الاثنين، 20 يوليو 2015

نابليون يُقلد السيسي"جئْتُ لأخلص المصريين من المماليك".

 
" عجائب الآثار في التراجم والأخبار " والذي يسميه البعض " تاريخ الجبرتي" تأليف عبد الرحمن بن حسن الجبرتي أصدق المراجع التاريخية سردا لأحداث الحملة الفرنسية باجماع المؤرخين المتخصصين ، روي فيه الجبرتي نص المنشور الذي وزعه نابليون بونابرت علي المصريين في البلاد والقري عقب وصوله مباشرة وقبل تحرك حملته من الإسكندرية إلي القاهرة ، يقول الجبرتي :
وفي يوم الأثنين وردت الأخبار بأن الفرنسيس وصلوا إلي دمنهور ورشيد وخرج معظم أهل تلك البلاد علي وجوههم فذهبوا إلي فوة ونواحيها ، والبعض طلب الأمان وأقام ببلده و هم العقلاء ، وقد كانت الفرنسيس حين حلولهم  بالإسكندرية كتبوا مرسوما وطبعوه وأرسلوا منه نسخا إلي البلاد التي يقدمون عليها تطمينا لهم ، ووصل هذا المكتوب مع جملة من الأساري الذين وجدوهم بمالطة وحضروا صحبتهم ، وحضر منهم جملة إلي بولاق ، وذلك قبل وصول الفرنسيس بيوم أو بيومين ومعهم منه عدة نسخ ، ومنهم مغاربة ، وفيهم جواسيس ، وهم علي شكلهم من كفار مالطة ، ويعرفون باللغات .
وصورة ذلك المكتوب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلا الله لا ولد له ولا شريك له في ملكه ، من طرف الفرنساوية المبني علي أساس الحرية والتسوية ، السر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابرتة ، يعرف أهالي مصر جميعهم ، أن من زمان مديد الصناجق الذين يتسلطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية ، ويظلمون تجارها بأنواع الذل والتعدي ، فحضر الآن ساعة عقوبتهم ، وأخرنا من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلاد الأبازة والجراكسة يفسدون في الإقليم الحسن الأحسن الذي لا يوجد في كرة الأرض كلها ، فأما رب العالمين القادر علي كل شيئ فإنه قد حكم علي انتهاء دولتهم ، يا أيها المصريون قد قيل لكم أنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم ، فذلك كذب صريح ، فلا تصدقوه وقولوا للمفترين إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين ، وأنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالي ، وأحترم نبيه والقرآن العظيم ، وقولوا أيضا لهم : إن جميع الناس متساوون عند الله ، وأن الشيئ الذي يفرقهم عن بعضهم هو العقل والفضائل والعلوم فقط ، وبين المماليك والعقل والفضائل تضارب ، ماذا يميزهم عن غيرهم حتي يستوجبوا أن يتملكوا مصر وحدهم ، ويختصوا بكل شيئ أحسن فيها من الجواري الحسان والخيل العتاق ، والمساكن المفرحة ، فإن كانت الأرض المصرية إلتزاما لهم فليرونا الحجة التي كتبها الله لهم ، لكن رب العالمين رءوف وعادل وحليم ، ولكن بعونه تعالي من الآن فصاعدا لا ييأس أحد من أهل مصر عن الدخول في المناصب السامية وعن اكتساب المراتب العالية ، فالعلماء والعقلاء والأفاضل منهم سيدبرون الأمور ، وبذلك يصلح حال الأمة كلها ، وسابقا كان في الأرض المصرية المدن العظيمة والخلجان الواسعة والمتجر المتكاثر ، وما أزال ذلك كله إلا الظلم والطمع من المماليك ، أيها المشايخ والقضاة والأئمة والجربجية وأعيان البلاد قولوا لأمتكم :
إن الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون ، وإثبات ذلك أنهم نزلوا في رومية الكبري وخربوا فيها كراسي البابا الذي كان دائما يحث النصاري علي محاربة الإسلام ، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكواللرية ، الذين كانوا يزعمون أن الله تعالي طلب منهم محاربة المسلمين ، ومع ذلك الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني ، وأعداء أعداءه أدام الله ملكه ، ومع ذلك إن المماليك امتنعوا عن إطاعة السلطان غير ممتثلين لأمره ، فما أطاعوا أصلا إلا لطمع أنفسهم ، طوبي ثم طوبي لأهل مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير فيصلح حالهم وتعلي مراتبهم ، طوبي أيضا للذين يقعدون في مساكنهم غير مائلين لأحد من الفريقين المتحاربين ، فإذا عرفوا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلب ، لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون علي المماليك في محاربتنا ، فلا يجدون بعد ذلك طريقا للخلاص ، ولا يبقي منهم أثر :
المادة الأولي : جميع القري الواقعة في دائرة قريبة بثلاث ساعات عن المواضع التي يمر بها عسكر الفرنساوية ، فواجب عليها أن ترسل للسر عسكر من عندها وكلاء ، كيما يعرف المشار إليه أنهم أطاعوا ، وأنهم نصبوا علم الفرنساوية الذي هو أبيض وكحلي وأحمر .
المادة الثانية : كل قرية تقوم علي العسكر الفرنساوي تحرق بالنار .
المادة الثالثة : كل قرية تطيع العسكر الفرنساوي أيضا تنصب صنجاق السلطان العثماني محبنا دام بقاؤه .
المادة الرابعة : المشايخ في كل بلد يختمون حالا جميع الأرزاق والبيوت والأملاك التي تتبع المماليك ، وعليهم الاجتهاد التام لئلا يضيع أدني شيئ منها .
المادة الخامسة : الواجب علي المشايخ والعلماء والقضاة والأئمة أن يلازمون وظائفهم ، وعلي كل أحد من أهالي البلدان أن يبقي في مسكنه مطمئنا ، وكذلك تكون الصلاة قائمة في الجوامع كالعادة ، والمصريون بأجمعهم ينبغي أن يشكروا الله سبحانه وتعالي لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عال : " أدام الله إجلال السلطان العثماني ، أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي ، لعن الله المماليك وأصلح حال الامة المصرية ".
تحريرا بمعسكر إسكندرية 12 شهر سيدور سنة ست من إقامة الجمهور الفرنساوي ، يعني في آخر شهر محرم سنة 1213 هجرية .
سبحان الله التاريخ يعيد نفسه ، كلاهما احتلال عسكري ، و كما خلق السيسي عدوا اسمه " الإخوان المسلمين " قلده نابليون بونابرت وخلق عدوا اسمه المماليك ، وكما وصف السيسي الإخوان المسلمين بالإرهاب وأصدر قانون الكيانات الإرهابية ويعد لإصدار قانون مكافحة الإرهاب ، ثم توسع ليدخل كافة معارضيه في دائرة العداء  فإن نابليون قد أمر بمجرد أن نزلت أقدامه إلي الإسكندرية  بغلق أرزاق ومنازل وممتلكات المماليك ، ثم وسع دائرة العداء لكل من يقاوم الاحتلال الفرنسي وأمر بحرق القرية التي تخرج علي العسكر الفرنساوية ، وكما استعان السيسي بمؤسسات الدولة العميقة التي خلفها مبارك وأعادها السيسي بالقوة بعد سقوطها ، هكذا استعان نابليون بونابرت بالمشايخ والعلماء والقضاة والأئمة بعد أن طمأنهم علي وظائفهم ورواتبهم ، وربما أخبرهم بونابرت أنه لا مساس بالحد الأقصي للأجور وكلفهم صراحة بوظيفة الإعلام الداعم للاحتلال الفرنسي والذي سنري في المقالات القادمة أنهم أبدعوا في أدوارهم .
الشيئ الوحيد الذي اختلف بين السيسي ونابليون بونابرت ، أن نابليون ترك المساجد علي حالها ولم يتعرض لروادها وأئمتها .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .      

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق