السبت، 17 سبتمبر 2016

القدس تفسر لنا ألف عام من العدوان .



جميعنا يعلم أن المسلمين فتحوا القدس عام 637 م ، وتسلمها الخليفة / عمر بن الخطاب بنفسه ، وظلت تحت هيمنة المسلمين حتي أطلق البابا " أوربان الثاني " عام 1095م  خطبته النارية التي وضعت حجر أساس بدء الحروب الصليبية الأوربية علي العالم الإسلامي وأراضيه ومقدساته بذريعة أنها هبة الله عز وجل  لبني إسرائيل ، وأنها أرض مقدسات المسيحيين بها قبر المسيح عليه السلام وكنيسة القيامة ، وأن المسيحيين يتعرضون فيها لاضطهاد مروع ، ومن أراد أن يقرأ هذه الخطبة فليقرأ مقالي " الخطبة التي أشعلت الحروب الصليبية ألف عام " .  


وفي عام 1099م تمكن الصليبيون من احتلال القدس بالفعل علي خلفية تحريض البابا " أوربان الثاني " ،  وأسسوا بها " مملكة القدس " واستمروا فيها ثمانية وثمانين عاما حتي استطاع الناصر "صلاح الدين الأيوبي" سلطان مصر استردادها في "معركة حطين" التاريخية عام 1187م.


بعد قرابة الأربعين عام وتحديدا عام 1229م استرد الصليبيون ( القدس ) مرة أخري ودون حروب ، حيث تنازل لهم عنها السلطان "الكامل الأيوبي" ابن السلطان العادل شقيق صلاح الدين الأيوبي ، كما تنازل لهم عن قري أخري من بلاد الشام ، وكان القصد من هذا التنازل هو أن يحافظ لنفسه علي عرش مصر ، وعقد اتفاقا علي ذلك مع الإمبراطور "فريدريك" – إمبراطور الإمبراطورية الرومانية - شبيه بمعاهدة كامب ديفيد قصد منه قادة أوربا في ذلك الوقت تنحية مصر عن الحروب الصليبية في بلاد الشام ، بعد أن نجحت مصر في استرداد بيت المقدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي  .  


ظلت القدس بأيدي الصليبيين أحد عشر عامًا إلى أن استردها نهائياً الملك "الصالح نجم الدين أيوب" عام 1244 م .


تعرضت ( القدس ) لغزو التتار الخوارزميين – في نفس عام استردادها – عام  1244 ، الذين قضوا على القسم الأعظم من سكانها المسيحيين وطردوا اليهود منهم ، وظل الأمر هكذا إلي أن تمكن المماليك بقيادة القائد / سيف الدين قطز والظاهر بيبرس من  هزيمة التتار في معركة "عين جالوت" عام 1259 ، وضُمت فلسطين بما فيها القدس إلى السلطنة المملوكية التي حكمت مصر والشام بعد الدولة الأيوبية حتى عام 1517 .


يتضح مما سبق أن المسلمين بقيادة مصر استردوا " القدس " ثلاث مرات ، الأولي علي يد صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين ، والثانية علي يد السلطان الصالح الأيوبي والثالثة علي يد سيف الدين قطز وبيبرس في معركة " عين جالوت ".


دخلت جيوش العثمانيين فلسطين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركة "مرج دابق" في سنة  1517، وأصبحت القدس مدينة تابعة للدولة العثمانية طيلة 400 سنة حتى سقوطها بيد قوّات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى سنة 1917م .


خلال فترة هيمنة الخلافة العثمانية علي القدس وتحديدا  خلال الفترة الممتدة من عام  1831 حتى عام  1840، أصبحت فلسطين جزءًا من الدولة المصرية التي أقامها محمد علي باشا ، إلا أنها عادت إلى الحكم العثماني بعد هزيمة جيش محمد علي باشا أمام الجيوش الحليفة العثمانية والأوروبية سنة 1840 ، لتظل كما ذكرنا تحت أيديهم حتي عام 1917م .


لم يهدأ الغرب المسيحي - اليهودي حتي سقطت القدس بيد الجيش البريطاني بقيادة الفريق أول" إدموند ألنبي" في سنة 1917 ، بعد أن تقهقر الجيش العثماني مهزومًا أمامهم ، وفي سنة 1922  منحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين وإمارة شرق الأردن والعراق ، وأصبحت القدس عاصمة فلسطين تحت الانتداب البريطاني ، فالقدس بالنسبة للغرب أو علي الأقل وفقا لما يروجون مسألة عقيدة ودين .


دخلت المدينة في عهد جديد كان من أبرز سماته زيادة أعداد المهاجرين اليهود إليها خاصة بعد وعد بلفور الذي أبرمته حكومة المملكة المتحدة مع ممثل الحركة الصهيونية " تيودور هرتزل ".

أدّى ازدياد عدد اليهود في فلسطين عمومًا والقدس خصوصًا ، وشرائهم للأراضي ومساعدة البريطانيين لهم ، أدّى إلى استياء المقدسيين من مسلمين ومسيحيين ، فقامت أعمال شغب في سنتيّ 1920 و 1929، وعُرفت الأخيرة "بثورة البراق" ، قُتل خلالها عدد من اليهود .

عمل البريطانيون على إخماد هذه الثورات ، وساهموا في جعل اليهود يستقرون في المدينة عن طريق بنائهم لأحياء سكنيّة كاملة في شمال وغرب المدينة ، وإنشائهم لعدد من مؤسسات التعليم العالي ، مثل الجامعة العبرية.


أحيلت قضية القدس إلى الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ، فأصدرت قرارها في  29 نوفمبر سنة 1947  بتدويل القدس تحت رعايتها وإشرافها . وجاء في القرار أنه سوف يُطبّق طيلة 10 سنوات ، ويشمل مدينة بيت لحم ، وأنه بعد هذه الفترة سيتم إجراء استفتاء عام لتحديد نظام الحكم الذي يرغب أغلبية سكان المدينة بتطبيقه عليهم ، إلا أن تطبيق هذا القرار لم يُكتب له أن يتم بسبب إعلان دولة إسرائيل .


ففي 14/5/1948 قبل ثماني ساعات من انتهاء الانتداب البريطاني ، أُعلن رسميا عن قيام دولة إسرائيل دون أن تُعلن حدودها بالضبط ، وخاضت خمس دول عربية بالإضافة إلى السكان العرب الحرب مع الدولة المنشأة حديثا ، وكانت محصّلة الحرب أن توسعت إسرائيل على  75% تقريبا من أراضي الانتداب سابقا ، بقى 156 ألف من العرب داخل إسرائيل ) حسب الإحصاء الإسرائيلي الرسمي في 1952) وتشرّد ما يقرب 900 ألف ( حسب تقديرات منظمة التحرير الفلسطينية ) إمّا في مخيمات في الأردن ومصر اللتان ضمّتا الضفة الغربية وقطاع غزة بعد استيلاء اليهود على غالبية فلسطين ، كما تشردوا في لبنان وغيرها من البلدان العربية بعد أن طردهم اليهود من بيوتهم.


كان من نتائج حرب سنة 1948 بين العرب  واليهود أن قُسمت القدس إلى شطرين : الجزء الغربي الخاضع لإسرائيل ، والجزء الشرقي الخاضع للأردن ، وكان داود بن جوريون ، رئيس وزراء إسرائيل قد أعلن في  3 ديسمبر 1948 أن القدس الغربية عاصمة للدولة الإسرائيلية الوليدة ، وفي سنة  1950 أعلن الأردن رسميًا خضوع القدس الشرقية للسيادة الأردنية .


وتحقق للغرب المسيحي – اليهودي ما يريد  حين تمكنت إسرائيل من هزيمة مصر في حرب 1967 ، واستطاعت أن تسيطر على "القدس الشرقية" لتصبح مدينة القدس بالكامل تحت الهيمنة الغربية ممثلة في إسرائيل ، وكان من نتيجة ذلك أن عاد اليهود ليدخلوا دون أي قيود إلى أماكنهم المقدسة حسب زعمهم ، كذلك أزيلت القيود المفروضة على المسيحيين الغربيين لزيارة أماكنهم المقدسة أو حتي الإقامة في إسرائيل ، وما حدث كان تنفيذا حرفيا للوثيقة المرجعية للحروب الصليبية التي أرساها " البابا أوربان الثاني " في خطبته عام 1095 حين قال أن القدس هي أرض بني إسرائيل بسلطان الرب وبها مقدسات المسيحيين ، أما المسجد الأقصى وقبة الصخرة فاستمرا خاضعين للأوقاف الإسلامية.


أشياء كثيرة فعلها الغرب كجزء من الحروب الصليبية التي استهدفت السيطرة علي الأراضي المقدسة ( القدس ) دون أن يتصور المسلمون أنه يوجد بين الأمرين رابط ، منها :


- إسقاط الخلافة العثمانية :


تحالفت الدول الغربية لإسقاط الخلافة العثمانية ، وقطع كل صلة لتركيا بالعالم العربي والإسلامي ، بل وقطع كل صلة بينها وبين الإسلام نفسه ، والقضاء علي أي مظهر من المظاهر الإسلامية بها ولو كان تافها كالملابس .


- معاهدة فريدريك :


حيث ساوم الغرب السلطان الكامل الأيوبي ابن شقيق صلاح الدين الأيوبي ليترك القدس وبلاد الشام عامة مقابل احتفاظه بعرش مصر وعدم السعي لاحتلالها وانتزاعها منه ، وهو الأمر الذي نجحوا فيه من خلال توقيع "معاهدة فريدريك" .


- معاهدة لندن :


تصدي الغرب لحملات محمد علي باشا التي سيطر من خلالها علي بلاد الحجاز والشام وأوشك أن يدخل علي مقر الخلافة العثمانية ، حيث تحالفوا ضده وأجبروه علي ترك بلاد الشام بزعمهم أنها أرضهم وأرض مقدساتهم مقابل إقناع السلطنة العثمانية بترك حكم مصر وراثيا في أبناءه ، وهو ما نجحوا فيه بتوقيع "معاهدة لندن" والتي كان من بين بنودها : 

أن يعطي محمد علي و خلفاؤه حكم مصر وراثياً  ، وأن يكون له - مدة حياته فقط - حكم جنوب سوريا ( فلسطين ) ، علي أن يقوم بإخلاء جزيرة كريت و الحجاز و أدرنة و إعادة الأسطول العثماني ،  فإذا لم يقبل القرار في مدة عشرة أيام ، يحرم من ولاية عكا ( فلسطين ) ، فإذا استمر رفضه مدة عشرة أيام أخري يصبح من حق  السلطان حرمانه من ولاية مصر ، فانتهي الأمر بقبول محمد علي شروط معاهدة لندن في 27 نوفمبر 1840 م .


- احتلال سيناء :


من هذه الأعمال احتلال إسرائيل لسيناء لأنها جزء من إسرائيل الكبرى التوراتية فضلا عن رغبتهم في استخدام قناة السويس كحاجز مائي وإقامة سد ترابي علي حده الشرقي ليؤمن احتلالهم للأراضي المقدسة ، فالغرب يعرف تاريخه ، ولا يحكمه أمثال عسكر مصر فيغيبونه عن دينه وتاريخه وقيمه وأخلاقياته ، هم يعرفون أن مصر هي التي أفشلت الحروب الصليبية أكثر من مرة ، وانتزعت منهم القدس ثلاث مرات ، علي أيدي صلاح الدين الأيوبي مرة وعلي يد السلطان الصالح الأيوبي مرة وعلي يد سيف الدين قطز وبيبرس مرة ، فضلا عن استرداد العديد من مدن الشام علي يد السلطان قلاوون وابنه الأشرف خليل .


- معاهدة " كامب ديفيد " :


من هذه الأعمال أيضا معاهدة " كامب ديفيد " التي أرادوا منها ما أرادوه من معاهدة "فريدريك " مع السلطان الكامل ، ومعاهدة " لندن " مع محمد علي باشا ، حيث قصدوا منها تحييد مصر ومنعها من التعرض لإسرائيل في احتلالها للقدس.  


- قانون كارتر للمساعدات العسكرية :


أتبعوا معاهدة " كامب ديفيد " بقانون أصدره الرئيس الأمريكي كارتر  لضخ دفعات مالية ضخمة ومستمرة لعسكر مصر لضمهم إلي معسكر الغرب في الصراع علي الأراضي المقدسة والتي يزعمون بخلاف الحقيقية أنها تقدم في شكل أسلحة فقط ، بينما هي مقسمة إلي بنود متعددة تجعل أجزاء كبيرة منها تؤول إلي أيدي القادة بطريق مباشر أو غير مباشر ، ومن أراد أن يعرف الأهداف التي أعلنتها أمريكا من وراء المساعدات العسكرية لقيادات الجيش المصري فليقرأ مقالي " هيجل والسيسي ونظرية السيطرة علي الجيش المصري " ، وقد نجحوا في ذلك ، فكما كان مدخلهم لإسقاط الخلافة العثمانية والقضاء علي الهوية الإسلامية في تركيا ضابط جيش تركي هو مصطفي كمال أتاتورك ، كذلك أصبحت هيمنتهم علي الشرق الأوسط كله وتأمين احتلالهم للأراضي المقدسة من خلال ضباط الجيش المصري .


- تدريب ضباط الجيش المصري في كلية الحرب الأمريكية كل عام .


لم يتوقف الأمر عند تقرير المساعدات العسكرية لقيادات الجيش المصري ، بل أضافوا إلي ذلك تدريب أعداد من ضباط الجيش المصري سنويا في كلية الحرب الأمريكية علي نحو يشبه نظام " إعارة العمل " التي يتم منحها للموظفين في بعض القطاعات كالتعليم والقضاء والصحة وغيرها لتحسين أحوال الموظف ، وكان آخر صور هذه التدريبات ما أطلقت عليه أمريكا " دورات تدريب كبار القادة " والتي بدأت عام 2005م وحصل عليها الفريق / صدقي صبحي في نفس العام ، وحصل عليها السيسي عام 2006م ودرسا خلالها " الحرب العالمية علي الإرهاب " وقدما تقارير تخابر تحت مسمي بحث استراتيجي ، ومن أراد أن يعرف أكثر عن مسألة تدريب ضباط الجيش المصري في كلية الحرب الأمريكية فليقرأ مقالاتي علي جوجل وعناوينها كالتالي ( ملايين الدولارات سنويا لتدريب العسكر المصري ) – ( السيسي وجريمة التخابر مع وزارة الدفاع الأمريكية ) – خمسة مقالات بعنوان ( أسرار عن صدقي صبحي العميل القاتل ) – ( سقوط العميل الثالث اللواء محمد العصار ) ، وعلي وجه العموم يمكن الدخول علي ( مدونة النائب محمد العمدة ) علي جوجل حيث يوجد العديد من المقالات البحثية في ذات الموضوعات .


- الحرب العالمية علي الإرهاب .


وهي فكرة شيطانية عبقرية لتدمير العالم الإسلامي بأكمله ابتكرتها أمريكا وإسرائيل ، وليس هذا كلامي وإنما هي محاضرة بحثية ضخمة أعدها المفكر الفيلسوف الباحث الأمريكي الحر الدكتور / نعوم تشومسكي ، وعرضها مسجلة صوتا وصورة ومترجمة للغة العربية ، وقد فرغتها بعد مراجعة الترجمة في مقال بعنوان " الحرب علي الإرهاب بين السيسي ونعوم تشومسكي " لمن أراد أن يقرأها علي محرك البحث " جوجل " . 

لقد استقر احتلالهم للأراضي المقدسة ( القدس ) بكافة الحروب والمؤامرات والمكائد التي عرضنا لبعضها ، واستراح البابا " أوربان الثاني " في قبره بعدما تحقق حلمه الذي نادي به عام 1095م أي تحقق بعد أكثر من ثمانمائة عام ، وهم الآن في طور الحفاظ علي القدس بعدة وسائل ، ومنها ما يسمونها الحرب العالمية علي الإرهاب الدائرة علي أرض الإسلام .


- إنشاء مذهب المسيحية الصهيونية والاستمرار في نشره .


والمقصود به المسيحيون الذين دعموا إنشاء دولة إسرائيل ، ويدعمون الآن بقائها ، - وأعدادهم الآن أصبحت ضخمة في أمريكا وأوربا – وهم يفسرون دعمهم لإسرائيل بمقولة أن إسرائيل سوف تتعرض لحرب "هرمجدون " وهي حرب نهاية الزمان ، حيث تجتمع عليها الدول المحيطة بها ، وأنها سوف تُهزم في بادئ الأمر ، ثم ينزل المسيح عليه السلام وتتحول الدفة وتنتصر إسرائيل ، ويحكم المسيح العالم كملك لمدة ألف عام تقوم بعدها الدينونة أي القيامة ، ومن ثم فإن نزول المسيح يفترض – من وجهة نظرهم - أنه سيحدث واليهود مقيمون في فلسطين ، وهو ما دعاهم لدعم قيام دولة إسرائيل والدفاع المستميت عن استمرارها ، وتفصيلات ذلك في مقالي علي جوجل " إنشاء دولة إسرائيل والدفاع عنها عقيدة مسيحية " .


- الحرب علي أفغانسان :


والتي شرح الدكتور / نعوم تشومسكي في محاضرته التي أشرنا إليها أنها حرب جائرة لتدمير دولة وشعب دون سند صحيح من القانون الدولي وعلي نحو يخالف الشرائع السماوية والقيم الأخلاقية والإنسانية المجردة .


- غزو العراق عام 2003م :


تلك الحرب التي لم تنته آثارها حتي الآن بعد مضي ثلاثة عشر عام من بدايتها ومات بسببها الملايين وأهدرت ثروات المسلمين ودمرت منازلهم وبلادهم ، ثم الآن يعلن الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء البريطاني الاعتذار عن هذه الحرب بعد أن ثبت لهما علي حد زعمهما أنه لم يثبت أن العراق به أسلحة دمار شامل .

ثم يقرر لنا بوش أن مبارك والسعودية كانا وراء غزو العراق وهو ما كتبته في مقالي " بوش يكشف مبارك والسعودية وراء غزو العراق " . وقد سبق أن ذكرت في مقالي علي جوجل " لماذا وصف ساويرس الإخوان بالخرفان " ما نشرته صحيفة " شبيغل " الألمانية من أن نجيب ساويرس عميل المخابرات الأمريكية كان من أوائل من أشاروا بغزو العراق عام 2003م ، وأن مبرره كان اعتداء العراق علي جيرانه قاصدا بذلك إطلاق صدام حسين عدد 39 صاروخ سكود علي إسرائيل عام 1991م أثناء " حرب تحرير الكويت "، أي قبل غزو العراق بإثني عشر عام وكانت العراق في ذلك الوقت – عام 2003م - في غاية الانهيار.


- انقلاب مصر عام 2013 .


والذي كان - هدف أمريكا وإسرائيل ومن معهما من ورائه - هو القضاء علي الديمقراطية في مصر ، واستبعاد من اختارهم الشعب ويعبرون عن هوية أغلبيته المسلمة الساحقة ، واستعادة الحكم للعسكر الذين يدفع لهم الأمريكان مليارات من الدولارات منذ عام 1979م لكي يقوموا بأي تكليفات في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك وعلي رأسه الحفاظ علي أمن إسرائيل ، وقد رأينا دور العسكر المصري في الحرب علي أفغانستان وعلي العراق وفي حصار غزة وفي تقسيم السودان .

أما دورهم بعد الانقلاب فقد كان الأسوأ علي الإطلاق ، لأن التكليفات صدرت لهم هذه المرة ضد الأراضي المصرية فدمروها في رفح ، وضد الشعب المصري فقتلوه في سيناء وفي جميع محافظات مصر واعتقلوا منه الآلاف ، ولعل ما يحدث للمصريين علي أيدي عسكر مصر هو جزاءاً وفاقا علي صمتهم إزاء جرائم العسكر في أفغانستان والعراق وحصار أهالي غزة لصالح أمن إسرائيل حتي استدار العسكر المصري علي المصريين أنفسهم ليفعل بهم ما فعله بالشعوب الإسلامية المجاورة .


- مساندة القوي العظمي لنظام بشار الأسد العميل في سوريا .


ها نحن نري الغرب بأكمله وعلي رأسه " روسيا " يدعمون بقاء بشار الأسد العميل ومنع الشعب من التخلص من الديكتاتورية وبداية مرحلة من الديمقراطية ، والسبب في ذلك أن سوريا من بلاد الشام الملاصقة لإسرائيل ، ومن ثم فالحفاظ علي نظام عميل بها يعد من بديهيات الحفاظ علي أمن إسرائيل ، ولذلك اجتمعت الكنيستان الغربية والشرقية لأول مرة منذ ألف عام لدعم روسيا في مساندة بشار الأسد ليستمر في حكم سوريا ، وهذا ما أوضحته بالتفصيل في مقالي علي جوجل " هاآرتس تكشف تفاصيل الحرب الصليبية الجديدة " . كما أذكركم بتغريدة نجيب ساويرس بشأن سوريا حين قال :

President Putin is full of surprises. A man of Action when he moved into Syria ,surprising Action when he withdrew yesterday i wonder why now

وترجمته :

" الرئيس بوتن مليئ بالمدهشات ، رجل مفاجآت عندما دخل إلي سوريا ، وفي تصرف مثير للغرابة انسحب منها بالأمس ، وأنا أتعجب لماذا الآن ".


-  حاليا : مساندة الحكم الشيعي العميل في العراق .


وذلك لنفس السبب ، أن العراق من أقرب الدول لإسرائيل بعد سوريا ، ولذلك فالخطة هي تسليم العراق للشيعة والتي استغلت أمريكا رغبتهم في احتلال الدول المجاورة لنشر إمامتهم الباطلة ، وأطلقتهم في العراق وسلمت لهم شئون البلاد حتي يظل الشيعة فاصلا بين إسرائيل والسنة في السعودية وخط دفاع أول لإسرائيل ، فلاشك أن استخدام الصراع الشيعي السني ظاهر في السياسات الأمريكية في المنطقة ، بل واستخدام ورقة المسلمين والمسيحيين كما يفعلوا في مصر وفي سوريا ، وورقة الأكراد وكافة الاختلافات العرقية والدينية والتي بدأوا علي أساسها إعادة تقسيم المنطقة تقسيما جديدا علي شاكلة " سايكس بيكو " .


- مساندة العميل حفتر في ليبيا للقضاء علي الثورة الليبية .


وهو ما فسره نجيب ساويرس بتغريدته الآتية :


" لا خيار لإنهاء الوضع الليبى إلا بتحالف مصري إماراتي إيطالي فرنسي يدخل ليبيا ويحررها مع القوى الوطنية الليبية من قوى الإرهاب انتصارا للإنسانية " ، وبالطبع المقصود بقوي الإرهاب تيار الإسلام السياسي .


- الحرب علي تيار الإسلام السياسي .

  
كل الحروب التي يشنها الغرب علي العالم الإسلامي والتي ذكرناها أعلاه مرتبطة أيضا بفكرة الحرب علي تيار الإسلام السياسي والتي هي جزء من حرب أوسع وهي الحرب علي الهوية الإسلامية وكل من يعتنقها ويسعي إليها في أي بقعة في العالم ، فقد نقل لهم السيسي كمثال في بحثه بعنوان " الديمقراطية في الشرق الأوسط " الذي سلمه لكلية الحرب الأمريكية أن وصول الإسلاميين للسلطة معناه سعيهم لتحقيق الخلافة أو بالأدنى مبدأ الوحدة الإسلامية ، وعلي ضوء تقارير التخابر هذه - والتي يسمونها أبحاث إستراتيجية – جعل الغرب من الإسلاميين هدفا لهم ، وهذا ما قاله الجنرال المتقاعد / مايكل فيلين كبير مستشاري دونالد ترامب في خطابه بمؤتمر الحزب الجمهوري الذي أعلن فيه ترشيح المرشح المتطرف / دونالد ترامب لرئاسة أمريكا ، عندما قال :

 We have to be very conscious of a very determined enemy that is masking itself behind this ideology. My personal belief of this ideology is this is a political ideology based on Islam

وترجمته :

" يجب أن نكون منتبهين جيدا لعدونا العنيد والذي يخفي نفسه خلف هذه الأيديولوجية ، وفي اعتقادي الشخصي أن هذه الأيديولوجية هي تلك الأيديولوجية السياسية المبنية علي الإسلام " .

ولاشك أن هذا التصريح وغيره من التصريحات التي أطلقها المتحدثون في مؤتمر الحزب الجمهوري ضد الإسلام المتطرف والمتطرفين الإسلاميين يؤكد لنا فضلا عما ذكرناه بشأن زراعة أنظمة عميلة ، أن من بين الأسباب الرئيسية - للانقلاب الذي وقع في مصر ، والحرب الضروس التي يشنها الغرب الآن علي سوريا والعراق وليبيا - منع أي فصيل سياسي إسلامي من الوصول للسلطة في هذه الدول ، لاسيما تصريح دونالد ترامب نفسه حين قال في خطابه بقبول ترشيح الحزب الجمهوري له :

Egypt was turned over to the radical Muslim brotherhood, forcing the military to retake control

وترجمته :

مصر انتقلت لجماعة الإخوان المسلمين المتطرفة ، مما اضطر الجيش لاستعادة السيطرة .


وقل نفس الشيء علي محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا ، وربما لم يلاحظ أحد من المسلمين في العالم أن يوم 15/7 الذي وقع فيه الانقلاب هو نفس اليوم الذي دخلت فيه الحملة الصليبية الأولي القدس واحتلتها بعد أن ارتكبت جرائم يندي لها الجبين في حق المسلمين ، ولا أعتقد أن اختيار هذا اليوم ليحدث فيه الانقلاب كان من قبيل المصادفة ، ولو كان الانقلاب قد نجح لأعلن لنا المعسكر الغربي أن يوم سقوط الحكومة الإسلامية في تركيا هو يوم دخولنا القدس أول مرة .


أزمة العالم الإسلامي الآن أن الغرب جاثم علي صدور المسلمين في العالم الإسلامي بأيدي ملوكهم وعساكرهم الذي يستخدمون أسلحة الشعوب الإسلامية في تركيع هذه الشعوب للحكام المستبدين غير الشرعيين من جهة وللغرب من جهة أخري .


لذلك يجب أن ننشر الوعي بين الجيل الحالي والأبناء والأحفاد أن نهضة العالم الإسلامي تبدأ بالتخلص من الحكام العملاء الذين نهبوا ثروات المسلمين لحسابهم ولحساب الدول الغربية التي تدعم بقائهم ، والذين استعبدوا الناس بكافة الجرائم من اعتقال وتعذيب وقتل وجرائم ملفقة وأحكام جائرة .


ثم الخطوة التالية التحول الديمقراطي الحقيقي الذي يفرز حكاما منتخبين انتخابا نزيها معبرا عن إرادة الشعوب في ظل دول مدنية حديثة ديمقراطية تكفل رقابة هؤلاء الحكام لحماية حقوق وحريات المواطنين من جهة وحماية ثروات الشعوب من جهة أخري حتي يستطيع العالم الإسلامي أن يواجه هذا الغرب اليهودي المسيحي الدموي المملوء بالحقد تجاه الإسلام والمسلمين هو وكل من يؤيده خارج وداخل العالم الإسلامي .

وحين نفعل ذلك سوف نستطيع الحديث عن استرداد كل ما تم نهبه من أراضي وأموال المسلمين .

وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .




ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق