الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

التحميل علي الغلابة لترفيه الديابة .




دولة العسكر علي مر تاريخها الطويل تقوم بالتحميل علي المواطن المصري الغلبان المطحون من أجل أن ينعم الكبار ممن يدعمون بقاء دولة العسكر الديكتاتورية الفاشية ، ولذلك فهي تلجأ لحل أزمات الدولة برفع قيمة الرسوم الحكومية المستحقة علي كل عمل حكومي يحتاجه المواطن ، فينهبوا دخله المحدود في كل مصلحة حكومية يدخل إليها للحصول علي هذا المستند أو ذاك ، كما ترفع قيمة استهلاك المياه والكهرباء والضرائب والجمارك ، وتفرض رسوم جديدة علي العاملين بالخارج ، وأنواع جديدة من الضرائب ، وترفع أسعار مواد الطاقة كالبنزين والسولار وغيره ، ومصروفات المدارس والعلاج حتي أوشكت أن تفرض رسوما علي الهواء الذي يتنفسه المصريون .
وفي المقابل لا تمس بمكتسبات كبار المسئولين في الدولة لاسيما من السلطات التي تمتلك أدوات القوة وتوظفها لحساب دولة العسكر مقابل الحفاظ علي المناصب والمكاسب وفقا لأغنية الفنان / لطفي بوشناق والذي غني لهم " خدوا  المناصب والمكاسب لكن خلوا لي الوطن " ، بل وتسعي دولة العسكر إلي رفع مميزات الكبار بشكل مستمر لا يتناسب مع ظروف الدولة لكي تحافظ علي ولائهم لها ودعمهم لبقائها بكل ما هو جائر من قرارات وأحكام .
وسوف نستعرض في هذا المقال بعض القطاعات التي كان يمكن للسيسي أن يحقق من وراء تصحيح مسارها عوائد مالية ضخمة ، لكنه لم يفعل ، لأن في تصحيح المسار مساس بمكتسبات الكبار ، وفيما يلي بعض الأمثلة :

أولا : الصناديق الخاصة .
وهي صناديق تقوم بجمع الأموال بعيدا عن موازنة الدولة وبعيدا عن الرقابة ، ويتم استخدام هذه الأموال بمعرفة هذه الوزارة أو تلك المصلحة من أجل ترفيه الكبار دون أدني رقابة ، ويكفي أن أعرض عليكم ما قاله أحد نواب برلمان الانقلاب عن الصناديق الخاصة .
نشر موقع مصراوي بتاريخ 17/9/2016م تحت عنوان " برلماني : الصناديق الخاصة تحولت لمغارة علي بابا " جاء فيه :
" قال النائب هشام والي ، عضو مجلس النواب ، إن الصناديق الخاصة تحولت على مدار 43 عام من غرض خير لمغارة علي بابا ، مشيرًا إلى أن الأموال الموجودة في الصناديق الخاصة لا أحد بالدولة يعلم عددها - بحسب قوله.
وأضاف والي في تصريحاته لبرنامج "مصر في أسبوع" المذاع على قناة "Ten" مساء أمس الجمعة ، أن عدد الصناديق الخاصة في مصر قد يتجاوز العشر آلاف صندوق وذلك لوجود صندوق في كل قرية ومركز ومدينة وصناديق في المحافظات والجامعات والهيئات المختلفة بالدولة.
وأشار عضو مجلس النواب بعد ذلك إلى أن جزء من الضرائب يدخل في الصناديق الخاصة بالمحافظات وفقا للقانون فضلا عن ذهاب حصيلة تذاكر المستشفيات وغرامات المرور للصناديق ، لافتًا إلى أن الدولة تحصل فقط على 4% من حصيلة المصروفات الجامعية للطلاب والباقي يذهب للصناديق الخاصة".

ثانيا : عدم تطبيق الحد الأقصى للأجور .

نشر موقع البديل بتاريخ 23/3/2015 تقريرا تحت عنوان "السيسي يمتلك مفتاح المساواة " جاء فيه :
- الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة ، أصدرت مؤخرًا فتواها بعدم خضوع أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة لتطبيق القانون 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لأجور العاملين بالدولة ؛ باعتبارهم كادر خاص وليسوا موظفين فى الدولة .
- وفى نفس السياق ، قال المستشار محمد حامد الجمل ، رئيس مجلس الدولة الأسبق ، إن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة تعمل وفق نصوص القانون وليس مجرد قرار صادر على أساس الأهواء والآراء ، حيث يخضع القضاة وأعضاء النيابة لكادر خاص بهم ينظم رواتبهم ومكافآتهم ، ولا ينطبق عليهم النظام الوظيفي العام المتمثل في قانون الخدمة المدنية ، وبالتالي لا ينطبق عليهم القانون 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لأجور العاملين بالدولة.
ولفت “الجمل” إلى أن فتوى مجلس الدولة الأخيرة ، تنطبق أيضًا على العاملين بالشرطة والجيش والخارجية ؛ نظرًا لأنهم لا يخضعون للنظام الوظيفي العام الخاص بالخدمة المدنية ، ولهم كادر خاص مثل القضاة وجميع السلطات السيادية ، مؤكدا أن الحل الوحيد للخروج من ذلك المأزق ، إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي بصفته انه يمتلك صلاحية التشريع ، قرار بخضوع العاملين بالكادر الخاص إلى الحد الأقصى للأجور.
وعلي ضوء ما تقدم فضلا عما صرح به المستشار / هشام جنينه ، فإن الحد الأقصى للأجور لا يطبق علي القضاء أو الجيش أو الشرطة أو البنوك أو قطاع الاتصالات أو وزارة الخارجية ، وهي الجهات التي يحدث فيها تجاوز الحد الأقصى للأجور .
ونلاحظ أن السيسي لم يصدر قانون بخضوع أصحاب الكوادر الخاصة لقانون الحد الأقصى للأجور كما اقترح المستشار / محمد حامد الجمل ، يما يعني أن قانون الحد الأقصى للأجور الذي أصدره السيسي مجرد استخفاف بالشعب وبيع الوهم له .

ثالثا : استمرار العمل بنظام ندب القضاة كمستشارين في جهات حكومية .

نشرت صحيفة الوفد بتاريخ 21/4/2016م  تقريرا بعنوان " انتداب القضاة.. فى قفص الاتهام"  جاء فيه :
" الندب الكلى أو الجزئي للقضاة إشكالية معقدة وأزمة شائكة تعانى منها مصر منذ عدة عقود، ففضلاً عن انخفاض عدد القضاة بالمقارنة بعدد القضايا المنظورة أمامهم، إلا أن استمرار ندبهم الجزئي لخارج العمل القضائي كمستشارين لجهة واحدة أو أكثر من جهة يثير تساؤلات عديدة حول أسباب استمرار هذه الظاهرة وما يثار حولها من أقاويل وشكوك من التأثير على القاضى ، أو محاولات السلطة التنفيذية أو الجهة المنتدب إليها لاستمالتهم من ناحية ، وتغريم الموازنة العامة للدولة في مكافآت إضافية تصل للملايين سنوياً ".
وكان دستور الثورة الصادر عام 2012 قد ألغي نظام ندب القضاة لتخفيف العبء علي كاهل موازنة الدولة ، إلا أن دستور الانقلاب الصادر عام 2014 قد أعاد العمل به لحين صدور قانون جديد خلال خمس سنوات أيضا لا يلغي العمل بنظام ندب القضاة .

رابعا : استمرار تعيين المتقاعدين من الجيش والشرطة في الوظائف الحكومية وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال .

نشرت صحيفة الوفد بتاريخ 26/2/2016م  تقريرا بعنوان " تعيين مستشاري الوزارات والمؤسسات الحكومية .. بوابة خلفية للمحسوبيات " جاء فيه :
" رغم التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء بأن الدولة تعاني من عجز كبير في الموازنة العامة وأنه يتم العمل على زيادة الصادرات وترشيد الواردات ، إلا أن هناك تعيينات من الأبواب الخلفية لمستشاري الوزارات والهيئات الحكومية وبرحيل الحكومة يرحل المستشارون.
وهذا الحال يحدث بصفة دائمة وقد تتجدد الثقة في بعض المستشارين مرة أخري نظرا لكفاءتهم .
"الوفد" تناقش قضية تعيين مستشاري الوزراء بالإضافة إلي المؤسسات والهيئات الحكومية من لواءات الجيش والشرطة المحالين إلي المعاش مجاملة برواتب تصل إلي المليارات من الجنيهات بما يعادل ربع ميزانية الدولة .
وأضافت الصحيفة :
ووفقا للإحصاءات الرسمية يبلغ عدد المستشارين فى الوزارات المختلفة بالدولة حوالي 20 ألف مستشار يتقاضون مكافآت تقدر بـ18 مليار جنيه سنويا ، وهذا الرقم يعادل حوالي 9% من إجمالى المبالغ المخصصة لرواتب العاملين فى الدولة ، أي أن الـ20 ألف مستشار يحصلون على ما يقرب من عشر ما يحصل عليه 5.6 مليون موظف يعملون فى الجهاز الإدارى بالدولة ، وإذا نظرنا لحجم العمل الذى يقوم به هؤلاء المستشارون نجده لا شيء ، خاصة أن معظمهم من أهل الثقة فمنهم ضباط سابقون وسفراء وصحفيون ، وتعد وزارات المالية والتنمية الإدارية والتخطيط من أشهر الوزارات التى تستعين بمستشارين .
وحين تقول الإحصاءات الرسمية أن رواتب المستشارين ومعظمهم من رجال الجيش والشرطة المحالين للتقاعد ( 18 مليار جنيه ) فهذا يعني أن الرقم الحقيقي لا يقل عن مائة مليار وقابل للزيادة ليصبح ربع موازنة الدولة كما ذكرت الوفد في صدر تقريرها ".

خامسا : تأخير سن التقاعد للقضاة حتي بلوغ السبعين عام .

نشرت صحيفة الأهرام بتاريخ 29/4/2010 تحت عنوان " حول تقاعد القضاة "          جاء فيه :
" وأعترف بأنني من المؤيدين لمد سن تقاعد القضاة ـ باعتبار أن الخطأ الشائع أفضل من الصحيح المهجور ـ وهي السن التي حددها قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم46 لسنة1972 وتعديلاته المتعاقبة , والتي كان آخرها عام2007 بمد السن إلي ( سبعين عاما ) , وكانت سن التقاعد منذ صدور هذا القانون ( 60 سنة ) , زيدت عام1993 إلي ( 64 سنة ) ثم إلي ( 66 سنة ) عام 2002 , ثم إلي ( 68 سنة ) عام 2003 ".
وهذا يترتب عليه احتفاظ القاضي براتبه لمدة عشر سنوات زائدة عن مدة الخدمة المقررة لباقي الموظفين العموميين بالدولة بما فيذلك من آثار علي الموازنة العامة للدولة .

سادسا : اختراع وظيفة للقضاة بعد إحالتهم للمعاش علي سن أل 70 عام .

أصدرت دولة العسكر القانون رقم 7 لسنة 2000م بإنشاء ما يسمي " لجان فض المنازعات " يرأسها مستشار محال للمعاش ويعاونه عدد من الموظفين ، وفي بداية عمل هذه اللجان عام 2000م كان المستشار يتقاضي 3000ج تم زيادتها فيما بعد لتصل 7000ج أو يزيد ، هذا بالإضافة إلي رواتب الموظفين المعاونين .
وفرض قانون لجان فض المنازعات عدم رفع الدعوي القضائية في المنازعات الإدارية قبل اللجوء بطلب للجنة فض المنازعات علما بأن قرارات هذه اللجان غير ملزمة ولا قيمة لها سوي كونها وظيفة لتخصيص راتب جديد للقاضي بعد إحالته للمعاش ، ومع ذلك إذا قام المتقاضي برفع دعواه قبل اللجوء للجنة يقضي بعدم قبولها .

سابعا : استيلاء العسكر علي مشروعات الدولة بالإسناد المباشر .

أصدر المشرع قانون " المناقصات والمزايدات " بقصد تنفيذ المشروعات الاستثمارية للدولة بأقل تكلفة ، بحيث يتم  إسناد هذه المشروعات ( كالمدارس والمستشفيات والطرق وغيرهم ) لمن يقدم أقل تكلفة للتنفيذ بعد طرح المشروع في مناقصة . وللأسف الشديد فإن الإدارة الهندسية للقوات المسلحة تحصل علي هذه المشروعات بالإسناد المباشر بدون مناقصات وبقيمة أعلي من تكلفتها بكثير ، ثم تقوم بإسناد المشروع لمقاول خاص وتحصل علي الفرق . وقد أشرا لكمية من المليارات التي حصلت عليها القوات المسلحة في مثل هذه المشروعات في سلسلة مقالاتي بعنوان " السيسي والعسكر ونهب مصر " ، وجدير بالذكر أن القوات المسلحة حصلت علي مليارات بقصد إعمار سيناء لم يشاهد لها أثر علي الأرض .

ثامنا : رفض العسكر ضم مشروعاتهم لموازنة الدولة .

يصمم العسكر علي أن يجعلوا من الجيش دولة داخل الدولة تقيم المشروعات وتحقق الأرباح دون دفع ضرائب أو تكاليف الكهرباء أو المياه أو غيرها ، وحتي توزيع هذه الأرباح لا يعلم أحد عنه شئ لأنهم لا يخضعون لأي رقابة .
وهكذا أصبحت لهم مشروعات سياحية لا تحصي ولا تعد ، ومصانع ، ومزارع ، وشركات ، ومستشفيات ، ويعملون في الاستيراد والتصدير ، وقد أعلن العسكر منذ بداية ثورة يناير عن رفضهم تسليم هذه المشروعات لموازنة الدولة وصمموا علي أن يصبح الجيش دولة مستقلة داخل مصر ، ولاشك أن ضم هذه المشروعات لموازنة الدولة سوف يحدث نقلة ضخمة في موازنة الدولة ، هذا فضلا عن أنه سيخلص البلاد من قيام العسكر بعرقلة المشروعات الاستثمارية سواء التي يسعي الأجانب أو المصريون لتنفيذها حتي لا ينافسهم أحد ، ويمكن الرجوع إلي سلسلة مقالاتي بعنوان " السيسي والعسكر ونهب مصر " المنشورة علي جوجل لقراءة المزيد عن هذه المشروعات .

تاسعا : سيطرة العسكر علي ثروات البلاد .

- فهم يسيطرون علي البترول ومصادر الطاقة ، وقد رأينا كيف أهدروها في تصدير الغاز لإسرائيل بأقل من تكلفة الاستخراج حتي يحصلوا علي دعم أمريكا وإسرائيل لبقائهم في السلطة ، وكيف تنازلوا عن ثروات عن آبار مصرية لإسرائيل واليونان ، وكيف أدي ذلك من تحويل وزارة البترول من مصدر لمصادر الدخل بالنسبة للدولة إلي أكبر وزارة تحصل علي دعم من موازنة الدولة بلغ في موازنة 2016/2017 ( 43 مليار جنيه ) .
- كما يسيطر العسكر علي الثروة المعدنية ، ويمنعون أي استثمارات فيها حتي لا تخرج من أيديهم ، ويسيطروا الآن علي المحاجر والتي أحدثوا في استغلالها أزمة كبيرة بعد رفعهم لقيمة مقابل استغلالها .
- ويسيطرون علي كافة أراضي الدولة الزراعية والمباني ، فلا يستطيع أحد أو جهة التصرف في متر بعيدا عن موافقة العسكر ، بحيث يحصلوا علي ما شاءوا ويتركوا ما زاد عن حاجتهم للمواطنين .

عاشرا : تصميم العسكر علي حماية الفساد .

ويكفي أن ننظر إلي ما فعله السيسي مع المستشار / هشام جنينه رئيس أكبر جهاز رقابي في مصر وهو الجهاز المركزي للمحاسبات لنعم أن الفساد سمة أساسية من سمات دولة العسكر ، حيث تحتاج سرقة مقدرات الشعب إلي الستر ، ومن ثم يجعلون دور الأجهزة الرقابية صوريا منذ عشرات السنين ، وحين خرج من يتحدث من الجهاز عن الفساد لاسيما فساد الأجهزة السيادية عزلوه من وظيفته وأحالوه للمحاكمة الجنائية باتهامات باطلة وبالمخالفة للقواعد الدستورية والقانونية فيما يتعلق بحصانة رئيس الجهاز .
ومن يقرأ تقارير الفساد وما يكبده لموازنة الدولة من خسائر يعلم أن مصر بها من الخيرات ما يكفي لسد احتياجات عشر دول مثل مصر وليس مصر واحدة .
ما ذكرناه من بنود أعلاه يمكن استخدامها في إنقاذ موازنة الدولة يمثل قشور فيما يمكن استغلاله ، فنحن لم نفتح – علي سبيل المثال – ملف فساد القروض في البنوك والتي تعد من أقوي مصادر العسكر وأعوانهم في نهب المال العام .
وفي الوقت الذي لا يمس فيه السيسي بأي بند من البنود التي ذكرناها أعلاه يقوم برفع كافة تكاليف الحياة علي المواطن المصري الفقير المطحون ، وهي سياستهم التي يستعملونها منذ عشرات السنين ، سياسة التحميل علي الغلابة من أجل الديابة .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق