الجمعة، 31 أكتوبر 2025

عندما يعيش شعب حياة مسرح العرائس

 


عندما يعيش شعب حياة مسرح العرائس

كثير من الشعوب عاشت حينا من الدهر حياة مسرح العرائس، شعب ألمانية الناzية، وشعب إيطاليا الفاشستية وروسيا الشيوعية وغيرهم كثير.

الكتب الأدبية وكتب التاريخ في هذه الدول تؤكد أن هذه المراحل من عمر هذه الشعوب كانت في غاية القسوة ، فما أصعب أن تقوم بتعليق جميع أفراد الشعب في حبال ، ثم تعلق هذه الحبال في أصابع رجل واحد ليستخدم هؤلاء المواطنين في عرض مسرحي يشتمل على مسرحية واحدة.

مسرحية واحدة يكتبها نفس الرجل، ويكتب السيناريو والحوار، يحدد لكل مواطن الدور الذي سيؤديه والكلمات التي سينطق بها طوال العرض المسرحي ولو دام سنوات، ويحدد لهم الملابس التي يرتدونها في كل مشهد من المشاهد، ويحدد لهم رواتبهم عن هذه الأدوار والتي تزيد زيادة مفرطة كلما التزم المواطن بالدور والنص الموكل إليه، وكل ذلك في ظل تعليمات صارمة بعدم الخروج عن النص المكتوب. 

وما أسوأ حظه ذلك المواطن الذي ينطق بكلمة من خارج النص، أو يتحرك خطوة خارج المسار المحدد له، فالمسرح محاط بالحراس وبأيديهم مقصات عملاقة، ومدربين على قص الحبل إذا ما خرج المواطن المعلق به عن النص أو المسار، فيسقط المواطن الخارج عن قانون المسرح على أرض المسرح، فتنفتح فتحة عملاقة يسقط من خلالها الخارج عن قانون المسرح إلى بئر أسفل المسرح ليس له قرار، ومن سقط فيه حلت نهايته .

لقد عانى الشعب الألماني والإيطالي والروسي من حياة مسرح العرائس لسنوات طويلة، ذاقوا خلالها الحزن والكآبة والملل من تكرار المشاهد والكلمات والخطوات ، عانوا من غياب العدالة في توزيع الأدوار، فالمعيار الوحيد لمنحك دورا مميزا مريحا هو التزامك بالنص والكلمة والحرف.

وليت هذه الشعوب ذاقت طعم الراحة بعد ذلك، للأسف انتهت المسرحيات بنشوب الحرب العالمية الثانية التي تسببت في دمار دول أوربا واليابان وخلفت أكثر  من ستين مليون قتيل بخلاف الجرحى.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق