الخميس، 4 فبراير 2016

رسالتي إلي المجلس الثوري وتحالف دعم الشرعية.

 
الدكتور محمد محسوب
ما تعيشه مصر الآن والعالم الإسلامي كله من أحداث جسيمة بالغة الخطورة ، يستدعي أن أبعث برسالة لكل من المجلس الثوري المصري وتحالف دعم الشرعية في الخارج والداخل .
إخواني الأعزاء كثيرا ما أشعر أنكم لا تشعرون بأحوال المصريين في الداخل والتي أصبحت في غاية السوء من جميع النواحي ، فالبعض في السجون وأنتم تعرفون ما يتعرضون له من معاناة لا مثيل لها في أي دولة يصح وصفها بأنها دولة ، وأما المصريون خارج السجون فيعانون من ضيق الحال وارتفاع الأسعار ، وأما الرجال والنساء والفتيات الصامدون في الشوارع منذ أكثر من عامين فأنتم أيضا تتابعون أحوالهم .
ترون أيضا أن النظام يتصرف الآن كذلك الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا وفقد الأمل في رحمة الله عز وجل ، فلم يعد يراعي في الشعب إلا ولا ذمة ، فلا حرمة عنده لدماء ولا لنساء ، فقد صدق نفسه وهو كذوب ، وأوهم نفسه أنه يحارب الإرهاب وهو علي يقين أنه يقتل خيرة أبناء مصر ، ومع هذا فالخطة الجديدة الآن هي دخول البيوت وقتل المعارضين .
يا إخواني الأعزاء ما تحتاجه مصر الآن هو انقاذ الشعب المصري علي وجه العجلة ، ما تحتاجه مصر الآن هو إنقاذ الدكتور مرسي ورفاقه وكافة المعتقلين من الموت الذي يحصد منهم كل يوم شهيد .
أعتقد أن فقه الأولويات في الشريعة الإسلامية بكل تأكيد يجعل انقاذ المشرف علي الهلاك مقدم علي أي عمل آخر ، والآن مصر كلها وشعبها كله يعيش الهلاك وليس مهدد بالهلاك .
ما تحتاجه مصر الآن هو إعادة بنائها من جديد علي يد كل أبنائها ، ولن يصلح لها غير ذلك ، لأن العسكر لوثوا المناخ وأفسدوا كل العلاقات علي نحو لن يجد معه سوي أن نعيد بناء هذه العلاقات من جديد ، ونعيد بناء مصر كلها من جديد .
أرجو أن تراجعوا فقه الأولويات في الشريعة الإسلامية لأنه من وجهة نظري وفي سبيل انقاذ مصر وشعبها من المهالك وإعادة بنائها يمكن أن يبرر لنا تقديم تنازلات تُرضي باقي الشعب وشركاء الثورة الفاعلين حتي نستطيع تكوين جبهة قادرة علي مواجهة جحافل الجيش والشرطة بعد أن جعل السيسي وظيفتهما الحرب علي الشعب بدلا من الحرب علي أعداء الدولة .
إن إنقاذ مصر هو انقاذ للمسلمين في العالم الإسلامي كله بعد أن استدعي السيسي كل الدول الاستعمارية لتعود إلي احتلال العالم الإسلامي من جديد ، فأرجوا أن تكون قراراتكم سريعة وجريئة ومتناسبة مع الأحداث .
لن نظل في هذه الظروف الصعبة نشاهد جدلا عقيما حول ما ينبغي عمله ، وخلافات في الرأي وكأنكم تتناقشون في قضية فلسفية نظرية لا علاقة لها بواقع الحياة ، وأقول لكم لو كنت مكانكم - وعلي ضوء هذه الظروف التي نعيشها وموازين القوي علي الأرض - لقبلت العودة إلي يوم تنحي مبارك ، وقبلت إبرام تعاقد جديد علي بناء دولة مدنية حديثة علي أسس يرتضيها كل المصريين ، وما كنت لأتصلب في الرأي علي نحو يفقدني كل شيئ ، يفقدني أتباعي وحياتي وحريتي وأموالي ، ما كان يمكن أن أتمسك بأشياء تفقدني كل الأنصار والشركاء ويمّكن العسكر من تثبيت أقدامهم في مصر كما فعلوا عام 1954 ، 1965 ، 1977 ، 1986 .
إذا لم تكن قراراتكم سريعة فالقادم أسوأ ولن ندرك شيئا علي الاطلاق ، إذا قمنا بالاشتراك مع باقي المصريين وكافة القوي السياسية حتي التي نختلف معها فيمكن لكل طرف أن يسترد ما خسره وأكثر وفي مناخ تسوده روح المودة والوفاق ، أما إذا استمرت نغمة الإصرار علي عودة كل شيئ لما كان فربما لا ندرك أي شيئ وتضيع مصر من شعهبا وتتربع في كنف العسكر .
فليس من العقل أن نرفض التفاوض مع النظام ، كما نرفض تقديم أي تنازلات تجمع صفوف الشعب ، ونستمر في معركة غير متكافئة من حيث العدد والعدة .
لكل ما تقدم فإنني انحاز لمبادرة الدكتور محسوب ومن معه ، وأطالبهم بسرعة تشكيل جمعية وطنية علي نحو يضمن تمثيل كل طوائف الشعب المصري ، وعرض الأمر علي باقي شركاء يناير والشخصيات العامة جميعها دون استثناء ، فأما من قبل المشاركة وكذلك من قدم ممثلين له فعلي البركة ، ومن لم يقدم ممثلين له يظل مكانه محجوزا له حتي نشجعه علي المشاركة ، ثم تحديد مهامها علي وجه الدقة سواء الحالية أو المستقبلية من خلال التباحث مع باقي الفصائل والشخصيات العامة علي وجه السرعة ، وأوصيكم بالموافقة علي ما من شأنه أن يجمع الصفوف فهذا هو الأولي والأوفق مع الحكمة.
قدموا مهمة اسقاط الانقلاب علي أي هدف آخر ، فإذا لم يسقط الانقلاب فسنظل في هذا الجحيم الذي نعيشه ولمدي لا يعلمه إلا الله عز وجل .
تصرفوا علي ضوء ما تستشعروه من معاناة المصريين يرحمنا ويرحكم الله .
اللهم بلغت ، اللهم فاشهد .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .
 

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق