الدول الممزقة والدول ذات الهوية .
من كتاب " صدام الحضارات "اس
تعرض الكاتب الأمريكي " صامويل هنتنجتون" تجربة مصطفى كمال أتاتورك في تركيا في كتابه " صدام الحضارات"، وكيف حولها إلى دولة علمانية ، مع تهميش كل ما له صلة بالإسلام والعروبة ، ثم أوضح الكاتب الخطأ الفادح الذي وقع فيه أتاتورك ، مبينا أن الحضارة التي تتفوق وتتبوأ مكانتها هي تلك التي تتمسك بهويتها أيا كانت طبيعة ومحتوى هذه الهوية ، أما الحضارة التي تتخلى عن هويتها ، وتتعلق بهوية غيرها فإنها تفشل ، ويسميها الكاتب حضارة ممزقة ، ويصفها بأنها مريضة بالشيزوفرينيا الثقافية ، كما أشار إلى انقلاب الأتراك على العلمانية وسعيهم لاسترداد هويتهم الإسلامية ، حيث قال :
" وبينما الاستجابة الرافضة للغرب بشكل كامل مستحيلة ، فإن استجابة مصطفي كمال أتاتورك للحضارة الغربية وتمسكه بكل ما فيها لم تكن ناجحة .
إذا كانت المجتمعات غير الغربية تريد التحديث فيجب أن يكون ذلك على طريقتها وليس على الطريقة الاوروبية ، وأن تحاكي اليابان وتبنى على ما لديها من تقاليد ومؤسسات وقيم وتستخدمها .
القادة السياسيون الذين تسيطر عليهم فكرة متغطرسة بأنه بإمكانهم إعاده تشكيل مجتمعاتهم من الأساس لابد أن يفشلوا ، وبينما يمكنهم إدخال عناصر من الثقافة الغربية ، فإنهم لا يستطيعون دائما كبح أو إزالة العناصر الجوهرية في ثقافتهم الأصلية ، وعلى العكس من ذلك فإن الفيروس الغربي بمجرد أن يسكن مجتمعا آخر يصبح من الصعب استئصاله ، الفيروس يبقى ، ولكنه غير قاتل ، يظل المريض على قيد الحياة ، ولكنه يبقى مريضا .
القادة السياسيون يمكن أن يصنعوا التاريخ ، ولكنهم لا يستطيعون الهروب منه ، إنهم يصنعون دولا ممزقة ولا يصنعون المجتمعات الغربية ، ويصيبون بلادهم بعدوى الشيزوفرينيا الثقافية التي تظل سمة ملازمة لها على الدوام .
من كتاب "صدام الحضارات"
صامويل هنتنجتون
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق