الثلاثاء، 31 مارس 2015

أسطورة عروس النيل وحقيقة عروس العسكر .



يقول الأستاذ / إبراهيم عناني مؤرخ مصري و عضو إتحاد المؤرخين العرب و جمعية الآثار عن أسطورة " عروس النيل " :  
" كان المصريون القدماء يزينوا للنيل فتاةً بكراً جميلة ، فيطيبونها ويعطرونها ويحملونها أجمل حليها ولآلئها وجواهرها ، ثم يلقونها إلي النيل قرباناً فلا يلبث أن يزيد ماؤه ويفيض ويغطي الأراضي ، إلا أنه أضاف أن معظم المؤرخين المحدثين يشكون في صحة هذه الرواية ".
ويقول عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية عمر :
" إن رواية عروس النيل على علاتها قابلة للشك في غير موضع فيها عند مضاهاتها على التاريخ ، وقد يكون الواقع منها دون ما رواه الرواة بكثير . ورغم ذلك عاشت الأسطورة في وجدان مصر وتناولها الأدباء والشعراء والفنانون والسينما ومازالت كتب كثيرة ترددها كواقع  ،  لكن الحضارة المصرية بأصالتها وعمقها تؤكد كل يوم وعيها وتحضرها  . لقد قدست مصر النيل العظيم شريان الحب والنماء نبع الخير والخضرة والازدهار، واحتفت به وظلت تناجيه في أناشيدها المقدسة ، وصاغت الملاحم في عشقه ، ولكنها أيضا قدست الإنسانية والإنسان ، ولم تضح بروح إنسان من أجل فيض النهر الخالد وهذه شهادة لمصر لا ضدها ".
إذن التضحية للنيل وهو إله الخير لدي المصريين القدماء " الإله حابي " بإلقاء عروس بكر في كامل زينتها وحليها ،  يتضح لنا - من العديد من الدراسات منها ما عرضناه ، ومنه ما لم نعرضه – أنها أسطورة تعامل معها المصريون كحقيقة ، بينما توجد في مصر الحديثة حقيقة دامغة يتعامل معها كثير من المصريين علي أنها أسطورة ، تقول تلك الحقيقة :
" إن العسكر المصري منذ عام 1952 هم إله الخير والعطاء والنماء ، هم مصدر الأمن والسكينة والطمأنينة التي ينعم بها الشعب المصري ، هم وحدهم من يعرفون أعداء مصر وما يحيق بها من مخاطر ، وأنه لا أحد يصلح لحكم مصر غير العسكر ، فإذا جاءها حاكم من غيرهم فسيكون سبب نهايتها وفنائها ، فكل من عداهم وإن كان يبدو للمصريين مصريا إلا أنه في الحقيقة ليس مصريا وإنما عدوا من بقايا الانجليز أو الفرنسيين أو اليهود ، وسوف يتآمر علي مصر كي يبدد ثرواتها ويفرط في أمنها حتي يقضي عليها .
وتضيف الحقيقة أن من بين المصريين أشرارا كثر يريدون أن يحرموا مصر من حكم العسكر ، حتي يحرموها من الخير الوفير والأمن والأمان الذي تعيش فيه ، لذلك فإن العسكر حريصون كل فترة من الزمن علي القضاء علي هذه العناصر الشريرة ، حيث اعتادوا أن يقوموا بقتل بعضهم واعتقال البعض الآخر وتعذيبه وتلفيق قضايا جنائية ضدهم واستصدار أحكام بالإعدام والمؤبد ضدهم ، وتاريخ العسكر وسجلاتهم حافلة بأسماء هؤلاء المصريين الأشرار الذين تم التخلص منهم .
حقا كثيرا ما زيف التاريخ الحقائق ، يدعي أن أسطورة عروس النيل حقيقة ، فينسب للمصريين القدماء ما لم يفعلوه ، بينما ينفي حقيقة عيد الوفاء لحكم العسكر والذي يتجدد كل بضع سنوات ، حين يقوموا في عيدهم بالتضحية بالمئات أو الآلاف من خيرة المصريين في أحلي زينتهم من العلم والثقافة ، بزعم أنهم الأشرار الذي يريدون حرمان مصر وشعبها من خيراتهم ، فيضحون بهم تقليدا لأسطورة عروس النيل ، حتي يستمر حكم العسكر مصدر الخير والعطاء والنماء للمصريين في عيد حقيقي لاشك ولا مراء فيه اسمه " عيد الوفاء لحكم العسكر.          

الأحد، 29 مارس 2015

حوار مع النائب محمد العمدة حول ثورة يناير وانقلاب يوليو .



أجري الحوار محمود البصيلي مدير صفحة شباب كوم أمبو الجديد " بيت العائلة ".    


س : أول سؤال من هو محمد العمدة مع حفظ الألقاب . اسمك وسنك وحالتك الاجتماعية ومؤهلك الدراسي ؟.
ج : الاسم : محمد محمود علي حامد والشهرة / محمد العمدة .
السن : 46 أو 47 مش فاكر ومفيش وقت أحسب .
 الوظيفة  : محامي بالنقض وحاصل علي دبلوم الشريعة الإسلامية من جامعة عين شمس بتقدير جيد ، ودبلوم القانون العام من جامعة القاهرة بتقدير جيد ، وأنهيت رسالة دكتوراه من 800 صفحة بعنوان " الرقابة علي الإعلام والمرئي والمسموع " وعطلتني فترة الاعتقال عن إنهاء إجراءات المناقشة .
ألفت كتاب " مصطفي محمود وجريمة ثنائية الوجود " المعتمد من الأزهر في فترة الخدمة العسكرية ، وأعددت للشيخ الشعراوي رحمه الله الجزء الأول والثاني من سلسلة أسماء الله الحسني . أفضل العمل في مجال القضاء الإداري الذي ورثته عن المرحوم والدي حيث كان مكتبنا من بدايات المكاتب التي عملت في هذا المجال منذ الثمانينات حين كانت المحاكم الإدارية في أسيوط ، ثم انتقلت إلي قنا ، ثم إلي أسوان ، والكثيرون بدأوا الاهتمام بهذا القضاء بعد الانجازات التي حققناها للسادة الموظفين في هذا المجال ، وأنا لا أقول هذا الكلام للدعاية لأنه كلام معروف لأبناء المحافظة ، ولكن لأشير إلي أن عملي في مجال القضاء الإداري وهو وثيق الصلة بالنظام القانوني للدولة ، كان له أثر كبير في تشكيل أفكاري ووجداني والرغبة التي تكونت لدي لخوض غمار السياسة بقصد الإصلاح ، ووثيق الصلة برغبتي في استكمال مرحلتي الماجستير والدكتوراه ، بل ومن قبل أن أتقدم للماجستير وأنا أحدد موضوع رسالة الدكتوراه التي أريد إعدادها وتأليفها .
متزوج من ابنة المرحوم / فوزي الشعار محامية وربة منزل ، ولي من الأبناء فاطمة بالفرقة الأولي بكلية الطب وزينب الفرقة الأولي بالثانوية العامة ورقية الفرقة الثانية الإعدادية ومحمود الصف الخامس الابتدائي  .
س : دعني أبدا معك من أول ظهور سياسي لك وأسألك ، أقمت في بداية التسعينات دعوى لمنع بث القنوات الإباحية من مصر إلى ماذا انتهت ؟ وما الدافع لهذا القضية هل أردت بها شهرة أم كنت تبغي وجه الله فقط والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ؟
ج : بالفعل حين أصدر صفوت الشريف قرارا بإباحة استيراد أطباق الدش وتداولها في مصر شعرت بالخطر علي قيم وأخلاقيات مصر كدولة إسلامية ومسيحية ملتزمة بالقيم السماوية ، وكنت أري أن الموضوع يحتاج دراسة لأن القوانين المصرية المتصلة بالإعلام مثل قانون اتحاد الإذاعة والتلفزيون تحظر عرض مواد مخلة علي العامة من شأنها أن تؤدي إلي إفساد الأخلاق ، وأن هذه الأطباق منها أنواع تنقل كافة قنوات العالم وهو ما سيعرض منظومة القيم والأخلاق المصرية للخطر ، أقمت دعوي لإلغاء قرار صفوت الشريف وذكرت في الدعوي أنه لم يقم بأي دراسة تحدد ما ينبغي تداوله وما لا ينبغي من هذه الأطباق وما هي الآليات التي أعدها بحيث نستفيد من هذه الأجهزة دون أن تقضي علي قيمنا وأخلاقنا ، وبذلك يكون قراره قد هدم العديد من النصوص الدستورية والقانونية ، تداولت الدعوي أمام القضاء الإداري ثم الإدارية العليا ، وقضت الإدارية العليا برفضها إلا أنها أوصت الدولة بضرورة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والفنية اللازمة للتوفيق بين حرية التعبير والإبداع وبين الحفاظ علي قيم المجتمع ، وكتبت في هذا المجال بحثا قيما في حكمها تم إدراجه ضمن رسالة الدكتوراه الخاصة بي  .
س : كيف بدأت الانخراط في العمل السياسي ، وما هي مقوماتك حينذاك ؟ ومتى بدأ يراودك الحلم أن تصبح عضو مجلس الشعب عن دائرة كوم أمبو ؟
ج : بدأت العمل في مجال القضاء الإداري منذ أن كنت طالبا في كلية الحقوق حيث كنت أسافر مع والدي أحيانا إلي أسيوط أو بمفردي لمتابعة القضايا وكان والدي يتعمد أن يكلفني ببحث موضوعات معينة وإعداد صحيفة دعوي أو مذكرة في ظل توفر المراجع التي تساعدك علي هذه الأبحاث  . والعمل في هذا المجال وثيق الصلة بدستور الدولة وكافة قوانينها ، فالعمل نفسه يجبرك علي الاطلاع علي الغالبية العظمي من القوانين ، ويجعل الاطلاع العام ضرورة قبل أن يكون هواية أو رغبة في الثقافة ، وإن كان الله عز وجل لم يحرمني من رغبة الاطلاع والمعرفة فوق ضرورة العمل . إجراء المقارنة بين ما تدرسه عن النظم السياسية والحقوق والحريات العامة للمواطنين وبين ما تعيشه من مآسي الاعتداء علي هذه الحقوق من قبل الأجهزة الأمنية كان هو المحرك الأساسي في نفسي لضرورة إجراء حراك سياسي لمواجهة هذه الاعتداءات ، فأين حقوق الإنسان وحرياته حين يكون لديك جهاز لأمن الدولة يعد نسخة من جهاز " الجيستابو " الذي أنشأه هتلر في ألمانيا للتخلص من كل خصومه السياسيين ، وأين هي حين يهان المواطن في أقسام الشرطة ويصفع علي وجهه ويتعرض للكهرباء والتعذيب أيا كان السبب ، أمر عجيب أن الله عز وجل بعظمته وجبروته يكرم الإنسان ويقول عنه أنه خلقه بيديه دونا عن باقي المخلوقات التي خلقها سبحانه وتعلي بكلمة كن ، ويقول عنه أنه نفخ فيه من روحه ، ثم تجد أن هذا الإنسان ليس له قيمة لدي إنسان مثله ممن يعملون في الأجهزة الأمنية المصرية ، كان يؤرقني وجود جهاز لا يخضع لأي رقابة ويترك له الحبل علي الغارب ليعتقل أي مواطن ولو لمدة عشرين عام دون أن يملك أحد أن يفكه من أيديهم ، إذا أين ما تعلمناه عن حقوق الإنسان وحرياته والرقابة علي كافة أجهزة الدولة الإدارية .
كنت أشعر بالأسي والحزن وأمريكا تضرب العراق أو غزة أو ليبيا وباقي الحكام العرب في تنسيق كامل مع هذه الضربات يساندونها ويدعمونها ، لم أكن راضيا عما يحدث من تزوير للانتخابات ، كل هذه الأشياء كانت دافعا لي لكي أسعي مع زملائي المحامين مثل الروبي جمعه ومحمد سيد طلحة وكمال سلطان وأحمد جاد وغيرهم كثير حتي لا يفوتني أحد أن نتنافش في هذه السلبيات وأن نسعي لعمل مظاهرات أو ندوات في المحكمة للتعير عن آرائنا ، وأذكر أننا تظاهرنا ضد الحرب علي العراق والاعتداء علي غزة وأحداث أخري كثيرة ، وأعتقد أن هذه المظاهرات هي الأولي من نوعها التي تشهدها كوم أمبو قبل عام 2005 بكثير ، ثم بعد ذلك طرأت عليّ فكرة الترشح لمجلس الشعب ولم أكن أتوقع نهائيا النجاح بسبب اتساع الدائرة ، ولكني قررت خوض التجربة لأتخذها وسيلة للتنقل بين الأماكن المختلفة بالمدينة والقري لأعرض عليهم أفكاري فيما يتعلق بالإصلاحات التي ينبغي علي الشعب أن يتبناها ويطالب بها .
س : هل كنت تثق في فوزك ؟
ج : كما قلت لحضرتك في إجابة السؤال السابق طرأت عليّ فكرة الترشح لمجلس الشعب ، ولم أكن أتوقع نهائيا النجاح بسبب اتساع الدائرة ، ولكني قررت خوض التجربة لأتخذها وسيلة للتنقل بين الأماكن المختلفة بالمدينة والقرى لأعرض عليهم أفكاري فيما يتعلق بالإصلاحات التي ينبغي علي الشعب أن يتبناها ويطالب بها ؟.
س : دعني أدخل معك إلى بداية ظهورك الشعبي في بداية 2005 في مدينه كوم أمبو ، وتحديدا عندما دعوت المرشح الرئاسي حينذاك أيمن نور في مؤتمر شعبي ضخم ، حاولت جهات الأمن وقتها إفشاله بكل الطرق ولم تنجح في ذلك ، السؤال هنا ... ألم تخشي  وقتها من جبروت الحزب الحاكم أن يعتقلوك ؟  وهل كنت تريد أن تتسلق المجد على أكتاف أيمن نور ؟
ج : المؤتمر كنت قد تدارست أمره مع زملائي وإخواني المحامين الذين ذكرتهم - والذين وقفوا في مشروع ترشحي وقفة تعلمت منها أن الشباب بالفعل إذا أرادوا شيئا فهم أقدر الناس علي التخطيط والانجاز ، وأدركت لماذا كان النبي صلي الله عليه وسلم يعتمد علي الشباب في كل التحركات والمشروعات - كانت وجهة نظري أننا بحاجة لأن نفعل شيئا نوضح به أننا معارضون لنظام مبارك وغير راضين عنه وأننا نسعي لتغييره لاعتقادنا أنهم سبب الفشل الذي تعيشه مصر علي جميع المستويات ، فأسفرت المناقشات عن عمل مؤتمر للدكتور أيمن نور في الانتخابات الرئاسية عام 2005 التي سبقت الانتخابات البرلمانية ، وبالفعل حاول مدير أمن أسوان ساعتها منع المؤتمر عندما كنت في مكتبه لدراسة الموقف ، ثم حاول أن يكون المؤتمر في مضيفة مغلقة فقلت له لقد حددت المكان والزمان ووزعت دعاوي علي الناس والتي ستأتي أمام منزلي ، فهل تريد أن يأتي الناس ولا يجدوا شيئا ، بالطبع هذا عرض غير مقبول ، وهددني ساعتها بأنه سيخطر الوزارة فقلت له كما تشاء حضرتك واستأذنت .
 وبالفعل كان هذا المؤتمر نقطة تحول بعد أن نجح نجاحا باهرا وكان تجربة جديدة لم يعتادها المواطن في الصعيد كله وليس أسوان فقط ، أن يُعقد مؤتمر معارض معارضة شديدة وقاسية لمبارك وأسرته ونظامه وحكم العسكر وفي قلب الطريق العام ، وكان هذا النجاح علي الرغم من وقوف سيارات الشرطة علي معظم مداخل المدينة لتفتيش السيارات والبحث عن البطاقات مما اضطر أعدادا كبيرة للرجوع إلي أسوان أو إدفو ، ورغم هذا تمكن ألوف من البشر من التسلل وحضور المؤتمر ، وبدأ يلتف حولنا كل من لديه الرغبة في إنهاء عهد مبارك الذي أخذ أكثر من حقه ولم ير فيه الناس إلا الظلم والقهر وانتهاك كافة حقوق الإنسان وحرياته وانتشار الفقر والمرض علي نحو أخف نسبيا مما يحدث الآن ، فضلا عن دخول الدولة لمرحلة الإفلاس ، ديون ليس لها حدود وعجز في الموازنة يتزايد سنويا بشكل مرعب ، وانضمت لنا أعداد كبيرة جدا من الشباب تريد أن تساهم ، وساهموا بالفعل في الدعاية والمؤتمرات والزيارات وكانوا من قبائل مختلفة وليس من قبيلتي فقط كما يعتقد البعض ، واكتشفنا جميعا أن الروابط التي تقوم علي تبني أفكارا مفيدة إصلاحية أقوي بكثير من تلك التي تقوم علي القبلية والعصبية .
س : بصراحة لم يراودك الخوف لحظة ؟.
ج : عندما أفعل شيئا وأنا مقتنع أنه خير أو حق لا أشعر بأي خوف ولا أفكر في أي نتائج أو أضرار ، فمن شريعتنا وديننا أن نقول كلمة الحق ولو في وجه سلطان جائر يمكن أن يقتلك أو يلفق لك قضية ويعدمك ظلما أو يعتقلك أو يعذبك ، فإن كلمة الحق هي أساس الحل لإنهاء الصراع بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ .
س : نأتي إلى ماراثون الانتخابات التي قمت بخوضها ، وأسألك لماذا اخترت أن تكون مستقلا ولم تختر النزول على حزب معارض للحكومة ونظام مبارك، هل لم تجد فيهم ضالتك ، أم كنت تراها معارضة كرتونية ؟.
ج : في عام 2005 ترشحت مستقلا ولكنني أعرف ما أريد وما أسعي للمطالبة به سواء في الشأن العام أو في نطاق مطالب المحافظة ، وكنت أعرض برنامج انتخابي في جميع زياراتي ومؤتمراتي ، ولم أفكر في الترشح علي قائمة أي حزب معارض لأن الأحزاب المعارضة لم يكن لها وجود في الشارع في هذا الوقت .
س : وفقك الله ونجحت في الانتخابات في 2005 ، بصراحة هل جاءك عرض بعد فوزك من الحزب الوطني للانضمام إليه حينذاك ، وما أدراك ما الحزب الوطني وقتها ، أم هي اجتهادات من مؤيديك ومحبيك ؟.
ج : نعم جاءتني عروض كثيرة جدا منها عروض من قيادات عليا في الحزب الوطني ويمكن لك أن تسأل يا أستاذ محمود أحدا ممن كانوا معي من النواب الأفاضل المحترمون في برلمان 2005 من محافظة أسوان ، لكنني أعرف وجهتي فقد قررت أن أخوض التجربة لأتخذها وسيلة للمطالبة بالإصلاح علي جميع المستويات كما كنت أقول في مؤتمراتي الدعائية ، نريد سياسة خارجية مستقلة غير تابعة ، نريد أن ننعم بكافة الحقوق والحريات العامة التي استقرت الآن في معظم دول العالم لاسيما الدول المتقدمة ، نريد علاجا للفساد ونهب المال العام ، نريد إعلاما يحترم إسلامنا بدلا من إعلام الراقصات الذي أساء إلي نساء مصر كلها في الدول المحيطة بنا ، إعلام يمثل الشعب وليس النظام الحاكم بحيث يتمكن كل مواطن من توصيله رأيه أو عرض مشاكله ، ولاشك أن وجودي خارج الحزب الوطني يعطيني فرصة أكبر للمعارضة دون قيود تفرض علي من هنا أو هناك . أما مسألة قضاء حوائج الناس فيحكمها بالنسبة لي أمرين ، الأول أن مصر شبه أفلست بسبب الفساد ولم يعد فيها من الموازنات ما يكفي لطلبات الشعب سواء من وظائف أو رصف طرق أو صحة أو صرف صحي ، فقد تحملت بالديون الباهظة وعجز كبير في الموازنة والفساد هو السبب الرئيس ، ويمكن أن أعدد لك من أسباب الفساد ما يؤكد لك أن مصر فيها من الخيرات ما هو كفيل بتحقيق تنمية حقيقية ، لكن السؤال من يترك لك الفرصة ومن يترك لك فائض من المؤسسات ، خذ مثالا بسيطا لجان فض المنازعات المنشأة منذ عام 2000 حتي يجد السادة القضاة بعد إحالتهم للمعاش بعد سن السبعين وظيفة يعملون فيها بمقابل آلاف الجنيهات شهريا وهي في حقيقتها تصدر توصيات غير ملزمة ولا يستفيد منها المتقاضي سوي العطلة ، كم مليار كلفتها هذه اللجان لا لشيء سوي لخلق وظيفة وهمية كما قلنا مجاملة للسادة القضاة ، كم تتكلف موازنة الدولة من أعباء نتيجة تعيين كل من يحال للمعاش في العديد من الأجهزة السيادية لتقلد وظيفة عامة في الدولة ، كم تتكلف الموازنة العامة من تسليم مقاولات لهذه الجهة السيادية أو تلك بدون مناقصات ، كم تتكلف موازنة الدولة نتيجة عدم تطبيق حد أقصي للأجور وتقاضي الكثيرون أجر شهري يقدر في إطار مليوني وليس ألفي ، ومثل ذلك يحتاج مجلدات ، ولكن مصر أوشكت علي الوقوع لأن النهب يزيد عن طاقة أي كنز ، فزادت ديونها وعجز موازنتها وربنا يخلصها من الفساد والفاسدين ، ونظرا لإدراكي بأن علاج الفساد هو أولوية أولي لتوفير ما يمكن استخدامه لتلبية احتياجات الناس لذلك أعطيت له جهدا كبيرا ساعد في كشف الفساد في الفترة من 2005 وما بعده ، وجهود نواب المعارضة في هذه الفترة كان له دور كبير لحراك الشباب في الشارع والذي بدأ عام 2008 حين وقفت حركة 6 إبريل مع عمال الغزل والنسيج في المحلة ، ثم إسقاط هؤلاء النواب ، ثم البرلمان الموازي الذي أسسناه ، ثم ثورة يناير المجيدة والتي نحن مطالبون بإنقاذها بعد أن استولي عليها العسكر . أما طلبات الناس فكنت أتحرك بها وكان الله عز وجل يوفقني في مواضيع كبيرة سوف أتحدث عنها ضمن هذا الحوار .
س :  أثناء تواجدك في برلمان 2005 ، ما هي أهم طلبات الإحاطة والاستجوابات التي قدمتها ، وما مدي تأثيرها على الشارع المصري وأهل دائرتك ؟
ج : بالنسبة للشأن العام :
- مجموعة استجوابات علاج كبار المسئولين علي نفقة الدولة بملايين الجنيهات رغم أنهم غير مخاطبين أو مستفيدين بها من الأصل حيث لهم علاجهم علي نفقة الدولة بطريق آخر كموظفين عموميين
 -استجواب تصدير الغاز لإسرائيل
- استجواب عن فساد تعديل عقود مع شركة بريتش بتروليوم عن التنقيب عن الغاز ، حيث قام قيادات وزارة البترول بتعديل العقود بعد العثور علي الغاز بكميات كبيرة تعديلا يضر بحقوق مصر في الاتفاقية لأنه كان بمثابة تنازل عن حصتنا في المستخرج لنقوم بشراءه شأننا كشأن أي دولة أخري .
- استجواب عن أموال مهدرة لصالح شركات مصرية عن إصلاحات وتطويرات في القصور الرئاسية ، ولم تسدد أموالها .
- العديد من الاستجوابات متعلقة بإهدار المال العام لا وعرضتها عليكم سوف تصابون بالدهشة وتتعجبوا أن مصر لازالت تقف علي رجليها في ظل ما يحدث من نهب منظم .
- استجواب عن حصار غزة أثناء الحرب الإسرائيلية عليها .
- استجواب عن فساد في موازنة اتحاد الإذاعة والتلفزيون .
- استجوابات وطلبات إحاطة عن مخالفات وزراة الداخلية فيما يتعلق بالحقوق والحريات العامة  .أما بالنسبة للدائرة فتقريبا ليس هناك طلب من طلبات أبناء المحافظة العامة إلا وقدمت عنها العديد من الطلبات والأسئلة أو الاستجوابات ، كل ما تتخيله من طلبات عامة للمحافظة تحت يدي إما استجوابات أو طلبات إحاطة أو أسئلة بل والكثير منها مسجل صوت وصورة ، ولكن كما قلت لك العقبة الرئيسية أنهم لم يتركوا في الدولة شيئا تستطيع أن تنفقه علي مطالب الناس ، وكانت هذه أزمة لكل النواب علي مستوي الجمهورية ، ولذلك فإن ما تحقق من هذه الطلبات لا يذكر أمام ما تم عرضه ولم تتم الاستجابة إليه .
س : ماذا استفاد الشعب المصري بطلب الإحاطة المقدم منك لمعرفة مرتب الرئيس مبارك ، والذي لم تذكره من ضمن الطلبات التي ذكرتها ؟
ج : أنا لم أتقدم بسؤال عن مرتب مبارك ، أنا تقدمت بسؤال عن المخصصات المالية لرئاسة الجمهورية سنويا ، وهل بالفعل دخل قناة السويس مخصصة لرئاسة الجمهورية من عدمه . أما عن فائدة هذا السؤال ، فلأنني أعلم أن أهم أسباب إفلاس مصر هي سعي العديد من مؤسسات الدولة لرفع موازناتها توصلا لرفع الرواتب والمكافآت والحوافز ومقابل اللجان ومصاريف السفر وبدلات الضيافة وبدلات الملابس وبدلات دخول دورة المياه وهلم جرا ، فحين تقرأ مثلا أن 12 قيادة بوزارة سيادية حصلوا علي 84 مليون جنيه في سنة واحدة مكافآت أي سبعة مليون جنيه للواحد فهذا مجرد ذرة تكشف لك أين تذهب موازنة الدولة . لقد سبق لي تقديم بلاغ للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود عن أن موازنة المحكمة الدستورية قد تم زيادتها في العامين الذين كانت فيهما مصر تحت قيادة مجلس طنطاوي بواقع 50 مليون جنيه لتصبح 170 مليون جنيه ، هل رأيت هذا المبلغ مخصص لمحكمة واحدة عدد مستشاريها وموظفيها يعد علي الأصابع ، وأحيل الطلب إلي نيابة الأموال العامة ومرفق به المستندات الدالة علي أن هذه الزيادة كانت في عامين أحدهما الذي تم فيه حل البرلمان ، لم تحقق الشكوى ، وهل سمعت أن المحكمة الدستورية أصدرت حكما بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض الذي يلزمها بالكشف عن رواتب قضاتها ، يعني معني كده الحد الأقصى للأجور لا تستطيع أن تطبقه عليهم لأنهم أغلقوا عليك الباب أن تعرف قيمة رواتبهم . المشكلة يا أستاذ محمود أن اللف بالطلبات علي الوزارات بمطالب الناس لم يعد مجديا لأنهم لم يتركوا أي فائض يمر من تحت أيديهم ، وكلما احتاجوا أن يرفعوا مزاياهم رفعوا الأسعار حتي فقد الشعب المصري قدرته علي التكيف مع الظروف القاسية التي يعيشها ، ولو أنهم استغلوا الفائض للاستثمار لعاد بالخير عليهم وعلي الناس لكن هم ليس لديهم الاستعداد للانتظار هم عايزين فلوس فورية ، وهذا سر تعقبي للفساد ونهب المال العام بمعرفة المؤسسات ، لأنه بدون تحقيق العدالة الاجتماعية لن يتوفر لك ما تستخدمه لإصلاح أحوال الناس بل وستزداد الأعباء عليهم حتي يوفوا بمزايا القيادات .
س : ما هي أهم انجازاتك في دائرتك كوم أمبو ونصر النوبة أثناء جلوسك على كرسي البرلمان ؟
ج : من بين الانجازات ما يندرج ضمن الانجازات الكبرى التي ينبغي علي الوحدات المحلية والمجالس الشعبية المحلية أن تسميها باسم من أنجزها حتي نشجع القادم من النواب علي السعي ، منها :
- معركة الشادر التي بدأت بإضراب أغلق فيها الشادر قرابة 15 يوم مما دعا المحافظ السابق إلي إمداد كوم أمبو بسيارات خضار من أسوان ، وتلا ذلك إضراب عن الطعام بمستشفي كوم أمبو قمت به بصحبة التجار وترتب علي هذه المعركة رحيل المحافظ السابق رحمه الله وحضور اللواء مصطفي السيد والذي وافق علي إقامة الشادر في المكان الذي اقترحناه ، ولو تم نقل الشادر إلي آخر حدود مركز كوم أمبو كان سيتسبب ذلك في عسر شديد علي فئات متعددة من المجتمع
- ردم الفرع السخن الذي كان يخرج من شركة السكر وإنشاء حديقة بدلا منه ، وقد رأيتم كيف غير ذلك شكل المنطقة وأدي إلي توسع عمراني كبير فيها .
- الحصول علي ميزانية من وزارة النقل لإنشاء نفق أرض أسفل السكة الحديد .
الحصول علي موافقة وزارة النقل علي إنشاء كوبري فارس بعد عرض هذا الطلب علي مبارك أثناء زيارته لقرية الظهير الصحراوي المجاورة لقرية فارس .
- استخراج قرارات علاج لأهالي الدائرة بمبالغ تخطت الأربعين مليون جنيه في أربع سنوات ، ولم نحصر قيمة قرارات السنة الأخيرة بالمجلس ، ويوجد صورة من الخطاب مع بعض موظفي مستشفي كوم أمبو .
- إسقاط ديون عدد كبير من سيدات نصر النوبة اللاتي تعرضن للنصب من فروع أحد البنوك وتم صرف قرض ألف جنيه لكل منهن واثبات مبالغ كبيرة كمديونية عليهن وإثباتهن كضامنات لديون آخرين دون علمهن وصدور أحكام جنائية ضدهم وهي أزمة كبيرة تم إنهائها بناء علي شرحي للموضوع للرئيس المخلوع أثناء زيارته لأسوان .
- ميزانيات بناء للعديد من المساجد أو ترميم أو توسعة من وزارة الأوقاف ، منها الحصول علي موافقة المحافظ لبناء مسجد جبل الزلط في المكان الذي بني فيه وميزانية لإعادة بناء مسجد عزبة الناموس ومساجد أخري كثيرة .
- ميزانيات بناء للعديد من المدارس وتوسعة وترميم بعضها من الأبنية التعليمية وبعضها من القاهرة أذكر منها حل مشكلة مدرسة عزبة العرب الابتدائية التي لم تكن صالحة للاستعمال مما أحدث أزمة في القرية .
- الحصول علي موافقات تقنين أوضاع للعديد من المساكن أذكر منها مجموعة بقرية إقليت .
- المساهمة في حل مشكلة عدم تثبيت العاملين للعديد من المصالح الحكومية .
 
الحصول علي موافقات لاستخراج رخص أنشطة تجارية كالمخابز والمحلات التجارية .
- الحصول علي بعض فرص العمل المحدودة لأبناء الدائرة .
هذا بعض ما أذكره وأرجو سؤال زملائي من النواب بدورة 2005 كيف كان يشكو كل من اللواء سمير يوسف واللواء مصطفي السيد من كثرة الطلبات التي يعرضها النائب محمد العمدة ودائما كان يسأل اللواء مصطفي السيد أنت بتلف علي المقاهي تجمع الطلبات دي ، ولكنه كان يشكر ترتيبي للطلبات وإحاطتي بما هو مكتوب فيها وتيسير عرض المشاكل عليه مما كان يساعد في صدور قرارات بحلها .
س : أنت متهم أنك لم تخدم إلا أقربائك وأبناء عمومتك فقط وتحديدا ( أولاد سند ) ، فما ردك ؟
ج : هذا كلام غير صحيح وأنا لم أكن أقصر مع أحد يطلب مني أي طلب وأبذل أقصي جهدي وكان الله عز وجل يوفقني في الكثير ، أما موضوع الوظائف فقد كنت أبعد عن الأقارب المباشرين لدرجة أن شباب بيت العمدة تأثروا من أنني لم أحصل لأي منهم علي فرص عمل ، وإن كانوا مقدرين للموقف ، حتي فرص الحج قمت بتوزيعها بالقرعة علي مركزي كوم أمبو ونصر النوبة ، أما الحديث عن خدمة أولا سند فهذا أيضا خطأ ولا أستطيع أن أزيد علي ذلك لحساسية الحديث في مثل هذه المواضيع وأؤكد لك أنني حصلت علي فرص عمل لشباب ليسوا من قبيلتي ولكن أيضا لا يصح أن أذكر أسماء ، مع ملاحظة أن فرص العمل التي كانت تمنح من خلال النواب ، كانت مشروطة بمؤهل معين وسن معين وهو الأمر الذي يعني أننا لا نختار صاحب الفرصة ، وإنما يختارها توافر الشروط فيه .
س : أنت متهم أنك أحدثت فرقه بين أهل كوم أمبو في الانتخابات التي جرت 2005 وفزت بها أمام عتاولة الحزب الوطني حينذاك ، لماذا لم تحاول تقريب وجهات النظر بين قبيلة الرزيقات والعيايش تحديدا من خلال مؤتمر أو الدعوة إلى جلسه مصالحة أو الذهاب إلى عقر دار منافسيك وقتها ، وأنت منتشي بالفوز ؟
ج : العلاقة بين أهالي الرزيقات والعيايشة من أفضل ما يكون وهي علاقات وطيدة ، وأيام الانتخابات طبيعي أن تكون أيام صعبة ، لأن أنصار كل مرشح يتعصبون له ، ولكن ما أن تنتهي الانتخابات حتي تعود العلاقات إلي طبيعتها بشكل تلقائي ، ولم يحدث أصلا أي خلاف بين القبيلتين حتي يحتاج إلي صلح أو تهدئة ، وقد نجحت مرتين ونجح المستشار محمد سليم مرة وهذه طبيعة المنافسات ، وأنا تربطني به علاقة طيبة للغاية لم تتأثر يوما لا بنجاحي وعدم توفيقه ولا بنجاحه وعدم توفيقي، فالأمور علي ما يرام  .
س : أنت متهم أنك بمجرد فوزك ذهبت إلى القاهرة وقفلت تليفونك ولم ترد على أهل دائرتك المحتاجين مساعدتك كمثل العلاج على نفقه الدولة وطالبي الوظائف وخلافه حتى أن أحد المقربين جدا لك عانى الأمرين من عدم وقوفك معه في أثناء مشكلة شهيرة له في القاهرة فما ردك ؟
ج : هذا كلام غير صحيح ، فأنا كنت أغلق التليفون فترات طويلة بالفعل ، ولكن هذا لم يكن يمنع الناس من التواصل معي ، فقد كان معي أثنين من أبناء عمومتي مقيمين معي في مصر ، كما أن الناس كانت تتصل بي من خلال عدة شخصيات في كوم أمبو ، فوالدتي كانت تكلمني عدة مرات يوميا لمطالب الناس وشخصيات أخري كثيرة ، من كان يريدني كان يستطيع أن يتواصل معي . أما عن موضوع أحد أقاربي الذي تتحدث عنه فقد علم ما حدث ، حيث أنه قابل وكيل وأبلغه بمشكلة إلا أن هذا الوكيل سهي عليه أن يبلغني ، وهذه أمور واردة لأن النائب مهما فعل لن يستطيع أن يلبي كل الطلبات ، فأنت مطالب بخدمات من محافظة كاملة بل وتأتينا طلبات من محافظات مجاورة بناء علي ما يسمعه من أن النائب الفلاني يسعي في مشاكل الناس ، في الوقت الذي لا تساعدك الدولة فيه لكي تتمكن من التعامل مع هذا الكم من الجماهير والطلبات مثلما يحدث في الدول المتقدمة ، وموضوع التليفون المحمول دائما انتقاد يوجه لكل النواب ، والذي يغيب عن صاحب هذا الانتقاد أن تليفون عضو مجلس الشعب أشبه بسنترال رمسيس الرئيسي لا يمكن يتوقف عن الرن أبدا ، ومعني ذلك أن أحدا لن يستطيع التعامل مع التليفونات بهذا الشكل وإلا عليه أن يتوقف عن حضور الجلسات وعن كافة أعماله وينتظر في مكان هادئ ليرد علي التليفونات ، كما أن التليفونات يعقبها تحديد مواعيد لتنتظر أصحاب طلبات التعيين الذين يأتوك من كل فج عميق وأنت ليس في يدك تلبية هذه الطلبات الكثيفة .
س : دعني أدخل معك إلى ثورة يناير/2011 وأسألك ما دورك فيها ، وهل كنت في ميدان التحرير من يوم 25 أم أتيت متأخرا ؟
ج : أولا يا أستاذ محمود ثورة يناير لم تبدأ في يناير/2011 كما يتصور البعض ، وليست مؤامرة كما يروج السيسي وأنصاره والذين هم جزء أصيل من نطام مبارك كواقع وكفكر وكتبعية لأمريكا وكفساد ونهب للمال العام ، وكاستبداد وقوانين وأفعال جائرة ظالمة ضد الشعب المصري .
 إنني أحدثك كواحد شارك في هذه الثورة من قبل 2005 بكثير حين بدأنا الحراك السياسي والمظاهرات في كوم أمبو ، وحين أقمنا مؤتمرا جماهيريا حاشدا للدكتور أيمن نور وألقينا حجرا في المياه الراكدة ، وكانت لهذه الإرهاصات أسبابها ، فالاستبداد المتمثل في قانون الطوارئ الذي جعل من الشرطة وخاصة أمن الدولة هامان فرعون الذي ينكل لفرعون بكل خصومه ، لدرجة أنك كنت تستشعر أن ضابط أمن الدولة لا يتعامل مع الناس علي أنهم بشر خلقهم الله عز وجل وكرمهم ، ولم يكن يعاملهم حتي كحيوانات ، لأن سيادته لا يعذب الحيوانات ، وإنما كان يعاملهم وكأنهم زواحف ضارة كالثعابين والعقارب ، وجميعهم كان مملوءا بفكرة أن الشعب المصري ده شعب ابن مرة .... ما يمشيش إلا بضرب ... كانوا يحفظونها عن ظهر قلب ولا أعلم أين حفظوها ، كانوا يستبيحوا تعذيب المواطن وفي أدني الأحوال إهانته ، كانوا يستبيحون اعتقاله عشر سنوات أو أكثر دون حكم ، كانوا يلقون الناس في المعتقلات وينسونهم ، لا لشيء سوي لإخلاء الساحة لمبارك من منافسيه أو ممن يعكرون عليه صفوه ، كانوا يستبيحون التصفية دون محاكمات . كانت هناك محاكمات عسكرية ، كان يوجد حظر علي مباشرة أي نشاط سياسي من أي نوع بما في ذلك الأحزاب ، وأنا بكل أمانة وللتاريخ أؤكد أن أمن الدولة كان يمنع النشاط السياسي ويتعامل معه كما يتعامل مع التيار الإسلامي تماما ، دور سياسي من الطراز الأول لمباحث أمن الدولة ما قبل الثورة .
كان الأمن يساهم في تزوير كل الانتخابات قبل الإشراف القضائي الذي بدأ تطبيقه في 2005 ، كان يزور انتخابات الشعب والشورى والمحليات والنقابات ، لن أنسي حين طلب مني بعض السائقين التدخل في انتخابات نقابتهم بعد أن تم حرمانهم من التقديم ، أي مصادرة من المنبع حتي تنجح القائمة التي يريدها الأمن بالتزكية ، توجهت معهم إلي النقابة في رمسيس فوجدناها مغلقة في يوم عمل ، سألنا عن المكان الذي انتقلوا إليه ، كان بعيدا لدرجة أنك من التاسعة والنصف تصل بعد الثانية عشر ظهرا ، فوجدنا المقر الآخر مغلق والموظفين يجلسون بالداخل ، وحين صرحت لهم بصفتي أدخلوني وشرحت الموضوع ، وبالطبع كان فيه ضابط أمن الدولة يجلس في مكتب الموظف الذي من المفروض أنه يتقبل طلبات التقديم ، والمهم أن الموضوع تم إنهائه وديا بين القائمتين علي النحو الذي حدده فرع أمن الدولة ، هذه هي الأحوال قبل الثورة والتي أدت إلي قيامها .
ليس ذلك فحسب بل كان أمن الدولة مزروعا داخل جميع الوظائف الحكومية لا سيما المجالس الشعبية المحلية ومجلس الشعب والشورى والنقابات والجامعات ، وموجود بكثافة ، إن مجلس الشعب يا يأستاذ محمود من كانوا به من رجال الشرطة والجيش أكثر من النواب ربما بمئات الأضعاف ، يكفيك أن تعلم أن مدير مكتب فتحي سرور ضابط شرطة ، كل شيئ كان تحت السيطرة فوق الكاملة .
ولا تنسي الفساد ونهب المال العام وما سببه من ديون داخلية وخارجية وعجز في الموازنة ترتب عليه شيوع الفقر بين المصريين ، وغياب العدالة في توزيع الدخل وتوزيع الوظائف ، وعلي جميع المستويات .
كنا نتأذي من سياسة خارجية قائمة علي التبعية لأمريكا وإسرائيل علي نحو يستفز كل مواطن يشعر بالانتماء لوطنه ودينه ، كنا نري الأُخوَّة بين مصر وإسرائيل ونري كيف تدعم مصر الحرب علي العراق أو تبارك وتشارك في ضرب أفغانستان أو قصف ليبيا أو تقسيم السودان .
كل هذا الفشل في السياسات الخارجية والداخلية أدي إلي قيام الثورة . وأود أن أؤكد هنا أن برلمان الثورة الأول 2005/2010 كان له دور رئيس وقبل الحركات الشبابية ، فحركة 6 إبريل بدأ نشاطها في 6/4/2008 في دورها البارز في الوقوف إلي جوار عمال الغزل والنسيج بالمحلة بينما دور برلمان الثورة الأول بدأ منذ عام 2005 ، كان به ما يقرب من مائة وعشرين  نائبا معارضا منهم ثمانية وثمانون نائبا من الإخوان لم نر منهم إلا حسن الخلق والالتزام والبحث والسعي لكشف الفساد ، وكانت هناك مجموعة المستقلين ( سعد عبود – محمد العمدة – جمال زهرانمصطفي بكري – علاء عبد المنعم – مصطفي الجندي – عمران مجاهد ) ، وبعض النواب عن حزب الوفد مثل محمود أباظة ومحمد مصطفي شردي والمرحوم محمد عبد العزيز شعبان عن التجمع ، لقد قام هؤلاء النواب بجهد ضخم في توجيه ضربات شديدة لسياسات مبارك الخارجية والداخلية وكشف فساد نظامه ، وهو الأمر الذي ساهم في تحريك الشارع ، وكثيرا ما كانت هناك مواقف شارك فيها كل من النواب والحركات الشبابية ، منهم وقفة أمام مسجد عمر مكرم والتي هددنا فيها حبيب العدلي بخطاب رسمي تلاه أحمد فتحي سرور ليحذرنا وهو أستاذ القانون الجنائي الذي وضع مراجع ضخمة في الحقوق والحريات العامة ، تلا علينا الإنذار بدلا من أن يتصدي لوزير الداخلية علي تحذير النواب .
وعندما قام الحزب الوطني عام 2007 بإدخال 34 تعديل دستوري لتمهيد الأوضاع لحكم جمال مبارك ، كان منها أربعة تعديلات هي المقصودة والباقي كلام فاضي لا ينفع ولا يضر ، هذه التعديلات الأربعة هي سحب الإشراف القضائي تمهيدا لتزوير الانتخابات ووضع نص دستوري يعطيهم الحق في إصدار قانون لمكافحة الإرهاب يؤمنون به حكم جمال مبارك وإعطاء الرئيس حق حل البرلمان دون استفتاء شعبي حتي يتمكن جمال من حل أي مجلس لا يأتي علي هواه ، فضلا عن استلزام موافقة مجلس الشورى علي القوانين المكملة للدستور تحسبا لأي زيادة من المعارضة في مجلس الشعب  .
وبالفعل كان أول استغلال هذه التعديلات أن قام أحمد عز بتزوير انتخابات مجلس الشعب بالكامل واستبعد كافة نواب المعارضة الذين ارتبط الشعب بهم ، فلم نسكت نحن نواب المعارضة وإنما أسسنا البرلمان الموازي ، فقال مبارك خليهم يتسلوا ، وتسلينا بالفعل إلي أن أسقطنا مبارك نحن الشعب المصري الذي تكاتف يدا واحدة يوم 25 يناير وما بعدها بفضل وتوفيق من الله عز وجل .
أما يوم 25 يناير فكان الاتفاق بين كل القوي السياسية المشاركة علي تحديد أماكن معينة للتحرك ، وكنت أنا ضمن مجموعة نواب المعارضة ببرلمان 2005 والتي كان مكان تجمعها أمام دار القضاء العالي الساعة الواحدة ظهرا ، وصلت الساعة واحدة وخمسة دقائق وكان معي مجموعة من المعارف ، أعددت يافطة هي تلك التي أستعملها كغلاف لصفحتي علي الفيس بوك مكتوب عليها ( لا للفقر والبطالة والطوارئ والمحاكمات العسكرية ولتزوير الانتخابات وللفساد ونهب المال العام لن نستعبد بعد اليوم ) ، وسوف أنشر لكم مجموعة من الصور توضح تسلسل التحرك بهذه اليافطة بدءا من أمام دار القضاء العالي حيث كان الأمن المركزي قد أحاط بالنواب ومن معهم ، فرفعت يافطتي وطلبت من بعض الحضور إتباعي ، وتحركنا من أسفل كوبري الجلاء وقفزنا من السور وأخذنا الطريق المؤدي لميدان التحرير وأفلتنا من كل مجموعات الأمن التي تصدت لنا ، واستمرت المطاردة حتي اضطررنا للخروج من ميدان التحرير وأخذنا طريق الكورنيش حتي وصلنا بولاق ثم وصلنا لدار القضاء العالي مرة أخري وهناك ومع زيادة العدد حدث اعتداء من الشرطة علينا فاتجهت باليافطة التي أحملها ولها مقابض خشبية مرتفعة في شارع 26 يوليو في اتجاه العتبة وعند نهاية الشارع أردت أن أدخل في شارع جانبي من شوارع وسط البلد ، فإذا بمجموعة من الشباب الثوري يصممون علي أن أتجهم معهم إلي ميدان العتبة والميادين القريبة منه ، رفضت في البداية خشية عواقب الدخول إلي أماكن مزدحمة بهذه الأعداد الكبيرة ، فتمسك أحد الشباب والذي كان بمثابة قائد لمجموعة كبيرة بموقفهم والمتمثل في ضرورة الدخول إلي العتبة والموسكي فقال لي وبكل أمانة : يا أستاذ محمد الناس ماشية وراك أرجوك تعالي معانا حتي لا يتفرق التجمع ، وأصر هو ومجموعة كبيرة علي موقفهم ، فاضطررت للدخول معهم ، وأثناء مرورنا في شوارع بميدان العتبة والموسكي حدث ما كنت أخشاه حيث قام مجموعة من الشباب بإسقاط عمود معلق عليه صورة لمبارك ، مما حدا بي إلي العودة مسرعا إلي وسط البلد ، وكان الأمن ساعتها غير موجود بالمكان ، فتوجهنا إلي نهاية 26 يوليو ودخلنا بجوار الأمريكيين ومنه إلي ميدان التحرير ودخلنا دون معارضة ، وبعدها بدأ كل المترددون أو من كانت في نفوسهم خشية من النزول التجمع في الميدان حتي تزايدت الأعداد بشكل كبير ، وظللنا في حالة اعتصام والهتافات مستمرة إلي أن حدث اعتداء الشرطة علي المتواجدين في الميدان بالأسلحة النارية وتفرقت الأعداد ، وهو الأمر الذي عجل بجمعة الغضب  .
س : أتقصد هذه اللحظة تحديدا وهذه اليافطة ؟.        


ج : نعم هذه هي اليافطة حيث تحركت بها انطلاقا من دار القضاء العالي وعبرنا شارع رمسيس ، ثم قفزنا من سور حديدي أسفل كوبري الجلاء الذي يمر أمام مبني صحيفة الأهرام ، وتحركنا في الشارع الذي تراه متجهين للتحرير ، حيث أن نهاية الشارع يمكن أن تدخل شمال في اتجاه المتحف وميدان عبد المنعم رياض ومنه إلي ميدان التحرير ، ولاحظ في الصورة الشباب الذي يسير خلفنا هو المجموعة التي تحركت معنا انطلاقا من دار القضاء العالي ولكنهم أخروا الخطوة قليلا وعملوا مسافة بيني وبينهم خشية العواقب ثم انضموا لنا بكل قوة ، ثم بدأت تنضم لنا الناس من الشوارع طوال المسيرة التي شرحتها لك حتي دخلنا ميدان التحرير ، يعني من حقك يا أستاذ محمود أن تقول وأنت صادق أن أول مجموعة دخلت التحرير يوم 25 يناير هي المجموعة التي انطلقت مع نائب أسوان بدءا من دار القضاء العالي ومرورا بالتحرير ثم بكورنيش النيل ثم بولاق ثم دار القضاء العالي مرة أخري ثم العتبة والموسكي من شارع 26 يوليو ثم عودة إلي ميدان التحرير مرور بشارع فؤاد وإن كنت غير متأكد من اسمه فإننا دخلنا بجوار مبني الأمريكين الذي يسبق دار القضاء العالي ومنه إلي ميدان التحرير ، وقريبا سوف أنشر مجموعة الصور حيث تصادف أن كان موجودا في الأحداث مصور من حزب الوفد فسار في المسيرة وقام بالتقاط هذه الصور ، وعرفت منه بمحض الصدفة أن لديه صور من المسيرة ، وبارك الله فيه أن أعطاني ما لديه من هذه الصور التاريخية  .
س : بعد الوصف الدقيق والجميل منك في وصف الشرارة الأولي لليوم الأول للثورة المصرية ويوم 25 يناير، دعني ادخل معك ليوم 28 يناير وأسألك : ماذا حدث فيه وكيف بدأ وما هي أهم أحداثه ؟.
ج : بعد الإصابات والضحايا الذين استشهدوا يوم 25 يناير تعالت الدعوات من كل الحركات المشاركة في ثورة يناير للخروج للتظاهر في الجمعة التالية مباشرة ليوم 25 تحت اسم جمعة الغضب اعتراضا علي تعامل الشرطة وتصديها للمتظاهرين علي النحو الذي حدث ، لأن الشرطة ليس هذا دورها ، الشرطة جهاز أمني وظيفته الحفاظ علي أمن المجتمع من الجرائم التي نص عليها القانون وليس وظيفتها أن تؤمن النطام الحاكم وتحافظ عليه لدرجة أن تسعي باستخدام السلاح الحي لمصادرة حق الشعب في التظاهر للتعبير عن رأيه وهو حق تكفله الشريعة الإسلامية والدساتير المحترمة ، كان المتظاهرون يقفون في ميدان التحرير بشكل سلمي في مشهد تاريخي رائع للمطالبة بطلبات معينة ، ومن ثم يأت دور الحكومة لبحث طلبات الناس والتعامل معها ، ولكن ما حدث أن تم تحريك الشرطة ليلا للاعتداء عليهم وتفريقهم باستخدام كل الأسلحة المتاحة . كانت الصحف المستقلة وبعض الفضائيات المستقلة تغطي كل هذه الدعوات ، وبالفعل صرحت جميع الحركات الشبابية بالنزول في جمعة الغضب ، وتم تحديد المساجد التي سيتحرك منها المتظاهرون .
توجهت أنا إلي مسجد الاستقامة بالجيزة ، وأديت الصلاة في الشارع بجانب سور المسجد من الخارج نظرا لامتلاء المسجد وساحته بالمصلين ، وكان أمامي في الشارع عدة صفوف وكان من بين المصلين الدكتور محمد البرادعي ، قامت الشرطة بمحاصرة المسجد بالكامل في دائرة كاملة تحيط بالمصلين من جميع الاتجاهات وكان الضباط يربتون علي أكتاف جنود الأمن المركزي لتشجيعهم علي الفتك بالمتظاهرين ، وكان بصحبة الجنود أكثر من سيارة مطافي لاستخدام المياه لتفريق المتظاهرين ، كان القرار واضح وهو التعامل مع المتظاهرين قبل أن يتحركوا من المساجد المحددة واستعمال أقصي درجات القوة لتفريقهم .
ما أن بدأ التحرك وبدأت الهتافات التي زلزلت المكان حتي بدأ ضرب العصي من جنود الأمن المركزي ، كان الدكتور البرادعي أمامي وبيني وبينه مسافة بسيطة ، تم رفع العصي وإنزالها عليه ، لولا أن سحبه مجموعة من الشباب المحيطين به ، وفتحوا خراطيم المياه علينا جميعا ، ووجهوا المياه تجاه الدكتور البرادعي وكل من حوله وتغرقت ملابسنا وأحذيتنا وبدأنا نسمع طلقات الرصاص ، وبدأ إطلاق قنابل الغاز ، فدخلنا إلي المسجد من باب جانبي ، قاموا بإطلاق قنابل الغاز بكثافة خارج المسجد وداخله ، فبدأنا نشعر بالاختناق لاسيما أننا أغلقنا النوافذ بسبب الدخان الكثيف خارج المسجد والقنابل التي تلقي في اتجاهه ، تم تركيب كمامة للدكتور البرادعي وآخر ، ساعتها تحدثت وتنبأت بسقوط النظام لما يفعله مع الشعب ومع رجل ذو قيمة علمية ومكانة رفيعة مثل البرادعي ( هذا قبل أن تتغير رؤيتي له ) ، وهذا الكلمة مسجلة بالصوت والصورة ، قامت مجموعة بتهريب الدكتور البرادعي من المسجد ، والانسحاب به إلي جهة غير معلومة ، أما أنا وبعد أن أوشكت علي الاختناق وليست هناك إمكانية للخروج من الباب بسبب إطلاق النار والقنابل فقد اضطررت ومن معي إلي القفز من أسوار وأماكن مرتفعة علي نحو عرضنا للخطر لولا أن نجانا الله عز وجل ، وخرجنا من اتجاه يبعد قليلا من الباب الرئيسي وسرنا في شارع الجيزة وكانت الأعداد الكبيرة من المتظاهرين قد تفرقت ، بحثنا عن هذه المجموعات المتفرقة ، فوجدنا مجموعة منها بالقرب من كوبري عباس ، فانضممنا لهم وكانت هذه المجموعة تحاول اقتحام الكوبري والدخول في صدام مع الأمن ، تداخلت معهم ، أن لا داعي للصدام مع هؤلاء الجنود ونبحث عن مدخل آخر ، في هذه الأثناء ويشهد الله عز وجل علي صحة ما أقول وجدت مجموعة أخري من المتظاهرين علي بعد مسافة كبيرة يفصلنا عنهم شارع مرور السيارات وهم يسيرون أيضا بجوار مناطق سكنية ترتفع عن الطريق ويفصلهم عن الشارع سور منخفض ، ولمحت بينهم أحد الأخوة المحامين / م . ع من النشطاء سياسيا ويقود التحرك مرتديا ترننج رياضي ، فأخذت أنادي عليه ثم أرسلت له أحد المتحركين معي ، وعندما وجدني زميلي المحامي سالف الذكر وبجواري مجوعة أخري فرح كثيرا واستدعي المجموعة التي معه ، وانضمت المجموعتان وتحركنا في الشارع الرئيسي ودخلنا من شوارع جانبية وأذن علينا آذان العصر فصلينا .
ثم انطلقنا حتي عدنا مرة أخري إلي مسجد الاستقامة ، وكان الأمن قد ترك المكان باستثناء بعض الجنود يبدوا أن السيارات تركتهم ، ورغم كل ما فعله الأمن بالمتظاهرين إلا أنهم لم يسيئوا إلي هؤلاء الجنود الذين تواجدوا في المكان بمفردهم ، وهناك وجدت إبراهيم عيسي أمام المسجد ، وأخذت أتحدث معه وتحاورنا هل نبقي هنا أم نتجه إلي التحرير ، ودخل الشباب في الحوار وانتهينا إلي التحرك للتحرير ، وتحركنا في صحبة شباب الثورة بهتافات الشعب يريد إسقاط النظام والذي كان يزلزل المكان ، ويوجد فيديو مصور يجمعني مع إبراهيم عيسي ويصور هذا التحرك في شارع الجيزة إلي كوبري عباس ثم إلي كوبري قصر النيل ، وهناك دارت المعركة التي عرضت كثيرا علي كوبري قصر النيل ، حيث يسعي الثوار لعبور الكوبري والدخول لميدان التحرير بينما يسعي الأمن لإعادتهم مرة أخري ، وفي هذه المعركة تم ضرب كميات مهولة من قنابل الغاز من أعلي الكوبري من جهة التحرير إلي الجانب الآخر الذي كنا نتجمع فيه ، وحدثت إصابات كثيرة بين المتظاهرين ، المهم أن شباب الثورة تمكن من اقتحام الكوبري وكنت وسطهم ، ولكن حدثت هجمة مرتدة من الأمن في ظل إطلاق القنابل الكثيف وهجوم من الجنود ترتب عليه عودة الشباب مسرعين .
وفي هذا المشهد سقطت علي الأرض ولولا مجموعة من الشباب أصروا علي مساعدتي كان من الممكن أن نحظي بالشهادة ، وخرجنا من طريق متفرع من الكوبري لنزول السيارات علي الكورنيش في اتجاه فندق رمسيس هيلتون الذي يأتي بعد منه مبني الحزب الوطني ، وأثناء سيرنا كان الأمر قد صدر لسيارات الشرطة والقوات بالانسحاب ، فوجدنا عدد كبير من سيارات الأمن المركزي الضخمة تأتي من ناحية مبني الإذاعة والتليفزيون بسرعة كبيرة للغاية الواحدة تلو الأخرى كانت ستتسبب في قتل العديد من الشباب ، فإذا بالشباب يذهب مسرعا ليأتي بالصدادات الحديدية الخاصة بالمرور ويلقونها أما السيارات المسرعة فتحدث دويا كبيرا ولكنها لم توقف السيارات عن الهروب ، وفي هذا المكان التقيت بمذيعة الأون تي في التي أجبرت علي ترك القناة حاليا بسبب معارضتها للانقلاب / ريم ماجد وسلمت عليها ، ثم وأثناء مرور السيارات المسرعة اختبأت ريم ماجد خلف المقاعد الموزعة علي الكورنيش ، وبعد هروب السيارات قام الشباب بحرق كل السيارات التي تركها الجنود ولاذوا بالفرار فانتشر الدخان في المكان ، كما أنهم دخلوا إلي مقر الحزب الوطني واستمرينا في المسير حتي دخلنا بعد مقر الحزب الوطني يمين ثم منه إلي المتحف وكان الدخان كثيف للغاية داخل ميدان التحرير وميدان عبد المنعم رياض من كثرة قنابل الغاز والسيارات المحترقة والإضاءة خافتة والمشهد عجيب وكأن القيامة قد قامت والمكان مهجور ، ثم بدأنا نشاهد الحريق المتصاعد من المبني الرئيسي للحزب الوطني ، ثم دخلنا إلي الميدان وهناك بدأت رحلة الأيام أل 18 التي تم بعدها تنحية مبارك .
س : دعني أسألك هل هذه الصورة  التي تجمعك مع إبراهيم عيسي جزء من المشهد الذي حكيته ؟           


ج : نعم هذه صورة من المشهد الذي حكيته ، وهذه كانت بداية التحرك من أمام مسجد الاستقامة إلي كوبري قصر النيل الذي دارت علي أرضه أعظم معركة بين الشعب المصري العظيم وجلاده ، وزميلي المحامي الذي انضم لي بمجموعته لنكون المجموعة التي بدأت التحرك من مسجد الاستقامة يظهر في الصورة .
س : ما أهم ذكرياتك في ميدان التحرير ومن هي الشخصيات التي قابلتها هناك وما هي الحركات الثورية التي تعرفت بها هناك ؟.
ج : أجمل ما عشته في ميدان التحرير هو روح المودة التي كانت سائدة بين الجميع ، فالجميع علي قلب رجل واحد لا تفرقهم الأديان أو الأحزاب أو التوجهات السياسية ، والكل يشعر بالسعادة ، فقد شعرنا بقيمتنا كشعب انتصر علي جلاده الذي أذله وأهانه واعتقله وعذبه ولفق له القضايا وحكم عليه بالإعدام في محاكمات عسكرية جائرة وبالمؤبد وزور إرادته في جميع الانتخابات والاستفتاءات حتي في المحليات والنقابات واتحادات الطلاب بما في ذلك انتخابات 2010 التي تم تزويرها بالكامل وكانت من أسباب الثورة التي لا يستهان بها ، الكل كان في حالة من المودة والتآخي والعطاء ومشاركة في كل شيئ ، أما  عمن رأيتهم في الميدان فهؤلاء لا يمكن حصرهم لأن مصر كلها كانت تتردد علي الميدان حتي من ليس له في مجال السياسية كان يأتي ليستمتع بالمشهد والصحبة ، لأن المناخ كان أشبه بمن يتنزه في حديقة عامة أو علي كورنيش النيل .
س : أذكر لي تحديدا من كان معكم من قيادات الإخوان ؟  وهل الإخوان المسلمين كانوا بالفعل حماة الثورة ؟  أم نزولهم متأخرا يوم 28 أعطى لمعارضيهم فرصة لنيل منهم بعد ذالك ؟
ج : ليس صحيحا أن الإخوان لم ينزلوا يوم 25 يناير ، ولكن لا تنسي شيئا مهما وهو أن الإخوان كان يقع عليهم النصيب الأكبر من بطش النظام ، فهم من تم جمع الآلاف منهم فيما سمي بمحاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر وتم عمل قضايا لهم وحكم عليهم بأحكام قاسية ما بين الإعدام والمؤبد وما دون ذلك ، بالمخالفة للقانون الذي تعلمناه ودرسناه من أن الجريمة شخصية بمعني أنك تعاقب مرتكب الجريمة ومن حرض عليها أما أن تجمع آلاف من البشر لم يسمعوا أصلا في المحافظات النائية في ظل غياب وسائل الإعلام أن عبد الناصر تعرض للاغتيال وتحكم عليهم بالمؤبد فهذا لا يحدث إلا في بلاد " الواق واق " ، وتكرر معهم نفس الأمر عام 1964 حيث تم جمع الآلاف ومحاكمتهم عن إعادة تشكيل جماعة محظورة بنفس الأحكام القاسية ، والسبب بسيط ومعروف أن الإخوان هم الوحيدون القادرون علي تهديد عرش العسكر واستبداده وسيطرته علي السلطة والثورة في مصر ، ولذلك جعلوهم محظورة سنوات طويلة ، وبعد أن حققوا هذه النتائج في كافة الانتخابات حولوهم من محظورة إلي إرهابية حتي يقضي العسكر بذلك نهائيا علي فكرة زعزعته من الحكم أو المطالبة بديمقراطية حقيقية في مصر .
ولذلك أعتقد أن المناورات من الإخوان إن كانت قد حدثت فهي مقبولة ، والذي دعاني إلي قول ذلك أن الإخوان كانوا متواجدين بالفعل يوم 25 يناير فمعظم نوابهم تواجد يوم 25 أمام دار القضاء العالي عندما قرر نواب المعارضة المشاركة في تظاهرات 25 يناير ، وعندما وصلت دار القضاء العالي رأيت الدكتور محمد البلتاجي يهتف ويهتف خلفه كافة المتواجدين ، كما أن شباب الإخوان كانوا متواجدين .
أما  28 وما بعدها وأنا أقول شهادة أعلم أن الله سبحانه وتعالي سيحاسبني عليها لقد كان شباب الإخوان حماة الثورة بالفعل ، فهم لديهم شجاعة غير معهودة ولديهم قوة فيما يرونه حقا ، وقد كنت أشاهد بنفسي عندما كان يحدث هجوم من البلطجية وتجد شباب من سائر التيارات يأت مسرعا إلي داخل الميدان هروبا من البلطجية ، كنت تجد شباب الإخوان يخرجون من ميدان التحرير بكل قوة وبكل سرعة وهم يهتفون الله أكبر ويتصدون للبلطجية بكل قوة ، وكانوا قد وضعوا خطة أمنية محكمة لتأمين الميدان حيث يقف علي كل مدخل من المداخل مجموعة من الشباب الأقوياء ، فإذا حدث هجوم من البلطجية يتصدي له البعض منهم ، وتقوم مجموعة أخري باستخدام أحجار للطرق علي الأبواب الحديدية للمحلات التجارية وهذا بمثابة إحداث صوت مرتفع حتي يسمع من في الميدان ، فيتجمع لصد هجوم البلطجية ، نعم لقد عانينا من البلطجية الذين استخدمهم النظام ، فهجوم البلطجية لم يكن يوم موقعة الجمل فقط ، فهذه يمكن أن نسميها الهجوم الكبير للبلطجية ، لكن الحقيقة أن هجوم البلطجية كان يوميا ، فكنا بشكل مستمر نستقبل مصابين تسيل منهم الدماء أثناء قدومهم لميدان التحرير بسبب الاعتداء عليهم من البلطجية ، كما كانوا يعتدون علي من يخرج من الميدان بعد أن يأت الغروب لدرجة أن الكثيرين كان لا يستطيع ترك الميدان من بعد صلاة المغرب لأن التعرض لهجوم البلطجية سيكون محققا ، ولعل الجميع شاهد ما قام به الإخوان في موقعة الجمل وكيف كانوا يهجمون هجمات سريعة خاطفة علي البلطجية ويعود الكثيرون منهم إما شهداء أو مصابين ، وأنا لا أقلل من دور أحد من كافة التيارات ولكني أقول دور الإخوان كان هو الأبرز ، فالإخوان لم يكونوا يتركوا المكان كالآخرين وإنما كانوا مقيمين إقامة دائمة ، وكنت أقابل جميع النواب زملائي في ميدان التحرير، لكن الدكتور محمد البلتاجي فك الله أسره كان متواجدا بشكل دائم ، وكان محبوبا من كل الشباب من كل التيارات ، ولقد تحدث معي أحد أعضاء مجلس الشعب داخل الميدان فأخبرني أنه موجود بصفة مستديمة في الميدان هو وأسرته وأشار لي علي المكان الذي يجلسون فيه .
لقد تعرض الإخوان لأكبر عملية ظلم واضطهاد دبرها العسكر وانضم لهم بعض من القوي التي كانت مع الثورة ، والنتيجة أن الظلم الذي وقع في البداية علي الإخوان لحق بالجميع بما فيهم من ناصروا العسكر للفتك بالإخوان فقد دارت الدائرة عليهم ، حقا من أعان ظالما علي ظلمه سلطة الله عليه  .
س : دعني أسألك عن اللحظة الفارقة في تاريخ مصر واليوم التاريخي، وهو يوم 11 فبراير وتحديدا لحظة تنحى مبارك ، وأسألك كيف كانت الأجواء في ميدان التحرير وكيف استقبلتم خبر إعلان التنحي من اللواء عمر سليمان وأنتم في ميدان التحرير ؟
ج : هذا السؤال مفاجئ وكان يحتاج إلي إعداد ومع ذلك ، هذا اليوم كان من أسعد الأيام في حياة المصريين عبر آلاف السنين ، ولكنه أيضا كان من الأيام التي خدعوا فيها أكبر خديعة أيضا عبر تاريخهم كله ، أما السعادة فلأنهم انتصروا علي الظلم والقهر والطغيان وتحققت إرادتهم ، ولذلك فإن السعادة كانت غامرة داخل الميدان وفي كافة شوارع القاهرة وانطلقت الأغاني من السيارات والمحلات التجارية والألعاب النارية ، ومظاهر السعادة لا يمكن حصرها لأنها كانت عن سعادة حقيقية وليست وهمية ، أما الخديعة فلأننا فرحنا بعبارة تنحي مبارك ولم نلتفت لباقي العبارة وهي قيام مبارك بتسليم الحكم للعسكر والذين هم الحاكم الفعلي للبلاد وهم من وراء الاستبداد ونهب أرزاق العباد ، لقد كانت خديعة كبري وما وصلت إليه البلاد الآن خير دليل  .
س : هنا انتهت الثورة وأحداثها بتنحي الطاغية مبارك ، وجاء حكم المجلس العسكري ودعي لانتخابات حرة نزيهة في 2011 ، السؤال هنا ، لقد فزت في انتخابات 2011  بــ 138 ألف صوت ، وهذا في حد ذاته معجزة ، أسألك لماذا تركت حزب الوفد ونزلت مستقل ، هل استغنيت عنهم بعدما أخذت منهم ما أردت ؟ أم وجدت فيهم عدم المصداقية والشفافية ، مما دعاك للبعد عنهم والنزول مستقل ؟
ج : أنا تركت حزب الوفد بعد أن نجحت وأصبحت عضو في الهيئة العليا للحزب ، وكنت أتحدث باسمه كثيرا وكان الكثيرون من أعضاء الحزب بالمحافظات فرحين بوجودي معهم وأنا كنت سعيدا بهم لأن لديهم عناصر علي درجة عالية من الوعي والثقافة ، ولكن للأسف لجنة الحزب بأسوان لم تكن تطيق وجودي بالحزب أو اللجنة ، لدرجة أنهم ذهبوا مجموعة وتحدثوا مع الدكتور/ سيد البدوي رئيس الحزب في مواجهتي ، وأقسم رئيس اللجنة بالله أن الحزب بأسوان لن يحصل علي صوت واحد لو ترشح محمد العمدة علي رأس القائمة ، واضطر سيد البدوي أن ينفذ كلامهم لأن الحزب يسير بطريقة معينة من التنسيق بين رئيس الحزب واللجان ، وطلب مني أن أترشح فردي باسم الحزب ، وكانت لجنة أسوان تعرقلني عن تشكيل لجنة فرعية للحزب بكوم أمبو ، وأيضا كان سيد البدوي يستجيب لهم ويؤجل في تشكيل اللجنة ، وعندما تمت الموافقة علي اللجنة واستخرجت كارنيهات عضوية للبعض فوجئت أن رئيس اللجنة بأسوان يشكل لجنة أخري بقيادة شخصيات لم تكن في الحزب وانضمت إليه فجأة وتم عمل لجنة بأسمائهم فجأة ، فهل يمكن الاستمرار في هذا المناخ ، وعمل شيئ مفيد سياسيا أو حزبيا ، فاستقلت من الحزب وترشحت مستقلا وحصلت علي عدد 138 ألف صوت ، فتعجبت كل قيادات حزب الوفد من القسم الذي أقسمه رئيس اللجنة بالله من أن وجودي علي رأس القائمة ستمنع حزب الوفد من الحصول علي صوت واحد .
س : أنت متهم أنك راكب أمواج ، وعندما وجدت الإخوان المسلمين في سدة الحكم أردت أن تعيش في كنفهم وترتدي جلبابهم وتخاطب ودهم بالدفاع عنهم تحت قبة البرلمان  فما ردك ؟
ج : لو كنت راكب أمواج لكنت قد ركبت الموجة الأكبر والتي كان من الممكن أن تحملني إلي جزيرة النعيم ، كان من الأولي أن أركب موجة الحزب الوطني الذي يحتفظ لنفسه بكل مفاتيح الخزائن والعطايا ، ولكني لم أفعلها حتي بعد إدخال 34 تعديل دستوري علي دستور 1971 كان منها سحب الإشراف القضائي من الانتخابات ، يعني نواب المعارضة وأنا منهم كنا نعلم أنه بعد سحب الإشراف القضائي عام 2007  لن يتمكن أحد منا من العودة إلي المجلس ، إذن لو أنني من راكبي الأمواج كنت ركبت موجة الحزب الوطني حتي أعود للمجلس مرة أخري ، لكن المجلس بالنسبة لي إن لم يكن وسيلة لإصلاح أحوال البلاد - وليس أحوالي - فلا قيمة له ، فهو ليس هدفا في ذاته .
أما عن الادعاء بانضمامي للإخوان بعد وصولهم للسلطة فهذا هراء ، لأنني بالإضافة إلي مجموعة من النواب المستقلين وهم ( سعد عبود – علاء عبد المنعم جمال زهران – عمران مجاهد – مصطفي الجندي ’) بالإضافة إلي مجموعة من أحزاب المعارضة مثل محمد مصطفي شردي من الوفد ومحمد عبد العزيز شعبان من التجمع ، بالإضافة إلي 88 نائب من الإخوان شكلنا جبهة معارضة متكاتفة تعمل في تنسيق كامل ضد الحزب الوطني وسياساته الخارجية والداخلية ، كنا علي قلب رجل واحد ، وأنا شخصيا ارتباطي فكريا بالإخوان أكثر من الآخرين لأني ممن يقتنعون بضرورة احترام المرجعية الإسلامية لمصر والمنصوص عليها بالمادة الثانية من الدستور ، بل إن نصف رسالة الدكتوراه الخاصة بي يدور حول المادة الثانية من الدستور ، والتي تنص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع ، وأنا من أعداء العلمانية التي تقول لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين ، فهذا قول باطل علي الإطلاق الغرض منه تعطيل الأديان وإخراجها عن حيز الوجود ، بحيث تصبح كالفاظة أو غيرها من أدوات الزينة لا تزيد قيمتها علي أن تعطي شكل مريح للعين دون أن تكون لها أي فائدة عملية أخري ، ومن يرون رؤيتي وليسوا ضمن أي حزب إسلامي بالملايين ، أنا أثق من هذا  .
وقد رأيتم كيف أن جبهة المعارضة البرلمانية التي كنت شريكا للإخوان فيها قد وجهت ضربات شديدة لنظام مبارك سواء في سياساته الخارجية ، كما تجلي ذلك من موقفنا من الحرب علي غزة عام 2008 حين أردنا دخول غزة ومنعونا أمنيا ، وقمنا بتصوير المساعدات المرسلة من جميع محافظات مصر ومن العالم أجمع ومع ذلك لم يتم إدخالها ، وموقفنا من تصدير الغاز لإسرائيل بأقل من سعره بمراحل ، وإيداع الثمن في شركة شرق البحر المتوسط التي تم إنشائها ليرأسها حسين سالم رئيس جهاز المخابرات السابق حتي يتم التقسيم بينه وبين مبارك وأولاده وجهات أخري أو في سياساته الداخلية والتي ترتب عليها انتشار الفساد في البر والبحر وهو ما ترتب عليه تخطي الديون حاجز التريليون جنيه وعجز الموازنة حاجز المائة مليار جنيه في نهاية عهده والتي تضاعفت الآن ثلاثة أضعاف .
واستمراري معهم كان شيئا طبيعيا لنحافظ علي ما حققناه من انجازات ونسعى للحفاظ علي الثورة من جهات عديدة كان قد لاح لنا بشكل واضح أنهم تآمروا عليه ويسعون لاسترداد السلطة حتي لا تضيع منهم ثروات مصر التي اعتبروا أنفسهم مالكون لها بالتقادم الطويل المكسب للملكية  .
س : ما قصة العرض الذي عرضوه عليك بأنك تقوم بتقديم برنامج أسبوعي اسمه ( دوار العمدة ) هل كان هذا رشوة إعلامية ، أم كان رغبة منك أنت ؟
ج : برنامج " دوار العمدة " لم يكن بناء علي طلب من قيادات الإخوان أو باتفاق معهم ، وإنما كان بناء علي طلب المدير التنفيذي للقناة ومجموعة من العاملين بها ، وهذا المدير التنفيذي الذي لا أريد التصريح باسمه كان قد سبق له اكتشاف مقدمي برامج من المشهورين الذين يعملون الآن في فضائيات رجال الأعمال ، والذي جعله يعرض علي فكرة البرنامج هو ردود أفعال المشاهدين علي الحلقات التي كنت أظهر فيها علي القناة حيث طلب العديد من المشاهدين تخصيص برنامج لي ولو لحلقة واحدة في الأسبوع لأكشف للناس المؤامرات التي تحاك ضد الثورة ، وبالفعل عرض علي فكرة البرنامج ووافقت عليها .
 أما عن قولك بأن البرنامج رشوة ، فأنا أقسم لك بالله عز وجل أنني بعت سيارتي وهي شروكي مستعملة كنت قد اشتريتها بمبلغ 67 ألف جنيه ، بعتها لنفس الشخص الذي اشتريتها منه بمبلغ 50 ألف جنيه حتي أستطيع الاستمرار في القاهرة ولا يتوقف البرنامج ، لأن أجري الشهري عن البرنامج كان ستة آلاف جنيه في الشهر بينما أنا أقيم في سكن كان إيجاره ألف وخمسمائة جنيه ، كنت قادر علي سدادها قبل حل المجلس ، أما بعد حل المجلس فأصبحت حمل ثقيل ، حيث لا راتب من المجلس وفي نفس الوقت كنت قد تركت العمل بمكتبي للعاملين معي وأصبحت الظروف صعبة للغاية ، لم يكن في الإمكان الإنفاق علي إقامتي في مصر وأسرتي في كوم أمبو بالمتبقي وقدره أربعة آلاف وخمسمائة جنيه وأنت تعلم تكاليف الإقامة في القاهرة .
يا أستاذ محمود أنا لم أتخذ أي تصرف بقصد تحقيق مكاسب خاصة ، كل تصرفاتي كانت تهدف لمحاولة الإصلاح ، تهدف لتحول مصر من حالة الاستبداد وحكم العسكر إلي دولة ديمقراطية متقدمة ليست تابعة لدول أخري كبيرة أو صغيرة ، ولو كنت أريد تحقيق مكاسب لأصبحت من أثري أثرياء المدينة ، فأنا لم يطلب مني فقط أن أنضم للحزب الوطني بعروض خيالية ، أقسم بالله سألني أحد قيادات الحزب الوطني إذا ما كنت أريد عمل مشروع كبير في مجال الحديث عن الانضمام للحزب ، وليس الحزب الوطني فقط ، وإنما طلب مني الانضمام العديد من الأحزاب المنشأة حديثا وهي أحزاب ثرية بعروض خيالية ، وحضرتك تسألني عن برنامج في قناة وحيدة يمتلكها الإخوان ، أعتقد أن الإخوان لو كانوا بالثراء الذي يتحدث عنه خصومهم لكان لزاما عليهم أن ينشئوا عشر فضائيات علي الأقل عسي أن تتمكن من منافسة كم القنوات المعادية لهم والتي يحركها العسكر  .
س : وهل أنت راضي عن نفسك بتقديم تلك النوعية من الميديا ؟.
ج : بالطبع كنت راضيا عن البرنامج وسعيد به وأشعر بردود فعله القوية من الناس الذين كانوا يلتقوا بي ، ومن المكالمات الواردة من المصريين من العديد من دول أوربا والدول العربية ، بل وأشعر بردود فعله من التيارات المبغضة للإخوان حيث كان يضايقهم البرنامج كثيرا فيما كان يكشفه من حقائق للناس  .
إن الإعلام يا أستاذ محمود هو اللاعب الأخطر الآن في رسم مستقبل الشعوب ، اللاعب الأكبر في رفع ثقافة الشعوب أو تضليلها ، إن اليهود يتحكمون في سياسات الدول الكبرى بسبب احتكارهم لوسائل الإعلام والسيطرة عليها في الدول الأوربية وأمريكا ، روبرت ميردوخ إمبراطور الإعلام في العالم الذي يسيطر علي وسائل الإعلام الصحفية والفضائية في استراليا وانجلترا وأمريكا أجبر توني بلير أن يزور مؤسساته الإعلامية في استراليا كشرط لدعمه في الانتخابات ، ونفذ توني بلير الشرط بالفعل وحصل علي دعم ميردوخ ونجح وأصبح رئيس وزراء بريطانيا في أول وصول لحزب العمل لهذا المنصب .
س : بصراحة ألم يشغلك هذا البرنامج لحظة عن خدمة أهل دائرتك وهو الأهم بالنسبة لك ، وهم من أوصلوك لهذه المرتبة ؟.
ج : بالطبع لم يشغلني البرنامج عن خدمات أهالي الدائرة ، لأن هذا البرنامج بدأ بعد حل البرلمان بفترة ، فلم نعد نواب من الناحية العملية ، رغم أن الحقيقة أننا النواب الشرعيين وحكم الدستورية حكم سياسي لا يمت لصحيح القانون بصلة ، والظروف العامة التي كانت سائدة لم تكن تسمح بأن نتردد علي المصالح الحكومية لانجاز طلبات للناس ، هذا فضلا عن الحالة النفسية لي ولكل النواب الذين يرون حجم التآمر علي الثورة وغير قادرين علي وقف مؤسسات الدولة العميقة عن افتراس الثورة وهدم كل المؤسسات التي تكونت بإرادة شعبية صحيحة ، ومما يحزنني حقا أن كثيرا من المثقفين عاموا علي عوم الانقلاب وصدقوا أسبابه المعلنة وقبلوا هدم العملية الديمقراطية ، وقبلوا إهدار إرادة الشعب ، دون أن يلتفتوا إلي أن هذا الإهدار سوف يهدم هذه الإرادة بشكل كامل لسنوات طويلة قادمة لا يعلمها إلا الله عز وجل ما لم يقدر جل وعلا لهذا الشعب الاستفاقة واسترداد ثورته بعد أن أصبحت دماء كل معارضي الانقلاب وحقوقهم وحرياتهم مهدرة دون استثناء لأي فصيل سياسي منهم  .
س : هناك سخط عارم منك من قبل أهل الصعيد عامة وأهل دائرتك خاصة من هذا الفيديو الذي أظهرك وكأنك ضعيف أمام المدعو مرتضي منصور ، لماذا لم ترد عليه عندما أهانك وقلل من شأنك أمام الملايين عقب خروجك من المعتقل ووصفك بالمجرم ، وهل تم خداعك من وائل الإبراشي في تلك الحلقة ؟
ج : موضوع مرتضي منصور ووائل الإبراشي كان كمينا معدا لي ، فأنا لا أقبل الدخول معه في مداخلة لأنه لم يعد إعلامي يتبع أصول مهنته التي ينبغي أن تراعي أساس العمل وهو احترام الرأي والرأي الآخر ، وإنما أصبح أجير يعمل في خدمة الانقلاب وتحقيق أهدافه ، ولكني فوجئت بمعدة البرنامج فاطمة قنديل تحصل علي رقم تليفوني وتتصل لعمل مداخلة عن المبادرة والتي لم أكن قد أعلنت بنودها بعد ، وأخبرتها برفضي للمداخلة فإذا بها تقسم بالله عز وجل كذبا كشأن كل إعلامي الانقلاب بأن وائل سعيد بالمبادرة وأنه خصص هذه الفقرة حتي يعلم الناس بنودها ، وما أن دخلت معه في الحوار حتي فوجئت بالهجوم الشديد ، وكانت والدتي في المنزل وأصيبت بحالة انهيار وأخذت تنادي علي بغلق التليفون في وجهه وزوجتي تتحدث معي لكي أنفذ كلام والدتي حتي لا يحدث لها شيئ ، فأنا أرد عليهم في المناخ الذي أحكيه لك ، ومن جهة أخري كان الهدف من الكمين استفزازي حتي أتوجه لهم بالسباب فيحبطوا المبادرة من قبل إعلانها ، فلم أعطهم الفرصة لذلك وتماسكت قدر الاستطاعة حتي أفوت عليهم غرضهم  .
س : ما رأيك في ثورة 30 يونيو هل تراها ثورة أم انقلاب مع السبب ؟.
ج : بالطبع  30/6 ليست ثورة وإنما هي مظاهرات سواء كانت كبيرة أو صغيرة ، لم يكن خروجا عشوائيا من الناس غير مخطط له كما حدث في 25 يناير وما بعدها ، وإنما كان خروجا مخططا له من قبلها بفترة طويلة ، ولعلك سمعت التسريبات التي أكدت تخصيص أموال من الإمارات لحركة تمرد ، فالترتيب للانقلاب بدأ منذ انتخاب برلمان الثورة ، وبدأ بما أسمته صحيفة نيويورك تايمز " الانقلاب القضائي الناعم " وهو العنوان الذي اختارته لحوارها مع المستشارة تهاني الجبالي والتي صرحت بأنه تم حل البرلمان لمنع صعود الإسلاميين ، وحين تم وقف الانقلاب القضائي بالإعلان الدستوري ، ثم عمل الخطة البديلة ، والتي كانت قد صرحت بها السفيرة الأمريكية السابقة علي لسان الدكتور عماد جاد أنكم لا تجمعون أعدادا كافية في مظاهراتكم حتي ندعمها ، فتم التخطيط لخروج أعداد يوم 30/6 لاستخدامها كذريعة للانقلاب ، والذي يؤكد لك ذلك أن إعلان الانقلاب يوم 3/7 كان مغايرا تماما لما طلبه المتظاهرون والذين اقتصرت طلباتهم علي انتخابات رئاسية مبكرة ، فإذا بالانقلاب يعزل الرئيس ويحل مجلس الشعب والشورى ويلغي الدستور ويبدأ في إجراءات وضع دستور جديد ، ومن ثم فإن السيسي نفذ ما يريده هو وليس ما طلبه الناس ، حيث كان المطلوب منه هو وضع دستور جديد يضمن للمؤسسة العسكرية سيطرتها علي الأوضاع علي النحو القائم منذ 1952 وقد فعلوا ما أرادوا حين جعلوا موازنة الجيش رقم 1 أي غير خاضعة للرقابة ، فضلا عن تشكيل مجلس الدفاع الوطني بأغلبية عسكرية حتي يتحكموا من خلاله في البلاد والعباد ، كما تم وضع بعض المكاسب والمكتسبات لمؤسسات أخري وهذا موضوع يطول شرحه ونرجئه لوقت آخر .
س : قامت ثورة 30 يونيه ، أو كما وصفتها أنت بأنها لست ثورة ، وحدث ما حدث ، لماذا لم تفعل مثلما فعل آخرون ، وتقدم صكوك الغفران للنظام القائم ، عملا بمبدأ إن جاءك الطوفان ارمي ابنك تحت رجليك ؟
ج : منذ أن رشحت نفسي وأنا أقصد بصدق أن أطالب بالإصلاح لتحويل مصر إلي دولة ديمقراطية يحكمها شعبها من خلال مؤسسات منتخبة من مواطنين مدنيين متخصصين في مجالات الحياة المختلفة ، وأن ينتهي حكم ضباط الجيش الذي لا يعرف إلا منطق القوة وفرض الإرادة وكأن الشعب جنودا في ساحة التدريب أو القتال ، ولا يتورعون عن فعل أي شيئ يفرضون به إرادتهم لدرجة أن ينسب إلي أحد القيادات أنه لا مانع من قتل 2 مليون مواطن لتحقيق الاستقرار ، في حين المقصود تحقيق الاستبداد وفرض حكم العسكر لأن الاستقرار يتحقق بقبول المواطنين واحترام إرادتهم وليس حكمهم بالحديد والنار . هذه أهداف ثابتة والانقلاب زادني إصرارا علي ذات المطالب بعد عودة الأوضاع في مصر إلي أسوأ مما كانت عليه من حيث القتل والبطش والاعتقال والتعذيب والمحاكمات الجائرة ، فالمصالح الخاصة لم تمثل شيئا بالنسبة لي ، وأعلم أن الإنسان محاسب علي عمله ومواقفه بل وكلماته التي ينطقها ولا يعيرها بالا ، فإذا كان الأمر كذلك فلا مجال للحديث عن مهادنات أو السعي لتحقيق مكاسب ، ولو أن كل الناس تفكر بمنطق المصالح وجلب المنافع ودفع الأضرار دون النظر للحق والباطل لفسدت الأرض فسادا عارما منذ زمن بعيد .
س : كان لك الشرف بذهابك إلى ميدان رابعة ، صف لي الأجواء في ميدان رابعة ؟ ، وهل بالفعل كان هناك جهاد نكاح كما أشيع من قبل الإعلاميين المحسوبين على السلطة الآن ؟
ج : جهاد نكاح إيه يا أستاذ محمود ، هل تعلم أن من أسباب إصراري علي رفض حكم العسكر بكل قوة ، هو ثقتي أن حكم العسكر علي مر التاريخ وليس في مصر فقط هو أعلي نماذج الحكم مثلا علي الفساد بجميع أنواعه ، انظر إلي نظام مبارك والسيسي من بعده ، ستكتشف :
أولا  : حربهم المستمرة علي القيم الدينية وعلي كل من يطالب باحترام المرجعية الإسلامية للقوانين رغم النص عليها في المادة الثانية من الدستور ، فإعلامهم منذ عشرات السنين يتخصص في تحقير كل ما هو إسلامي انظر إلي الأفلام المصرية ستجد السخرية من اللحية والحجاب والنقاب ووصف كل ملتح بأنه إرهابي مخرب والحرب علي الفكر الإسلامي ، فطالما سخر عادل إمام مثلا من موضوع المحلل بعد الطلقة الثالثة ، رغم أن فكرة المحلل التي يعرضها مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية تماما ، ومع هذا فهو يعرضها ثم ينتقدها بشكل ساخر ، لم يتركوا شيئا من أحكام الإسلام لم يسعوا إلي السخرية منه ، ولم يتركوا شيئا مما يخالف الإسلام إلا مدحوه وأدخلوه في عداد القيم الإنسانية النبيلة كالعري والعلاقات غير المشروعة وغيره كثير ، وكل من يتحدث عن إعلاء القيم الدينية فهو متاجر بالدين ، أما من يطالب بعلمانية الدولة وإقصاء الأديان فهو رجل عصري ومتقدم . والسبب في حربهم علي الإسلام خاصة والأديان عامة ، يتمثل في أن الأديان ضد الفساد وهما لا يجتمعا معا أبدا وهم يعرفون ذلك ، ولذلك فهم يتعمدوا أيضا نشر الجنس والإباحية في الأفلام والمسلسلات المصرية ، حتي أصبح راسخا في أذهان كل الدول المحيطة بنا أن المرأة المصرية شيئ مباح بمجرد قرشين يترموا علي رأسها في حفلة أو كباريه ، بل وأصبحوا يتصورون أن الرجل المصري ديوث يقبل الفاحشة في أهل بيته وهم لا يعلمون أن إعلام العسكر شيئ والواقع في مصر شيئ آخر ، لقد أساءوا إلي سمعة مصر بهذه الأفلام التي أؤكد لك أنها بناء علي رغبتهم وطلبهم ، وها أنت تري كيف كان ينتشي مبارك ، وكيف ينتشي السيسي حين تضع الواحد فيهم بين مجموعة من الممثلات أو الراقصات أو المطربات ، ولست أعني بذلك أن أحارب الفن أو الأفلام أو المسلسلات ، كلا وإنما أقول أن الفن ينبغي أن يلتزم بقيم المجتمع ويعمل علي دعمها لا أن يشن حربا علي كل ثوابت الأمة . وهدفهم من ذلك هو خلق شباب أجوف متفرغ للبحث عن إشباع غرائزه وليس لديه الاستعداد أن يفكر في السياسة أو الإصلاح أو يبحث عن أموال بلده المنهوبة  .
ثانيا  : انظر الآن ما يحدث مع خيرة شباب مصر الذين قتلهم العسكر وألقاهم في السجون وأصدر ضدهم الأحكام القاسية في قضايا ملفقة وذنبهم الوحيد أنهم انشغلوا بالشأن العام ، وانتخبوا أناس آخرين غير العسكر ومن يريدهم العسكر ، انظر في المقابل إلي السلوك الجديد الذي انتشر في البداية في القاهرة وامتد ليصل أخيرا إلي الصعيد حيث رأيته في فرح في كوم أمبو ، وهو طريقة الاحتفال بالأفراح حين تيم فرش المناضد في الشوارع وتوضع الخمور عليها وتفوح رائحة المخدرات في الطريق العام ، من الذي نشر هذا السلوك ، ومن الذي يقف علي حمايته أو في الأدنى لا يتعرض له بسوء رغم جرائم تعاطي المخدرات والخمور في الطريق العام ، لاشك هذا يكشف لك حقيقة حكم العسكر شيئ جميل علي قلوبهم أن تتعاطي الخمور والمخدرات ولو في الطريق العام ، شيئ جميل أن تبحث عن بيت دعارة كل ذلك لا يضيرهم في شيئ ، بل وعلي العكس يعتبرونه معينا علي ترسيخ حكمهم الظالم الفاسد المستبد القاتل ومن ثم يروجون له ، أما أن تخرج لتنتخب رئيسا لمصر في أول مرة عبر تاريخها الطويل – علي غير رغبتهم -  فأنت مقتول ومعتقل ومعذب ومحكوم عليك بالإعدام والمؤبد وما دون ذلك  .
ثالثا : من سمات حكم العسكر الحرص والإصرار علي عدم التفريط في الحكم وثرواته ، وهم في سبيل ذلك يستبيحون أي شيئ ، وانظر ما يحدث للشعب من الخمسينات ، قانون طوارئ لم يتوقف يبيح لهم اعتقال أي مواطن ولو عشرين عام دون حكم قضائي ودون أن يملك أحد أو جهة أن تفكه من بين أيديهم ، محاكمات عسكرية ، حيث أعطوا لرئيس الجمهورية في قانون الأحكام العسكرية منذ عام 1966 الحق في إحالة أي متهم مدني في أي جناية أو جنحة إلي المحاكم العسكرية والتي تعد إدارة من إدارات المجلس العسكري ، وكم من الأحكام الجائرة التي أصدرتها بقصد إرهاب الناس ومنعهم من ممارسة السياسة أو القيام بأي عمل من شأنه أن يكدر حضراتهم ، كما فعلوا عندما أعدموا خميس والبقرى وهما عاملان من عمال الغزل والنسيج حتي لا يخرج عمال الغزل والنسيج أو غيرهم للتظاهر أو المطالبة بأي حق من الحقوق ، وتتابعت بعدها الإعدامات لأشخاص من الإخوان المسلمين ومن غيرهم وآخرهم محمود حسن الذي أعدم رغم ما انطوت عليه فيديوهات للواقعة لم يظهر فيها في المكان الذي سقط منه المجني عليهم .
رابعا  : لم يكتف العسكر بكل ما سبق بل يعتمدون علي سلاح البلطجة في مواجهة الشعب ، وقد عشت هذه التجربة طوال ثمانية عشر يوما في ميدان التحرير ، ولعل البعض منكم يعلم أن شيئا من ذلك حدث من قسم شرطة كوم أمبو في أحداث يناير وما بعدها .
خامسا : يعتمد العسكر أيضا سلاح الشائعات وتشويه صورة كل من يعارضهم دون وازع من دين أو ضمير ، فالكذب والنفاق وكل الخصال السيئة مباح استخدامها ، وهذا ما يفعله إعلام الانقلاب الذي أصبح الأطفال يعرفون حجم أكاذيبه ، ومما حدث معي شخصيا وأنا كنت أشغل وكيل اللجنة الدستورية والتشريعية ، أي أن أي قانون يدخل المجلس يمر علينا ، كانت لميس وأنصارها من شياطين الإنس يطلقون الشائعات والأكاذيب لتشويه صورة النواب ، فقالوا كذبا أن النواب قدموا تشريع لمضاجعة الوداع ، ومشروع لخفض سن الزواج لتسع سنوات ، ومثل ذلك كثير رغم عدم صحته بالمرة ، أما القوانين القيمة التي أصدرناها مثل إلغاء محاكمة المدنيين عسكريا أو الضمانات التي أضفناها لقانون الانتخابات الرئاسية لضمان نزاهتها حتي أصبحت الانتخابات المصرية الرئاسية شبيهة بالانتخابات الأمريكية فلم يتحدث عنه الكذابون المنافقون من قريب أو بعد ، هذا فضلا عن كم كبير جدا من مشروعات القوانين الإصلاحية كانت كفيلة بنقل مصر نقلة حضارية لا حدود لها إلا أن الكذابين المنافقين لم يشيروا إلي شيئ منها مثل إلغاء قانون لجان فض المنازعات ، وتعديل قوانين الأجهزة الرقابة حتي تغلق الباب نهائيا علي سلب ونهب المال العام ، وقانون الحد الأقصى للأجور ، وغير ذلك كثير وهو ما حدا بهم إلي حل برلمان الثورة لأنه كان سيغلق باب السلب والنهب بالضبة والمفتاح . وما تحدثت عنه من جهاد النكاح كان شيئا من هذه الأكاذيب التي لم تتوقف ولن تتوقف طالما هناك عسكر لا يريدون ترك السلطة والثروة والعودة إلي ثكناتهم ، فالشعوب في ظل الديمقراطية تحكم نفسها بنفسها من خلال انتخاب من يمثلها بعد أن يعرض عليهم أفكاره وسياساته ، وليس من خلال ضباط جيش يرقدون علي الحكم والثروة مثلما ترقد الفرخة علي بيضها ، فضلا عما أصبح بينهم وبين دولة معادية هي أمريكا من معاملات مالية منذ ما يزيد عن ثلاثين عام .
س : دعني أبداء معك من بداية فترة اعتقالك وأسألك ، كيف تم اعتقالك ؟ ، وما هي التهمة التي كانت موجهة لك ؟.
ج : تم القبض علي من منزل قريب من رابعة ملك أحد المعارف ، وكنت أتردد علي الميدان وأعود إلي المنزل وهكذا ، فجاءوني إلي المنزل في صباح اليوم التالي للانقلاب علي الدكتور مرسي قبل توجهي للميدان ، أما التهمة فهي العجب العجاب الذي يؤكد لك أن شرطة العسكر لا تضاهيها شرطة في التلفيق والزج بالأبرياء للسجون في أحكام قاسية دون أن يرمش لهم جفن أو يشعر أحد منهم بوخزة ضمير ، لقد اتهموني بأن الدكتور / محمد سعد الكتاتني الأستاذ الجامعي والرجل الفاضل المحترم الذي يحترم الطفل كما يحترم رئيس الدولة ، أنه حرضني أن أجمع أنصاري وأمدهم بالسلاح لكي يتوجهوا لقتل أفراد في ميدان النهضة ومنطقة تسمي بين السرايات لم أذهب إليها حتي الآن ، هذا في الوقت الذي كنت قد اقترضت مبلغ فيه لأحجز لأبنائي تذاكر طيران خوفا من الاضطرابات في ذلك الوقت ، لا أعرف كيف لمن اتهموه بأنه من أنصار الشرعية أن يتهموه بإطلاق النار في ميدان النهضة الذي يتجمع فيه أنصار الشرعية ، وهناك تفصيلات كثيرة عما حدث يضيق عنها الظرف الحالي ، ثم من هم أنصاري بالقاهرة وأنا نائب أسوان ، ثم كيف تم تنفيذ كل ذلك بعد إعلان العسكر إنذار أل 48 ساعة علي حد زعمهم في المحضر ، حيث تزعم محاضرهم أننا نفذنا الجرائم المزعومة مساء نفس اليوم ، فكيف لك أن تجمع أنصار وأن تأت لهم بالسلاح ، وأين في القاهرة وليس في الجبل الذي تم فيه تمثيل مسلسل الرحايا ، أضف إلي ذلك أنه لم يتقدم ضدي مواطن بشكوى أو يذكرني في حديث ، هو فقط محضر الشرطة الذي سجنت بناء عليه أكثر من عام  .
س : كيف كانت تجربتك مع الاعتقال ؟ ، وما هي مدة اعتقالك ؟  وما هي السجون التي ترددت عليها ؟  وهل كانوا يعاملونكم معاملة طيبة كمعتقلين سياسيين أم كانت هناك إهانة وتعذيب لكم ؟
ج : مدة اعتقالي استمرت نحو 14 شهر عرضنا فيها علي العديد من الدوائر القضائية ، لم تعير كلامنا أو دفاعنا أي اهتمام ، كنا بعد نهاية الجلسة نخرج ، فإذا الضابط المصاحب لنا يسير معنا وبيده القرار ، وكأن القرار مكتوب من قبل أن نحضر ونبدي أي دفاع ، إلي أن جئنا أمام دائرة قضائية كان يبدو عليها أنها تسعي لاتخاذ القرارالعادل ، وبالفعل أصدرت قرار بإخلاء سبيلنا بكفالة كبيرة . لم يكن هناك إساءة من قبيل الضرب أو السب وما شابه ذلك حيث كانوا يطلقون علينا العناصر ، ولكن ما فعلوه معنا معنويا شيئ لا يصدق ، حيث كان حبسنا انفراديا ، بمعني أن كل منا في غرفة صغيرة بمفرده تستعمل كغرفة ودورة مياه في نفس الوقت ، ومدة الحبس 23 ساعة يوميا ، حتي ساعة الخروج معظمنا لم يكن يخرجها لأن الخروج أيضا منفردا وفي مكان لا يسر النفس لأنه عبارة عن قفص أسوأ من أقفاص الحيوانات ، لأن الأخيرة محاطة بأسوار عبارة عن قضبان تكشف ما خلفها أما ما كنا فيه فهو أقفاص مبطنة بالصاج الذي يعكس عليك الضوء والحرارة معا ، يعني تستطيع أن تقول أنني قضيت أكثر من عام في غرفة فتخيل نفسك في غرفة في منزلك لمدة عام لم تخرج منها وأنت تعرف كم المودة التي يكنها ضباط الشرطة المصرية للشعب المصري  .
س : هل كان هناك كانت هناك معاملة طيبة لـذويكم أثناء زيارتكم وتيسير عليهم أم كانت هناك معناه شديدة لهم ؟
ج : كان أهلنا يقضون فترات طويلة خارج السجن منتظرين لهم السماح بالدخول ، وفترات طويلة لحين تفتيش الطعام وتحديد ما يدخل وما لا يدخل حيث كانوا قد قرروا ألا يدخل سوي طعام فرد واحد كنوع من التعسير علي المسجونين .
س : من كان محتجزًا معك في سجن العقرب شديد الحراسة من قيادات الإخوان ؟
ج : وكان الأهل يقابلوننا من خلف لوح زجاجي ويتحدثون معنا من خلال سماعة تليفون ، وقد كان ذلك أمرا قاسيا للغاية علي نفسك حيث لا تستطيع احتضان أطفالك ، كما كان قاسيا علي نفوس أطفالك لأنه أعطاهم انطباعا بأنك مستر إكس أخطر رجل في العالم وأنه أصبح من المحال أن تخرج إلي النور مرة أخري . كان معي في ذات العنبر من سجن العقرب شديد الحراسة كل من ( المهندس خيرت الشاطر – الدكتور عصام العريان – الأستاذ الدكتور حلمي الجزار الأستاذ بكلية الطب – الأستاذ الدكتور رشاد اليومي الأستاذ بكلية العلوم – الدكتور الصيدلي فريد إسماعيل – المهندس أسعد الشيخةالمهندس سعد الحسيني محافظ كفر الشيخ – الأستاذ عبد المنعم عبد المقصود المحامي ) وباقي القيادات في عنابر أخري وقضي معنا فترة الدكتور محمد سعد الكتاتني والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل والأستاذ عصام سلطان قبل نقلهم إلي ملحق المزرعة .
س : كيف كنتم تقضون يومكم ؟ ، هل كانت هناك زيارات متبادلة بينكم أو أنشطة ثقافية ورياضية ؟
ج : كما قلت لك كنت محبوسا في غرفة صغيرة انفرادي دون خروج من الغرفة لدرجة أنه ظهر علي العديد من الأمراض ، وحدث ذلك مع باقي المعتقلين معي ، كان في البداية مصرح لنا براديو صغير موجة واحدة ، ولأن الإذاعة والتلفزيون في قبضة وإدارة العسكر منذ إنشائهما في مصر ، لذلك كان الراديو يرفع لنا الضغط زيادة من فرط ما نسمع من الأكاذيب والنفاق ، بالضبط كما كانوا يفعلوا معنا في ثورة يناير ، الشيء الوحيد الذي كان يهون علينا هو إذاعة القرآن الكريم التي استكثر الانقلاب أن يتركها في حالها بعيدا عن مسلسل السياسة والأكاذيب فسخروها أيضا للسيسي ولذلك أظن أن الكثيرين انصرفوا عنها الآن . وكان مصرح لنا بشراء الصحف علي نفقتنا ، وبعد وقت قليل تم منع الراديو ، ومنع الصحف حتي تشعر أنك في كهف منتظر الموت ، أو ميت أودعوه قبره ، لست أدري كيف يستبيح رجال الشرطة المصرية كل هذه الأعمال ، أمر أعجز عن تفسيره ، لكن ربما يجدوا في شخصيات مثل الشيخ المعتوه الذي يعاني من أمراض الشيخوخة علي جمعه وأمثاله ما يقنعهم أنهم يفعلون الخير ، رغم أن أي إنسان عاقل يسمعه يتحدث يعرف أنه غير طبيعي وأن رغبته في أن يصبح شيخا للأزهر تدعوه إلي التحريض علي قتل الشعب المصري كله .
س : وهل رأيت الرئيس محمد مرسى داخل السجن أثناء اعتقالك ؟.
ج : لم أقابل الدكتور محمد مرسي لأنه كان في سجن برج العرب بالإسكندرية ، وكانوا يأتون به مرات قليلة إلي سجن العقرب حين تؤجل قضية ليوم واحد ، ولكني لم أشاهده فكما قلت الحبس انفرادي للجميع ، ولكن الأخوة الأفاضل معنا في العنبر كانوا ينقلون له سلامي في الجلسات ويردون علي رسالته ، فأذكر مرة أنه أرسل لتهنئتي بنجاح ابنتي عندما علم أنها حصلت علي مجموع كبير والتحقت بكلية الطب ، ونقل لي دعاءه لأخي بأن يفك الله أسره  .
س : تردد أن خروجك وحلمي الجزار وعبد المنعم عبد المقصود يأتي في إطار صفقة مع السلطة هدفها إتاحة المجال أمام الأصوات المعتدلة داخل جماعة الإخوان والكتلة المؤيدة للرئيس مرسي فما صحة ذالك ؟
ج : كلام غير صحيح خروجي أنا والدكتور حلمي الجزار وعبد المنعم عبد المقصود كان بسبب عرضنا علي دائرة قضائية عادلة لم تكن تعمل لحساب أحد ، والمحامون أخبرونا عن هذه الدائرة من قبل أن ندخل عليها ، هؤلاء أوناس عندهم ضمير ، وحين دخلنا شعرنا بذلك من استماعهم ومناقشتهم ، وإثبات كل ما يشعرون أنه جوهري في محضر الجلسة ، وهذا لم يحدث من أي دائرة سابقة ، حيث كانوا يصادرون علينا الكلام أو يطلبوا من واحد أن يتحدث عن الجميع ، ويخرج قرارهم معنا ونحن نغادر غرفة القاضي  .
س : هل جرت أي مفاوضات بين أجهزة الأمن وبينك أو أحد من قيادات الإخوان أو مقايضتكم أو مساومتكم بشيء ؟
ج : أؤكد لك أنه لم تحدث أي مفاوضات بين الأمن وبيني أو قيادات جماعة الإخوان المسلمين طوال الفترة التي كنت فيها في السجن وبعد ذلك لا أعرف هل تمت مفاوضات من عدمه .
س : ما المصدر الذي كنتم تعتمدون عليه في الاطلاع على الأخبار داخل السجن ؟
ج : كما قلت لك كان مصرحا لنا براديو واحد موجة وشراء الصحف بما فيها المستقلة ، ثم تم منع الصحف المستقلة وأصبحت قاصرة علي الصحف القومية التي أصابتنا جميعا بأمراض الضغط العصبي ، ثم تم منع الراديو والصحف ، ولكن أعتقد في فض رابعة كان لدينا راديو علمنا منه الأخبار .
س : وهل صحيح أنكم رفضتم استقبال وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان داخل السجن المحسوب على النظام الحاكم ؟
ج : بالطبع رفضنا مقابلة أعضاء مجلس حقوق الإنسان ، لأن أعضاءه إنقلابيون ، ولولا أنهم كذلك ما قبلوا وظيفة في ظل انقلاب ، وكثيرا منهم نعرفه ونعرف توجهاته ، فمنهم من هو عضو بارز في الاتحاد القبطي العالمي والذي من ثوابته رفض أي مظهر من مظاهر الهوية الإسلامية في مصر ، ونعلم أنه سعيد بما يقع علي المعارضين من قتل واعتقال وتعذيب ، ومنهم أصحاب جمعيات أهلية يعملون لحساب من يدفع ، وليس لهم مبادئ محددة ولا شخصية ثابتة تعرفهم بها ، فأنت تراهم في كل مكان لهم فيه مصلحة أو لقمة عيش ، ومن ثم كنا نعرف نتائج زيارتهم مسبقا ، وبالفعل قد حدث ما توقعنا حيث خرجوا وقالوا أننا نعيش في تبات ونبات ولدينا ثلاجات وتلفزيونات ، وحسبنا الله ونعم الوكيل في هؤلاء القوم معدومي الضمير والذمة   .
س : سؤال من ثلاثة أجزاء .. بعد خروجك من السجن أطلقت مبادرة للمصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان، وتحديدا في 14 /8 / 2014 أي بعد خروجك ب 6 أيام ، وتحدثت فيها عن قبول الأمر الواقع ، وأنت تعلم أن أغلب أنصار مرسى يرفضون الاعتراف بثورة يونيو وما تبعها من إجراءات ، السؤال هنا : ما هي بنود تلك المبادرة ؟ ، وكيف تعاملت مع رفض أنصار الرئيس مرسي ؟ ولماذا أطلقتها في هذا الوقت تحديداً ؟
ج : بالطبع لم أقل مطلقا الاعتراف بالأمر الواقع ، فليس لمثلي كان شريكا في كل الأحداث وشاهد حجم التضحيات المبذولة من الشعب المصري حتي يتحرر أن يقبل هذا ، فما بالك أن تنسب لي الدعوة إليه ، أنا قلت اعتبار فترة السيسي في الرئاسة مرحلة انتقالية يتم فيها إعادة المسار الديمقراطي الكامل ، الانتخابات النزيهة ، لجنة لتعديل الدستور ليصبح توافقي ، استغلال هذه الفترة لإجراء تصالحات بين كل الأحزاب والتيارات والتوجهات السياسية ، حوار بين الإخوان والمؤسسة العسكرية التي تتعامل معهم منذ القدم علي أنهم القوة المنافسة التي يمكن أن تقود مصر إلي التحول الديمقراطي وسحب البساط من تحت أقدام المجلس العسكري ، بحيث تتحول العلاقة إلي تعاون بدلا من الصراع الدائم والتنكيل المستمر بالإخوان ، والاتفاق علي تحديد وضعية المؤسسة العسكرية بحيث تخرج من العملية السياسية ، ولا مانع أن تحصل من المكاسب علي ما شاءت في حدود إمكانيات الدولة ، المهم أن تترك المدنيين المتخصصين يقودون شئون السياسة والاقتصاد حتي تنطلق مصر إلي الأمام ، كانت محاولة لتمكين كل طرف من الأطراف ليسحب نفسه من المأزق انسحابا يقلل من حجم الأضرار به وبمصر كلها ، أما عن التوقيت بعد خروجي من السجن ، فلأني أسعي لفك الأسر عن المأسورين من خيرة أبناء مصر ونسائها وفتياتها ظلما في ظل معاناة السجن التي لا يعرفها إلا من يعيشها ، للأسف الشديد كل من يحكمون علي الناس بالسجن من قضاء وشرطة وجيش لا يعرف منهم أحد ماذا يعني السجن فهو لم يخض هذه التجربة ، كان بجواري الأستاذ الدكتور رشاد البيومي أستاذ بكلية العلوم سنه 81 سنة ويوضع في الظروف التي قلت لك عنها ، هؤلاء نصب عيني دائما وكلما أتذكر أنهم لازالوا في السجن الذي كنت فيه أشعر بالإكتئاب وأدعو لهم بالفرج والخروج من هذه التجربة القاسية .
س : هناك من قال أنه هذه المبادرة صفقة بينك وبين النظام الحاكم  على أثرها تم الإفراج عنك فما ردك ؟
ج : لو كانت صفقة يا أستاذ محمود مع الحكومة الانقلابية ، لأعلنت الحكومة قبولها ، ولو كانت صفقة مع الإخوان لأعلن الإخوان قبولها ، ولكن لم يقبلها هذا ولا ذاك ، ولو كانت صفقة لأعلن علي الأقل من خرجوا معي وهما الدكتور حلمي الجزار وعبد المنعم عبد المقصود قبولها  .
س : هل استطلعت آراء قيادات الإخوان تجاه المبادرة قبل طرحها ؟
ج : لم أستطلع رأي أحد فيها كتبتها بعد خروجي مباشرة ، ثم أعلنتها بمؤتمر صحفي  .
س : بعد رفض مبادرتك من جميع الأطراف بصراحة ألم تشعر بحالة إحباط بعد رفضها ؟ وهل راودتك فكرة السفر خارج مصر مثلما فعل الكثيرون ممن  رأوا أن مصر أصبحت عزبة لمن يحكمها فقط ؟
ج : عندما تقوم بعمل تبتغي به وجه الله عز وجل والتفريج عن المسجونين المكروبين وعمل مصالحة تعيد البلاد إلي حالة من الاستقرار وتحقق مسار ديمقراطي حقيقي في مدي متوسط ، فلا يمكن أن تندم عليها حتي لو رفضها كل الأطراف المعنية ، بل بالعكس أسعدني أن المبادرة كشفت النظام الانقلابي الذي كان يدعي دائما أن تحالف دعم الشرعية يرفض الانخراط في الحياة السياسية ويتمسك بالعنف ، فقد ثبت أن الانقلابيين هم الذين لا يريدون صلحا ، أنهم ينفذون أجندة مع شركائهم الخارجين والداخليين علي رأسها القضاء علي تيار الإسلام السياسي قضاء مبرما وإقصاءه ليس فقط عن الحياة السياسية وإنما عن الوجود بأسره ، ولا تنسي أن العسكر يعلمون جيدا أن التيار الإسلامي وحده هو الذي يهدد احتكارهم للسلطة والثروة معا منذ ستين عاما ، لذلك فهم لم يعيروا المبادرة أي اهتمام . وأنا لا أنوي أن أترك مصر رغم الخطورة التي يواجهها أي معارض لهذا النظام الديكتاتوري الذي لا أعتقد أن له مثيلا في العالم الآن سوي نظام بشار الأسد ، وسوف أخبرك بأنهم حددوا جلسة  23/5 لنظر جنحة إهانة القضاء ضد الدكتور مرسي وأربعة وعشرين آخرين أنا واحد منهم ، ومع ذلك لن أترك مصر ولن أتوقف عن مواجهة هذا النظام الانقلابي الباطش حتي لحظة عودتي إلي السجن مرة أخري ، لن نستعبد بعد اليوم  .
س : هل ترى أن الأخوان المسلمين بالفعل لهم سقطات . مما أدى إلى سقوطهم وتكاتف قوى الشر ضدهم ؟
ج : الإخوان المسلمون شأنهم كشأن إي فرد أو حزب أو جماعة بالتأكيد لهم أخطاء ، ولكن السؤال الأدق هل أخطاء الإ‘خوان هي سبب الانقلاب ، أقول لك بكل ثقة كلا ، الانقلاب كان واقعا لا محالة ، والفئتان الأساسيتان للقيام بالانقلاب هما العسكر والاتحاد القبطي العالمي أما باقي العناصر فأصحاب مصالح وإن كانت أقل مقارنة بالعسكر والاتحاد القبطي العالمي ، أما العسكر فقد سبق لهم الانقلاب منذ ما يقرب من ستين عام علي الرئيس محمد نجيب ولنفس السبب وهو حرصهم علي منع الديمقراطية والاستبداد بالحكم والثروة ، ثم كرروا التجربة مع الدكتور مرسي ولنفس السبب ، وأذاقوا الشعب المصري الأمرين طوال الستين عام ، فبدأ استبدادهم بحكم الإعدام الذي أصدروه ونفذوه علي خميس والبقرى وهما عاملان من عمال الغزل النسيج بكفر الدوار ، وكان السبب هو تظاهر العمال للمطالبة بمستحقات لهم فقتلوا البعض وحاكموا البعض في ميدان عام أسوة بمحاكمة دنشواي حتي يقذفوا الرعب في قلوب المصريين وهو ما فعلوه أخيرا عندما أعدموا محمود حسن ، ثم ما فعلوه مع الإخوان المسلمين حين حاكموا آلافا من المصريين من جميع محافظات مصر بأحكام جائرة عن قضية كان أغلبهم لم يسمع بها أصلا وبالمخالفة للقانون الذي يستوجب معاقبة الفاعل فقط ، وكرروا نفس الأمر مع الإخوان عام 1964 عندما حاكموا الآلاف عن تهمة إعادة تنظيم جماعة محظورة واستعملوا قانون الطوارئ ضد كل من يمارس السياسة علي نحو فعلي ، واستعملوا المحاكمات العسكرية الجائرة للمدنيين منذ عام 1966 ، وزوروا كل الانتخابات ، وراقبوا كل المؤسسات الشعبية كالبرلمان والمجالس الشعبية المحلية والنقابات والجامعات ، وفقي عام 1986 قصفوا معسكرات لعساكر الأمن المركزي فقتلوا الآلاف منهم بلغوا علي حد ما جاء في تحقيق أحد البلاغات سبعة آلاف جندي ، وكرروا جميع هذه المآسي في انقلاب السيسي ، فالمسألة بالنسبة لي واضحة العسكر لا يريد أن يفلت السلطة والثروة ولا يريد دولة ديمقراطية في مصر . أما الاتحاد القبطي العالمي فلا يريدون أي مظهر إسلامي في مصر لا شكليا ولا موضوعيا كالتشريعات ، وتحالف الاثنان ضد الإخوان وباقي التيار الإسلامي قديم ، وما حدث في الانقلاب هو مجرد تجديد للبيعة للعسكر للفتك بالتيار الإسلامي ، وأرجو الدخول علي صفحتي أو مدونة النائب محمد العمدة فقد كتبت كثيرا في هذه المسائل  .
ما كان يتم ترويجه ضد الإخوان اعتمد بدرجة كبيرة علي الأكاذيب والشائعات واستغل فيه الماكينة الإعلامية للدولة التي تعمل مع العسكر بالإضافة إلي إعلام الاتحاد القبطي العالمي وإعلام رجال الأعمال  .
س : هل ترى أن الإخوان المسلمين استعجلوا قطف ثمرة 25 يناير ؟
ج : لا أعتقد ذلك فقد ادعي البعض أن الإخوان قاموا بتعيين الآلاف منهم في وظائف متنوعة ثم اتضح عدم صحة ذلك ، وفي حركة المحافظين التي فتح إعلام الإنقلاب أبواقه عن الأخونة كان بها ستة محافظين فقط من الإخوان ، بينما كانت أول حركة محافظين للسيسي بها 18 لواء ، كل ما تم توجيهه للإخوان كان معظمه كذبا ويمثل تمهيدا إعلاميا وتهيئة للرأي العام لقبول الانقلاب عليهم ، وهذه خطط ثابتة لدي مخابرات الدول الكبرى ، ورأينا أنهم فعلوا نفس الهجوم الإعلامي علي محمد مصدق في إيران كخطوة أولي للانقلاب عليه ، وفعلوا ذلك عندما كلفوا الزند قبل حل البرلمان بأيام محدودة أن يشن هجوما حادا علي البرلمان ثم يقسم بالله علي الهواء أننا لن ننفذ قانونا يصدر عن هذا البرلمان ، وما كان له أن يقسم هذا القسم ما لم يكن يعلم أن البرلمان سوف يحل بعد أيام قليلة من قسمه .
س : ما رأيك في حزب النور وموقفه من 30 يونيو ؟
ج : لا أقول حزب النور ، لأنني أعرف أعضاء من حزب النور استقالوا ، وأعرف أعضاء من حزب النور غير راضين عما يفعله القيادات ، أقول أن قيادات حزب النور لم تدرك حجم المرحلة التي كنا فيها ، فنحن كنا علي بداية طريق التحول الديمقراطي بعد آلاف السنين من الاستبداد عاني فيها الشعب المصري الخضوع للمستعمر ، ثم عاني استبداد حكم العسكر ، ولذلك فإن من يدرك هذا كان ينبغي أن يجعل نجاح عملية التحول في خطواتها الأولي هو الهدف الرئيس ، ويرجئ أي مصالح أو طموحات خاصة لمرحلة لاحقة ، كان عليهم أن يذكروا أنفسهم أن الشعب أعطي التيار الإسلامي 70% من الأصوات والمقاعد ، ومن ثم يكون هدفهم الأول هو تحقيق انجاز لهذا الشعب ، أعتقد أنه كان عليهم عدم الدخول في منافسة أو صراع من أي نوع مع الإخوان المسلمين أو الرئيس ، وبعد المرور بعنق الزجاجة ونجاح عملية التحول واستقرارها فليفعلوا ما شاءوا في ظل ديمقراطية مستقرة ، لكنهم للأسف ويبدو لحداثة عملهم بالسياسة ، وربما أنهم لم يشاركوا في الثورة لهذه الفتوي أو تلك ، ومن ثم لم يكن الأمر ذو بال لدي هذه القيادات .
أيا ما كان السبب دخل قيادات حزب النور في منافسة مبكرة مع الإخوان وقبل أن تستقر العملية الديمقراطية ، ولن أنسي الشيخ مخيون وهو في اجتماع عام يحدث الرئيس عن أرقام فلكية تم تعيينها ، ثبت بعد ذلك عدم صحتها ، بل إن الفترة الزمنية نفسها لم تكن لتسمح بتعيين هذه الأعداد ، وقد تحدث سعد الدين إبراهيم عن طلبهم منه أن يتوسط لهم لدي أمريكا ليتعاملوا مهم كبديل عن الإخوان ، وتداولت أحاديث عن حصولهم علي تدريبات بمعرفة منظمات أمريكية ، وكل هذه أحاديث تحتمل الصدق والكذب .
أما ما أعرفه أنا شخصيا ، فقد تحدثت مع المهندس أشرف ثابت من حزب النور والذي كان يشغل وكيل المجلس ، وكنا ساعتها في فندق شبرد الذي يملكه أو ربما يديره الأستاذ / حسن عبد العزيز عضو مجلس الشعب من الإسكندرية ، وكنا ساعتها مجموعة من النواب نتحرك سويا إعلاميا ومن خلال دعاوي قضائية لعدم الاعتراف بحل البرلمان ، وعندما تحدثنا مع المهندس أشرف ثابت عن ضرورة مشاركة حزب النور في هذه التحركات وحضور أعضاء منه معنا في الجلسات وغيره ، فوجئنا به يتحدث بكل هدوء أعصاب عن أنه ليس من الملائم أن نطالب بعودة المجلس وتحدث بكلام آخرا فأدركنا من حديثه أن قيادات حزب النور لهم حساباتهم الخاصة ، وكان هذا الكلام مبكرا وسابقا بقرابة العام  علي الانقلاب ، هذا في الوقت الذي كان يتحرك فيه عدد كبير من نواب حزب النور معنا في كافة الإجراءات التي اتخذناها ، وهو ما أكد لي أن النواب والأعضاء في وادي ومخيون وبكار وأشرف ثابت وباقي الأسماء الظاهرة في وادي آخر . ومن الأشياء التي أذكرها أيضا أن علاقتي بالشيخ مخيون كانت طيبة للغاية حين كنا في المجلس ، وبعد أن عرضت المبادرة فوجئت به يقول أن محمد العمدة يقدم هذه المبادرة شو إعلامي ، فتعجبت لماذا يقول عني ذلك وبيني وبينه كل خير ولم يحدث بيننا أي خلافات من أي نوع ، وهل يجوز لرجل علي رأس حزب إسلامي أن يدخل في نوايا الناس ، ثم لماذا لا يقول كلمة طيبة وهو يتحدث عن إصلاح بين الناس ، هل هي المنافسة ؟ إن الذي لا يفكر فيه قيادات حزب النور أنهم تسببوا في استشهاد واعتقال آلاف ممن انتخبوهم أو بالأدنى إن لم يصدقوا تسببوا في حبس آلاف ممن فرحوا بنجاحهم كتيار إسلامي . لقد تسبب قيادات حزب النور في توجيه ضربة قاسية للتيار الإسلامي كله الذي كان يفترض فيه العامة الخير كل الخير ، فقدموا نماذج وضعوها في الواجهة لم تكن موفقة في أي تحرك من تحركاتها ولم يستريح الناس لأقوالهم ولا لأفعالهم ، فتأثر التيار الإسلامي كله بهذه النماذج ، لن أكتمكم حديثا أنا واحد من الناس ممن تأثروا بذلك ، ووقر في ذهني أنه من الممكن أن يكون من بين التيار الإسلامي من هو أشد ضررا من الحزب الوطني ذاته ، ولذلك وبعد أن شاركوا وتسببوا فيما حدث ، دارت عليهم الدائرة ولا يسمعوا ممن شاركوهم إلا الإساءة والرغبة في التخلص منهم نهائيا قضائيا أو بأي طريق آخر .
س : ما رأيك في محمد البرادعي ؟
ج : من أكبر الخدع التي وقعنا فيها محمد البرادعي ، فرحنا بعودته ، والتف حوله الكثيرون متصورين أنه عاد ليشارك في إعادة الديمقراطية في مصر ، وأنا عملت عنه حلقة في دوار العمدة لازالت محملة علي النت ، والذي دعاني إلي عمل الحلقة والسعي لإعادة تقييمه أنني وآخرين وجدناه يسعي لإسقاط البرلمان والدكتور محمد مرسي بنفس الطريقة التي فعلها مع مبارك ، إذن الديمقراطية لم تكن هدفه وإلا ما فعل ذلك ، وعندما بحثت تأكدت وأكدت لكل من سمع الحلقة أن برنامج عودته كان بالاتفاق مع الأمريكان ليتولي كشخصية ليبرالية رئاسة الدولة ، ولما تبين لهم صعوبة ذلك حولوا الأمر إلي توليه رئاسة الحكومة وأعلن هو قبوله لذلك ، ولما لم يفلح في هذا وذاك واصل هجومه بضراوة علي الإخوان والرئيس إلي أن وقع الانقلاب ثم غادر البلاد ، يعني كما لحق العراق الدمار بسبب تقاريره العائمة رغم خلو العراق من الأسلحة النووية ، أيضا ساهم فيما لحق بمصر من تدمير لكل مكتسبات الثورة ، ثم رحل وأتمنى ألا يلحق الدمار بالدولة الأوربية التي يقيم فيها .
س : ما رأيك في أيمن نور ؟
ج : الدكتور أيمن نور أثبت أنه رجل فاضل محترم ووطني أصيل.
س : ما رأيك في حمدين صباحي ؟ و لك تصريح شهير أنك ( ندمت على كوب الشاي الذي قدمته له هل ما زلت على رأيك ؟
ج : حمدين صباحي كانت تربطني به علاقة طيبة للغاية خلال برلمان 2005/2010 وكنت أستمتع بأحاديثه عندما كان يتحدث في المجلس عن الديمقراطية والحقوق والحريات العامة ، وحتي علاقته بالإخوان كانت طيبة للغاية ، ولا أعرف كيف يستبيح ويستريح لما يحدث لهم ظلما الآن وأنا علي يقين أنه يعلم أنهم من خيرة الناس الذين تعاملنا معهم . وأنا انتخبت حمدين صباحي في الدور الأول حتي يصبح الرئيس من تيار سياسي والبرلمان من تيار سياسي آخر ، وعملت له مؤتمر جماهيري أمام منزلي في كوم أمبو ، والذي دعاني إلي الحديث عن الشاي هو الانقلاب الذي حدث لحمدين حين أصابه هوس وجنون السلطة حتي أنه كان يكتب في أوراق دعايته الرئيس حمدين صباحي ، هذا الهوس جعله ينقلب علي الديمقراطية ويدخل في ساويرس جروب لإسقاط التيار الإسلامي اعتقادا منه أنه في حالة إقصاء مرسي فهو رقم 2 بعده وسيصل إلي حلمه ، فتلكك للإخوان وللدكتور مرسي وشارك في جبهة الإنقاذ لذات الغرض وفي مؤامرة استدعاء العسكر ، وسبحان الله أخرجته هذه الأعمال من عالم السياسة فلم يعد رقما فيها ولا يستطيع أن يخرج علي الناس الآن ليحدثهم عن ديمقراطية ولا حرية ، بعد أن أهبط نفسه إلي سابع أرض باستدعاء حكم العسكر علي أمل أن يصبح بعدها رئيسا صوريا .
س : عذرا هناك سؤال حضرت النائب سقط سهوا منى ومهم للتاريخ ، كيف ترى فض رابعة ، بالطبع أعلم تماما انك كنت وقتها خلف القطبان ، ولكن بعدما خرجت وشاهدت الصور والفيديوهات ، ما قولك وما الذي شعرت به أثناء مشاهدتك تلك الصور المؤلمة ؟
ج : فض رابعة والنهضة يؤكد لك كل ما قلته لك عن حكم العسكر الذي يتبع خطة للحفاظ علي السلطة والثروة أسميها " الخطة إعدام قتل مؤبد "يستعملها كلما شعر أن هناك من يريد أن يعض رغيفه ، وكل إدعائتهم تلفيق ، ودائما ما يفعلون الشيء ونقيضه حسب مصلحتهم ، انظر كيف تحدث السيسي عن الشعب العظيم والخروج العظيم ، والشعب الذي يأمر فيطاع ، وبعد أن استخدم خروج من خرج في 30/6 لتنفيذ الانقلاب الذي خطط له خرج علي نفس الشعب المصري العظيم ليفتك به فتكا في رابعة والنهضة والحرس الجمهوري والمنصة وشمال سيناء وكل شوارع مصر علي نحو لم يفعله إلا هتلر وقليلون آخرون ، ليؤكدوا لنا حجم تلونهم ، فالشعب عظيم حين يساندهم في تنفيذ الانقلاب ، فإذا عارض حكمهم العسكري فهو شعب إرهابي يستحق القتل والإعدام والمؤبد ، لاحظ أنهم يتمسكون دائما بأنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين وحين أرادوا تنفيذ الانقلاب استعانوا بشيخ الأزهر والبابا معا حتي يجعلوا الدين أساسا لدعم الانقلاب ، هذا هو شأنهم ، ولذلك بعد أن حققوا هدفهم وأمسكوا بالزمام أصدروا قانون تحريم التظاهر فلا تظاهر بغير موافقة الأمن ومن يخالف يقتل أو يسقط  فريسة حكم جائر ليقضي حياته في السجن ، اللهم ارفع عن مصر حكم العسكر  .
س : دعني أسألك على رفيق دربك وشقيقك الأصغر أحمد العمدة ، ما هي آخر أخباره ؟  وما هي التهمة الموجهة له ؟ ومتى جلسته القادمة ؟ ومن معه في تك القضية من أبناء كوم أمبو ؟
ج : إنه في السجن بعد أن قضي عشر سنوات متواصلة في العمل العام مع الناس وبين الناس وفي خدمة الناس ، هذه دولة العسكر ، حيث تم الزج به في أحداث أسوان التي وقعت بتاريخ 14/8/2013 حين نزلت الشرطة في جميع المحافظات ولديها الأوامر بفض جميع الاعتصامات ، فنزلوا وقتلوا ثلاثة وأصابوا 55 من أبناء أسوان دون أن يُحقق في هذه الوفيات أو المصابين رغم أنهم مثبتون في أوراق الدعوي ، وتم تقديم مجموعة من خيرة أبناء أسوان من الأطباء والمحامين والمهندسين والمحاسبين والمدرسين والموجهين في تهم الاعتداء علي أفراد الشرطة وإحداث إصابات بهم وحرق سيارات إلي آخر تلفيقاتهم .
العجيب أن أحمد العمدة قدم للنيابة محضر جلسة يفيد أنه كان حاضرا معي كمحامي يوم  13/8/2013 بتحقيق بسجن العقرب شديد الحراسة بالقاهرة في جناية ملفقة لي أيضا ، وقدم لهم تذاكر العودة بقطار النوم مؤرخة 14/8/2013 مساءً أي في نفس يوم الواقعة المتهم فيها ظلما هو ومن معه ، وثابت في التذاكر أنه يصطحب زوجته وأبناءه فضلا عن زوجتي وأبنائي ووالدتي التي كانت قد أجرت عملية خطيرة في نفس التوقيت ، وقدم لهم أن القطارات لم تتحرك بسبب الدواعي الأمنية يوم 14 ، يعني قدم لهم بالإضافة لما سبق مستندات أخري كثيرة تؤكد أنه لم يكن بمسرح الأحداث بل ويبعد عنها ألف كم ، رغم أن الشرطة تقدمه كفاعل أصلي متواجد في المكان ، إلا أن النيابة العامة رغم كل ما قدمه وأثبتته في الأوراق استمرت في التجديد له ثم قدمته للمحاكمة ، ثم ها هي المحكمة ترفض إخلاء سبيله كما أنها لم تتخذ إجراء يذكر في القضية حتي الآن بعد مضي قرابة العام ونصف .
               .