#سمر_والجلابية_وإشكالية_الهوية_المصرية
تحولت الجلابية الصعيدي خلال الأيام الماضية إلى محور جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما علقت الإعلامية سمر فرج فودة على صورة زوجين مصريين ظهرا داخل المتحف المصري الكبير، حيث كان الزوج يرتدي الجلباب الصعيدي.
كتبت سمر فرج فودة منشورًا عبر حسابها الشخصي على «فيسبوك» تنتقد فيه المشهد، قائلة، على الصورة، «أحب أؤكد أنهم لا يمثلون مصر جملة وتفصيلا» إلخ.
والحقيقة أن الموضوع أكبر من حكاية سمر والجلابية، الموضوع هو إشكالية "الهوية المصرية".
فمن المعلوم أن لكل شعب هوية كما أن لكل إنسان شخصية تعبر عن فكره وقيمة وأخلاقياته والزي الذي يرتضيه لنفسه.
إلى من ننتمي نحن المصريون ؟
هل ننتمي للحضارة الإغريقية ؟ أم الرومانية ؟ أم الفرعونية ؟ أم القبطية ؟ أم النوبية؟ أم ننتمي للحضارة الإسلامية ؟
هل الشعب المصري يجهل هويته ونحن في بداية الألفية الثالثة بعد الميلاد ؟
هل من بيننا من يسعى إلى نسبة مصر للحضارة الفرعونية لينفي صلتها بالعروبة ويضعف علاقتها بالإسلام والمسلمين ؟
وهل عملية إحياء ذكرى الحضارة الفرعونية بحفل نقل المومياوات الملكية عام ٢٠٢١م، وافتتاح المتحف المصري الكبير عام ٢٠٢٥م يعد جزء من الترويج للهوية المصرية الفرعونية القديمة ؟
وإذا كان الأمر كذلك، فهل إحياء ذكرى الحضارة الفرعونية القديمة والاحتفاء والاحتفال بها وتبنيها كهوية لمصر تحت مسمى الوطنية المصرية يشبه الحفل الأسطوري والأعلى تكلفة على مر التاريخ الذي أقامه شاه إيران محمد رضا بهلوي ذراع أمريكا في إيران والشرق الأوسط ـ لمرور ٢٥٠٠ سنة على تأسيس #المملكة_الفارسية، والذي كان الهدف منه فصل إيران عن الهوية الإسلامية وإثارة الفتن بينها وبين الدول العربية الإسلامية .
إذا كان ما ذكرناه يحدث وكان مقصودا فهل يمكن أن يحدث وتتحقق آثاره ؟
أحب أن أوضح لكم أخوتي المصريين بعض النقاط والتي تتمثل في الآتي:
ـ من أعظم الكتب عن الحضارة ومفهومها والعناصر التي تقوم عليها كتاب ( صدام الحضارات ) لمؤلفه الكاتب السياسي الأمريكي المخضرم والذي تريع على عرش الكتابة السياسية طوال النصف الأخير من القرن الماضي ( صامويل هتنجتون ).
ومما جاء في الكتاب سالف الذكر في عناصر مختصرة ما يأتي:
١ـ أدت الحرب العالمية الثانية إلى تفكك الإمبراطوريات العظمى، ورغم ذلك تبقى ما يمكن أن نسميه الحضارات.
٢ـ الحضارة هي مجموعة من الناس يرتبطون معا بروابط معينة مثل ( العرق ـ اللغة ـ الدين ـ التاريخ ـ الموطن ) ..إلخ .
٣ـ ليس بالضرورة أن يجتمع هؤلاء الناس في مكان واحد، أو يتحدثون نفس اللغة.
٤ـ الحضارات منها ما زال وتحول إلى جزء من تاريخ بعض الدول، ومن أمثلة الحضارات الزائلة ( الفرعونية والإغريقية والرومانية والصينية القديمة واليابانية القديمة.. إلخ )، ومن أمثلة الحضارات القائمة ( الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية والحضارة الأرثوذكسية والحضارة الصينية الحديثة والحضارة اليابانية الحديثة والحضارة الإفريقية .. إلخ)
٥ـ دول أوربا الحديثة والولايات المتحدة الأمريكية ينسبون أنفسهم وينسبهم الكاتب للحضارة الغربية الحديثة، وإن كانت هذه الشعوب تفخر بأن الحضارة الإغريقية والحضارة الرومانية جزء من تاريخها استفادت منه في تحقيق التقدم .
#والكاتب_يصنف_مصر_ضمن_الحضارة_الإسلامية ، بل ويرى أن مصر والسعودية وتركيا هي الدول الإسلامية الأكبر، وأن كل من الثلاث دول يمكن أن تلعب دور دولة المركز للحضارة الإسلامية لتقوم بتجميع الدول الإسلامية حولها وتعمل على تحقيق الوحدة فيما بينهم .
٦ـ يرى الكاتب من واقع رصد الأحداث التاريخية والحضارات المختلفة أن الدين هو أهم عوامل الربط بين الدول والأشخاص الذين ينتمون لحضارة معينة، ولهذا السبب يفخر الأوربيون بحضارتهم الغربية الحديثة وأن المسيحية هي رابطهم الأقوى، ولذلك لا ينسبون أنفسهم للحضارة الإغريقية أو الرومانية لكونهما حضارات وثنية .
٧ـ ترى الحضارة الغربية أن الحضارة الإسلامية هي الحضارة الأقوى في مواجهة الحضارة الغربية رغم ضعفها الحالي، ولذا يسعى الغرب إلى عرقلة تقدم الدول الإسلامية بكل الطرق بما فيها الحروب، كما يعمل الغرب على منع وحدة الدولة الإسلامية ومنع تقاربها، وإثارة الفتن فيما بينها .
#خلاصة_الكتاب فيما يخص مصر ما يا يأتي:
ـ الحضارة الفرعونية من بين الحضارات الزائلة التي يمكن للمصريين أن يفخروا بها، لكن لا يمكن لهم أن يتخذوها هوية إذ الحضارة تقوم على قيم إنسانية متقدمة وواضحة وتغطي كافة مناحي الحياة، وهذا لا يتوفر في الحضارات الزائلة .
ـ مصر تنتمي إلى الحضارة الإسلامية ، وأضيف إليه: الحضارة الإسلامية التي تحترم الأديان السماوية، وتفرض المساواة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وأهل الكتاب ( لهم ما لنا وعليهم ما علينا ), والتي تقوم على الإسلام الذي لم يدانيه كتاب في الدعوة للفكر والتأمل والتعلم والحث على الابتكار والاختراع وانطوت آياته على كافة الحقائق الكونية والعلمية والتي اكتشفتها العلوم الحديثة بعد نزوله بأكثر من ألف عام .
وأخيرا أقول: كل من أراد أن يقف في طريق الإسلام أو يهمشه كان كمن وقف على القضبان في مواجهة القطار المسرع ليوقف سيره .
لقد أراد الفاطميون الشيعة أن يجعلوا مصر شيعية، لكن الله عز وجل أنقذ مصر بالقائد المؤمن الصالح المتفقه في دينه صلاح الدين الأيوبي ، فأعاد مصر إلى الإسلام الصحيح، بل وقاد الشعب المصري وحرر به بيت المقدس من الصليبيين.اللهم بلغت، اللهم فاشهد.

ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق