دون مقدمات
فيما يلي الجرائم العسكرية التي ارتكبها السيسي :
- خروج السيسي
عن طاعة رئيس الجمهورية .
- تغييره لنظم
الدولة الاقتصادية والاجتماعية ومناهضته لسياساتها العامة .
- الخروج عن
طاعة القائد الأعلى للقوات المسلحة وعصيان أوامره.
- استعمال العنف
مع قائده الأعلى .
- إضعاف روح النظام العسكري وطاعة الرؤساء والاحترام
الواجب لهم .
أولا : خروج
السيسي عن طاعة رئيس الجمهورية .
نصت المادة ( 138 مكرر / أ ) من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة
1966م علي أنه :
" يعاقب بالإعدام
أو بجزاء اقل منه منصوص عليه في هذا القانون كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب
إحدى الجرائم الآتية :
1- ارتكابه فعلا
يرمى إلى الخروج عن طاعة رئيس الجمهورية أو قلب أو تغيير نظم الدولة الاقتصادية أو
الاجتماعية أو مناهضة السياسة العامة التي تتبعها الدولة في المجالين الداخلي أو الخارجي
أو اتفاقه مع غيره على ذلك .
2- ترويجه أو تحبيذه بأية طريقة من الطرق في أوساط
القوات المسلحة فعلا من الأفعال المشار إليها في الفقرة السابقة أو تقصيره في الإبلاغ
عن ذلك الترويج أو التحبيذ ".
إذا كان النص يجرم مجرد الفعل الذي يهدف
للخروج عن طاعة رئيس الجمهورية ، فماذا يكون الأمر حين يقوم وزير الدفاع بعزل رئيس
الجمهورية وخطفه وتلفيق العديد من القضايا له .
ولاشك أن المشرع المصري حين وضع هذا النص
إنما وضعه لعلمه أن ضعاف النفوس من أصحاب المطامع في السلطة والجاه والثروة إنما
يقعون فريسة لإغراء السلاح الذي يكون تحت أيديهم بحكم عملهم ومهمتهم الأساسية في
الدفاع عن البلاد وأمنها ، فيسعون لاستخدامه للاستيلاء علي السلطة بالقوة وإزاحة
الرئيس المنتخب ، والاستيلاء علي مكانه دون سند من الدستور أو القانون أو إرادة
الشعب .
وحتي يحمي المشرع الدولة والشعب من مرضي
السلطة الذين لن يخلو الجيش من بعضهم بأي حال من الأحوال ، جعل الخروج عن طاعة
رئيس الجمهورية جريمة عسكرية ، ذلك أن الخروج عن طاعة الرئيس هي من الجرائم التي
تقع في الأغلب الأعم من رجال القوات المسلحة بحسب التاريخ الذي يرصد من الانقلابات
العسكرية في كثير من الدول ما لا يمكن حصره .
ليس ذلك فحسب بل جعل مجرد الفعل الذي يرمي
للخروج عن طاعة رئيس الجمهورية تتحقق به الجريمة كاملة ولو لم يحدث الخروج عن
الطاعة ، وفضلا عن ذلك جعل عقوبة الجريمة هي الإعدام أو العقوبة الأدنى مباشرة وهي
الأشغال الشاقة المؤبدة .
ثانيا : تغييره لنظم الدولة الاقتصادية والاجتماعية
ومناهضته لسياساتها العامة :
من ضمن
الجرائم الواردة في المادة السابقة ( 138 مكرر / أ ) :
" قلب أو
تغيير نظم الدولة الاقتصادية أو الاجتماعية أو مناهضة السياسة العامة التي تتبعها الدولة
في المجالين الداخلي أو الخارجي أو اتفاقه مع غيره على ذلك .
فمن المعلوم
في كافة الدول المدنية الديمقراطية أن نظم الدولة الاقتصادية والاجتماعية
وسياساتها الخارجية والداخلية يضعها المنتخبون سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من
خلال من يختاروهم للوزارات والمصالح الحكومية ، وليس ذلك من اختصاص المؤسسة
العسكرية من قريب أو بعيد .
فقد نصت
المادة (194) دستور الثورة لسنة 2012م علي أن :
" القوات
المسلحة ملك للشعب مهمتها حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها ، والدولة
وحدها هي التي تنشئ هذه القوات. ويحظر على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات
أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية ، ويكون للقوات المسلحة مجلس أعلى على النحو
الذى ينظمه القانون . ".
هذه هي مهمة
القوات المسلحة المنصوص عليها في دستور الثورة وما سبقه من دساتير ، بل وفي دستور
الانقلاب ، مهمتها حماية البلاد والحفاظ علي أمنها وسلامة أراضيها ، ليس من
اختصاصاتها الشئون السياسية أو الاقتصادية أو وضع السياسات الداخلية أو الخارجية .
وبعد أن خرج
السيسي عن طاعة رئيس الجمهورية وعزله بالقوة ولفق له العديد من الجرائم ، اتخذ من
السياسات الاقتصادية ما أدي إلي تدمير اقتصاد البلاد ، وتدهور في كافة مؤشراته ،
كما غير النظم الاجتماعية حيث أعلن عما سماه " ثورة التصحيح الديني "
ليحارب قيم الإسلام دين الدولة الرسمي الذي تتبعه أغلبية المصريين ، وسخر إعلامه
للترويج للإلحاد ولكل القيم المناقضة للإسلام بقصد تدمير هوية الدولة الإسلامية
التي تتناقض مع تبعيته للغرب وما يتخذه من سياسات وما يرتكبه من جرائم .
ومن جهة أخري
غير السياسات الخارجية للدولة لتصبح غاية وغاية القوات المسلحة في عهده هي تأمين
إسرائيل علي حساب الشعب المصري وكافة الشعوب الإسلامية .
ثالثا :
الخروج عن طاعة القائد الأعلى للقوات المسلحة وعصيان أوامره.
نصت المادة (151)
من قانون الأحكام العسكرية علي أن :
" يعاقب بالإعدام
أو بجزاء اقل منه منصوص عليه في هذا القانون كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب
الجريمة الآتية : عدم إطاعته أمرا قانونيا صادر له من شخص ضابطه الأعلى في وقت تأدية
خدمته بطريقة يظهر منها رفض السلطة عمدا سواء صدر له هذا الأمر شفهيا أو كتابة أو بالإشارة
أو بغير ذلك أو تحريضه الآخرين على ذلك " .
كما نصت
المادة ( 152 ) من ذات القانون علي أن :
" يعاقب بالسجن
أو بجزاء اقل منه منصوص عليه في هذا القانون . كل شخص خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب
الجريمة الآتية : عدم إطاعته أمرا قانونيا صادر له من ضابطه الأعلى سواء صدر له هذا
الأمر شفهيا أو كتابة أو بالإشارة أو بغير ذلك .
ونصت المادة (
153 ) من ذات القانون علي أن :
" كل شخص
خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب الجريمة الآتية : إهماله إطاعة الأوامر العسكرية أو
أوامر الوحدة أو أوامر أخرى سواء كانت كتابية أو شفهية. يعاقب إذا كان ضابطا بالطرد
أو جزاء اقل منه منصوص عليه في هذا القانون. وإذا كان عسكريا تكون العقوبة الحبس أو
جزاء اقل منه ".
ثلاثة مواد
متتالية وضعها المشرع في قانون الأحكام العسكرية لتجريم كافة صور خروج فرد القوات
المسلحة عن طاعة أي قائد له يعلوه في الرتبة وتجريم كافة صور الامتناع عن تنفيذ
الأوامر .
ولاشك أن هذا
التشديد من المشرع تجاه هذه الجريمة له ما يبرره ، ذلك أن طاعة المرؤوسين في
المؤسسة العسكرية لرؤسائهم وتنفيذ أوامرهم هو السبيل الوحيد للحفاظ علي تماسك هذه
المؤسسة وتمكينها من القيام بواجباتها تجاه الوطن بالدفاع عنه وعن سلامته ، وأي
إخلال بهذا المبدأ كفيل بهدم المؤسسة وتعريض الوطن كله للخطر .
لذلك لا نبالغ
إذا قلنا أن طاعة المرؤوس لرئيسه في المؤسسة العسكرية يعد أهم مظهر من مظاهر شرف
العسكرية في كل زمان ومكان ، لأنه يعني حرص الفرد علي سلامة المؤسسة وتماسكها
وانضباطها ومن ثم القيام بدورها في حفظ الوطن بأسره .
ولاشك أن ما فعله
السيسي مع الدكتور / محمد مرسي القائد الأعلى للقوات المسلحة يمثل خروجا عن طاعة
قائد أعلي له وعصيان لأوامره علي نحو يهدد سلامة المؤسسة العسكرية كلها ويهدد
سلامة الوطن في ذات الوقت .
رابعا : استعمال العنف مع قائده الأعلى :
نصت المادة (146) من قانون الأحكام العسكرية علي أن :
" كل شخص
خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب إحدى الجرائم الآتية وقت خدمة الميدان : أوقع بقائده
أو بمن هو أعلى منه في الرتبة عملا من أعمال الشدة أو التهديد أو العنف وقت تأدية أعمال
الوظيفة أو في معرضها أو بسببها سواء كان ذلك بالكلام أو بالكتابة أو بالإشارة أو بغير
ذلك . يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو بجزاء اقل منها. أما إذا ارتكبها في غير خدمة
الميدان فتكون العقوبة الحبس أو بجزاء اقل منه منصوص عليه هذا القانون ".
فإذا كان السيسي قد خرج عن طاعة الدكتور /
محمد مرسي بصفته رئيس للجمهورية عندما قام بعزله والقبض عليه دون وجه حق بلا إذن
قضائي أو تلبس بارتكاب جريمة ، ثم لفق له القضايا بعد أن قبض عليه واختطفه واحتجزه
في مكان غير معلوم ، فإنه فضلا عن ذلك كله قد ارتكب جريمة عسكرية أخري وهي جريمة
استعمال العنف مع قائد أعلي له في سلم الوظائف العسكرية ، فقد نصت كافة دساتير مصر
ومن بينها دستور 2012م في مادته رقم (146) علي أن :
" رئيس الجمهورية
هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ،....." وتصل عقوبة هذه الجريمة في بعض صورها
الموضحة بالمادة سالفة الذكر إلي الأشغال الشاقة المؤبدة.
خامسا : إضعاف روح النظام العسكري وطاعة
الرؤساء والاحترام الواجب لهم :
نصت
المادة ( 147 ) من قانون الأحكام العسكرية علي أن :
" كل شخص
خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب الجريمة الآتية : إقدامه على ما من شانه أن يضعف في
القوات المسلحة روح النظام العسكري أو الطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم . يعاقب
بالحبس أو بجزاء اقل منه منصوص عليه في هذا القانون " .
ولاشك أن ما فعله السيسي مع رئيس الجمهورية
وقائده الأعلى في القوات المسلحة يؤدي إلي تحقق كافة الجرائم المنصوص عليها في
المادة السابقة ، فهو قد أضعف روح النظام العسكري في مصر القائم علي طاعة
المرؤوسين لرؤسائهم واحترامهم لهم وتنفيذ أوامرهم .
ونحن نسأل هل يملك السيسي أن يوجه اللوم
للفريق صدقي صبحي إذا قام بعزله وأعلن لذلك أي أسباب ، بل وهل يملك المجلس العسكري
الحالي أن يوجه اللوم إلي أي مجموعة من الضباط الأقل رتبة لو قاموا بعزل المجلس
العسكري بأكمله وأعلنوا لذلك أي أسباب ؟ سؤال مشروع نتمنى أن نسمع له إجابة من
السيسي وكل من أيده وسار خلفه فيما ارتكبه تجاه رئيس الجمهورية الشرعي وقائده
الأعلى ضمن سلم الوظائف العسكرية .
وجدير بالذكر أن القانون الجنائي والعسكري لا
يعتبران ببواعث الجريمة ولا يقبلان أي مبررات تبرر ارتكابها ، ومن ثم فما قاله
السيسي لتبرير الانقلاب وتبرير الجرائم التي ارتكبها ، كقوله أنه فعل ما فعل تلبية
لإرادة الشعب ، كل ذلك غير مقبول ولا يعد سببا لإباحة ارتكاب الجرائم التي ارتكبها
، هذا أمر بديهي لأننا لو قبلنا ارتكابه لهذه الجرائم بأي مبرر من المبررات ، فهذا
يعني أننا نهدم المؤسسة العسكرية من جذورها ، ذلك أننا نفتح المجال أمام كل ضباط
القوات المسلحة وأفرادها أن يفعلوا ما فعل السيسي ثم يعلنوا لذلك أي مبرر .
ناهيك عن أن كل ما وقع من فتن قبل الانقلاب
كان بتدبير من السيسي نفسه ، فهل يتصور أحد مثلا أن المحكمة الدستورية كان يمكن أن
تحل البرلمان المنتخب من أكثر من ثلاثين مليون مواطن مصري دون أن تحصل علي ضوء
أخضر من السيسي والمجلس العسكري علي الأقل لمنحها الطمأنينة من عواقب إصدار هذا
الحكم والاحتجاجات الشعبية التي ستترتب عليه ، هل يتصور أحد أن يحاصر عدد كبير من
أعضاء النيابة النائب العام وبعضهم يحمل معه أسلحته الشخصية دون أن يكون هناك رضا
من المؤسسات الأمنية ، هل يتصور أحد أن الهجوم الإعلامي الضاري علي رئيس الجمهورية
لم يكن بتشجيع من السيسي ، ومن يقول نعم هو بغير تحريض من السيسي سوف نسأله ، لماذا
تم إلغاء برنامج باسم يوسف الساخر ورحيله خارج البلاد بعد الحلقة التي عرضها عن
السيسي ، ولماذا توقف كافة الإعلاميين عن توجيه النقد للسيسي في ظل هذه المتاهات
التي دخلت فيها البلاد .
سادسا : الجرائم الجنائية التي ارتكبها
السيسي .
نصت المادة ( 167 ) من قانون الأحكام العسكرية علي أن :
" كل شخص
خاضع لأحكام هذا القانون ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون العام والقوانين
الأخرى المعمول بها يعاقب بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة ".
ولما كانت كافة الإجراءات التي اتخذها السيسي
من بعد 3/7/2013م تمثل جرائم عسكرية ولا شرعية لها من قريب أو بعيد ، فإنه يعد
مسئولا عن كافة الجرائم الجنائية التي وقعت بعد ذلك من قتل للمتظاهرين وإصابتهم
واعتقال وتعذيب وتلفيق قضايا .
والسؤال هنا هل يمكن للنيابة العسكرية
والقضاء العسكري أن يقوموا بدورهم ويحركوا قضايا عسكرية عن الجرائم الموضحة أعلاه
؟ لعلهم بذلك ينقذون البلاد من الهلاك الذي أشرفت عليه .
إن من يسيرون خلف السيسي ويعطلون القانون
تجاوبا مع ما يفعل معتقدين أنهم يحققون لأنفسهم بذلك الخير والمزايا الوظيفية
والنقدية ، إنما يستبعدون من بؤرة الشعور أنه يجرهم معه إلي سوء الخاتمة في الدنيا
والآخرة ، لأنه يورطهم في دماء الناس التي حرمها الله عز وجل إلا بالحق .
للأسف من خصال الإنسان التي تودي به للهلاك
ما لم يلتفت لها ويكبح جماحها هي قدرة الإنسان علي إقناع نفسه بأن الحق في الاتجاه
الذي يحقق مصالحه الخاصة ، وقليل من الناس من يلتفت إليها ويحذر منها ويقاومها .
لو أن كل من يتولي وظيفة في مصر يجاهد نفسه
ليقوم بوظيفته علي النحو الذي يرضي خالقه عز وجل الذي أنعم عليه بنعم لا تحصي ولا
تعد ما وصلت أحوال مصر من السوء ما وصلت إليه .
اللهم
ارفع عن مصر البلاء واكشف عنها الغمة يا أرحم الراحمين .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق