بعد أن اطمأن نجيب ساويرس لوقوع الانقلاب وإعادة المحاكمات العسكرية
للمدنيين وإصدار قانون مكافحة الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية ، بعد أن اطمأن
إلي أن العسكر أعادوا المسلمين إلي أقلية مضطهدة من جديد علي نحو ما فعلوا منذ عام
1952م بتأييد من غير المسلمين ، بل أعادوا المسلمين جميعا إلي عبيد ، بدأ يتحدث عن
أدواره التي قام بها كمقدمة للانقلاب بكل أريحية ، فكشف من بين ما كشف أنه صاحب
حملة " الإخوان الخرفان " .
في حوار أجرته صحيفة اليوم السابع مع نجيب ساويرس بعد إجراء انتخابات
المرحلة الثانية لبرلمان الدم ونشرته
بتاريخ 19/12/2015م جاء فيه :
اليوم السابع تسأل :
من وجهة نظرك ، ده
هيودى البلد على فين؟
نجيب ساويرس يجيب :
( هيوديها فى داهية ، لأنه خطأ كبير جداً ، لأنك
بتقضى على العملية الديمقراطية ، وبعدين ده نفس النقد اللى وجهناه للإخوان ( خرفان
وليهم مرشد ) ، هم بردوا بيحاولوا يعملوا كده ) .
لم تكن حملة " الإخوان خرفان " وحدها هي التي أطلقها نجيب ساويرس
، بل هو أيضا من روج إلي أن " المرجعية الإسلامية " تعني " الدولة
الدينية " بخلاف الحقيقة ، وهو الذي روج الحملات ضد الأحزاب التي تتبني هذه
المرجعية الإسلامية واصفا إياها بأنها " أحزاب دينية " بخلاف الحقيقة ،
وهو الذي شن الحملات الإعلامية علي المادة الثانية الواردة في كافة دساتير مصر
والتي تنص علي ( الإسلام دين الدولة ،
واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ) ، وهو صاحب دور رئيسي في الترويج للحرب
العالمية علي الإرهاب والتي تهدف منذ أن ابتكرتها أمريكا وإسرائيل لتدمير العالم
الإسلامي ، وهو من استخدم المنظومة الإعلامية في مصر والتي يسيطر علي أغلبها
للإساءة للقيم الإسلامية والترويج للقيم الغربية ، وهو من يعمل مستشارا للغرب فيما
يتخذه من سياسات وما يشنه من حروب ضد العالم الإسلامي كما سنوضح فيما يلي .
ولاشك أن أهدافه من كافة هذه الحملات هي الحرب علي الهوية الإسلامية لمصر ،
ولكنني وبموجب هذا المقال أسعي لتفسير أسباب إطلاق نجيب ساويرس لحملة "
الإخوان خرفان " ، وقبل أن أقدم ما لدي من تفسيرات ينبغي أن نأخذ في الاعتبار
عدة أمور :
أولا : أن نجيب ساويرس عميل للمخابرات الأمريكية .
ولتأكيد هذه الحقيقية أنقل لكم جزء من الحوار الذي أجراه الإعلامي / أحمد
منصور مع نجيب ساويرس علي قناة الجزيرة والمرفوع علي موقع " يوتيوب "
بعنوان ( بلا حدود – نجيب ساويرس ) والذي اعترف فيه بأنه عميل للمخابرات الأمريكية
والذي فرغته في مقالي بعنوان " نجيب ساويرس وكوارث العالم الإسلامي 1 "
حيث جاء فيه :
أحمد منصور يرد :
عندي عندي بس جاوبني
علي السؤال ده :
س ما سر حصولك علي المعونة الأمريكية ؟
نجيب ساويرس يضطر لتوضيح علاقته بالمخابرات الأمريكية :
إحنا كنا الأول بناخد
العمل ده من الباطن في مصر هنا ، وبعدين أنا وأخويا فكرنا قلنا لا إحنا هنا بيرموا
لنا العظمة ....
أحمد منصور يقاطع ساويرس :
أيوه قولي بأه إيه هي
العظمة وإيه هي اللحمة ...
نجيب ساويرس يرد :
يعني هنا الشركة
الأمريكية بتاخد الشغل ويعطيك عقد من الباطن ، فأنا قلت لأخويا لا إحنا نطلع علي
أمريكا ونكون شركة هناك ونقدم علي العطاءات دي كشركة أمريكية ، ومن هنا جات
الإقامة ، ومن هنا جاء الجرين كارد علشان أقدر أعمل شركة أمريكاني ، ودخلنا علي
العقود أل USAID .
أحمد منصور يسأل :
س اشمعني أنت اللي
فضلت مستحوذ علي العطاءات دي وفي شركات كثيرة كانت بتقدم عليها .
نجيب ساويرس يرد :
علشان إحنا شاطرين يا
أبو حميد ومجتهدين وبنشتغل 18 ساعة .
أحمد منصور يرد :
طاب ما في ناس كتير
شاطرين وبتشتغل .
نجيب ساويرس يرد :
روح اسأل ربنا بقي مش
ربنا هو اللي بيوزع الرزق .
أحمد منصور يرد :
ربنا بيوزع الرزق بس
بأسبابه وأنا بسألك عن أسبابه .
نجيب ساويرس يرد :
الرب أحبني وكان
كريما معي بس ، وكان كريم معايا عارف ليه لأني أنا مليش في الفلوس ، وأنا لو ليا
في الفلوس ما كنتش قعدت في مصر وقت الثورة وكنت هربت زى اللي هربوا ، وأنا هاجمت
الجزيرة لأن الجزيرة أذاعت هروب رجال الأعمال جميعا وعلي رأسهم عائلة ساويرس .
ثم كشفت في المقال
الثاني من سلسلة " نجيب ساويرس وكوارث العالم الإسلامي " أسرار شركة
" كونتراك إنترناشونال " التي أنشأها نجيب ساويرس في أمريكا والأعمال
التي كانت تسند إليها في مناطق الحروب مثل أفغانستان والعراق والجزائر وغيرهم من
الدول العربية ما بين عمليات عسكرية وأخري إعلامية ذات دور سياسي في الترويج
للمشروعات الأمريكية الصهيونية في المنطقة نظير مبالغ مالية باهظة.
ولذلك فإن نجيب
ساويرس هو مستشار الغرب فيما يتخذه من سياسات أو حروب ضد العالم الإسلامي ، وقد
أوضحت في المقال الثالث من ذات السلسلة – وهي منشورة جميعها علي جوجل – ما يلي :
غزو العراق عام 2003م
:
أكد نجيب ساويرس أنه من أشار بغزو العراق عام
2003م – في الحرب الثانية التي لم يكن لها أسباب صحيحة تبررها – مبررا ذلك بأن
العراق أصبح يمثل تهديدا لجيرانه ، وبالطبع يقصد تهديد العراق لإسرائيل .
فقد نشر موقع " SPIEGEL ONLINE
INTERNATIONAL " وهو موقع لصحيفة شبيغل الألمانية يَصدر
باللغة الإنجليزية حوارا أجرته الصحيفة مع نجيب ساويرس تحت عنوان " SPIEGEL Interview with
Egyptian Businessman Naguib Sawiris " وترجمته " حوار مع رجل الأعمال المصري
نجيب ساويرس" وذلك بتاريخ 12/12/ 2005 أثناء حرب العراق .
شبيغل :
أنت نفسك هدف محتمل للخطف ، فأنت ثري ومعروف بآرائك السياسية المثيرة للجدل
، وكنت واحدا من الشخصيات العامة القليلة جدا في العالم العربي الذي تحدثت مبكرا
لصالح اتخاذ عمل عسكري ضد صدام ؟ .
ساويرس :
نعم ، وأنا لازلت أعتقد أن هذا هو التحرك الصحيح ، فنحن في العالم العربي
عانينا من الطغاة لزمن طويل حتي حان وقت إرساء نموذج يكون عبرة للآخرين ، مفاده
أنك إن سرقت شعبك وقمت بتعذيبه ودخلت في منازعات مع جيرانك ، فهناك بالضرورة من
يقف خلف رأسك – أي سوف يقطع رأسك - .
ما حدث كان رسالة بسيطة ، ولكنها أنشأت مبدأ أخلاقي أساسي في ثقافتنا
السياسية.
ومما لاشك فيه أن الجملة الوحيدة التي صدق فيها نجيب ساويرس لتبرير دعوته
للولايات المتحدة الأمريكية لغزو العراق عام 2003م هي جملة ( ودخلت في منازعات مع
جيرانك ) ، في إشارة لتهديد صدام حسين لإسرائيل بعد أن أطلق علها 39 صاروخ سكود
عام 1991 في اليوم التالي لبدء حرب الخليج
الثانية لتحرير الكويت ، أما باقي إدعاءاته عن الديمقراطية فهي الكذب الفج من رجل
كان رأس الحربة في الانقلاب الذي وقع في مصر بعدما أسفرت الديمقراطية عن صعود تيار
الإسلام السياسي .
نقل الحكم في العراق للشيعة :
كشف ذات الحوار أن ساويرس هو من أشار
بأن يتولي إياد علاوي ( الشيعي العلماني ) أول حكومة عراقية بعد حرب العراق :
شبيغل :
هل لديك
الثقة في قدرة المؤسسة السياسية للعراق علي الحفاظ علي البلد موحدا أم أن التفكك
في نهاية المطاف مسألة وقت ؟
ساويرس :
" إن
إرساء منبر علماني قوي يستطيع أن يرسخ نفسه هو السبيل الوحيد لمنع تفكك
العراق ، منبر يقوده علي سبيل المثال إياد علاوي رئيس الوزراء السابق .
وإذا استمر
العنف الطائفي الذي يجري خلال هذه الأشهر ، فإن التفكك سيصبح حتميا ، وكل الدول
المجاورة للعراق سوف تتورط في النزاع ، وهذا ما تفعله سوريا وإيران الآن " .
الحرب الروسية علي سوريا :
وفي تغريدة له – بخصوص ما يحدث في
سوريا الآن - نشرها باللغة الانجليزية حتي تصل إلي أجهزة المخابرات التي يتعامل
معها وبتاريخ 14/3/2016 قال :
President Putin is full of
surprises.A man of Action when he moved into Syria ,surprising Action when he
withdrew yesterday i wonder why now
وترجمته :
" الرئيس بوتن مليئ بالمدهشات ،
رجل مفاجآت عندما دخل إلي سوريا ، وفي تصرف مثير للغرابة انسحب منها بالأمس ، وأنا
أتعجب لماذا الآن ".
الحرب الغربية في ليبيا :
وفي تغريدة له - بخصوص دولة ليبيا
الشقيقة - نشرتها له صحيفة الأهرام في ظل نظام عميل يتاريخ 16/2/2015م قال ساويرس
:
"لا خيار لإنهاء الوضع الليبى إلا
بتحالف مصرى إماراتى إيطالى فرنسى يدخل ليبيا ويحررها مع القوى الوطنية الليبية من
قوى الإرهاب انتصارا للإنسانية".
ثانيا : مجهولون استبعدوا نجيب ساويرس من تجسس "موبينيل" :
وهذا ما أوضحته في مقالي المنشور علي " جوجل " بعنوان "
السيسي ونجيب ساويرس وتجسس موبينيل " والذي قلت في ختامه :
" وسوف أعرض عليك أخي القارئ ختام قرار الإحالة حتى تكتشف كيف تم
إخراج نجيب ساويرس من قضية تجسس وتخابر "موبينيل" وإحالة بعض موظفي
شركته إلى محكمة الجنح الاقتصادية عن مخالفات إدارية لقوانين الاتصالات .
بعد الاطلاع على ما سأعرضه عليك من قرار الإحالة سوف تتأكد أخي القارئ أن حصانة نجيب ساويرس أقوى من حصانة رئيس الجمهورية المنتخب وأقوى من البرلماني المنتخب في مصر العسكر، فكل هؤلاء في السجون الآن في قضايا ملفقة ، بينما نجيب ساويرس لا يستطيعون أن يقتربوا منه لأنهم جميعا شركاؤه في العمالة ورغم أنه فاعل أصلي في جريمة تجسس من خلال شركة " موبينيل " التي يملكها ويشغل منصب فيها .
بعد الاطلاع على ما سأعرضه عليك من قرار الإحالة سوف تتأكد أخي القارئ أن حصانة نجيب ساويرس أقوى من حصانة رئيس الجمهورية المنتخب وأقوى من البرلماني المنتخب في مصر العسكر، فكل هؤلاء في السجون الآن في قضايا ملفقة ، بينما نجيب ساويرس لا يستطيعون أن يقتربوا منه لأنهم جميعا شركاؤه في العمالة ورغم أنه فاعل أصلي في جريمة تجسس من خلال شركة " موبينيل " التي يملكها ويشغل منصب فيها .
جاء في قرار الإحالة بخصوص شركة موبينيل :
وتبين من خلال التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة وتحريات الأمن
القومي بشأن قيام المتهم الأول والثاني بتمرير المكالمات الدولية المصرية عبر
إسرائيل عن طريق برج التقوية التي قامت شركة موبينيل لخدمات المحمول بتركيبه
بمنطقة العوجة بمحافظة شمال سيناء منذ عام 2006 .
وقد تبين أن هذا البرج مخالف للأبراج العادية بالرغم من أن الكثافة
السكانية لتلك المنطقة المحيطة بمحطة التقوية المذكورة من 400 إلى 600 شخص في محيط 50 كم
مربع ، كما أنها منطقة صحراوية نائية و لا يوجد بها أي مباني بارتفاعات عالية ،
وتبعد تلك المنطقة عن منفذ العوجة البري بمسافة 2 كم وهو ما لا يتناسب مع طبيعة
المنطقة وحجم حركة المكالمات عليها .
وأكدت التقارير الفنية بشأن معاينة البرج الخاص "بشركة موبينيل"
والمتواجد على الحدود الشرقية بالبلاد أن هناك إهمالا وتواطؤ من متخذي القرار في
شركة موبينيل ( الإدارة الفنية المختصة بتركيب المحطات وإدارة معايير الجودة
وإدارة تصميم الشبكات وإدارة المبيعات ) لقيامهم بإنشاء وتقوية برج شركة موبينيل
على الحدود المصرية بمنطقة العوجة دون الحصول على التصاريح والموافقات اللازمة من
جهة الاختصاص ؛ حيث قامت الشركة بزيادة عدد وحدات التغطية لتتخطى الحدود المصرية
وتصل إلى داخل إسرائيل . وأشارت التحقيقات إلى أنه لولا هذا البرج ما تمكنت
إسرائيل من إتمام عملية تمرير المكالمات بغرض التنصت عليها بما يؤثر تأثيرًا
بالغًا على الأمن القومي المصري فضلاً عن حصول موبينيل على مبالغ طائلة نتيجة
عملية تمرير المكالمات الدولية المصرية بمخالفة قانون الاتصالات .
لاحظ أخي القارئ التناقضات الجسيمة في قرار الإحالة الذي أصدره النائب
العام السابق المستشار/ عبد المجيد محمود في قضية تجسس موبينيل والتي تتمثل في
الآتي :
1 - حين يقول
السيد النائب العام السابق "إن هناك إهمالا من متخذي القرار في شركة
موبينيل" ، هل يمكن أن يجتمع الإهمال والتواطؤ في وصف أي فعل من الأفعال
الإجرامية ، فهناك من الأعمال المُجرَّمة ما يقع بطريق الإهمال كالقتل الخطأ في
حوادث السيارات ، فإذا قلنا إن السائق تواطأ في قتل المجني عليه فهو إذن قتل عمد
وليس مجرد حادث بسبب الخطأ والإهمال ، فالتواطؤ والإهمال لا يجتمعان في وصف عمل
واحد مطلقا .
2 - من العجيب أن يقول
النائب العام السابق في قرار الإحالة إن البرج مخالف للأبراج العادية رغم كونه في
منطقة ذات كثافة معدومة - أربعمائة شخص يقيمون في 50 كم مربع – وأنها منطقة
صحراوية نائية ، لا يوجد بها مبانٍ مرتفعة ، وتبعد عن منفذ العوجة 2 كم ، وأن
البرج تم إنشاؤه دون الحصول على التصاريح والموافقات اللازمة ، وأن الشركة قامت
بزيادة عدد وحدات التغطية لتتخطى الحدود المصرية وتصل إلى داخل إسرائيل ، وأنه
لولا البرج لما تم تمرير المكالمات ، وأن الشركة حققت مبالغ طائلة من وراء ذلك كله
، ثم ينتهي بعد كل هذه الحيثيات إلى أن الأمر مجرد إهمال من شركة موبينيل ، ثم
يحصر هذا الإهمال في الإدارة الفنية للشركة ليستبعد مالكها نجيب ساويرس الذي طلب
المتهم الأردني إدخاله في القضية دون جدوى ، ويحيل بعض موظفي الشركة إلى محكمة
الجنح الاقتصادية عن جنح مخالفة أحكام قانون الاتصالات مجاملة للسيد نجيب ساويرس .
وكانت النيابة العامة قد أشارت في تحقيقاتها التي نشرتها جريدة الدستور إلى
أن بعض محطات التقوية للشبكة موجهة بزاوية 75 درجة داخل الحدود المصرية باتجاه
منطقة صحراوية خالية من السكان وأن تلك الجهة تجعل إشارة الاتصالات المصرية تدخل
إسرائيل بنسبة محدودة بنسبة 10 كيلومترات داخل إسرائيل .
وأضافت النيابة أن توجيه معظم الهوائيات الخاصة بشركة "موبينيل" في منطقة العوجة في جهة الجانب الإسرائيلي يسمح بإمكانية اختراق الشبكة المصرية وتمرير المكالمات الدولية مما يؤدي لاختراق محتمل للشبكة .
وأضافت النيابة أن توجيه معظم الهوائيات الخاصة بشركة "موبينيل" في منطقة العوجة في جهة الجانب الإسرائيلي يسمح بإمكانية اختراق الشبكة المصرية وتمرير المكالمات الدولية مما يؤدي لاختراق محتمل للشبكة .
نعود إلي السؤال الذي طرحناه في بداية
المقال ، لماذا أطلق نجيب ساويرس حملة " الإخوان خرفان " ؟
- في البداية نشير إلي أن الحملة التي
أطلقها نجيب ساويرس واصفا فيها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بالخراف تناقض عقيدته
والمفترض أنه مؤمن بها ويحترمها ، فقد جاء في إنجيل يوحنا :
( خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي ،
وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي )
( 10: 27 )
) وَأَمَّا
الَّذِي يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ فَهُوَ رَاعِي الْخِرَافِ )
(يو 10: 2)
( لِهَذَا
يَفْتَحُ الْبَوَّابُ ، وَالْخِرَافُ تَسْمَعُ صَوْتَهُ ، فَيَدْعُو خِرَافَهُ
الْخَاصَّةَ بِأَسْمَاءٍ وَيُخْرِجُهَا )
(يو 10: 3)
( أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ
بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى )
(يو 10: 9)
( أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي
الصَّالِحُ ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي )
(يو 10: 14)
( وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ
هَذِهِ الْحَظِيرَةِ ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضاً فَتَسْمَعُ صَوْتِي ،
وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ )
(يو 10: 16)
فليس مقبولا – مثلا - من مسيحي يؤمن أنه من خراف المسيح عليه السلام ،
ومع ذلك يواظب علي الكباريهات واحتساء الخمور والمشاركة في جرائم بلطجة أو قتل أو
سلب ونهب أموال الناس أو غير ذلك من الجرائم المحرمة في المسيحية وإلا لم يعد من
خراف المسيح عليه السلام .
فهذا النص من الكتاب المقدس والمفترض
أن نجيب ساويرس يؤمن به يؤكد أن الحرية ليست مطلقة ، وأن هناك قدرا من القيم ينبغي
اتباعها والالتزام بها وإلا أصبحت الفوضى هي سمة الحياة علي الأرض بخلاف مراد الله
عز وجل الثابت في الإسلام والمسيحية واليهودية ، وفضلا عن القيم التي ينبغي الالتزام
بها ينبغي أن تكون هناك قيادة تجمع هذه الخراف في نسيج واحد من أجل صالح الجميع .
- ليس ذلك فحسب ، بل إن المسيحية
تطالب المسيحيين أن يكونوا جميعا شخصا واحدا ، وهذا ما يحدث بالفعل ، ونحن نري
الترابط المسيحي في العالم أجمع ، ونري الترابط القوي بين المسيحيين في الغرب
والمسيحيين في الشرق ، وهو الأمر الذي تجلي بالوضوح في الانقلاب الذي حدث في مصر ،
فقد جاء في انجيل يوحنا ( 17: 20-26) :
( وَلَسْتُ
أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِي بِكلاَمِهِمْ ، لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً كَمَا
أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ
أَيْضاً وَاحِداً فِينَا.لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي . وَأَنَا
قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ
وَاحِدٌ
. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى
وَاحِدٍ ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي
وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي.أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ
الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا لِيَنْظُرُوا
مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ
الْعَالَمِ . أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ
أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي
. وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ
الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ ).
- ليس ذلك
فحسب بل جعلت المسيحية من الكنيسة سلطة رئاسية ينبغي أن يتبعها المسيحي في شئون
الدين والدين ، فإذا لم يطيع الكنيسة أصبح في حكم الوثني ، حسبما جاء في إنجيل متي
:
15 - وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ
فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ
فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ.
16 - وَإِنْ
لَمْ يَسْمَعْ، فَخُذْ مَعَكَ أَيْضًا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ ، لِكَيْ تَقُومَ
كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ.
17 - وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ
لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ
كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ.
- 18 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ : كُلُّ مَا
تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ ، وَكُلُّ مَا
تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ.
وهذه النصوص التي أشار البابا شنوده
إلي أن المقصود منها هو الإشارة إلي سلطة الكنيسة الرئاسية ، ولاحظ وصف الإنجيل
لمن لا يسمع للكنيسة بأنه " وثني " أو " عشار " .
خلاصة القول أن المسيحية تجعل من
المسيحيين مجتمعا من الخراف في إشارة إلي ضرورة وجود راعي لهذه الخراف ، ويتمثل
هذا الراعي الذي يلزم طاعته وإتباعه في المسيح عليه السلام ، وفي الكنيسة من بعده
.
كما تطالبهم بالتوحد لدرجة الاندماج
في شخص واحد ، أي وكأنهم شخصا واحدا .
وهذه القواعد هي التي يبتعها
المسيحيون بالفعل في مصر وفي كل دول العالم ، يتعاملون كجسد واحد بالفعل ، ويسعون
إلي التوحد ، فقد رأينا كيف كانت أمريكا بعد استقلالها منذ 233 سنة ثلاثة عشر
ولاية ، ثم سعي الأمريكيون للتوحد في اتحاد كونفيدرالي ذي حكومة مركزية ضعيفة ، ثم
طوروه إلي إتحاد فيدرالي ذي حكومة مركزية قوية لتنشأ " الولايات المتحدة
الأمريكية " التي نشاهدها الآن تحكم العالم بالقوة .
ورأينا المسيحيين في أوربا يتوحدون في
الاتحاد الأوربي ، ورأينا الأمريكيين والأوربيين يتوحدون في حلف " الناتو
" للدفاع المشترك فيما عسي أن يقع علي أي دولة منهم ، فضلا عن استخدام هذا
الحلف للتخطيط والتنفيذ فيما يتعلق بسيطرتهم علي باقي دول العالم مثل العالم
الإسلامي .
ورأينا كيف يتضامن المسيحيون في الغرب
مع المسيحيين في الشرق ، ويتخذونهم ذريعة للتدخل في شئونه ، بل إن الحروب الصليبية
التي تحركت لاحتلال القدس عام 1099م باعتبارها - من منظورهم - أرض اليهود وبها
مقدسات المسيحيين تذرعت بالاضطهاد الذي يتعرض له المسيحيون في الشرق .
وعلي نحو ما سارت المسيحية في اتجاه
توحيد المسيحيين ، نهج الإسلام نهجا مماثلا ، حيث وضع مبدأ " الوحدة
الإسلامية " الذي يستوجب تضامن المسلمين في السراء والضراء ، ويفرض علي كل
مسلم حقوقا تجاه أخيه المسلم ، ويستوجب وجود قيادة حتي لا تتحول جماعة المسلمين
إلي مجتمعا فاشلا تضربه الخلافات والنزاعات ، قيادة تذكره دائما بواجبات هذه
الجماعة تجاه بعضها البعض وتجاه العالم أجمع ، جماعة تتضامن فيما إذا تعرض أي من
أفراد المجتمع الإسلامي للاعتداء الخارجي ، جماعة تعتنق مبدأ الشوري ، أي التشاور
في كل أمر من الأمور التي تهمها ، وبعد أن يتخذوا قرارهم يسيروا جميعا في اتجاه
واحد خلف القرارات التي اتخذوها حتي لا يؤدي تفرقهم إلي ضياعهم .
هذا ملخص مبدأ الوحدة الإسلامية الذي
ينبغي أن يراعيه كافة المسلمين في العالم أجمع قدر استطاعتهم ، وهي نفس القواعد
التي تتبعها جماعة الإخوان المسلمين فيما بين أعضائها كنموذج مصغر لما ينبغي أن
يكون عليه الحال بالنسبة لكافة المسلمين .
ولما كان نجيب ساويرس حريصا علي تفرق
المسلمين وتشرذمهم أطلق حملة " الإخوان خرفان " حتي يبث في نفس كل مسلم
أن توحد المسلمين وطاعتهم لقيادة واحدة يجعلهم كالخراف التي لا تعقل ، وأن مبدأ
" الوحدة الإسلامية " والتوحد خلف قيادة ، والالتزام بالقرارات التي يتم
اتخاذها بالتشاور إنما هو منهج يسيء لمن يتبعه ويجعله في مرتبة الخروف الذي يتبع
الراعي دون وعي ولا إدراك .
كل ذلك يأتيه نجيب ساويرس علي الرغم
من أن وصف الخراف جاءت به المسيحية وليس الإسلام ، وأن المسيحية جعلت طاعة المسيحي
للمسيح عليه السلام والكنيسة عمياء ، بينما فرض الإسلام علي النبي صلي الله عليه
وسلم أن يتشاور مع المسلمين ، وأن يتبع ما انتهت إليه المشورة .
هكذا ننتهي إلي أن حملة نجيب ساويرس
" الإخوان خرفان " هدفها ضرب مبدأ " الوحدة الإسلامية " ومبدأ
الالتزام بنتائج الشوري ، وتنفير المسلم من هذه المبادئ الأساسية التي أثبتت أوضاع
العالم أنه لا غني للمسلمين عنها فيما يتعلق بالحفاظ علي مجتمعهم وأرواحهم
وأموالهم ، هذا في الوقت الذي يتوحد فيه المسيحيون في كل بقاع العالم لاسيما حين
يتعلق الأمر بمحاربة المسلمين وحصارهم وتدمير دولهم وعرقلة نهضتهم .
لو كان وصف " الخراف " وصفا
مسيئا لما وصفت المسيحية كافة أتباعها بالخراف في العديد من نصوص الأناجيل أوردنا
بعضها في المقال .
نجيب ساويرس يتقبل وفقا لعقيدته
المسيحية أن يكون المسيحيون في العالم أجمع خرافا لها راعي ، ولكنه ونظرا لمحبته
للمسلمين لا يريد لهم أن يكونوا خرافا ، ونظرا لأنه يحترم المسلمين لا يريد أن
يكون لهم راعي يسيروا خلفه ، إنه يريد من كل مسلم أن يسير علي هواه ، فعار علي
المسلم أن يكون له قائد ، ولو أصبح له قائد لأصبح خروفا إخوانيا له مرشد ، لابد أن
يعيش المسلمون فرادي كما ينشد ساويرس عميل المخابرات الأمريكية ، بينما يعيش
المسيحيون جماعة مترابطة في الشرق والغرب .
وكيل لجنة الشئون الدستورية
والتشريعية ببرلمان الثورة .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق