الأحد، 1 فبراير 2015

الاتحاد القبطي العالمي والحركة الصهيونية العالمية.(7)



في البداية أقول أنني لم أشرع في هذا البحث إلا لأنني مصري حريص علي الوحدة الوطنية ، وعلي يقين من أنها صمام الأمان لمصر وشعبها ، وأن الغرب استطاع تدمير العديد من الدول من خلال التسلل من هذا الباب ، نعم إنهم يلعبون علي باب الاختلافات الدينية أو العرقية أو المذهبية ، ومن مكرهم ودهائهم أنهم لا يثيرون الصراعات بين الفصائل المختلفة بأنفسهم ، وإنما يحركون من بيننا من يهدمنا مستغلين طموحات النفس البشرية في الثراء السهل .
وسوف أحرص علي عدم الإسهاب في التعليق والمناقشة لما أنقله عن بعض نشطاء أقباط المهجر من أفكار أو أعمال ، حتي ينفتح المجال للشعب المصري كله لمناقشة هذه الأفكار والأعمال ليقيمها بنفسه ، ويتصدي لما يراه مثيراً للفتن والانقسام .
ونعرض في هذا المقال لإحدى الخطوات التي اتخذها أقباط المهجر لتنفيذ حلمهم القديم بإنشاء الاتحاد القبطي العالمي ، والتي تمثلت في تأسيس اتحاد للهيئات القبطية القائمة في أوربا ، والذي لعب فيه مدحت قلادة أحد المشاهير في هذا المجال دورا بارزا وقد سبق أن أشرنا إليه في المقالات السابقة .
تم عقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد الهيئات القبطية في أوربا يوم الأحد الموافق 9/11/2008 في صالة أثينا بالدائرة التاسعة بالعاصمة الفرنسية ، ونقل لنا موقع إيلاف الإلكتروني الشهير الذي يصدر بشكل يومي من لندن فعاليات المؤتمر علي لسان مراسله / عبد الرحمن الماجدي والذي قال في رسالته المكتوبة :
 عـقـدت عشـر منظمـات قبطيـة تتخذ من عواصم أوربية مقرات لها اليوم السبت 8 نوفمبـر 2008 المؤتمــر التأسيسـي للهيئـات القبطيـة في أوربــا، في صالـــة أثينا بالدائرة التاسعة في العاصمة الفرنسية .
وجرى اختيار الدكتور عوض شفيق رئيساً للاتحاد والدكتور إبراهيم حبيب نائباً للرئيس والناشط القبطي مدحت قلادة رئيساً للجنة التنفيذية للاتحاد الذي سيكون مقره في جنيف .
وشرح الدكتور عوض شفيق ، الذي أدار جلسات المؤتمر مع السيدة إيزيس غريس ، أسباب وأهداف تأسيس الاتحاد التي تتمحور في تحقيق المساواة ورفع الاضطهاد عن الأقباط في مصر والاعتراف بهم كمواطنين لهم كل الحقوق التي لغيرهم في دولتهم .
وصرح قبيل المؤتمر المنسق العام للمؤتمر مدحت قلادة لإيلاف بأن غاية المؤتمر والاتحاد لرعاية حقوق الإنسان مصر بشكل عام وليس الأقباط فقط .
ثم تحدث رؤساء الهيئات القبطية في أوربا المشاركة في المؤتمر وهم بهاء رمزي رئيس الهيئة القبطية الهولندية الذي أشار للتشريعات المصرية التي يعاني منهــــا الأقباط مثل المادة الثانية في الدستور المصري التي تنص على اعتبار دين الدولة هو الإسلام مطالبا بإلغائها وتهاون القانون المصري بحقوق الإنسان القبطي وعدم قبول شهادة القبطي ضد المسلم باعتبار بطلان شهادة الكافر ضد المسلم .
ثم تحدث الدكتور إبراهيم حبيب رئيس منظمة أقباط متحدون فرع بريطانيا مستعرضا معاناة الأقباط في مصر منذ أكثر من ثلاثة عقود ، مؤكدا أن الوقت حان لرفع صوت الأقباط عبر العالم من أجل تحقيق العدالة والمساواة ، كما طالب بملاحقة منتهكي حقوق الإنسان في مصر وتقديمهم للقضاء الدولي .
من جانبه قال كمال أبو النور من الهيئة القبطية في النمسا إن عصر اضطهاد الأقباط انتهى وبدأ عصر الإبادة واقترح أن يكون المؤتمر القادم لأقباط أوربا في النمسا حيث تجد القضية القبطية تأييدا من الشخصيات والمنظمات النمساوية.
كما أُلقيت كلمة الهيئة القبطية في فرنسا التي يرأسها ناجي عوض وألقاها نيــــابة عنه ألبير شاكر.
وفي الجلسة الثانية تواصلت كلمات المنظمات القبطية في أوربا حيث تحدث رئيس الجمعية القبطية في ألمانيا الذي أشار للجمعية حديثة التأسيس في ألمانيا وأهدافها ، ومن جمعية الشبان الأقباط في فرنسا تحدث نسيم حول ضرورة الاهتمام بجيل الشباب من الأقباط في كل بلد وطالب بتأسيس حزب للأقباط قبل أن يرد عليه رئيس الاتحاد بأن الاتحاد غير سياسي وهو معني بحقوق الإنسان فقط .
ثم تحدث جميل جورجي من جمعية أصدقاء فرنسا التي استضافت المؤتمر التأسيسي ، مستعرضا قصة الطفلين القبطيين ماريو وأندرو اللذين تحول والدهما للإسلام وأجبرت المحكمة الطفلين على إتباع ديانة والدهما برغم إصرار الطفلين على بقائهما مسيحيين .
وتحدث أيضا رئيس منظمة أقباط السويد شتيوي عبد الله الذي دعا إلى ضــــرورة الحصول على رأس المال المطلوب لتفعيل عمل الاتحاد خاصة القضائي والإداري، وطالب بتفعيل القانون على الجميع في مصر وليس ضد الأقباط فقط ، متسائلا عن وصف الآخر وعلى مَن ينطبق ، وأعلن انه مصري قبل أي شيء وانــه يطالـــــب بحقوق كـل المصرييــن وليس المسيحيين فقط في مصـر، لكنه أشار لمقال للدكتور محمد عمارة المنشـور في شـهر أكتوبـر على أحــد مواقع الانترنيت حول حقـــوق الأقباط وأحقيتهم بمصر .
وفي ختـام الجلسـة الثانيــة تحدث رئيـس اللجنـة التنفيذيـة للاتحـاد / مدحت قـلادة مستعرضـا مسيـرة المنظمـات القبطيـة في أوربا ، واستطـرد في شـرح الغاية مــن تأسيـس الاتحـاد الذي جاء بعـد سلسلة تجـاوزات راح ضحيتـها عدد من الأقبــــاط وممتلكـاتهم ودور عبادتـهم ، داعيــا إلـى ضــرورة كسب احترام الآخــر خاصـــــة المتطرفين بالاتحاد القبطي لأنه يولد القوة التي تجلب الهيبة للأقباط ونيل حقوقهم في مصر ، مستشهدا بمقولة مارتن لوثر كنج حـول المسـاواة بيـن السود والبيض في أميـركا ثم أتـى اليـوم الذي يرأس فيه أميـركا شخص أسـود متسـائلا هل يأتــي اليوم الذي يصبح فيه قبطي رئيسا لمصر كحلم رواد ويراود قادة أقباط مثل الراحل شوقي كراس والمهندس عدلي أبادير وآخرين .
وخصـصت الجلسـة الثالثـة للدكتـور مجـدي سامي زكـي الذي اختير رئيسا شرفيـا للاتحاد القبطي في أوربا وخصص كلمته للرد على الدكتور محمد عمارة مستطردا فيها انتقـاده للشريعة الإسلامية بعد أن قدم نفسه كباحث محايد ، ودعا إلى الانتباه لمحاولات عزل الأقباط عن إخوتهم المسلمين في مصر، مؤكدا على تجاوز مرحلة الشكوى من قبل الأقباط والتفرغ للعمل ثم قرأ رئيس الاتحاد شفيق عرض البيان الختامي الذي جاء فيه :
العمل على نشر مبادئ حقوق الإنسان كما ترسخت في كافة الاتفاقيــات الدوليــة ،
وتقـديم المسـاعـدة القانونيـة لضحـايا انتهــاك حقـوق الإنسـان أفـرادا وجمـاعـــات و منظمات ، والعمل على مساعدة الدول في تنفيذ الاتفاقات الدولية تجاه مواطنيهـا وتطبيق المعايير الدولية وحقوق المساواة ، والعمـل على تحقيـق أحكام المعاهدات الدولية أمام المحاكم الوطنية ، ومطالبـــــــة الدولـة المصريــة بالتوقيــع على البروتوكول الاختيـاري للعهــد الدولــي الخـــاص بالحقــوق المدنيـة والسياسيــة والخـاص بتقديـم شكــاوى الأفــراد أمـام الهيئــــات الدولية .
والعمل على تحقيق المتطلبات الأربعة على حماية الأقباط بحماية وجودهم المــادي وفق منع الإبادة الجماعية ، وعدم استبعاد الأقباط من المشاركة في الحياة العامــة وتسلم المناصب الإدارية ، وعدم نقل السكان الأقباط قسريا ، ومنـع إبادتهم ثقافيا،
والتخـلي عن التعـصـب والتمييـز القائميـن على أســـاس الديـن ، والتخلـي عــــــن النصوص التي تحرض على التفرقة ضد الأقباط والعمل على إقامة مراكز ثقافيــــة في أوربا للحد من التمييز .
وقرر الاتحـاد تقديـم المسـاعدة القانونيـة للسيدة كاميليــا لطفي لإيقاف تغيير ديانة ولديها قسرا ، والمطالبـة بإطلاق سـراح الكاهـن ميتائوس فورا وتبرئته من الحكم الصــادر ضــده بخمـس سنوات بعد تزويجه زوجين مسيحيين كــان أحدهما مسلما وتحول للمسيحية .
وكــان المؤتمــر قد شهد خـلال جلساته قراءة لعدد من كلمات وبرقيات التأييد التي وردت للمؤتمر من شخصيــات ومنظمـات قبطيـة وغير قبطية داخل وخارج مصر.
وأترك لك أخي القارئ أن تقيم الأفكار المطروحة علي الأقل ما يتصف منها بالعموم ، علي سبيل المثال إذا كانت الأغلبية المسلمة في مصر تتمسك بالمادة الثانية من الدستور والتي تنص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية للدستور ، فهل من المقبول أن يسعي الأخوة الأقباط إلي إلغائها رغما عن إخوانهم المسلمين رغم أن هذه المادة موجودة ضمن نصوص دستور 1971 أي منذ ما يقرب من خمسة وأربعين عاما ولم تمثل أي ضرر للأقباط ، لاسيما أن الشريعة الإسلامية قد أرست مبدأ المواطنة علي نحو واضح لاشك فيه حيث ساوت بين المسلم وغير المسلم في الحقوق والواجبات ، وليس أدل علي ذلك من قول الني صلي الله عليه وسلم " لهم ما لنا وعليهم ما علينا " ، وهل يستطيع المسلمون أن يفرضوا علي دول ذات أغلبية مسيحية مثل أمريكا ودول أوربا النظام القانوني الذي يرغبون فيه ، هل النظم القانونية السائدة في العالم كله تضع قدرا من الاعتبار لفكرة الأغلبية من عدمه ، هذا مجرد مثال علي إشكالية تحتاج إلي حسم .
هل مما يحقق الخير أن يسعي الأخوة أقباط المهجر إلي ممارسة ضغوط لإلغاء حكم قضائي صادر عن محكمة أحوال شخصية وقضي بإلحاق أطفال بأبيهم المسلم استنادا إلي أحكام القانون المعمول به وعلي النحو الذي يتفق مع قيم الشعب المصري والذي يُجْمِع بمسلميه ومسيحييه علي نسبة الولد لأبيه وبلدة أبيه دون أن يجد أحد غضاضة في ذلك ، هل من الخير أن يسعوا إلي إلغاء حكم جنائي صادر ضد هذا الشخص أو ذاك .


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق