الأحد، 5 مارس 2017

ستون عاما من ظلم العسكر للإخوان . 5



 
الرئيس جمال عبد الناصر مع المستشار حسن الهضيبي المرشد الثاني للإخوان المسلمين
المقدمة الثابتة لهذه السلسلة من المقالات :

" شهادات لا تحصي ولا تعد تكشف وتؤكد أن الإخوان المسلمين هم من أنشئوا تنظيما سريا بين ضباط الجيش المصري هو نفسه ما سُمي فيما بعد " تنظيم الضباط الأحرار " ، وحددوا أهدافه في الخلاص من الملكية المستبدة الفاسدة والاحتلال الانجليزي ، وتحقيق مبدأ الوحدة الإسلامية بين الدول الإسلامية من خلال التعاون وليس من خلال حكومة مركزية واحدة ، كما تكشف هذه الشهادات كيف تحالف العسكر والإخوان المسلمون وأفراد من الشعب من أجل مصر وتحريرها ونهضتها ، وسرعان ما تفكك التحالف بعد أن وصل العسكر للسلطة ، فاستبدلوا حب الوطن بحب الدنيا ، واستبدلوا المودة مع شركاء العمل الوطني بالعداء السافر الذي لم يظهروه تجاه إسرائيل نفسها ".

ونستكمل في هذا المقال شهادة الضابط / حسين حمودة العضو المؤسس في تنظيم الضباط الأحرار علي النحو التالي :

ثالثا عشر : حسين حمودة يكشف لنا كيف تم تنفيذ الثورة 23 يوليو 1952 ودور الإخوان المسلمين فيها :

تأزمت الأمور في يوليو 1952 وشرع الملك فاروق في إعداد العدة للبطش بالضباط الأحرار ، فقرر الضباط الأحرار التعجيل بثورتهم قبل أن يبطش بهم الملك.

ففي يوم 20/ 7/ 1952 أخطرني الصاغ / عبد الحليم عبد العال ( أحد الضباط الأحرار بالكلية الحربية التي كنت أخدم فيها مدرساً في ذلك الوقت ) أن الضباط الأحرار عازمون على القيام بحركتهم خلال الأيام القليلة القادمة.

فأسرعت إلى مقابلة جمال عبد الناصر في منزله بكوبري القبة وسألته عن حقيقة هذا الموضوع ، فأكد جمال عبد الناصر لي صحة الخبر وقال : إن الكلية الحربية ستكون معتقلا .

وفي صباح يوم 21 يوليو 1952 كنت أقوم بتصحيح أوراق الامتحان لطلبة الكلية الحربية بمكتبي بالكلية ، وجاءني عبد الحليم عبد العال وقال لا تغادر الكلية اليوم لأن التنفيذ سيكون الليلة.

وعند حوالي الساعة 2 بعد ظهر يوم 21يوليو 1952 أخبرني عبد الحليم عبد العال أن الأوامر جاءت من قيادة الحركة بأن نذهب إلى بيوتنا لكيلا نلفت النظر ، وعلينا ألا نغادر بيوتنا حتى يمر علينا مندوب القيادة لإبلاغنا بتفاصيل العمل المطلوب من كل واحد منا.

فخرجت من الكلية ومررت على جمال عبد الناصر بمنزله بكوبري القبة فأخبرته بما دار بين عبد الحليم عبد العال وبيني وسألته عن الخطة العامة للثورة فقال : إن الخطة العامة وضعت على أساس فرض سيطرة الضباط الأحرار على القوات المسلحة في مدينة القاهرة واعتقال الضباط الموالين للملك فاروق ثم بعد ذلك يسهل تنفيذ أهداف الحركة خطوة وراء أخرى.

وقال جمال عبد الناصر : إن بعض كتائب المشاة والمدرعات والمدفعية ستقوم باحتلال الأغراض المحددة لها ، وإن اللواء أركان حرب محمد نجيب قبل قيادة الثورة ، وأن المطلوب من الضباط الأحرار في الكلية الحربية أن يتواجدوا في الكلية لتجهيز المعتقل الذي سيودع فيه المعتقلون في مبنى السرية الرابعة بالكلية الحربية ، وكان مبنى السرية الرابعة بالكلية الحربية عبارة عن مبنى السجن الحربي القديم للجيش المصري ، وكان به 171 زنزانة تصلح كل زنزانة بأن يوضع بها شخص أو أكثر ، وكانت الكلية الحربية حينما استلمت هذا المبنى من السجن الحربي القديم نزعت الحديد من الشبابيك ووضعت بدلاً منها شبابيك من الزجاج والخشب وحولته إلى عنبر لنوم طلبة السرية الرابعة لكل طالب حجرة منفصلة ينام ويذاكر دروسه فيها.

وفي شهر يوليو 52 كانت الدراسة قد انتهت في الكلية والطلبة في أجازة الصيف ، ولما سألت جمال عبد الناصر عمن وضع خطة العمليات للثورة ، أجابني « إنه وزميله عبد الحكيم عامر وزكريا محيي الدين قد وضعوا خطة الانقلاب » وعرضت الخطة على لجنة قيادة الضباط الأحرار فأقرتها.

ذهبت لمنزلي في سراي القبة وبقيت فيه حتى التاسعة مساء يوم 21/ 7/ 1952 ، فحضر عبد الحليم عبد العال وكمال رفعت وقالا لي لقد تأجلت العملية إلى الليلة التالية لإتمام بعض الاستعدادات ، كما قال لا تغادر منزلك اليوم بعد الظهر حتى يحضر لك مندوب بالتعليمات النهائية.

وفي الساعة التاسعة مساء يوم 22/ 7/ 1952 حضر لمنزلي كمال رفعت وحمدي عاشور والقويسني ، فقالوا أنزل معنا وأسرعت زوجتي لعمل التحية الواجبة للضيوف ، فقلت لها لا داعي لأني سأنزل معهم فوراً لأن هناك حالة طوارئ في البلاد وسأبيت الليلة بالثكنات بالكلية الحربية ولا تقلقي إذا تأخرت بضعة أيام ، فاضطربت وكانت لا تدري شيئاً عما أنا مقدم عليه ولكنها أمسكت بيدي وقالت « بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد » فتلوت عليها الآية الكريمة ، وخرجت من منزلي مع زملائي كمال رفعت وحمدي عاشور والقويسني وتركنا كمال رفعت قائلاً إنى ذاهب لتنفيذ واجبات أخرى.

وعندما وصلت أنا وحمدي عاشور والقويسني إلى المستشفى العسكري العام بكوبري القبة ، قال اليوزباشي القويسني « يا جماعة أنا غير مقتنع بالعمل ده واسمحوا لي أن أروح » ، فقال لي حمدي عاشور « إيه رأيك يا حسين في كلام القويسني » ، فقلت « يا قويسني روح أحسن ما دامت هذه رغبتك » فانصرف القويسني على الفور ، وقلت لحمدي عاشور لا فائدة من وجود شخص متردد معنا ليس لديه إرادة العمل لأن ضرره سيكون أكثر من نفعه وعلينا أن نتوكل على الله ، فقد اتفقنا مع رجال ولابد أن نكون رجالاً.

فذهبت أنا وحمدي عاشور للكلية الحربية وصعدنا إلى ميس الضباط ، فوجدنا الضابط المنوب ليلاً في الكلية الحربية وهو اليوزباشي المهندس شاهين نائماً فلم نوقظه ، وأخذت أرقب شارع الخليفة المأمون من شرفة ميس ضابط الكلية الحربية بكوبري القبة.

وحوالي الساعة عشرة ونصف مساء يوم 22/ 7 / 1952 وقفت سيارة تاكسي أمام باب الكلية الحربية ، ونزل منها اليوزباشي كمال الحناوي فناديته قائلاً « اطلع يا كمال » ، فطلع إلينا وظللنا ننتظر حضور أحد غيرنا من الضباط الأحرار من مدرسي الكلية الحربية مدة نصف ساعة تقريباً ، ولما لم يحضر أحد قلت لكمال الحناوي « تعال يا كمال نذهب لمبنى السرية الرابعة » فذهبت أنا وكمال الحناوي إلى مبنى السرية الرابعة ، ومررت على الحراسة الموجودة حول مبنى هذه السرية وطلبت من حكمدار الحرس مفاتيح الحجرات وأمرته بأن يضع في كل حجرة مفتاحها من الخارج ، وبعد التأكد من إتمام هذه العملية أمرته بفتح حجرة حجرة وقفلت الشيش ثم دقيت مسامير طول المسمار الواحد حوالي 10 سم في الشيش من الداخل ومن الخارج ليتعذر فتحه وكنت أحضرت معي كمية من المسامير وشاكوش لهذا الغرض ثم قفلنا الحجرات وتركنا مفتاح كل حجرة فيها من الخارج ، وبعد التأكد من إتمام هذه العملية ذهبت مع كمال الحناوي إلى ميس الضباط ونظرت مرة ثانية إلى شارع الخليفة المأمون .

وحوالي الساعة 11.30 قبل منتصف الليل سمعنا صوت لواري وقفت أمام المستشفى العسكري بكوبري القبة ، ونزل منها جنود مشاة وسمعت أوامر تصدر لهؤلاء الجنود بالفتح والانتشار لاتخاذ تشكيل الاقتحام ، وسمعت أمراً آخر بتركيب السونكيات في البنادق ثم سمعت أمراً آخر بالاقتحام ، فتعالت أصوات طلقات الرصاص فاضطربت اضطراباً شديداً وتوقعت فشل الثورة ، إذ أن الموعد المحدد لبدء الثورة هو الدقيقة الأولى من صباح يوم 23 - 7 - الثورة.

وتصورت أن الحركة علم بسرها المسئولون فأسرعوا وأحضروا قوات موالية للملك للسيطرة على الموقف ، ولكن هدأ من روعي خاطر قفز لذهني بسرعة وهو « إذا كانت هذه هي قوات مواليه للملك فما الداعي لأن تقتحم رئاسة الجيش وكان الطبيعي أن تعزز الحراسة حولها بهدوء لا أن تقتحمها ، فاطمأن خاطري وأيقنت في الحال أن هذه هي قوات من قوات الثورة حركتها قيادة الثورة قبل موعد العملية لأمر طرأ في آخر لحظة لا أعلمه الآن .

ومع أصوات الرصاص سمعنا صوتاً عالياً ينادي « حرس سلاح » وكان هذا الصوت صادراً من الحارس أسفل الشرفة حيث « حرس البوابة الرئيسية للكلية الحربية » ، فأسرعت أنا وحمدي عاشور وكمال الحناوي بالنزول سريعاً إلى مقر حرس البوابة الرئيسية للكلية ، وأمرنا الحرس بعدم القيام بأي تصرف إلا بأوامر من الصاغ حمدي عاشور ، وكان أقدمنا وفتحنا الباب الرئيسي للكلية الحربية في انتظار المعتقلين ، وفي هذه الأثناء استيقظ الضابط النوبتجي اليوزباشي المهندس شاهين على صوت الرصاص ونزل بسرعة إلى باب الكلية الرئيسي فوجدنا فقال ما الخبر؟ فقلت له هناك حالة طوارئ والصاغ حمدي عاشور - وكان أقدمنا - وهو المسئول عن الكلية الحربية الآن.

فوقف الضابط التوبتجي لا يدري ما يدور حوله ، وما هي إلا لحظات حتى حضر إلى باب الكلية أول فوج من الأسرى كان من بينهم الفريق حسين فريد رئيس هيئة أركان حرب الجيش وقت قيام الثورة واللواء الشعراوي قائد سلاح الطيران واللواء زكي أرناءوط قائد سلاح المهمات وعدد كبير من كبار ضباط الجيش المصري من رتبتي اللواء والأمير آلاي كانوا مجتمعين برئاسة الجيش بكوبري القبة والتي تقع في مواجهة الكلية الحربية.

وكان الغرض من اجتماع كبار قادة الجيش وضع خطة لقمع حركة الضباط الأحرار بعد أن تسربت أسرار الحركة إليهم فداهمتهم قوات الثورة وهم مجتمعون وألقت القبض عليهم وأرسلتهم تحت الحراسة إلى المعتقل بالكلية الحربية.

وكان الحارس عليهم الصاغ عبد الحكيم عامر والصاغ عبد الحليم عبد العال يوسف.

فاستقبلت طابور الأسرى من كبار ضباط القوات المسلحة وأوصلتهم إلى مبنى السرية الرابعة حيث وضعت كل واحد منهم في حجرة وقفلنا الباب من الخارج وضوعفت الحراسة حول المعتقل بقوات من احتياطي الخدمات بالكلية الحربية.

وظلت الكلية الحربية طوال ليلة 22-23/7/1952 تستقبل المعتقلين من الضباط ونحن كخلية النحل لم نهدأ حتى الصباح.

وفي صباح يوم 23/7/1952 استمع شعب مصر إلى البيان الأول للثورة أذاعه البكباشي محمد أنور السادات.

وعلمت بعد ذلك من سعد حسن توفيق ومن يوسف منصور صديق تفاصيل أخرى أرى من الواجب إثباتها في هذا الكتاب حفظا لحقائق التاريخ من أن يطويها الأجل المحتوم.

والمرحوم سعد حسن توفيق كان من طليعة الضباط الأحرار ومن أعضاء الخلية الرئيسية التي تكونت سنة 1943 بواسطة عبد المنعم عبد الرؤوف وكاتب هذه السطور وجمال عبد الناصر وكمال الدين حسين وخالد محيى الدين وصلاح خليفة والمرحوم الصاغ محمود لبيب.

وقد اقترن كاتب هذه السطور بشقيقته عام 47 وتوفى المرحوم سعد حسن توفيق لرحمة مولاه عام 1962.

وقد حدثني المرحوم سعد حسن توفيق قائلاً : إنه كان نوبتجيا بإدارة المخابرات الحربية التي كان يعمل بها يوم 22/ 7/ 1952 ، فشاهد الفريق حسين فريد رئيس أركان حرب الجيش يحضر ليلا حوالي الساعة 9.30 مساء وبدأ يستدعى قادة الجيش والطيران لعقد مؤتمر برئاسة الجيش بكوبري القبة.

وكانت إدارة المخابرات الحربية بالدور الأرضي من مبنى رئاسة الجيش فترك سعد حسن توفيق رئاسة الجيش حوالي الساعة 10 مساء يوم 22/7/52 وتوجه إلى منزل جمال عبد الناصر حسين بكوبري القبة وأبلغه أن خطة الثورة قد اكتشفتها رئاسة الجيش وأن حسين فريد رئيس الأركان قد دعا قواد الأسلحة والوحدات إلى مؤتمر عاجل في مبنى الرئاسة ومعنى ذلك أن الثورة عرضة للفشل وطلب سعد حسن توفيق من جمال عبد الناصر أن يتصرف بسرعة على ضوء هذه المعلومات باعتباره المسئول عن خطة الثورة .

فأسرع جمال عبد الناصر إلى منزل عبد الحكيم عامر واتجها جهة ألماظه لعلهما يستطيعان إحضار بعض القوات لاعتقال المجتمعين في رئاسة الجيش.

ومن جهة أخرى أن القائمقام يوسف منصور صديق مكلفاً في الخطة بالتحرك بقواته ليشكل احتياطاً للقيادة الثورية.

وذهب يوسف صديق ومعه ضباطه الأحرار إلى هاكستب فوجد هناك عقبة خطيرة إذ اعترضه ضابط عظيم محطة هاكستب البكباشي أحمد المعتز بالله الكامل الذي اتصل باللواء مكي قائد الفرقة الذي أفاد بعدم إجراء أي تحرك حتى يحضر.

فقرر يوسف صديق التحرك بقواته قبل الميعاد المحدد لقيام الثورة وقبل وصول اللواء مكي قائد الفرقة حتى لا تفسد الخطة ويتعذر عليه التحرك بقواته.

فألقى يوسف منصور صديق القبض على ضباط عظيم محطة هاكستب البكباشي المعتز بالله الكامل وأمر ضباطه الأحرار بالخروج بالقوة التي كانت تحت أيديهم قبل الميعاد فخرجوا ووجدوا في الطريق اللواء مكي قائد الفرقة فاعتقلوه وعند الميدان بالقرب من مطار ألماظه أسرت طلائع قوات يوسف منصور صديق جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وكانا يحومان حول هذه القوة وكان ضباط يوسف صديق الأحرار لا يعرفون جمال عبد الناصر ولا عبد الحكيم عامر.

فلما حضر يوسف صديق أفرج عنهما فوراً ، وأخبر جمال عبد الناصر يوسف منصور صديق بالموقف وكلفه بالتوجه بالقوة التي معه إلى رئاسة الجيش للقبض على حسين فريد رئيس الأركان ومن معه من قادة الجيش.

فقام يوسف منصور صديق بهذا الواجب على أتم وجه وكان له الفضل الأكبر هو والمرحوم سعد حسن توفيق واللواء محمد نجيب في نجاح ثورة 23/7/1952 وكل شيء تم بإرادة الله فهو الميسر لما حدث.

وعرفت سر انكشاف الحركة قبل ساعات قليلة من تنفيذها من أحد كبار ضباط الطيران ، والذي اعتقل بعد قيام الثورة في معتقل الكلية الحربية الذي كنت مسئولا عنه فقد عرف الملك فاروق السر عن طريق هذا الضابط الكبير ، ذلك أن لهذا الضابط الكبير شقيقا برتبة ملازم كان من الضباط الأحرار ، وذهب لمنزله ليرتدى ملابسه العسكرية ليلا فسألته أمه عن وجهته فقال لها إني ذاهب لهدم قصر عابدين فوق رأس الملك ، فصرخت والدته وخافت على ابنها واستدعت شقيقه الأكبر تليفونيا والذي حضر مسرعاً ولم يستطع الشقيق الأصغر أن يصمد أمام ضغط شقيقه الأكبر فعدل عن الاشتراك في الثورة واعترف لشقيقه الأكبر بتفاصيل المؤامرة.

فأسرع الشقيق الأكبر وكان ضابطاً بسلاح الطيران برتبة قائمقام ( عقيد ) واذكر من اسمه « صالح » ، أسرع إلى قصر القبة حيث اتصل بالياور المنوب ليلا بقصر رأس التين بالإسكندرية ، وأطلعه على السر الرهيب فاتصل الملك فاروق بمحمد حيدر وزير الحربية الذي اتصل بالفريق حسين فريد وطلب منه القضاء على الثورة في مهدها كما اتصل الملك فاروق بوزير الداخلية الذي اتصل بدوره باللواء أحمد طلعت حكمدار بوليس العاصمة.

وقد قام أحمد طلعت بتدعيم الحراسة حول قصر عابدين ، وتمكنت قوات الثورة من اعتقال كبار ضباط البوليس ومنهم أحمد طلعت حكمدار بوليس العاصمة ومحمد إمام إبراهيم رئيس البوليس السياسي وجميع ضباط البوليس السياسي.

وفي صباح 27/7/1952 بعد أن وزعنا على المعتقلين من كبار ضباط الجيش والبوليس جرائد الصباح التي تفيد مغادرة الملك فاروق لأرض مصر بعد نزوله عن العرش ، طلب منى اللواء أحمد طلعت حكمدار بوليس العاصمة ( وكان بين المعتقلين في الكلية الحربية منذ 24/7/ 1952) الاتصال بالمسئولين عن الثورة لأن لديه وثائق في خزانة مكتبه يود تسليمها لرجال الثورة لأنها ستنفعهم في حكم البلد على حد قوله ، ونصحني أن أبلغهم بتشديد الحراسة على إبراهيم عبد الهادي رئيس وزراء مصر في عهد الإرهاب الملكي خشيه أن ينتهز الإخوان المسلمون فرصة الثورة ويقتلوه مما يسيء إلى الثورة وهي مازالت بعد لم تتمكن من تثبيت أقدامها.


دور الإخوان المسلمين في أحداث ثورة يوليو 1952م .


ويتابع حسين حمودة حديثه فيقول :

فذهبت للقيادة العامة وقابلت جمال عبد الناصر وأخبرته بما دار بيني وبين اللواء أحمد طلعت حكمدار بوليس العاصمة فقال جمال عبد الناصر : اطمئن جداً من ناحية الإخوان المسلمين فأنا ( أي جمال عبد الناصر ) متصل بحسن الهضيبي وأخذت موافقته قبل قيام الثورة ، وأنا متفاهم مع الإخوان المسلمين على كل شيء ولا خوف على حياة إبراهيم عبد الهادي من انتقام الإخوان المسلمين.

والإخوان يتعاونون معنا الآن ويقومون بحراسة مرافق البلاد الحيوية والسفارات الأجنبية ولهم عناصر مسلحة على طريق القاهرة السويس وطريق الإسماعيلية القاهرة وفي منطقة قنال السويس لمراقبة تحركات القوات البريطانية أولاً بأول وإبلاغنا بأي شيء يرونه.

وبالنسبة للوثائق اذهب بنفسك مع اللواء أحمد طلعت بالحراسة اللازمة على حكمدارية بوليس القاهرة وأحضر الأوراق وأعده للمعتقل.

فذهبت لمعتقل الكلية الحربية وأخذت اللواء أحمد طلعت ومعي حراسة كافية مكونة من ضباط وعشرة من ضباط الصف والعساكر مسلحين بالمدافع الرشاشة.
وتوجهت لحكمدارية بوليس العاصمة ومعي اللواء أحمد طلعت الذي صعد إلى مكتبه وجلس وفتح المكتب وأخرج ما فيه من دوسيهات وأوراق ثم فتح خزانه حديدية وأخرج ما فيها من أوراق ودوسيهات وقد حزمنا كل هذه الأوراق على هيئة طرد حملتها معي وأعدت اللواء طلعت لمعتقل الكلية الحربية وسلمت طرد الأوراق الذي أحضرناه من خزانة ومكتب اللواء أحمد طلعت لجمال عبد الناصر.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق