الخميس، 2 مارس 2017

ستون عاما من ظلم العسكر للإخوان . 4






المقدمة الثابتة لهذه السلسلة من المقالات :
" شهادات لا تحصي ولا تعد تكشف وتؤكد أن الإخوان المسلمين هم من أنشئوا تنظيما سريا بين ضباط الجيش المصري هو نفسه ما سُمي فيما بعد " تنظيم الضباط الأحرار " ، وحددوا أهدافه في الخلاص من الملكية المستبدة الفاسدة والاحتلال الانجليزي ، وتحقيق مبدأ الوحدة الإسلامية بين الدول الإسلامية من خلال التعاون وليس من خلال حكومة مركزية واحدة ، كما تكشف هذه الشهادات كيف تحالف العسكر والإخوان المسلمون وأفراد من الشعب من أجل مصر وتحريرها ونهضتها ، وسرعان ما تفكك التحالف بعد أن وصل العسكر للسلطة ، فاستبدلوا حب الوطن بحب الدنيا ، واستبدلوا المودة مع شركاء العمل الوطني بالعداء السافر الذي لم يظهروه تجاه إسرائيل نفسها ".
ونستكمل في هذا المقال شهادة الضابط / حسين حمودة العضو المؤسس في تنظيم الضباط الأحرار علي النحو التالي :
حادي عشر : حسين حمودة يروي مشهد من مشاهد استبسال الإخوان في معركة فلسطين 1948.
يقول حسين حمودة :
نقض اليهود الهدنة يوم 23/ 12/ 1948 وهاجموا مرتفعاً حاكماً يقع شرق الطريق الساحلي المرصوف ( طريق رفح/ تل أبيب ) وهذا المرتفع يعرف بالتبة 86 في قطاع دير البلح وكان هذا التل يقع ضمن القطاع الذي تحتله الكتيبة العاشرة التي أخدم بها.
هاجم اليهود التبة 86 ليلاً فاقتحموا مواقع المشاة بالسلاح الأبيض وقتلوا الحراس وفر بعض الجنود مذعورين من هول المباغتة. وكان نجاح اليهود في احتلال التبة 86 معناه عزل حامية غزة وتمثيل مأساة الفالوجا مرة أخرى.
ولقد تولى الأمير ألاي محمود بك رأفت قائد قطاع دير البلح إدارة معركة استرداد التبة 86 ، فطلب من القائد العام فؤاد صادق إرسال قوة من الإخوان المسلمين لاسترداد التبة 86 . ورغم أن قرار حل الإخوان كان قد صدر في 8/ 12/ 1948 فقد ظل الإخوان المسلمون يؤدون واجبهم المقدس في مجاهدة أعداء الله ، رغم ما كانت تصلهم من أنباء مثيرة عن الإرهاب ضد إخوانهم في مصر.
وكلفت قيادة حملة فلسطين سرية من كتيبة الإخوان الثالثة والتي كانت موجودة كاحتياط للقيادة العامة في معسكر رفح باسترداد التبة 86.
وبدأت معركة استرداد التبة 86 الساعة 2 بعد ظهر يوم 24/ 12/ 1948 بإطلاق المدفعية المصرية غلالة من النيران فوق التل أتبعتها بستارة من الدخان ثم تقدمت قاذفات اللهب المركبة على حمالات مدرعة يتبعها شباب الإخوان المسلمين. ولما اقتربت قوة الإخوان من التبة 86 سكتت المدافع وانطلقت قاذفات اللهب تصب حممها على التبة ، وروع اليهود حين رأوا الإخوان يلقون بأنفسهم عليهم فوق الخنادق وسط اللهب ويعاركونهم بالسلاح الأبيض ورغم كثرة الضحايا من الإخوان فقد تمكنوا من استرداد التبة 86 وفتكوا بمن كان فيها من اليهود فلم ينج منهم أحد.
وطلب اللواء فؤاد صادق الإنعام بأوسمة عسكرية على الإخوان الذين استردوا التبة 86 فماطلت حكومة السعديين غير أن الرجل الشجاع أصر على رأيه مما اضطر الحكومة إلى إجابته إلى مطلبه.
وصدرت النشرة العسكرية تحمل أسماء خمسة عشر من الإخوان المسلمين المصريين ثم تتابعت النشرات العسكرية تحمل الإنعام الملكي على أبطال الإخوان المسلمين في حرب فلسطين.
ومن المضحك والمبكي في وقت واحد أن تصدر النشرات العسكرية وفيها اعتراف رسمي ببطولة الإخوان المسلمين وهو اعتراف من قيادة الجيش المصري بشجاعتهم وصدق جهادهم ثم هو اعتراف بفضل قائد الدعوة الإمام حسن البنا.
في هذا الوقت بالذات كان الإخوان يقاسون مرارة الاعتقال والتعذيب ويعيشون كالمجرمين وراء الأسوار . وهكذا أباحت العقلية المتناقضة لنفسها أن تعامل طائفة من الناس على أنهم أبطال ومجرمون في آن واحد.
ثاني عشر : حسين حمودة يكشف تفاصيل إعادة تأسيس التنظيم السري للضباط بمسمي " تنظيم الضباط الأحرار" عام 1950م علي ضوء اتفاق بين جمال عبد الناصر ومحمود لبيب قبل وفاته .
انتهت حرب فلسطين 1948 بهزيمة العرب لأسباب يرجع معظمها إلى أن حكام العرب في ذلك الوقت لم يكونوا على مستوى المسئولية في هذه الظروف التاريخية.
وعاد الجيش المصري إلى مصر بعد توقيع الهدنة في رودس في نهاية شهر مارس 1949.
وكان نصيبي أن أبقى بفلسطين ضمن اللواء الرابع المشاة الذي أراد له القدر أن يبقى في فلسطين بمنطقة غزة / رفح بعد سحب الجيش المصري إلى مصر.
وأذكر جيداً إبان فترة خدمتي بفلسطين بعد الهدنة أني كنت أمكث هناك عشرين يوماً بفلسطين وأنزل أجازة لمدة عشرة أيام في القاهرة وذلك خلال كل شهر ميلادي.
وفي أول أجازة نزلتها إلى القاهرة بعد الهدنة سنة 1949 ذهبت لمنزل عبد المنعم عبد الرؤوف فلم أجده وأخبرني أهله أنه يخدم بمنطقة قنال السويس.
فذهبت لمقابلة جمال عبد الناصر في منزله بكوبري القبة فقص علي ما لاقاه في الفالوجا أثناء الحصار وكيف جرح أثناء إحدى المعارك.
ثم ذكر لي ما دار بينه وبين إبراهيم عبد الهادي رئيس وزراء مصر وقتئذ وكيف واجه إبراهيم عبد الهادي جمال عبد الناصر بأن لدي حكومة مصر معلومات مؤكدة تفيد بأن جمال عبد الناصر ومعه جماعة من الضباط كانوا يقومون بتدريب شباب الإخوان المسلمين سراً على استعمال الأسلحة في الصحراء القريبة من القاهرة وذلك قبل حرب فلسطين.
وقد أنكر جمال عبد الناصر ذلك الاتهام ( وإن كان حقاً ) وقال لإبراهيم عبد الهادي إن معلوماتكم غير صحيحة. فأصر إبراهيم عبد الهادي على أن معلومات الحكومة المصرية صحيحة والتفت إلى الفريق عثمان المهدي رئيس هيئة أركان حرب الجيش المصري وقتئذ والذي كان يصحب جمال عبد الناصر عند مقابلته لإبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء. قائلاً :
لولا بطولة هؤلاء الضباط في حرب فلسطين لكان لي اليوم معه شأن آخر.
ونصح إبراهيم عبد الهادي جمال عبد الناصر بالابتعاد عن الإخوان المسلمين وأبدى لي جمال أسفه لما حل بجماعة الإخوان المسلمين من بطش على يد الملك فاروق ورئيس وزرائه إبراهيم عبد الهادي وترحم جمال عبد الناصر على الشيخ حسن البنا وقال : إنه كان يذكرني بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبقيام حرب فلسطين سنة 1948 توقف نشاط التنظيم السري للضباط واستشهد عدد منهم في الحرب.
وظل كاتب هذه السطور في فلسطين بعد وقف القتال حتى نقل مدرساً بالكلية الحربية في 19/ 11/ 1950.
وقد فاتحني جمال عبد الناصر في أوائل عام 1950 في إعادة تكوين التنظيم السري للضباط وذكر لي أنه سيتكون من عناصر التنظيم السري السابق للإخوان المسلمين في القوات المسلحة ومن عناصر أخرى من الضباط الذين قاسموه محنة الفالوجا وسيحاول أن يضم عناصر أخرى من غير المتدينين بشرط أن تتوفر في الضابط بصفة الشجاعة وكتمان السر.
وقال لي جمال عبد الناصر : إنه بموت حسن البنا ومحمود لبيب انقطعت صلة الإخوان المسلمين بالتنظيم السري لضباط الجيش الذي بدأه محمود لبيب سنة 1943. وإنه يرى لدواعي الأمن قطع الصلة بعبد الرحمن السندي رئيس التنظيم السري المدني لشباب الإخوان وبخاصة بعد الحديث الذي دار بين جمال عبد الناصر وإبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء بشأن قيام عبد الناصر وبعض رفاقه من الضباط بتدريب شباب الإخوان المسلمين على استعمال الأسلحة قبل حرف فلسطين.
وقال إن تسرب هذه الأنباء للحكومة ربما كان بسبب تعرض بعض شباب الإخوان المسلمين المعتقلين في عهد إبراهيم عبد الهادي للتعذيب في السجون بواسطة رجال البوليس السياسي.
فوافقته على عدم الاتصال بعبد الرحمن السندي ضماناً لأمن تنظيم الضباط. ولكني تناقشت مع جمال عبد الناصر في الشروط الواجب توافرها في الضباط الذين سنضمهم للتشكيل الجديد وقلت له إننا كنا نراعي فيمن نضمهم لتنظيم الضباط الإخوان في الجيش أن يكونوا من ذوي الأخلاق الحميدة والضمائر الحية فضلاً عن صفة الشجاعة وكتمان السر.
وأن من لا يخشى الله لا يستبعد عليه ارتكاب أي جريمة وبخاصة لو نجحت الثورة وأصبح في يده سلطة.
فأجاب جمال عبد الناصر بأن الحالة السياسية في مصر خطيرة جداً والإصرار على توفر صفة التدين في الضباط تزمت لا داعي له لأن أغلبية ضباط الجيش في ذلك الوقت لا تتوفر فيهم صفة التدين.. وبالتالي سيتأخر تنفيذ الثورة وربما قد لا نستطيع القيام بها إلا بعد وقت طويل جداً وطول الوقت قد يؤدي إلى كشف الحركة والقائمين عليها فتموت الثورة قبل أن تقوم.
فقلت لجمال عبد الناصر إننا انضممنا للإخوان على أساس مبادئهم التي اقتنعنا بها وهي أن يكون الحكم بكتاب الله تعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
فقال اطمئن من هذه الناحية فما دام زمام الأمور سيكون في يدنا فسوف نحكم بالقرآن إن وفقنا الله في الاستيلاء على السلطة في مصر.
وقال جمال عبد الناصر إنه اتفق مع محمود لبيب على أن يكون اسم التنظيم الجديد الضباط الأحرار حتى نبعد الشبهة عن الإخوان المسلمين وكان ذلك قبل وفاة محمود لبيب وقال عبد الناصر.. إن التنظيم الجديد لم يتم على أساس المعرفة والصداقة كالتنظيم السابق الذي بدأه محمود لبيب سنة 1943 فتلك كانت مرحلة تحضيرية لا بد منها.
أما التنظيم الجديد فيتمشى طبقاً لتنظيم الجيش فسنحاول أن نوجد لنا في كل كتيبة أو وحدة من وحدات الجيش خلية من الضباط الأحرار حتى يمكن السيطرة على الجيش بعد قيام الثورة.
ولما كنت قد نقلت للكلية الحربية في 19/ 11/ 1950 فقد انتظمت بناء على تعليمات من جمال عبد الناصر في تشكيل الضباط الأحرار في الكلية الحربية. وكان يقوم بالتدريس معي بالكلية الحربية في هذه الفترة مجموعة من الضباط.
وقد أخبرني جمال عبد الناصر بأسماء الضباط الأحرار الموجودين في الكلية الحربية الذين نجح جمال عبد الناصر في ضمهم لتنظيم الضباط الأحرار.
وهم : زكريا محيي الدين وعبد الحليم عبد العال يوسف ومحمد حمدي عاشور ومحمد أحمد البلتاجي وكمال الدين الحناوي.
وكان البكباشي زكريا محيي الدين قائداً للسرية الثانية لطلبة الكلية الحربية وكنت أخدم معه بهذه السرية برتبة الصاغ وكان زكريا محيي الدين هو المسئول عن الضباط الأحرار في الكلية الحربية بحكم أنه أقدم الضباط الأحرار في الكلية الحربية.
وكان زكريا محيي الدين يتميز بهدوء الأعصاب وندرة الكلام والكتمان الشديد. وشكلت قيادة الضباط الأحرار من نفس القيادة السابقة للتشكيل الذي بدأه عبد المنعم عبد الرءوف مع محمود لبيب سنة 1944.
فكان عبد المنعم عبد الرؤوف وجمال عبد الناصر عن سلاح المشاة وكمال الدين حسين عن سلاح المدفعية وخالد محي الدين عن سلاح المدرعات وأنور السادات بعد عودته للجيش عن سلاح الإشارة.
وحدث بعد ذلك خلاف في الرأي بين جمال عبد الناصر وعبد المنعم عبد الرؤوف بخصوص تبعية هذا التنظيم السري للإخوان المسلمين كالتنظيم السابق الذي بدأه عبد المنعم عبد الرؤوف سنة 1943 مع المرحوم محمود لبيب ورفض جمال عبد الناصر تبعية التنظيم للإخوان المسلمين ووافق باقي الضباط على رأي جمال عبد الناصر فانسحب عبد المنعم عبد الرؤوف من قيادة الضباط الأحرار وحل محله عبد الحكيم عامر عن سلاح المشاة وبقي عبد المنعم عبد الرؤوف جندياً من جنود الثورة فعندما نشبت الثورة في 23/ 7/ 1952 اشترك عبد المنعم عبد الرؤوف فيها وحاصر قصر رأس التين بالإسكندرية وأجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش . انتهي ما اقتبسناه من حديث حسين حمودة .
وإلي هنا ينبغي أن تكون لنا وقفة أمام هذا الخلاف الذي حدث بين الرئيس جمال عبد الناصر والضابط عبد المنعم عبد الرؤوف ، فهذا الخلاف قريب من الخلاف الدائر فيما بين أنصار الشرعية والديمقراطية الآن ، ومن وجهة نظري فإن كلا الضابطين أخطأ وأصاب في نفس الوقت .
جمال عبد الناصر أصاب في رؤيته بأن الأمر يحتاج إلي اصطفاف الضباط بصرف النظر عن شرط التدين ، أو التوافق في كل الأهداف المنشودة من الثورة لأن التحديات أكبر من انتظار جمع الضباط المتدينين أو المتفقين مع أهداف الثورة الكاملة التي حددها الضباط المؤسسين وعلي رأسهم ضباط الإخوان المسلمين .
لكن عبد الناصر أخطأ حين تعمد ألا يكون التنظيم في ثوبه الجديد تابعا لتنظيم الإخوان المسلمين ، أولا لأن الإخوان بالفعل هم من أسسوه وحددوا أهدافه وعبد الناصر نفسه انضم للتنظيم السري للضباط وهو  يعلم أنه تابع للإخوان ويعلم أهدافه الأساسية وهي التخلص من الملكية المستبدة الفاسدة والاحتلال الانجليزي وتبني المرجعية الإسلامية في نظام الحكم سواء في السياسة الخارجية أو الداخلية .
ولا أستنكر موقف جمال عبد الناصر في هذه المسألة انحيازا لجماعة الإخوان المسلمين أو رغبة في أن يؤول الحكم لهم ، ولكن حرصا علي أن يكون للثورة مشروع وأهداف يلتزم به الضباط حال نجاحها ، وقد كانت الأهداف التي أعلنها الإخوان مقبولة من أي مصري ، فليس هناك مصريا يرفض تحرير مصر من الملكية الفاسدة أو الاحتلال الانجليزي ، أو يرفض أن يسترشد نظام الحكم بقيم الإسلام السامية المتمثلة في العدل والحرية والتكافل والوحدة وغير ذلك من القيم التي لا يمكن حصرها .
ونتيجة هذه النزعة الاستبدادية الأنانية التي ظهرت مبكرا لدي جمال عبد لناصر وحرصه علي أن يُنسب له شخصيا التنظيم في ثوبه الجديد " تنظيم الضباط الأحرار" بدلا من نسبته لجماعة سياسية لها حاضنة شعبية واسعة ، ولها مشروع سياسي واضح لاسيما حين تكون  هذه الجماعة هي من أسست تنظيم الضباط الأحرار بالفعل وحددت أهدافه التي جذبت إليه الكثير من الضباط ومن الشعب معا .
وبالفعل قد ترتب علي إلغاء تبعية تنظيم الضباط الأحرار لجماعة الإخوان أن آل أمر ثورة يوليو 1952م إلي ضباط ليس لهم أي مشروعات بالنسبة للدولة أو الشعب ، كان لديهم فقط رغبة في الزعامة وتحقيق ثروات مادية ، ولازالت مصر تعاني من آثار أفعال هؤلاء الضباط ومن سار علي نهجهم حتي الآن ، وحسبنا ما قاله عنهم الرئيس السابق محمد نجيب في كتابه " كنت رئيسا لمصر " حين قال :
" لا أريد أن أنسب لنفسي ما هو ليس لي , ولكن الحقيقة تقتضي أن أقول أني أول من أطلق عبارة " الضباط الأحرار" على التنظيم الذي أسسه جمال عبد الناصر ، وأنا الآن أعتذر عن هذه التسمية , لأنها لم تكن اسماً على مسمى فهؤلاء لم يكونوا أحراراً إنما كانوا أشراراً , وكان أغلبهم كما اكتشفت فيما بعد من المنحرفين أخلاقياً واجتماعياً .. ...".
كما قال عنهم :
" ﻛﺎن ﻛﻞ ﺿﺎﺑﻂ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط اﻟﻘﯿﺎدة ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾﻜﻮن ﻗﻮﯾﺎ ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻢ "ﺷﻠﺔ" وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﺸﻠﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻓﻘﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﻢ ﯾﻠﻌﺒﻮا دورا ﻻ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻀﯿﺮ ﻟﻠﺜﻮرة ، وﻻ ﻓﻲ اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻬﺎ ، و المنافق دائما مثل العسل على قلب صاحب النفوذ ، لذلك فهو يحبه ويقربه ويتخلص بسببه من المخلصين الحقيقيين ، الذين راحوا وراء الشمس ، لأن إخلاصهم كان هما و حجرا ثقيلا على قلوب الضباط من أصحاب الجلالة ".
أما عبد المنعم عبد الرؤوف فربما كان محقا عندما غضب من رفض جمال عبد الناصر أن يكون التنظيم في ثوبه الجديد تابعا لجماع الإخوان المسلمين التي قامت بتأسيسه بالفعل ، وربما كان محقا في مخاوفه من أن ينحرف التنظيم عن الأهداف التي رسمها الإخوان ومن قبل مشروعهم وانضم إليهم من الضباط .
لكنه أخطأ من وجهة نظري حين انسحب من قيادة التنظيم ليحل محله عبد الحكيم عامر ، لأن النتيجة أن ضباط الإخوان بما فيهم عبد المنعم عبد الرؤوف ظلوا يقوموا بدورهم داخل التنظيم ومع ذلك يحرمون أنفسهم من مقعد داخل غرفة القيادة ، وبالتأكيد كان لذلك آثاره فيما بعد علي الإخوان المسلمين أنفسهم وعلي الشعب المصري كله عندما انحرفت الثورة عن مسار الديمقراطية التي كانت ضمن أهدافها الأساسية المعلنة لتتحول إلي استبدادية طويلة المدى شديدة العنف مع الشعب المصري كله.


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق