الثلاثاء، 29 يونيو 2021



 

طال عليم الأمد فقست قلوبهم


يقول الله عز وجل :

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ

                                         الحديد - (16)

وعن تفسير قوله تعالى ( فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) يقول القرطبي :

قال ابن مسعود :

" إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد قست قلوبهم ، فاخترعوا كتابا من عند أنفسهم استحلته أنفسهم ، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم ، حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ، ثم قالوا : أعرضوا هذا الكتاب على بني إسرائيل ، فإن تابعوكم فاتركوهم وإلا فاقتلوهم ، ثم اصطلحوا على أن يرسلوه إلى عالم من علمائهم ، وقالوا : إن هو تابعنا لم يخالفنا أحد ، وإن أبى قتلناه فلا يختلف علينا بعده أحد ، فأرسلوا إليه ، فكتب كتاب الله في ورقة وجعلها في قرن وعلقه في عنقه ثم لبس عليه ثيابه ، فأتاهم فعرضوا عليه كتابهم ، وقالوا : أتؤمن بهذا ؟ فضرب بيده على صدره ، وقال : آمنت بهذا - يعني المعلق على صدره - فافترقت بنو إسرائيل على بضع وسبعين ملة ، وخير مللهم أصحاب ذي القرن ...."

كما أورد ابن كثير في تفسيره حديث نبوي بذات المعنى .

ويتضح لنا مما سبق أن مجموعة من اليهود من أصحاب السلطة والقوة أرادوا التخلص من التوراة سعيا للخلاص من الأوامر الإلهية التي تعرقل مصالحهم وشهواتهم غير المشروعة ، فأخفوا كتاب الله عز وجل ،ووضعوا كتابا محرفا ، وقرروا قتل كل من لا يقر كتابهم المحرف ، وأسرفوا في القتل ، ولكن ولأن نواميس الله عز وجل وتشريعاته لا تتغير ، كانت النتيجة هي انتشار الفتن والقتل وانقسام اليهود إلي اثنتي وسبعين فرقة.

ليس ذلك فحسب ، بل قال جل وعلا : ( أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا )

                                         النساء - (52)

ليس ذلك فحسب ، بل قال جل وعلا : 

( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ )

                                     الأعراف - (167)

ليتعرضوا لضربات البابليين والأشوريين ثم ضربات الرومان التي طردتهم من الأرض المباركة لتشردهم في جميع أنحاء الكرة الأرضية ، وهذا ما يؤكده قول الله عز وجل :

( وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا )

                                     الإسراء - (104)

وحتى بعد الشتات لم يجدوا الراحة والسكينة ، وإنما لازمهم الاضطهاد أينما حلوا وليس اضطهاد الرومان أو " هولوكوست هتلر" منا ببعيد.

فهل من معتبر ، أم أن الاعتبار لا يحدث إلا بعدما يعيد التاريخ دورته حتى نهايتها .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق