الخميس، 28 مايو 2015

نداء الكنانة خطوة كنت أخشاها .



بيان من علماء الأمة بشأن جرائم الانقلاب في مصر والواجب نحوه
في 6 شعبان 1436هـ 24 مايو 2015م.   

هذا ما كنا نخشاه وحذرنا منه ، أن ما يحدث في مصر سوف يؤدي إلي تطورات ونتائج لا يتوقعها أحد ، لأن البطش بالحد الذي فاق كل تصور من قتل في الشوارع والمنازل واعتقال وتعذيب وتلفيق قضايا وأحكام بالإعدام والمؤبد علي كبار وشباب وطلاب وطالبات من خيرة أبناء مصر بزعم كاذب ظاهر البطلان أنهم إرهابيون ، بطش لم يستثن النساء والفتيات والطالبات ، فضلا عن مواقف وتصرفات يفهم البسطاء قبل السياسيين المتمرسين أنها بطش بالمصريين من أجل إسرائيل واليهود وغيرهم ، لقد بدأنا ندخل في المرحلة التي حذرنا منها ، بيان صدر عن مائة وخمسين عالم إسلامي من عدة دول إسلامية منشور علي مواقع لا تحصي ولا تعد مصرية وعربية وغربية ، يؤكد أننا دخلنا في مرحلة الخطر الأيام القادمة ما لم يتحرك العقلاء في مصر علي وجه السرعة لإيجاد حلول سلمية لما يحدث في مصر ترتضيها كل الأطراف ، فالبطش لا يؤدي إلي استقرار بحال من الأحوال وإنما يؤدي إلي أعمال انتقامية ، وهذا ما قاله السيسي الطاغية عام 2006 في بحثه الذي قدمه لكلية الحرب الأمريكية ، وقاله أيضا خلال الأيام الماضية ولكنه يعمل علي عكس ما يقول دائما ، وإليكم بيان الكنانة  :
الحمد لله والصلاة، والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،،
نظراً لما يحدث في مصر الكنانة – منذ قرابة عامين - من سفك للدماء المحرمة ، وهتك للأعراض المصونة ، وإزهاق للأرواح البريئة ، ونهب الأموال ، وتكسير الممتلكات الخاصة ، وتدمير للبلاد ، وتهجير للآمنين ، ومعاداة فجة للإسلام والمسلمين ، بمحاربةٍ لمنهجه ، وقتلٍ لعلمائه ، وتطاولٍ على قيمه وثوابته ومقدساته ، وموالاة لأعدائه ، ومعاداة لأوليائه ؛ فإننا - صدعًا بالحق ، ودفعًا للباطل ، وبيانًا للناس ، كما أمرنا الله تعالى - نعلن للأمة الموقف الشرعي من هذا النظام ، والواجب نحوه ، والمتمثل في النقاط الآتية :
1. أن المنظومة الحاكمة في مصر منظومة مجرمة قاتلة ، انقلبت على إرادة الأمة واختيارها ، وخطفت رئيسها الشرعي المنتخب ، واغتصب قائد الانقلاب كرسي الرئاسة بانتخابات صورية مزورة ، وجمع في يده السلطات جميعا ، بما فيها سلطة التشريع ، وسن قوانين جائرة ، تكمم الأفواه ، وتجفف منابع الحياة بشكل شامل .. هذه المنظومة قتلت الآلاف بغير حق ، واعتقلت عشرات الآلاف بلا مسوِّغ ، وحكمت بالإعدام والسجن على الآلاف من خيرة رجال مصر ونسائها في قضايا ملفقة، وطاردت الآلاف داخل مصر وخارجها ، وشردت آلاف الأسر ، وظاهرت أعداء الأمة عليها ، وفصلت تعسفيًّا مئات القضاة وأساتذة الجامعات والمدرسين والأئمة والخطباء وغيرهم ؛ فارتكتب - بذلك وغيره - المنكرات كلها ، وانتهكت الحرمات جميعها.
2. يجب شرعًا على الأمة : حكامًا وشعوبًا ، مقاومة هذه المنظومة، والعمل على كسرها والإجهاز عليها بالوسائل المشروعة كافة ؛ حفاظًا على ثوابت الأمة ، وحرصًا على المقاصد العليا للإسلام .
3. أن موالاة الصهاينة المعتدين ودعمهم وحمايتهم ، ومعاداة المقاومة الفلسطينية ، والتآمر عليها ، وحصارها من خلال تدمير سيناء وتهجير أهلها ، يعدُّ خيانة للدين والوطن ، وتفريط في مسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، لا تصدر إلا عن عدو لله ورسوله والمؤمنين ، والله تعالى يقول : "..وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [سورة المائدة: 51].
4. أن الحكام والقضاة والضباط والجنود والمفتين والإعلاميين والسياسيين ، وكل من يَثْبُتُ يقينًا اشتراكُهم ، ولو بالتحريض ، في انتهاك الأعراض وسفك الدماء البريئة وإزهاق الأرواح بغير حق .. حكمهم في الشرع أنهم قتَلةٌ ، تسري عليهم أحكام القاتل ، ويجب القصاص منهم بضوابطه الشرعية ، والله تعالى يقول: "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا". [سورة المائدة: 32].
5. يؤكد العلماء الموقعون على هذا البيان أن الأستاذ الدكتور محمد مرسي هو الرئيس الشرعي للبلاد ، وأن الإجراءات اللاحقة التي اتُّخذت معه ، والأحكام التي صدرت بحقه وحق الرافضين للانقلاب باطلة شرعًا، ومنعدمة قانونًا ، ويجب على الأمة شرعًا السعي في فكاك حاكمها المنتخب وتحريره من أسره.
6. أن كل من تم اعتقاله من قِبَل هذه المنظومة الإجرامية بسبب رفضه للانقلاب ومطالبته باحترام إرادة الأمة وحريتها ، وبخاصة النساء ، يجب على الأمة السعي في بذل كلِّ غالٍ وثمين ، في سبيل تحريرهم ، وفكاك حبسهم ، بالوسائل المشروعة في دين الله.
7. أن معاونة هذه المنظومة الإجرامية ومساعدتها على الاستمرار بأية صورة من الصور هو من المحرمات شرعًا ، والمجرمات قانونًا ، ومشاركة صريحة في الجرائم التي ترتكبها ، ومرتكب للنهي في قول الله تعالى: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ". [سورة هود: 13].
8. أن حضور شيخ الأزهر مشهد الانقلاب ، وصمته عن جرائمهم ، جريمة شرعية تُسقط شرعيته ، وتهدر مكانته ، وتجعله شريكا للمجرمين في كل ما اقترفوه ، وتشوه تاريخ الأزهر المجيد ، وتفسد حاضره ، وتدمر مستقبله.

9.  نحمِّل مفتي مصر المسئولية الشرعية والجنائية عن الأرواح البريئة التي وافق على إعدامها ، ونحذره من مغبة التمادي في التوقيع بالموافقة على المزيد من أحكام القتل الجائرة الطاغية ، وما قد ينتج عن هذه الأحكام من مفاسد عظيمة على المستويات جميعا، وقد لا يخفى عليه – وهو من الموقعين عن رب العالمين! - أنه ليس في القتل ولا في الزنا إكراه ، فلا حجة له في الدنيا ولا في الآخرة إن صدّق على قتل الأبرياء.
10. أن الدفاع بأية وسيلة مشروعة عن النفس والعرض والمال حق مشروع ، بل واجب شرعي ، لا يملك أحد أن يمنعه أو يمنحه ، فللمعتدَى عليه صدُّ المعتدِي بذاته دون غيره ، وبالقدر الواقع عليه دون تعدٍّ أو تفريط، قال تعالى: "وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ . إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [سورة الشورى: 41-42].
11. نطالب الحكام والملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية وأهل العلم والمثقفين والأحرار كافة في العالم ، بسرعة السعي لحماية مصر من إجرام تلك المنظومة الطاغية ، وردعهم عن القتل والسفك والسلب والإفساد والتدمير ، والانتصار لإرادة الشعب وخياراته.
12. يستهجن العلماء الموقعون على هذا البيان موقف الدول الداعمة لانقلاب ، والموقف الدولي المدعي احترام حقوق الإنسان وخيارات الشعوب ، ويناقض ذلك كله بدعمه للأنظمة الانقلابية وتعامله معها ، ويحملونهم المسئولية القانونية عن الدماء التي سالت، والأرواح التي أزهقت، ظلما وعدوانا .. ويثمِّنُون – في الوقت نفسه - مواقف الدول والمنظمات الحقوقية والعلماء والإعلاميين والسياسيين وغيرهم ممن وقفوا ضد قمع الشعب المصري وأحكام القتل بالجملة، وسوف يسجل التاريخ لهؤلاء وأولئك مواقفهم وأعمالهم.
13. نطالب القوى التي تعارض الانقلاب والأحرار  في مصر وخارجها أن يتوحدوا صفًّا واحدا في مقاومة هذه المنظومة المجرمة ، مستخدمين الوسائل المناسبة كالعصيان المدني وغيره، لتطهير البلاد من طغيان الانقلابيين ، وجرائمهم ، والانتصار لدماء الشهداء ، وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ.

العديد من المواقع نشرت بيان الكنانة سالف الذكر واختتمت بقولها :
ومن أبرز الموقعين علي البيان كل من الهيئات «رابطة علماء أهل السنة»، و«جبهة علماء ضد الانقلاب» ، و«هيئة علماء فلسطين في الخارج»، و«هيئة علماء المسلمين في لبنان»، و«مركز تكوين العلماء في موريتانيا»، و«رابطة علماء المغرب العربي»، و«الاتحاد العالمي لعلماء الأزهر»، و«نقابة الدعاة المصرية».
ومن الشخصيات البارزة ضمن الموقعين علي البيان: د.«أحمد الريسوني » نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ود.«عبد المجيد الزنداني» رئيس هيئة علماء اليمن، والشيخ «محمد الحسن الددو» رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا، ود.«عبد الوهاب الديلمي» وزير العدل اليمني سابقا ، والشيخ «سلمان الحسيني الندوي» رئيس جامعة الإمام أحمد بن عرفان الشهيد بالهند، ود.«جمال عبد الستار» أستاذ الدعوة بجامعة الأزهر والأمين العام لرابطة علماء أهل السنة ، والشيخ «محمد عبد المقصود» الداعية الإسلامي، والشيخ «عبد الخالق الشريف» من علماء الأزهر الشريف.
انتهي البيان ،
تري ماذا يمكن أن يكون مردود هذا البيان علي ملايين المسلمين في مصر ، لا أحد يستطيع أن يتنبأ أو يتكهن بالنتائج ، لأن هذا التنبؤ يحتاج فهما وإدراكا لطبائع هؤلاء الملايين ، وكيف سيفهمون ما جاء فيه وكيف سيتعاملون معه أو يطبقون ما جاء فيه .
كل عمل يبدأ فكرة ثم يبدأ الإنسان في تنفيذها علي أرض الواقع ، الانقلاب كان فكرة في نفوس العسكر لعب عليها أصحاب المصالح حتي تم تنفيذها وكان ما كان من التوابع التي لم تتوقف حتي الآن ، بيان علماء المسلمين سالف الذكر يصدر فتوي بضرورة التصدي للانقلاب ، ولاشك أن الأجهزة الأمنية التي تهتم بكل كبيرة وصغيرة تفهم أبعاد مثل هذا البيان وما يمكن أن ينتج عنه .
السؤال هل سيتعاملون  مع هذا البيان بمنطق السيسي الذي يتصور أنه يمكن أن يحكم سيطرته علي تسعين مليون مواطن ، بحيث لا يأكلون ولا يشربون إلا ما يريد ، ولا يقولون أو يفكرون أو يعتقدون أو يؤمنون إلا بما يراه هو صحيحا ومقبولا ، أليس هذا جهلا مستطيرا أوصلنا إلي ما نحن فيه الآن .
بعد صدور مثل هذا البيان لا يجوز صم الآذان أو تعطيل الجنان ، لقد أغلق زين العابدين أذنيه حتي فوجئ به الناس يهرب سرا بطائرة ، وأغلق مبارك أذنيه حتي حدث معه ما حدث ، وأغلق القذافي أذنيه حتي أمسك به ثوار ليبيا في ماسورة صرف صحي .
إن خطورة هذا البيان ليست بسبب ما تضمنه فحسب ، وإنما خطورته أنه يؤكد أن الصراع هذه المرة مختلف ، فما تم تنفيذه من بطش في عهد الرئيس جمال عبد الناصر في الخمسينات والستينات لا يمكن تنفيذه الآن لأن كل شيئ اختلف ، والتصميم علي تنفيذ مخطط في غير مكانه وزمانه ومع بشر غير البشر يبشر بفشل المخطط لا محالة .
فهل لازال في مصر عقلاء يستطيعون استشراف المستقبل ويدركون طبيعة اللحظة الراهنة ، ويذكرون أنفسهم بأن التطور سنة من سنن الحياة ، وأن تحول مصر إلي دولة ديمقراطية قد حانت لحظته ، فيتخذوا من الخطوات السلمية ما يكفل هذا التحول الديمقراطي وعودة الشرعية والديمقراطية دون مزيد من الصراعات .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق