الأحد، 22 مايو 2016

السيسي وقانون عسكرة الصحافة والإعلام .(2)





نستكمل في هذا المقال ما بدأناه في مقال سابق تحت عنوان " السيسي وقانون عسكرة الصحافة والإعلام " ، حيث أوضحنا في المقال السابق بعض مقاصد العسكر من وراء مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام تحت هذه العناوين الرئيسية :
أولا : رئيس الجمهورية يعين كافة قيادات الصحافة والإعلام .
ثانيا : للمجلس الأعلى للإعلام منع تداول الصحف ومنع المواد الإعلامية .
ثالثا : إنشاء الصحف والفضائيات حكر علي أصحاب رؤؤس الأموال .
رابعا : القانون يضع قيودا لمنع تراخيص الفضائيات التي يرفضها العسكر .
خامسا : القانون يمنع الأحزاب السياسية من ترخيص فضائيات أو إذاعات .
سادسا : للمجلس الأعلى للإعلام حق إلغاء القناة الفضائية .
ونستكمل في هذا المقال توضيح مقاصد أخري للسيسي والعسكر من وراء هذا القانون المشبوه علي النحو التالي :

سابعا : للمجلس الأعلى للإعلام أن يرفض منح ترخيص للصحيفة .

نصت المادة ( 70 ) من دستور الانقلاب علي أنه :
( حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة , وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية , عامة أو خاصة , حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة , ووسائط الإعلام الرقمي.  وتصدر الصحف بمجرد الإخطار علي النحو الذي ينظمه القانون . وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية.)
وهذا يعني أنه وفقا لدستور الانقلاب يحق لكافة المصريين سواء كانوا أشخاصا طبيعية أو اعتبارية أو عامة أو خاصة أن يتملكوا الصحف والفضائيات والإذاعيات في ظل شروط عامة تنطبق علي الجميع دون شروط تمنع هذه الفئة أو تلك علي نحو ما فعل العسكر بمنع الأحزاب من امتلاك الفضائيات والإذاعات ، أو شروط تعجيزية كاشتراط امتلاك طالب الترخيص لرؤوس أموال ضخمة.
كما يتضح من النص سالف الذكر أن الصحف تصدر بالإخطار ، وهذا يعني أنه ليس من حق الجهة المعنية أن ترفض طلب ترخيص صحيفة ، وهذا ما يقصده أي مشرع في العالم حين ينص علي أن الترخيص يصدر بالإخطار ، إذ أن الهدف هو منع السلطة التنفيذية من مصادرة هذه الحقوق بشروط تعسفية لكي تقصرها علي أنصارها وأعوانها .
ورغم وضوح نص دستور الانقلاب إلا أن مشروع قانون السيسي قد منح المجلس الأعلى للإعلام الحق في رفض منح ترخيص الصحيفة ، وهذا ما نصت عليه المادة ( 48 ) من مشروع القانون علي أنه :
( يصدر المجلس الأعلى قراره فى شأن الإخطار المقدم إليه لإصدار الصحيفة خلال مدة لا تجاوز أربعين يومًا من تاريخ تقديمه إليه مستوفيًا جميع البيانات المنصوص عليها فى المادة السابقة. وفى حالة رفض الإخطار يكون قرار المجلس مسببًا ، ويعتبر انقضاء مدة الأربعين يومًا المشار إليها دون إصدار قرار من المجلس بمثابة موافقة على الإصدار. وفى حالة صدور القرار بالرفض يجوز لذوى الشأن أن يطعنوا عليه أمام محكمة القضاء الإداري ، وذلك بصحيفة تودع قلم كتاب هذه المحكمة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإخطار بالرفض. )
لاشك أن الهدف من هذا النص هو تمكين العسكر من منح تراخيص الصحف لمن يشاءون ومنع ترخيص الصحف عمن يكرهون أو يرون فيه تهديدا لدولتهم التي عقدوا العزم علي أن يحافظوا علي بقائها ليوم الدين ، والدليل علي ذلك أنهم منعوا التنازل عن الصحيفة أو حصة منها للغير دون موافقة المجلس الأعلى للإعلام حسبما نصت المادة ( 50 ) من مشروع القانون بقولها :
( تعتبر الموافقة على إصدار صحيفة ، امتيازا خاصا لمن صدرت له الموافقة ، ولا يجوز التصرف فيه أو فى حصة منه للغير إلا بموافقة من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، يستثنى من ذلك الورثة الشرعيون الذين تنطبق عليهم الشروط . وكل تصرف يتم بالمخالفة لحكم هذه المادة يعتبر باطلا .)

ثامنا : تشديد الرقابة علي حرية الصحفي فيما يكتب .

تعمد مشروع القانون النص علي مسئولية رئيس التحرير عما ينشر في الصحيفة ومسئولية رئيس القسم عما يتم نشره في قسمه ، حتي يصبح رئيس التحرير ورئيس القسم سيفا مسلطا علي الصحفي فيما يكتب من مقالات أو تقارير صحفية بحجة أنه مسئول معه عن أي مخالفات للقانون ، فقد نصت المادة ( 45 ) علي أن :
( يكون لكل صحيفة رئيس تحرير مسئول يشرف إشرافًا فعليًا على ما ينشر بها ، ويكون لها عدد من المحررين المسئولين ، يشرف كل منهم إشرافًا فعليًا على قسم معين من أقسامها , ويُشترط فى رئيس التحرير والمحررين المسئولين فى الصحيفة أن يكونوا مقيدين فى جدول المشتغلين بنقابة الصحفيين. ولا تنطبق أحكام الفقرتين السابقتين على الصحف والمجلات المتخصصة التى تصدرها الجهات العلمية ، وكذلك الصحف والمجلات التى تصدرها الهيئات التى يصدر بتحديدها قرار من المجلس الأعلى ، و للمجلس الأعلى فى حالة مخالفة ذلك تعطيل الصحيفة المخالفة مدة لا تجاوز ستة أشهر ، وإذا لم يتم إزالة أسباب المخالفة خلال هذه المدة تعتبر الموافقة على إصدار الصحيفة ملغاة .)

تاسعا : للمجلس الأعلى للإعلام أن يرفض ترخيص القناة الفضائية أو الإذاعة .

فقد نصت المادة ( 65 ) علي أنه :
( .... و فى حال رفض إنشاء الوسيلة الإعلامية ، أو تشغيلها ، يجب أن يكون الرفض مسببًا ، ويحق لذوى الشأن أن يطعنوا فيه أمام محكمة القضاء الإداري ، وذلك بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإخطار بالرفض . )
وبالطبع المادة ( 4 ) من مشروع القانون تتيح للمجلس الأعلى للإعلام أن يختلق عشرات الأسباب يبرر بها رفضه حيث نصت علي أنه :
( ..... و يجوز للمجلس أن يمنع تداول المطبوعات أو المواد الإباحية ، أو التى تتعرض للأديان و المذاهب الدينية تعرضا من شأنه تكدير السلم العام بما فى ذلك المواد التى تحض على التمييز والعنف والعنصرية والكراهية والتعصب . وفى هذه الحالة يجوز لصاحب الشأن أن يلجأ للقضاء.)
ومن ثم يكون النص الدستوري علي حق تملك الصحف وإنشاءها بمجرد الإخطار قد تم تفريغه من مضمونه ، وكذلك حق تملك القنوات الفضائية والإذاعية .
وحتي يطمئن العسكر علي أن الفضائيات أو الإذاعات لن تؤول إلي شخص أو جهة خارج عبيد العسكر نصت المادة ( 69 ) علي أنه :
( لا يجوز فى جميع الأحوال أن يتنازل المرخص له عن الترخيص الصادر له بإنشاء أو تشغيل الوسيلة الإعلامية للبث المسموع والمرئي أو الرقمي ، إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من المجلس الأعلى ، ووفقًا للشروط التى يحددها ، و يستثنى من ذلك الورثة الشرعيون الذين تنطبق عليهم الشروط( .

عاشرا : تشديد الرقابة علي القنوات الفضائية .

فقد نصت المادة ( 61 ) علي أن :
( تعيِّن الوسيلة الإعلامية مديرًا لبرامج القناة المرئية أو المسموعة أو الرقمية يكون مسئولاً عن المحتوي ، ويشترط فيه : ....... )
وهي نفس فلسفة العسكر وهي أن تتحكم في أكبر رأس لتخضع لك باقي صغار الرؤوس .
ونستكمل في المقال القادم توضيح باقي مقاصد العسكر من وراء مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .








ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق