عبد الله النديم كبير خطباء الثورة العرابية ( 1842 م-1896م ) .
بعد نجاح الثورة العرابية وتحقق مطالبها ، وبعد تلكك انجلترا - بمذبحة الإسكندرية التي وقعت في عام 1882م ، والتي كان سببها قيام شخص يدعي مكاري (مرافق لحمار نقل) من مالطة من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين فشب نزاع تطور إلى قتال سقط خلاله العشرات من الطرفين قتلى وجرحى - واستغلالها لهذا الحادث لدخول مصر بذريعة حماية الأجانب ، وبعد ترحيب الخديوي توفيق الخائن بهم واستقباله الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني في قصر الرمل بالإسكندرية ، وانحيازه إلى الإنجليز، وجعله لنفسه وسلطته الحكومية رهنا لتصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية.
وبعد هزيمة الجيش المصري بقيادة عرابي واحتلال الإنجليز لمصر والذي دام أربعة وسبعين عاما (1882-1956م) ، وبعد نفي الزعيم أحمد عرابي إلي جزيرة سيلان بدلا من إعدامه ، ظل عبد الله النديم خطيب الثورة العرابية هاربا عدة سنوات من ملاحقة الإنجليز .
وفي فترة هروب عبد الله النديم أرسل لعرابي في المنفي عدة رسائل ، نعرض أحدها والتي وصف فيها النديم الأحوال بعد دخول الإنجليز واحتلالهم لمصر ، حيث عرض لعمليات الاضطهاد التي تعرض لها ثوار الثورة العرابية علي يد الإنجليز وأعوانهم من رجال الدولة العميقة التابعة للخديو توفيق من جهة والأقباط من جهة أخري ، لدرجة أن يشير النديم إلي قيامهم بإتهام أي معارض بأنه عرابي حتي يتم الخلاص منه .
عندما تقرأ أخي القارئ هذه الرسالة التي أرسلها عبد الله النديم لأحمد عرابي ستشعر أن التاريخ يعيد نفسه ، فكما وقفت مؤسسات الدولة العميقة التابعة للخديوي توفيق الخائن مع الإنجليز ضد الثورة العرابية ، تقف الآن مؤسسات الدولة العميقة التي أسسها مبارك مع العسكر في انقلابه ، وكما احتفي واحتفل الأقباط بالإنجليز وساندوا الإحتلال ، يقفون الآن مع العسكر في الإنقلاب ويدعموه داخل وخارج مصر ، حقا التاريخ يعيد نفسه ، والثورات الشعبية المصرية التي تهدف لتحرير الشعب المصري يتم تدميرها علي أيدي نفس العناصر وبذات الأساليب والوسائل ، وإليك أخي القارئ برسالة عبد الله النديم التي يقول فيها :
بعد نجاح الثورة العرابية وتحقق مطالبها ، وبعد تلكك انجلترا - بمذبحة الإسكندرية التي وقعت في عام 1882م ، والتي كان سببها قيام شخص يدعي مكاري (مرافق لحمار نقل) من مالطة من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين فشب نزاع تطور إلى قتال سقط خلاله العشرات من الطرفين قتلى وجرحى - واستغلالها لهذا الحادث لدخول مصر بذريعة حماية الأجانب ، وبعد ترحيب الخديوي توفيق الخائن بهم واستقباله الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني في قصر الرمل بالإسكندرية ، وانحيازه إلى الإنجليز، وجعله لنفسه وسلطته الحكومية رهنا لتصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية.
وبعد هزيمة الجيش المصري بقيادة عرابي واحتلال الإنجليز لمصر والذي دام أربعة وسبعين عاما (1882-1956م) ، وبعد نفي الزعيم أحمد عرابي إلي جزيرة سيلان بدلا من إعدامه ، ظل عبد الله النديم خطيب الثورة العرابية هاربا عدة سنوات من ملاحقة الإنجليز .
وفي فترة هروب عبد الله النديم أرسل لعرابي في المنفي عدة رسائل ، نعرض أحدها والتي وصف فيها النديم الأحوال بعد دخول الإنجليز واحتلالهم لمصر ، حيث عرض لعمليات الاضطهاد التي تعرض لها ثوار الثورة العرابية علي يد الإنجليز وأعوانهم من رجال الدولة العميقة التابعة للخديو توفيق من جهة والأقباط من جهة أخري ، لدرجة أن يشير النديم إلي قيامهم بإتهام أي معارض بأنه عرابي حتي يتم الخلاص منه .
عندما تقرأ أخي القارئ هذه الرسالة التي أرسلها عبد الله النديم لأحمد عرابي ستشعر أن التاريخ يعيد نفسه ، فكما وقفت مؤسسات الدولة العميقة التابعة للخديوي توفيق الخائن مع الإنجليز ضد الثورة العرابية ، تقف الآن مؤسسات الدولة العميقة التي أسسها مبارك مع العسكر في انقلابه ، وكما احتفي واحتفل الأقباط بالإنجليز وساندوا الإحتلال ، يقفون الآن مع العسكر في الإنقلاب ويدعموه داخل وخارج مصر ، حقا التاريخ يعيد نفسه ، والثورات الشعبية المصرية التي تهدف لتحرير الشعب المصري يتم تدميرها علي أيدي نفس العناصر وبذات الأساليب والوسائل ، وإليك أخي القارئ برسالة عبد الله النديم التي يقول فيها :
(( عندما دخل العُدوان وتربع الطُغام في الديوان تجملوا بالثياب وبرموا الأشناب ، انتفخوا بنفس الغير ، ونهقوا بصوت الحمير ، وتنهدوا فرحا ، واختالوا مرحا ، وجردوا سيوفهم التي ما سُلَّت ، وحركوا أيديهم التي قد غُلت ، وقابلوا الإنجليز بالولائم ، وتقربوا إليهم بالجرائم ، وقدم لهم المنافقون النفائس ، وصلَّت لهم النصاري في الكنائس ، وتلقوهم بالموسيقي والمغاني ، وتراقصوا معهم بالغواني كأنهم الظافرون بالإنجليز أو أنهم من غير الوطن العزيز ، وجمعوا نقودا من سائر الناس وصنعوا سيفا "لولسلي" وسيفا "لسيمور" وطبنجتين مرصعتن بالماس وكتب عليها مشير المنافقين " هدية ومعرفة جميل من المصريين " فدونوا لهم تاريخ ذلة بانتصارهم بعدو الملة .
ثم وضعوا الرحمة تحت نعالهم ، وجعلوا القسوة أجمل فعالهم ، وداروا حول حزبنا في البلاد يتصيدونهم في الأصفاد ثم ساقوهم إلي السجون وموارد المنون .
وقد خاطبوا العلماء خطاب الأسافل ، وأخرجوا الأشراف لكنس المزابل ، وأخذوا بالظن والتخمين ، وشنقوا الأبرياء من المسلمين فشنقوا اثني عشر رجلا في طندتا ( طنطا ) بشهادة إمرأة يهودية وتسعة بشهادة إلياس ملحمة في الإسكندرية وغيرهم في غير هاتين ممن لم تطرف لهم في الحركة عين .
وساقوا الشيخ عليشا إمام السنة إلي مستشفي قصر العيني في الدجنة كأنه مجرم أو لفيف أو أنه لم يكن حافظا الشرع الشريف ، وهناك جاءه العدو وسقاه فانتقل إلي رحمة الله وساقوا الشيخ العدوي وبقية العلماء وسجنوهم سجن الأدنياء لا دين يردعهم ولا وطنية تنفعهم ............
وإني لآسف علي يوسف أبي دية في غدوي ورواحي ، فإنه قتل ظلما بشهادة عبد الرحمن فايد وأحمد الصباحي ، وما أحسن ما أبداه من الثبات وهو تحت مشنقة الممات حيث قال له إبراهيم أدهم تريد شيئا نحضره إليك قبل أن يجري القضاء عليك ، فقال له وأي شيئ بعد أن قطعتم آمالنا ولكن اليوم لكم وغدا لنا .
كما آسف علي سليمان داود حيث قتل بلا شهود ، ولكنهم خافوا أن يثبت عليهم مذبحة الإسكندرية فعاجلوه بسوق المنية وكلنا بهذين الشهيدين مصابون إنا لله وإنا إليه راجعون .
ولا تسأل عن ظلم مشايخ القري وما ابتدعوه من الإفتراء فإنهم شفوا غيظهم من الأفراد وأظهروا كامن الأحقاد ، فكل من كان من حزبنا نهبوه ، وكل عدو لهم إلينا نسبوه ليتشفوا بالانتقام أو بتقديمه إلي الحكام .
ولما انتهي أمر الانتقام بالنفي والإعدام ظن الأعداء أن الجو قد خلا والوقت قد حلا ولم يعلموا أنهم يخادعون الله وهو خادعهم ويصدعون الدين وهو صادعهم فأطالوا النوم والغطيط والله من ورائهم محيط )).
سبحان الله تشعر أن السيسي قد اختار أعوانه ووضع خطته نقلا عن خطط الإنجليز في تثبيت أركان الاحتلال .
المصدر :
كتاب عرابي ورفاقه في جنة آدم للدكتورة / لطيفة محمد سالم والتي تحصلت علي رسائل النديم من دار الكتب المصرية .
والكتاب : إصدار دار الشروق .
ثم وضعوا الرحمة تحت نعالهم ، وجعلوا القسوة أجمل فعالهم ، وداروا حول حزبنا في البلاد يتصيدونهم في الأصفاد ثم ساقوهم إلي السجون وموارد المنون .
وقد خاطبوا العلماء خطاب الأسافل ، وأخرجوا الأشراف لكنس المزابل ، وأخذوا بالظن والتخمين ، وشنقوا الأبرياء من المسلمين فشنقوا اثني عشر رجلا في طندتا ( طنطا ) بشهادة إمرأة يهودية وتسعة بشهادة إلياس ملحمة في الإسكندرية وغيرهم في غير هاتين ممن لم تطرف لهم في الحركة عين .
وساقوا الشيخ عليشا إمام السنة إلي مستشفي قصر العيني في الدجنة كأنه مجرم أو لفيف أو أنه لم يكن حافظا الشرع الشريف ، وهناك جاءه العدو وسقاه فانتقل إلي رحمة الله وساقوا الشيخ العدوي وبقية العلماء وسجنوهم سجن الأدنياء لا دين يردعهم ولا وطنية تنفعهم ............
وإني لآسف علي يوسف أبي دية في غدوي ورواحي ، فإنه قتل ظلما بشهادة عبد الرحمن فايد وأحمد الصباحي ، وما أحسن ما أبداه من الثبات وهو تحت مشنقة الممات حيث قال له إبراهيم أدهم تريد شيئا نحضره إليك قبل أن يجري القضاء عليك ، فقال له وأي شيئ بعد أن قطعتم آمالنا ولكن اليوم لكم وغدا لنا .
كما آسف علي سليمان داود حيث قتل بلا شهود ، ولكنهم خافوا أن يثبت عليهم مذبحة الإسكندرية فعاجلوه بسوق المنية وكلنا بهذين الشهيدين مصابون إنا لله وإنا إليه راجعون .
ولا تسأل عن ظلم مشايخ القري وما ابتدعوه من الإفتراء فإنهم شفوا غيظهم من الأفراد وأظهروا كامن الأحقاد ، فكل من كان من حزبنا نهبوه ، وكل عدو لهم إلينا نسبوه ليتشفوا بالانتقام أو بتقديمه إلي الحكام .
ولما انتهي أمر الانتقام بالنفي والإعدام ظن الأعداء أن الجو قد خلا والوقت قد حلا ولم يعلموا أنهم يخادعون الله وهو خادعهم ويصدعون الدين وهو صادعهم فأطالوا النوم والغطيط والله من ورائهم محيط )).
سبحان الله تشعر أن السيسي قد اختار أعوانه ووضع خطته نقلا عن خطط الإنجليز في تثبيت أركان الاحتلال .
المصدر :
كتاب عرابي ورفاقه في جنة آدم للدكتورة / لطيفة محمد سالم والتي تحصلت علي رسائل النديم من دار الكتب المصرية .
والكتاب : إصدار دار الشروق .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق