إلي من يظلمونَ خليفةَ الله :
كثيرٌ من العارفين بالله عز وجل وعلي رأسهم حجة الإسلام الإمام أبو
حامد الغزالي قالوا "من عرفَ نفسَه عرف ربَه"، ويمكن أن نُرَتْبَ علي
العبارة السابقة عبارة " من عرف نفسه لم يظلم غيره" ، فكثيرٌ من الناس
يظلمون غيرَهم من الناس إلي حد الاستهانة بالأروح والدماء ، فيقتلون الأنفسَ بغير
حساب ، ويريقون الدماء علي التراب ، وينالون من سلامتهم البدنية والنفسية بفظائع
لم يرضى الله عز وجل بفعلها مع الحيوان ، ويسلبون أموالهم بغير حق ، متذرعين
بذرائع كاذبة أو واهية ، لاشك أن مثل هؤلاء الظالمين لا يعرفون أنفسهم ، لأنهم لو
عرفوا قدر أنفسهم لعرفوا قدر أي إنسان مهما بدا للآخرين ضئيلا ، هل يعرف هؤلاء
الظالمين أن الله عز وجل كرّم الإنسان فجعله خليفته علي الأرض ، فقال جل شأنه:
( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
)
البقرة
– ٣٠
وأنه سبحانه وتعالى خلقَ الإنسان بيديه دوناً عن سائر المخلوقات والتي
خلقها بالكلمة ، فقال جل وعلا : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ
لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ )
سورة ص -
(75)
وأنه سبحانه وتعالي نفخ في الإنسان من روحه فقال جل شأنه :َ ( فإِذَا
سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ )
الحجر – (29)
وأنه سبحانه وتعالى أمر ملائكتَهُ بالسجود للإنسان تكريماً لخليفته
فقال جل وعلا:
( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا
إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ )
البقرة - (34)
وأنه سبحانه وتعالى خلق العالم بأسره للإنسان ، وأخضع له كل مخلوقاته
فقال جل وعلا: ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ
اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ )
البقرة - (29)
وأنه سبحانه وتعالى خصص لكل إنسان ملائكةً لحفظه فقال جل شأنه :
( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ
حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ
لا يُفَرِّطُونَ )
الأنعام:61
وأنه سبحانه وتعالى خلق الإنسان لأمر جلل وليس عبثا فقال:
( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ
إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ )
المؤمنون - (115)
فهل يتصور أحد أن الله عز وجل والذي منح الإنسان هذه المكانة يمكن أن
يرضي بظلم يقع على إنسان واحد؟.
للإجابة على هذا السؤال نقول: لا يمكن أن يخطئ إنسان ذو بصيرة في إدراك
التزامن بين المظالم الواقعة على المسلمين في العالم وبين انتشار جيوش الفيروسات من
الكورونا إلى الفطر الأسود وغيرهما ، فضلا عن الفقر والغلاء والبلاء والهم وقهر الرجال
وسلب ا والفواحش والرذائل على أرض الواقع وعبر ما يحمله لنا الأثير .
فإذا قال قائل: وما ذنب الأبرياء فيما حل من البلاء ، قلت: كلنا
مخطئون سواءٌ منا الظالم والمظلوم ، قال تعالى:
( فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
الأنفال
- (25)
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق