهم من عدد من مستشارى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا ، والمحدّد لنظرها جلسة 27 يناير الحالى أمام هيئة مفوضى الدستورية .
وقالت المصادر إن «قضاة الاستئناف» يقومون حالياً بحشد القضاة لحضور الجلسة والرد على كل الدفوع التى أثارها مستشارو «الدستورية» فى دعواهم ، وتأكيد أن حكم محكمة النقض الصادر بإلزام رئيس المحكمة الدستورية العليا بالكشف عن رواتب قضاة المحكمة جاء متفقاً وصحيح الدستور والقانون .
فى المقابل قال المستشار محمد عبدالعزيز الشناوى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا ، إنه لا يوجد أىُّ خلاف أو أزمة بين قضاة «الدستورية» وقضاة «الاستئناف» ، منوّهاً إلى أن الجميع يعملون لتحقيق رسالة واحدة هى العدل ، مشيراً إلى أن الدعوى التى أقامها 11 قاضياً من هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا وتحمل رقم 1 لسنة 37 قضائية بشأن الحكم الصادر من دائرة رجال القضاء بإلزام المستشار عدلى منصور رئيس المحكمة الدستورية بتقديم بيان رسمى عما يتقاضاه أعضاء المحكمة لا تزال فى مجال التحضير والبحث والدراسة.
وأضاف «الشناوى» لـ«الوطن» أن جميع القضاة زملاء فى محراب العدالة ، وأن الخلاف بين قضاة «الدستورية» وقضاة «النقض» و«الاستئناف» هو خلاف فى وجهات النظر القانونية بشأن رواتب أعضاء تلك الهيئات ، لافتاً إلى أنه لا يجوز إبداء أى رأى فى هذا الخلاف ، لأنه معروض حالياً على المحكمة الدستورية للفصل فيه ، وأوضح أن هذا الاختلاف لا يؤثر إطلاقاً فى الود القائم بين الهيئات القضائية التى تسعى لتحقيق العدالة كلٌّ فى مجاله ، وأن المحكمة ليست فى خصومة مع أحد ، وتمارس عملها وفقاً لما أناطها به الدستور والقانون .
من جانبه قال مصدر قضائى إن الدعوى المقامة من مستشارى هيئة المفوضين ، تعطى الفرصة للمستشار عدلى منصور للامتناع عن تنفيذ حكم محكمة النقض لحين الفصل فى تلك الدعوى ، خاصة أنه من حق «قضاة الاستئناف» إقامة جنحة مباشرة ضد رئيس المحكمة الدستورية العليا لامتناعه عن تنفيذ حكم قضائى .
فى المقابل قال مصدر قضائى بمحكمة استئناف القاهرة ، إن عدداً كبيراً من القضاة سيتقدّمون بطلبات موضوعية للتدخل فى الدعوى المنظورة أمام «الدستورية» ، استناداً إلى نص المادة 125 مرافعات ، والمطالبة برفض الدعوى لتنفيذ حكم محكمة النقض واجب النفاذ ، بالتسوية المالية عن طريق إلزام رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلى منصور بتقديم بيان برواتبه ورواتب أعضاء المحكمة الدستورية ، لافتاً إلى أن نوادى قضاة الأقاليم ستُرسل مندوبين عنهم لحضور الجلسة وتقديم طلباتهم .
وأكد المصدر أحقية قضاة الاستئناف فى التسوية المالية مع نظرائهم فى المحكمة الدستورية العليا ، لا سيما أن فارق المرتبات بينهما حسبما يتردد قد يصل إلى 20 ألف جنيه ، وبالتالى فإن القضاة متمسكون بحقوقهم فى التسوية ، خاصة أن الدستور ينص على المساواة بين جميع الهيئات القضائية .
على الصعيد القانونى قال الدكتور فتحى فكرى أستاذ القانون الدستورى ، إن الحكم الصادر من محكمة النقض - فى تقديرى - لا يمس استقلال المحكمة الدستورية العليا من قريب أو بعيد ؛ لأنه لم يتضمّن أو لم ينطوِ على أىّ تدخّل فى اختصاصاتها أو الانتقاص من أى امتيازات يتمتعون بها بحكم عملهم ، مضيفاً أن الأمر قاصر على الحصول على بيانات لازمة لتنفيذ أحكام قضائية واجبة النفاذ .
وأضاف أنه لا يوجد من يستطيع أن يمنع أى شخص من اللجوء إلى المحاكم أيّاً من كان بمن فى ذلك أعضاء هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا ، باعتبار أن ذلك يشكّل ممارسة لحق دستورى وهو حق التقاضى ، مشيراً إلى أن السؤال الذى يثور حالياً ، هو هل ستُقبل الدعوى أم لا ؟ ودون الدخول فى التفاصيل ، خصوصاً أنه ليس أمامنا عريضة الطعن ، الذى يتوقف عليه «هل حكم محكمة النقض يمس استقلال المحكمة أم لا ؟.
وكانت «الوطن» قد انفردت بنشر حيثيات حكم محكمة النقض  برئاسة المستشار أحمد الحسينى يوسف فى قضية المساواة بين رواتب قضاة «الاستئناف» وقضاة المحكمة الدستورية العليا ، حيث صدر حكم نهائى بات واجب النفاذ يُلزم رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلى منصور بتقديم بيان عن جميع ما يتقاضاه وبقية أعضاء المحكمة من راتب أساسى ، وما يرتبط به من بدلات وحوافز ، أياً كان مسماها ، مثل بدل عدم جواز الندب أو غيره من المزايا العينية التى يحصلون عليها أو قيمتها المالية. انتهي تحقيق صحيفة الوطن .
وأقول : لقد خاضت المحكمة الدستورية معركة بكل ما تحمل الكلمة من معني لكي تظل ميزانيتها ورواتب أعضائها سرية ، امتنعت عن إعطاء بيان يوضح قيمة ما يحصل عليه كل قاضي بالمحكمة الدستورية من رواتب ومزايا نقدية وعينية ، ثم امتنعت عن تنفيذ حكم النقض الذي يلزمها بإصدار البيان المطلوب ، ثم أصدرت لنفسها حكما ترتكن إليه في تبرير موقفها الرافض للكشف عن رواتب أعضائها ومزاياهم ، وهو حكم مخالف لصحيح القانون لأن الكشف عن رواتب أعضاء الدستورية لا يمثل شأنا من شئون أعضائها وإنما هو كشف عن رواتبهم وهو الأمر الذي توجبه قواعد الرقابة والمحاسبة التي أنشئت من أجلها أجهزة رقابية مثل الجهاز المركزي للممحاسبات أو الرقابة الإدارية ، ثم امتنعت للمرة الثانية عن تنفيذ حكم جديد للنقض يلزمها بإصدارالبيان ، وهذا يدعو كل عاقل لطرح العديد من الأسئلة :
س لماذا صمم المستشار عدلي منصور علي عدم إصدار بيان يوضح رواتب ومزايا قضاة المحكمة الدستورية ؟
س هل الرواتب والمزايا الباهظة التي يحصلون عليها هي التي دعت المحكمة الدستورية بقيادة تهاني الجبالي إلي الدخول في معارك مع برلمان الثورة عندما نما إلي علمهم أن أحد النواب قدم مشروع قانون لتعديل قانون المحكمة الدستورية ؟
س هل الرواتب والمزايا الباهظة التي يحصل عليها قضاة الدستورية هي التي دعت المحكمة الدستورية لمشاركة المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية من خلال حضور بعض مستشاريها مثل تهاني الجبالي والمستشار حاتم بيجاتو وغيرهما جلسات الحوار والمناقشة التي كان يديرها المجلس العسكري مع الأحزاب والقوي الساسية ومع المجلس الاستشاري رغم مخالفة حضورهم لقانون السلطة القضائية الذي يحظر مشاركتهم في السياسة ، ورغم أن دورهم في تقديم المشورة - علي فرض أن مشاركتهم كان هدفها إعطاء الرأي الدستوري - كان يمكن أن يقوم به غيرهم من أساتذة القانون ؟
س هل الرواتب والمزايا الباهظة التي يحصلون عليها ويحرصون علي سريتها وكأنها كنز فرعوني عثروا عليه هي السبب في إصدارهم حكم بحل البرلمان في جلسة واحدة دون مرافعات من أطراف الخصومة وبالمخالفة لاختصاصهم الذي ينحصر في القضاء بدستورية القوانين من عدمه دون أن يعطيهم الحق في القضاء علي أكبر وأهم سلطة في الدولة وهي البرلمان المنتخب ؟
س هل الرواتب والمزايا هي التي دعتهم إلي إصدار حكم في أربعة وعشرين ساعة بإلغاء قرار الدكتور مرسي الرئيس الشرعي للبلاد بإعادة البرلمان للعمل بصفة مؤقتة لحين انتخاب برلمان جديد باعتبار أنه البرلمان المنتخب بعدد 32 مليون مواطن مصري في سابقة لم تحدث في تاريخ مصر ؟
س هل الرواتب والمزايا هي التي دعتهم إلي استخراج دعوي مخبأة في الأدراج منذ خمسة عشر عاما تتضمن طعنا دستوريا علي قانون الطوارئ لتصدر فيها حكما بتاريخ 2013/6/2 بإلغاء معظم بنود القانون التي كان يستخدمها مبارك في استعباد الشعب  أي قبل 2013/6/30 بأيام حتي تجرد الرئيس مرسي من أي آلية لمواجهة ما سيحدث في حشد المظاهرات الممهدة للانقلاب ؟ هذا مع رفضي لقانون الطوارئ ولكني أسعي لبحث نواياهم .
س هل الرواتب والمزايا التي يحصل عليها قضاة الدستورية هي التي دعتهم للمشاركة في الانقلاب مشاركة صريحة معلنة حتي يتخلصوا من هاجسهم بأن الثورة يمكن أن تخطف منهم الكنز ، أو تخطفهم من الكنز ؟
هذه الأسئلة مطروحة للقراء ، وأتمني أن يشاركوني الرأي والتعليق أينما ووقتما قرأوا هذا المقال .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

 

الأربعاء، 23 ديسمبر 2015

الشرطة ترد الجميل للإخوان وبرلمان الثورة .

 
مجلس الشعب يقر تعديلات قانون هيئة الشرطة
اجتمعت كل من لجنة الدفاع والأمن القومي واللجنة التشريعية في اجتماع مشترك لعدة أيام متتالية ، يبدأ الاجتماع في الصباح وينتهي مع آذان المغرب بقصد إصدار قانون بتعديلات علي القانون رقم 109 لسنة 1971 في شأن هيئة الشرطة ، وبعد هذا الجهد قام برلمان الثورة بإنهاء مناقشة القانون وإقراره في زمن قياسي .
كانت من بين هذه التعديلات فقرتان لرفع رواتب ضباط الشرطة والأمناء والمساعدين والمراقبين والمناديب وضباط الصف والجنور ورجال الخفر النظاميين ، أي جميع العاملين بالشرطة ، فقد نصت المادة (21/2) بعد تعديلها علي أن :
( يستمر صرف العلاوات الدورية بالفئات المبينة في الجدول المرافق لهذا القانون وفي الموعد المقرر لاستحقاقها وذلك بما لا يجاوزنهاية ربط رتبة أو درجة الوظيفة التالية للدرجة أو الرتبة الأعلي مباشرة لرتبة أو درجة وظيفته بمائة وثمانية جنيهات سنويا مضافا إليه قيمة علاوتين من علاواتها الدورية ، وتعتبر جداول مرتبات أفراد الشرطة وحدة واحدة في هذا الشأن ).
كما نصت المادة (22/2) بعد التعديل علي أنه :
( ويستحق ضباط الشرطة بدل طبيعة عمل كما يستحقون البدلات المهنية المتعلقة بأداء الوظيفة أو بسبب الحصول علي مؤهلات علمية معينة ويحدد وزيرالداخلية شروط وأوضاع استحقاقها وفئاتها ).
* ترتب علي هاتين المادتين رفع رواتب الضباط علي النحو التالي :
- لواء مساعد وزير الداخلية  من 7600 جنيه إلي 10000جنيه.
- لواء مساعد أول وزير داخلية من ........   إلي 12000 جنيه.
- لواء من 6240 جنيه إلي 8496 جنيه .
- عميد من 5520 جنيه إلي 7440جنيه .
- عقيد من 4416 جنيه إلي 6000 جنيه.
- مقدم من 3840جنيه إلي 4944 جنيه .
- رائد من 3120جنيه إلي 4416جنيه .
- نقيب من 2544جنيه إلي 4158جنيه.
- ملازم أول وملازم من 2219جنيه إلي 3044 جنيه .
* كما زادت رواتب أمناء الشرطة علي النحو التالي :
- أمين شرطة ممتاز أول من 5712جنيه إلي 7872جنيه.
- أمين شرطة ممتاز ثان من 4512جنيه إلي 6312 جنيه.
- أمين شرطة ممتاز من 3552جنيه إلي 4992جنيه.
- أمين شرطة أول من 2976جنيه إلي 4200جنيه.
- أمين شرطة ثان من 2112جنيه إلي 3012جنيه.
- أمين شرطة ثالث من 1728جنيه إلي 2448جنيه.
* وزادت رواتب مساعدي وضباط صف وجنود الشرطة علي النحو التالي :
- مساعد ممتاز 4550جنيه إلي 6227جنيه .
- مساعد أول من 3312 إلي 4500جنيه .
- مساعد ثان من 2268جنيه إلي 4212جنيه.
- مساعد ثالث من 1728جنيه إلي 3168جنيه.
- رقيب أول من 1584جنيه إلي 2340جنيه .
- رقيب من 1476جنيه إلي 1956جنيه .
- عريف من 1368جنيه إلي 1788جنيه.
- جندي من 1296جنيه إلي 1656جنيه.
* وزادت رواتب مراقبي ومندوبي الشرطة علي النحو التالي :
- مراقب شرطة ممتاز 3348جنيه إلي 4464جنيه.
- مراقب شرطة أول من 2952جنيه إلي 3972جنيه.
- مراقب شرطة ثان من 2520جنيه إلي 3270جنيه.
- مراقب شرطة ثالث 2232جنيه إلي 3832جنيه.
- مندوب شرطة ممتاز من 1980جنيه إلي 2550جنيه.
- مندوب شرطة أول 1728جنيه إلي 2268جنيه.
- مندوب شرطة ثان 1476جنيه إلي 1986جنيه .
- مندوب شرطة ثالث من 1404جنيه إلي 1884جنيه .
* وزادت رواتب رجال الخفر علي النحو التالي :
- شيخ الخفر من 2472جنيه إلي 3212جنيه.
- وكيل شيخ الخفر من 2088 إلي 2886جنيه .
- خفير ممتاز من 1708جنيه إلي 2460جنيه.
- خفير أول من 1416جنيه إلي 2130جنيه.
- خفير ثان من 1128جنيه إلي 1800 جنيه .
- خفير ثالث من 840 جنيه إلي 1512جنيه.
ومن جهة أخري نصت المادة الثانية من القانون علي أن :
( تضاف فقرة جديدة إلي نص المادة 79من قانون هيئة الشرطة المشار إلي نصها كالآتي :
 ويعين من يحصل علي درجة أمين شرطة ممتاز في رتبة الملازم شرف بعد حصوله علي فرقة تأهيلية بكلية الشرطة يصدر بنظامها ومواعيدها قرار من وزيرالداخلية بعد رأي المجلس الأعلي للشرطة ، ويشترط فيمن يرشح إليرتبة الملازم شرف الشروط الآتية :.......)

هذا ما فعلناه إيمانا منا بضرورة تحسين أحول ضباط وأفراد الشرطة تشجيعا لهم للقيام بدورهم في خدمة الشعب دون كلل أو ملل في حدود المتاح ، وها هم ضباط وأفراد الشرطة يردون الجميل لبرلمان الثورة ولأكثريته من الإخوان المسلمين وأهلهم وذويهم ومن انتخبهم ومن دافع عنهم ، كنت أمثل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في اللجنة المشتركة ، وكان الدكتور فريد اسماعيل يحضر جمع الجلسات بصفته وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي ، رحم الله عز وجل النائب فريد اسماعيل الذي ظل معنا طوال فترة مناقشة القانون والذي مات في سجن العقرب تحت تأثير الضغط النفسي الذي تعرضنا له فضلا عن رفض إدارة السجن علاجه بمستشفي خارج السجن ، رحم الله عز وجل النائب ناصر الحافي الذي كان ضمن التسعة الذين تم قتلهم في إحدي الوحدات السكنية بمدينة 6 أكتور ، وفك الله عز وجل أسر النائب حسين إبراهيم الذي تم القبض عليه وضربه وتصويره وهو ملقي علي الأرض ونشر الصورة ، وفك الله عز وجل أسر جميع نواب برلمان الثورة وكل المعتقلين في مصر . إن مافعلته الشرطة مع الإخوان ونواب برلمان الثورة واضح شاهده ويعرفه الشعب جيدا ولا أري ضرورة لتكراره .
تري لماذا فعلنا الخير معهم  وقابلوه بما فعلوا ؟
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .
        

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

الصحافة السودانية وقبول قضيتي بعدم دستورية تقسيم السودان.

 
نتانياهو يحتفي ب سيلفاكير
ما أن أصدرت المحكمة الدستورية حكمها بقبول الدعوي المقامة مني - بعدم دستورية إتفاقية السلام الشامل - شكلا ، والتي أجازت للجنوب أن ينفصل عن السودان حتي حدث انقلاب في الصحافة السودانية .
بتاريخ 2010/10/14 نشرت صحيفة " الراكوبة " السودانية تحت عنوان " الدستورية" السودانية تقبل طعن "العمدة" المصري على تقسيم السودان "شكلاً" ، وجاء في الخبر ما يأتي :
" قررت المحكمة الدستورية السودانية بعضوية ثلاثة قضاة امس ، قبول الطعن المقدم من النائب المصرى محمد العمدة عضو مجلس الشعب شكلا ، والذى طالب فيه بإلغاء اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب السودانى ، كما قررت إحالته إلى دائرة أخرى مكتملة الأعضاء للفصل فيه موضوعاً.
كان محمد العمدة عضو مجلس الشعب المصرى قد أقام طعنا أمام المحكمة الدستورية لجمهورية السودان العربية ، يطالب فيه بعدم دستورية اتفاقية السلام المبرمة بين شمال وجنوب السودان فى يناير 2005 والتى أتاحت للجنوب حق تقرير المصير، مؤكداً أن استقلال الجنوب سيحول المنطقة العربية إلى صراعات على غرار إسرائيل.
أوضح فى طعنه الذى حمل رقم 203 لسنة2010 دستورية ، أنه بموجب اتفاقية السلام الشامل التى وقعت بين شمال وجنوب السودان فى يناير 2005 وقع كل من حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان على بنود الاتفاقية ، والتى أتاحت لجنوب السودان الحق فى تقرير مصيره بعد 6 سنوات من توقيع الاتفاقية ، وذلك من خلال استفتاء لمواطنى الجنوب يقررون من خلاله إما البقاء فى السودان الموحد أو الانفصال فى دولة مستقلة.
وأضاف أن هذه الاتفاقية خطيرة لأنها ستفتح باب الصراع المسلح بين الشمال والجنوب من جهة ، فى ظل خلو الاتفاق من ترتيبات الدولة الجديدة وتقسيم الثروة البترولية ، ومن جهة أخرى بين القبائل المختلفة فى الجنوب وبعضها بسبب الصراع على السلطة.
وتابع أن الخطورة لا تقتصر على السودان وحده وإنما تمتد إلى كل الدول العربية والأفريقية، معللا ذلك بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستساندها فى إشارة منه إلى جنوب السودان حال قرر الانفصال، وستمدها بالأسلحة المحرمة على غرار إسرائيل لتهدد الجميع وتحقق مطامع الغرب فى ثروات قارة أفريقيا والعالم العربى ".
كما نشرت صحيفة " الصحافة السودانية " بتاريخ 2010/10/13 تحت عنوان " الدستورية تقبل شكلاً طعنا بشأن تقسيم السودان " ، جاء فيه :
" الخرطوم - الصحافة : قررت المحكمة الدستورية بعضوية ثلاثة قضاة أمس ، قبول الطعن المقدم من النائب المصرى محمد العمدة عضو مجلس الشعب شكلا ، والذى طالب فيه بإلغاء اتفاقية السلام ، كما قررت إحالته إلى دائرة أخرى مكتملة الأعضاء للفصل فيه موضوعاً.
كان محمد العمدة عضو مجلس الشعب المصرى قد أقام طعنا أمام المحكمة الدستورية في السودان ، يطالب فيه بعدم دستورية اتفاقية والتى أتاحت للجنوب حق تقرير المصير ، مؤكداً أن استقلال الجنوب سيحول المنطقة العربية إلى صراعات على غرار إسرائيل .
أوضح فى طعنه الذى حمل رقم 203 لسنة2010 دستورية ، أنه بموجب اتفاقية السلام الشامل ، والتى أتاحت لجنوب السودان الحق فى تقرير مصيره بعد 6 سنوات من توقيع الاتفاقية ، وذلك من خلال استفتاء لمواطنى الجنوب يقررون من خلاله إما البقاء فى السودان الموحد أو الانفصال فى دولة مستقلة.
وأضاف أن هذه الاتفاقية خطيرة لأنها ستفتح باب الصراع المسلح بين الشمال والجنوب من جهة ، فى ظل خلو الاتفاق من ترتيبات الدولة الجديدة وتقسيم الثروة البترولية ، ومن جهة أخرى بين القبائل المختلفة فى الجنوب وبعضها بسبب الصراع على السلطة.
وتابع أن الخطورة لا تقتصر على السودان وحده وإنما تمتد إلى كل الدول العربية والأفريقية ، معللا ذلك بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستساندها فى إشارة منه إلى جنوب السودان حال تقرر الانفصال ، وستمدها بالأسلحة المحرمة على غرار «إسرائيل» لتهدد الجميع وتحقق مطامع الغرب فى ثروات قارة أفريقيا والعالم العربى ".

لقد أحدث حكم المحكمة الدستورية السودانية بقبول القضية شكلا وإحالتها إلي دائرة مكتملة للفصل في الطلبات الموضوعية هلعا لدي النظام السوداني والذي كان يتعرض رئيسه للإبتزاز الأمريكي والغربي بإحالة رئيسه للمحكمة الجنائية الدولية ، وتهديده بشكل متكرر بالقبض عليه كلما أعلن عن زيارة خارج السودان ، هذا فضلا عن العقوبات المفروضة علي السودان ، ويبدو أن كل ذلك أحدث أثره ، وجعل النظام حريصا علي تمرير الإتفاقية بما فيها من تنازلات عن حقوق الشعب والوطن السوداني .
بدأت علي الفور مقالات الانتقاد الشديد للمحكمة الدستورية السودانية واتهامها بعدم الوطنية وتحذيرها بشكل مباشر وغير مباشر من إصدار حكم بعدم دستورية الإتفاقية ، من بين هذه المقالات سلسلة بعنوان " المحكمة الدستورية و البرلماني المصري : تقويض الدستور ، تقويض السيادة ، و تقويض المواطنة " ، هذه السلسلة لعدة كتاب منهم الدكتور / معاوية عمر والطيب الشيقوقي ومن يدعي كبر ، ونشرت جميعها يوم 2010/10/14 سوف نقتطف بعضا منها نعرضه نظرا لطول هذه المقالات وكثرة من جاء فيها :
يقول الكاتب المدعو " كُبَر " : 
" طالعتنا الصحف اليومية السودانية بخبر يفيد أن المحكمة الدستورية السودانية قد قبلت (شكلا) طعنا مقدم من البرلماني المصري عضو مجلس الشعب المصري السيد محمد العمدة ، و أن الطعن يتعلق بتقسيم السودان و ضرورة الغاء اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005(سنلحق الخبر لاحقا هنا)..
حينما قرأت الخبر في المرة الأولي كنت اظن أن نائبا برلمانيا سودانيا و في المجلس الوطني السوداني و اسمه المصري ، و لكن حينما راجعت الخبر اكثر من مرة تيقنت أنه مواطني أجنبي ..!
كنت أتمنى من كل قلبي أن تكون صياغة الخبر قد احتوت على خطأ ما و في مكان ما..و أن قرار الدائرة الدستورية في أساسه شطب الدعوى ، لأن مثل ذلك القرار (قرار الشطب) هو الذي يتسق مع روح الدستور و القانون و طبيعة عمل المحكمة الدستورية.. أما اذا كان الخبر صحيح و أن المحكمة الدستورية فعلا قد قبلت دعوى دستورية من مواطن أجنبي في شأن سوداني سيادي.. فإن المحكمة بهذا السلوك تكون قد قوضت الدستور الوطني السوداني و الذي من مهامها حراسته و حمايته ، و في نفس الوقت تكون المحكمة قد انتهكت حرمة السيادة الوطنية السودانية و ذلك بالسماح لمواطنين أجانب التظلم في شئون دستورية سودانية عليا ، و أيضا قد تكون المحكمة ابتدعت مفهوم جديد لمفهوم المواطنة بأن أصبح لها اختصاص يتعدى حدود السودان الجغرافية و السياسية و الدستورية و القانونية..! "
جوهر عريضة نائب مجلس الشعب المصري محمد العمدة ، و هو مواطن غير سوداني ، يطالب بإلغاء إتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 ، و هي إتفاقية سودانية بين أطراف سودانية و تحقق مصالح سودانية لمواطنيين سودانيين ، و هي الإتفاقية التي قام عليها دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005 ، و المطالبة بإلغاء تلك الإتفاقية بالضرورة تعني المطالبة بالغاء دستور 2005.. والأنكي أن مواطنا أجنبيا يطالب بالغاء دستور دولة اخرى..!!!
فكيف تسمح محكمة سودانية بقبول هذا الطلب ؟.. و كيف سمحت لنفسها بتصريح الدعوى ابتداءا ؟
إن صح وفعلت المحكمة الدستورية هذا الفعل ، فإنها تكون قد ارتكبت خيانة وطنية ، وأمام الجميع ، تقتضي المحاسبة العاجلة.. ووقف العبث و الفوضى..
هنا سنوضح ، باقتضاب ، ماهية المحكمة الدستورية السودانية ، مفهوم السيادة الوطنية السودانية ، مفهوم المواطنة في الدولة السودانية ، الجهات التي لها الحق في تعديل الدستور القومي و طرق التعديل.. ثم سلطات المحكمة الدستورية في شطب الدعوى إيجازيا..
... لم ينص الدستور السوداني لسنة 2005 ، و هو الدستور الذي بموجبه تم تكوين المحكمة الدستورية السودانية ، لم ينص هذا الدستور في حق المحكمة الدستورية و سلطتها في تصريح و قبول عرائض دعوى من مواطنيين أجانب في مسائل دستورية سيادية .. بغض النظر عن كون مثل ذلك القبول هو شكلي أو موضوعي ، لأن المبدأ يقتضى أنها هيئة سودانية تختص بنظر مظالم مواطنيين من السودان ، لأن الدستور نفسه حدد و عرف من هو المواطن السوداني ، و بالتالي من هو المواطن الذي يحق له أن يتمتع بالحقوق الدستورية و بالتالي حماية مثل تلك الحقوق و بواسطة المحكمة الدستورية في نفسها..!
المادة (1/1) من دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005 تقرأ (جمهورية السودان دولة مستقلة و ذات سيادة )..
ومن مظاهر هذه السيادة أن يعمل جميع مواطني السودان على حماية سيادة السودان أرضا و جوا و بحرا و دستورا.. ومن مقتضى هذا المفهوم ، أن المواطن الأجنبي لا يحق له التدخل في أمور السودان السيادية ، ناهيك أن تعمل هيئة سودانية دستورية لمساعدة مثل ذلك المواطن الأجنبي في انتهاك حرمة السيادة السودانية بتصريح و قبول دعوى تهدف الى نسف الدستور و الغائه تماما عن الوجود..!
في شهادته المرفقة في آخر الدستور الإنتقالي لسنة 2005 ، شهد السيد أحمد ابراهيم الطاهر ، رئيس المجلس الوطني بالتالي :
( بهذا أشهد بأن المجلس الوطني قد اجاز دستور جمهورية السودان الإنتقالي لسنة 2005 ، في جلسته رقم (24) من دور الإنعقاد التاسع بتأريخ 30 جمادى الأولى 1426 الموافق السادس من يوليو 2005)..
و بالرغم من أن هذه الشهادة ليست هي نص دستوري في حد ذاتها ، و لكنها توضح أن إجازة الدستور ، و هو المؤسس للمحكمة الدستورية السودانية ، قد تم وفقا لإرادة أهل السودان وممثليهم في المجلس التشريعي السوداني .. وبالضرورة تعني هذا الشهادة أن نواب مجلس الشعب المصري ليسوا هم جزءا من المجلس الوطني السوداني حتى تسمح لهم المحكمة الدستورية بمثل تلك التدخلات السافرة و التغولات في تقويض الدستور السوداني لدرجة المطالبة بالغائه بصورة غير مباشرة ، لأننا نفهم أن المطالبة بالغاء اتفاقية نيفاشا هي بالضرورة مطالبة بالغاء دستور السودان الإنتقالي..!
حينما تحدثت المادة (7) من الدستور الإنتقالي لسنة 2005 ، لم تتحدث عن مفهوم للمواطنة و الجنسية بطريقة مفتوحة ، حتى يحق للمتغولين الأجانب التمتع بالحقوق الدستورية وفقا لدستور السودان المانع .. بل كانت المادة منضبطة و تحدثت عن مواطنية و جنسية سودانية ..
المادة (7/1) تقرأ ( تكون المواطنة أساس الحقوق المتساوية و الواجبات لكل السودانيين ) .. و إن كانت المادة بهذا الوضوح ، فكيف يمكن أن تقنعنا المحكمة الدستورية أن تعريف المواطنة و الجنسية السودانية بالضرورة يشمل نواب مجلس الشعب المصري أمثال السيد محمد العمدة ، حتى تسمح لنفسها بتصريح عرائض دعاواهم التي تمس السيادة السودانية و تسعى لتقويض الدستور السوداني ؟..
الحقوق التي يتحدث عنها دستور جمهورية السودان لسنة 2005 هي حقوق للمواطن السوداني ، سواءا مالك للجنسية بصورة طبيعية أو متجنس وفقا لقانون التجنس.. و مثل هذا التعريف ، يمنع بالضرورة ، المواطنين الأجانب من التمتع بالحقوق الدستورية .. و قد نظم الدستور في مسائل حق التقاضي و المساواة أمام القانون حقوق الأجانب في التمتع بحماية السودان .. و أن حدود التقاضي لهم تكون في مخاصمات في القانون و ليس الدستور ، و بالتالي لهم الحق في التقاضي المدني و الجنائي و الشرعي و الإداري ، أما التقاضي الدستوري لدرجة المطالبة بالغاء الدستور فهذه محرمة عليهم .. و كل دساتير العالم تعمل بهذا المبدأ .. لأن مثل تلك الأمور هي أمور سيادية و التفريط فيها يعني الخيانة الكبرى التي تستوجب المحاسبة..
.. تلك الجهات التي يحق لها تعديل الدستور هي مؤسسات سودانية ، و يحكمها دستور سوداني ، و هي الجهات التي يجب أن تحرس نشاطها المحكمة الدستورية السودانية ، وحتى تلك المؤسسات السودانية ليست لها القدرة على المطالبة بالغاء الدستور.. ناهيك عن مواطنيين اجانب..!
اتفاقية السلام الشامل 2005 هي اتفاقية سودانية ، و الدستور الإنتقالي خرج من صلب تلك الإتفاقية ، و حدد الطرق التي يمكن أن يتم تعديل الدستور ، و اشترطت مثل تلك التعديلات موافقة أطراف الإتفاقية إذا كانت التعديلات المزمعة تؤثر على الإتفاقية..!
و اذا كان نائب مجلس الشعب المصري ، و هو المواطن الأجنبي ، يطالب بالغاء اتفاقية نيفاشا .. فهل ستذهب المحكمة الدستورية شوطا أبعد و تسمح له أن ينال موافقة طرفي الإتفاقية ؟..
.. وبموجب هذه المادة ، يحق للمواطن الأجبي التظلم تجاه القانون السوداني أو القرارت الإدارية أو القانونية و مدى مخالفتها للدستور..و مثل تلك الأمور تشمل فيما تشمل أن يتقدم مواطن أجنبي بأن القانون السوداني قد ظلمه في كذا أو كذا.. خصوصا إذا حرمه حق التقاضي أمام المحاكم السودانية على أساس أنه مواطن أجنبي..!
ولأن دستور السودان هو دستور يحكم علاقات مواطني السودان ، فليس للمواطن الأجنبي الحق في التظلم الدستوري على أساس الغاء الدستور نفسه .. صحيح يمكن أن يتظلم المواطن الأجنبي وفق صحيفة حقوق الإنسان السودانية ، بان بعض من حقوق الإنسان خاصته قد أهدرت أو أن حريته قد انتهكت من قبل جهات سودانية ..ففي مثل هذه الحال يمكن أن تنظر المحكمة الدستورية دعوى في هذا النطاق المحدود.. و يجب أن تعلم المحكمة الدستورية أن المواطن السوداني وحده فقط من يملك الحق في تقديم عريضة دعوى تدعو لتعديل الدستور السوداني أو إلغائه أو إلغاء إتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 ، أما أن تصرح و تقبل مثل تلك العريضة من مواطن أجنبي فهذا يصل لحد الخيانة الوطنية و تقويض الدستور ..وعمالة للأجنبي بالباب العديل..!
المصالح التي تضار هي مصالح أهل السودان ، وفقا لتعريف المواطنة و الجنسية في الدستور الإنتقالي لسنة 2005 ، و مصلحة مثل مصلحة المطالبة بالغاء إتفاقية السلام الشامل أو تعديل الدستور الإنتقالي هي مصلحة تتعلق بأهل السودان ، و أهل السودان وحدهم لهم الحق في التظلم منها و أمام مؤسسات سودانية ..و بهذا الفهم ليس هناك حق لنائب في مجلس الشعب المصري أن يطالب بأن له مصلحة في الغاء إتفاقية السلام الشامل ، اللهم اٍلا أن يكون نواب مجلس الشعب المصري يتمتعون بجنسية سودانية ومواطنيين سودانيين وفقا لتعريف الدستور السوداني..
كان ينبغي للمحكمة الدستورية أن ترفض مبدئيا تصريح عريضة نائب مجلس الشعب المصري السيد محمد العمدة .. وليس هناك مبرر دستوري أو قانوني يسمح لها بتصريح مثل تلك العريضة ناهيك عن قبولها شكلا..!
و ما كان للمحكمة الدستورية أن تستمر في تلك الدعوى لغاية مرحلة الشطب الإيجازي ( و هو ما نتوقع حدوثه)..!
و إذا افترضنا أن المحكمة الدستورية قد سهت وأخطأت في تصريحها لدعوى نائب مجلس الشعب المصري ، فينبغي ألا تسهي في مرحلة الشطب الإيجازي.. لأن كل شروط الشطب الإيجازي تنطبق على هذه الدعوى الغريبة ..فنائب مجلس الشعب المصري السيد محمد العمدة ليس هو بمواطن سوداني ، و ليس له حق دستوري ظاهر يكفل له التبجح بالغاء الدستور السوداني ، و ليست له مصلحة محمية بالدستور السوداني في هذا الشأن..
وأيضا يجب أن تنتبه المحكمة الدستورية الى أن نائب مجلس الشعب المصري السيد محمد العمدة لا تشتمل عريضة دعواه على مسألة صالحة للفصل و يجب توبيخه على مسألة التغول على السيادة السودانية ودستورالسودان ، و يجب أن توجه المحكمة وزارة الخارجية السودانية الى ضرورة توجيه لوم شديد إلى الحكومة المصرية و ضرورة أن تضبط مواطنيها و نواب مجالسها التشريعية و منعهم من التغول على سيادة الدول الأخرى و دساتيرها..
على المجلس الوطني ومجالس الولايات توجيه رسالة لوم إلى مجلس الشعب المصري الذي يترك نوابه يتغولون على سيادة و دساتير الدول الأخرى..
وعلى جميع أهل السودان إدانة و رفض سلوك المحكمة الدستورية السودانية و نهجها في تصريح و قبول عريضة نائب مجلس الشعب المصري السيد محمد العمدة..
وعلى شعب السودان مطالبة رئاسة الجمهورية (رئيس الجمهورية هو من عين قضاة المحكمة الدستورية ) بان تسائل قضاة الدائرة الدستورية الثلاثة الذين سمحوا بتصريح و قبول (ولو شكلا) دعوى المواطن الأجنبي السيد محمد العمدة نائب مجلس الشعب المصري.. و التي تطالب ، بصورة غير مباشرة ، بإلغاء الدستور السوداني الإنتقالي ، و بصورة مباشرة بالغاء إتفاقية السلام الشامل لسنة 2005..!!
الخاتمة :
تصريح المحكمة الدستورية السودانية لعريضة السيد محمد العمدة نائب مجلس الشعب المصري ، يعد فضيحة دستورية وقانونية ، وفوق ذلك خيانة عظمى و انتهاك لحرمة مبدأ سيادة الدولة السودانية و تقويض للدستور السوداني ومفهوم المواطنة و الجنسية السودانية..
وإذا كانت المحكمة الدستورية صفتها الأساسية أنها حارسة للدستور السوداني فهذا يعني حماية مصالح أهل السودان و ليست حماية مصالح المواطنين الأجانب..!
وإذا المحكمة الدستورية لها القدرة وقوة العين على تصريح دعوى لمواطن أجنبي تسعي لتقويض الدستور السوداني ، وفي نفس الوقت تتجاهل فكرة السيادة السودانية .. فماذا تفعل مثل تلك المحكمة إذا تقدم لها المدعي الجنائي الدولي بأن له الرغبة في مقاضاة رئيس جمهورية السودان جنائيا ؟.. هل ستصرح له الدعوى مبدئيا ؟..
المحكمة الدستورية السودانية يفترض فيها أنها مؤسسة سودانية وتعمل على حماية حقوق المواطنين السودانين ، وهؤلاء ليسوا من بينهم نواب مجلس الشعب المصري ..

مقال الكاتب " كبر " مثال لما تم نشره تعقيبا علي قضاء المحكمة الدستورية السودانية بقبول قضيتي بعدم دستورية تقسيم السودان شكلا ، والحقيقة أن انتقادات كبر لا تمت لصحيح القانون بصلة لأنه يناقش الدعوي علي ضوء دستور 2005 وهو دستور ناشئ عن الإتفاقية المطعون عليها ، وكان عليه أن يناقش الدعوي من منظور دستور 1998 الذي توقعت الإتفاقية في ظله ، هل يسمح دستور 1998 للنظام السوداني بتوقيع مثل هذه الإتفاقية والتفريط فيما يقرب من نصف مساحة السودان من عدمه ؟ ساعتها كان سينتهي للنتيجة التي انتهيت إليها وهو عدم أحقية النظام السوداني في توقيع هذه الإتفاقية .
أما عن زعمه بعدم جواز إقامة مواطن مصري للدعوي ، فلا يمت أيضا للقانون بصلة ، لأن إتفاقية " فيينا " والتي تمثل قانون المعاهدات تمنع أي دولة من أن توقع إتفاقية يمكن أن تمس بحقوق دولة أخري ، ولما كان تقسيم السودان ، والتنازل عن نصف مساحته لدولة مسيحية ترحب بإسرائيل وتعتبرها قدوة ومثل يحتذي به ، فإن ذلك لا محالة سوف يلحق الضرر بمصر وبكافة الدول الإفريقية ، ومن ثم يحق لمصر ولأي من مواطنيها إذا تقاعست مصر أن يلجأ لمقاضاة الدولة التي وقعت الإتفاقية .
وبالطبع هذا الهجوم العنيف علي المحكمة الدستورية من كاتب سوداني واتهامها بالخيانة والعمالة إلي غير ذلك من الأوصاف المهينة والمسيئة كان كفيلا أن تقضي الدستورية فيما بعد برفض الدعوي ، وإنني لأتعجب من الكاتب " كبر " كيف أعطي لنفسه ، أو كيف أعطوه هذه الصلاحية لإهانة أعلي محكمة في السودان علي هذا النحو ، للأسف هذا حالنا نحن الشعوب العربية والإسلامية ، حكام مستبدين وسدنة يعملون أبواقا للدفاع عن فساد الأنظمة وتمرير كل جرائمهم في حق الشعوب المغلوبة علي أمرها .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

الاثنين، 21 ديسمبر 2015

نص صحيفة دعوي عدم دستورية اتفاقية تقسيم السودان .

 
ترحيب شيمون بيريز ب سيلفاكير
الحقيقة أنه نظرا لخطورة تقسيم السودان لم أكتف بقيد استجواب ضد حكومة مبارك بشأن مشاركة مصر في تقسيم السودان والذي تم قيده ببرلمان الثورة الأول (2010/2005) بعد الإعلان عن الموعد المخصص لإجراء الاستفتاء ليتم حبسه في الأدراج ، هذا الاستجواب الذي كشفت الأيام عن صحة كل ما تنبأت به من أضرار يمكن أن تلحق بالسودان ومصر من جراء سيطرة أمريكا وإسرائيل علي جنوب أفريقيا من خلال دولة جنوب السودان المسيحية .
فقد رأينا عقب التقسيم مباشرة البدء في بناء سد أثيوبيا علي النيل بالمخالفة للاتفاقيات المبرمة في هذا الصدد بشأن حصة كل من مصر والسودان من مياه النيل ، ثم إعلان دولة جنوب السودان عن البدء في إنشاء سدين ، وبالطبع ليست هناك دولة من هذه الدول تعير اعتراضات مصر أي إهتمام لأنهم يعرفون من يقف بجوارهم ، ومن يمول إنشاء هذه السدود لمحاصرة مصر وحرمانها من مياه الشرب ، ولا نقول مياه الإنتاج الزراعي .
كل ذلك دعاني إلي السفر لدولة السودان الشقيقة وقيد دعوي أمام المحكمة الدستورية السودانية طلبت في ختام صحيفتها القضاء بعدم دستورية إتفاقية السلام الشامل الموقعة بين السودان وجنوبه في يناير 2005م مع القضاء بإلغاء هذه الإتفاقية بكامل بنودها أو بالأدني البند الخاص بحق تقرير المصير من خلال الاستفتاء المحدد له يوم 2011/1/9 ، وفيما يلي نص صحيفة الدعوي :
السيد الأستاذ المستشار / رئيس المحكمة الدستورية لجمهورية السودان العربية .
مقدمه لسيادتكم / محمد محمود علي حامد وشهرتي / محمد العمدة مواطن مصري - محامي ونائب بالبرلمان المصري .
ضد /
1- السيد / رئيس جمهورية السودان .... بصفته
2- السيد / رئيس الحكومة السودانية ...... بصفته
وقائع الطعن
بموجب إتفاقة السلام الشامل الموقعة بين شمال وجنوب السودان في منتجع نيفاشا السياحي في غضون شهري يناير / 2005 وقع كل من حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان علي بنود إتفاقية سلام شامل بين شمال السودان وجنوبه .
وبموجب هذا الإتفاق حصل جنوب السودان علي الحق في تقرير مصيره في نهاية السنة السادسة من توقيع الإتفاق أي في شهر يناير /2011 وذلك من خلال استفتاء لمواطني جنوب السودان يقررون من خلاله إما البقاء في السودان الموحد أو الانفصال في دولة مستقلة .
ولعله لا يخفي علي أحد مدي خطورة هذه الإتفاقية علي دولة السودان الشقيقة ، ذلك أنها فد تفتح باب الصراع المسلح بين الشمال والجنوب من جهة في ظل خلو الإتفاق من ترتيبات الدولة الجديدة في الجنوب حال الانفصال لاسيما فيما يتعلق بالثروة البترولية ، فضلا عن إحتمالية نشوب صراع داخل الجنوب السوداني بسبب الصراع علي السلطة في الدولة الوليدة بين القبائل المتعددة والمختلفة .
كما لا يخفي أيضا أن هذه الخطورة لا تقتصر علي السودان وحده وإنما تمتد لتشمل كافة الدول العربية والإفريقية ، ولعل مساندة الولايات المتحدة الأمريكية لدولة إسرائيل علي النحو الذي نشاهده إلي حد إمدادها بالإسلحة النووية وهي دولة يهودية لا تؤمن بالمسيح عليه السلام لهو مؤشر علي ما ستقوم به أمريكا وأوربا تجاه دولة جنوب السودان لخلق إسرائيل جديدة تهدد الجميع وتحقق مطامع الغرب في ثروات إفريقيا والعالم العربي والإسلامي .
كل ذلك دعانا لبحث ما إذا كانت إتفاقية السلام الشامل تتفق أم تتناقض مع دستور السودان الصادر عام 1998م ، وقد انتهي البحث إلي عدم دستورية هذه الإتفاقية وذلك للأسباب الواردة أدناه :
أسباب الطعن
إن إتفاقية السلام الشامل المشار إليها تتناقض مع دستور السودان الصادر عام 1998م من عدة وجوه :
 
أولا : إخلال الإتفاقية بحق الدفاع عن الوطن .
إذا كان دستور السودان لعام 1998م الذي وضعت الإتفاقية في ظله قد نص علي أن :
( الدفاع عن الوطن شرف ، والجهاد في سبيله واجب .. إلخ ) ، وإذا كانت الإتفاقية تعطي جنوب السودان الحق في الاستفتاء علي الاستمرار في السودان الموحد أو الانفصال عنه بدولة مستقلة وذلك في شهر يناير /2011م ، فإننا والحال كذلك نضحي أمام مخالفة دستورية جسيمة ، إذ في الوقت الذي ينبغي أن يلتزم فيه كل مواطن سوداني وكافة سلطات الدولة السودانية بمبدأ الدفاع عن الوطن ، نفاجئ بقبول الحكومة السودانية لانفصال الجنوب وهو ما يعني تفريط من الدولة في أرضايها التي ستؤول إلي مواطني الجنوب ومن ثم تخرج من أملاك الدولة العامة وعن ولايتها وسلطانها .
والحقيقة أننا لم نسمع من قبل عن إتفاقية سلام بين شعب واحد ، كما لم نسمع عن دولة سمحت بإرادة حرة بانفصال بعض من شعبها واستقلالهم بجز من أراضي الوطن .
إن كل من شاركوا في تقسيم السودان من داخله أو خارجه فرطوا في حقوق دولة السودان الشقيقة وسائر الشعوب الإسلامية وغرروا بالجميع عندما ادعوا أن إتفاقية تقسيم السودان تستند إلي قواعد القانون الدولي بزعمهم  أنها تستند إلي حق شعب جنوب السودان في تقرير مصيره ، بينما الحقيقة أن حق تقرير المصير مقرر للشعوب التي تقع تحت الاحتلال الأجنبي ، فحق تقرير المصير وفقا للقانون الدولي هو حق الدول في الحفاظ علي وحدة ترابها الوطني واستقلالها وانفصالها عن الشعوب المستعمرة ولا يدخل فيه الإنفصال والتمرد علي سلطة الوطن الواحد .
لقد ورد حق تقرير المصير في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514لسنة 1960 وعنوانه " منح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة " ، والذي نص في ديباجته  علي " اهتمام المنظمة بقضية تحرير الشعوب من الاستعمار وحقها في إقامة كيانات وطنية مستقلة ، وعلي حقها في مساندة حركات التحرر في الأراضي الخاضعة للاحتلال الأجنبي ، وأنها مصممة علي إنهاء الاستعمار بجميع مظاهره وأشكاله ، ونصت  المادة الأولي من ذات القرار علي الآتي : 
1- إخضاع الشعوب للهيمنة الخارجية والاستغلال الأجنبي يشكل إنتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية .
2- لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بكل حرية لإقامة نظامها السياسي الذي ترتضيه لنفسها .

ونصت المادة الرابعة من ذات القرار علي أنه :
" لكل شعب الحق في ممارسة جميع حقوقه في الاستقلال الوطني الشامل ، وبسط حكمه علي كامل ترابه الذي لا يجوز المساس به أو تجزئته " .
ومما سبق يتضح التغرير والاستخفاف بالشعوب العربية والإسلامية ، فحق تقرير المصير الذي تم الاستناد إليه لتقسيم السودان هو في الحقيقة الحق الذي كان ينبغي الاستناد إليه في رفض التقسيم .
وفي مقابل ما حدث من تقسيم للسودان رأينا في دولة كندا الديمقراطية  كيف أن الحكومات والأنظمة المنتخبة والتي تخضع للرقابة في ظل نظام ديمقراطي  لا يمكن أن تفرط في حقوق شعوبها ، فقد أصدر المجلس الأعلي للقضاء في كندا قرارا بمنع الحكومة الكندية من التخلي عن إقليم " كيبيك " وعدم السماح له بالاستقلال ، قائلا في حيثياته أن الحكومة لا تملك هذا الحق وأنها ملتزمة بمبدأ واجب الحفاظ علي وحدة كندا الترابية وعلي وحدة سيادة الوطن الكندي ، وأضاف القرار أنه لا يجوز أن يطبق مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها لأنه لا يوجد في القانون الدولي ما يسمي حق فصيل من الشعب في الانفصال عن وطنه بإرادته المنفردة ، وأضاف القرار أنه لا يعتبر شعبا فصيلا منه يعمل بإرادته المنفردة للانفصال عن شعبه الكبير الذي تؤطره دولة ذات سيادة تمتد سيادتها لكامل ترابها الوطني ، وأن أي حكومة واجبها الأول هو المحافظة علي ترابها الوطني وسيادتها الوطنية علي هذا التراب".
كما رأينا كيف أن ألمانيا الفيدرالية رفضت تطبيق مبدأ حق تقرير المصير لألمانيا الشرقية مؤسسة ذلك علي أن هذا الحق لا يعطي لجزء من الشعب بقصد الانفصال عن الوطن الواحد .
ورأينا كيف حرصت الأمم المتحدة في مشكلة الأقاليم الصحراوية المغربية علي وحدة التراب المغربي حين كانت مصالحها في ذلك ، وتم حل المشكلة وفقا لخطة بيكر .

 إن مخاطر تقسيم السودان يبصرها الضرير ، ويستشعرها عديم الإحساس ، ولا يشارك فيها إلا معدوم الضمير وخالي الوجدان من ثوابت الشرع والقانون ، وفيما يلي هذه المخاطر :
1- إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تساند إسرائيل علي النحو الذي نشاهده وتمدها بالإسلحة النووية وهي دولة يهودية لا تؤمن بالمسيح عليه السلام ، لا لشيئ سوي لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة وتحويل إسرائيل إلي شوكة في ظهور الدول العربية ، فماذا ستصنع أمريكا مع دولة مستقلة ذات أغلبية مسيحية تقع في قلب أفريقيا وفي جنوب مصر ، لاسيما وأن أمريكا هي التي تولت قيادة ملف التقسيم ، وقد رأينا تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بضرورة عقد استفتاء جنوب السودان في موعده  ، ورأينا كيف أن مسئول العلاقات الخارجية بالسودان / جون كيري يهدد خلال زيارته الأخيرة للسودان قبل الاستفتاء بفرض مزيد من العقوبات علي السودان في حال عدم توصل الشريكين لإتفاق حول القضايا الخلافية بينهما .
2- أن الدور الإسرائيلي في تقسيم السودان لا يخفي علي أحد ، وإسرائيل هيمنت علي جنوب السودان منذ زمن بعيد والتقارير عن هذا الأمر لا تحصي ولا تعد ، وقد قرأنا تصريح سيلفاكير بأنه لا يستبعد إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل وفتح سفارة لها في جوبا عاصمة الإقليم ، قائلا : إن إسرائيل عدو للفلسطينيين فقط وليست عدو للجنوب ، وهذا يعني أننا سوف نصبح أمام إسرائيل جديدة في جنوب مصر لن تألوا جهدا في الإضرار بمصر ، كما حذر الترابي بقوله في تصريحات منسوبة له " جنوب السودان سيتحول إلي دولة معادية للعرب والمسلمين .
3- إن السودان الشقيق يضم 597 قبيلة بينها خلافات ، كما يوجد في شمال السودان نحو مليون جنوبي ويوجد في الجنوب ما يقرب من نصف مليون شمالي وهو ما ينذر بحروب أهلية طاحنة في المستقبل القريب تضر بالشعب السوداني الشقيق والشعب المصري وكل الشعوب العربية والإسلامية .
 
ثانيا : الإتفاقية تؤدي إلي تفريط في الثروات الطبيعية للسودان :
نصت المادة (9) من دستور 1998م علي أن :
( الثروات الطبيعية في باطن الأرض وعلي ظهرها في المياه الإقليمية ملك عام ينظمه القانون ، وتهيئ الدولة الخطط والظروق المناسبة لتطوير الموارد المالية والبشرية اللازمة لاستغلال تلك الثروات . )
ولاشك أن قبول الإتفاقية لانفصال الجنوب واستقلاله يؤدي إلي حرمان المواطن الشمالي من حصته في ثروات الجنوب ، وحرمان المواطن الجنوبي من حصته في ثروات الشمال ، ويضحي هذا الوضع مخالفا مخالفة جسيمة للدستور الذي جعل جميع ثروات السودان الطبيعية ملكا عاما لجميع أبناء السودان .
 
ثالثا : إخلال الإتفاقية بمبدأ وحدة الوطن .
جاء في المادة (16) من دستور 1998م عبارة تقول : ( بما يحفظ وحدة الوطن واستقرار حكمه وتقدمه إلي نهضته الحضارية نحو مثله العليا ) ، ولاشك أن قبول الإتفاقية لإنفصال الجنوب واستقلاله يمثل إخلالا بوحدة الوطن ، إذ يؤدي إلي انقسامه وتمزقه إلي دويلات متناحرة .
 
رابعا : إخلال الإتفاقية بمبدأ المساواة بين المواطنين وأحكام الاستفتاء .
نصت المادة (21) علي أن :
( جميع الناس متساوون أمام القضاء ، والسودانيون متساوون في الحقوق والواجبات في وظائف الحياة العامة .... إلخ ) ، ولاشك أن قصر الحق في الإستفتاء علي الانفصال علي مواطني جنوب السودان فقط يمثل إخلالا بحق مواطني الشمال في قبول إنفصال الجنوب من عدمه ، رغم أنهم شركاء في الملكية العامة للثروات الكائنة في جنوب السودان وشركاء في ملكية أرض الوطن ووحدته الوطنية .
كذلك فإن قصر الاستفتاء علي الانفصال علي مواطني الجنوب فقط يخالف المادة (66) من دستور السودان لعام 1998م والتي نصت علي أنه :
1- لرئيس الجمهورية أو المجلس الوطني بقرار نصف أعضائه أن يحيل للإستفتاء أي أمر يعبر عن القيم العليا أو الإرادة الوطنية أو المصالح اتلعامة .
2- تجري هيئة الإنتخابات العامة الإستفتاء لكل الناخبين ، ويصبح الموضوع المطروح للإستفتاء حائزا عل ثقة الشعب إذا نال أكثر من نصف أصوات الناخبين المقترعين ..إلخ
ومن ثم فلا مراء في أن قصر الإستفتاء علي الإنفصال علي مواطني الجنوب فقط يمثل مخالفة جسيمة للمادة سالفة الذكر والتي نصت صراحة علي أن يتم استفتاء كل الناخبين ، ويصبح الانفصال علي ضوء الإتفاقية حال تمامه قد تم بناء علي إرادة مواطني الجنوب فقط مع تجاهل إرادة مواطني الشمال ومدي قبولهم لهذا الانفصال من عدمه .
 
خامسا : إخلال الإتفاقية بمبادئ الشريعة الإسلامية .
إذا كانت المادة (65) من دستور السودان الصادرة عام 1998م قد نصت علي أن :
( الشريعة الإسلامية وإجماع الأمة استفتاء ودستورا وعرفا هي مصادر التشريع ، ولا يجوز للتشريع تجاوز تلك الأصول ...إلخ ) ، فإنه والحال كذلك تضحي الإتفاقية مخالقة للدستور نظرا لمخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية  والتي تأبي أن يتنازل ولي الأمر عن جزء من بلاده سواء كان هذا التنازل لبعض من أبناء الوطن أو لآخرين لاسيما في ظل مبدأ الوحدة الإسلامية للمسلمين الثابت من الدين بالضرورة .
وحيث أنني مواطن مصري ، وحيث أن هذه الإتفاقية التي سوف تؤدي إلي تقسيم السودان لا محالة سوف تضر بمصر أضرارا بالغة في المستقبل القريب بعدما تتحول دولة جنوب السودان برعاية أمريكا وإسرائيل إلي خنجر في ظهر الجميع ، فإنه والحال كذلك يتوفر لي شرطي الصفة والمصلحة اللازمين لقبول الطعن شكلا لاسيما في ظل المادة (105) من دستور السودان لعام 1998م والذي أعطي للمحكمة الدستورية السودانية اختصاص نظر الدعاوي المقامة من المتضررين من الإخلال بالحقوق والحريات التي كفلها الدستور دون أن يقصر هذا الحق علي السودانيين فقط .
وتداولت الدعوي بالجلسات وتم قبولها شكلا ورفضها موضوعا ولم تستطع المحكمة الدستورية السودانية أن تفعل ما فعلته المحكمة الكندية العليا حين منعت الحكومة الكندية من التفريط في إقليم كيبيك الكندي ، ومرت الأيام لتُفاجئ كل من مصر والسودان عقب استقلال دولة جنوب السودان مباشرة بقيام إثيوبيا ببناء سد علي النيل مع تجاهل حق الدولتين مصر والسودان ، ثم شروع دولة جنوب السودان في بناء سدين والبقية تأتي ، وهذه عاقبة تفريط النظم المستبدة التي لديها الاستعداد للتفريط في أي قدر من الأوطان والشعوب معا لتبقي أطول مدة في احتكار السلطة والثروة .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .
 

الأحد، 20 ديسمبر 2015

استجوابي لمبارك عن مشاركة مصر في تقسيم السودان .

 
سعادة السيسي بإنشاء سد أثيوبيا

في نهاية برلمان الثورة الأول ( 2005 /2010) تقدمت باستجواب لحكومة مبارك عن مشاركة مصر في تقسيم السودان علي النحوالذي يخالف الدستور المصري والقوانين المصرية ويؤدي إلي أضرار فادحة لمصر والسودان والعالم الإسلامي كله .
كان الاستجواب ضد كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية ووزير الدفاع وعنوانه :
( اشتراك مصر في المخطط الصهيو - أمريكي لتقسيم السودان إلي دولتين حتي يتصدي المجلس الموقر لكارثة إنشاء إسرائيل جديدة جنوب مصر )  ..
وفيما يلي نص الاستجواب :
كارثة جديدة أوشكت علي الوقوع لا تقل خطورة عن خروج الشمس من المغرب أو خروج دابة من الأرض تكلم الناس ....
خلال شهر يناير 2011 يتم إجراء استفتاء شعبي لمواطني جنوب السودان ليقرروا مصيرهم إما بالاستمرار مع شمال السودان أو الانفصال وتأسيس دولة مستقلة في جنوب السودان تكون عاصمتها ( جوبا ) ، ومرجعية هذا الاستفتاء هي " اتفاقية نيفاشا للسلام" والتي تم توقيعها بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان والتي أعطت جنوب السودان حق تقرير المصير والاختيار بين البقاء في السودان الموحد أو الإنفصال بدولة مستقلة في جنوب السودان تكون عاصمتها جوبا .
السيد رئيس المجلس ...
إن القائمين علي الحكم في مصر عينوا أنفسهم خدما لكافة المشروعات الأمريكية الاستعمارية التي تهدف للنيل من العالم العربي والإسلامي ، شاركوا في الحرب علي أفغانستان ، شاركوا في الحرب علي العراق وفتحوا المياه الإقليمية المصرية للبوارج العسكرية الأمريكية المدججة بالأسلحة النووية ، وفتحوا الأجواء المصرية للطائرات الأمريكية التي تقذف شعب شقيق بالحمم والنيران في حرب قامت علي إدعاء كاذب بامتلاك العراق لأسلحة نووية .
شاركوا في الحرب علي غزة والتي استمرت أكثر من عشرين يوما ، لم يعلنوا خلالها غضبهم ولو من باب الكذب والنفاق لشعبهم المسلم الوفي لقيم الإسلام والذي لم يفرط عبر تاريخه الطويل في نصرة المسلمين والقضايا الإسلامية ، فأغلقوا معبر رفح أثناء الحرب ليمنعوا المساعدات الإنسانية وهو الأمر الذي كنت أنا شخصيا شاهد عيان عليه وشاركت مع عدد من النواب في تصويره وتوثيقه وعرضه في استجوابات سابقة .
ولما كان العالم العربي والإسلامي مقبل علي كارثة جديدة وهي تقسيم السودان إلي دولتين ، إحداهما ذات أغلبية مسلمة في الشمال ، والثانية ذات أغلبية مسيحية في الجنوب ، ولما كان الأمر خطيرا فقد دعانا ذلك إلي البحث عن موقف مصر من هذا التقسيم لنكتشف أيضا ما يصيبنا بالخزي والعار الذي شعرنا به أثناء الحرب علي العراق وعلي غزة ، وفيما يلي توضيح لما سبق :
أولا : فوجئنا بأن مصر وقعت مع خمس دول أخري كشهود علي الإتفاقية وهي إيطاليا وهولندا والنرويج وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ، وهذه المجموعة تمثل المثلث الذي تُمرر من خلاله المشروعات الأمريكية في العالم العربي والإسلامي علي نحو دام منذ عشرات السنين وأضلاعه ( مصر وأمريكا والإتحاد الأوربي ) ، ولاشك أن توقيع مصر كشاهد علي الإتفاقية يكشف عن ضلوعها في كافة الضغوط التي وقعت علي الحكومة السودانية لكي ترضخ للإتفاقية .
ونحن نسأل القيادات المصرية التي شاركت في إتمام إتفاق نيفاشا :
هل يحق لأي نظام حاكحم في أي دولة أن يقبل تقسم أراضيها لأي سبب من الأسباب ؟
كما نسألهم :
هل تقبل القيادات المصرية تقسيم مصر إلي دولتين أحدهما للمسلمين والأخري للمسيحيين ؟ فإذا كانت القيادات المصرية لا تقبل ذلك ، فلماذا قبلته لشعب السودان الشقيق ، وبدلا من أن تحذره من مخاطر التقسيم راحت تمارس الضغوط عليه لكي يقبل التقسيم ؟ أليس ذلك دليلا علي طاعة النظام المصري العمياء للمشروعات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط  بالكامل علي النحو الذي أعاد الدول الإسلامية للسقوط في بئر الاحتلال والتقسيم من جديد ؟
ويكفي لتوضيح الدور الأمريكي في هذه الكارثة أن نوضح لسيادتكم أن ( جون جارنج ) الذي قاد حركة التمرد في جنوب السودان منذ عام 1955م وحتي توقيع إتفاق السلام أي التقسيم عام 2005م قد عاش زمنا في أمريكا وتم إعداده بمنحه درجة الدكتوراه من إحدي الجامعات الأمريكية ومنحه جنسيتها ، ليعود بعد ذلك إلي تنفيذ مخطط بعيد المدي ينتهي بتقسيم السودان ، وتحقق أمريكا أهدافها الخاصة بالسيطرة علي جنوب السودان الغني بالبترول والثروات المعدنية ، كما تحقق لإسرائيل أهدافها في السيطرة والتمكن من العالم الإسلامي من بوابة دولة جنوب السودان .
ثانيا : فوجئنا أيضا بحكومة مبارك تقدر البلاء قبل وقوعه وتتعامل مع جنوب السودان كدولة مستقلة من قبل أن يتم الاتسفتاء بتخصيص مبلغ 300 مليون دولار( ثلاثمائة مليون دولار ) وهو يزيد عن مليار ونصف جنيه مصري كمنحة لا ترد لجنوب السودان لتنفيذ مشروعات تنموية في جنوب السودان من بينها إنشاء سد متعدد الأغراض بزعم توفير الطاقة الكهربائية لأهالي المنطقة ومشروعات أخري كثيرة .
كما فوجئنا أيضا بالسيد / أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري يصدر تعليماته بتشكيل لجنة عمل لمتابعة الوضع وتقييم الموقف أولا بأول بالنسبة لجنوب السودان وذلك لحين إجراء الإستفتاء علي تقرير المصير ، وتكشف لنا جريدة روزاليوسف وهي صحيفة قومية تابعة للنظام أن تشكيل هذه اللجنة جاء بعد أيام قليلة من اجتماع وزير الخارجية المصري مع عدة شخصيات من بينهم الجنرال / سكوت جريشن المبعوث الأمريكي للسودان .
ثالثا : إن كل من شاركوا في تقسيم السودان فرطوا في حقوق الشعوب الإسلامية وغرروا بها عندما ادعوا أن إتفاقية تقسيم السودان تستند إلي قواعد القانون الدولي بزعمهم  أنها تستند إلي حق شعب جنوب السودان في تقرير مصيره ، بينما الحقيقة أن حق تقرير المصير مقرر للشعوب التي تقع تحت الاحتلال الأجنبي ، فحق تقرير المصير وفقا للقانون الدولي هو حق الدول في الحفاظ علي وحدة ترابها الوطني واستقلالها وانفصالها عن الشعوب المستعمرة ولا يدخل فيه الإنفصال والتمرد علي سلطة الوطن الواحد .
لقد ورد حق تقرير المصير في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514لسنة 1960 وعنوانه " منح الاستقلال للأقطار والشعوب المستعمرة " ، والذي نص في ديباجته  علي " اهتمام المنظمة بقضية تحرير الشعوب من الاستعمار وحقها في إقامة كيانات وطنية مستقلة ، وعلي حقها في مساندة حركات التحرر في الأراضي الخاضعة للاحتلال الأجنبي ، وأنها مصممة علي إنهاء الاستعمار بجميع مظاهره وأشكاله ، ونصت  المادة الأولي من ذات القرار علي الآتي : 
1- إخضاع الشعوب للهيمنة الخارجية والاستغلال الأجنبي يشكل إنتهاكا لحقوق الإنسان الأساسية .
2- لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بكل حرية لإقامة نظامها السياسي الذي ترتضيه لنفسها .
ونصت المادة الرابعة من ذات القرار علي أنه :
" لكل شعب الحق في ممارسة جميع حقوقه في الاستقلال الوطني الشامل ، وبسط حكمه علي كامل ترابه الذي لا يجوز المساس به أو تجزئته " .

ومما سبق يتضح التغرير والاستخفاف بالشعوب العربية والإسلامية ، فحق تقرير المصير الذي تم الاستناد إليه لتقسيم السودان هو في الحقيقة الحق الذي كان ينبغي الاستناد إليه في رفض التقسيم .
وفي مقابل ما حدث من تقسيم للسودان رأينا في دولة كندا الديمقراطية  كيف أن الحكومات والأنظمة المنتخبة والتي تخضع للرقابة في ظل نظام ديمقراطي  لا يمكن أن تفرط في حقوق شعوبها ، فقد أصدر المجلس الأعلي للقضاء في كندا قرارا بمنع الحكومة الكندية من التخلي عن إقليم " كيبيك " وعدم السماح له بالاستقلال ، قائلا في حيثياته أن الحكومة لا تملك هذا الحق وأنها ملتزمة بمبدأ واجب الحفاظ علي وحدة كندا الترابية وعلي وحدة سيادة الوطن الكندي ، وأضاف القرار أنه لا يجوز أن يطبق مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها لأنه لا يوجد في القانون الدولي ما يسمي حق فصيل من الشعب في الانفصال عن وطنه بإرادته المنفردة ، وأضاف القرار أنه لا يعتبر شعبا فصيلا منه يعمل بإرادته المفردة للانفصال عن شعبه الكبير الذي تؤطره دولة ذات سيادة تمتد سيادتها لكامل ترابها الوطني ، وأن أي حكومة واجبها الأول هو المحافظة علي ترابها الوطني وسيادتها الوطنية علي هذا التراب".
كما رأينا كيف أن ألمانيا الفيدرالية رفضت تطبيق مبدأ حق تقرير المصير لألمانيا الشرقية مؤسسة ذلك علي أن هذا الحق لا يعطي لجزء من الشعب بقصد الانفصال عن الوطن الواحد .
ورأينا كيف حرصت الأمم المتحدة في مشكلة الأقاليم الصحراوية المغربية علي وحدة التراب المغربي حين كانت مصالحها في ذلك ، وتم حل المشكلة وفقا لخطة بيكر .
إن الدور المصري المريب المتمثل في مشاركة أمريكا والإتحاد الأوربي في تقسيم السودان يؤكد أن مفتاح شخصية النظام الحاكم في مصر هو سعيه للحصول علي رضاء البيت الأبيض ، ولتذهب الشعوب العربية والإسلامية إلي الجحيم .
رابعا : إن مخاطر تقسيم السودان يبصرها الضرير ، ويستشعرها عديم الإحساس ، ولا يشارك فيها إلا معدوم الضمير وخالي الوجدان من ثوابت مصر وعلي رأسها قيمها الإسلامية وقوميتها العربية ، وفيما يلي هذه المخاطر :
1- إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تساند إسرائيل علي النحو الذي نشاهده وتمدها بالإسلحة النووية وهي دولة يهودية لا تؤمن بالمسيح عليه السلام ، لا لشيئ سوي لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة وتحويل إسرائيل إلي شوكة في ظهور الدول العربية ، فماذا ستصنع أمريكا مع دولة مستقلة ذات أغلبية مسيحية تقع في قلب أفريقيا وفي جنوب مصر ، لاسيما وأن أمريكا هي التي تولت قيادة ملف التقسيم ، وقد رأينا تصرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بضرورة عقد استفتاء جنوب السودان في موعده  ، ورأينا كيف أن مسئول العلاقات الخارجية بالسودان / جون كيري يهدد خلال زيارته الأخيرة للسودان قبل الاستفتاء بفرض مزيد من العقوبات علي السودان في حال عدم توصل الشريكين لإتفاق حول القضايا الخلافية بينهما .
2- أن الدور الإسرائيلي في تقسيم السودان لا يخفي علي أحد ، وإسرائيل هيمنت علي جنوب السودان منذ زمن بعيد والتقارير عن هذا الأمر لا تحصي ولا تعد ، وقد قرأنا تصريح سيلفاكير بأنه لا يستبعد إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل وفتح سفارة لها في جوبا عاصمة الإقليم ، قائلا : إن إسرائيل عدو للفلسطينيين فقط وليست عدو للجنوب ، وهذا يعني أننا سوف نصبح أما إسرائيل جديدة في جنوب مصر لن تألوا جهدا في الإضرار بمصر ، كما حذر الترابي بقوله في تصريحات منسوبة له " جنوب السودان سيتحول إلي دولة معادية للعرب والمسلمين .
3- إن السودان الشقيق يضم 597 قبيلة بينها خلافات ، كما يوجد في شمال السودان نحو مليون جنوبي ويوجد في الجنوب ما يقرب من نصف مليون شمالي وهو ما ينذر بحروب أهلية طاحنة في المستقبل القريب تضر بالشعب السوداني الشقيق والشعب المصري وكل الشعوب العربية والإسلامية .
4- إن إتفاقية نيفاشا مخالفة للدستور السوداني ، وقد أعددت طعنا لقيده أمام المحكمة الدستورية السودانية في هذا الشأن .
السيد رئيس المجلس ...
إن المآسي والويلات التي تعاني منها الشعوب العربية والأسلامية بسبب ولاء الأنظمة العربية لأمريكا لا يحتمل إنشاء دولة موالية لأمريكا في جنوب السودان ، وينبغي علي المجلس الموقر إن كان سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية أن يقوم بدوره في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة من تاريخ ومستقبل الأمة ، وأن يوجه هذا الاستجواب للحكومة بشأن دورها في تمرير إتفاقية نيفاشا علي نحو يضر بالشعب السوداني الشقيق ويضر بالأمن القومي المصري والإسلامي والعربي ، ويتخذ من الإجراءات ما يكفل وقف إتفاقية نيفاشا مع ضمان حصول مواطني جنوب السودان علي كامل حقوقهم لاسيما حق المواطنة والمشاركة في جميع الحقوق بكافة أنواعها لاسيما اقتسام الثروة وتوزيعها توزيعا عادلا .
وكعادة نواب الحزب الوطني ذهب الاستجواب إلي الأدراج ، ومرت الأيام لتؤكد صحة كل كلمة قلتها في الاستجواب حيث نشرت صحيفة الموجز عن صحيفة الوطن بتاريخ 2015/12/19 تحت عنوان " مصادر: «جنوب السودان» انتهت من دراسات بناء سدين على «النيل الأبيض» " ما يأتي :
" أكدت مصادر سودانية ، انتهاء جنوب السودان من دراسات أولية لبناء سدين جديدين على النيل الأبيض ، الأول « كايا » على الحدود مع أوغندا ، والآخر على شلالات « فولا » بمدينة نمولى ، بغرض توليد الكهرباء ، وإنشاء مزارع سمكية ، وأضافت المصادر لـ« الوطن » ، إن أوغندا أعلنت مساندتها جنوب السودان فى بناء سد « كايا » ، بتوفير الدعم المالى ، من خلال اتفاقية سيجرى توقيعها قريباً ، للاستفادة من الطاقة الكهربائية المولدة ، كما أكدت المصادر وجود مخططات لست دول لإنشاء سدود على النيل فى كينيا ، وأوغندا ، وبوروندى ، ورواند ا، وتنزانيا ، إضافة إلى إثيوبيا ، عقب توقيعها بشكل منفرد على اتفاقية « عنتيبى » ، التى تبحث إعادة تقسيم مياه النيل فى صورة حصص مائية.
وتابعت الصحيفة قائلة :
« الخارجية »: نعلم ودعمناها بـ « مليون دولار :
 وأوضحت المصادر أن مخطط السدود فى 4 دول لا يمثل ضرراً لمصر والسودان ، مؤكدة أن الخطر الأكبر يأتى من كينيا وإثيوبيا ، حيث أعدت الأولى مخططاً لإنشاء شبكة سدود متوسطة الارتفاع ، تتراوح سعتها التخزينية بين 8 و14 مليار متر مكعب ، بينما تمتلك إثيوبيا مخططاً لإنشاء 4 سدود كبرى على النيل الأزرق ، بينها « النهضة » ، الذى يبلغ ارتفاعه 145 متراً ، بطاقة تخزين 74 مليار متر مكعب .
 وقال الدكتور نصر الدين علام ، وزير الرى الأسبق ، إن جنوب السودان تتجه لبناء سدود جديدة على النيل ، تطبيقاً لاتفاقية « عنتيبى » ، التى ترفضها مصر والسودان ، وأشار إلى أنه رغم إعلان « جوبا » إرجاء التوقيع على الاتفاقية ، فإنها ماضية فى بناء السدود ، دون الإخطار المسبق ، الذى نصت عليه اتفاقيات تاريخية موقعة بين مصر والسودان من جهة ، ودول المنبع من جهة أخرى ، فيما أكد مصدر بوزارة الخارجية ، أنه جارٍ التواصل مع جنوب السودان بهذا الشأن ، وأشار إلى أن ما يقال حول نية « جوبا » إنشاء سدود على النيل ليس جديداً.
 وأضاف المصدر لـ« الوطن » ، إن ما تعمل عليه مصر الآن بحث آليات مراجعة واعتماد مصر وجنوب السودان دراسات الجدوى الفنية لإنشاء سد « واو » متعدد الأغراض ، صغير الحجم ، بطاقة تخزين لا تزيد على مليارى متر مكعب ، وأشار إلى أن مصر أعلنت دعمها لجوبا بمنحة مليون دولار، لإعداد دراسات الجدوى الفنية للسد.
لقد حدث ما توقعناه وذكرناه في الاستجواب بالكامل ، وأصبحت إسرائيل حرة الحركة تفعل في جنوب أفريقيا ما تشاء بالإشتراك مع والدتها أمريكا ، وها هي تنطلق في إنشاء السدود التي ستمول إنشائها في الخفاء لكي تمنع عن مصر المياه ، وترضخ مصر وتخضع خصوعا كاملا لإرادة أمريكا وإسرائيل وحلفائهم ، وربما يأتي اليوم الذي تقبل فيه مصر بدولة إسرائيل الممتدة من النيل إلي الفرات حتي تجد جرعة ماء تشربها .
وكان رد حكومة الانقلاب المفرطة في كل شيئ لكي يبقي العسكر أنه لا ضرر من إنشاء عشرات السدود علي النيل .
لا سبيل أمام ما يحدث من عودة هيمنة الدول الاستعمارية علي مصر والعالم الإسلامي والعربي سوي الثورة المصرية لكي يسترد الشعب المصري المسار الديمقراطي ، ويتولي شئون الدولة نظام منتخب يتصدي لدفع هذه الكوارث والويلات .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .