الخميس، 15 يونيو 2023

أبو حنيفة يرفض تفويض الخليفة في قتل المسلمين

 #أبو_حنيفة_يرفض_تفويض_الخليفة_في_قتل_المسلمين

يُروى أن أهل الموصل نقضوا بيعة الخليفة أبي جعفر المنصور، وكان المنصور قد شرط عليهم أنهم إذا نقضوا بيعته أُحلت دماؤهم، فجمع المنصور الفقهاء ليستشيرهم، فقال : 


أليس المؤمنون عند شروطهم، وهم قد شرطوا ألا يخرجوا فلا أرى إلا أنه قد حلت دماؤهم، فقال رجل: 


يدك مبسوطة عليهم، وقولك مقبول فيهم، فإن عفوت فأنت أهل العفو، وإن عاقبت فبما يستحقون .


فتكلم أبو حنيفة الذي لقبه المسلمون بالإمام الأعظم وقال: 

  إنهم شرطوا لك ما لا يملكونه، وشرطت عليهم ما ليس لك، لأن دم المسلم لا يحل إلا بإحدى ثلاث ( زان محصن ، ومن قتل مسلما عمدا ، والتارك لدينه المحارب لله ورسوله ) ، فإن أخذتهم أخذت بما لا يحل، وشرط الله أحق أن تفي به.


كان من اليسير على أبي حنيفة أن يلجأ إلى حديث من الأحاديث الموضوعة في زمن الفتنة كأحاديث الخوارج أو غيرها مثلما فعل مشايخ السلطة في أيامنا هذه ، لكنه لم يفعل لأنه يعلم أن أي حديث يُحرض على قتل طائفة غير محددة من المسلمين ودون أسباب شرعية محددة ، حتما لابد وأن يكون موضوعا وفي زمن فتنة .


لقد كان أبو حنيفة لا يسكت عن ظلمٍ يراه في أيّ جانب من جوانب المجتمع، فظل ذلك مقلقًا للنظم السياسية التي تعاقبت عليه، ولما ضاق به أبو جعفر المنصور عرض عليه تولية قضاء بغداد وألَحَّ في عرضه، وألح أبو حنيفة في الرفض، فما كان من أبي جعفر إلا أن سجنه وعذبه حتى مات متأثرًا بجروحه.


لقد فضل أبو حنيفة الأعتقال والتعذيب حتى الموت على أن يمنح الخليفة أبي جعفر المنصور تفويضا بقتل المسلمين - لأسباب في نفسه - يعرفها الإمام والذي عاش نهايات الدولة الأموية وبدايات الدولة العباسية ، وكلتا الدولتين قامتا على البطش والتنكيل بالمعارضين لهما بقتلهم أو اعتقالهم وتعذيبهم حتى الموت.


لقد رأينا في زمننا هذا من يُصدر الفتاوى للحكام ورجالهم بالضرب في المليان وقتل المعارضين ، ولم يكتفوا بالويلات التي سببوها للمسلمين على أرض الإسلام ، فراحوا يتهمون المسلمين في أوربا بالإرهاب ، وإنه ورب السموات والأرض وما بينهما لبلاءٌ مبين يعيشه المسلمون على أرض الإسلام وخارجها .


اللهم اغفر للإمام أبي حنيفة النعمان وارحمه ، وارحم أمواتنا المسلمين جميعا ، وارحم أحياء المسلمين ، وأغثهم من الكرب العظيم ، اللهم آمين .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق