السبت، 25 أكتوبر 2025

قراءة تحليلية لكتاب ثنائية الوجود ( ٢)

قراءة تحليلية لكتاب ثنائية الوجود ( ٢ )

أولا يجب أن نعطى كل ذى حق حقه وننزل الناس منازلهم ومصداقا لقوله تعالى " ولاتنسوا الفضل بينكم ., يجب أن نشيد ونفتخر بكاتبنا الرائع الاستاذ محمد العمدة وانه لشرف وعلو منزلة لبلدتنا المباركة أن يكون لدينا كاتب مبدع يمتلك شجاعة فائقة على الكتابة والبحث واصطياد الافكار الابداعية وكما فعل سلفا فى كتابه الشهير ( قسطنطين امبراطور التوحيد الاسلامى ) جاء اليوم بفكرة جديدة فى كتابه ( ثنائية الوجود ) والذى استمتعت بقراءته عدة مرات ., وهالنى واسعدنى سعادة بالغة بقدرته على تقديم رؤى جديدة وفريدة والابتعاد عن تقليد الأخرين فى الاعمال الفكرية والإبداعية ., ولاحظت اهتمامه الكبير بالتفاصيل وقدرته الفائقة على البحث والتحليل علاوة على التطرق بشجاعة منقطعة النظير لموضوعات فريدة قد حيرت العقول والافهام من قبل , لاستكشاف واستجلاء الحقائق وكشف اللثام عن جوانب لم يكتشفها من سبقوه ., ثانيا كتاب ( ثنائية الوجود ) وعدد صفحاته مائتان واربعون صفحة بطباعة فاخرة وتم طبعه بدار نشر ( كتبنا kotobna ) ويحتوى على اربعة عشرة فصلا واستهل كاتبنا كتابه برسالة لروح والده ووالدته رحمهما الله ثم علاوة على اهداء وخاتمة ., فى الفصل الاول تناول بإستفاضة " ثنائية الوجود خطيئة ابن عربى ومصطفى محمود " وكان هجومه ونقده يصب بجام غضبه واستنكاره على الدكتور مصطفى محمود رحمه الله فى أغلب السطور وبرغم أن تلك الخطيئة التى ارتكبها الدكتور مصطفى محمود والتى أوردها فى تأملاته عن جواهر وذوات المخلوقات الموجودة مع الله ولها صفة القدم والأزلية ماهى الا نتاج عقلى ضال انتجه الدكتور مصطفى محمود قبل رحلته مابين الشك والايمان وتراجع عنه أواخر ايامه و بحثت كثيرا فى هذه النقطة وتأكدت من ذلك ., ثم جاءت فكرة " ثنائية الوجود التى تخالف عقيدة التوحيد فى فصل الكتاب الثانى " ثم أورد كاتبنا أراء ابن قيم الجوزية والامام ابوحامد الغزالى فى فلسفة وفكر ابن عربى وقدم الوجود واعتبار أن كلامه افك وانه زنديق ملحد ولايتصور أن يثنى أحدا على افكاره إلا كافر ملحد أو جاهل ضال ., دعم كاتبنا ضلالة ابن عربى بالامامين العظيمين ابن قيم الجوزية وابوحامد الغزالى ., ونسى جهلا أو متعمدا أن هناك كثير من الأمة القدامى والمحدثين استحسنوا افكار محى الدين بن عربى واعتبروه امام الصوفية الأكبر امثال الرازى وابن الرشد والعز بن عبدالسلام وفريد الدين العطاروشهاب الدين السهرودى وجلال الدين الرومى وابن حجر العسقلانى والقاضى الفقيه كمال الدين الزملكانى وابوحيان الاندلسى والفقيه المحدث على بن محمد الباجى الشافعى المتوفى سنة 714 هجرية والذى له تصنيف يرد فيه على ابن القيم الجوزية وابن تيمية ايضا ., وحتى فى عصرنا الحديث هناك الكثير من دافع عن فكر بن عربى وانتفوا عنه الكفر والردة ., وانا هنا لست مدافعا عن ابن عربى ولست ممن يعتننق الفكر الصوفى ولست من انصار فلسفة الميتافزيقا والماورئيات من الاساس ., ولكنى مجرد ناقل ., وفى فصل أخر استعرض كاتبنا تطابق افكار ابن عربى مع فكر القديس توما الاكوينى., وتحدث فى فصل أخر عن الكشوفات الالهية لأبن عربى وخطورتها وتحدث عن ازلية السيد المسيح والسيدة مريم العذراء عليهما السلام فى اللاهوت المسيحى وألوهية السيدة مريم لدى الاقباط الفاتيكان والارثوذكس وفى فصل أخر تناول احكام التوحيد عند الموحد أريوس والذى كان قد سبق أن خصص له مساحة كبيرة فى كتابه قسطنطين امبراطور التوحيد الاسلامى , فى فصل اخر تكلم الاستاذ محمد العمدة عن ابداعات محى الدين بن عربى فى مجال عقيدة التوحيد فى الاسلام ., وأختتم كاتبنا كتابه بفكرة " أن الله قد خلق الانسان على صورته " الكتاب فى فكرته عبارة عن قنبلة فكرية قادرة على توليد الأفكار الجديدة وتحويل مسار النقاشات والابحاث بشكل فريد واحداث ثورة فى طريقة النظر والبحث فى موضوع قد قتل بحثا قديما واستهلك الأقدمون كل مالديهم من أدوات فى طرق البحث والتفكير وسارت عليه جدليات سرمدية وحروب فكرية مابين فريق مؤيد وأخر معارض ., واحتاج اليوم لطريقة جديدة ابداعية تساعد على خلق افكار جديدة تساعد الحيارى والمتشككين للوقوف على الحقائق الكاشفة والبراهين الساطعة كى تضع الأمور فى نصابها ., ولكنى فى النهاية وبعد قراءتى للكتاب وقراءة الكثير من افكار الامام محى الدين بن عربى وقراءة كتابى الوجود والعدم للدكتور مصطفى محمود رحمهما الله قد تبين الله بأن الاستاذ محمد العمدة كان محقا فى كثير مما كتبه فى كتابه ولكنه لم يوفق تماما فيما ورد فى تذييل عنوان كتابه بعبارة ( خطيئة ابن عربى ومصطفى محمود ) ولا أدرى كيف تتملكنى الشجاعة الادبية الأن كى اراجع الكاتب فى هذه العبارة بالذات ., ولكننى لدى قناعات ومعتقدات فكرية نشأت عليه منذ أن كنت أحبو صغيرا فى عالم القراءة والمطالعة فى جميع صنوف الكتب والادب ., وهى ترتكز على مقولة قرأتها للفليسوف الصينى قديما ( سأفتح نوافذى للرياح على ألا تقتلعنى من مكانى ) والمقصود هنا رياح الافكار والمعتقدات طالما أنا ثابت وعلى يقين مما أعتنق من افكار ., وهناك ملايين بل مليارات الافكار السليمة منها والشاذة والتى تبناها فلاسفة عرب ومسلمين وغربيون طرحت الفكر السليم منه والسقيم والسوى والغير مقبول والمفيد منها والضال المضل ., وهناك افكار فيها الكفر البواح الذى يجب دحضه وانكاره ., وهناك الافكار التى تحمل مضامين كثيرة ورموز واشارات عديدة وظاهرها ليس كباطنها ., وهذا كان منهاج الامام محى الدين بن عربى فى جميع تصانيفه وكتبه ., يجعل مراهقى الفكر فى حيرة مما يقرأون وبرعونة شديدة يذهبوا الى زندقته وتكفيره ., ولدى ايمان بأن كل كاتب وكل اديب وكل مفكر من الذين مروا على تاريخ البشرية دأبوا واجتهدوا وانتجوا لنا من عصارة افكارهم لأصلاح العالم والبشرية وماأشبههم بأنبياء يرفعون بشعلة العلم والنور لإصلاح العالم وتقديم افكارا تعالج واقعهم مثلما حدث فى الثورة الفكرية فى عصر التنوير والذين اشعلوا ثورة العقل والعلم والحرية والتسامح واعقب ذلك ثورة صناعية وتكنولوجية هائلة أدت لما نحن فيه الان من تقدم ورقى ., ولا أجد هنا أعظم من ابن عربى والدكتور مصطفى محمود فيما اسهموا بأفكارهم لرقى ورفعة وسمو البشرية  ومن الاجحاف والظلم تخطيئهم وزجرهم ووضعهم فى مواضع لاتليق بمكانتهم الساطعة الرائعة والله يعلم وأنتم لاتعلمون ., وفى النهاية سنترك المجال فى هذا المنشور المتواضع لكاتبنا ومفكرنا العبقرى الاستاذ محمد العمدة كى يطلعنا ويفيدنا بما لم نستوعبه ونفهمه من بين سطوره ويزيل عنا غمامة الجهل وغشاوة الألتباس  وكى نستفاد من علمه وفكره نفعنا الله بعلمه ., والله الموفق لرفعة كلمة الحق وراية التوحيد ..

سعيد الكوممباوى فى 22 اكتوبر 2025



قراءة تحليلية لكتاب ثنائية الوجود (١)

قراءة تحليلية لكتاب ثنائية الوجود ( ١ )

بقلم الأستاذ سعيد الكوممباوي

 موجز فكرة كتاب " ثنائية الوجود خطيئة ابن عربي ومصطفى محمود " للاستاذ محمد العمدة .

يقول الاستاذ محمد العمدة فى كتابه ( ثنائية الوجود ) بأن الله سبحانه وتعالى موجود منذ الأزل . أى بلا بداية  ولم يكن معه شيىء من مخلوقاته على الاطلاق وماسواه هو العدم ., ثم أنه سبحانه خلق الكون بما فيه من مخلوقات بعد أن مر حين من الدهر لم تكن تلك المخلوقات شيئا مذكورا .,فتلك الموجودات وتلك المخلوقات لاتتصف بالأزلية ., ومن يضفى على أى مخلوق من مخلوقات الله صفة الأزلية فقد أشرك مع الله غيره فى صفة من صفاته اللصيقة به دون سواه ., بل من أضفى على مخلوق صفة الأزلية فهو يقول بالضرورة أن هذا المخلوق ليس مخلوقا , لأن الذى ليس له بداية ليس له خالق كشأن رب العزة سبحانه وتعالى !! , ويواصل الاستاذ محمد العمدة ويسهب فى فكرته ويقول " الى كل يؤمن بما سلف اضع بين أيديكم فكرة ( ثنائية الوجود ) والتى تناولها الدكتور مصطفى محمود رحمه الله فى كتابيه ( الوجود والعدم والسر الاعظم والتى سار فيها على نهج الامام محى الدين بن عربى وأراد أن تكون بديلا لأحادية الوجود بغرض الوصول الى حل معضلة أزلية لدى المدارس الفلسفية الأسلامية وهى ( التسيير والتخيير )  كما سيرد فيما بعد حسب تصوره ., برغم  أن علاقة القضاء والقدر ومصيره لاصعوبة فى فهمها ., ويدعى فيها الدكتور مصطفى محمود اقتباسا من افكار محى الدين بن عربى فى كتابه الشهير ( فتوحات مكية ) أن جواهر أوحقائق أو حتى ذوات المخلوقات والتى هى خيرة أو شريرة بطبيعتها موجودة مع الله منذ الأزل , أى ليس لها بداية وليس لها خالق ومن هنا جاءت التسمية ( بثنائية الوجود ) أى أن الله وذوات المخلوقات قد وجدا معا منذ الأزل وانه ليس لله سبحانه وتعالى فى ذلك أسبقية على تلك الذوات الغير مخلوقة ., تعالى الله سبحانه علوا كبيرا وشرع الاستاذ محمد العمدة الى تأصيل فكرة الوحدانية فى كتابه ودحض كل مايخالف ذلك ., لذلك جاء فى عنوان كتابه ( خطيئة ابن عربى ومصطفى محمود ) واعتمد الاستاذ العمدة فى كتابه على مصادر كثيرة لدحض تلك الافكار وان الله سبحانه خلق الكون وأوجده بعد عدم ولم يكن معه شيىءوالكون كله مخلوق محدث لم يكن له وجود قبل أن يخلقه الله سبحانه ويوجده بقدرته ., ولسوف استعرض فى منشورات قادمة مقتطفات لكتاب محمد العمدة وبعض من مقتطفات كتاب الوجود والعدم والسر الاعظم للدكتور مصطفى محمود ., ولكن ليست هاهنا المشكلة !! ولكن المشكلة بعد شهور من القرأءة فى فكر محى الدين بن عربى وفكر المدارس الفلسفية وجميع كتب وافكار الصوفية أكتشفت أن الاستاذ كان محقا لمراجعة افكار الدكتور مصطفى محمود رحمه الله ولكنه أخطأ هو ( أعنى الاستاذ محمد ) فى الزج بالأمام محى الدين بن عربى فى هذا الموضوع ., لأن من قرأ لأبن عربى جيدا ويتطلب هذا عقلا ناضجا وقلبا ناصعا وفكرا مستنيرا يجد أن الرجل استخدم اسلوب الرموز والاشارات والايحاءات المبهمة لخواص الخواص وأنه فى كل كلمة كتبها كان يذهب الى الله قديم أزلى قبل أن يخلق الكون ويوجده لافتتاح لوجوده ولانهاية لبقائه ., وإليكم ماقاله الشيخ محى الدين بن عربى فى مقدمة كتابه ( الفتوحات المكية ) ويقول الامام " أن الله تعالى إله واحد، لا ثاني له في ألوهيته مُنزّه عن الصاحبة والولد، مالك لا شريك له مَلِكٌ لا وزير له، صانع لا مدبّر معه، موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود سواه مفتقر إليه تعالى في وجوده، فالعالم كله موجود به، وهو وحده متّصف بالوجود لنفسه، لا افتتاح لوجوده، ولا نهاية لبقائه، بل وجود مطلق غير مقيّد قائم بنفسه، ليس بجوهر متحيّز فَيُقّدَّر له المكان، ولا بِعَرَضٍ فيستحيل عليه البقاء، ولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء، مقدّسٌ عن الجهات والأقطار، مرئيٌّ بالقلوب والأبصار، إذا شاء استوى على عرشه كما قاله، وعلى المعنى الذي أراده، كما أن العرش وما سواه به استوى، وله الآخرة الأولى، ليس له مثل معقول ولا دلّت عليه العقول، لا يحدّه زمان ولا يقلّه مكان، بل كان ولا مكان، وهو على ما عليه كان، خلق المتمكّن والمكان، وأنشأ الزمان، وقال أنا الواحد الحيّ لا يؤوده حفظ المخلوقات، ولا ترجع إليه صفة لم يكن عليها من صنعة المصنوعات، تعالى أن تحله الحوادث أو يحلها، أو تكون بعده أو يكون قبلها، بل يقال كان ولا شيء معه، فإن القَبْل والبَعْد من صيغ الزمان الذي أبدعه فهو القيّوم الذي لا ينام، والقهار الذي لا يُرام، ليس كمثله شيء."" اكتفى هنا بموجز ماقاله الشيخ فى مقدمة كتابه ولسوف أورد فى منشور مستقل بذاته مقدمة الشيخ بن عربى ., لا لشيىء سوى أن أثبت أن الاستاذ محمد العمدة زج بالشيخ محى بن عربى انتصارا لهوى شخصى وعام لدى الكاتب ., شخصى لأن الاستاذ محمد العمدة مثلى ومثل الكثيرون البرجماتيون الذين لايؤمنون بعلم الماورائيات والميتافيزيقا وعام لأن الشيخ على مر العصور كانت افكاره وكتبه تناولها الكثير من الفقهاء والأمة بالنقد والتقريع واحيانا اتهامه بالردة والتكفير لصعوبة اسلوبه وغموض معانيه وعمق اشاراته ودلالاته ,., وانا هنا لست مدافعا عن الشيخ بن عربى ولست أهلا لذلك ولكن احقاقا للحق الدكتور مصطفى محمود والشيخ بن عربى من مدرستين فكريتين مختلفتين تماما ومن موقعين فكرين بعيد البعد تماما ناهيك على أن كلاهما من زمنين مختلفين تمام الاختلاف ., ولسوف نلقى الضوء أكثر واكثر فى منشورات قادمة بإذن الله تعالى وحوله .................... 

سعيد الكوممباوى



الاثنين، 6 أكتوبر 2025

عاصمة الإمبراطورية الرومانية تنتفض من أجل غزة

 #عاصمة_الإمبراطورية_الرومانية_تنتفض_من_أجل_غزة

ألم أقل لكم أن الشمس أشرقت من المغرب، وأن القيامة أوشكت، قال الله عز وجل:

( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا )

سورة النساء ـ ١٤٥


الفأر قطع ذيله ليهرب من السجن

 #الفأر_قطع_ذيله_ليهرب_من_السجن

هذه قصة حقيقية يشهد الله عز وجل على حدوثها منذ أيام قليلة.

تسلل فأر إلى بيتي، وتسبب في حالة ذعر في المنزل، كلما خرج من غرفة ليتجول في المنزل علت أصوات صياح أبنائي وبدأوا في الطيران، كل واحد في اتجاه حتى لا يعرقل بعضهم بعضا .

جربنا الأوراق اللاصقة، لكن يبدو أن الفأر كان يعرف حقيقة هذا الاختراع، وأخيرا أحضرنا المصيدة ووضعنا فيها واحدة طماطم، ووقع الفأر في المصيدة، وأحاطت به أسوارها من جميع الجهات.

دخلت أنا وأبنائي إلى الغرفة التي اعتقل فيها الفأر، فوجدناه يتحرك بأقصى سرعة في جميع الاتجاهات ويرتطم بكل جانب من جوانب المصيدة، فيرتد ليجري في اتجاه آخر فيرتطم بجانب آخر من جوانبها، واستمر على هذا الحال دون توقف أو كلل أو ملل، وأحيانا كان يتوقف ويحاول أن يقرض حديد المصيدة بأسنانه.

بدأت أنا وأبنائي نفكر: ماذا سوف نصنع به؟

قال أحدنا: أنا سمعت أنه يتم قنله بالماء الساخن، وقال آخر: كلا يتم قتله بالسم ، فقلت لهم: أعتقد أن هذه الوسائل القاسية محرمة، أرى أن نطلق سراحه في منطقة خالية ليس بها منازل، وبحثنا في مواقع التواصل الاجتماعي عن فتوى، واستقر الحوار على اقتراحي.

بدأت أنا وابني نفكر : من الذي سيتطوع #الفأر_قطع_ذيله_ليهرب_من_السجن

هذه قصة حقيقية يشهد الله عز وجل على حدوثها . 

منذ أيام قليلة تسلل فأر إلى بيتي، وتسبب في حالة ذعر في المنزل، كلما خرج من غرفة ليتجول في المنزل علت أصوات صياح أبنائي وبدأوا في الطيران، كل واحد في اتجاه حتى لا يعرقل بعضهم بعضا .

جربنا الأوراق اللاصقة، لكن يبدو أن الفأر كان يعرف حقيقة هذا الاختراع، وأخيرا أحضرنا المصيدة ووضعنا فيها واحدة طماطم، ووقع الفأر في المصيدة، وأحاطت به أسوارها من جميع الجهات.

دخلت أنا وأبنائي إلى الغرفة التي اعتقل فيها الفأر، فوجدناه يتحرك بأقصى سرعة في جميع الاتجاهات ويرتطم بكل جانب من جوانب المصيدة، فيرتد ليجري في اتجاه آخر فيرتطم بجانب آخر من جوانبها، واستمر على هذا الحال دون توقف أو كلل أو ملل، وأحيانا كان يتوقف ويحاول أن يقرض حديد المصيدة بأسنانه.

بدأت أنا وأبنائي نفكر: ماذا سوف نصنع به؟

قال أحدنا: أنا سمعت أنه يتم قنله بالماء الساخن، وقال آخر: كلا يتم قتله بالسم ، فقلت لهم: أعتقد أن هذه الوسائل القاسية محرمة، أرى أن نطلق سراحه في منطقة خالية ليس بها منازل، وبحثنا في مواقع التواصل الاجتماعي عن فتوى، واستقر الحوار على اقتراحي.

بدأت أنا وابني نفكر : من الذي سيتطوع فينا بحمل المصيدة؟، أبعدنا الفتيات، وقلنا لهن: اذهبن بعيدا عن هذه الغرفة، فالأمر جد خطير، ربما تنفتح المصيدة ويهرب الفأر وتتعرضن لمخاطر جسيمة، واستجبن للطلب وخرجن من الغرفة مسرعات، وجلسن في الصالة متأهبات للهرب في حال لو أفلت الفأر.

بدأت المشاجرة بيني وبين ابني محمود: من الذي سيحمل المصيدة، كل منا يخشى عضة الفأر، حيث يقال أنها تحتاج إلى حقن مثل عضة الكلب، وأخيرا أحضرت كيس غطيت به جانبا من المصيدة ويداي ترتعش بقوة حتى أوشكت المصيدة أن تسقط من يدي ويهرب الفأر ويضيع الحلم العربي بالسيطرة على الفأر، ثم وضعت المصيدة في كارتونة، وانطلقت إلى الشارع وابني خلفي وفي ظهري لكي يؤمن العملية. 

وفي الشارع وجدنا أحد الأقارب بسيارته، ووضعنا الفأر في شنطة السيارة وصاحبها يقول: يا رب استرها ، وعلى وجهه علامات الهلع خشية أن ينطلق الفأر من المصيدة في شنطة السيارة ومنها إلى كابينة القيادة.

وصلنا إلى الربع الخالي، ووقفت أنا وابني خلف حجر كبير لنفتح باب المصيدة في الناحية الأخرى من الحجر خشية أن ينطلق الفأر فيدخل في جلباب أحدنا.

وأخطر ما لفت نظري في الأحداث وأشهدت الله عز وجل على حدوثه، أنني وبعد أن تحليت بأقصى درجات الشجاعة وفتحت باب المصيدة بصعوبة، كان ذيل الفأر قد دخل في احدى فتحات باب المصيدة ، فإذا بالفأر والله أعلم يضغط بأرجله الخلفية بكل قوة حتى يقفز من المصيدة ويعود حرا طليقا بعيدا عن أسوار المصيدة الكئيبة التي ظل محبوسا فيها حبسا انفراديا بضعا من الساعة ، نعم بضعا من الساعة، ومع ذلك لم يتحملها، وساءت خلالها حالته النفسية لدرجة أنه ضحى بجزء من جسمه حتى يسترد حريته .

إلى هذا الحد يعشق الفأر الحرية، إلى هذا الحد يكره القيد حتى ضحى بذيله ليسترد حريته؟

إذا كان هذا هو حال الفأر، فما هي أحوال آلاف البشر ، وربما ملايين البشر المحبوسون منفردين في المصائد البشرية التي اكتظت بها أوطاننا العربية .

اللهم لا تكتب السجن على أحد، اللهم حرر المعتقلين في كل مكان لاسيما الأبرياء ، فإن تجربة السجن هي أقسى تجربة يمر بها إنسان، ومن قسوتها لم يتحملها الفأر لمدة ساعة فاختار أن يعيش بلا ذيل على أن يعيش سجينا .

اللهم إنك قلت وقولك الحق ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك ـ ١٤، اللهم فك أسر المعتقلين، وانصر أهل غزة واكشف عنهم الضر، وحررهم من بلطجية العالم ..فينا بحمل المصيدة؟، أبعدنا الفتيات، وقلنا لهن: اذهبن بعيدا عن هذه الغرفة، فالأمر جد خطير، ربما تنفتح المصيدة ويهرب الفأر وتتعرضن لمخاطر جسيمة، واستجبن للطلب وخرجن من الغرفة مسرعات، وجلسن في الصالة متأهبات للهرب في حال لو أفلت الفأر.

بدأت المشاجرة بيني وبين ابني محمود: من الذي سيحمل المصيدة، كل منا يخشى عضة الفأر، حيث يقال أنها تحتاج إلى حقن مثل عضة الكلب، وأخيرا أحضرت كيس غطيت به جانبا من المصيدة ويداي ترتعش بقوة حتى أوشكت المصيدة أن تسقط من يدي ويهرب الفأر ويضيع الحلم العربي بالسيطرة على الفأر، ثم وضعت المصيدة في كارتونة، وانطلقت إلى الشارع وابني خلفي وفي ظهري لكي يؤمن العملية. 

وفي الشارع وجدنا أحد الأقارب بسيارته، ووضعنا الفأر في شنطة السيارة وصاحبها يقول: يا رب استرها ، وعلى وجهه علامات الهلع خشية أن ينطلق الفأر من المصيدة في شنطة السيارة ومنها إلى كابينة القيادة.

وصلنا إلى الربع الخالي، ووقفت أنا وابني خلف حجر كبير لنفتح باب المصيدة في الناحية الأخرى من الحجر خشية أن ينطلق الفأر فيدخل في جلباب أحدنا.

وأخطر ما لفت نظري في الأحداث وأشهدت الله عز وجل على حدوثه، أنني وبعد أن تحليت بأقصى درجات الشجاعة وفتحت باب المصيدة بصعوبة، كان ذيل الفأر قد دخل في احدى فتحات باب المصيدة ، فإذا بالفأر والله أعلم يضغط بأرجله الخلفية بكل قوة حتى يقفز من المصيدة ويعود حرا طليقا بعيدا عن أسوار المصيدة الكئيبة التي ظل محبوسا فيها حبسا انفراديا بضعا من الساعة ، نعم بضعا من الساعة، ومع ذلك لم يتحملها، وساءت خلالها حالته النفسية لدرجة أنه ضحى بجزء من جسمه حتى يسترد حريته .

إلى هذا الحد يعشق الفأر الحرية، إلى هذا الحد يكره القيد حتى ضحى بذيله ليسترد حريته؟

إذا كان هذا هو حال الفأر، فما هي أحوال آلاف البشر ، وربما ملايين البشر المحبوسون منفردين في المصائد البشرية التي اكتظت بها أوطاننا العربية .

اللهم لا تكتب السجن على أحد، اللهم حرر المعتقلين في كل مكان لاسيما الأبرياء ، فإن تجربة السجن هي أقسى تجربة يمر بها إنسان، ومن قسوتها لم يتحملها الفأر لمدة ساعة فاختار أن يعيش بلا ذيل على أن يعيش سجينا .

اللهم إنك قلت وقولك الحق ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك ـ ١٤، اللهم فك أسر المعتقلين، وانصر أهل غزة واكشف عنهم الضر، وحررهم من بلطجية العالم ..



الخميس، 13 مارس 2025

مريم الإلهة بين الفاتيكان والأدب الكاثوليكي

 #كتابي_الجديد_في_معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب

وقعت في يدي بمحض الصدفة رواية "By the River Piedra I sat Down and Wept" ، "على ضفاف نهر بييدرا جلست وبكيت" للروائي البرازيلي الكاثوليكي المعروف باولو كويلو . 


باولو كويلو كتب روايته بلغته الأصلية "البرتغالية" ونشرها عام 1994م، وترجمها الكاتب Alan R. Clarke "ألان كلارك"من اللغة البرتغالية إلى الإنجليزية ، وأثناء قراءتي للرواية لاحظت أنها تروج لألوهية السيدة مريم العذراء رضي الله عنها وأرضاها .


ولما كانت السيدة مريم تخص المسلمين كما تخص المسيحيين، ولما كانت روايات باولو كويلو تُترجم إلى اللغة العربية وتُنشر في كثير  من البلدان العربية ، كان لزاما علي أن أناقش ما تم طرحه من معتقدات تتعلق بها.


تحولت من مرحلة القراءة للرواية إلى ترجمتها ترجمة دقيقة حتى أتبين ما يعتقده باولو كويلو بخصوص السيدة مريم ، كما بدأت في ذات الوقت دراسة العلوم المريمية التي يعتنقها الفاتيكان باعتباره المرجعية الدينية الأساسية للطائفة الكاثوليكية التي ينتمي لها باولو كويلو.


ونتائج البحث أنشرها لكم في هذا الكتاب ( مريم الإلهة بين الفاتيكان والأدب الكاثوليكي ) لتستمتعوا برواية باولو كويلو العاطفية الشيقة "على ضفاف نهر بييدرا جلست وبكيت" ، لنكتشف سويا: 

هل هدف الرواية هو الترويج لألوهية السيدة مريم العذراء من عدمه ؟ ، وهل تتفق الرواية فيما صرحت به عن مريم العذراء مع نتائج العلوم المريمية التي يعتنقها الفاتيكان ؟ ، هل تتفق مع القرارات التي أصدرها مجمع الآباء الكاثوليك ؟

من يرغب في شراء الكتاب عبر البريد ، فإن رابط إرسال طلب الشراء على بوست دار نشر ( كتبنا ) أدناه .

                                            د محمد محمود العمدة

الخطر الشيعي على الأمن القومي العربي

 

#إلى_من_يتباكون_على_بشار_الأسد
#الخطر_الشيعي_مسألة_أمن_قومي
في الوقت الذي حول فيه بشار سوريا إلى جحيم ، وحول الشعب السوري إلى أشلاء، كان يحظى بدعم كبير من بعض الحكام العرب لدرجة أنهم دعوه لحضور القمة العربية الأخيرة دون  أدني مراعاة لمشاعر الشعب السوري ، بل دون أدنى مراعاة لمشاعر الشعوب العربية جميعها .

وعندما كان الحشد الشعبي الشيعي يرتكب أفظع الجرائم في حق أهل السنة في سوريا ، كان أيضا يحظى بترحيب وتأييد حكومات عربية ، وشاهدنا فنانين وممثلين مصريين يذهبون إلى سوريا لتشجيعهم على الاستمرار في مجازرهم .

عندما نرى هذا التأييد الكاسح لطائفة الشيعة ضد السنة في أي دولة عربية، وعندما نرى حكومات عربية تتباكى على رحيل بشار الأسد وشيعته فهذا يدل على جهل هؤلاء جميعا بالخطر الشيعي ، رغم أنه خطر كبير يهدد كل الشعوب العربية حكاما ومحكومين .

كنت قد نشرت مقالين عن هذا الأمر ، وأعيد الآن نشرهما ، لعل من لا يعرفون أن الخطر الشيعي من أهم مسائل الأمن القومي المصري والعربي يتنبه لهذا الخطر، ويمنح تأييده لمن يستحق هذا التأييد، وهذا مشروط بحسن نيتهم، أما إن كانوا يؤيدون بشار لدرجة الحزن على رحيله وهم على علم بخطورته وخطورة شيعته فهذه كارثة كبرى لا حل لها إلا من الله عز وجل الذي يدبر الأمر في السماوات والأرض.
وإليكم المقالين :
                            #المقال_الأول
                  
                   #كيف_أشعل_الخميني_الثورة_الإيرانية

لا جدال في أن الخميني هو صانع الثورة الإيرانية ، وأن كتابه " الحكومة الإسلامية " والذي يسميه البعض " ولاية الفقيه " كان خريطة طريق الثورة التي سار الثوار الإيرانيون على نهجها .

لقد استطاع الخميني أن يصنع ثورة استنادا إلى عقيدة باطلة ، وهي عقيدة الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، تلك العقيدة القائمة على أن وجود إمام يحكم المسلمين بعد وفاة النبي ( ص ) هو فريضة إسلامية ، الإمام إذن عند الشيعة هو من يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن سبقه من الأنبياء كانوا حجة على الناس لأنهم أبلغوا الرسالة، فكذلك لابد من إمام في كل زمن ليكون حجة علي الناس، ولا يخلو عندهم زمن من الأزمان من الحجة .

الإمام عندهم معصوم من كل خطأ صغيرا كان أو كبيرا ، والإمام موصوف بأوصاف تكاد أن تجعل منه إلها أو بالأدنى موصوفا بصفات إلهية، فهو يعلم الغيب، وهو يجمع العلوم من عهد آدم وحتي تقوم الساعة، وهو لا يخطئ ، والإمام لا يختاره المسلمون، وأنّى لهم أن يختاروه، وإنما يختاره ربه .

وتعيين الإمام الأول من منظورهم " سيدنا علي بن أبي طالب " تم بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أوصى سيدنا علي بن أبي طالب لابنيه الحسن والحسين رضي الله عنهما وحفيده علي بن الحسين ، وهكذا يوصي كل إمام لمن بعده .

وحين سقطت نظرية الإمامة - وهي ساقطة منذ وضعها - والتي كانت تزعم أن الإمامة سوف تظل تنتقل في ذرية سيدنا علي حتى يوم القيامة - باختفاء الإمام الثاني عشر وانقطاع سلسلة توريث الأئمة - ، تحول الإمام الثاني عشر إلى شخصية أسطورية اختفت لتعود يوما ما لتملأ الأرض عدلا ورخاءً " المهدي المنتظر ".

بعض مراجع الشيعة تفيد أن الإمام الحادي عشر لم ينجب ولدا مما أثار حيرة الشيعة بشأن نظرية الإمامة التي ابتدعوها وتصوروا أنها سوف تظل مستمرة ليوم القيامة في ذرية سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والبعض يقول أنه أنجب ولدا أسماه محمد وهو الإمام الثاني عشر لكنه اختفى في صغره .

بعد اختفاء الإمام الثاني عشر محمد بن علي بن الحسن عام ٢٦٠ه‍ فيما سمي عند الشيعة بالغيبة الصغرى ثم الكبرى ، أصبح الشيعة في مأزق لاسيما بعد أن طالت غيبته قرابة الألف عام أو يزيد وهم يرون أن الدين لا يقوم إلا بالإمام  .

ولكي يحل الشيعة الإثنى عشرية هذه المشكلة ادعوا أن الإمام الثاني عشر لم يمت وأنه غائب ، وأنه هو المهدي المنتظر الذي سيظهر آخر الزمان .

ورغم ذلك استمرت مشكلة الشيعة الإثنى عشرية قائمة طيلة ألف عام، كيف نقيم الدين بدون إمام ، إلى أن تمكن الخميني من حل هذه المعضلة في كتابه " الحكومة الإسلامية ".

كتاب " الحكومة الإسلامية " عبارة عن ثلاث عشرة محاضرة ألقاها على طلّاب العلوم الدينيّة في النجف عام ١٩٦٩م تحت عنوان "ولاية الفقيه".

وفي عام ١٩٧٠م طُبعت هذه المحاضرات في بيروت من قِبَل أنصار الخميني ، ثمّ أُرسلت إلى إيران سراً ، كما أُرسلت في الوقت نفسه إلى أوروبا وأمريكا وصولاً إلى أفغانستان وباكستان.

وفي عام ١٩٧٧م طُبع كتاب " الحكومة الإسلامية " في إيران ولكن تحت اسم: " رسالة من الإمام الموسويّ كاشف الغطاء .

الكتاب كما قلنا حل مشكلة الإمام الغائب ، حيث جعل الفقهاء هم البديل عن الإمام حتى يعود ، وعلى حد قول الخميني:
" كل ما ثبت للرسول ( ص ) وللأئمة من بعده يثبت للفقيه " ،
ثم وضع تصورا للحكومة الإسلامية قائما على ولاية الفقيه ، كما وضع تصورا للحكومة الإسلامية في ظل فكرة " ولاية الفقيه " .

كانت إيران تحت حكم الشاه / محمد رضا بهلوي الموصوف بالعمالة لأمريكا حين أصدر الخميني كتاب " الحكومة الإسلامية ".
وبعد أن وضع الخميني في كتابه أفكاره عن الحكومة الإسلامية والثورة السياسية أخبر الشباب بأن تشكيل هذه الحكومة هي مهمتهم ، حيث يقول :
وقد طرحنا الموضوع على بساط البحث ، فعلى أجيال الغد أن تتعمّق بعزمٍ وثبات وروح مثابرة لا سبيل لليأس والقنوط إليها، وسيوفّقون بإذن الله إلى التوصّل إلى تشكيل الحكومة ، وتنظيم سائر الشؤون بتبادل وجهات النظر المخلصة الموضوعيّة النزيهة ، وتتسلّم بإذن الله أعمال الحكومة الإسلاميّة أيدٍ أمينة عارفة خبيرة وحكيمة رساليّة ذات عقيدة راسخة ، وتقطع أيدي الخونة الّتي تمتدّ إلى الحكم أو الوطن أو بيت مال المسلمين ، وإنّ الله على نصرهم لقدير.

جعل الخميني مطلب الاستقلال والتحرر من هيمنة الدول الاستعمارية على رأس أسباب الثورة ، وتحدث عن ذلك في العديد من المواضع ، حيث يقول :
- وبعد ذلك أيضاً اتفق المستعمرون الأمريكيون وغيرهم مع الانجليز ، وساروا معاً مشتركين في تطبيق هذه المخططات . عندما كنت في همدان ـ في وقت ما ـ أراني أحد طلاب الحوزة ورقة كبيرة قد وضعت عليها علامات بالأحمر. وحسب قوله فإنّ هذه العلامات الحمراء إشارات إلى الثروات الطبيعية المخزونة الموجودة في إيران ، والتي قد اكتشفها الخبراء الأجانب .
درس الخبراء الأجانب بلادنا ، وتعرفوا إلى أماكن وجود ثرواتنا الطبيعية من ذهب ونحاس ونفط وغير ذلك . وفهموا نفسياتنا ، ووزنوا مستوى روحية الأشخاص في بلادنا . وعلموا أن الشيء الوحيد الذي يشكل سدّاً في مقابلهم ، ويمنع خططهم من التنفيذ ، هو الإسلام وعلماؤه .
لقد تعرف هؤلاء إلى قوة الإسلام الذي وصلت سيطرته إلى أوربا ، وعلموا أنّ الإسلام الحقيقي معارض لما يريدون . كما أدركوا أيضاً أنهم لا يستطيعون الهيمنة على علماء الدين الحقيقيين والتصرف بفكرهم ، لذا سعوا من البداية لإزالة هذه الشوكة من طريق سياستهم ، وإلى إضعاف الإسلام والقضاء على مؤسسة علماء الدين ، وقاموا بذلك أيضاً من خلال دعايات السوء بنحو صار فيه الإسلام يبدو بنظرنا هذه الأيام أنه لا يتجاوز عدة مسائل .
- وقد استعان المستعمرون بعملاء لهم في بلادنا من أجل تنفيذ مآربهم الاقتصاديّة الجائرة . وقد نتج عن ذلك وجود مئات الملايين من الناس جياعاً ، ويفتقدون أبسط الوسائل الصحيّة والتعليميّة ، وفي مقابلهم أفراد ذوو ثراء فاحش وفساد عريض . والجياع من الناس في كفاحٍ مستمر من أجل تحسين أوضاعهم ، وتخليص أنفسهم من وطأة جور حكّامهم المعتدين ، ولكنّ الأقليّات الحاكمة وأجهزتها الحكوميّة هي الأخرى تسعى إلى إخماد هذا الكفاح . أمّا نحن فمكلّفون بإنقاذ المحرومين والمظلومين.  نحن مأمورون بإعانة المظلومين ومناوأة الظالمين .
- ابتُليت الحركة الإسلاميّة من أوّل أمرها باليهود ، حينما بدأوا نشاطهم المضادّ ، بالتشويه لسمعة الإسلام ، والوقيعة فيه ، والافتراء عليه ، واستمرّ ذلك إلى يومنا هذا. ثمّ كان دورٌ كبير لفئاتٍ يُمكن أن تُعتبر أشدّ بأساً من إبليس وجنوده . وقد برز ذلك الدور في النشاط الاستعماريّ الّذي يعود تاريخه إلى ما قبل ثلاثة قرون .
وقد وجد المستعمرون في العالَم الإسلاميّ ضالّتهم المنشودة ، وبغية الوصول إلى مطامعهم الاستعماريّة سعوا في إيجاد ظروف ملائمة تنتهي بالإسلام إلى العدم . ولم يكونوا يقصدون إلى تنصير المسلمين بعد إخراجهم من الإسلام ، فهم لا يؤمنون بأيٍّ منهما ، بل أرادوا السيطرة والنفوذ ، لأنّهم أدركوا دائماً وفي أثناء الحروب الصليبيّة ، أنّ أكبر ما يمنعهم من نيل مآربهم ، ويضع خططهم السياسيّة على شفا جرفٍ هار ، هو الإسلام : بأحكامه ، وعقائده ، وبما يملك الناس به من إيمان . لأجل هذا تحاملوا عليه وأرادوا به كيداً . وتعاونت على ذلك أيدي المبشِّرين ، والمستشرقين ، ووسائل الإعلام ، وكلّها تعمل في خدمة الدول الاستعماريّة ، من أجل تحريف حقائق الإسلام ، بشكلٍ جعل كثيراً من الناس ، والمثقّفين منهم بشكلٍ خاصّ ، بعيدين عن الإسلام ، ولا يكادون يهتدون إليه سبيلاً .
- المخطط هو أن يبقونا ، وعلى الحال التي نحن فيها من الحياة المنكوبة لكي يتمكنوا من استغلال ثرواتنا ومنابعنا الطبيعية وأراضينا وطاقاتنا البشرية . يريدون لنا أن نبقى غرقى في المشاكل والعجز ، وأن يبقى فقراؤنا بهذه التعاسة ، ولا يخضعوا لأحكام الإسلام التي تحل مشكلة الفقر والفقراء ، ولكي يبقوا هم وعملاؤهم في القصور الفخمة مستمرين في تلك الحياة المرفهة.
- وبالنسبة لمن يعارضون كل صوت يدعو للحياة الحرة والاستقلال من تحت هيمنة الآخرين ، وإلى منع الانجليز والأمريكان من الهيمنة علينا إلى هذه الدرجة ، وإلى مواجهة إسرائيل في اعتداءاتها على المسلمين . علينا في البدء أن ننصحهم ونوقظهم وننبههم إلى الخطر ، إلى جرائم إسرائيل من قتل وتهجير ، وإلى دعم الانجليز وأمريكا لها .
كذلك وجه الخميني النقد اللاذع لنظام شاه إيران / محمد رضا بهلوي واصفا إياه بالعمالة لدول أجنبية ، فضلا عن وصفه بالفساد والاستيلاء على ثروات الشعب ،........
- هذا أكلٌ للسحت على نطاقٍ عالميّ ، وهو منكرٌ فظيع خطر ، ليس هناك ما هو أشدّ منه فظاعةً وخطراً ونكراً . تأمّلوا في أوضاع مجتمعنا ، وفي أعمال الدولة وأجهزتها لتتبيّن لكم أشكال فظيعة من أكل السحت. فإذا حدثت زلزلة في مكانٍ ما من البلاد غَنِم بذلك الحكّام قبل المنكوبين أموالاً طائلة.  في المعاهدات والاتفاقيّات المعقودة بين الحكّام الخائنين مع الدول أو الشركات الأجنبيّة ، تنصبّ في جيوب الحكّام ملايين كثيرة ، وتنصبّ ملايين أخرى في جيوب الأجانب ، من دون أن يحصل أبناء الشعب على شيءٍ من ثروات بلادهم .  هذه أشكالٌ من أكل السحت تجري بمسمعٍ منّا ومرأى ، وما لا نعلمه كثير . ونظير ذلك يقع في الاتفاقيّات التجاريّة وامتيازات التنقيب عن النفط واستخراجه ، وامتيازات استثمار الغابات ، وسائر الموارد الطبيعيّة ، والاتفاقيّات العمرانيّة أو ما يتّصل بالمواصلات وشراء الأسلحة من الاستعماريّين الغربيّين أو الشيوعيّين.  يجب علينا أن نُقاوم أكل السحت ونهب الثروات الوطنيّة ، وهذا واجب على جميع الناس .

- وقد تطفو على سطح بعض الصحف بعض أعمال السلب والاختلاس فيما يتعلّق بالتبرّعات الخاصّة بإغاثة منكوبي الفيضانات والسيول أو الزلازل  .أحد علماء "ملاير " كان يقول : في حادثة ذهب ضحيّتها الكثيرون أرسلنا سيارة شحن مليئة بالأكفان ، إلّا أنّ المسئولين كانوا يمنعوننا في إيصالها ، ويُريدون أن يأكلوها!  لأجل هذا وأمثاله من الآثام قد ورد .

ثم يطالب الخميني العلماء بأن يقوموا بدورهم في الثورة من أجل الخلاص من الحاكم المستبد ومن ظلمه ، فيقول :
- فالله يعيب على المفرّطين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفاً وطمعاً ويقول  :﴿ فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾  . لماذا الخوف ؟ فليكن حبساً ، أو نفياً ، أو قتلاً ، فإنّ أولياء الله يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ﴾.

- فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  دعاءٌ إلى الإسلام مع ردّ المظالم ومخالفة الظالم ، فينبغي توجيه أكبر قدر من الأمر والنهي إلى العابثين بأرواح الناس وأموالهم وممتلكاتهم. 

- ماذا يضرّ لو هبّ العلماء وصاروا يداً واحدة في وجه الظلم ؟ ما ضرّهم لو اعترضوا جميعاً .......

- وإنّما عاب الله ذلك عليهم لأنّهم كانوا يرون من الظلمة الّذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك , رغبةً فيما كانوا ينالون منهم ، ورهبةً ممّا يحذرون " . فالله يعيب على المفرّطين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفاً وطمعاً ويقول : ﴿ فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾.

- وعلماء الإسلام مكلّفون بمناضلة المستغلِّين الجشعين لئلّا يكون في المجتمع سائلٌ محروم ، مقابل مرفّه جشع أصابه بطر . كيف يسوغ لنا اليوم ، أن نسكت عن بضعة أشخاص من المستغلِّين والأجانب المسيطرين بقوّة السلاح ، وهم قد حرموا مئات الملايين من الاستمتاع بأقلّ قدر من مباهج الحياة ونعمها . فواجب العلماء وجميع المسلمين أن يضعوا حدّاً لهذا الظلم ، وأن يسعوا من أجل سعادة الملايين من الناس ، في تحطيم الحكومات الجائرة وإزالتها ، ........

ويطالب الخميني الثوار بضرورة التحرك ومقاومة نظام الشاه الفاسد العميل المستبد حتي ولو لم يكن في قدرتهم الخلاص منه بشكل تام ، فالمهم عنده البدء في التحرك والاعتراض علي المظالم والاستعانة بوسائل إعلام لفضح النظام وتحريك قوي الثورة ، حيث يقول :
-  وأنتم اليوم لا تملكون القدرة على مقاومة بدع الحكّام ، أو دفع هذه المفاسد دفعاً تامّاً ، ولكن لماذا السكوت ؟ هؤلاء يُذلّونكم فاصرخوا في وجوههم على الأقل ، واعترضوا ، وأنكروا ، وكذّبوهم ، لا بُدّ في مقابل ما يملكون من وسائل النشر والإعلام أن يكون في جانبكم شيء من تلك الوسائل حتّى تُكذّبوا ما ينشرون وما يبثّون , من أجل أن تُظهروا للناس أنّ ما يدّعونه من العدالة ليس من العدالة الإسلاميّة في شيء. فالعدالة الإسلاميّة الّتي منحها الله للفرد والمجتمع والعائلة قد دُوِّنت وشُرِّعت بكلّ دقّة من أوّل يوم . يجب أن يكون لكم صوت مسموع حتّى لا تتّخذ الأجيال القادمة من سكوتكم ما يُبرِّر أعمال الظلمة من قول الإثم وأكل السحت ، وأكل أموال الناس بالباطل .

ثم يطالب الخميني الثوار بضرورة مواجهة فقهاء الملوك والسلاطين الذين يراهم ركن أصيل من أركان الفساد من خلال تضليلهم للناس ليخضعوا للحاكم العميل الفاسد المستبد ، فيقول :

- إنّ هؤلاء ليسوا فقهاء الإسلام ، والكثير منهم قد عمّمهم السافاك ( جهاز الأمن عند الشاه ) ليدعوا وليسبحوا بحمد الشاه وجلاله ، ويكون عندهم البديل فيما لو لم يتمكّنوا من إجبار أئمة الجماعة عن الحضور في الأعياد وسائر المراسم ، ولقد منحوه لقب جل جلاله مؤخراً ! هؤلاء ليسوا بفقهاء ، وباتوا معروفين والناس صارت تعرفهم . على شبابنا أن ينزعوا عمائم هؤلاء المعممين الذين يقومون بفساد كهذا في مجتمعنا باسم فقهاء الإسلام وعلمائه. لست أدري هل مات شبابنا في إيران ؟ أين هم ؟ عندما كنا هناك لم يكن الأمر كذلك . لِمَ لا ينزعون عمائم هؤلاء ؟ لم أقل اقتلوهم ، فإنهم لا يُقْتَلون . لكن انزعوا عمائمهم . إن شعبنا مكلف ، وشبابنا الغيور في إيران مكلف بعدم السماح لهؤلاء المعممين (الناطقين بجلاله) بالظهور كمعممين في أماكن تجمعنا ، وبالتحرك كمعممين بين الناس . ليس من الضروري الإكثار من ضربهم وتأديبهم ، لكن لينزعوا عمائمهم ، وليمنعوهم من الظهور بالعمائم . هذا اللباس شريف ، فلا يجب أن يرتديه أي كان .
لقد ذكرت أنّ علماء الإسلام منزَّهون عن هذه الأمور ، ولم يكونوا ـ ولا هم حالياً كذلك ـ ضمن هذه الأجهزة . وأولئك التابعون لهذه الأجهزة إنما هم من الفارغين ، الذين ألصقوا أنفسهم بالمذهب وبالعلماء ، ووضعهم مختلف ، والناس يعرفونهم .

ثم يحذر الخميني الشباب من أكاذيب النظام وتضليله فيقول :
لقد غرسوا في أذهانكم من البداية أنّ السياسة تعني الكذب وما شابه ذلك من المعاني ، لكي يبعدوكم عن أمور البلاد ، بينما يتصرفون هم كما يريدون.

ثم يطالب الثوار بمقاطعة المؤسسات الحكومية وعدم التعاون معها فيقول :
لنقطع علاقاتنا بالمؤسسات الحكومية ونمتنع عن التعاون معها ، ونرفض القيام بكل ما من شأنه أن يُعَدَّ عوناً لهم ، ونبني مؤسسات قضائية ومالية واقتصادية وثقافية وسياسية جديدة .

وأخيرا يحذر الخميني الثوار من اليأس فيقول :
يجب أن نحمل هم هذه الأمور . ولا يجب أن نيأس . لا تتصوروا أنّ هذا الأمر لا يتحقق . والله يعلم أن كفاءتكم ولياقتكم ليست بأقل من الآخرين .

وبالفعل اعتنق الشعب الإيراني فكرة الحكومة الإسلامية القائمة على فكرة ولاية الفقيه ، ونفذ خريطة طريق الثورة التي وضعها الخميني في كتاب الحكومة الإسلامية ، وقبل أن تمر عشر سنوات كان الشعب الإيراني قد أسقط الشاه / محمد رضا بهلوي ، وتم تنفيذ الحكومة الإسلامية على النحو الذي رسمه الخميني .

وللأسف لم ينجح فقط كتاب الثورة الإسلامية في إسقاط النظام الإيراني العميل وبناء نظام جديد ، بل تم  مد نفوذ ولاية الفقيه الإيراني إلى كل من سوريا والعراق بشكل كامل وبشكل جزئي في بعض الدول العربية الأخرى مثل لبنان واليمن ، على ضوء مفهوم الثورة الإسلامية التي وضعها الخميني ،

فسلطة الإمام كما ذكرنا وفقا لمذهب الشيعة الإثنى عشرية الباطل تمتد لكافة المسلمين على سطح الكرة الأرضية ، والثورة الخمينية هي لإسقاط كافة الأنظمة التي لا تخضع للإمام والولي الفقيه باعتبارها من وجهة نظره حكومات طواغيت خارجة عن الحكم الشرعي للحكومة الإسلامية الخمينية صاحبة الولاية على كل مسلمي العالم ا

                                #المقال_الثاني
              الثورة الإيرانية واحتلال إيران للدول الإسلامية .

الخميني ، تقول عنه الموسوعة الحرة :

السيد روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني ، رجل دين سياسي إيراني من مواليد ٢٤  سبتمبر ١٩٠٢م وتوفى في  ٣ يونيو ١٩٨٩م، حكم إيران في الفترة من (١٩٧٩م-١٩٨٩م) وكان فيلسوفاً ومرجعاً دينياً شيعياً أيضاً ، قاد الثورة الإيرانية حتى أطاح بالشاه محمد رضا بهلوي المعروف بالبهلوي الثاني والذي سبقه الشاه رضا بهلوي . وكان كالأب الروحي لعدد من الشيعة داخل إيران وخارجها. درجته الحوزوية آية الله وتضاف إليها العظمى لأنه بلغ الاجتهاد في نظر الشيعة وأصدر رسالته العلمية ، أي مجموعة فتاواه في العبادات والمعاملات في الإسلام.  وسمته مجلة التايم الأمريكية برجل العام في سنة ١٩٧٩م  .

ونضيف أن من مؤلفات الخميني كتاب " الحكومة الإسلامية " وهو عبارةٌ عن ثلاث عشرة محاضرة ألقاها على طلّاب العلوم الدينيّة في النجف عام ١٩٦٩م تحت عنوان "ولاية الفقيه".
وفي عام ١٩٧٠م طُبعت هذه المحاضرات في بيروت من قِبَل أنصار الخميني ، ثمّ أُرسلت إلى إيران سراً ، كما أُرسلت في الوقت نفسه إلى أوروبا وأمريكا وصولاً إلى أفغانستان وباكستان.
وفي عام ١٩٧٩م طُبع كتاب " الحكومة الإسلامية " في إيران ولكن تحت اسم: " رسالة من الإمام الموسويّ كاشف الغطاء".

يمكن أن نقول أن كتاب " الحكومة الإسلامية " أو " ولاية الفقيه " هو ذلك الدستور الذي بنيت عليه إيران ما بعد الثورة الإيرانية .
الكتاب يكشف لنا أن أهداف الثورة الإيرانية وما قامت عليه من أفكار غير محصورة في إزالة نظام حكم فاسد ومستبد في إيران ، بل يسعى إلى فرض ولاية الفقيه على كافة الدول الإسلامية المحيطة ، لأن سلطة الإمام – والذي يقوم الولي الفقيه مقامه مؤقتا - وفقا لمذهب الشيعة الإثنى عشرية تمتد لكافة المسلمين على سطح المعمورة .

إيران الشيعية إذن تسعي لاحتلال كافة الدول الإسلامية المحيطة بها ، وإخضاعها لولاية الفقيه ، وفرض الوحدة الإسلامية بالقوة ، ومن لا يصدق فليقرأ ما قاله الخميني تحت عنوان "ضرورة الثورة السياسيـّة" حيث يقول :
في صدر الإسلام سعى الأمويّون ومن يُسايرهم لمنع استقرار حكومة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام مع أنّها كانت مُرضية لله وللرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وبمساعيهم البغيضة تغيّر أسلوب الحكم ونظامه وانحرف عن الإسلام ، لأنّ برامجهم كانت تُخالف وجهة الإسلام في تعاليمه تماماً .

وجاء من بعدهم العبّاسيّون ، ونسجوا على نفس المنوال . وتبدّلت الخلافة ، وتحوّلت إلى سلطنة وملكيّة موروثة ، وأصبح الحكم يُشبه حكم أكاسرة فارس ، وأباطرة الروم ، وفراعنة مصر ، واستمرّ ذلك إلى يومنا هذا.

الشرع والعقل يفرضان علينا ألّا نترك الحكومات وشأنها. والدلائل على ذلك واضحة ، فإنّ تمادي هذه الحكومات في غيّها يعني تعطيل نظام الإسلام وأحكامه. في حين توجد نصوص كثيرة تصف كلّ نظام غير إسلاميّ بأنّه شرك ، والحاكم أو السلطة فيه طاغوت . ونحن مسئولون عن إزالة آثار الشرك من مجتمعنا المسلم ، وإبعادها تماماً عن حياتنا . وفي نفس الوقت نحن مسئولون عن تهيئة الجوّ المناسب لتربية وتنشئة جيل مؤمن فاضل يُحطِّم عروش الطواغيت ، ويقضي على سلطاتهم غير الشرعيّة ، لأنّ الفساد والانحراف ينمو على أيديهم ، وهذا الفساد ينبغي إزالته ومحوه وإنزال العقوبة الصارمة بمسبّبيه. وقد وصف الله في كتابه المجيد فرعون ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ .

وفي ظلِّ حُكمٍ فرعونيّ يتحكّم في المجتمع ويُفسده ولا يُصلحه ، لا يستطيع مؤمن يتّقي الله أن يعيش ملتزماً ومحتفظاً بإيمانه وهديه. وأمامه سبيلان لا ثالث لهما : إمّا أن يُقْسَرَ على ارتكاب أعمال مُردية ، أو يتمرّد على حُكم الطاغوت ويُحاربه ، ويُحاول إزالته ، أو يُقلِّل من آثاره على الأقل . ولا سبيل لنا إلّا الثاني ، لا سبيل لنا إلّا أن نعمل على هدم الأنظمة الفاسدة المفسدة ، ونُحطِّم زمر الخائنين والجائرين من حكّام الشعوب.
هذا واجب يُكلَّف به المسلمون جميعاً أينما كانوا ، من أجل خلق ثورة سياسيّة إسلاميّة ظافرة منتصرة.

كذلك قال الخميني تحت عنوان "ضرورة الوحدة الإسلاميـّة" :
ومن جهة أخرى فقد جزّأ الاستعمار وطننا ، وحوّل المسلمين إلى شعوب. وعند ظهور الدولة العثمانيّة كدولة موحّدة سعى المستعمرون إلى تفتيتها. لقد تحالف الروس والإنكليز وحلفاؤهم وحاربوا العثمانيّين ، ثمّ تقاسموا الغنائم كما تعلمون. ونحن لا ننكر أنّ أكثر حكّام الدولة العثمانيّة كانت تنقصهم الكفاءة والجدارة والأهليّة ، وبعضهم كان مليئاً بالفساد ، وكثير منهم كانوا يحكمون الناس حُكماً مَلكيّاً مطلقاً. ومع ذلك كان المستعمرون يخشون أن يتسلّم بعض ذوي الصلاح والأهليّة ـ من الناس وبمعونة الناس ـ منصّة قيادة الدولة العثمانيّة على وحدتها وقدرتها وقوّتها وثرواتها ، فيبدّد كلّ آمال الاستعماريّين وأحلامهم . لهذا السبب ما لبثت الحرب العالميّة الأولى أن انتهت حتّى قسّموا البلاد إلى دويلات كثيرة ، وجعلوا على كلّ دويلة منها عميلاً لهم ، ومع ذلك فقد خرج قسم من هذه الدويلات بعد ذلك عن قبضة الاستعمار وعملائه.
ونحن لا نملك الوسيلة إلى توحيد الأمّة الإسلاميّة وتحرير أراضيها من يد المستعمرين ، وإسقاط الحكومات العميلة لهم ، إلّا أنّنا نسعى إلى إقامة حكومتنا الإسلاميّة ، وهذه بدورها سوف تتكلّل أعمالها بالنجاح يوم تتمكّن من تحطيم رؤوس الخيانة ، وتدمّر الأوثان والأصنام البشريّة والطواغيت الّتي تنشر الظلم والفساد في الأرض.
تشكيل الحكومة إذن يرمي إلى الاحتفاظ بوحدة المسلمين بعد تحقيقها ، وقد ورد ذلك في خطبة السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام  "... وطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ...".
وتحت عنوان " لنسقط الحكومات الجائرة " كتب الخميني :
لنقطع علاقاتنا بالمؤسسات الحكومية ونمتنع عن التعاون معها ، ونرفض القيام بكل ما من شأنه أن يُعَدَّ عوناً لهم ، ونبني مؤسسات قضائية ومالية واقتصادية وثقافية وسياسية جديدة.
إنّ إسقاط الطاغوت ـ أي السلطات غير الشرعية القائمة في مختلف أنحاء الوطن الإسلامي ـ هو مسؤوليتنا جميعاً. يجب أن نستبدل الأجهزة الحكومية الجائرة والمعادية للشعب بمؤسسات خدمات عامة تدار وفقاً للقانون الإسلامي ، وشيئاً فشيئاً تستقر الحكومة الإسلامية . لقد نهى الله تعالى في القرآن الكريم عن إطاعة الطاغوت والسلطات غير المشروعة ، وحث الناس على الثورة ضد السلاطين ، وأمر موسى (ع) بذلك . توجد أحاديث كثيرة تحث على محاربة الظلمة ، والذين يتصرفون بالدين . كان للأئمة (ع) ولأتباعهم ـ أي الشيعة ـ مواجهات مستمرة مع الحكومات الجائرة وسلطات الباطل ، وهذا الأمر واضح في سيرتهم ونمط حياتهم . وقد ابتلوا بحكام الظلم والجور في كثير من الأحيان ، وعاشوا في ظروف تقية وخوف شديدين . وبالطبع فإنّ خوفهم كان لأجل المذهب لا على أنفسهم ، ونلاحظ هذا الأمر كلما راجعنا الروايات . كما كان حكّام الجور يشعرون بالخوف من الأئمة (ع) باستمرار ، إذ كانوا يعلمون أنهم لو فسحوا المجال للأئمة (ع) لثاروا عليهم ، وحرَّموا عليهم حياة اللهو والترف والمجون . فعندما نرى هارون الرشيد يحبس الإمام الكاظم (ع) عدة سنوات ، أو نرى المأمون يأخذ الإمام الرضا (ع) إلى مرو ليكون تحت نظره ، ومن ثم يقوم بسمِّه ، فليس ذلك لأن الأئمة (ع) سادة وأولاد النبي (ص) بينما الرشيد والمأمون معادون للنبي ، إذ هارون والمأمون كانا شيعيين كلاهما ، وإنما كان ذلك بسبب أن المُلك عقيم . لأنهم كانوا يعلمون أنّ أولاد علي (ع) يرون الخلافة لأنفسهم ومن مسؤولياتهم ، ويصرّون على إقامة الحكومة الإسلامية . إذ عندما طُلب من الإمام (ع) أن يعيّن حدود فدك ليردُّها لهم قام الإمام (ع) ـ حسب الرواية ـ بذكر حدود البلاد الإسلامية (كحد لفدك). وهذا يعني أنه يرى حقه ما بين هذه الحدود ، وأنه هو الذي يجب أن يكون حاكماً عليه ، وأن الذين يحكمون حينها كانوا غاصبين ، فرأى أنه إذا بقي الإمام موسى بن جعفر (ع) حراً فسوف يحرّم الحياة عليهم ، ومن الممكن أن تتاح له الفرصة ، فيقوم بالثورة عليهم وانتزاع السلطة منهم ، ولذا لم يمهلوه . ولو أمهلوه لكان قام بثورته بلا شك . كونوا متيقنين أنه لو دامت الفرصة للإمام الكاظم (ع) لكان ثار، وقلب نظام حكم السلاطين الغاصبين .
كذلك المأمون قام بوضع الإمام الرضا (ع) تحت نظره ـ مع كل ما أبداه المأمون من تملق وكذب ومحابات ـ ومخاطبته له بـ "يا ابن العم" ، أو يا ابن رسول الله ، وذلك خوفاً من أن يثور يوماً عليه ويقلب أساس الحكم . إذ أنه ابن رسول الله (ص) ، وقد أوصى له ، فلا يمكن تركه في المدينة حراً طليقاً.
إنّ حكام الجور يريدون السلطة ، وهم يضحّون بكل شيء في سبيلها ، لا أنهم يمتلكون عداوة خاصة تجاه أحد . إذ لو رضي الإمام (ع) ـ والعياذ بالله ـ أن يكون من أتباع البلاط ، لعاملوه بمنتهى الإعزاز والاحترام ، ولقاموا بتقبيل يديه أيضاً ـ بحسب الرواية ـ عندما دخل الإمام (ع) على هارون أمر بأن يظل راكباً حتى يصل إلى مجلسه ، وعامله بمنتهى الاحترام . وعندما جاء وقت توزيع عطاء بيت المال ووصل الدور لبني هاشم أعطاهم مبلغاً يسيراً ، وكان المأمون حاضراً . فتعجب من ذلك الاحترام مع هذا النحو من التوزيع . فقال له هارون : يا بني أنت لا تدري . ينبغي أن لا يزيد سهم بني هاشم عن هذا المال ، إن هذا الأمر لهم ، وهم أولى به منا ، فلو مكناهم لوثبوا علينا فيجب أن يبقى بنو هاشم هكذا فقراء ، مسجونين منفيين ، مقتولين ، مسمومين ، يعيشون المعاناة ، وإلاّ لقاموا علينا ، وأبدلوا حلاوة أيامنا بالمرارة.

ولم يكتف الأئمة (ع) بأن يقوموا هم بمحاربة الأنظمة الظالمة والدولة الجائرة وأتباع البلاط الفاسدين ، بل حثُّوا المسلمين على جهادهم أيضاً. هناك أكثر من خمسين رواية في وسائل الشيعة والمستدرك والكتب الأخرى تدعو إلى الابتعاد عن السلاطين والحكام الظلمة ، وإلى وضع التراب في فم المداحين لهم . وتبين مراتب عقوبة من يناولهم دواة ، أو يملأها لهم بالحبر والخلاصة أنها تأمر بقطع العلاقات معهم ، وعدم التعاون معهم بأي شكل من الأشكال . ومن جهة أخرى وردت كل تلك الروايات في مدح وتفضيل العالم والفقيه العادل ونبهت إلى أفضليتهم على سائر الناس . فهذا كله يمثّل خطة وضعها الإسلام لتشكيل الحكومة الإسلامية ، وذلك من خلال إبعاد الناس وصرفهم عن الأنظمة الظالمة ، وتخريب بيوت الظلم ، وفتح أبواب الفقهاء ـ العدول المتقين المجاهدين العاملين في سبيل تطبيق الأحكام الإلهية ، وإقامة النظام الإسلامي ـ أمام الناس.

لن يتمكن المسلمون من العيش في أمن وهدوء ـ مع حفظ إيمانهم وأخلاقهم الفاضلة ـ إلاّ في كنف حكومة العدل والقانون ، الحكومة التي وضع الإسلام نظامها وطريقة إدارتها وقوانينها . فتكليفنا اليوم هو تطبيق مشروع الحكومة الإسلامية وترجمته في ساحة العمل.
آمل أن يؤدي بيان وتعريف نمط الحكومة ، والأصول السياسية والاجتماعية للإسلام للمجاميع البشرية الكبيرة ، إلى إيجاد تيار فكري ، وقوة ناتجة من نهضة الشعب تكون العامل في استقرار النظام الإسلامي .

كلام واضح وصريح من الخميني في كتاب " الحكومة الإسلامية " والذي يسميه البعض " ولاية الفقيه " يقطع بأن احتلال الدول الإسلامية ومد نفوذ الولي الفقيه إليها هو أحد الأهداف الأساسية لإيران ما بعد الثورة ، وهو هدف مرتبط باعتقاداتهم الباطلة بشأن الإمامة المفروضة والتي فرعت عن الإسلام تركة اسمها " الحكم " ، يرثها أقارب النبي (ص) من جهة ابن عمه سيدنا علي بن أبي طالب وزوجته فاطمة بنت النبي (ص) .

وهكذا نجح الخميني بكتابه " الحكومة الإسلامية " الذي صدر عام ١٩٧٠م في أن يقيم ثورة بعدها بتسع سنوات تخلع نظام الشاه محمد رضا بهلوي المدعوم من أمريكا وبريطانيا وإسرائيل والغرب ، كما نجح في تحقيق أهدافه في مد النفوذ الشيعي بعد أن أصبحت العراق وسوريا الآن تحت الحكم الشيعي .

أما الحكام العرب الذين وصفهم الخميني بأنهم عملاء فهم يدعمون أمريكا وإيران في مد ولاية الفقيه إلى سوريا والعراق ، وهم يعلمون أن إيران سوف تحتل بلادهم ، لكنهم مطمئنون أنهم ساعتها سيكونون في عداد الأموات ، وأحفادهم هم من سيعانون مما عانى منه  المسلمون السنة في حلب والموصل وباقي المدن العراقية والسورية .ا

فهل كان من الطبيعي إذن أن نجد مواطن أو حكومات عربية تؤيد بشار في بطشه وتنكيله بالمسلمين من أهل السنة ، وهل من الطبيعي أن نجد من بين الحكومات العربية أو الشعوب العربية من يحزن على رحيل بشار الأسد وشيعته ويسعى إلى إعادتهم للحكم بعد أن دفنوا الشعب السوري لاسيما السني في أعماق الأرض بجانب طبقة الأرض النارية .
اللهم بلغت ، اللهم بلغت اللهم فاشهد .

الخميس، 6 فبراير 2025


 #مريم_الإلهة_بين_الفاتيكان_والأدب_الكاثوليكي

وقعت في يدي بمحض الصدفة رواية "By the River Piedra I sat Down and Wept" ، "على ضفاف نهر بييدرا جلست وبكيت" للروائي البرازيلي الكاثوليكي المعروف باولو كويلو . 


باولو كويلو كتب روايته بلغته الأصلية "البرتغالية" ونشرها عام 1994م، وترجمها الكاتب Alan R. Clarke "ألان كلارك"من اللغة البرتغالية إلى الإنجليزية ، وأثناء قراءتي للرواية لاحظت أنها تروج لألوهية السيدة مريم العذراء رضي الله عنها وأرضاها .


ولما كانت السيدة مريم تخص المسلمين كما تخص المسيحيين، ولما كانت روايات باولو كويلو تُترجم إلى اللغة العربية وتُنشر في كثير  من البلدان العربية ، كان لزاما علي أن أناقش ما تم طرحه من معتقدات تتعلق بها.


تحولت من مرحلة القراءة للرواية إلى ترجمتها ترجمة دقيقة حتى أتبين ما يعتقده باولو كويلو بخصوص السيدة مريم ، كما بدأت في ذات الوقت دراسة العلوم المريمية التي يعتنقها الفاتيكان باعتباره المرجعية الدينية الأساسية للطائفة الكاثوليكية التي ينتمي لها باولو كويلو.


ونتائج البحث أنشرها لكم في هذا الكتاب ( مريم الإلهة بين الفاتيكان والأدب الكاثوليكي ) لتستمتعوا برواية باولو كويلو العاطفية الشيقة "على ضفاف نهر بييدرا جلست وبكيت" ، لنكتشف سويا: 

هل هدف الرواية هو الترويج لألوهية السيدة مريم العذراء من عدمه ؟ ، وهل تتفق الرواية فيما صرحت به عن مريم العذراء مع نتائج العلوم المريمية التي يعتنقها الفاتيكان ؟ ، هل تتفق مع القرارات التي أصدرها مجمع الآباء الكاثوليك ؟

من يرغب في شراء الكتاب عبر البريد ، فإن رابط إرسال طلب الشراء على بوست دار نشر ( كتبنا ) أدناه .

                                            د محمد محمود العمدة