الثلاثاء، 4 أبريل 2017

إقرأوا كتاب " ثورة يوليو الأمريكية ".



كنت قد كتبت مقالا تم نشره بعنوان " العسكر سرقوا ثورة يوليو 1952م كما سرقوا ثورة يناير " وختمت المقال بهذا الملخص :

" هكذا يتضح لنا أن الجيش المصري لم يستحدث ثورة يوليو 1952م ، بل كان الشعب المصري في حالة زخم ثوري لا تتوقف ضد الانجليز وضد الملك فاروق ، بدأت الثورة بقرارات جريئة أصدرتها حكومة مدنية منتخبة انتخابا نزيها هي حكومة الوفد بقيادة زعيم شعبي منتخب هو مصطفي النحاس بتاريخ 8/10/1951م عندما أعلن إلغاء معاهدة 1936م وكذلك إلغاء اتفاقية الحكم الثنائي المصري البريطاني علي السودان الموقعة 1899م ، تبع هذه القرارات ثورة شعبية وحرب تحرير ضد الانجليز استشهد فيها أعداد كبيرة من أبناء الشعب المصري بدءا من شهر أكتوبر 1951م ، من بينها معركة الشرطة ضد الانجليز في الإسماعيلية يوم 25 يناير 1952م بقرار من فؤاد سراج الدين وزير الداخلية عن حزب الوفد ، تبعها في اليوم التالي 26 يناير 1952م حريق القاهرة المتعمد ، والذي قصد منه التخلص من حكومة الوفد المنتخبة ، ذلك الحراك الشعبي الثوري الذي لم يشارك فيه الجيش علي نحو ما أوضحنا والذي كان يقوم بدوره بجانب الملك والانجليز .

وبعد أن آتت الثورة الشعبية ثمارها ضد الانجليز والملك ، وتسببت لهم في خسائر كبيرة وأصابت الملك بالفزع من المصير المجهول ، هنا قفز العسكر علي الثورة الشعبية ، ليسرقوها ويسرقوا خيراتها حتي يمنعوا أن تؤول السلطة والمكاسب والمغانم لحزب الوفد الذي اتخذ القرارات أو الإخوان المسلمين الذين قاموا بأكبر الأدوار في مواجهة الانجليز ، ونجحت خطتهم وسرقوا ثورة يوليو 1952م واستأثروا بها لأنفسهم وحرموا كافة القوي المدنية من المشاركة في الحكم بأي وجه من الوجوه ، وعلي ضوء انقلابهم سرقوا مصر كلها وشعبها وثرواتها لمدة تجاوزت الستين عام .

هؤلاء هم عسكر مصر يجيدون سرقة الثورات الشعبية ، وكما سرقوا ثورة يوليو 1952م سرقوا أيضا ثورة يناير المجيدة " .


والحقيقة أنني عثرت بالفعل علي كتاب " ثورة يوليو الأمريكية – علاقة عبد الناصر بالمخابرات الأمريكية " للأستاذ / محمد جلال كشك الصحفي الكبير بأخبار اليوم والذي توفي عام 1993م ، وكالعادة يُعتم عليه إعلام العسكر وعلي مؤلفاته كما عتم علي الدكتور جمال حمدان ومؤلفاته وغيرهم كثير .

فوجدت في هذا الكتاب ما يؤكد بالمستندات ما توصلت إليه من نتائج في المقال سالف الذكر ، من أن العسكر استولوا علي ثورة شعبية قائمة بالفعل ، وأن هذا الاستيلاء كان بالتنسيق مع الأمريكان حتي يحل النفوذ الأمريكي في مصر بديلا عن النفوذ البريطاني ، وحتي يتم القضاء علي الثورة الشعبية الحقيقة واستبدالها بنظام عميل يحقق للولايات المتحدة الأمريكية القوة الاستعمارية الصاعدة أهدافها في المنطقة .

كتاب " ثورة يوليو الأمريكية " يكشف لنا أن ثورة الضباط الأحرار كانت هي الثورة المضادة التي قامت بالاتفاق بين جمال عبد الناصر والأمريكان للقضاء علي الثورة الشعبية الحقيقية التي كانت مشتعلة طوال فترة الاحتلال الانجليزي – الذي بدأ عام 1882م - منذ أن بدأ الزعيم مصفي كامل في إحياء قضية الاستقلال ، ومرورا بالزعيم / محمد فريد ، ثم الزعيم سعد زغلول وقيادات الوفد المصري وثورة 1919م وما ترتب عليها من آثار ونهضة ثقافية وفنية في مصر ظهر خلالها كبار الكتاب والمفكرين والمطربين والملحنين والنحاتين ، تلك النهضة التي عادت للانحدار مرة أخري بعد أن جعل العسكر الإبداع بالأوامر العسكرية ، ثم إلغاء الزعيم مصطفي النحاس لمعاهدة 1936م والذي أعقبه تفجر ثورة شعبية عارمة وكفاح مسلح من الشعب ضد الانجليز ، دون أن يغفل الكاتب الدور الكبير لجماعة الإخوان المسلمين التي شاركت في حرب فلسطين ، وفي النضال المسلح ضد الانجليز ، كما لم ينس أن يكشف دور الشيوعيين والطلاب وتلاميذ المدارس والعمال .

ويسرد لنا الكتاب معركة الضباط في الإسماعيلية يوم 25 يناير 
1952م ضد الانجليز عندما رفضوا تسليم مبني المحافظة ومديرية الأمن بأوامر من فؤاد سراج الدين الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية في ذلك الوقت عن حكومة الوفد المنتخبة ، وهو ما ترتب عليه وفاة عدد كبير منهم ، ثم يحدثنا عن حريق القاهرة المتعمد يوم 26 يناير 1952م الذي قصد منه الملك والانجليز إزاحة حكومة الوفد المنتخبة ، ونزل الجيش ليؤدي هذه المهمة .

ثم ينتقل الكتاب ليوضح لنا طبيعة الاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس جمال عبد الناصر ، حيث التزمت أمريكا بمنع الانجليز من مساندة الملك فاروق عندما ينقلب عليه الجيش ، في مقابل أن يعمل النظام العسكري الجديد لحساب الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أصبحت القوة الأعظم في العالم لاسيما في تنفيذ مهمة أساسية وهي توقيع السلام مع إسرائيل وفرضه علي الشعب المصري الذي كان يقود حرب تحرير فلسطين من اليهود عام 1948م ، واستدل الكاتب علي ما يقول بأدلة لا تحصي ولا تعد .

وسوف أعرض بعض المقتطفات من كتاب " ثورة يوليو الأمريكية " والتي تؤكد النتائج سالف الذكر و التي توصلت إليها من مراجع أخري :

يقول الأستاذ / محمد جلال كشك :

- وهكذا تعرض تاريخنا للتزوير والتشويه والتجهيل ، ولا حاجة للشباب للبحث والتقصي ، فكل جيل الثورة كما يسمونه ، لم يكن يعرف حتى عام  1973 بوجود شخص اسمه محمد نجيب ، والذين سمعوا عنه من آبائهم بدورهم ما كانوا يعرفون لا هم ولا آباؤهم - على وجه اليقين - إن كان محمد نجيب حيا أو ميتا ، أما كتب المدارس الرسمية التي تلقن التاريخ ويفترض فيها أن تعلم الحقائق ، فقد حذفت من التاريخ تماما أن محمد نجيب هذا كان رئيسا للجمهورية حتى ابن محمد نجيب شك في كلام أبيه وجاء إليه يقول:  كيف تكذب على يا أبى وتقول إنك كنت أول رئيس لجمهورية مصر وكتب المدرسة والمدرس يقولان إن عبد الناصر هو الأول..

- نعم من حقكم أن تعرفوا ، ومن واجبنا أن نعرفكم أن انقلاب يوليو لم يكن ثورة بل الثورة المضادة التي دبرت لإجهاض الثورة الحقيقية .. فقد كانت مصر حبلى بنذر ثورية ( كان الحزب الشيوعي يتحدث عن ثورتنا المقبلة التي باعها بعد ذلك بكرسي الوزارة في خدمة العسكر ) ، بل نحن نعتقد أنه لو بقى الوفد في الحكم أسبوعا واحدا بعد معركة البوليس في الإسماعيلية ، وصدرت المراسيم التي كانت قد أعدت فعلا بقطع العلاقات الدبلوماسية ، وإقالة حاكم عام السودان وإلغاء شرعية الوجود البريطاني في السودان ، وإصدار الأمر للجيش المصري هناك بالمقاومة إذا ما تعرض له الإنجليز لو تم ذلك لتفجرت في وادي النيل ثورة وطنية شاملة تحمل إمكانات تغيير وجه وتاريخ المنطقة.. على الأقل هذا ما توقعه الأمريكيون وتؤكده وثائقهم كما سنرى بعضا منها. ...

- ومن ناحية أخرى فإن المواجهة التي طرحها الوفد ضد الاحتلال البريطاني ، وضعت السراي في موقف المشبوه ، وخاصة عندما عين الملك حافظ عفيفي باشا رئيسا للديوان الملكي ، وكان معروفا بموالاته للانجليز وعدائه للوفد وعندما خرجت المظاهرات الصاخبة محتجة ، وفى الجامعة هتفوا : " يسقط عفيفي وحافظ عفيفي" " يسقط عفيفي وحامى عفيفي" والتقط ممثل " الحزب الشيوعي المصري" في الجامعة وكان طالبا في كلية التجارة التقط الخيط أو المبادرة من الجماهير وهتف " بسقوط الملك وحياة الجمهورية " وزلزلت الأرض وانتشر الهتاف للجمهورية لأول مرة في مصر منذ ثورة 1919  عندما أعلن النائب الوفدي جمهورية زفتى .. وهكذا اكتملت الثورة ، ضد الاستعمار " الأنجلو- أمريكي" كما كانت الجماهير قد حددت عدوها.. وضد السراي وفلول الرجعية ، وفى نفس الوقت كان الفلاحون في الريف يخوضون فعلا المناوشات التحضيرية للثورة الفلاحية الكبرى. ....

- وقد أسهبنا في حديث الثورة الوطنية لنكشف لماذا كان انقلاب يوليو تعبيرا عن إرادة القهر الاستعماري لسحق هذه الثورة ، سحق الرأسمالية الوطنية في مصر والوطن العربي كله.. تسليم مصر والوطن العربي ، مرة أخرى للإنتاج الأجنبي سوقا مفتوحة بلا مقاومة أو قوة قادرة وصاحبة مصلحة في المقاومة.. وقد حقق عبد الناصر ذلك بالتأميم والمصادرات التي كانت صريحة في استهدافها القضاء المبرم على الرأسمالية المصرية ووأد محاولتها إقامة اقتصاد عربي موحد ..
كما دمر عبد الناصر القيادة الفكرية والسياسة بالاستبداد والإرهاب وإفساد التعليم على نحو لم ينجح استعمار بربري في إلحاقه بعدو لدود تمكن منه ، فلما هزم عسكريا وجاء نائبه وخليفته ورفيق كفاحه وشريك هيكل في انقلابه ، أكمل السادات المهمة بفتح الباب للإنتاج ورأس المال الأجنبي .. وخسرنا جولة أخرى في حرب الاستقلال التي توشك أن تدخل قرنها الثالث.. ولكن لا يأس .. بل يحق لنا أن نستشهد بكلمة " ماو" فنقول نحن أيضا : هذا مجرد فشلنا الرابع على طريق النجاح.

- كانت ثورة تتجمع وتستعد من خلال ممارسة ثورية فعلية ، وكان لابد - من وجهة نظر الاستعمار العالمي - أن تجهض ، أن تضرب هذه الثورة ، قبل أن تلد تنظيمها ، وترسخ جذورها ، ويستحيل تطويقها وجاء " حريق القاهرة " الذي ربما كان آخر ضربة لأخبث جهاز مخابرات أو أول عملية كبيرة للـ  "سى آى إيه" أو من فعلهما معا ، لا أحد يجزم ولا ندرى إن كنا سنعرف أم لا .. لأنها أقذر من أن يعترفوا بها ، ولأن المخابرات البريطانية لا ملفات لها ، وعملياتها لا تنشر ولو بعد ألف سنة.. فقبحهم في الصندوق ، بعكس الأمريكيين ففى السوق.. ولكننا عثرنا على هامش صغير ورد في وثائق الخارجية الأمريكية يفيد أن الإنجليز كانوا يتوقعون ويسعون لما حدث في القاهرة صباح 26 يناير 1952...

- اتفق الإنجليز والأمريكان على " حرق " الثورة .. وإسقاط حكومة الوفد ، وكانت ضربة قاسية عنيفة بل متوحشة ولكنها غير قاضية , وليس في التاريخ ثورة قمعت بالإرهاب وحده , بل حتى الإرهاب لم يكن متوفرا , وقد يحلو لنا الآن أن ننتقد قبول حكومة الوفد مرسوم الإقالة , ولكن لا مجال لذلك عند المؤرخ الأمين , فالعاصمة تحترق والأسطول البريطاني يتحرش , والجيش في الشوارع وهو لا مع الحركة الوطنية ولا مع الوفد ، وهذه تقارير الحكومة البريطانية تثبت ذلك : " إن القوات المسلحة المصرية لا تعتبر فقط غير مساندة للحكومة بل إنها قد أوضحت رغبتها في اجتناب أي صدام مع البريطانيين , وتقبل وحدات الجيش في منطقة القناة إشرافنا على تحركاتها ، كذلك وعد الجيش خارج منطقة القناة بالابتعاد عن طريقنا " .
وصحيح أن عددا من الضباط اشترك مع الحركة الوطنية المسلحة , إلا أن الجيش كمؤسسة لم يكن مع الثورة ، وسرعان ما استعاد دوره في خدمة النظام فور صدور الأمر إليه بالنزول لوقف الحريق , وإقالة الوفد .. وقد شهد "هيكل " أنه قابل " عبد الناصر " بعد حرق القاهرة ينفذ قرار حظر التجول على الشعب .
إلا أن الوفد أخطأ بلا شك بإعلان الأحكام العرفية , وتوهم أنه سيحكم بها لمواجهة المؤامرة , وهكذا رفعوه في الهواء وتمكنوا منه ....

- وتشبث الأمريكيون بحلمهم وهو ضرب الثورة باسم الثورة , إسقاط النظام العاجز وإقامة نظام شاب قادر على ضرب قوى الثورة ، وإعادة مصر إلى حظيرة الاستعمار العالمي , على أن تكون هذه المرة في المدار الأمريكي ، واستمرت بريطانيا تناور ما بين دعوة الأمريكان للمشاركة والتهديد بجعلها " ضلمة " .

- السفير الأمريكي يحذر من ثورة لا تبقى ولا تذر ، يقودها تحالف من الوفد والإخوان والشيوعيين .. والغريب أنه بعد 35 سنة ما زال هذا هو عين الخطر الذي يخشونه.. وقد يكون بعض الحل الذي ما زلنا – أيضا - نريده.. فالتاريخ يكرر نفسه في بلادي.

وأظن أن ألأمر لا يحتاج لتحاليل ولا لكبير ذكاء لمعرفة ما الذي يقترحه السفير الأمريكي ، إنه يحاول إقناع حكومته لتقنع الإنجليز ، أن الحلول البريطانية الترقيعية غير مجدية وفات أوانها ، وأنه لابد من قوة جديدة لها من الشعبية ومن الفجور ما يمكنها من ضرب الوفد والإخوان والشيوعيين وإجهاض الثورة المتجمعة في الأفق وفرض التسوية التي تقبلها جميع الأطراف المعنية بإبقاء وحماية المصالح الاستعمارية في الشرق الأوسط .. وأخيرا إطلاق يد الولايات المتحدة لتجربة أساليبها ووضع هذه القوة الجديدة في السلطة ، وهذا ما حدث بانقلاب  23 يوليو 1952  .

- كذلك أورد حمروش ، نقلا عن خالد محيى الدين..  رواية تعزز القول بأن المخابرات الأمريكية لعبت دورا حاسما في تصفية نجيب..  إذ قال خالد محيى الدين  : " إن ممثل صحيفة " نوفيل أوبزر فاتور" قال له ( خلال فترة الصراع يوم لم يكن الكثيرون في الشارع السياسي المصري يراهنون على انتصار جمال عبد الناصر واحد ضد عشرة ) إن جمال سيكسب المعركة ضد نجيب ، وإن مجلس القيادة قد أعطى إشارة للأمريكيين بأنهم سيوافقون على المعاهدة وإدخال تركيا في بند السما بعودة قوات الإنجليز للقناة " وسنجد في رواية كوبلاند وايفيلاند ، ومصطفى أمين ما يؤكد أن المخابرات الأمريكية رجحت كفة ناصر على نجيب ،  بل إن أحد أساطين الأجهزة السرية الأمريكية يشك في تآمر هذه المخابرات مع ناصر في حادثة المنشية للقضاء على نجيب.

- ولو كانت الناصرية هي التعبير عن الحركة الوطنية الضاربة بجذورها إلى مطلع القرن التاسع عشر ، ما قبلت فصل السودان ولا تحطيم الرأسمالية المصرية و سحق  الديمقراطية ، ولكان مفهومها وممارستها للوحدة العربية بصورة مخالفة تماما..

- كتاب لعبة ألأمم يكشف المناورات والألاعيب التي تميز سياسة الدول الكبرى ، ويكشف الأفعال السرية التي لا علاقة لها بما يقوله السياسيون والرسميون للشعب"، وفى المقدمة يقول المؤلف إن المؤرخين يعجزون مثلا عن تفسير " لماذا أحجم عبد الناصر عن شن الحرب على إسرائيل في ظروف كان النصر فيها محتملا ، بينما قاد بلاده إلى هزيمة محققة في 1967" .. ويرد على تساؤله بأن المؤرخين لا يعرفون القصة خلف القصة أو ما وراء الستار ، لأن هذه القصة السرية تحجب عنهم"..

- ولكن مايلز كوبلاند ومجموعته ، كما سنرى ، كان رأيهم أنه مع ضرورة التأكيد على رغبتهم في منح الديمقراطية للبلاد العربية إلا أن الشعوب العربية غير ناضجة لها .. ولابد من إجراءات جذرية تمهد لها ، وسنرى ذلك يطبق حرفيا في برنامج وشعارات وممارسة كل الثورات الأمريكية في المنطقة ، حيث يقول : عندما تتعارض الأخلاق مع مصالحنا الحيوية ، فإن الخسارة ستكون بالتأكيد من نصيب الأخلاق ، بمعنى أننا لا نتردد في إزاحة القائد الذي نعتقد أننا سنخسر معه ، وأن هذه الخسارة ستضر مصالحنا الوطنية ، لنضع مكانه قائدا ، تكون لدينا معه فرصة أكبر للتعاون .
وكانت وجهة نظر الأمريكيين – وإلى حد ما البريطانيين – أنه من بين كل نماذج القيادات التي يمكن أن تظهر في أفريقيا وآسيا ، فإن النموذج الناصري هو الطراز الذي يتيح لنا أكبر فرصة لكسب لعبتنا ، أو على الأقل ، تقليل الخسائر.

- وقال كوبلاند:  ولنذكر أن جوهر القضية في دعمنا لناصر هو أن يصبح لنا في السلطة في واحدة من أهم الدول العربية ، القائد الذي تتوافر له السلطة الكافية لفرض قرار غير محبوب مثل توقيع السلام مع إسرائيل ، ولذا فإن أول خطوة في برنامجنا وبرنامج ناصر هى فرض سلطته هذه ، ولو بالقوة".


كتاب " ثورة يوليو الأمريكية " للأستاذ / محمد جلال كشك الصحفي بأخبار اليوم رحمه الله كتاب قيم مليئ بالحقائق المستندة إلي الأدلة والموثقة بالمصادر يؤكد أن تحرك الرئيس جمال عبد الناصر كان بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية ، وأنها كانت تهدف من ذلك الحلول محل بريطانيا في الشرق الأوسط وفي نفس الوقت القضاء علي الثورة الشعبية التي يتزعمها الوفد والإخوان والشيوعيون والتي تهدف للخلاص من الملكية والانجليز والأمريكيين معا وتحقيق الاستقلال الوطني ، وهي نفس النتائج التي تحدثت عنها في مقالي " العسكر سرقوا ثورة يوليو 1952م كما سرقوا ثورة يناير " ومقالي السابق في هذه السلسلة .

فالعلاقة إذن بين العسكر والأمريكان قديمة بدأت من قبل ثورة يوليو ، ثم توطدت أواصر هذه العلاقة بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وصدور قانون كارتر الذي قرر مساعدات عسكرية للجيش المصري يتعامل فيها قادة الجيش مباشرة وحدهم دون شريك لهم داخل الدولة المصرية ، فضلا عن تدريبات ضباط الجيش المصري سنويا في كلية الحرب الأمريكية ، فضلا عن التدريبات المشتركة ، ولاشك أن توطيد علاقة العسكر بالأمريكان وفتح باب العلاقات المالية بينهما هو ما ترتب عليه أن تصبح إسرائيل في ظل الجيل الرابع من ضباط " كامب ديفيد " صديق ويصبح شعب مصر هو العدو الأول للجيش المصري وأصبح لقبه الجديد وفقا للعقيدة العسكرية الجديدة  " أهل الشر " .


إن المشاهد التي رآها الشعب المصري في لقاء السيسي وهو 
قيادة من بين أحدث قيادات ضباط كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، يدعوني إلي أن أطلب من القراء الكرام طلبا وأصر عليه : " إقرأوا كتاب ثورة يوليو الأمريكية "، بل إقرأوا الكتاب وانشروا محتواه بين المصريين لعلهم يتحركون قبل فوات الأوان للخلاص من الاحتلال العسكري المحلي علي مصر بالإنابة عن الولايات المتحدة الأمريكية الذي تجاوز الستين عاما أعقبت أربعة وسبعين عاما من الاحتلال الانجليزي علي مصر .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق