عند الشيعة : أحاديث الأئمة قرآن وسنة :
المبالغة في تفخيم الأئمة هي سيد الموقف في كافة عقائد الشيعة ، فالأمر بالنسبة لهم بسيط ويسير ، السنة عندهم ليست أقوال النبي (ص) وأفعاله وما أقره فحسب ، وإنما يضاف إليها أقوال الأئمة لأنها بالنسبة لهم تعد نقلا عن النبي لا محالة ، الأمر إذن لا يحتاج منهم سوي أن يضيفوا إلي عقائدهم ما شاءوا ونسبته إلي أحد الأئمة الإثني عشر أو تحديدا الأحد عشر لأن الثاني عشر غائب لنصبح أمام حديث يدخل ضمن سنة النبي (ص) رضينا أم لم نرضي .
ليس ذلك فحسب بل إن أحاديث الأئمة في منزلة القرآن الكريم فقد ورد في " باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك بالكتب " في كتاب " الكافي " عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا :
(( سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليه السلام ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله ، وحديث رسول الله قول الله عزوجل )).
واضح إذن من تسلسل الحديث السابق أن أحاديث الأئمة نقلا عن النبي (ص) في نهاية الأمر ، ومن ثم فهي قول الله عز وجل ، وهذا كلام ظاهر البطلان ، إذ لم يقل مسلم من قبل أن أحاديث النبي (ص) هي أقوال الله ، لأن كلام الله عز وجل هو القرآن الكريم الذي حفظه الله عز وجل دون غيره فلا يستطيع أحد أن يضيف إلي القرآن الكريم ما ليس فيه أو يحذف من آياته ، أما سنة النبي (ص) القولية فهي ليست كذلك ، فمن الثابت لدي علماء الدين أنه توجد أحاديث موضوعة منسوبة للنبي (ص) علي خلاف الحقيقة ، وأن الكثير من هذه الأحاديث الموضوعة يتعلق بالصراع علي السلطة بعد النبي صلي الله عليه وسلم .
ومن بين مبالغات الشيعة أن يصبح راوي حديث واحد من أحاديث الأئمة أفضل من ألف عابد ، فقد ورد في " باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء " من كتاب " الكافي " عن معاوية ابن عمار قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم ، ولعل عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيهما أفضل ؟ قال : الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد )).
وسنة النبي صلي الله عليه وسلم من قول أو فعل أو إقرار - حسب أحاديثهم - لا تؤخذ إلا عن آل البيت لأن من بينهم في كل جيل من يستطيع تنقية هذه الأحاديث من التحريف أو الانتحال أو التأويل المغلوط ، فقد ورد في ذات الباب عن أبي البختري ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا ، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا ، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه ؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين )).
والأوصياء ( الأئمة ) لديهم أرقي وأسمي وأرفع درجة من العلماء والأتقياء ، فهم سادة فوق الجميع ، فقد ورد في ذات الباب عن إسماعيل ابن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( العلماء أمناء ، والأتقياء حصون ، والأوصياء سادة )).
وفي رواية أخرى :
(( العلماء منار، والأتقياء حصون ، والأوصياء سادة )).
وفي حديث عجيب ورد في باب " أصناف الناس " بكتاب " الكافي " تتجلي فيه العنصرية في أعلي صورها عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول يغدوا الناس على ثلاثة أصناف : عالم ومتعلم وغثاء ، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء )).
وأحاديث الأئمة لديهم أرقي أنواع العلم فقد ورد في باب " النوادر " عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها )).
والأئمة هم المرجعية العلمية ، وهم أهل الذكر فقد ورد في ذات الباب عن حمزة بن الطيار :
(( أنه عرض على أبي عبد الله عليه السلام بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها قال له : كف واسكت ثم قال أبوعبد الله عليه السلام : لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه والتثبت والرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلوا عنكم فيه العمى ، و يعرفوكم فيه الحق ، قال الله تعالى : " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " )).
ومنازل الناس تتحدد علي قدر روايتهم لأحاديث الأئمة وليس علي قدر روايتهم للقرآن الكريم أو سنة النبي (ص) أو غير ذلك من علوم الدين والدنيا ، فقد ورد في ذات الباب عن علي بن حنظلة قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنا )).
وتتناقض الأحاديث المنسوبة للأئمة في باب " النوادر " فيما يتعلق بنشر العلم ما بين أحاديث تجعل نشر العلم جزءا من العلم وفضيلة مثلما ورد عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال :
(( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ما العلم ؟ قال : الإنصات ، قال : ثم مه ؟ قال : الاستماع ، قال : ثم مه ؟ قال : الحفظ ، قال : ثم مه ؟ قال : العمل به ، قال : ثم مه يا رسول الله ؟ قال : نشره )) ، وأحاديث أخري تري أن كتم العلم هو الفضيلة مثلما ورد عن عبد الله بن سليمان قال :
(( سمعت أبا جفعر عليه السلام يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له : عثمان الأعمى وهو يقول : إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار، فقال أبو جعفر عليه السلام : فهلك إذن مؤمن آل فرعون ! ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحا عليه السلام فليذهب الحسن يمينا وشمالا، فوالله ما يوجد العلم إلا ههنا )).
يتضح مما تقدم أن كلام الأئمة عند الشيعة في منزلة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، ومن ثم فلا تجوز فيه المراجعة أو الجدل حسبما ورد عن محمد بن حكيم قال :
(( قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : جعلت فداك فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس .......قال : ثم قال : لعن الله أبا حنيفة كان يقول : قال علي ، وقلت .))
ولذلك حرص الكليني مؤلف كتاب الكافي علي أن يتشدد في تحريم القياس باعتبار القياس أحد وسائل إعمال العقل ، ذلك أن إعمال العقل في عقائد الشيعة يكشف ما بها من عوار ويهدمها ، لذلك نجد العديد من الأحاديث في باب " البدع والرأي والمقائيس " تحث علي الإلتزام بالنقل عن الأئمة واجتناب القياس وإعمال الفكر ، والأمثلة علي ذلك كثيرة :
- عن أبي شيبة الخراساني قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( إن أصحاب المقائيس طلبوا العلم بالمقائيس فلم تزدهم المقائيس من الحق إلا بعدا وإن دين الله لا يصاب بالمقائيس )).
- عن يونس بن عبد الرحمن ، قال :
(( قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام : بما أوحد الله ؟ فقال : يا يونس لا تكونن مبتدعا ، من نظر برأيه هلك ، ومن ترك أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله ضل ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر )).
- عن أبي بصير قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها ؟ فقال : لا ، أما إنك إن أصبت لم تؤجر ، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل )).
- عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :
(( قلت : أصلحك الله إنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا فلا يرد علينا شئ إلا وعندنا فيه شئ مسطر وذلك مما أنعم الله به علينا بكم ، ثم يرد علينا الشئ الصغير ليس عندنا فيه شئ فينظر بعضنا إلى بعض ، وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه ؟ فقال : ومالكم وللقياس ؟ إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس ، ثم قال : إذا جاء كم ما تعلمون ، فقولوا به وإن جائكم ما لا تعلمون فها - وأهوى بيده إلى فيه - ثم قال : لعن الله أبا حنيفة كان يقول : قال علي وقلت أنا ، وقالت الصحابة وقلت ، ثم قال : أكنت تجلس إليه ؟ فقلت : لا ولكن هذا كلامه ، فقلت : أصلحك الله أتى رسول الله صلى الله عليه وآله الناس بما يكتفون به في عهده ؟ قال : نعم وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة ، فقلت : فضاع من ذلك شئ ؟ فقال : لا هو عند أهله )).
هكذا يصل الأمر إلي لعن أبي حنيفة رضي الله عنه لأنه يُعمل رأيه ويأخذ بالقياس .
ثم يحدثنا الأئمة عن أن الأمر لا يحتاج إلي قياس ولا إعمال فكر لأن لديهم وثيقة يسمونها " الجامعة " يدَّعون أن النبي (ص) أملاها وعلي بن أبي طالب كتبها ، وأنها تضم كل ما يتعلق بالحلال والحرام ، ومن ثم فلا حاجة للقياس والرأي ، فقط يتم الرجوع إلي الأئمة في كل أمر من أمور الدين ، فقد ورد في ذات الباب عن أبي شيبة قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ضل علم ابن شبرمة عند " الجامعة " إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام بيده ، إن الجامعة لم تدع لأحد كلاما ، فيها علم الحلال والحرام إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحق إلا بعدا ، إن دين الله لا يصاب بالقياس )).
ومن الأحاديث التي تحرم القياس أيضا ووردت في ذات الباب :
- عن عثمان بن عيسى قال :
(( سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس فقال : مالكم والقياس إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم )).
- عن مسعدة بن صدقة قال :
(( حدثني جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا صلوات الله عليه قال : من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس ، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس ، قال : وقال أبو جعفر عليه السلام : من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم ، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحل وحرم فيما لا يعلم )).
- عن الحسين بن مياح ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن إبليس قاس نفسه بآدم فقال : خلقتني من نار وخلقته من طين ، ولو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم بالنار ، كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار )).
- عن زرارة قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال والحرام فقال : حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة ، لا يكون غيره ولا يجيئ غيره ، وقال : قال علي عليه السلام : ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنة )).
- عن عيسى بن عبد الله القرشي قال :
(( دخل أبوحنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فقال له : يا أبا حنيفة ! بلغني أنك تقيس ؟ قال : نعم قال : لا تقس فإن أول من قاس إبليس حين قال : خلقتني من نار وخلقته من طين ، فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر )).
- عن قتيبة قال :
(( سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة فأجابه فيها ، فقال الرجل : أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها ؟ فقال له : مه ما أجبتك فيه من شئ فهو عن رسول الله صلى الله عليه وآله لسنا من : " أرأيت " في شئ )).
ونلاحظ علي الأحاديث السابقة ما يأتي :
- مدي الخلط بين أقوال الأئمة وأقوال النبي (ص) والقرآن الكريم ، حيث تؤكد الأحاديث أن الثلاثة في منزلة واحدة ، وحسبنا للرد علي ذلك أن نذكر أحد الأحاديث الواردة في باب " رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك بالكتب " عن محمد بن مسلم قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص ؟ قال : إن كنت تريد معانيه فلا بأس )) ، فإذا كان الرواة يزيدون في الأحاديث وينقصون منها ، فكيف تكون هذه الأحاديث رواية عن النبي (ص) ومن ثم كلام الله عز وجل كما زعموا .
- كما نلاحظ زعمهم بأن القرآن الكريم والسنة قد وضعوا الأحكام لكل ما يستجد حتي يوم القيامة ، فهو كلام يخالف الشرع والعقل معا ، فقد ظهرت أشياء لا تحصي ولا تعد كانت مجالا لبحث العلماء لاستنباط حكم الدين فيها مثل أعمال البنوك وعمليات نقل الأعضاء البشرية ، وبعض العمليات التي تستخدم للمساعدة علي الإنجاب وغير ذلك كثير .
- يضاف إلي ما تقدم أيضا ما تؤكده الأحاديث من أن الأئمة وحدهم هم من يحتكرون الحقيقة ، هم المرجعية العلمية ، هم أهل الذكر في كل شيئ الذين ينبغي الرجوع إليهم في كل أمر من أمور الدين .
- تأكيد الكليني علي حظر القياس وإعمال الرأي علي نحو ما رأينا لأنه يعلم أن عقائد الشيعة الموضوعة ساقطة ، لذا كان حريصا علي أن يحث الشيعة علي التسليم بما يقول دون تفكير ، لأنهم لو فكروا لطرحوا كل ما قال جانبا وضاعت نظرية الأئمة السلطوية وفشل مخطط تقسيم المسلمين وشرذمتهم ، وتوحدوا ، وتبوأوا مكانتهم التي يستحقونها بين كافة دول وأمم العالم كخير أمة أخرجت للناس .
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة المصرية .
ليس ذلك فحسب بل إن أحاديث الأئمة في منزلة القرآن الكريم فقد ورد في " باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك بالكتب " في كتاب " الكافي " عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا :
(( سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليه السلام ، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله ، وحديث رسول الله قول الله عزوجل )).
واضح إذن من تسلسل الحديث السابق أن أحاديث الأئمة نقلا عن النبي (ص) في نهاية الأمر ، ومن ثم فهي قول الله عز وجل ، وهذا كلام ظاهر البطلان ، إذ لم يقل مسلم من قبل أن أحاديث النبي (ص) هي أقوال الله ، لأن كلام الله عز وجل هو القرآن الكريم الذي حفظه الله عز وجل دون غيره فلا يستطيع أحد أن يضيف إلي القرآن الكريم ما ليس فيه أو يحذف من آياته ، أما سنة النبي (ص) القولية فهي ليست كذلك ، فمن الثابت لدي علماء الدين أنه توجد أحاديث موضوعة منسوبة للنبي (ص) علي خلاف الحقيقة ، وأن الكثير من هذه الأحاديث الموضوعة يتعلق بالصراع علي السلطة بعد النبي صلي الله عليه وسلم .
ومن بين مبالغات الشيعة أن يصبح راوي حديث واحد من أحاديث الأئمة أفضل من ألف عابد ، فقد ورد في " باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء " من كتاب " الكافي " عن معاوية ابن عمار قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم ، ولعل عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيهما أفضل ؟ قال : الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد )).
وسنة النبي صلي الله عليه وسلم من قول أو فعل أو إقرار - حسب أحاديثهم - لا تؤخذ إلا عن آل البيت لأن من بينهم في كل جيل من يستطيع تنقية هذه الأحاديث من التحريف أو الانتحال أو التأويل المغلوط ، فقد ورد في ذات الباب عن أبي البختري ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا ، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا ، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه ؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين )).
والأوصياء ( الأئمة ) لديهم أرقي وأسمي وأرفع درجة من العلماء والأتقياء ، فهم سادة فوق الجميع ، فقد ورد في ذات الباب عن إسماعيل ابن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( العلماء أمناء ، والأتقياء حصون ، والأوصياء سادة )).
وفي رواية أخرى :
(( العلماء منار، والأتقياء حصون ، والأوصياء سادة )).
وفي حديث عجيب ورد في باب " أصناف الناس " بكتاب " الكافي " تتجلي فيه العنصرية في أعلي صورها عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول يغدوا الناس على ثلاثة أصناف : عالم ومتعلم وغثاء ، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء )).
وأحاديث الأئمة لديهم أرقي أنواع العلم فقد ورد في باب " النوادر " عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عمن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها )).
والأئمة هم المرجعية العلمية ، وهم أهل الذكر فقد ورد في ذات الباب عن حمزة بن الطيار :
(( أنه عرض على أبي عبد الله عليه السلام بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها قال له : كف واسكت ثم قال أبوعبد الله عليه السلام : لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه والتثبت والرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلوا عنكم فيه العمى ، و يعرفوكم فيه الحق ، قال الله تعالى : " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " )).
ومنازل الناس تتحدد علي قدر روايتهم لأحاديث الأئمة وليس علي قدر روايتهم للقرآن الكريم أو سنة النبي (ص) أو غير ذلك من علوم الدين والدنيا ، فقد ورد في ذات الباب عن علي بن حنظلة قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنا )).
وتتناقض الأحاديث المنسوبة للأئمة في باب " النوادر " فيما يتعلق بنشر العلم ما بين أحاديث تجعل نشر العلم جزءا من العلم وفضيلة مثلما ورد عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال :
(( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ما العلم ؟ قال : الإنصات ، قال : ثم مه ؟ قال : الاستماع ، قال : ثم مه ؟ قال : الحفظ ، قال : ثم مه ؟ قال : العمل به ، قال : ثم مه يا رسول الله ؟ قال : نشره )) ، وأحاديث أخري تري أن كتم العلم هو الفضيلة مثلما ورد عن عبد الله بن سليمان قال :
(( سمعت أبا جفعر عليه السلام يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له : عثمان الأعمى وهو يقول : إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار، فقال أبو جعفر عليه السلام : فهلك إذن مؤمن آل فرعون ! ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحا عليه السلام فليذهب الحسن يمينا وشمالا، فوالله ما يوجد العلم إلا ههنا )).
يتضح مما تقدم أن كلام الأئمة عند الشيعة في منزلة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، ومن ثم فلا تجوز فيه المراجعة أو الجدل حسبما ورد عن محمد بن حكيم قال :
(( قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : جعلت فداك فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس .......قال : ثم قال : لعن الله أبا حنيفة كان يقول : قال علي ، وقلت .))
ولذلك حرص الكليني مؤلف كتاب الكافي علي أن يتشدد في تحريم القياس باعتبار القياس أحد وسائل إعمال العقل ، ذلك أن إعمال العقل في عقائد الشيعة يكشف ما بها من عوار ويهدمها ، لذلك نجد العديد من الأحاديث في باب " البدع والرأي والمقائيس " تحث علي الإلتزام بالنقل عن الأئمة واجتناب القياس وإعمال الفكر ، والأمثلة علي ذلك كثيرة :
- عن أبي شيبة الخراساني قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( إن أصحاب المقائيس طلبوا العلم بالمقائيس فلم تزدهم المقائيس من الحق إلا بعدا وإن دين الله لا يصاب بالمقائيس )).
- عن يونس بن عبد الرحمن ، قال :
(( قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام : بما أوحد الله ؟ فقال : يا يونس لا تكونن مبتدعا ، من نظر برأيه هلك ، ومن ترك أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله ضل ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر )).
- عن أبي بصير قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها ؟ فقال : لا ، أما إنك إن أصبت لم تؤجر ، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل )).
- عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :
(( قلت : أصلحك الله إنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا فلا يرد علينا شئ إلا وعندنا فيه شئ مسطر وذلك مما أنعم الله به علينا بكم ، ثم يرد علينا الشئ الصغير ليس عندنا فيه شئ فينظر بعضنا إلى بعض ، وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه ؟ فقال : ومالكم وللقياس ؟ إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس ، ثم قال : إذا جاء كم ما تعلمون ، فقولوا به وإن جائكم ما لا تعلمون فها - وأهوى بيده إلى فيه - ثم قال : لعن الله أبا حنيفة كان يقول : قال علي وقلت أنا ، وقالت الصحابة وقلت ، ثم قال : أكنت تجلس إليه ؟ فقلت : لا ولكن هذا كلامه ، فقلت : أصلحك الله أتى رسول الله صلى الله عليه وآله الناس بما يكتفون به في عهده ؟ قال : نعم وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة ، فقلت : فضاع من ذلك شئ ؟ فقال : لا هو عند أهله )).
هكذا يصل الأمر إلي لعن أبي حنيفة رضي الله عنه لأنه يُعمل رأيه ويأخذ بالقياس .
ثم يحدثنا الأئمة عن أن الأمر لا يحتاج إلي قياس ولا إعمال فكر لأن لديهم وثيقة يسمونها " الجامعة " يدَّعون أن النبي (ص) أملاها وعلي بن أبي طالب كتبها ، وأنها تضم كل ما يتعلق بالحلال والحرام ، ومن ثم فلا حاجة للقياس والرأي ، فقط يتم الرجوع إلي الأئمة في كل أمر من أمور الدين ، فقد ورد في ذات الباب عن أبي شيبة قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ضل علم ابن شبرمة عند " الجامعة " إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام بيده ، إن الجامعة لم تدع لأحد كلاما ، فيها علم الحلال والحرام إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحق إلا بعدا ، إن دين الله لا يصاب بالقياس )).
ومن الأحاديث التي تحرم القياس أيضا ووردت في ذات الباب :
- عن عثمان بن عيسى قال :
(( سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس فقال : مالكم والقياس إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم )).
- عن مسعدة بن صدقة قال :
(( حدثني جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا صلوات الله عليه قال : من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس ، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس ، قال : وقال أبو جعفر عليه السلام : من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم ، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحل وحرم فيما لا يعلم )).
- عن الحسين بن مياح ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن إبليس قاس نفسه بآدم فقال : خلقتني من نار وخلقته من طين ، ولو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم بالنار ، كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار )).
- عن زرارة قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال والحرام فقال : حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة ، لا يكون غيره ولا يجيئ غيره ، وقال : قال علي عليه السلام : ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنة )).
- عن عيسى بن عبد الله القرشي قال :
(( دخل أبوحنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فقال له : يا أبا حنيفة ! بلغني أنك تقيس ؟ قال : نعم قال : لا تقس فإن أول من قاس إبليس حين قال : خلقتني من نار وخلقته من طين ، فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر )).
- عن قتيبة قال :
(( سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة فأجابه فيها ، فقال الرجل : أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها ؟ فقال له : مه ما أجبتك فيه من شئ فهو عن رسول الله صلى الله عليه وآله لسنا من : " أرأيت " في شئ )).
ونلاحظ علي الأحاديث السابقة ما يأتي :
- مدي الخلط بين أقوال الأئمة وأقوال النبي (ص) والقرآن الكريم ، حيث تؤكد الأحاديث أن الثلاثة في منزلة واحدة ، وحسبنا للرد علي ذلك أن نذكر أحد الأحاديث الواردة في باب " رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسك بالكتب " عن محمد بن مسلم قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص ؟ قال : إن كنت تريد معانيه فلا بأس )) ، فإذا كان الرواة يزيدون في الأحاديث وينقصون منها ، فكيف تكون هذه الأحاديث رواية عن النبي (ص) ومن ثم كلام الله عز وجل كما زعموا .
- كما نلاحظ زعمهم بأن القرآن الكريم والسنة قد وضعوا الأحكام لكل ما يستجد حتي يوم القيامة ، فهو كلام يخالف الشرع والعقل معا ، فقد ظهرت أشياء لا تحصي ولا تعد كانت مجالا لبحث العلماء لاستنباط حكم الدين فيها مثل أعمال البنوك وعمليات نقل الأعضاء البشرية ، وبعض العمليات التي تستخدم للمساعدة علي الإنجاب وغير ذلك كثير .
- يضاف إلي ما تقدم أيضا ما تؤكده الأحاديث من أن الأئمة وحدهم هم من يحتكرون الحقيقة ، هم المرجعية العلمية ، هم أهل الذكر في كل شيئ الذين ينبغي الرجوع إليهم في كل أمر من أمور الدين .
- تأكيد الكليني علي حظر القياس وإعمال الرأي علي نحو ما رأينا لأنه يعلم أن عقائد الشيعة الموضوعة ساقطة ، لذا كان حريصا علي أن يحث الشيعة علي التسليم بما يقول دون تفكير ، لأنهم لو فكروا لطرحوا كل ما قال جانبا وضاعت نظرية الأئمة السلطوية وفشل مخطط تقسيم المسلمين وشرذمتهم ، وتوحدوا ، وتبوأوا مكانتهم التي يستحقونها بين كافة دول وأمم العالم كخير أمة أخرجت للناس .
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة المصرية .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق