الأحد، 1 فبراير 2015

الاتحاد القبطي العالمي والحركة الصهيونية العالمية .(8)



يكشف لنا الدكتور/ عاطف مقار - في مقال له - أهمية العمل القبطي الموحد الذي يضم الأقباط المنتشرين في العالم كله ، يشير فيه إلي الإنجازات التي تحققت بفضل هذه الوحدة ، وأهمية الدور الرائد لنشطاء أقباط المهجر والجمعيات القبطية التي أسسوها في كل دول العالم لاسيما العالم الغربي صاحب التأثير الأكبر في مجريات الأحداث العالمية ، كما يوضح لنا الأهداف المنشودة من وراء إنشاء الاتحاد القبطي العالمي وفيما يلي نص مقاله :
مما لاشك فيه إن هذا المؤتمر يشكل حلقة من حلقات النشاط والحراك للقضية القبطية ، وقد يكون من المفيد - ليس على سبيل التاريخ - ولكن على سبيل البنيان على اللبنة الأولى ، أن نلقي الضوء على تاريخ الحركة القبطية ، التي بزغ نورها أولاً في المهجر ، حيث لم تكن توجد أي مساحة ديمقراطية للتعبير عن ذلك داخل مصر، اعترافاً منا بجميل هؤلاء النشطاء الذين بدءوا هذا العمل الرائع ، ولكن جماعات الضغط  المصري الذي يحمل الجنسية الأمريكية ويذهب إلى رجال الكونجرس الأمريكي ليضغطوا على حكومته المصرية من أجل حل مشكلات الأقباط، هو رجل لم يذهب إلى حكومة أجنبية ، وإنما ذهب إلى حكومته فهو أمريكي ، وهذه الظاهرة واضحة ومعترف بها في المجتمع الأمريكي ، ويكفى أن نقول أن الأمريكيين من أصل أيرلندي كان لهم الدور الرئيسي في الضغط على حكومة الرئيس كلينتون لحل مشكلة أيرلندا ، ونحن نعرف تماماً دور اليهود الأمريكيين في مساندة إسرائيل ، فجماعات الضغط أمور عادية ومشروعة في أمريكا ، وهذا ما يراود أحلام أقباط المهجر ، أن يكون لهم يوماً جماعة ضغط قوية تساهم في حل مشكلات الأقباط .
ومن هنا نشأت فكرة تأسيس جمعيات قبطية ، تهدف إلى مساندة أقباط مصر في قضاياهم المختلفة ، وتم ذلك بالفعل حيث تأسست أول جمعية قبطية ببلاد المهجر سنة 1969م على يد الدكتور سليم نجيب ، لتتوالى بعدها الهيئات والمؤسسات المتعددة .   
-   فالهيئة القبطية الكندية تأسست في 2 فبراير 1969 م  برئاسة د/ سليم نجيب ، والهيئة القبطية الأمريكية أسسها المرحوم الدكتور/ شوقي كراس عام  1972م ، ودفعه إلى تأسيسها مشاهدته لأحداث الخانكة في نفس العام .
- والهيئة القبطية البريطانية بدأت كعضو في الاتحاد القبطي الأوروبي ، ولكن تمهيداً لإنشاء الاتحاد القبطي الدولي ، وأعيد تأسيسها قانونياً في عام  1996م ، وكان رئيسها الشرفي ديفيد آلتون (عضو مجلس اللوردات البريطاني المعروف بدفاعه عن حقوق الإنسان بوجه عام ، وحقوق الأقباط بوجه خاص ) ، والرئيس الفعلي للهيئة القبطية البريطانية د. حلمي جرجس .
- والمنظمة المصرية الكندية  تأسست عام 1996م طبقا للقانون الكندي الفيدرالي كمنظمة لا تهدف للربح وتعمل المنظمة وفقا لمبادئ حقوق الإنسان والآليات الدولية المشروعة ، كما أن المنظمة تنسق في هذا الشأن مع المنظمات المصرية داخل الوطن مصر ، وتصدر المنظمة مجلة باللغتين العربية والانجليزية تسمى المساواة صدر العدد الأول منها في يونيه 1996 .
أما الاتحاد القبطي الدولي فقد أُتخذ قرار إنشاءه في المؤتمر العالمي للهيئات القبطية في يوم السبت الموافق 11 أكتوبر 1997 ، حيث اجتمع مندوبون من جميع الهيئات القبطية في العالم ، د/ سليم نجيب عن فرع كندا ، د/ شوقي كراس عن الهيئة القبطية الأمريكية ، والكيميائي الفونس قلادة عن فرع جنوب أمريكا ، الأستاذ / منير بشاي عن فرع كاليفورنيا ، د. حلمي جرجس عن انجلترا ، د/ يوسف فرج عن فرع ألمانيا ، وعادل جورجي وناجي عوض عن فرنسا ، وصموئيل فاهد وسمير حبشي عن استراليا  .
أما أهداف الاتحاد فهي :
 - 1 خلق مجتمع قبطي دولي متحد .
 - 2
المساهمة في دعم كيان الأقباط بمصر والمطالبة برفع الظلم الواقع عليهم.
3 - إشعار المجتمع الدولي بقوة الفكر القبطي والتراث القبطي.
4 - تأسيس معهد الدراسات القبطية وإنشاء مراكز ثقافية قبطية في الخارج .
5-  مساعدة المهاجرين الجدد من الأقباط .
وتوالت الجمعيات والمنظمات مثل:
- منظمة أقباط الولايات المتحدة : أسسها م/ مايكل منير.
- منظمة مسيحيي الشرق الأوسط : ويرأسها أ/ نادر فوزي.
- نحــن منظمة مسيحي الشرق الأوسط لحقوق الإنســــان ، هدفنـــا الأساســـــــــي حصـــــول مسيحي الشرق الأوسط على حقوقهم كمواطنين في قمنا بالعديـــد مـــــن الأعمـال كانـت أهمها تنظيم مؤتمر المسـاواة بكنــدا في يوليـو  2004 ثم إصـــــدار كتاب المضطهدون باللغة العربية والانجليزية ، والآن نرفـــع العديــد من القضايــــا باسمنا في مصر .
- منظمة أقباط متحدون سويسرا : تأسست في سبتمبر 2004 م ، ويرأسها م/ عدلـي أبادير.
- منظمة أقباط متحدون انجلترا : ويرأسها أ / إبراهيم حبيب ، وتأسست فــــــــــــي ينايـــــر   2006م .
- التجمع القبطي الأمريكي : تأسست في نوفمبر 2005م ، ويرأسها م/كميل حليــم ،  وعضوية كل من عاطف مقار، وهدى حليم ، و نورا باراثول منسق .
- منظمة الأقباط الأحرار : ويرأسها جاكوب كيرياكي ، وأندرو فانوس وتأسست في مارس 2006 .
- الاتحاد القبطي الأمريكي : ويرأسه أ. موريس صادق.
- الهيئة القبطية الأوروبية  : يرأسها ناجي عوض.
- الهيئة القبطية الاسترالية  : أسسها صموئيل فاهد وآخرين ، ويرأسها حالياً أ/ سمير حبشي.
- مركز الكلمة لحقوق الإنسان : أسسه أ/ ممدوح نخلة المحامي.
- الكتيبة الطبية : ويرأسها الأب متياس نصر، وتأسست في يوليو 2004م .
- منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان : أسسها د/ نجيب جبرائيل.
سعي أقباط المهجر لتحقيق أهدافهم من خلال ثلاثة مداخل:
1- مخاطبة الرأي العام المصري :
ويشمل هذا المدخل كل الأساليب لتدعيم العلاقــة بين المسلمين والأقباط مثل الحوار القبطي- الإسلامي ، ومحاولـة خلــق رأي عــــام داخل مصـر يسانـد حقوق الأقباط والكتابة في جانبها المقبول والمسمـوح بنشـره في مصر ، وتقترب أدوات هذه الفئة في عملها مع ما يفعله أقباط الداخل.
2 - جمعيات حقوق الإنسان :
وهذا المدخل يتشابه مع نشاط جمعيات حقوق الإنسان في مصر، وكما يقــول نبيـــل عبد الملك : إن المنظمة المصرية الكندية لحقوق الإنسان تعمـل مع منظمـات حقـوق الإنسان المصرية من أجـل تأصيل الديمقراطية ، وكفالة حقوق الإنسـان بصفة عامة وللأقباط بصفة خاصة باعتبارهم الحلقة الضعيفة في المجتمع المصري.
3
 - مخاطبة الرأي العام الدولي والقوى الفاعلة الدولية :
ويتبنى هذه الأساليب الاتحاد القبطي الدولي ، والهيئات القبطية على مستوى العالم ، وهدفهم خلق رأي عام دولي يساند حقوق الأقباط ومحاولة التأثير على القوى الفاعلة الدولية.
عملية صناعة السياسـة في الغـرب - وأمريكا كنموذج – عمليـة معقدة جداً ، وأغلب الظن أن القطاع الأكثر من الشعوب العربية  بل وأغلب الساسة غير مدركيـن مثــلاً لعملية صنع القرار في أمريكا ، ومأخوذين دائماً بنظرية المؤامرة في تحليل السياسة الأمريكية.
وفى مسألة أقباط المهجر تكاد الخيالات والأساطير أن تسيطر على عقـول الكثيـرين فيما يتعلق بتأثير أقباط المهجر على السياسة الأمريكية . إن تأثير أقباط المهجر على السياسة الأمريكية محدود ، إن نشطاء أقباط المهجــر يكتبـون ويشتكـون علانية إلى الصحـف الأمريكيـة ومنظمـات حقــوق الإنســان الأمريكية منذ أكثـــــــر من خمسة وعشرين عاماً ، وإذا كــان لأقباط المهجــر تأثير على السياسة الأمريكية فلماذا كان هذا التأثير غائباً طوال السنين الماضية.
إن كل الأقباط وعلى رأسهم نشطاء حقوق الإنسان يعلمون جيداً أن تأثيرهم محدود على صانع السياسة الأمريكية ، وأن السياسة الأمريكية تتحرك وفقا لمصالحها، لذا فقد اهتمت الهيئات القبطية ونشطاؤها منذ تأسيسها بعقد المؤتمرات كنشاط إعلامي يهدف إلى توعية الرأي العام – وبالأولى الأقباط -  بقضيتهم.
على الرغم من استقطاب البعض ليروج لفشل هذه المؤتمرات- مثلما ذكر الدكتــــور نبيل بباوي متبنياً "نظرية المؤامرة"، ومدعياً أن مشاكل الأقبــاط في طريقها إلــــى الحل ، ومثلما ذكر البعض الآخر مثل جمال أسعد عبد الملاك  من أنهــــا أتت تنفيذاً لأجنــدة أمريكيــة ، متبنياً نظريــة التقسيم الطائفــي مثلمــا حـدث في العراق ولبنـان والسودان .
إلا أن هذه المؤتمــرات كانت ثمرة من ثمــرات جهــود نشطاء أقباط المهجر حيـــث تناقش جميع أعمالهــا من منظور حقوقي وعلي أرضية دولية من خلال دعوة رجال الفكر والسياسة والاجتماع والمفكرين المهتمين بشئون الأقليــات المضطـهدة لبــحث سبل حل مشاكلهم ودفع المعاناة عنهم .
ولقد كانت أهمية وتوقيت عقد مثل هذه المؤتمرات في هذه الفترة بالذات التي تشهــد تحولات جذرية وخلخلة بنيوية بادية  كما وصفها الكاتب نضال نعيسة في المفاهيـــم الفكرية والمجتمعية السائدة تنبئ بعصر جديد ومختلف عما كان سائداً من قبل.
وعلى الرغم من اعتقاد البعض في أن مؤتمرات أقباط المهجـر ما هي إلا لـون مــن ألوان التنفيث عن الهموم والمعاناة التي يعانيها أقليات الشرق الأوسط ، وعلى وجــه التحديد أقباط مصر ، إلا أن هذه المؤتمـرات بمـا لها وما عليها تمخضت عن نتــائج سوف تحصدها الأجيال القادمة ، فأتت كتمهيــد حتمــي لحركــة الأقليــات القادمــــة بالمنطقة المعنية ، بما لهذه المؤتمرات من فوائد منها :
-
 دور توعوي : تقدمه ليــس للحضــور فقــط وإنمــا للمشــاهدين والقــراء الذيــــن يعيشــــون بــدورهم في نبــض المؤتمــر حيث تنقله إليهــم التقنيــة الحديثة مباشــرة (live) ، ولاشك أن هذه التوعية لها تأثيـرها الكبيـر في نقل نبـض الحركة القبطية ، وتأريخ مخاض شعب ظل يرزح تحت نير عدم المساواة وإهدار حقوقه لقرون عدة.
-
 ابتكار آليات لتعزيز وتنفيذ حقوق الأقباط.
-
 قبول الحزب الحاكم مؤخراً لحضورها : وقد حضر بالفعل بعض أعضاء الحزب الحاكم "الوطني" مؤتمر زيــورخ السابـق الــذي انعقـــد في شهـــر3/2007م حيـث حضر السيد جهاد عودة أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة حلوان وعضــــو لجنة السياسات بالحزب الوطني ، الذي على الرغم من أنه شدد على عدم وجود ما يعرف بالمسألة القبطية في مصر إلا أن حضــوره بحــد ذاتــه كــان مؤشـراً هامــــاً للاعتراف بأن هناك أقليات مضطهدة ، ولوناً من ألوان المشاركــة والاطـــلاع على معاناة أطراف وطنية مصرية معنية باهتمام حزب الأغلبية الذي ينتمي إليه الدكتـور عودة ، والذي بلا شك نقل إلى أعضائه ولو بشكل غير رسمي أيضاً نبض المؤتمــر وما يخص الأقلية المصرية سواء الأقباط أو الشيعة أو البهائيين أو غيرهم .
 -
إيصال صوت هذه الأقليات للمنظمات الدولية إذ يشارك فيه مندوبون من منظمات حقوق الإنسان ، وبعض المنظمات المعنية بقضايا التمييز الديني والعرقي.
لقـد كانت ردود الأفعــال لهــذه المؤتمرات إيجابيـــة من حيث انفتــاح أفراد بعـــض الحكومات المتنورة التي ينتمي إليهــــا ممثلو هذه الأقليات عليهم وقبــول دعـــــاوى الحوار المتبادل- ولأول مرة- حتى وإن كانت مازالت وراء الكواليس ، وبعيدة عــن الأضواء والكاميرات.
ولعل المبادرة الأخيرة التي قدمها سيادة الرئيس مبارك في تقديمـه التهنئـة لأقبـــــاط المهجر بمناسبة عيد القيامة المجيد (2007م) ، أبلغ دليــل على دحض فكـرة تخوين أقباط المهجر من رئيس أهم دول المنطقة ، وهي بلا شك مبادرة إيجابية محمودة.
لقد استطاع نشطــاء أقباط المهجــر - بما بذلوه من جهــود كثيرة مع نشطــاء حقوق الإنسان في العالم تحقيق بعض النتائج وجني بعض الثمــار، التي كان يصعب نيـلها فقط بجهود أقباط مصر، مثل:
1- وقف قانون الردة الذي كان الرئيس السادات معتزماً أن يسنه ، وكرست لأجلـــه الكنيسة ثلاثة أيام صومــاً ، وهاج نشطاء المهجر وماجوا ، ولم يهدأوا إلا بإلغــــــاء مشروعه.
2-  الدفاع عن البابا شنودة وهو في الدير لكي يخرج من التحفظ ، ويقول الدكتور شوقي كراس : لقد استطعنا بمساعدة رئيس لجنة حقوق الإنسان عام 1982م ، من جمع 60 سيناتوراً أمريكياً (عضو كونجرس) من بين المائة سيناتور لرفعها إلـــى الرئيس ريجان للضغط على الرئيس المصري.
3
- وضع قضية الأقباط على الأجندة الدولية : فمنذ عام 1992م وبعد صـــــــــدور إعلان الأمم المتحدة لحماية الأقليـات برزت قضيـة الملل والنحل والأقليــــات، وقـد ساعد ذلك ، بالإضافة إلى رغبة بعض الدول الكبرى في وضع قضية الأقباط علــى الأجنـــدة الدوليـــة إلى ظهـــور أكثر لدور أقبــاط المهجر، فمن ناحية ، هم مصــدر المعلومات الرئيسي عن قضية الأقباط لكافة الهيئات الدولية ، ومن ناحية أخرى هـم متواجدون بالفعل في الغرب ، وعلى اتصال دائم بنشطاء حقوق الإنسان الدوليين . وقد ظهـر دور نشطـاء أقبـاط المهجـر بوضــوح بعد تبنى الكونجــرس الأمريكــــي أطروحاتهم عن قضية الأقباط أثناء مناقشاته لقانون التحرر من الاضطهاد الدينــي ، التي قــال عنهـــا الراحــل د. شوقي كراس :
" إن كــــــــل المناقشات التي تمت في الكونجرس الأمريكي عن حقوق الأقباط هي بلورة لكل كتاباتنا عن القضية القبطيــة خلال ربع قرن " .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق