الاثنين، 26 يوليو 2021

 

قصتي مع بئر زمزم !

ماذا حدث معي عندما تحدثت عن معجزات بئر زمزم ؟

عندما كنت نائبا في البرلمان – الفصل التشريعي ( ٢٠٠٥/٢٠١٠م ) ، وفي عام ٢٠٠٨م تقريبا أخذت زوجتي وأبنائي في رحلة للإسكندرية لأعوضهم عن الفترات الطويلة التي أتركهم فيها .

وفي أحد الأيام وبعد صلاة العشاء جلست بصحبة طفلي الصغير محمود في بلكونة السكن ، والتي كانت تطل علي البحر الذي يفصلنا عنه كورنيش إسكندرية . بدأت أحكي لإبني قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما ترك زوجته هاجر وابنه اسماعيل في منطقة مكة ، والتي كانت ساعتها صحراء جرداء ، لا زرع فيها ولا ماء ، وحكيت له كيف أخرج الله عز وجل الماء من الأرض ، وكيف أظهر الله عز وجل بئر زمزم إلى الوجود ، وكيف استمر البئر بعد ذلك آلاف السنين دون أن ينضب ماؤه ، رغم الكميات الكبيرة من مياه البئر التي يشربها الحجاج والمعتمرين والزوار يوميا – في الحرمين الشريفين - للتبرك بها ولمذاقها المتميز ، ورغم الكميات الكبيرة التي يحملها الزوار ويسافرون بها لذويهم ، وأسهبت في الحديث عن معجزة بئر زمزم ، وأثناء الحديث دق جرس الهاتف المحمول ، فقمت بالرد ، وبعد أن رددت السلام على المتصل ، سألني أنت مش عارف مين بيكلمك يا أستاذ محمد ، فقلت له الصوت مش غريب عليّ ، فقال: أنا محمد هاشم ، فقلت له: سامحني يا أستاذ محمد ، ما كان ينبغي أن يغيب صوتك عن أذني ، إنه الأستاذ محمد هاشم الرجل الفاضل الذي كان يُصدر صحيفة "أسوان الحديثة" في ذلك الوقت .

فقال: أنت عارف أنا بكلمك من فين يا أستاذ محمد ؟ ، قلت له: لا أدري ، فقال: أنا بكلمك وأنا ماسك جدار الكعبة ، فرحت وفي نفس الوقت تعجبت أن تأتيني مكالمة من داخل الحرم الشريف ومن جوار الكعبة المشرفة ، وأن يصل صوتي إلى هذا المكان المبارك في ذات الوقت الذي أحكي فيه لإبني معجزة بئر زمزم وأنا جالس في الإسكندرية .

سألت نفسي بعدها : هل يمكن أن تكون هذه صدفة ؟

إن جميع المخلوقات سواء كانت من الحيوانات أو النباتات أو الجماد لها أنفس وعقول تناسب مهمتها في الكون ، فهل كانت نفس بئر زمزم سبب هذه المكالمة في هذا الوقت ؟ ألم يقل الله عز وجل:

( ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )

ألم يقل جل وعلا:

( فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ)

كما قال جل وعلا :

( وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا )

ألم يقل جل وعلا:

(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) 

ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم:

( إني لأعرف حجراً بمكة ، كان يسلم علي قبل أن أُبْعَث ، إني لأعرفه الآن )

وعن هذا الحديث يقول النووي :

فيه معجزة له صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا إثبات التمييز في بعض الجمادات ، وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة :

{وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}

                                                ( البقرة:74 )

وقوله تعالى:

{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُم}

                                                   (الاسراء:44)

ويتابع الإمام النووي : وفي هذه الآية خلاف مشهور ، والصحيح أنه يسبح حقيقة ويجعل الله تعالى فيه تمييزاً بحسبه ".

وأقول : أخبرني مرة أحد الصالحين المسنين من أرباب ، وكان يفتتح المسجد القبلي الكبير بكوم أمبو يوميا ليؤذن الفجر ، أخبرني رحمه الله أنه كان يستمع إلى إلي صوت يسبح الله عز وجل ، ويصدر الصوت من خشب المنبر ، فينهض الرجل ويدور حول المنبر عدة مرات ليتأكد من مصدر الصوت ، فلا يجد أحدا ، ليتأكد أن أذنه لم تخدعه ، وأن صوت التسبيح يخرج من خشب المنبر .

إن الكون كله مسخر للإنسان ، فهل يمكن أن تكون مخلوقات الله عز وجل مسخرة للتواصل مع الناس بطريقتها الخاصة لتشجعهم على العمل الصالح .

هل يمكن أن تكون هذه المكالمة التي جاءتني من جوار الكعبة أثناء حديثي عن معجزة بئر زمزم وأنا موجود بالإسكندرية درسا عمليا على حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه:

( يقُولُ اللَّه تَعالى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإن ذَكرَني في نَفْسهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفسي، وإنْ ذَكَرَني في ملإٍ  ذكَرتُهُ في ملإٍ خَيْرٍ منْهُمْ ).

بالطبع أنا لا أقصد مما عرضت القول بأنني رجل صالح أو ولي من أولياء الله عز وجل ، لكنني في نفس الوقت على قناعة بأن مقادير الله عز وجل مع الإنسان حتى لو كان من العصاة كثيرا ما تنطوي على معاني وإشارات ودلالات ، وتهدف إلي صلاح حاله .

 


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق