الجمعة، 6 مايو 2022

الدول الممزقة والدول ذات الهوية

 الدول الممزقة والدول ذات الهوية .

من كتاب " صدام الحضارات "اس

تعرض الكاتب الأمريكي " صامويل هنتنجتون" تجربة مصطفى كمال أتاتورك في تركيا في كتابه " صدام الحضارات"، وكيف حولها إلى دولة علمانية ، مع تهميش كل ما  له صلة بالإسلام والعروبة ، ثم أوضح الكاتب الخطأ الفادح الذي وقع فيه أتاتورك ، مبينا أن الحضارة التي تتفوق وتتبوأ مكانتها هي تلك التي تتمسك بهويتها أيا كانت طبيعة ومحتوى هذه الهوية ، أما الحضارة التي تتخلى عن هويتها ، وتتعلق بهوية غيرها فإنها تفشل ، ويسميها الكاتب حضارة ممزقة ، ويصفها بأنها مريضة بالشيزوفرينيا الثقافية ، كما أشار إلى انقلاب الأتراك على العلمانية وسعيهم لاسترداد هويتهم الإسلامية ، حيث قال :

" وبينما الاستجابة الرافضة للغرب بشكل كامل مستحيلة ، فإن استجابة مصطفي كمال أتاتورك للحضارة الغربية وتمسكه بكل ما فيها لم تكن ناجحة . 

إذا كانت المجتمعات غير الغربية تريد التحديث فيجب أن يكون ذلك على طريقتها وليس على الطريقة الاوروبية ، وأن تحاكي اليابان وتبنى على ما لديها من تقاليد ومؤسسات وقيم وتستخدمها . 

القادة السياسيون الذين تسيطر عليهم فكرة متغطرسة بأنه بإمكانهم إعاده تشكيل مجتمعاتهم من الأساس لابد أن يفشلوا ، وبينما يمكنهم إدخال عناصر من الثقافة الغربية ، فإنهم لا يستطيعون دائما كبح أو إزالة العناصر الجوهرية في ثقافتهم الأصلية ، وعلى العكس من ذلك فإن الفيروس الغربي بمجرد أن يسكن مجتمعا آخر يصبح من الصعب استئصاله ، الفيروس يبقى ، ولكنه غير قاتل ، يظل المريض على قيد الحياة ،  ولكنه يبقى مريضا . 

القادة السياسيون يمكن أن يصنعوا التاريخ ، ولكنهم لا يستطيعون الهروب منه ، إنهم يصنعون دولا ممزقة ولا يصنعون المجتمعات الغربية ، ويصيبون بلادهم بعدوى الشيزوفرينيا الثقافية التي تظل   سمة ملازمة لها على الدوام .

من كتاب "صدام الحضارات"

              صامويل هنتنجتون



ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق