الأحد، 25 يوليو 2021

 

هل هي الحرب على الإسلام ؟

من كتاب : "أمريكا رؤية من الداخل".

تأليف الأستاذ/ رجب البنا نائب رئيس تحرير الأهرام ، ورئيس تحرير مجلة أكتوبر ، ورئيس مجلس إدارة دار المعارف سابقا .

الناشر: دار المعارف المصرية الحكومية.

عام 2004م نشرت دار المعارف المصرية الحكومية كتاب " أمريكا رؤية من الداخل" للمؤلف: الأستاذ رجب البنا الذي شغل منصب نائب رئيس تحرير الأهرام لفترة من الزمن ، ثم رئيس تحرير مجلة أكتوبر ورئيس مجلس إدارة دار المعارف سابقا.

وقدمت دار المعارف للكتاب بقولها: ويكشف الكتاب بالحقائق والوقائع والأرقام ما كان خافياً أو مغلفاً بالعبارات والتصريحات الدبلوماسية ، والعرب والمسلمون في أشد الحاجة إلى التعرف على الرؤية الأمريكية لأمريكا ، حتى يختاروا لأنفسهم طريقهم ومستقبلهم على بينة ، ولا ينخدعوا بزخرف القول ، ولهذا تهدي دار المعارف هذا الكتاب لكل من يبحث عن الحقيقة ولا يبيع ضميره من أجل حفنة دولارات.

 

في فصل بعنوان "هل هي الحرب على الاسلام" ، يقول الأستاذ رجب البنا:

من يتابع ما ينشر وما يقال عن الإسلام في أنحاء العالم فلا بد أن يشعر بالقلق الشديد ، ومن يحاول فهم العقلية الجديدة التي تحكم أمريكا الآن وموقفها من الإسلام ، فسوف يشعر بالخطر القادم ، الأستاذ محسن محمد بقلمه الرشيق كتب مقالا في صحيفة الوفد بعنوان : "رجال وراء الستار في أمريكا" زادت به مخاوفنا ، قال فيه: إن الحقيقة السائدة في أمريكا هذه الأيام:

أن واشنطن مادامت قد نجحت في تدمير الشيوعية كعقيدة  وتفكيك الاتحاد السوفيتي كدولة ، فلم يبق أمامها غير أن تغير المسلمين ، ويقول أصحاب هذا الفكر الآن أمامنا عقيدة أخرى تهدد الغرب مثل الشيوعية ، وهذه العقيدة هي الإسلام ، ويقولون: الإسلام هو المعركة القادمة.

ويقول الأستاذ محسن محمد لا داعي في العالم الاسلامي لخداع النفس ، ثم شرح في مقاله أفكار بعض الرجال الذين يؤمنون بضرورة مواجهة الإسلام ومواقعهم في الإدارة الأمريكية.

عزيزي القارئ سوف أتحاشى قدر الإمكان الإشارة إلى الساسة الأمريكيين الذين ذكرهم الأستاذ / محسن محمد وتاريخهم المعادي للإسلام والمسلمين مكتفيا بعرض أفكارهم التي عرضها الكاتب ، والتي هي منذ بضع سنوات دخلت حيز التنفيذ ، وفيما يلي  بعض يسير من هذه الأفكار :

-        أن هناك شيئا اسمه الفاشية الإسلامية هي التي تهدد العالم الآن.

-        من الخطأ التمييز بين إسلام طيب وإسلام سيئ ، ومن يتبعون هذا التقسيم هم جبناء لا يريدون مواجهة الواقع فالشيوعية كلها سيئة وكذلك الاسلام.

-        دانيال بايبس ابن الأب ريتشارد بايبس يقول :

أبي استطاع إقناع ريجان بشن حرب لا تتوقف ضد السوفييت فانهارت إمبراطوريتهم ، ويجب اتباع هذه القاعدة نفسها الآن ، والذي يجب أن نفهمه أن البعض في الغرب لا يأخذ المتطرفين الإسلاميين مأخذ الجد ، بينما الحرب التي نواجهها الآن هي نفس الحرب التي خضناها على الشيوعية عندما أدركنا أن الشيوعية هي عدونا ولابد أن نهزمه ، وعدونا الحالي هو الإسلام ، وكما أعدنا تشكيل الاتحاد السوفيتي ، فإننا يجب أن نعيد تشكيل الشرق الأوسط ، الشيوعية عقيدة ، والإسلام عقيدة ، وإذا كنا لم نتهاون في الحرب ضد العقيدة الشيوعية ، فإننا يجب أيضا أن لا نتهاون في الحرب ضد الإسلام ، أليس من حق المسلمين أن يشعروا بالقلق عندما يرون أقرب المفكرين إلى البيت الأبيض يؤمنون بهذه الافكار .

-        قامت المخابرات المركزية الأمريكية بتمويل - اليهودي المصري الأصل الأمريكي الجنسية الدكتور نداف سفران الذي كان في عام ١٩86م مديرا لمركز دراسات الشرق الأوسط  في جامعة هارفارد - بمبلغ 45 ألف دولار لكي يقوم بعقد مؤتمر دولي عن الأصولية الإسلامية ، ونكتشف أن كثيرا مما يكتب في الغرب عن الإسلام والمسلمين على أنه بحث علمي نزيه إنما هو عمل مخطط تدعمه حكومات وشركات وجمعيات وتوجهه لخدمة مصالحها.

-        الدكتور "ريتشارد هرير دكمجيان" أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيويورك في كتابه "الأصولية في العالم العربي":

" أعتقد أن علينا أن نعمل جاهدين على تمزيق العالم الإسلامي مستخدمين الانقسامات العرقية والسياسية ".

-        ومن أغرب ما فعلته الإدارة الأمريكية أواخر يناير 2003م ما ذكرته مجلة نيوزويك الأمريكية ، فقد طلب مكتب التحقيقات الفيدرالية ( إف. بي. أي) من ستة وخمسين فرعا له على مستوى الولايات حصر جميع المساجد ، ووضع خرائط لها ، وتسجيل المترددين عليها ، وقيل إن ذلك يتم في إطار الحرب على الإرهاب ، وقال مدير الشرطة الفيدرالية الأمريكية " روبرت مويلر": إن هذه الدراسة ستُستخدم لأهداف لها علاقات بالتحقيقات ضد الإرهاب ، وكذلك لكي يتم التنصت على ما يجري داخل هذه المساجد .

-        شركة بوينج الأمريكية التي تنتج الطائرات عندما أرادت انتاج فيلم للدعاية عن أحدث منتجاتها من الطائرات الحربية لم تجد إلا أن تصور الطائرات الجديدة وهي تهاجم مدينة إسلامية ظهرت فيها المساجد بوضوح ، وساعتها نشرت الصحافة البريطانية تعليقاً على هذا الفيلم قالت فيه : إن اختيار مدينة إسلامية هدفاً للتدمير يؤكد ما يزعمه البعض بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تشن حملات ضد الإرهاب بل إنها حرب على الاسلام .

-        قانون مكافحة الإرهاب الأمريكي – الذي وضع استهدافا للمسلمين - يفرض على المسلمين والعرب أن يسجلوا أسمائهم لدى سلطات الهجرة ، وتُؤخذ بصمات أصابعهم ، ويخضع كل واحد منهم للاستجواب والتحقيق ، ويُلزم بالإبلاغ عن تحركاته إذا غير عنوانه أو انتقل من ولاية إلى ولاية أو من مدينة إلى أخرى .

وقد وجهت منظمة العفو الدولية النقد إلى القانون سالف الذكر ، وطالبت الحكومة الأمريكية باحترام حقوق الإنسان بالنسبة للأجانب ، وأدان تقرير المنظمة ما تقوم به السلطات الأمريكية من اعتقال أعداد كبيرة من الرجال والشبان المنحدرين من دول إسلامية ، ويقول التقرير: إن المسلمين الذين يتقدمون لتسجيل أسمائهم في مكاتب الهجرة تنفيذا لهذا القانون يلقون معاملة سيئة و يتم اعتقال بعضهم دون بيان السبب ، أما المعتقلون فإنهم يتعرضون للإهانة ، ويمنع عنهم الطعام والعلاج الطبي اللازم لبعضهم ، كما يُحرمون من حق الاستعانة بمحام ، ويضطر بعضهم إلى النوم على الأرض .

-        أما بخصوص الأسرى المسلمين في سجن "جوانتانامو" ومقره دولة كوبا ، وأكثرهم يتم القبض عليه ويوضع في السجن بالشبهات ، فإنهم يعانون من أسوأ معاملة حدثت في المعتقلات على مر التاريخ ،  فلم يسمح لهم بمحامي لحضور التحقيقات ، ووضعوا في زنزانات ضيقة من السلك الصلب مثل الحيوانات في حدائق الحيوان ، ومنعوا من الاتصال بأهاليهم ، ولا أحد يهتم بما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية عن الأحوال السيئة لهؤلاء الأسرى مما يشكل خرقا لمبادئ حقوق الإنسان وإعتداء على حقهم في أن يقدموا للمحاكمة إذا كانت هناك اتهامات معينة موجهة إليهم أو إعادتهم لبلادهم لمحاكمتهم فيها ، ويقول تقرير منظمة العفو الدولية إن المنظمة واجهت عدة رسائل إلى السلطات المختصة تطلب فيها معاملة هؤلاء الأسري طبقا للقانون الدولي ، وطلبت السماح لها بزيارة "قاعدة جوانتانامو" لكنها لم تتلق أي إجابة ، وكل ما سبق يؤكد أن المسلمين أصبحوا مستضعفين في الأرض لا كرامة لأرواحهم ولا لدمائهم ولا لأنفسهم ولا لأموالهم ، والأدهى من ذلك أنهم أصبحوا بلا ناصر لهم ، لأن كثير من الحكومات العربية داعمة بشيك على بياض لكل ما تقوم به أمريكا وشركائها.

-        الكاتب الامريكي المعروف " وليم فاف" كتب في صحيفه "هيرالد تريبيون" يوم 12 ديسمبر 2002م مقالا بعنوان "تعارض القيم" قال فيه : إنه بعد هجمات سبتمبر كان من أشد المحظورات السياسية القول بأن هناك علاقة لأي طرف أمريكي بهذه الهجمات ، وعندما حاول بعض الصحفيين و مقدمو البرامج مناقشة الافتراض بوجود أصابع أمريكية فقدوا وظائفهم وتم فصلهم فورا ، ويقول وليم فاف: ومع ذلك فإن كل من له علم بالعلاقة بين أمريكا وما يجري في الشرق الأوسط والعالم الاسلامي يعلم أن ذلك صحيح ولو بشكل جزئي على الأقل .

-        ومع ذلك يكفينا ما يقوله المفكر اليهودي الأمريكي الكبير نعوم تشومسكي ، الذي يعتبرونه رمزا للمفكر الشجاع الذي لا يتردد في تعرية من هم في مراكز القوى ، ويبدى رأيه بصرف النظر عن الفوارق الدينية والعرقية والثقافية بين الشعوب ، وقد وصل إلى درجة أن اعتبرته نيويورك تايمز أهم مفكر على قيد الحياة وأنه واحد من اثنين فقط يستحقان لقب عبقري .

-        كتب تشومسكي كتابا بعنوان " ١١ سبتمبر" ، كما ألقي محاضرة طويلة تزيد عن ثلاث ساعات عن " الحرب العالمية على الإرهاب "، أوضح من خلالهما أن أمريكا وإسرائيل هما أكبر دولتين إرهابيين في العالم ، وحصر أكبر قدر من جرائمها الإرهابية ضد عدد كبير من دول العالم مثل فلسطين ولبنان وإيران والسودان وتونس والجزائر ومجموعة من دول أمريكا الجنوبية ، مؤكدا أن الأعمال الإرهابية ضد المصالح الأمريكية هي من قبيل ردود الفعل على المظالم التي تعانيها الكثير من الدول والشعوب من قبيل المظالم الأمريكية .

-        وعندما تحدث تشومسكي عن الأصولية الإسلامية قال :

إن حركات الأصولية الدينية في أمريكا من أكثر الحركات تطرفا في العالم ، فالأصولية ليست ظاهرة إسلامية بحتة ويبدوا أن التشدد ظهر في العالم الإسلامي نتيجة الفشل والخداع والفساد وفشل الأنظمة القومية العلمانية وعدم وجود خطوات حقيقية تجاه الديمقراطية نابعة من الجذور ، وإذا لم يتم علاج هذه السلبيات ، فسوف يُواجه العالم العربي والإسلامي مخاطر حقيقية ، بل إنه سيواجه كوارث في المستقبل القريب.

-        ونختم بما قاله "وليم فاف" :  

من أن التصادم راجع إلى تمسك كل طرف بالقيم الخاصة به ، ورفض القيم التي يؤمن بها الآخر ، ويضاف إلى ذلك الخوف الطبيعي لدى المسلمين عندما يشاهدون على أراضيهم قواعد عسكرية لهؤلاء الاجانب ومحاولات للتضخم لتغيير السياسات والنظم في الدول الإسلامية وفقا لسياسة البنتاجون في العقد الماضي ، ووجود قائد إقليمي أمريكي لكل منطقة جغرافية في العالم ، ولا تريد أمريكا أن تعترف بأن تواجدها العسكري وتدخلها بصورة فظة وانحيازها لإسرائيل هي الأسباب الحقيقية لظهور رد الفعل في العالم الذي تسميه الصحافة الأمريكية الإسلام الراديكالي ، ولقد كانت القواعد العسكرية الأمريكية في الأصل قواعد مؤقتة لحماية الكويت ، وطرد العراقيين ، ثم أصبحت قواعد دائمة  وهذا يؤدي الى توتر العلاقات بين  أمريكا والعالم الاسلامي خاصة بعد أن تحولت القواعد العسكرية الأمريكية إلى قواعد دائمة أيضا في أفغانستان وأوزبكستان وكازاخستان ، وأصبح التواجد العسكري الأمريكي باسم الحرب على الإرهاب يمتد إلى جورجيا وجنوب الفلبين ، حيث يوجد المسلمون هناك ، وسوف يكون الاحتلال العسكري الأمريكي الطويل للعراق هو الخطوة القادمة ، فماذا تنتظر أمريكا من المسلمين ، أن يقفوا في الطرقات لاستقبال القوات الأمريكية الغازية ، ويهتفوا بحياة أمريكا ، ويضيف وليم فاف :  إن ما تفعله أمريكا هو السبب في رفض بعض المسلمين لما يأتي منها سواء كانت الحداثة أم غيرها ، ما دامت مرتبطة بالاحتلال العسكري والسياسي لأراضيهم ، ثم يقول إن واشنطن توسع تواجدها العسكري في العالم دون أدني شعور منها بأن في ذلك اعتداء على أراضيهم ، وتدعي أن ذلك ضروري لمحاربة الإرهاب الذي يعادي أمريكا ، بينما العداء لأمريكا في العالم الاسلامي نشأ بسبب هذا التواجد العسكري ، والإرهاب نشأ بسبب سياسات أمريكا ، ولا أحد في أمريكا يرى هذا التناقض في أفق.

إن ما يحدث يؤكد لنا :

أن في داخل العقل الأمريكي نوايا تجاه الإسلام والمسلمين عبرت عنها نظرية صدام الحضارات التي أصبحت من أكثر النظريات رواجا وتصديقا كأنها حقيقة من حقائق الواقع لا يمكن إنكارها ولا يمكن تفاديها .



 

 

 

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق