قراءة تحليلية لكتاب ثنائية الوجود ( ١ )
بقلم الأستاذ سعيد الكوممباوي
موجز فكرة كتاب " ثنائية الوجود خطيئة ابن عربي ومصطفى محمود " للاستاذ محمد العمدة .
يقول الاستاذ محمد العمدة فى كتابه ( ثنائية الوجود ) بأن الله سبحانه وتعالى موجود منذ الأزل . أى بلا بداية ولم يكن معه شيىء من مخلوقاته على الاطلاق وماسواه هو العدم ., ثم أنه سبحانه خلق الكون بما فيه من مخلوقات بعد أن مر حين من الدهر لم تكن تلك المخلوقات شيئا مذكورا .,فتلك الموجودات وتلك المخلوقات لاتتصف بالأزلية ., ومن يضفى على أى مخلوق من مخلوقات الله صفة الأزلية فقد أشرك مع الله غيره فى صفة من صفاته اللصيقة به دون سواه ., بل من أضفى على مخلوق صفة الأزلية فهو يقول بالضرورة أن هذا المخلوق ليس مخلوقا , لأن الذى ليس له بداية ليس له خالق كشأن رب العزة سبحانه وتعالى !! , ويواصل الاستاذ محمد العمدة ويسهب فى فكرته ويقول " الى كل يؤمن بما سلف اضع بين أيديكم فكرة ( ثنائية الوجود ) والتى تناولها الدكتور مصطفى محمود رحمه الله فى كتابيه ( الوجود والعدم والسر الاعظم والتى سار فيها على نهج الامام محى الدين بن عربى وأراد أن تكون بديلا لأحادية الوجود بغرض الوصول الى حل معضلة أزلية لدى المدارس الفلسفية الأسلامية وهى ( التسيير والتخيير ) كما سيرد فيما بعد حسب تصوره ., برغم أن علاقة القضاء والقدر ومصيره لاصعوبة فى فهمها ., ويدعى فيها الدكتور مصطفى محمود اقتباسا من افكار محى الدين بن عربى فى كتابه الشهير ( فتوحات مكية ) أن جواهر أوحقائق أو حتى ذوات المخلوقات والتى هى خيرة أو شريرة بطبيعتها موجودة مع الله منذ الأزل , أى ليس لها بداية وليس لها خالق ومن هنا جاءت التسمية ( بثنائية الوجود ) أى أن الله وذوات المخلوقات قد وجدا معا منذ الأزل وانه ليس لله سبحانه وتعالى فى ذلك أسبقية على تلك الذوات الغير مخلوقة ., تعالى الله سبحانه علوا كبيرا وشرع الاستاذ محمد العمدة الى تأصيل فكرة الوحدانية فى كتابه ودحض كل مايخالف ذلك ., لذلك جاء فى عنوان كتابه ( خطيئة ابن عربى ومصطفى محمود ) واعتمد الاستاذ العمدة فى كتابه على مصادر كثيرة لدحض تلك الافكار وان الله سبحانه خلق الكون وأوجده بعد عدم ولم يكن معه شيىءوالكون كله مخلوق محدث لم يكن له وجود قبل أن يخلقه الله سبحانه ويوجده بقدرته ., ولسوف استعرض فى منشورات قادمة مقتطفات لكتاب محمد العمدة وبعض من مقتطفات كتاب الوجود والعدم والسر الاعظم للدكتور مصطفى محمود ., ولكن ليست هاهنا المشكلة !! ولكن المشكلة بعد شهور من القرأءة فى فكر محى الدين بن عربى وفكر المدارس الفلسفية وجميع كتب وافكار الصوفية أكتشفت أن الاستاذ كان محقا لمراجعة افكار الدكتور مصطفى محمود رحمه الله ولكنه أخطأ هو ( أعنى الاستاذ محمد ) فى الزج بالأمام محى الدين بن عربى فى هذا الموضوع ., لأن من قرأ لأبن عربى جيدا ويتطلب هذا عقلا ناضجا وقلبا ناصعا وفكرا مستنيرا يجد أن الرجل استخدم اسلوب الرموز والاشارات والايحاءات المبهمة لخواص الخواص وأنه فى كل كلمة كتبها كان يذهب الى الله قديم أزلى قبل أن يخلق الكون ويوجده لافتتاح لوجوده ولانهاية لبقائه ., وإليكم ماقاله الشيخ محى الدين بن عربى فى مقدمة كتابه ( الفتوحات المكية ) ويقول الامام " أن الله تعالى إله واحد، لا ثاني له في ألوهيته مُنزّه عن الصاحبة والولد، مالك لا شريك له مَلِكٌ لا وزير له، صانع لا مدبّر معه، موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود سواه مفتقر إليه تعالى في وجوده، فالعالم كله موجود به، وهو وحده متّصف بالوجود لنفسه، لا افتتاح لوجوده، ولا نهاية لبقائه، بل وجود مطلق غير مقيّد قائم بنفسه، ليس بجوهر متحيّز فَيُقّدَّر له المكان، ولا بِعَرَضٍ فيستحيل عليه البقاء، ولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء، مقدّسٌ عن الجهات والأقطار، مرئيٌّ بالقلوب والأبصار، إذا شاء استوى على عرشه كما قاله، وعلى المعنى الذي أراده، كما أن العرش وما سواه به استوى، وله الآخرة الأولى، ليس له مثل معقول ولا دلّت عليه العقول، لا يحدّه زمان ولا يقلّه مكان، بل كان ولا مكان، وهو على ما عليه كان، خلق المتمكّن والمكان، وأنشأ الزمان، وقال أنا الواحد الحيّ لا يؤوده حفظ المخلوقات، ولا ترجع إليه صفة لم يكن عليها من صنعة المصنوعات، تعالى أن تحله الحوادث أو يحلها، أو تكون بعده أو يكون قبلها، بل يقال كان ولا شيء معه، فإن القَبْل والبَعْد من صيغ الزمان الذي أبدعه فهو القيّوم الذي لا ينام، والقهار الذي لا يُرام، ليس كمثله شيء."" اكتفى هنا بموجز ماقاله الشيخ فى مقدمة كتابه ولسوف أورد فى منشور مستقل بذاته مقدمة الشيخ بن عربى ., لا لشيىء سوى أن أثبت أن الاستاذ محمد العمدة زج بالشيخ محى بن عربى انتصارا لهوى شخصى وعام لدى الكاتب ., شخصى لأن الاستاذ محمد العمدة مثلى ومثل الكثيرون البرجماتيون الذين لايؤمنون بعلم الماورائيات والميتافيزيقا وعام لأن الشيخ على مر العصور كانت افكاره وكتبه تناولها الكثير من الفقهاء والأمة بالنقد والتقريع واحيانا اتهامه بالردة والتكفير لصعوبة اسلوبه وغموض معانيه وعمق اشاراته ودلالاته ,., وانا هنا لست مدافعا عن الشيخ بن عربى ولست أهلا لذلك ولكن احقاقا للحق الدكتور مصطفى محمود والشيخ بن عربى من مدرستين فكريتين مختلفتين تماما ومن موقعين فكرين بعيد البعد تماما ناهيك على أن كلاهما من زمنين مختلفين تمام الاختلاف ., ولسوف نلقى الضوء أكثر واكثر فى منشورات قادمة بإذن الله تعالى وحوله ....................
سعيد الكوممباوى

ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق