الأحد، 24 مايو 2015

الحرس الثوري الإيراني والحرس الوطني الفرنسي .



ذكرنا في مقال سابق بعنوان " لماذا نجحت الثورة الإيرانية وتعثرت الثورة المصرية "  أن :
" الحرس الثوري الإيراني تشكل في 5/5/1979 عقب الثورة الإسلامية في مسعى لدمج العديد من القوات شبه  العسكرية في قوة واحدة تدين بالولاء للنظام الجديد وليؤدي مهمة مواجهة سلطة وتأثير الجيش النظامي الذي كان ينظر له من البداية علي أنه موال للشاه ومصدر محتمل للمعارضة .
دستور الجمهورية الإيرانية أعطي للجيش مهمتي الدفاع عن سلامة الإقليم الإيراني والدفاع عن الاستقلال السياسي ، بينما حمل الحرس الثوري مسئولية حماية الثورة نفسها .
بعد أيام من عودة آية الله " روح الله الخميني " لطهران في 1/2/ 1979 أنشأت حكومة " بازاركان " المؤقتة جهاز الحرس الثوري بموجب مرسوم من الخميني صدر بتاريخ 5/5/1979 ، كان الهدف منه حماية الثورة ومساعدة الجهة الدينية الحاكمة ، وبمرور الأيام وفي ظل تطبيق الحكومة الجديدة للشريعة الإسلامية والأخلاق أصبح للحرس الثوري مهام أخري أكثر أهمية ".

والحقيقة أنها كانت فكرة في غاية الذكاء من " روح الله الخميني " أن ينشئ جهازا جديدا ومستقلا هو الحرس الثوري تكون مهمته حماية الثورة لثقته أن باقي المؤسسات الأمنية لن تعمل لحساب الثورة وسوف تسعي للقضاء عليها ، لذلك نجحت الفكرة لسرعة تنفيذها قبل أن تفيق الأجهزة الأمنية الإيرانية القديمة الموالية للشاه من صدمتها .
ولكن هل كانت هذه الفكرة من إبداعات الخميني أو الثورة الإيرانية عامة ، الحقيقة أنني اضطلعت علي بحثا بعنوان :
The Army in the French Revolution " "
وترجمته :
" الجيش في الثورة الفرنسية "  

يكشف المقال سالف الذكر أن فكرة الحرس الثوري مستوحاة من جهاز الحرس الوطني الفرنسي الذي أنشأته الثورة الفرنسية ، وربما يعزز ذلك أن الخميني كان مقيما في فرنسا أثناء أحداث الثورة الإيرانية .
يقول الكاتب في البحث المشار إليه :
In place of the voracious army that exists, I substitute a national militia of four hundred thousand men, who, instead of being composed of the scum and dregs of towns, is only composed of well regarded city dwellers and of rustic citizens; because the last of  the French peasant is an important citizen.

وترجمته :
لقد استبدلت الجيش الجشع القذر الموجود بميليشيا مكونة من أربعمائة ألف رجل من قاطني المدن المعتبرة وليس من حثالة وبقايا المدن ، إنهم مواطني الريف لأن الفلاح الفرنسي هو الأهم والأفضل .

ويتابع الكاتب :
 The French Revolution brought great changes to the army of France. From the revolution  the National Guard arose as a standing army and major policing force of France. The Royal Army's, or the line army’s, role shifted and its power diminished under the revolution. The change in armies helped bring great change to the citizens of France. While the author of The Year 1789, imagined a strengthened Royal Army that was led, in part, by the king, he also stressed the importance of the kind of citizen that was permitted to participate in the army. He noted that every peasant of France was important and mattered. John L. Lynn, Dale L. Clifford, Samuel F. Scott present three different views that show how the revolution changed the army and how the army came to reflect the people. The National Guard became an institution that created
citizenship and the French citizen.

وترجمته :
لقد أحدثت الثورة الفرنسية تغييرات كبيرة في الجيش الفرنسي ، عندما أنشأت " الحرس الوطني الفرنسي " كجيش دائم لفرنسا وقوة شرطية كبيرة لها ، لقد حدث تحول في دور الجيش الوطني ، لقد تقلصت قوته ليصبح تحت قيادة الثورة ، كما أدي تغير الجيش الفرنسي إلي تغيير كبير في المواطنين الفرنسيين .
 تصور المؤلف عام 1789 أن الجيش الملكي القوي يقوده في الحقيقة الملك ، كما شدد علي نوع المواطن الذي يسمح له بالمشاركة في الجيش ، ولاحظ أن كل فلاح في فرنسا كان مهما ومهتما ، بينما نجد أن كل من " جون إل لين "  و " ديل إل كليفورد " و " صموئيل إف سكوت " يمثلون ثلاثة آراء مختلفة بصدد تفسير كيفية تمكن الثورة من تغيير الجيش علي نحو يجعله كالمرآة انعكاسا للشعب .     
لقد أصبح الحرس الوطني الفرنسي المؤسسة التي خلقت مفهوم المواطنة ومفهوم المواطن الفرنسي .

إذن فكرة إنشاء الحرس الثوري لحماية الثورة الإيرانية التي نفذها الخميني علي وجه السرعة عقب عودته من فرنسا إلي إيران بعد انتصار الثورة هي في حقيقتها مأخوذة عن الثورة الفرنسية والتي أنشأت أيضا جهاز الحرس الوطني الفرنسي لحماية الثورة الفرنسية لثقة الثوار الفرنسيين أن الجيش الفرنسي إذا ظل بحالته فسوف يرتد علي الثورة بثورة مضادة تقضي عليها .
للأسف الشديد لم يفعل الثوار المصريون ذلك ، وكانت النتيجة أن تمكن قادة الجيش المصري من ترتيب الأوراق والتأثير علي البسطاء من الناس وجمع المعارضين الجشعين الذين يعملون بمنطق أنا ومن بعدي الطوفان ، إما أن تؤول لي مكاسب الثورة فأكون أنا الحاكم أو يعود حكم العسكر علي النحو الذي رأيناه من بعض مرشحي الرئاسة ومن بعض الأحزاب التي كانت تري نفسها الأجدر بالمكان الذي وصل له حزب الحرية والعدالة ، وحدث الانقلاب ثم دارت الدائرة لتشمل جرائمه الشعب المصري بالكامل بما فيه ممن استدعوا العسكر للمشهد .
لماذا لم نفعل ؟ وماذا يمكن أن نفعل الآن لإنقاذ ضحايا الثورة المضادة ممن يقتلون ويعدمون ويعانون أشد العذاب في السجون ، ويعد تركهم فريسة لقوم لا يعرفون الرحمة من الخيانة العظمي ؟ هذه أسئلة مطروحة أمامنا جميعا وعلينا جميعا أن نجيب عنها قبل فوات الأوان .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .
  

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق