إمامة الشيعة مشروع سياسي لاحتكار السلطة والثروة في العالم أجمع :
انتهينا في المقال السابق إلي توضيح أهم معتقدات الشيعة التي يخالفون فيها غيرهم من المسلمين , والحقيقة أنه يمكن القول أن الإمامة عند الشيعة تنطوي علي كل هذه المعتقدات وأضعافها .
الإمامة عند الشيعة يمكن أن نسميها " نظرية الإمامة " أو إن شئت " مشروع الإمامة " ، لأنها مشروع سياسي متكامل الأركان يهدف إلي احتكار فئة معينة من المسلمين لحكم باقي المسلمين والسيطرة علي ثرواتهم ، بل حكم الأرض ومن عليها ، ورغم أن من صاغوا مشروع الإمامة ووضعوا لها الأحاديث وأوَّلوا لها الآيات لا يُعرف لهم نسب إلا أنهم يحصرون الحكم في آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم ، ثم يقصرون الحكم علي سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن يليه من ذريته من السيدة فاطمة رضي الله عنها من بعده .
ولكي يصل الشيعة إلي هذه النتائج كان لابد أن يتحول الحكم من وصفه كشأن من شئون الدنيا يخص عامة المسلمين ، ومن ثم يختارون من يحكمهم ويدير شئونهم ويحفظ دينهم وأرضهم وعرضهم وأموالهم بالشوري والبيعة ، نقول كان لابد أن يتحول الحكم إلي وظيفة لها قداسة خاصة لا تتوفر إلا في فئة معينة من المسلمين ، ولا يتأتي للبشر مسلمين أو غيرهم أن يختاروا هذا الحاكم صاحب القداسة ، ولا يمكن أن يختاره إلا خالقه ، وآلية تعيينه إلهية فهي إما وصية من النبي صلي الله عليه وسلم لمن بعده ، أو وصية من كل إمام لمن يخلفه.
الإمام إذن عند الشيعة هو من يقوم مقام النبي صلي الله عليه وسلم ، فكما أن النبي صلي الله عليه وسلم ومن سبقه من الأنبياء كانوا حجة علي الناس لأنهم أبلغوا الرسالة ، فكذلك لابد من إمام في كل زمن ليكون حجة علي الناس ، ولا يخلو عندهم زمن من الأزمان من الحجة .
وعلي ضوء ذلك فالنبي صلي الله عليه وسلم وفقا للشيعة معصوم من كل خطأ صغيرا كان أو كبيرا ، ومثله الإمام معصوم من كل خطأ صغيرا كان أو كبيرا ، والإمام موصوف بأوصاف تكاد أن تجعل منه إلها أو بالأدني موصوفا بصفات إلهية فهو يعلم الغيب وهو يجمع العلوم من عهد آدم وحتي تقوم الساعة وهو لا يخطئ ، والإمام لا يختاره المسلمون وأنّي لهم أن يختاروه وإنما يختاره ربه ، وتعيين الإمام الأول من منظورهم " سيدنا علي بن أبي طالب " تم بوصية النبي صلي الله عليه وسلم ، ثم أوصي سيدنا علي بن أبي طالب لإبنيه الحسن والحسين رضي الله عنهما وحفيده علي بن الحسين ، وهكذا يوصي كل إمام لمن بعده ، وحين سقطت نظرية الإمامة - وهي ساقطة منذ وضعها - والتي كانت تزعم أن الإمامة سوف تظل تنتقل في ذرية سيدنا علي حتي يوم القيامة - باختفاء الإمام الثاني عشر وانقطاع سلسلة توريث الأئمة - ، تحول الإمام الثاني عشر إلي شخصية أسطورية اختفت لتعود يوما ما لتملأ الأرض عدلا ورخاءً " المهدي المنتظر ".
وأنا لم أبدأ بعد في تفنيد " مشروع الإمامة " والرد عليه ، وإنما هي مجرد مقدمة يستعين بها القارئ أثناء قراءة تلك الأحاديث الموضوعة والتي تم استخدامها لفبركة مشروع الإمامة السلطوي ، وفيما يلي تلك الأحاديث التي انطوي عليها كتاب " الحجة " وهو جزء من كتاب " الكافي " وهو أهم مرجع لدي الشيعة علي الإطلاق ، علي أن تأخذ أخي القارئ في الاعتبار وأنت تقرأ هذه الأحاديث ما يلي :
1- أن ما سأعرضه نقلا عن كتاب " الحجة " والذي هو جزء من كتاب " الكافي " إنما سأعرضه كما هو بعناوينه وتفاصيله وما جاء فيه من أحاديث دون تدخل أو أي إضافة أو حذف .
2- أن الأحاديث لدي الشيعة لا تقتصر علي أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم ، وإنما هم يرون أن السنة تشمل أقوال وأفعال الأئمة الاثني عشر والذين لا يقولون شيئا إلا نقلا عن النبي (ص) ، وكان لابد أن يفعلوا ذلك حتي يستطيعوا صياغة مشروع الإمامة ذلك أن القرآن الكريم وسنة النبي (ص) لا يمكن أن تفرز هذه النظرية العنصرية الاستبدادية التي تقوم علي اعتبار النبوة ميراث مالي أو عقاري يؤول لورثة كل نبي .
3- أرجو ملاحظة حجم العنصرية في " مشروع الإمامة " فيما تدعيه الأحاديث المعروضة وما تنسبه لآل البيت الكرام لاسيما ذرية سيدنا علي بن أبي طالب وما لديهم من علوم وأسرار ليست لدي غيرهم ، وآل بيت رسول الله (ص) لاشك في مكانتهم ولا منازعة في محبتهم ، ولكن ما ورد في أحاديث الشعية شيئ آخر من المبالغات التي لا تتفق مع ثوابت الإسلام كالحديث عن مصحف خاص بالسيدة فاطمة رضي الله عنها وعن صحيفة الجامعة التي أملاها النبي (ص) علي حد زعمهم وعن الجفر الأحمر والجفر الأبيض وغير ذلك من الأكاذيب كثير ، لدرجة أن يصل الأمر بهم إلي تحريف آيات القرآن الكريم لإضافة عبارات لتخصيص الآيات الكريمة لآل البيت أو ولاية سيدنا علي ويقولون في ختام الحديث الموضوع وهكذا نزلت الآية ، ويصل بهم الأمر إلي تفسير بعض الآيات علي أنها رواية لما حدث بين سيدنا علي رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان .
4- أرجو ملاحظة ما جاء في بعض أحاديثهم الموضوعة من أن الأئمة فقط هم من جمعوا القرآن الكريم كاملا ، وكان هدفهم من ذلك أن يضيفوا لآيات القرآن الكريم ما شاءوا من أكاذيب تدعم مشروع الإمامة السياسي ، وسوف تقرأون العديد من الأحاديث تنطوي علي إضافات للآيات الكريمة وينتهي الحديث بعبارة وهكذا نزلت الآية .
5- أرجو ملاحظة التناقض في الأحاديث الخاصة بإثبات وصايا الأئمة لمن يخلفهم ، ومن أمثلة ذلك ما ورد من أحاديث عن وصية سيدنا علي لابنه الحسن رضي الله عنه .
6- أرجو ملاحظة الاختلاف بين ما بدأت به نظرية الإمامة من أن تعيين الأئمة من ذرية سيدنا علي مستمر حتي قيام الساعة لإصلاح أحوال البلاد والعباد باعتبار أن الإمام حجة علي الناس كافة وأنه لا يخلو زمن من الإمام الحجة ، ثم ما آلت إليه النصوص بعد غياب الإمام الثاني عشر .
7- أرجو ملاحظة الجانب الاقتصادي في " مشروع الإمامة " والذي ورد تحت عنوان " باب أن الأرض كلها للإمام عليه السلام " .
8- أرجو من كل مسلم شيعي أو سني الإجابة علي سؤال هام :
إذا كنا سنثق في عصمة الأئمة وأن حكمهم وقراراتهم بالتبعية من أمر الله عز وجل ، وأن أقوالهم سنة تأخذ حكم أقوال النبي (ص) فكيف سنثق في الرواة الذين نقلوا لنا هذه الأحاديث وأذكر منهم ( سمَّاعة وابن أذينة والأحول وابن أعين وأبي بصير وزرارة وعن بعض أصحابنا ورجل ) لاسيما حين يقول محقق النسخة التي نقلت عنها في الهامش أن العبارة الفلانية وردت في نسخة فلان بصيغة كذا ، وحين ينقل أحد الرواة عن شخص ويقول أنه لا يذكر اسمه أو يروي رواية عن رجل من مكة أو من بلاد كذا ؟؟.
9- أرجو ملاحظة الأحاديث الطويلة المصاغة بأسلوب جيد لتؤكد لنا أن الأمر ليس مجرد راوي روي لنا حديثا سمعه ، وإنما هي نصوص موضوعة بعد بحث وتدقيق لتحسين الرواية ومحاولة إقناع القارئ أو السامع بما تنطوي عليه من مضامين .
10- أرجو ملاحظة كم الخرافات الواردة فيما لدي الأئمة من علوم والتي تشمل حسب زعمهم جميع العلوم من عهد آدم وحتي الآن وما يستجد كالحرف الذي يفتح ألف حرف والألف باب التي علمها النبي (ص) - علي حد زعمهم - لسيدنا علي وكل باب منهم يفتح ألف باب دون أن يكون من بين آلاف الأبواب بابا ينتج لنا اختراعا من الاختراعات الحديثة التي شهدها العالم فيما بعد ، والإمام الذي يتحدث كل اللغات وغير ذلك كثير ، وملاحظة كم القداسة التي تفرضها النصوص للإمام باعتبار أن الله عز وجل قد خلقه خلقا مغايرا لباقي البشر في بدنه وروحه ، والمعجزات التي تصاحب ميلاده ، وما يجب له من طاعة عمياء مطلقة .
11- لنأخذ أيضا في الاعتبار أن الإمامة ترتب عليها نظرية ولاية الفقيه التي تهيمن علي النظام القانوني لدولة إيران بما تقوم به من ممارسات وتشنه من حروب علي الدول الإسلامية المجاورة دون سند لها سوي مشروع الإمامة .
12- أرجو بعد قراءة مشروع الإمامة من كل مسلم عاقل ، أن يسأل نفسه هل من المقبول أن يصبح مصير العالم رهنا بمثل هذه النظرية ، وأن الإمام الذي يمتد سلطانه للعالم أجمع باعتباره حسب زعمهم حجة الله عز وجل علي الناس كافة في زمانه أو حتي بالأدني مسلمي العالم أن يتم تعيينه بهذه الطريقة بوصية من إمام لمن يليه دون دخل ولا إرادة لأي شعب من الشعوب الإسلامية التي سيحكمها ، وكلما مات إمام يبحث الناس عن شهود ليعرفوا لمن أوصي الإمام الراحل ، وأن يكون من المقبول أن يكون سن الإمام وفقا للنصوص المعروضة خمس سنوات ، هل يمكن أن يترتب علي مثل هذه الأقاويل خير للمسلمين .
13- أرجو من كل مسلم عاقل شيعي أو سني أن يسأل نفسه :
هل يستطيع أن يجزم بأن من وضعوا نظرية الإمامة ينتمون إلي آل بيت النبي (ص)؟ أو يجزم بأن شيعة إيران الذين يستخدمون " مشروع الإمامة " الآن لبناء إمبراطورية تبتلع الدول الإسلامية المجاورة لها ، هل يستطيع أن يجزم بأنهم ينتمون إلي آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم ؟ .
14- إذا كان الله عز وجل علي حد زعمهم قد زود الأئمة من ذرية سيدنا علي بهذه الإمكانات ، قداسة ، وعلوم الدنيا كلها ، ولغات الدنيا كلها بقصد إصلاح أحوال البلاد والعباد ، فلماذا كانت حقب الأئمة هي أصعب أوقات المسلمين التي لم تتوقف فيها الحروب ، ومات فيها ألوف من الصحابة الكثير منهم من حفظة القرآن الكريم ، وكيف يتنازل أحدهم عن وظيفة مفروضة عليه من الله عز وجل ، ولماذا يكون بعض الأئمة ظاهر ولا يحكم وبعضهم يتخفي علي نحو ما جاء في الأحاديث التي ستأتي أدناه .
وبعد أن تلاحظوا معي تلك الملاحظات التي أوردتها أعلاه شاركوني العجب والدهشة من أن تكون هذه النصوص التي ستقرأونها هي سبب انقسام العالم الإسلامي إلي شيعة وسنة ، وأنها سبب حروب مستمرة من بعد وفاة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وحتي الآن ، أي منذ أكثر من ألف عام ترتب عليها موت الملايين من المسلمين الأبرياء ، ولازال يترتب عليها ما يحدث من مجازر بين الشيعة والسنة في العراق وسوريا واليمن والبحرين والكويت وأماكن لا تحصي ولا تعد ، وهو الأمر الذي دعاني وأنا في السجن في غرفة ضيقة لا تدخلها الشمس ولا يدخلها الهواء أن أفكر في كتابة هذه السلسلة من المقالات تحت عنوان " هل يفعلها الشيعة والسنة كما فعلها قسطنطين وثيودوسيوس ".
وفيما يلي ما رواه كتاب " الحجة " والذي هو جزء من كتاب " الكافي " والذي هو من أهم مراجع الشيعة علي الإطلاق من نصوص تحدد لنا نظرية الإمامة أو مشروع الإمامة السياسي السلطوي الاقتصادي :
أولا : باب أن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام :
1- عن العبد الصالح عليه السلام قال :
(( إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف )).
2- عن الحسن بن علي الوشاء قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : إن أبا عبد الله عليه السلام قال :
(( إن الحجة لا تقوم لله عزوجل على خلقه إلا بإمام حتى يعرف )).
3- عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف )).
4- عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :
(( الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق )).
ثانيا : باب أن الأرض لا تخلو من حجة :
1- عن الحسين بن أبي العلاء قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : تكون الأرض ليس فيها إمام ؟ قال : لا ، قلت : يكون إمامان ؟ قال : لا إلا وأحدهما صامت )).
2- عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام ، كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردهم ، وإن نقصوا شيئا أتمه لهم )).
3- عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( ما زالت الأرض إلا ولله فيها الحجة ، يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله )).
4 - عن أبى عبد الله عليه السلام قال :
(( قلت له : تبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لا )) .
5 - عن أحدهما عليهما السلام قال :
(( قال : إن الله لم يدع الأرض بغير عالم ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل )).
6 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن الله أجل و أعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل )).
7 - عن أبي إسحاق ، عمن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال :
(( اللهم إنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك )).
8 - عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( والله ما ترك الله أرضا منذ قبض آدم عليه السلام إلا وفيها إمام يهتدي به إلى الله وهو حجته على عباده ، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده )).
9 -عن أبي علي بن راشد قال : قال أبو الحسن عليه السلام :
(( إن الأرض لا تخلو من حجة وأنا والله ذلك الحجة )).
10 - عن أبي حمزة قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أتبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت )).
11- عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( قلت له : أتبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لا ، قلت : فإنّا نروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنها لا تبقى بغير إمام إلا أن يسخط الله تعالى على أهل الارض أو على العباد ، فقال : لا ، لا تبقى إذا لساخت )).
12- عن أبي هراسة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( لو أن الإمام رُفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهله )).
13- عن الوشاء قال :
(( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام هل تبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لا قلت : إنا نروي أنها لا تبقى إلا أن يسخط الله عز وجل على العباد ؟ قال : لا تبقى إذا لساخت )).
ثالثا : باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة :
1- عن ابن الطيار قال :
(( سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة )) .
2 -عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( لو بقي اثنان لكان أحدهما الحجة على صاحبه )).
3 - عن كرام قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام وقال : إن آخر من يموت الإمام ، لئلا يحتج أحد على الله عزوجل أنه تركه بغير حجة لله عليه )).
4 - عن حمزة بن الطيار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة - أو الثاني الحجة - الشك من أحمد بن محمد )).
5 - عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول :
(( لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان الإمام أحدهما )).
رابعا : باب معرفة الإمام والرد اليه :
1- عن أبي حمزة قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام :
(( إنما يعبد الله من يعرف الله ، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالا قلت : جعلت فداك فما معرفة الله ؟ قال : تصديق الله عزوجل وتصديق رسوله صلى الله عليه وآله وموالاة علي عليه السلام والائتمام به وبأئمة الهدى عليهم السلام والبراءة إلى الله عزوجل من عدوهم ، وهكذا يعرف الله عزوجل )).
2- عن ابن أذينة قال: حدثنا غير واحد ، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال :
(( لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه ، ويرد إليه ويسلم له ، ثم قال : كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأول ؟ ! )).
3- عن زرارة قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق ؟ فقال : إن الله عزوجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله إلى الناس أجمعين رسولا و حجة لله على جميع خلقه في أرضه ، فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله واتبعه وصدقه فإن معرفة الإمام منا واجبة عليه ، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ويعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما ؟ ! قال : قلت : فما تقول فيمن يؤمن بالله ورسوله ويصدق رسوله في جميع ما أنزل الله ، يجب على أولئك حق معرفتكم ؟ قال : نعم أليس هؤلاء يعرفون فلانا وفلانا قلت : بلى ، قال : أترى أن الله هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء ؟ والله ما أوقع ذلك في قلوبهم إلا الشيطان ، لا والله ما ألهم المؤمنين حقنا إلا الله عزوجل )).
4 - عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
(( إنما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت ومن لا يعرف الله عزوجل و [لا] يعرف الإمام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا )).
5 - عن ذريح قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وآله فقال : كان أمير المؤمنين عليه السلام إماما ، ثم كان الحسن عليه السلام إماما ثم كان الحسين عليه السلام إماما ، ثم كان علي بن الحسين إمام ، ثم كان محمد بن علي إماما ، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم قال : قلت : ثم أنت جعلت فداك ؟ - فأعدتها عليه ثلاث مرات - فقال لي : إني إنما حدثتك لتكون من شهداء الله تبارك وتعالى في أرضه )).
6- عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها ، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلا العمل الصالح ولا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط والعهود ، فمن وفى لله عزوجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل [ما] وعده ، إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار وأخبرهم كيف يسلكون ، فقال : " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " وقال : " إنما يتقبل الله من المتقين " فمن اتقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله ، هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا ، وأشركوا من حيث لا يعلمون .
إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى ، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله ، وطاعة رسوله بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الإقرار بما أنزل من عند الله عزوجل ، خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، فانه أخبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، إن الله قد استخلص الرسل لأمره ، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره ، فقال : " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " تاه من جهل ، واهتدى من أبصر وعقل ، إن الله عزوجل يقول : " فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور " وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم يتدبر؟ اتبعوا رسول الله وأهل بيته وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى ، فإنهم علامات الإمامة والتقى واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى ابن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن ، اقتصوا الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم )).
7 - عن ربعي بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :
(( أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب ، فجعل لكل شئ سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علما ، وجعل لكل علم بابا ناطقا ، عرفه من عرفه ، وجهله من جهله ، ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن )).
8 - عن محمد بن مسلم قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : كل من دان الله عزوجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ، وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها ، فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها ، فحنت إليها واغترت بها ، فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعى قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها ، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها ، فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي : الحقي براعيك ، وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك ، فهجمت ذعرة ، متحيرة ، تائهة ، لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها ، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها ، فأكلها ، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عزوجل ظاهر عادل ، أصبح ضالا تائها ، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق ، واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، لا يقدرون مما كسبوا على شئ ، ذلك هو الضلال البعيد )).
9 - عن مقرن قال ، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين " وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ؟ فقال نحن على الأعراف ، نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذي لا يعرف الله عز وجل إلا بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يعرفنا الله عزوجل يوم القيامة على الصراط ، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه .
إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا ، فإنهم عن الصراط لناكبون ، فلا سواء من اعتصم الناس به ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض ، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها ، لا نفاد لها ولا انقطاع )).
10 - عن أبي حمزة قال : قال أبو جعفر عليه السلام :
(( يا أبا حمزة يخرج أحدكم فراسخ فيطلب لنفسه دليلا وأنت بطرق السماء أجهل منك بطرق الأرض ، فاطلب لنفسك دليلا )).
11 - عن أبي بصير:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " فقال : طاعة الله ومعرفة الإمام )).
12- عن أبي بصير قال :
(( قال لي أبو جعفر عليه السلام : هل عرفت إمامك ؟ قال : قلت : إي والله ، قبل أن أخرج من الكوفة ، فقال : حسبك إذا )).
13- عن بريد قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى : " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس " فقال : " ميت " لا يعرف شيئا و" نورا يمشي به في الناس ": إماما يؤتم به " كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " قال : الذي لا يعرف الإمام )).
14- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال أبو جعفر عليه السلام : دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين فقال عليه السلام : يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل : " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون " ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك ، فقال : الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ، ثم قرأ عليه هذه الآية )).
خامسا : باب فرض طاعة الائمة :
1- عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للإمام بعد معرفته ، ثم قال : إن الله تبارك وتعالى يقول : " من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا " )).
2 - عن أبي الصباح قال : أشهد أني سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( أشهد أن عليا إمام فرض الله طاعته وأن الحسن إمام فرض الله طاعته وأن الحسين إمام فرض الله طاعته وأن علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته وأن محمد بن علي إمام فرض الله طاعته )).
3 - عن بشير العطار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( نحن قوم فرض الله طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته )).
4 - عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل : " وآتيناهم ملكا عظيما " قال : الطاعة المفروضة )).
5 - عن أبي الحسن العطار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( أشرك بين الأوصياء و الرسل في الطاعة )).
6- أبي الصباح الكناني قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( نحن قوم فرض الله عزوجل طاعتنا ، ولنا صفوا المال ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله )).
7 - عن الحسين بن أبي العلاء قال :
(( ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة قال : فقال : نعم ، هم الذين قال الله تعالى : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وهم الذين قال الله عزوجل : " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " )).
8 - عن معمر بن خلاد قال :
(( سأل رجل فارسي أبا الحسن عليه السلام فقال : طاعتك مفترضة ؟ فقال : نعم ، قال : مثل طاعة علي ابن أبي طالب عليه السلام ؟ فقال : نعم )).
9 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سألته عن الأئمة هل يجرون في الأمر والطاعة مجرى واحد ؟ قال : نعم )).
10 - عن محمد بن زيد الطبرى قال : كنت قائما على رأس الرضا عليه السلام بخراسان وعنده عدة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي فقال :
(( يا إسحاق بلغني أن الناس يقولون : إنا نزعم أن الناس عبيد لنا ، لا وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله ما قلته قط ولا سمعته من آبائي قاله ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله ، ولكني أقول : الناس عبيد لنا في الطاعة ، موال لنا في الدين ، فليبلغ الشاهد الغائب )).
11- عن أبي سلمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول :
(( نحن الذين فرض الله طاعتنا ، لا يسع الناس إلا معرفتنا ولا يعذر الناس بجهالتنا ، من عرفنا كان مؤمنا ، ومن أنكرنا كان كافرا ، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء )).
12 - عن محمد بن الفضيل قال :
(( سألته عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عزوجل ، قال : أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عزوجل طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، قال أبو جعفر عليه السلام : حبنا إيمان وبغضنا كفر )).
13- عن إسماعيل بن جابر، قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : أعرض عليك ديني الذي أدين الله عزوجل به ؟ قال : فقال : هات .. قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله وأن عليا كان إماما فرض الله طاعته ، ثم كان بعده الحسن إماما فرض الله طاعته ، ثم كان بعده الحسين إماما فرض الله طاعته ، ثم كان بعده علي بن الحسين إماما فرض الله طاعته حتى انتهى الأمر إليه ، ثم قلت : أنت يرحمك الله ؟ قال : فقال : هذا دين الله ودين ملائكته )).
14- عن أبي إسحاق ، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال :
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام : اعلموا أن صحبة العالم واتباعه دين يدان الله به ، وطاعته مكسبة للحسنات ممحات للسيئات وذخيرة للمؤمنين ورفعة فيهم في حياتهم وجميل بعد مماتهم )).
15- عن منصور ابن حازم قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله ، قال : صدقت ، قلت إن من عرف أن له ربا ، فقد ينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا ، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول ، فمن لم يأته الوحي فينبغي له أن يطلب الرسل فاذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن لهم الطاعة المفترضة ، فقلت للناس : أليس تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان هو الحجة من الله على خلقه ؟ قالوا : بلى ، قلت : فحين مضى صلى الله عليه وآله من كان الحجة ؟ قالوا : القرآن فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتي يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ، فما قال فيه من شئ كان حقا فقلت لهم : من قيم القرآن قالوا : ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم ، قلت : كله ؟ قالوا لا، فلم أجد أحدا يقال إنه يعلم القرآن كله إلا عليا صلوات الله عليه وإذا كان الشئ بين القوم فقال هذا : لا أدري وقال هذا : لا أدري وقال هذا لا أدري ، وقال هذا : أنا أدري ، فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن ، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأن ما قال في القرآن فهو حق ، فقال رحمك الله ، فقلت : إن عليا عليه السلام لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأن الحجة بعد علي الحسن بن علي وأشهد على الحسن أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وجده وأن الحجة بعد الحسن الحسين وكانت طاعته مفترضة فقال : رحمك الله ، فقبلت رأسه وقلت : وأشهد على الحسين عليه السلام أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده علي بن الحسين وكانت طاعته مفترضة ، فقال : رحمك الله ، فقبلت رأسه وقلت : وأشهد على علي بن الحسين أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده محمد بن علي أبا جعفر وكانت طاعته مفترضة ، فقال : رحمك الله ، قلت : أعطني رأسك حتى أقبله فضحك ، قلت : أصلحك الله قد علمت أن أباك لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وأشهد بالله أنك أنت الحجة وأن طاعتك مفترضة ، فقال : كف رحمك الله ، قلت : أعطني رأسك أقبله فقبلت رأسه فضحك وقال : سلني عما شئت ، فلا أنكرك بعد اليوم أبدا )).
16 - عن الحسين بن أبي العلاء قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الأوصياء طاعتهم مفترضة ؟ قال : نعم هم الذين قال الله عزوجل : " أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وهم الذين قال الله عزوجل " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " )).
16- عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
(( السمع والطاعة أبواب الخير ، السامع المطيع لا حجة عليه ، والسامع العاصي لا حجة له ، وإمام المسلمين تمت حجته واحتجاجه يوم يلقى الله عزوجل ثم قال : يقول الله تبارك وتعالى : " يوم ندعو كل أناس بإمامهم )).
سادسا : باب في أن الائمة شهداء الله عزوجل على خلقه :
1- عن سماعة قال :
(( قال أبوعبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " قال : نزلت في أمة محمد صلى الله عليه وآله خاصة ، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد صلى الله عليه وآله شاهد علينا )).
2- عن بريد العجلي قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الله عزوجل : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " قال : نحن الأمة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه ، قلت : قول الله عزوجل : " ملة أبيكم إبراهيم " قال : إيانا عنى خاصة " هو سماكم المسلمين من قبل " في الكتب التي مضت " وفي هذا " القرآن " ليكون الرسول عليكم شهيدا " فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عزوجل ونحن الشهداء على الناس فمن صدق صدقناه يوم القيامة ، ومن كذب كذبناه يوم القيامة )).
3- عن أحمد بن عمر الحلال قال :
(( سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عز وجل : " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " فقال : أمير المؤمنين صلوات الله عليه الشاهد على رسول الله صلى الله عليه وآله ، ورسول الله صلى الله عليه وآله على بينة من ربه )).
4- عن بريد العجلي قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : قول الله تبارك وتعالى : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " قال : نحن الأمة الوسط ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه ، وحججه في أرضه ، قلت : قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون * وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم " قال : إيانا عنى ونحن المجتبون ، ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين " من حرج " فالحرج أشد من الضيق " ملة أبيكم إبراهيم " إيانا عنى خاصة و " سماكم المسلمين " الله سمانا المسلمين " من قبل " في الكتب التي مضت " وفي هذا " القرآن " ليكون الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس " فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ، ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه )).
5- عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال :
(( إن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه ، وحجته في أرضه ، و جعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا ، لا نفارقه ولا يفارقنا )).
سابعا : باب أن الائمة عليهم السلام هم الهداة :
1- عن الفضيل قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ولكل قوم هاد " فقال : كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم )).
2- عن بريد العجلي :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله ، ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحد بعد واحد )).
3- عن أبي بصير قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " ؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر وعلي الهادي ، يا أبا محمد هل من هاد اليوم ؟ قلت : بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد بعد هاد حتى دفعت إليك ، فقال : رحمك الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ، ماتت الآية ، مات الكتاب ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى )).
4- عن عبد الرحيم القصير :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر وعلي الهادي ، أما والله ما ذهبت منا وما زالت فينا إلى الساعة )).
ثامنا : باب أن الأئمة عليهم السلام ولاة أمر الله وخزنة علمه :
1- عن عبد الرحمن بن كثير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( نحن ولاة أمر الله ، وخزنة علم الله وعيبة وحي الله )).
2- عن سورة بن كليب قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام :
(( والله إنا لخزان الله في سمائه وأرضه ، لا على ذهب ولا على فضة إلا على علمه )).
3- عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قلت له : جعلت فداك ما أنتم ؟ قال : نحن خزان علم الله ، ونحن تراجمة وحي الله ، ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض )).
4- عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
(( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال الله تبارك و تعالى استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك من ترك ولاية علي والأوصياء من بعدك ، فإن فيهم سنتك وسنة الأنبياء من قبلك ، وهم خزاني على علمي من بعدك ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لقد أنبأني جبرئيل عليه السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم )).
5- عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( يا ابن أبي يعفور إن الله واحد متوحد بالوحدانية ، متفرد بأمره ، فخلق خلقا فقدرهم لذلك الأمر فنحن هم يا ابن أبي يعفور فنحن حجج الله في عباده ، وخزانه على علمه ، والقائمون بذلك )).
6- عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :
(( قال أبو عبد الله عليه السلام : إن الله عزوجل خلقنا فأحسن خلقنا ، وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا خزانه في سمائه وأرضه ، ولنا نطقت الشجرة وبعبادتنا عُبد الله عزوجل ، ولولانا ما عُبد الله )).
تاسعا : باب أن الأئمة خلفاء الله عزوجل في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى :
1- عن الجعفري قال سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول :
(( الأئمة خلفاء الله عزوجل في أرضه )).
2- عن أبي بصير قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( الأوصياء هم أبواب الله عزوجل التي يؤتى منها ولولاهم ما عرف الله عزوجل وبهم احتج الله تبارك وتعالى على خلقه )).
3- عن عبد الله بن سنان قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل جلاله : " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " قال : هم الأئمة )).
عاشرا : باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عزوجل :
1- عن أبي خالد الكابلي قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " فقال : يا أبا خالد النور والله الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله إلى يوم القيامة ، وهم والله نور الله الذي أنزل ، وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض ، والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ، ويحجب الله عزوجل نورهم عمن يشاء فتضلهم قلوبهم ، والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر )).
2- علي بن إبراهيم بإسناده :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث - إلى قوله - واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " قال : النور في هذا الموضع [علي] أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام )).
3- عن أبي الجارود قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا ، قال : وما ذاك ؟ قلت : قول الله تعالى : " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون - إلى قوله - أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا " قال : فقال : قد آتاكم الله كما آتاهم ، ثم تلا : " يا أيها الذين آمنوا اتقو الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به " يعني إماما تأتمون به )).
4- عن أبي خالد الكابلي قال :
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى : " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " فقال : يا أبا خالد النور والله الأئمة عليهم السلام يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الذين ينورون قلوب المؤمنين ، ويحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها )).
5 - عن صالح بن سهل الهمداني قال :
(( قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكوة " فاطمة عليهما السلام " فيها مصباح " الحسن " المصباح في زجاجة " الحسين " الزجاجة كأنها كوكب دري " فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا " يوقد من شجرة مباركة " إبراهيم عليه السلام " زيتونة لا شرقية ولا غربية " لا يهودية ولا نصرانية " يكاد زيتها يضئ " يكاد العلم ينفجر بها " ولو لم تمسسه نار نور على نور " إمام منها بعد إمام " يهدي الله لنوره من يشاء " يهدي الله للائمة من يشاء " ويضرب الله الأمثال للناس "، قلت : " أو كالظلمات " قال : الأول وصاحبه " يغشاه موج " الثالث " من فوقه موج " ظلمات الثاني " بعضها فوق بعض " معاوية لعنه الله وفتن بني أمية " إذا أخرج يده " المؤمن في ظلمة فتنتهم " لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا " إماما من ولد فاطمة عليها السلام " فما له من نور " إمام يوم القيامة )).
وقال في قوله : " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " : أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة )).
6- عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه السلام قال :
(( سألته عن قول الله تبارك وتعالى : " يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم " قال يريدون ليطفؤوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم ، قلت : قوله تعالى : " والله متم نوره " قال : يقول : والله متم الإمامة والإمامة هي النور وذلك قوله عزوجل : " آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " قال : النور هو الإمام )).
حادي عشر : باب أن الأئمة هم أركان الأرض :
1- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( ما جاء به علي عليه السلام آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه ، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وآله ولمحمد صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله عزوجل ، المتعقب عليه في شئ من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله ، كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى إلا منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجري لأئمة الهدى واحدا بعد واحد ، جعلهم الله أركان الارض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى ، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيرا ما يقول : أنا قسيم الله بين الجنة والنار وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد صلى الله عليه وآله ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الرب وإن رسول الله صلى الله عليه وآله يدعى فيكسى ، وادعى فأكسى ويستنطق واستنطق فأنطق على حد منطقه ، ولقد اعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي علمت المنايا والبلايا ، والأنساب وفصل الخطاب ، فلم يفتني ما سبقني ، ولم يعزب عني ما غاب عني ، أبشر بإذن الله وأؤدي عنه ، كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه )).
2- حدثنا سعيد الأعرج قال :
(( دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبدالله عليه السلام فابتدأنا فقال : يا سليمان ما جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام يؤخد به وما نهى عنه ينتهى عنه جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وآله ولرسول الله صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله المعيب على أمير المؤمنين عليه السلام في شئ من أحكامه كالمعيب على الله عزوجل وعلى رسوله صلى الله عليه وآله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله ، كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه باب الله الذي لا يؤتى إلا منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وبذلك جرت الأئمة عليهم السلام واحد بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم ، والحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى .
وقال: قال أمير المؤمنين عليه السلام : " أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم ، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقرت لمحمد صلى الله عليه وآله ولقد حملت على مثل حمولة محمد صلى الله عليه وآله وهي حمولة الرب وإن محمدا صلى الله عليه وآله يدعى فيكسى ويستنطق وادعى فاكسى واستنطق فأنطق على حد منطقه ، ولقد اعطيت خصالا لم يعطهن أحد قبلي ، علمت علم المنايا والبلايا ، والأنساب و فصل الخطاب ، فلم يفتني ما سبقني ، ولم يعزب عني ما غاب عني ، أبشر بإذن الله واؤدي عن الله عزوجل ، كل ذلك مكنني الله فيه بإذنه " )).
3- عن أبي الصامت الحلواني ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( فضل أمير المؤمنين عليه السلام : ما جاء به آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه ، جرى له من الطاعة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ما لرسول الله صلى الله عليه وآله والفضل لمحمد صلى الله عليه آله ، المتقدم بين يديه كالمتقدم بين يدي الله ورسوله ، والمتفضل على رسول الله صلى الله عليه وآله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله ، فإن رسول الله صلى اليه عليه وآله باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من سلكه وصل إلى الله عزوجل وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام من بعده وجرى للائمة عليهم السلام واحدا بعد واحد، جعلهم الله عزوجل أركان الأرض أن تميد بأهلها ، وعمد الإسلام ، ورابطة على سبيل هداه ، لا يهتدي هاد إلا بهداهم ولا يضل خارج من الهدى إلا بتقصير عن حقهم ، أمناء الله على ما أهبط من علم أو عذر أو نذر، والحجة البالغة على من في الارض ، يجري لآخرهم من الله مثل الذي جرى لاولهم ، ولا يصل أحد إلى ذلك إلا بعون الله.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا قسيم الله بن الجنة والنار ، لا يدخلها داخل إلا على حد قسمي ، وأنا الفاروق الاكبر ، وأنا الامام لمن بعدي ، والمؤدي عمن كان قبلي ، لا يتقدمني أحد إلا أحمد صلى الله عليه وآله وإني وإياه لعلى سبيل واحد إلا أنه هو المدعو باسمه ولقد اعطيت الست : علم المنايا والبلايا ، والوصايا ، وفصل الخطاب ، وإني لصاحب الكرات ودولة الدول ، وإني لصاحب العصا والميسم ، والدابة التي تكلم الناس )).
ثاني عشر : باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته :
1- عن عبدالعزيز بن مسلم قال :
(( كنا مع الرضا عليه السلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الامامة وذكروا كثرة أختلاف الناس فيها ، فدخلت على سيدي عليه السلام فأعلمته خوض الناس فيه ، فتبسم عليه السلام ثم قال : يا عبدالعزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم ، إن الله عزوجل لم يقبض نبيه صلى الله عليه وآله حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شئ ، بين فيه الحلال والحرام ، والحدود والاحكام ، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا ، فقال عزوجل : " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره صلى الله عليه وآله : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا " وأمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض صلى الله عليه وآله حتى بين لامته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم عليا عليه السلام علما وإمام وما ترك [لهم] شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه ، فمن زعم أن الله عزوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله ، ومن رد كتاب الله فهو كافر به.
هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم ، إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلا مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم ، إن الامامة خص الله عزوجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره ، فقال: " إني جاعلك للناس إماما " فقال الخليل عليه السلام سرورا بها : " ومن ذريتى " قال الله تبارك وتعالى : " لا ينال عهدي الظالمين ".
فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال : " ووهبنا له إسحاق و يعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ".
فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال جل وتعالى : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين " فكانت له خاصة فقلدها صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان ، بقوله تعالى : " قال الذين اوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث " فهي في ولد علي عليه السلام خاصة إلى يوم القيامة ، إذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن أين يختار هؤلاء الجهال .
إن الإمامة هي منزلة الانبياء ، وإرث الأوصياء ، إن الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله ومقام أمير المؤمنين عليه السلام وميراث الحسن والحسين عليهما السلام إن الامامة زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين ، إن الإمامة أس الاسلام النامي ، وفرعه السامي ، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ، وتوفير الفئ والصدقات ، وإمضاء الحدود والاحكام ، ومنع الثغور والاطراف.
الإمام يحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذب عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، والحجة البالغة ، الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.
الإمام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع ، والنجم الهادي في غياهب الدجى وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار، الإمام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى ، والمنجي من الردى ، الإمام النار على اليفاع ، الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك ، من فارقه فهالك ، الإمام السحاب الماطر، والغيث الهاطل و والشمس المضيئة ، والسماء الظليلة ، والأرض البسيطة ، والعين الغزيرة ، والغدير والروضة.
الإمام الأنيس الرفيق ، والوالد الشفيق ، والأخ الشقيق ، والأم البرة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد الامام أمين الله في خلقه ، وحجته على عباده وخليفته في بلاده ، والداعي إلى الله ، والذاب عن حرم الله .
الإمام المطهر من الذنوب والمبرا عن العيوب ، المخصوص بالعلم ، المرسوم بالحلم ، نظام الدين ، وعز المسلمين وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين.
الإمام واحد دهره ، لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهاب.
فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام ، أو يمكنه اختياره ، هيهات هيهات ، ضلت العقول ، وتاهت الحلوم ، وحارت الالباب ، وخسئت العيون وتصاغرت العظماء ، وتحيرت الحكماء ، وتقاصرت الحلماء ، وحصرت الخطباء ، وجهلت الألباء ، وكلت الشعراء ، وعجزت الادباء ، وعييت البلغاء ، عن وصف شأن من شأن ه، أو فضيلة من فضائله ، وأقرت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف بكله ، أو ينعت بكنهه ، أو يفهم شئ من أمره ، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه ، لا كيف وأنى ؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين ، ووصف الواصفين ، فأين الاختيار من هذا ؟ وأين العقول عن هذا ؟ وأين يوجد مثل هذا ؟ ! أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد صلى الله عليه وآله كذبتهم والله أنفسهم ، ومنتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا ، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم ، راموا إقامة الامام بعقول حائرة بائرة ناقصة ، وآراء مضلة ، فلم يزدادوا منه إلا بعدا ، [قاتلهم الله أنى يؤفكون] ولقد راموا صعبا ، وقالوا إفكا ، وضلوا ضلالا بعيدا ، ووقعوا في الحيرة ، إذ تركوا الامام عن بصيرة ، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين.
رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته إلى اختيارهم والقرآن يناديهم : " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون " وقال عزوجل : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " الآية وقال : " ما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون * سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين"
وقال عزوجل : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " أم " طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون " أم " قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عنه الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون " أم " قالوا سمعنا وعصينا " بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، فكيف لهم باختيار الإمام ؟ ! والإمام عالم لا يجهل ، وراع لا ينكل ، معدن القدس والطهارة ، والنسك والزهاد ، والعلم والعبادة ، مخصوص بدعوة الرسول صلى الله عليه وآله ونسل المطهرة البتول ، لا مغمز فيه في نسب ، ولا يدانيه ذو حسب ، في البيت من قريش والذروة من هاشم ، والعترة من الرسول صلى الله عليه وآله والرضا من الله عزوجل ، شرف الاشراف ، والفرع من عبد مناف ، نامي العلم ، كامل الحلم ، مضطلع بالإمامة ، عالم بالسياسة ، مفروض الطاعة ، قائم بأمر الله عزوجل ، ناصح لعباد الله ، حافظ لدين الله .
إن الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم ، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى : " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون " وقوله تبارك وتعالى : " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " وقوله في طالوت: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم " وقال لنبيه صلى الله عليه وآله : " أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما " وقال في الأئمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته صلوات الله عليهم : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ".
وإن العبد إذا اختاره الله عزوجل لامور عباده ، شرح صدره لذلك ، وأودع قلبه ينابيع الحكمة ، وألهمه العلم إلهاما ، فلم يعي بعده بجواب ، ولا يحير يه عن الصواب ، فهو معصوم مؤيد ، موفق مسدد ، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده ، وساعده على خلقه ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه، تعدوا - وبيت الله - الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ، وفي كتاب الله الهدى والشفاء ، فنبذوه واتبعوا أهواءهم ، فذمهم الله ومقتهم وأتعسهم فقال جل وتعالى : " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين " وقال : " فتعسا لهم وأضل أعمالهم " وقال : " كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار" وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم تسليما كثيرا )).
2- عن إسحاق بن غالب ، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الائمة عليه السلام و صفاتهم :
(( أن الله عزوجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه ، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه ، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ، فمن عرف من امة محمد صلى الله عليه وآله واجب حق إمامه ، وجد طعم حلاوة إيمانه ، وعلم فضل طلاوة إسلامه ، لأن الله تبارك وتعالى نصب الإمام علما لخلقه ، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه ، وألبسه الله تاج الوقار ، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء ، ولا ينقطع عنه مواده ، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه ، ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته ، فهو عالم بما يرد عليه من متلبسات الدجى ، ومعميات السنن ، ومشبهات الفتن ، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السلام من عقب كل إمام ، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ، ويرضي بهم لخلقه ويرتضيهم ، كل ما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما ، علما بينا ، وهاديا نيرا ، وإماما قيما ، وحجة عالما ، أئمة من الله ، يهدون بالحق وبه يعدلون ، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه ، يدين بهديهم العباد وتستهل بنورهم البلاد ، وينمو ببركتهم التلاد ، جعلهم الله حياة للانام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام ، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها.
فالإمام هو المنتجب المرتضى ، والهادي المنتجى ، والقائم المترجى ، اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه ، وفي البرية حين برأه ، ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه ، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده ، اختاره بعلمه ، وانتجبه لطهره ، بقية من آدم عليه السلام وخيرة من ذرية نوح ، ومصطفى من آل إبراهيم ، وسلالة من إسماعيل ، وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله لم يزل مرعيا بعين الله ، يحفظه ويكلؤه بستره ، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده ، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق ، مصروفا عنه قوارف السوء ، مبرءا من العاهات ، محجوبا عن الآفات ، معصوما من الزلات ، مصونا عن الفواحش كلها ، معروفا بالحلم والبر في يفاعه ، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسندا إليه أمر والده ، صامتا عن المنطق في حياته.
فإذا انقضت مدة والده ، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته ، وجاءت الارادة من الله فيه إلى محبته ، وبلغ منتهى مدة والده عليه السلام فمضى وصار أمر الله إليه من بعده ، وقلده دينه ، وجعله الحجة على عباده ، وقيمه في بلاده ، وأيده بروحه ، وآتاه علمه ، وأنبأه فصل بيانه ، واستودعه سره ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأنبأه فضل بيان علمه ، ونصبه علما لخلقه ، وجعله حجة على أهل عالمه ، وضياء لاهل دينه ، والقيم على عباده ، رضي الله به إماما لهم ، استودعه سره ، واستحفظه علمه ، واستخبأه حكمته واسترعاه لدينه وانتدبه لعظيم أمره ، وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده ، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل ، وتحيير أهل الجدل ، بالنور الساطع ، والشفاء النافع ، بالحق الابلج ، والبيان اللائح من كل مخرج ، على طريق المنهج ، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهم السلام ، فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي ، ولا يجهده إلا غوي ، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا )).
ثالث عشر : باب أن الأئمة عليهم السلام ولاة الأمر
وهم الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عزوجل :
1- عن بريد العجلي قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم " فكان جوابه : " ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا " يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا " أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا * أم لهم نصيب من الملك - يعني الإمامة والخلافة - فاذا لا يؤتون الناس نقيرا " نحن الناس الذين عنى الله ، والنقير النقطة التي في وسط النواة " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " يقول : جعلنا منهم الرسل والانبياء والائمة ، فكيف يقرون به في آل إبراهيم عليه السلام وينكرونه في آل محمد صلى الله عليه وآله " فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا * إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما )).
2- عن محمد بن الفضيل :
(( عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " قال : نحن المحسودون )).
3- عن محمد الأحول ، عن حمران بن أعين قال :
(( قلت لأبي عبدالله عليه السلام : قول الله عزوجل : " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب "؟ فقال: النبوة، قلت : " الحكمة " ؟ قال : الفهم والقضاء ، قلت : " وآتيناهم ملكا عظيما "؟ فقال : الطاعة )).
4- عن أبي الصباح قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " فقال : يا أبا الصباح نحن والله الناس المحسودون )).
5 - عن بريد العجلي :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " قال : جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون في آل إبراهيم عليه السلام وينكرونه في آل محمد ؟ ! صلى الله عليه وآله قال : قلت : " وآتيناهم ملكا عظيما " ؟ قال : الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم )).
رابع عشر : باب أن الأئمة عليهم السلام هم العلامات
التي ذكرها الله عزوجل في كتابه :
1- حدثنا داود الجصاص قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : " وعلامات و بالنجم هم يهتدون " قال : النجم رسول الله صلى الله عليه وآله والعلامات هم الأئمة عليهم السلام )) .
2- عن أسباط بن سالم قال :
(( سأل الهيثم أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن قول الله عزوجل : " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله النجم ، والعلامات هم الأئمة عليهم السلام )).
3- عن الوشاء قال:
(( سألت الرضا عليه السلام عن قول الله تعالى : " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " قال : نحن العلامات والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله )).
خامس عشر : باب أن الآيات التي ذكرها الله عزوجل في كتابه هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن داود الرقي قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى : " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " قال : الآيات هم الائمة ، والنذر هم الأنبياء عليهم السلام )).
2- عن يونس بن يعقوب رفعه :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " كذبوا بآياتنا كلها " يعني الأوصياء كلهم )).
3- عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قلت له : جعلت فداك إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية " عم يتساءلون عن النبإ العظيم " قال : ذلك إلي إن شئت أخبرتهم وإن شئت لم اخبرهم ، ثم قال : لكني أخبرك بتفسيرها ، قلت : " عم يتساءلون " ؟ قال : فقال : هي في أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : ما لله عزوجل آية هي أكبر مني ولا لله من نبإ أعظيم مني )).
سادس عشر : باب ما فرض الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله من الكون مع الأئمة عليهم السلام :
1- عن بريد بن معاوية العجلي قال :
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال إيانا عنى )).
2- عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
(( سألته عن قول الله عزوجل : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال: الصادقون هم الأئمة والصديقون بطاعتهم )).
3- عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أحب أن يحيى حياة تشبه حياة الانبياء ، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء ويسكن الجنان التي غرسها الرحمن فليتول عليا وليوال وليه وليقتد بالائمة من بعده ، فإنهم عترتي خلقوا من طينتى ، اللهم أرزقهم فهمي وعلمي ، وويل للمخالفين لهم من أمتي ، اللهم لا تنلهم شفاعتي )).
4- عن أبي حمزة الثمالي قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى يقول : استكمال حجتي على الاشقياء من أمتك : من ترك ولاية علي ووالى أعداءه ، وأنكر فضله وفضل الاوصياء من بعده ، فإن فضلك فضلهم ، وطاعتك طاعتهم ، وحقك حقهم ، ومعصيتك معصيتهم ، وهم الأئمة الهداة من بعدك ، جرى فيهم روحك وروحك ما جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك وقد أجرى الله عزوجل فيهم سنتك وسنة الأنبياء قبلك ، وهم خزاني على علمي من بعدك ، حق علي لقد اصطفيتم وانتجبتهم وأخلصتهم وارتضيتهم ، ونجى من أحبهم ووالاهم وسلم لفضلهم ، ولقد آتاني جبرئيل عليه السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم )).
5 - عن أبان بن تغلب قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أراد أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن التي غرسها الله ربي بيده ، فليتول علي بن أبي طالب وليتول وليه ، وليعاد عدوه ، وليسلم للاوصياء من بعده ، فإنهم عترتي من لحمي ودمي ، أعطاهم الله فهمي وعلمي ، إلى الله أشكو [أمر] امتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطعين فيهم صلتي ، وأيم الله ليقتلن ابني لا أنالهم الله شفاعتي )).
6- عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من سره أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنة التي وعدنيها ربي ويتمسك بقضيب غرسه ربي بيده فليتول علي بن أبي طالب عليه السلام وأوصياءه من بعده ، فإنهم لا يدخلونكم في باب ضلال ، ولا يخرجونكم من باب هدى ، فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم وإني سألت ربي ألا يفرق بينهم وبين الكتاب حتى يردا علي الحوض هكذا - وضم بين أصبعيه - وعرضه ما بين صنعاء إلى أيلة ، فيه قد حان فضة وذهب عدد النجوم )).
7- عن الفضيل بن يسار قال : قال أبوجعفر عليه السلام :
(( وإن الروح والراحة والفلج والعون والنجاح والبركة والكرامة والمغفرة والمعافاة واليسر والبشرى والرضوان والقرب والنصر والتمكن والرجاء والمحبة من الله عز وجل لمن تولى عليا وائتم به ، وبرئ من عدوه ، وسلم لفضله وللاوصياء من بعده ، حقا علي أن أدخلهم في شفاعتي وحق على ربي تبارك وتعالى أن يستجيب لي فيهم ، فإنهم أتباعي ومن تبعني فإنه مني )).
سابع عشر : باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن عبد الله بن عجلان :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الذكر أنا والائمة أهل الذكر، وقوله عزوجل : " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " قال أبوجعفر عليه السلام : نحن قومه ونحن المسؤولون )).
2- عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال : الذكر محمد صلى الله عليه وآله ونحن أهله المسؤولون ، قال: قلت : قوله : " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " قال : إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون )).
3- عن الوشاء قال:
(( سألت الرضا عليه السلام فقلت له : جعلت فداك " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " ؟ فقال : " نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون ، قلت : فأنتم المسؤولون ونحن السائلون ؟ قال : نعم ، قلت : حقا علينا أن نسألكم ؟ قال : نعم ، قلت : حقا عليكم أن تجيبونا ؟ قال : لا ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل ، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " )).
4- عن أبي بصير :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " فرسول الله صلى الله عليه وآله الذكر وأهل بيته عليه السلام المسؤولون وهم أهل الذكر )).
5 - عن الفضيل :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " قال : الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤولون )).
6- عن أبي بكر الحضرمي ، قال :
(( كنت عند أبي جعفر عليه السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال : جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسألة ما تحضرني منها مسألة واحدة ، قال : ولا واحدة يا ورد ؟ قال : بلى قد حضرني منها واحدة ، قال وما هي قال : قول الله تبارك وتعالى : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " من هم ؟ قال : نحن قال : قلت : علينا أن نسألكم ؟ قال : نعم ، قلت : عليكم أن تجيبونا ؟ قال : ذاك إلينا )).
7- عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إن من عندنا يزعمون أن قول الله عزوجل : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " أنهم اليهود والنصارى ، قال : إذا يدعونكم إلى دينهم ! قال : - قال بيده إلى صدره - نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون )).
8- عن الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : قال علي بن الحسين عليه السلام على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم ، وعلى شيعتنا ما ليس علينا ، أمرهم الله عزوجل أن يسألونا ، قال : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب ، إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا )).
9- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال :
(( كتبت إلى الرضا عليه السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت : قال الله عزوجل : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وقال الله عزوجل : " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذورا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " فقد فرضت عليهم المسألة ، ولم يفرض عليكم الجواب ؟ قال : قال الله تبارك وتعالى : " فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواء هم ومن أضل ممن اتبع هواه " )).
ثامن عشر : باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن جابر :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب " قال أبوجعفر عليه السلام : إنما نحن الذين يعلمون والذين لا يعلمون عدونا وشيعتنا أولو الالباب " ))
2- عن جابر :
(( عن أبي جعفر (ع) في قوله عزوجل " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب " قال : نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون ، وشيعتنا اولو الالباب )).
تاسع عشر : باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
(( نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله )).
2- عن بريد بن معاوية :
(( عن أحدهما عليهما السلام في قوله الله عزوجل : " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " فرسول الله صلى الله عليه وآله أفضل الراسخين في العلم ، قد علمه الله عزوجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله ، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم ، فأجابهم الله بقوله " يقولون آمنا به كل من عند ربنا " والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، فالراسخون في العلم يعلمونه )).
3- عن عبد الرحمن بن كثير:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمة من بعده عليهم السلام )).
انتهينا في المقال السابق إلي توضيح أهم معتقدات الشيعة التي يخالفون فيها غيرهم من المسلمين , والحقيقة أنه يمكن القول أن الإمامة عند الشيعة تنطوي علي كل هذه المعتقدات وأضعافها .
الإمامة عند الشيعة يمكن أن نسميها " نظرية الإمامة " أو إن شئت " مشروع الإمامة " ، لأنها مشروع سياسي متكامل الأركان يهدف إلي احتكار فئة معينة من المسلمين لحكم باقي المسلمين والسيطرة علي ثرواتهم ، بل حكم الأرض ومن عليها ، ورغم أن من صاغوا مشروع الإمامة ووضعوا لها الأحاديث وأوَّلوا لها الآيات لا يُعرف لهم نسب إلا أنهم يحصرون الحكم في آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم ، ثم يقصرون الحكم علي سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن يليه من ذريته من السيدة فاطمة رضي الله عنها من بعده .
ولكي يصل الشيعة إلي هذه النتائج كان لابد أن يتحول الحكم من وصفه كشأن من شئون الدنيا يخص عامة المسلمين ، ومن ثم يختارون من يحكمهم ويدير شئونهم ويحفظ دينهم وأرضهم وعرضهم وأموالهم بالشوري والبيعة ، نقول كان لابد أن يتحول الحكم إلي وظيفة لها قداسة خاصة لا تتوفر إلا في فئة معينة من المسلمين ، ولا يتأتي للبشر مسلمين أو غيرهم أن يختاروا هذا الحاكم صاحب القداسة ، ولا يمكن أن يختاره إلا خالقه ، وآلية تعيينه إلهية فهي إما وصية من النبي صلي الله عليه وسلم لمن بعده ، أو وصية من كل إمام لمن يخلفه.
الإمام إذن عند الشيعة هو من يقوم مقام النبي صلي الله عليه وسلم ، فكما أن النبي صلي الله عليه وسلم ومن سبقه من الأنبياء كانوا حجة علي الناس لأنهم أبلغوا الرسالة ، فكذلك لابد من إمام في كل زمن ليكون حجة علي الناس ، ولا يخلو عندهم زمن من الأزمان من الحجة .
وعلي ضوء ذلك فالنبي صلي الله عليه وسلم وفقا للشيعة معصوم من كل خطأ صغيرا كان أو كبيرا ، ومثله الإمام معصوم من كل خطأ صغيرا كان أو كبيرا ، والإمام موصوف بأوصاف تكاد أن تجعل منه إلها أو بالأدني موصوفا بصفات إلهية فهو يعلم الغيب وهو يجمع العلوم من عهد آدم وحتي تقوم الساعة وهو لا يخطئ ، والإمام لا يختاره المسلمون وأنّي لهم أن يختاروه وإنما يختاره ربه ، وتعيين الإمام الأول من منظورهم " سيدنا علي بن أبي طالب " تم بوصية النبي صلي الله عليه وسلم ، ثم أوصي سيدنا علي بن أبي طالب لإبنيه الحسن والحسين رضي الله عنهما وحفيده علي بن الحسين ، وهكذا يوصي كل إمام لمن بعده ، وحين سقطت نظرية الإمامة - وهي ساقطة منذ وضعها - والتي كانت تزعم أن الإمامة سوف تظل تنتقل في ذرية سيدنا علي حتي يوم القيامة - باختفاء الإمام الثاني عشر وانقطاع سلسلة توريث الأئمة - ، تحول الإمام الثاني عشر إلي شخصية أسطورية اختفت لتعود يوما ما لتملأ الأرض عدلا ورخاءً " المهدي المنتظر ".
وأنا لم أبدأ بعد في تفنيد " مشروع الإمامة " والرد عليه ، وإنما هي مجرد مقدمة يستعين بها القارئ أثناء قراءة تلك الأحاديث الموضوعة والتي تم استخدامها لفبركة مشروع الإمامة السلطوي ، وفيما يلي تلك الأحاديث التي انطوي عليها كتاب " الحجة " وهو جزء من كتاب " الكافي " وهو أهم مرجع لدي الشيعة علي الإطلاق ، علي أن تأخذ أخي القارئ في الاعتبار وأنت تقرأ هذه الأحاديث ما يلي :
1- أن ما سأعرضه نقلا عن كتاب " الحجة " والذي هو جزء من كتاب " الكافي " إنما سأعرضه كما هو بعناوينه وتفاصيله وما جاء فيه من أحاديث دون تدخل أو أي إضافة أو حذف .
2- أن الأحاديث لدي الشيعة لا تقتصر علي أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم ، وإنما هم يرون أن السنة تشمل أقوال وأفعال الأئمة الاثني عشر والذين لا يقولون شيئا إلا نقلا عن النبي (ص) ، وكان لابد أن يفعلوا ذلك حتي يستطيعوا صياغة مشروع الإمامة ذلك أن القرآن الكريم وسنة النبي (ص) لا يمكن أن تفرز هذه النظرية العنصرية الاستبدادية التي تقوم علي اعتبار النبوة ميراث مالي أو عقاري يؤول لورثة كل نبي .
3- أرجو ملاحظة حجم العنصرية في " مشروع الإمامة " فيما تدعيه الأحاديث المعروضة وما تنسبه لآل البيت الكرام لاسيما ذرية سيدنا علي بن أبي طالب وما لديهم من علوم وأسرار ليست لدي غيرهم ، وآل بيت رسول الله (ص) لاشك في مكانتهم ولا منازعة في محبتهم ، ولكن ما ورد في أحاديث الشعية شيئ آخر من المبالغات التي لا تتفق مع ثوابت الإسلام كالحديث عن مصحف خاص بالسيدة فاطمة رضي الله عنها وعن صحيفة الجامعة التي أملاها النبي (ص) علي حد زعمهم وعن الجفر الأحمر والجفر الأبيض وغير ذلك من الأكاذيب كثير ، لدرجة أن يصل الأمر بهم إلي تحريف آيات القرآن الكريم لإضافة عبارات لتخصيص الآيات الكريمة لآل البيت أو ولاية سيدنا علي ويقولون في ختام الحديث الموضوع وهكذا نزلت الآية ، ويصل بهم الأمر إلي تفسير بعض الآيات علي أنها رواية لما حدث بين سيدنا علي رضي الله عنه ومعاوية بن أبي سفيان .
4- أرجو ملاحظة ما جاء في بعض أحاديثهم الموضوعة من أن الأئمة فقط هم من جمعوا القرآن الكريم كاملا ، وكان هدفهم من ذلك أن يضيفوا لآيات القرآن الكريم ما شاءوا من أكاذيب تدعم مشروع الإمامة السياسي ، وسوف تقرأون العديد من الأحاديث تنطوي علي إضافات للآيات الكريمة وينتهي الحديث بعبارة وهكذا نزلت الآية .
5- أرجو ملاحظة التناقض في الأحاديث الخاصة بإثبات وصايا الأئمة لمن يخلفهم ، ومن أمثلة ذلك ما ورد من أحاديث عن وصية سيدنا علي لابنه الحسن رضي الله عنه .
6- أرجو ملاحظة الاختلاف بين ما بدأت به نظرية الإمامة من أن تعيين الأئمة من ذرية سيدنا علي مستمر حتي قيام الساعة لإصلاح أحوال البلاد والعباد باعتبار أن الإمام حجة علي الناس كافة وأنه لا يخلو زمن من الإمام الحجة ، ثم ما آلت إليه النصوص بعد غياب الإمام الثاني عشر .
7- أرجو ملاحظة الجانب الاقتصادي في " مشروع الإمامة " والذي ورد تحت عنوان " باب أن الأرض كلها للإمام عليه السلام " .
8- أرجو من كل مسلم شيعي أو سني الإجابة علي سؤال هام :
إذا كنا سنثق في عصمة الأئمة وأن حكمهم وقراراتهم بالتبعية من أمر الله عز وجل ، وأن أقوالهم سنة تأخذ حكم أقوال النبي (ص) فكيف سنثق في الرواة الذين نقلوا لنا هذه الأحاديث وأذكر منهم ( سمَّاعة وابن أذينة والأحول وابن أعين وأبي بصير وزرارة وعن بعض أصحابنا ورجل ) لاسيما حين يقول محقق النسخة التي نقلت عنها في الهامش أن العبارة الفلانية وردت في نسخة فلان بصيغة كذا ، وحين ينقل أحد الرواة عن شخص ويقول أنه لا يذكر اسمه أو يروي رواية عن رجل من مكة أو من بلاد كذا ؟؟.
9- أرجو ملاحظة الأحاديث الطويلة المصاغة بأسلوب جيد لتؤكد لنا أن الأمر ليس مجرد راوي روي لنا حديثا سمعه ، وإنما هي نصوص موضوعة بعد بحث وتدقيق لتحسين الرواية ومحاولة إقناع القارئ أو السامع بما تنطوي عليه من مضامين .
10- أرجو ملاحظة كم الخرافات الواردة فيما لدي الأئمة من علوم والتي تشمل حسب زعمهم جميع العلوم من عهد آدم وحتي الآن وما يستجد كالحرف الذي يفتح ألف حرف والألف باب التي علمها النبي (ص) - علي حد زعمهم - لسيدنا علي وكل باب منهم يفتح ألف باب دون أن يكون من بين آلاف الأبواب بابا ينتج لنا اختراعا من الاختراعات الحديثة التي شهدها العالم فيما بعد ، والإمام الذي يتحدث كل اللغات وغير ذلك كثير ، وملاحظة كم القداسة التي تفرضها النصوص للإمام باعتبار أن الله عز وجل قد خلقه خلقا مغايرا لباقي البشر في بدنه وروحه ، والمعجزات التي تصاحب ميلاده ، وما يجب له من طاعة عمياء مطلقة .
11- لنأخذ أيضا في الاعتبار أن الإمامة ترتب عليها نظرية ولاية الفقيه التي تهيمن علي النظام القانوني لدولة إيران بما تقوم به من ممارسات وتشنه من حروب علي الدول الإسلامية المجاورة دون سند لها سوي مشروع الإمامة .
12- أرجو بعد قراءة مشروع الإمامة من كل مسلم عاقل ، أن يسأل نفسه هل من المقبول أن يصبح مصير العالم رهنا بمثل هذه النظرية ، وأن الإمام الذي يمتد سلطانه للعالم أجمع باعتباره حسب زعمهم حجة الله عز وجل علي الناس كافة في زمانه أو حتي بالأدني مسلمي العالم أن يتم تعيينه بهذه الطريقة بوصية من إمام لمن يليه دون دخل ولا إرادة لأي شعب من الشعوب الإسلامية التي سيحكمها ، وكلما مات إمام يبحث الناس عن شهود ليعرفوا لمن أوصي الإمام الراحل ، وأن يكون من المقبول أن يكون سن الإمام وفقا للنصوص المعروضة خمس سنوات ، هل يمكن أن يترتب علي مثل هذه الأقاويل خير للمسلمين .
13- أرجو من كل مسلم عاقل شيعي أو سني أن يسأل نفسه :
هل يستطيع أن يجزم بأن من وضعوا نظرية الإمامة ينتمون إلي آل بيت النبي (ص)؟ أو يجزم بأن شيعة إيران الذين يستخدمون " مشروع الإمامة " الآن لبناء إمبراطورية تبتلع الدول الإسلامية المجاورة لها ، هل يستطيع أن يجزم بأنهم ينتمون إلي آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم ؟ .
14- إذا كان الله عز وجل علي حد زعمهم قد زود الأئمة من ذرية سيدنا علي بهذه الإمكانات ، قداسة ، وعلوم الدنيا كلها ، ولغات الدنيا كلها بقصد إصلاح أحوال البلاد والعباد ، فلماذا كانت حقب الأئمة هي أصعب أوقات المسلمين التي لم تتوقف فيها الحروب ، ومات فيها ألوف من الصحابة الكثير منهم من حفظة القرآن الكريم ، وكيف يتنازل أحدهم عن وظيفة مفروضة عليه من الله عز وجل ، ولماذا يكون بعض الأئمة ظاهر ولا يحكم وبعضهم يتخفي علي نحو ما جاء في الأحاديث التي ستأتي أدناه .
وبعد أن تلاحظوا معي تلك الملاحظات التي أوردتها أعلاه شاركوني العجب والدهشة من أن تكون هذه النصوص التي ستقرأونها هي سبب انقسام العالم الإسلامي إلي شيعة وسنة ، وأنها سبب حروب مستمرة من بعد وفاة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وحتي الآن ، أي منذ أكثر من ألف عام ترتب عليها موت الملايين من المسلمين الأبرياء ، ولازال يترتب عليها ما يحدث من مجازر بين الشيعة والسنة في العراق وسوريا واليمن والبحرين والكويت وأماكن لا تحصي ولا تعد ، وهو الأمر الذي دعاني وأنا في السجن في غرفة ضيقة لا تدخلها الشمس ولا يدخلها الهواء أن أفكر في كتابة هذه السلسلة من المقالات تحت عنوان " هل يفعلها الشيعة والسنة كما فعلها قسطنطين وثيودوسيوس ".
وفيما يلي ما رواه كتاب " الحجة " والذي هو جزء من كتاب " الكافي " والذي هو من أهم مراجع الشيعة علي الإطلاق من نصوص تحدد لنا نظرية الإمامة أو مشروع الإمامة السياسي السلطوي الاقتصادي :
أولا : باب أن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام :
1- عن العبد الصالح عليه السلام قال :
(( إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف )).
2- عن الحسن بن علي الوشاء قال : سمعت الرضا عليه السلام يقول : إن أبا عبد الله عليه السلام قال :
(( إن الحجة لا تقوم لله عزوجل على خلقه إلا بإمام حتى يعرف )).
3- عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بإمام حتى يعرف )).
4- عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام :
(( الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق )).
ثانيا : باب أن الأرض لا تخلو من حجة :
1- عن الحسين بن أبي العلاء قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : تكون الأرض ليس فيها إمام ؟ قال : لا ، قلت : يكون إمامان ؟ قال : لا إلا وأحدهما صامت )).
2- عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام ، كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردهم ، وإن نقصوا شيئا أتمه لهم )).
3- عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( ما زالت الأرض إلا ولله فيها الحجة ، يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله )).
4 - عن أبى عبد الله عليه السلام قال :
(( قلت له : تبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لا )) .
5 - عن أحدهما عليهما السلام قال :
(( قال : إن الله لم يدع الأرض بغير عالم ولولا ذلك لم يعرف الحق من الباطل )).
6 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن الله أجل و أعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل )).
7 - عن أبي إسحاق ، عمن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال :
(( اللهم إنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك )).
8 - عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( والله ما ترك الله أرضا منذ قبض آدم عليه السلام إلا وفيها إمام يهتدي به إلى الله وهو حجته على عباده ، ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده )).
9 -عن أبي علي بن راشد قال : قال أبو الحسن عليه السلام :
(( إن الأرض لا تخلو من حجة وأنا والله ذلك الحجة )).
10 - عن أبي حمزة قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أتبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت )).
11- عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( قلت له : أتبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لا ، قلت : فإنّا نروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنها لا تبقى بغير إمام إلا أن يسخط الله تعالى على أهل الارض أو على العباد ، فقال : لا ، لا تبقى إذا لساخت )).
12- عن أبي هراسة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( لو أن الإمام رُفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها ، كما يموج البحر بأهله )).
13- عن الوشاء قال :
(( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام هل تبقى الأرض بغير إمام ؟ قال : لا قلت : إنا نروي أنها لا تبقى إلا أن يسخط الله عز وجل على العباد ؟ قال : لا تبقى إذا لساخت )).
ثالثا : باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة :
1- عن ابن الطيار قال :
(( سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة )) .
2 -عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( لو بقي اثنان لكان أحدهما الحجة على صاحبه )).
3 - عن كرام قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام وقال : إن آخر من يموت الإمام ، لئلا يحتج أحد على الله عزوجل أنه تركه بغير حجة لله عليه )).
4 - عن حمزة بن الطيار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة - أو الثاني الحجة - الشك من أحمد بن محمد )).
5 - عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول :
(( لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان الإمام أحدهما )).
رابعا : باب معرفة الإمام والرد اليه :
1- عن أبي حمزة قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام :
(( إنما يعبد الله من يعرف الله ، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالا قلت : جعلت فداك فما معرفة الله ؟ قال : تصديق الله عزوجل وتصديق رسوله صلى الله عليه وآله وموالاة علي عليه السلام والائتمام به وبأئمة الهدى عليهم السلام والبراءة إلى الله عزوجل من عدوهم ، وهكذا يعرف الله عزوجل )).
2- عن ابن أذينة قال: حدثنا غير واحد ، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال :
(( لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه ، ويرد إليه ويسلم له ، ثم قال : كيف يعرف الآخر وهو يجهل الأول ؟ ! )).
3- عن زرارة قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق ؟ فقال : إن الله عزوجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله إلى الناس أجمعين رسولا و حجة لله على جميع خلقه في أرضه ، فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله واتبعه وصدقه فإن معرفة الإمام منا واجبة عليه ، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ويعرف حقهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما ؟ ! قال : قلت : فما تقول فيمن يؤمن بالله ورسوله ويصدق رسوله في جميع ما أنزل الله ، يجب على أولئك حق معرفتكم ؟ قال : نعم أليس هؤلاء يعرفون فلانا وفلانا قلت : بلى ، قال : أترى أن الله هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء ؟ والله ما أوقع ذلك في قلوبهم إلا الشيطان ، لا والله ما ألهم المؤمنين حقنا إلا الله عزوجل )).
4 - عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
(( إنما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت ومن لا يعرف الله عزوجل و [لا] يعرف الإمام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا )).
5 - عن ذريح قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وآله فقال : كان أمير المؤمنين عليه السلام إماما ، ثم كان الحسن عليه السلام إماما ثم كان الحسين عليه السلام إماما ، ثم كان علي بن الحسين إمام ، ثم كان محمد بن علي إماما ، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم قال : قلت : ثم أنت جعلت فداك ؟ - فأعدتها عليه ثلاث مرات - فقال لي : إني إنما حدثتك لتكون من شهداء الله تبارك وتعالى في أرضه )).
6- عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إنكم لا تكونون صالحين حتى تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة لا يصلح أولها إلا بآخرها ، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلا العمل الصالح ولا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط والعهود ، فمن وفى لله عزوجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل [ما] وعده ، إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار وأخبرهم كيف يسلكون ، فقال : " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " وقال : " إنما يتقبل الله من المتقين " فمن اتقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله ، هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا ، وأشركوا من حيث لا يعلمون .
إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى ، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله ، وطاعة رسوله بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الإقرار بما أنزل من عند الله عزوجل ، خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، فانه أخبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار، إن الله قد استخلص الرسل لأمره ، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره ، فقال : " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " تاه من جهل ، واهتدى من أبصر وعقل ، إن الله عزوجل يقول : " فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور " وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم يتدبر؟ اتبعوا رسول الله وأهل بيته وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى ، فإنهم علامات الإمامة والتقى واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى ابن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن ، اقتصوا الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم )).
7 - عن ربعي بن عبد الله ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :
(( أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب ، فجعل لكل شئ سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علما ، وجعل لكل علم بابا ناطقا ، عرفه من عرفه ، وجهله من جهله ، ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن )).
8 - عن محمد بن مسلم قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : كل من دان الله عزوجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ، وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله ، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها ، فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها ، فحنت إليها واغترت بها ، فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعى قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها ، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها ، فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي : الحقي براعيك ، وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك ، فهجمت ذعرة ، متحيرة ، تائهة ، لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها ، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها ، فأكلها ، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عزوجل ظاهر عادل ، أصبح ضالا تائها ، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق ، واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ، لا يقدرون مما كسبوا على شئ ، ذلك هو الضلال البعيد )).
9 - عن مقرن قال ، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين " وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ؟ فقال نحن على الأعراف ، نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذي لا يعرف الله عز وجل إلا بسبيل معرفتنا ، ونحن الأعراف يعرفنا الله عزوجل يوم القيامة على الصراط ، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه .
إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا ، فإنهم عن الصراط لناكبون ، فلا سواء من اعتصم الناس به ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض ، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها ، لا نفاد لها ولا انقطاع )).
10 - عن أبي حمزة قال : قال أبو جعفر عليه السلام :
(( يا أبا حمزة يخرج أحدكم فراسخ فيطلب لنفسه دليلا وأنت بطرق السماء أجهل منك بطرق الأرض ، فاطلب لنفسك دليلا )).
11 - عن أبي بصير:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " فقال : طاعة الله ومعرفة الإمام )).
12- عن أبي بصير قال :
(( قال لي أبو جعفر عليه السلام : هل عرفت إمامك ؟ قال : قلت : إي والله ، قبل أن أخرج من الكوفة ، فقال : حسبك إذا )).
13- عن بريد قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى : " أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس " فقال : " ميت " لا يعرف شيئا و" نورا يمشي به في الناس ": إماما يؤتم به " كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " قال : الذي لا يعرف الإمام )).
14- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال أبو جعفر عليه السلام : دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين فقال عليه السلام : يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل : " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون " ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك ، فقال : الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ، ثم قرأ عليه هذه الآية )).
خامسا : باب فرض طاعة الائمة :
1- عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للإمام بعد معرفته ، ثم قال : إن الله تبارك وتعالى يقول : " من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا " )).
2 - عن أبي الصباح قال : أشهد أني سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( أشهد أن عليا إمام فرض الله طاعته وأن الحسن إمام فرض الله طاعته وأن الحسين إمام فرض الله طاعته وأن علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته وأن محمد بن علي إمام فرض الله طاعته )).
3 - عن بشير العطار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( نحن قوم فرض الله طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته )).
4 - عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل : " وآتيناهم ملكا عظيما " قال : الطاعة المفروضة )).
5 - عن أبي الحسن العطار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( أشرك بين الأوصياء و الرسل في الطاعة )).
6- أبي الصباح الكناني قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( نحن قوم فرض الله عزوجل طاعتنا ، ولنا صفوا المال ونحن الراسخون في العلم ، ونحن المحسودون الذين قال الله : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله )).
7 - عن الحسين بن أبي العلاء قال :
(( ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام قولنا في الأوصياء أن طاعتهم مفترضة قال : فقال : نعم ، هم الذين قال الله تعالى : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وهم الذين قال الله عزوجل : " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " )).
8 - عن معمر بن خلاد قال :
(( سأل رجل فارسي أبا الحسن عليه السلام فقال : طاعتك مفترضة ؟ فقال : نعم ، قال : مثل طاعة علي ابن أبي طالب عليه السلام ؟ فقال : نعم )).
9 - عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سألته عن الأئمة هل يجرون في الأمر والطاعة مجرى واحد ؟ قال : نعم )).
10 - عن محمد بن زيد الطبرى قال : كنت قائما على رأس الرضا عليه السلام بخراسان وعنده عدة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي فقال :
(( يا إسحاق بلغني أن الناس يقولون : إنا نزعم أن الناس عبيد لنا ، لا وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله ما قلته قط ولا سمعته من آبائي قاله ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله ، ولكني أقول : الناس عبيد لنا في الطاعة ، موال لنا في الدين ، فليبلغ الشاهد الغائب )).
11- عن أبي سلمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمعته يقول :
(( نحن الذين فرض الله طاعتنا ، لا يسع الناس إلا معرفتنا ولا يعذر الناس بجهالتنا ، من عرفنا كان مؤمنا ، ومن أنكرنا كان كافرا ، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء )).
12 - عن محمد بن الفضيل قال :
(( سألته عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عزوجل ، قال : أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عزوجل طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولي الأمر، قال أبو جعفر عليه السلام : حبنا إيمان وبغضنا كفر )).
13- عن إسماعيل بن جابر، قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : أعرض عليك ديني الذي أدين الله عزوجل به ؟ قال : فقال : هات .. قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله وأن عليا كان إماما فرض الله طاعته ، ثم كان بعده الحسن إماما فرض الله طاعته ، ثم كان بعده الحسين إماما فرض الله طاعته ، ثم كان بعده علي بن الحسين إماما فرض الله طاعته حتى انتهى الأمر إليه ، ثم قلت : أنت يرحمك الله ؟ قال : فقال : هذا دين الله ودين ملائكته )).
14- عن أبي إسحاق ، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال :
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام : اعلموا أن صحبة العالم واتباعه دين يدان الله به ، وطاعته مكسبة للحسنات ممحات للسيئات وذخيرة للمؤمنين ورفعة فيهم في حياتهم وجميل بعد مماتهم )).
15- عن منصور ابن حازم قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله ، قال : صدقت ، قلت إن من عرف أن له ربا ، فقد ينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا ، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول ، فمن لم يأته الوحي فينبغي له أن يطلب الرسل فاذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن لهم الطاعة المفترضة ، فقلت للناس : أليس تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان هو الحجة من الله على خلقه ؟ قالوا : بلى ، قلت : فحين مضى صلى الله عليه وآله من كان الحجة ؟ قالوا : القرآن فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتي يغلب الرجال بخصومته ، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ، فما قال فيه من شئ كان حقا فقلت لهم : من قيم القرآن قالوا : ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم ، قلت : كله ؟ قالوا لا، فلم أجد أحدا يقال إنه يعلم القرآن كله إلا عليا صلوات الله عليه وإذا كان الشئ بين القوم فقال هذا : لا أدري وقال هذا : لا أدري وقال هذا لا أدري ، وقال هذا : أنا أدري ، فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن ، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأن ما قال في القرآن فهو حق ، فقال رحمك الله ، فقلت : إن عليا عليه السلام لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأن الحجة بعد علي الحسن بن علي وأشهد على الحسن أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وجده وأن الحجة بعد الحسن الحسين وكانت طاعته مفترضة فقال : رحمك الله ، فقبلت رأسه وقلت : وأشهد على الحسين عليه السلام أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده علي بن الحسين وكانت طاعته مفترضة ، فقال : رحمك الله ، فقبلت رأسه وقلت : وأشهد على علي بن الحسين أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده محمد بن علي أبا جعفر وكانت طاعته مفترضة ، فقال : رحمك الله ، قلت : أعطني رأسك حتى أقبله فضحك ، قلت : أصلحك الله قد علمت أن أباك لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وأشهد بالله أنك أنت الحجة وأن طاعتك مفترضة ، فقال : كف رحمك الله ، قلت : أعطني رأسك أقبله فقبلت رأسه فضحك وقال : سلني عما شئت ، فلا أنكرك بعد اليوم أبدا )).
16 - عن الحسين بن أبي العلاء قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الأوصياء طاعتهم مفترضة ؟ قال : نعم هم الذين قال الله عزوجل : " أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وهم الذين قال الله عزوجل " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " )).
16- عن عبد الأعلى قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
(( السمع والطاعة أبواب الخير ، السامع المطيع لا حجة عليه ، والسامع العاصي لا حجة له ، وإمام المسلمين تمت حجته واحتجاجه يوم يلقى الله عزوجل ثم قال : يقول الله تبارك وتعالى : " يوم ندعو كل أناس بإمامهم )).
سادسا : باب في أن الائمة شهداء الله عزوجل على خلقه :
1- عن سماعة قال :
(( قال أبوعبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " قال : نزلت في أمة محمد صلى الله عليه وآله خاصة ، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد صلى الله عليه وآله شاهد علينا )).
2- عن بريد العجلي قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الله عزوجل : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " قال : نحن الأمة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه ، قلت : قول الله عزوجل : " ملة أبيكم إبراهيم " قال : إيانا عنى خاصة " هو سماكم المسلمين من قبل " في الكتب التي مضت " وفي هذا " القرآن " ليكون الرسول عليكم شهيدا " فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عزوجل ونحن الشهداء على الناس فمن صدق صدقناه يوم القيامة ، ومن كذب كذبناه يوم القيامة )).
3- عن أحمد بن عمر الحلال قال :
(( سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عز وجل : " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " فقال : أمير المؤمنين صلوات الله عليه الشاهد على رسول الله صلى الله عليه وآله ، ورسول الله صلى الله عليه وآله على بينة من ربه )).
4- عن بريد العجلي قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : قول الله تبارك وتعالى : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " قال : نحن الأمة الوسط ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه ، وحججه في أرضه ، قلت : قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون * وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم " قال : إيانا عنى ونحن المجتبون ، ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين " من حرج " فالحرج أشد من الضيق " ملة أبيكم إبراهيم " إيانا عنى خاصة و " سماكم المسلمين " الله سمانا المسلمين " من قبل " في الكتب التي مضت " وفي هذا " القرآن " ليكون الرسول عليكم شهيدا وتكونوا شهداء على الناس " فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى ، ونحن الشهداء على الناس ، فمن صدق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه )).
5- عن سليم بن قيس الهلالي ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال :
(( إن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه ، وحجته في أرضه ، و جعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا ، لا نفارقه ولا يفارقنا )).
سابعا : باب أن الائمة عليهم السلام هم الهداة :
1- عن الفضيل قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ولكل قوم هاد " فقال : كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم )).
2- عن بريد العجلي :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله ، ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحد بعد واحد )).
3- عن أبي بصير قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " ؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر وعلي الهادي ، يا أبا محمد هل من هاد اليوم ؟ قلت : بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد بعد هاد حتى دفعت إليك ، فقال : رحمك الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ، ماتت الآية ، مات الكتاب ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى )).
4- عن عبد الرحيم القصير :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر وعلي الهادي ، أما والله ما ذهبت منا وما زالت فينا إلى الساعة )).
ثامنا : باب أن الأئمة عليهم السلام ولاة أمر الله وخزنة علمه :
1- عن عبد الرحمن بن كثير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( نحن ولاة أمر الله ، وخزنة علم الله وعيبة وحي الله )).
2- عن سورة بن كليب قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام :
(( والله إنا لخزان الله في سمائه وأرضه ، لا على ذهب ولا على فضة إلا على علمه )).
3- عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قلت له : جعلت فداك ما أنتم ؟ قال : نحن خزان علم الله ، ونحن تراجمة وحي الله ، ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الأرض )).
4- عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
(( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال الله تبارك و تعالى استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك من ترك ولاية علي والأوصياء من بعدك ، فإن فيهم سنتك وسنة الأنبياء من قبلك ، وهم خزاني على علمي من بعدك ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لقد أنبأني جبرئيل عليه السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم )).
5- عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( يا ابن أبي يعفور إن الله واحد متوحد بالوحدانية ، متفرد بأمره ، فخلق خلقا فقدرهم لذلك الأمر فنحن هم يا ابن أبي يعفور فنحن حجج الله في عباده ، وخزانه على علمه ، والقائمون بذلك )).
6- عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال :
(( قال أبو عبد الله عليه السلام : إن الله عزوجل خلقنا فأحسن خلقنا ، وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا خزانه في سمائه وأرضه ، ولنا نطقت الشجرة وبعبادتنا عُبد الله عزوجل ، ولولانا ما عُبد الله )).
تاسعا : باب أن الأئمة خلفاء الله عزوجل في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى :
1- عن الجعفري قال سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول :
(( الأئمة خلفاء الله عزوجل في أرضه )).
2- عن أبي بصير قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( الأوصياء هم أبواب الله عزوجل التي يؤتى منها ولولاهم ما عرف الله عزوجل وبهم احتج الله تبارك وتعالى على خلقه )).
3- عن عبد الله بن سنان قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل جلاله : " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم " قال : هم الأئمة )).
عاشرا : باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عزوجل :
1- عن أبي خالد الكابلي قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " فقال : يا أبا خالد النور والله الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله إلى يوم القيامة ، وهم والله نور الله الذي أنزل ، وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض ، والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينورون قلوب المؤمنين ، ويحجب الله عزوجل نورهم عمن يشاء فتضلهم قلوبهم ، والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر )).
2- علي بن إبراهيم بإسناده :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث - إلى قوله - واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " قال : النور في هذا الموضع [علي] أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام )).
3- عن أبي الجارود قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا ، قال : وما ذاك ؟ قلت : قول الله تعالى : " الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون - إلى قوله - أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا " قال : فقال : قد آتاكم الله كما آتاهم ، ثم تلا : " يا أيها الذين آمنوا اتقو الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به " يعني إماما تأتمون به )).
4- عن أبي خالد الكابلي قال :
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى : " فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " فقال : يا أبا خالد النور والله الأئمة عليهم السلام يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الذين ينورون قلوب المؤمنين ، ويحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها )).
5 - عن صالح بن سهل الهمداني قال :
(( قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكوة " فاطمة عليهما السلام " فيها مصباح " الحسن " المصباح في زجاجة " الحسين " الزجاجة كأنها كوكب دري " فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا " يوقد من شجرة مباركة " إبراهيم عليه السلام " زيتونة لا شرقية ولا غربية " لا يهودية ولا نصرانية " يكاد زيتها يضئ " يكاد العلم ينفجر بها " ولو لم تمسسه نار نور على نور " إمام منها بعد إمام " يهدي الله لنوره من يشاء " يهدي الله للائمة من يشاء " ويضرب الله الأمثال للناس "، قلت : " أو كالظلمات " قال : الأول وصاحبه " يغشاه موج " الثالث " من فوقه موج " ظلمات الثاني " بعضها فوق بعض " معاوية لعنه الله وفتن بني أمية " إذا أخرج يده " المؤمن في ظلمة فتنتهم " لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا " إماما من ولد فاطمة عليها السلام " فما له من نور " إمام يوم القيامة )).
وقال في قوله : " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " : أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة )).
6- عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الحسن عليه السلام قال :
(( سألته عن قول الله تبارك وتعالى : " يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم " قال يريدون ليطفؤوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم ، قلت : قوله تعالى : " والله متم نوره " قال : يقول : والله متم الإمامة والإمامة هي النور وذلك قوله عزوجل : " آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا " قال : النور هو الإمام )).
حادي عشر : باب أن الأئمة هم أركان الأرض :
1- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( ما جاء به علي عليه السلام آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه ، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وآله ولمحمد صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله عزوجل ، المتعقب عليه في شئ من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله ، كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى إلا منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجري لأئمة الهدى واحدا بعد واحد ، جعلهم الله أركان الارض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى ، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيرا ما يقول : أنا قسيم الله بين الجنة والنار وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد صلى الله عليه وآله ولقد حملت على مثل حمولته وهي حمولة الرب وإن رسول الله صلى الله عليه وآله يدعى فيكسى ، وادعى فأكسى ويستنطق واستنطق فأنطق على حد منطقه ، ولقد اعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي علمت المنايا والبلايا ، والأنساب وفصل الخطاب ، فلم يفتني ما سبقني ، ولم يعزب عني ما غاب عني ، أبشر بإذن الله وأؤدي عنه ، كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه )).
2- حدثنا سعيد الأعرج قال :
(( دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبدالله عليه السلام فابتدأنا فقال : يا سليمان ما جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام يؤخد به وما نهى عنه ينتهى عنه جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وآله ولرسول الله صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله المعيب على أمير المؤمنين عليه السلام في شئ من أحكامه كالمعيب على الله عزوجل وعلى رسوله صلى الله عليه وآله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله ، كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه باب الله الذي لا يؤتى إلا منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وبذلك جرت الأئمة عليهم السلام واحد بعد واحد، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم ، والحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى .
وقال: قال أمير المؤمنين عليه السلام : " أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم ، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقرت لمحمد صلى الله عليه وآله ولقد حملت على مثل حمولة محمد صلى الله عليه وآله وهي حمولة الرب وإن محمدا صلى الله عليه وآله يدعى فيكسى ويستنطق وادعى فاكسى واستنطق فأنطق على حد منطقه ، ولقد اعطيت خصالا لم يعطهن أحد قبلي ، علمت علم المنايا والبلايا ، والأنساب و فصل الخطاب ، فلم يفتني ما سبقني ، ولم يعزب عني ما غاب عني ، أبشر بإذن الله واؤدي عن الله عزوجل ، كل ذلك مكنني الله فيه بإذنه " )).
3- عن أبي الصامت الحلواني ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( فضل أمير المؤمنين عليه السلام : ما جاء به آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه ، جرى له من الطاعة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ما لرسول الله صلى الله عليه وآله والفضل لمحمد صلى الله عليه آله ، المتقدم بين يديه كالمتقدم بين يدي الله ورسوله ، والمتفضل على رسول الله صلى الله عليه وآله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله ، فإن رسول الله صلى اليه عليه وآله باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من سلكه وصل إلى الله عزوجل وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام من بعده وجرى للائمة عليهم السلام واحدا بعد واحد، جعلهم الله عزوجل أركان الأرض أن تميد بأهلها ، وعمد الإسلام ، ورابطة على سبيل هداه ، لا يهتدي هاد إلا بهداهم ولا يضل خارج من الهدى إلا بتقصير عن حقهم ، أمناء الله على ما أهبط من علم أو عذر أو نذر، والحجة البالغة على من في الارض ، يجري لآخرهم من الله مثل الذي جرى لاولهم ، ولا يصل أحد إلى ذلك إلا بعون الله.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا قسيم الله بن الجنة والنار ، لا يدخلها داخل إلا على حد قسمي ، وأنا الفاروق الاكبر ، وأنا الامام لمن بعدي ، والمؤدي عمن كان قبلي ، لا يتقدمني أحد إلا أحمد صلى الله عليه وآله وإني وإياه لعلى سبيل واحد إلا أنه هو المدعو باسمه ولقد اعطيت الست : علم المنايا والبلايا ، والوصايا ، وفصل الخطاب ، وإني لصاحب الكرات ودولة الدول ، وإني لصاحب العصا والميسم ، والدابة التي تكلم الناس )).
ثاني عشر : باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته :
1- عن عبدالعزيز بن مسلم قال :
(( كنا مع الرضا عليه السلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الامامة وذكروا كثرة أختلاف الناس فيها ، فدخلت على سيدي عليه السلام فأعلمته خوض الناس فيه ، فتبسم عليه السلام ثم قال : يا عبدالعزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم ، إن الله عزوجل لم يقبض نبيه صلى الله عليه وآله حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شئ ، بين فيه الحلال والحرام ، والحدود والاحكام ، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا ، فقال عزوجل : " ما فرطنا في الكتاب من شئ " وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره صلى الله عليه وآله : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا " وأمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض صلى الله عليه وآله حتى بين لامته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم عليا عليه السلام علما وإمام وما ترك [لهم] شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه ، فمن زعم أن الله عزوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله ، ومن رد كتاب الله فهو كافر به.
هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم ، إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلا مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم ، إن الامامة خص الله عزوجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره ، فقال: " إني جاعلك للناس إماما " فقال الخليل عليه السلام سرورا بها : " ومن ذريتى " قال الله تبارك وتعالى : " لا ينال عهدي الظالمين ".
فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال : " ووهبنا له إسحاق و يعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ".
فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله ، فقال جل وتعالى : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين " فكانت له خاصة فقلدها صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان ، بقوله تعالى : " قال الذين اوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث " فهي في ولد علي عليه السلام خاصة إلى يوم القيامة ، إذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن أين يختار هؤلاء الجهال .
إن الإمامة هي منزلة الانبياء ، وإرث الأوصياء ، إن الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله ومقام أمير المؤمنين عليه السلام وميراث الحسن والحسين عليهما السلام إن الامامة زمام الدين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين ، إن الإمامة أس الاسلام النامي ، وفرعه السامي ، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ، وتوفير الفئ والصدقات ، وإمضاء الحدود والاحكام ، ومنع الثغور والاطراف.
الإمام يحل حلال الله ، ويحرم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذب عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، والحجة البالغة ، الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.
الإمام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع ، والنجم الهادي في غياهب الدجى وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار، الإمام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى ، والمنجي من الردى ، الإمام النار على اليفاع ، الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك ، من فارقه فهالك ، الإمام السحاب الماطر، والغيث الهاطل و والشمس المضيئة ، والسماء الظليلة ، والأرض البسيطة ، والعين الغزيرة ، والغدير والروضة.
الإمام الأنيس الرفيق ، والوالد الشفيق ، والأخ الشقيق ، والأم البرة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد الامام أمين الله في خلقه ، وحجته على عباده وخليفته في بلاده ، والداعي إلى الله ، والذاب عن حرم الله .
الإمام المطهر من الذنوب والمبرا عن العيوب ، المخصوص بالعلم ، المرسوم بالحلم ، نظام الدين ، وعز المسلمين وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين.
الإمام واحد دهره ، لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهاب.
فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام ، أو يمكنه اختياره ، هيهات هيهات ، ضلت العقول ، وتاهت الحلوم ، وحارت الالباب ، وخسئت العيون وتصاغرت العظماء ، وتحيرت الحكماء ، وتقاصرت الحلماء ، وحصرت الخطباء ، وجهلت الألباء ، وكلت الشعراء ، وعجزت الادباء ، وعييت البلغاء ، عن وصف شأن من شأن ه، أو فضيلة من فضائله ، وأقرت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف بكله ، أو ينعت بكنهه ، أو يفهم شئ من أمره ، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه ، لا كيف وأنى ؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين ، ووصف الواصفين ، فأين الاختيار من هذا ؟ وأين العقول عن هذا ؟ وأين يوجد مثل هذا ؟ ! أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد صلى الله عليه وآله كذبتهم والله أنفسهم ، ومنتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا ، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم ، راموا إقامة الامام بعقول حائرة بائرة ناقصة ، وآراء مضلة ، فلم يزدادوا منه إلا بعدا ، [قاتلهم الله أنى يؤفكون] ولقد راموا صعبا ، وقالوا إفكا ، وضلوا ضلالا بعيدا ، ووقعوا في الحيرة ، إذ تركوا الامام عن بصيرة ، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين.
رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته إلى اختيارهم والقرآن يناديهم : " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون " وقال عزوجل : " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " الآية وقال : " ما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون * سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين"
وقال عزوجل : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " أم " طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون " أم " قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عنه الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون " أم " قالوا سمعنا وعصينا " بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، فكيف لهم باختيار الإمام ؟ ! والإمام عالم لا يجهل ، وراع لا ينكل ، معدن القدس والطهارة ، والنسك والزهاد ، والعلم والعبادة ، مخصوص بدعوة الرسول صلى الله عليه وآله ونسل المطهرة البتول ، لا مغمز فيه في نسب ، ولا يدانيه ذو حسب ، في البيت من قريش والذروة من هاشم ، والعترة من الرسول صلى الله عليه وآله والرضا من الله عزوجل ، شرف الاشراف ، والفرع من عبد مناف ، نامي العلم ، كامل الحلم ، مضطلع بالإمامة ، عالم بالسياسة ، مفروض الطاعة ، قائم بأمر الله عزوجل ، ناصح لعباد الله ، حافظ لدين الله .
إن الأنبياء والائمة صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم ، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى : " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون " وقوله تبارك وتعالى : " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " وقوله في طالوت: " إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم " وقال لنبيه صلى الله عليه وآله : " أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما " وقال في الأئمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته صلوات الله عليهم : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ".
وإن العبد إذا اختاره الله عزوجل لامور عباده ، شرح صدره لذلك ، وأودع قلبه ينابيع الحكمة ، وألهمه العلم إلهاما ، فلم يعي بعده بجواب ، ولا يحير يه عن الصواب ، فهو معصوم مؤيد ، موفق مسدد ، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده ، وساعده على خلقه ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه، تعدوا - وبيت الله - الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ، وفي كتاب الله الهدى والشفاء ، فنبذوه واتبعوا أهواءهم ، فذمهم الله ومقتهم وأتعسهم فقال جل وتعالى : " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين " وقال : " فتعسا لهم وأضل أعمالهم " وقال : " كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار" وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم تسليما كثيرا )).
2- عن إسحاق بن غالب ، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الائمة عليه السلام و صفاتهم :
(( أن الله عزوجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه ، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه ، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه ، فمن عرف من امة محمد صلى الله عليه وآله واجب حق إمامه ، وجد طعم حلاوة إيمانه ، وعلم فضل طلاوة إسلامه ، لأن الله تبارك وتعالى نصب الإمام علما لخلقه ، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه ، وألبسه الله تاج الوقار ، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء ، ولا ينقطع عنه مواده ، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه ، ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته ، فهو عالم بما يرد عليه من متلبسات الدجى ، ومعميات السنن ، ومشبهات الفتن ، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السلام من عقب كل إمام ، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم ، ويرضي بهم لخلقه ويرتضيهم ، كل ما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما ، علما بينا ، وهاديا نيرا ، وإماما قيما ، وحجة عالما ، أئمة من الله ، يهدون بالحق وبه يعدلون ، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه ، يدين بهديهم العباد وتستهل بنورهم البلاد ، وينمو ببركتهم التلاد ، جعلهم الله حياة للانام ، ومصابيح للظلام ، ومفاتيح للكلام ، ودعائم للإسلام ، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها.
فالإمام هو المنتجب المرتضى ، والهادي المنتجى ، والقائم المترجى ، اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه ، وفي البرية حين برأه ، ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه ، محبوا بالحكمة في علم الغيب عنده ، اختاره بعلمه ، وانتجبه لطهره ، بقية من آدم عليه السلام وخيرة من ذرية نوح ، ومصطفى من آل إبراهيم ، وسلالة من إسماعيل ، وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله لم يزل مرعيا بعين الله ، يحفظه ويكلؤه بستره ، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده ، مدفوعا عنه وقوب الغواسق ونفوث كل فاسق ، مصروفا عنه قوارف السوء ، مبرءا من العاهات ، محجوبا عن الآفات ، معصوما من الزلات ، مصونا عن الفواحش كلها ، معروفا بالحلم والبر في يفاعه ، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه ، مسندا إليه أمر والده ، صامتا عن المنطق في حياته.
فإذا انقضت مدة والده ، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته ، وجاءت الارادة من الله فيه إلى محبته ، وبلغ منتهى مدة والده عليه السلام فمضى وصار أمر الله إليه من بعده ، وقلده دينه ، وجعله الحجة على عباده ، وقيمه في بلاده ، وأيده بروحه ، وآتاه علمه ، وأنبأه فصل بيانه ، واستودعه سره ، وانتدبه لعظيم أمره ، وأنبأه فضل بيان علمه ، ونصبه علما لخلقه ، وجعله حجة على أهل عالمه ، وضياء لاهل دينه ، والقيم على عباده ، رضي الله به إماما لهم ، استودعه سره ، واستحفظه علمه ، واستخبأه حكمته واسترعاه لدينه وانتدبه لعظيم أمره ، وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده ، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل ، وتحيير أهل الجدل ، بالنور الساطع ، والشفاء النافع ، بالحق الابلج ، والبيان اللائح من كل مخرج ، على طريق المنهج ، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهم السلام ، فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي ، ولا يجهده إلا غوي ، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا )).
ثالث عشر : باب أن الأئمة عليهم السلام ولاة الأمر
وهم الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عزوجل :
1- عن بريد العجلي قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم " فكان جوابه : " ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا " يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا " أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا * أم لهم نصيب من الملك - يعني الإمامة والخلافة - فاذا لا يؤتون الناس نقيرا " نحن الناس الذين عنى الله ، والنقير النقطة التي في وسط النواة " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " يقول : جعلنا منهم الرسل والانبياء والائمة ، فكيف يقرون به في آل إبراهيم عليه السلام وينكرونه في آل محمد صلى الله عليه وآله " فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا * إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما )).
2- عن محمد بن الفضيل :
(( عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " قال : نحن المحسودون )).
3- عن محمد الأحول ، عن حمران بن أعين قال :
(( قلت لأبي عبدالله عليه السلام : قول الله عزوجل : " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب "؟ فقال: النبوة، قلت : " الحكمة " ؟ قال : الفهم والقضاء ، قلت : " وآتيناهم ملكا عظيما "؟ فقال : الطاعة )).
4- عن أبي الصباح قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " فقال : يا أبا الصباح نحن والله الناس المحسودون )).
5 - عن بريد العجلي :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : " فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " قال : جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون في آل إبراهيم عليه السلام وينكرونه في آل محمد ؟ ! صلى الله عليه وآله قال : قلت : " وآتيناهم ملكا عظيما " ؟ قال : الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة ، من أطاعهم أطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم )).
رابع عشر : باب أن الأئمة عليهم السلام هم العلامات
التي ذكرها الله عزوجل في كتابه :
1- حدثنا داود الجصاص قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : " وعلامات و بالنجم هم يهتدون " قال : النجم رسول الله صلى الله عليه وآله والعلامات هم الأئمة عليهم السلام )) .
2- عن أسباط بن سالم قال :
(( سأل الهيثم أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن قول الله عزوجل : " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله النجم ، والعلامات هم الأئمة عليهم السلام )).
3- عن الوشاء قال:
(( سألت الرضا عليه السلام عن قول الله تعالى : " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " قال : نحن العلامات والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله )).
خامس عشر : باب أن الآيات التي ذكرها الله عزوجل في كتابه هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن داود الرقي قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى : " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " قال : الآيات هم الائمة ، والنذر هم الأنبياء عليهم السلام )).
2- عن يونس بن يعقوب رفعه :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " كذبوا بآياتنا كلها " يعني الأوصياء كلهم )).
3- عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قلت له : جعلت فداك إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية " عم يتساءلون عن النبإ العظيم " قال : ذلك إلي إن شئت أخبرتهم وإن شئت لم اخبرهم ، ثم قال : لكني أخبرك بتفسيرها ، قلت : " عم يتساءلون " ؟ قال : فقال : هي في أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : ما لله عزوجل آية هي أكبر مني ولا لله من نبإ أعظيم مني )).
سادس عشر : باب ما فرض الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله من الكون مع الأئمة عليهم السلام :
1- عن بريد بن معاوية العجلي قال :
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال إيانا عنى )).
2- عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
(( سألته عن قول الله عزوجل : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " قال: الصادقون هم الأئمة والصديقون بطاعتهم )).
3- عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أحب أن يحيى حياة تشبه حياة الانبياء ، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء ويسكن الجنان التي غرسها الرحمن فليتول عليا وليوال وليه وليقتد بالائمة من بعده ، فإنهم عترتي خلقوا من طينتى ، اللهم أرزقهم فهمي وعلمي ، وويل للمخالفين لهم من أمتي ، اللهم لا تنلهم شفاعتي )).
4- عن أبي حمزة الثمالي قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى يقول : استكمال حجتي على الاشقياء من أمتك : من ترك ولاية علي ووالى أعداءه ، وأنكر فضله وفضل الاوصياء من بعده ، فإن فضلك فضلهم ، وطاعتك طاعتهم ، وحقك حقهم ، ومعصيتك معصيتهم ، وهم الأئمة الهداة من بعدك ، جرى فيهم روحك وروحك ما جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك وقد أجرى الله عزوجل فيهم سنتك وسنة الأنبياء قبلك ، وهم خزاني على علمي من بعدك ، حق علي لقد اصطفيتم وانتجبتهم وأخلصتهم وارتضيتهم ، ونجى من أحبهم ووالاهم وسلم لفضلهم ، ولقد آتاني جبرئيل عليه السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم )).
5 - عن أبان بن تغلب قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أراد أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن التي غرسها الله ربي بيده ، فليتول علي بن أبي طالب وليتول وليه ، وليعاد عدوه ، وليسلم للاوصياء من بعده ، فإنهم عترتي من لحمي ودمي ، أعطاهم الله فهمي وعلمي ، إلى الله أشكو [أمر] امتي ، المنكرين لفضلهم ، القاطعين فيهم صلتي ، وأيم الله ليقتلن ابني لا أنالهم الله شفاعتي )).
6- عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من سره أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنة التي وعدنيها ربي ويتمسك بقضيب غرسه ربي بيده فليتول علي بن أبي طالب عليه السلام وأوصياءه من بعده ، فإنهم لا يدخلونكم في باب ضلال ، ولا يخرجونكم من باب هدى ، فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم وإني سألت ربي ألا يفرق بينهم وبين الكتاب حتى يردا علي الحوض هكذا - وضم بين أصبعيه - وعرضه ما بين صنعاء إلى أيلة ، فيه قد حان فضة وذهب عدد النجوم )).
7- عن الفضيل بن يسار قال : قال أبوجعفر عليه السلام :
(( وإن الروح والراحة والفلج والعون والنجاح والبركة والكرامة والمغفرة والمعافاة واليسر والبشرى والرضوان والقرب والنصر والتمكن والرجاء والمحبة من الله عز وجل لمن تولى عليا وائتم به ، وبرئ من عدوه ، وسلم لفضله وللاوصياء من بعده ، حقا علي أن أدخلهم في شفاعتي وحق على ربي تبارك وتعالى أن يستجيب لي فيهم ، فإنهم أتباعي ومن تبعني فإنه مني )).
سابع عشر : باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن عبد الله بن عجلان :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الذكر أنا والائمة أهل الذكر، وقوله عزوجل : " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " قال أبوجعفر عليه السلام : نحن قومه ونحن المسؤولون )).
2- عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال : الذكر محمد صلى الله عليه وآله ونحن أهله المسؤولون ، قال: قلت : قوله : " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " قال : إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون )).
3- عن الوشاء قال:
(( سألت الرضا عليه السلام فقلت له : جعلت فداك " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " ؟ فقال : " نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون ، قلت : فأنتم المسؤولون ونحن السائلون ؟ قال : نعم ، قلت : حقا علينا أن نسألكم ؟ قال : نعم ، قلت : حقا عليكم أن تجيبونا ؟ قال : لا ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل ، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " )).
4- عن أبي بصير :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " فرسول الله صلى الله عليه وآله الذكر وأهل بيته عليه السلام المسؤولون وهم أهل الذكر )).
5 - عن الفضيل :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : " وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " قال : الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤولون )).
6- عن أبي بكر الحضرمي ، قال :
(( كنت عند أبي جعفر عليه السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال : جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسألة ما تحضرني منها مسألة واحدة ، قال : ولا واحدة يا ورد ؟ قال : بلى قد حضرني منها واحدة ، قال وما هي قال : قول الله تبارك وتعالى : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " من هم ؟ قال : نحن قال : قلت : علينا أن نسألكم ؟ قال : نعم ، قلت : عليكم أن تجيبونا ؟ قال : ذاك إلينا )).
7- عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إن من عندنا يزعمون أن قول الله عزوجل : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " أنهم اليهود والنصارى ، قال : إذا يدعونكم إلى دينهم ! قال : - قال بيده إلى صدره - نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون )).
8- عن الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : قال علي بن الحسين عليه السلام على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم ، وعلى شيعتنا ما ليس علينا ، أمرهم الله عزوجل أن يسألونا ، قال : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب ، إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا )).
9- عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال :
(( كتبت إلى الرضا عليه السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت : قال الله عزوجل : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وقال الله عزوجل : " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذورا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " فقد فرضت عليهم المسألة ، ولم يفرض عليكم الجواب ؟ قال : قال الله تبارك وتعالى : " فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواء هم ومن أضل ممن اتبع هواه " )).
ثامن عشر : باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن جابر :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب " قال أبوجعفر عليه السلام : إنما نحن الذين يعلمون والذين لا يعلمون عدونا وشيعتنا أولو الالباب " ))
2- عن جابر :
(( عن أبي جعفر (ع) في قوله عزوجل " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب " قال : نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون ، وشيعتنا اولو الالباب )).
تاسع عشر : باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
(( نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله )).
2- عن بريد بن معاوية :
(( عن أحدهما عليهما السلام في قوله الله عزوجل : " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " فرسول الله صلى الله عليه وآله أفضل الراسخين في العلم ، قد علمه الله عزوجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله ، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم ، فأجابهم الله بقوله " يقولون آمنا به كل من عند ربنا " والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، فالراسخون في العلم يعلمونه )).
3- عن عبد الرحمن بن كثير:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمة من بعده عليهم السلام )).
*باب أن الائمة قد أوتوا العلم وأُثبت في صدورهم :
- عن أبي بصير قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في هذه الآية : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " فأومأ بيده إلى صدره )).
2- عن عبدالعزيز العبدي :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم " قال : هم الأئمة عليهم السلام )).
3- عن سماعة ، عن أبي بصير، قال :
(( قال أبو جعفر عليه السلام في هذه الآية : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " ثم قال : أما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف ؟ قلت : من هم ؟ جعلت فداك ؟ قال : من عسى أن يكونوا غيرنا )).
4- عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : " بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم " قال : هم الأئمة عليهم السلام خاصة )).
5- عن محمد بن الفضيل قال :
(( سألته عن قول الله عزوجل : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " قال : هم الأئمة عليهم السلام خاصة )).
عشرون : باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن سالم قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله " قال السابق بالخيرات : الإمام، والمقتصد : العارف للامام ، والظالم لنفسه : الذي لا يعرف الإمام )).
2- عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سألته عن قوله تعالى : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " فقال : " أي شئ تقولون أنتم ؟ قلت : نقول : إنها في الفاطميين ؟ قال : ليس حيث تذهب ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا الناس إلى خلاف ، فقلت : فأي شئ الظالم لنفسه ؟ قال : الجالس في بيته لا يعرف حق الامام ، والمقتصد : العارف بحق الامام ، والسابق بالخيرات : الإمام )).
3- عن أحمد بن عمر قال :
(( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قول الله عزوجل : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " الآية ، قال : فقال : ولد فاطمة عليها السلام والسابق بالخيرات : الإمام ، والمقتصد : العارف بالإمام ، والظالم لنفسه : الذي لا يعرف الإمام )).
4- عن أبي ولاد قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " الذين آتياهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به " قال : هم الأئمة عليهم السلام )).
واحد وعشرون : باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان : إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار :
1- عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال : لما نزلت هذه الآية : " يوم ندعو كل اناس بإمامهم " قال المسلمون : يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي ، يقومون في الناس فيكذبون ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ، فمن والاهم ، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني ، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ )).
2- عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قال: إن الأئمة في كتاب الله عزوجل إمامان قال الله تبارك وتعالى : " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا " لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل امرهم ، وحكم الله قبل حكمهم ، قال: " وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار" يقدمون أمرهم قبل امر الله ، وحكمهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزوجل )).
اثنان وعشرون : باب أن القرآن يهدي للإمام :
1- عن الحسن بن محبوب قال:
(( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قوله عزوجل : " ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم " قال : إنما عنى بذلك الائمة عليهم السلام بهم عقد الله عزوجل أيمانكم )).
2- عن العلاء بن سيابة :
((عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" قال: يهدي إلى الإمام )).
ثلاث وعشرون : باب أن النعمة التي ذكرها الله عزوجل في كتابه الائمة عليهم السلام :
1- عن الأصبغ بن نباتة قال :
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام : ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وعدلوا عن وصيه ؟ لا يتخوفون أن ينزل بهم العذاب ، ثم تلا هذه الآية : " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم " ، ثم قال : نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده ، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة )).
2- عن معلى بن محمد رفعه :
(( في قول الله عزوجل : " فبأي آلاء ربكما تكذبان " : أ بالنبي أم بالوصي تكذبان ؟ نزلت في " الرحمن " )).
3- عن أبي يوسف البزاز قال :
(( تلا أبوعبد الله عليه السلام هذه الآية : " وأذكروا آلاء الله " قال: أتدري ما آلاء الله؟ قلت: لا ، قال : هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا )).
4- عن عبد الرحمن بن كثير قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الله عز و جل : " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا " الآية ، قال : عني بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله صلى الله عليه واله ونصبوا له الحرب وجحدوا وصية وصية )).
أربع وعشرون : باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة عليهم السلام والسبيل فيهم مقيم :
1 - أخبرني أسباط بياع الزطي قال:
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فساله رجل عن قول الله عزوجل : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم " قال : فقال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم )).
2- حدثني أسباط بن سالم قال :
(( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت فقال له : أصلحك الله ما تقول في قول الله عزوجل : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " ؟ قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم )).
3- عن محمد بن مسلم :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله الله عزوجل : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " قال : هم الائمة عليهم السلام ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عزوجل في قول الله تعالى : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " )).
4- عن عبد الله بن سليمان :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " فقال : هم الأئمة عليهم السلام " وإنها لبسبيل مقيم " قال : لا يخرج منا أبدا )).
5- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله : المتوسم ، وأنا من بعده والأئمة من ذريتي المتوسمون )).
خمس وعشرون : باب عرض الأعمال على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام :
1- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( تعرض الأعمال على رسول الله صلى الله عليه وآله أعمال العباد كل صباح أبرارها وفجارها فاحذروها ، وهو قول الله تعالى : " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله " وسكت )).
2- عن يعقوب بن شعيب قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " قال : هم الأئمة )).
3- عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : مالكم تسوؤن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! فقال رجل : كيف نسوؤه ؟ فقال : أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه ، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك ، فلا تسوؤا رسول الله وسروه )).
4- عن عبد الله بن أبان الزيات وكان مكينا عند الرضا عليه السلام قال :
(( قلت للرضا عليه السلام : أدع الله لي ولاهل بيتي فقال : أولست أفعل ؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة ، قال : فاستعظمت ذلك ، فقال لي : أما تقرء كتاب الله عزوجل : " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله والمؤمنون "؟ قال : هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام )).
5- عن يحيى بن مساور :
(( عن أبي جعفر عليه السلام أنه ذكر هذه الآية : " فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون " قال : هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام )).
6- عن الوشاء : قال :
(( سمعت الرضا عليه السلام يقول : إن الأعمال تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله أبرارها وفجارها )).
ست وعشرون : باب [ أن الطريقة التي حث على الإستقامة عليها ولاية علي عليه السلام ] :
1- عن يونس بن يعقوب ، عمن ذكره :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : " وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا " قال : يعني لو استقاموا على ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين والأوصياء من ولده عليهم السلام وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لاسقيناهم ماء غدقا، يقول : لأشربنا قلوبهم الإيمان ، والطريقة هي الإيمان بولاية علي والأوصياء )).
2- عن محمد بن مسلم قال :
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " فقال أبوعبدالله عليه السلام : استقاموا على الأئمة واحد بعد واحد " تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " )).
سبع وعشرون : باب أن الائمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة :
1- عن أبي الجارود قال :
(( قال علي بن الحسين عليه السلام : ما ينقم الناس منا ، فنحن والله شجرة النبوة ، وبيت الرحمة ، ومعدن العلم ، ومختلف الملائكة )).
2- عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال :
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام : إنّا - أهل البيت - شجرة النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وبيت الرحمة ، ومعدن العلم )).
3- عن خيثمة قال :
(( قال لي أبوعبد الله عليه السلام : يا خيثمة نحن شجرة النبوة ، وبيت الرحمة ، ومفاتيح الحكمة ، ومعدن العلم ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وموضع سر الله ، ونحن وديعة الله في عباده ، ونحن حرم الله الاكبر ، ونحن ذمة الله ، ونحن عهد الله ، فمن وفي بعهدنا فقد وفى بعهد الله ، ومن خفرها فقد خفر ذمة الله وعهده )).
ثمان وعشرون : باب أن الائمة عليهم السلام ورثة العلم ، يرث بعضهم بعضا العلم :
1- عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث ، ولن يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم علمه ، أو ما شاء الله )).
2- عن زرارة والفضيل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع ، والعلم يتوارث ، وكان علي عليه السلام عالم هذه الامة ، وإنه لم يهلك منا عالم قط إلا خلفه من أهله من علم مثل علمه ، أو ما شاء الله )).
3- عن محمد بن مسلم قال:
(( قال أبو جعفر عليه السلام إن العلم يتوارث ، ولا يموت عالم إلا وترك من يعلم مثل علمه ، أو ما شاء الله )).
4- عن الفضيل بن يسار قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن في علي عليه السلام سنة ألف نبي من الانبياء وإن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع ، وما مات عالم فذهب علمه ، والعلم يتوارث )).
5- عن عمر بن أبان قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع ، وما مات عالم فذهب علمه )).
6- عن علي بن النعمان رفعه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال أبو جعفر عليه السلام يمصون الثماد ويدعون النهر العظيم ، قيل له : وما النهر العظيم ؟ قال : رسول الله صلى عليه وآله والعلم الذي أعطاه الله ، إن الله عزوجل جمع لمحمد صلى الله عليه وآله سنن النبيين من آدم وهلم جرا إلى محمد صلى الله عليه وآله قيل له : وما تلك السنن ؟ قال : علم النبيين بأسره ، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله صير ذلك كله عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال له رجل : يا ابن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيين ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : اسمعوا ما يقول ؟ إن الله يفتح مسامع من يشاء ، إني حدثته أن الله جمع لمحمد صلى الله عليه وآله علم النبيين وأنه جمع ذلك كله عند أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيين )).
7- عن محمد بن مسلم قال : قال أبوجعفر عليه السلام :
(( إن العلم يتوارث ، فلا يموت عالم إلا ترك من يعلم مثل علمه ، أو ما شاء الله )).
8- عن الحارث بن المغيرة قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
(( إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع ، و ما مات عالم إلا وقد ورث علمه ، إن الارض لا تبقى بغير عالم )).
تسع وعشرون : باب أن الائمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم :
1- عن عبد الله بن جندب :
(( أنه كتب إليه الرضا عليه السلام : أما بعد، فان محمدا صلى الله عليه وآله كان أمين الله في خلقه فلما قبض صلى الله عليه وآله كنا أهل البيت ورثته ، فنحن أمناء الله في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا ، وأنساب العرب ، ومولد الإسلام ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان ، وحقيقة النفاق ، وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا ، ليس على ملة الاسلام غيرنا وغيرهم ، نحن النجباء النجاة ، ونحن أفراط الانبياء ونحن أبناء الاوصياء ، ونحن المخصوصون كتاب الله عزوجل ، ونحن أولى الناس بكتاب الله ، ونحن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ، ونحن الذين شرع الله لنا دينه فقال في كتابه : " شرع لكم (يا آل محمد) من الدين ما وصى به نوحا (قد وصانا بما وصى به نوحا) والذي أوحينا إليك (يا محمد) وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (فقد علمنا وبلغنا علم ما علمنا واستودعنا علمهم نحن ورثة أولي العزم من الرسل) أن أقيموا الدين (يا آل محمد) ولا تتفرقوا فيه (وكونوا على جماعة) كبر على المشركين (من أشرك بولاية علي) ما تدعوهم إليه (من ولاية علي) إن الله (يا محمد) يهدي إليه من ينيب " من يجيبك إلى ولاية علي عليه السلام )).
2- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن أول وصي كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم وما من نبى مضى إلا وله وصي وكان جميع الانبياء مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي ، منهم خمسة اولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام وإن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد ، وورث علم الاوصياء ، وعلم من كان قبله ، أما إن محمدا ورث علم من كان قبله من الانبياء والمرسلين.
على قائمة العرش مكتوب : " حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء ، وفي ذؤابة العرش علي أمير المؤمنين " فهذه حجتنا على من أنكر حقنا ، وجحد ميراثنا ، وما منعنا من الكلام وأمامنا اليقين ، فأي حجة تكون أبلغ من هذا )).
3- عن المفضل بن عمر قال :
(( قال أبوعبد الله عليه السلام : إن سليمان ورث داود ، وإن محمدا ورث سليمان ، وإنا ورثنا محمدا ، وإن عندنا علم التوراة والانجيل والزبور، وتبيان ما في الالواح ، قال : قلت : إن هذا لهو العلم ؟ قال : ليس هذا هو العلم ، إن العلم الذي يحدث يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة )).
4- عن ضريس الكناسي قال:
(( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده أبوبصير فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن داود ورث علم الانبياء ، وإن سليمان ورث داود ، وإن محمدا صلى الله عليه وآله ورث سليمان ، وإنا ورثنا محمدا صلى الله عليه وآله وإن عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى ، فقال أبوبصير: إن هذا لهو العلم ، فقال : يا أبا محمد ليس هذا هو العلم ، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار، يوما بيوم وساعة بساعة )).
5- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال لي : يا أبا محمد إن الله عزوجل لم يعط الانبياء شيئا إلا وقد أعطاه محمدا صلى الله عليه وآله ، قال : وقد أعطى محمدا جميع ما أعطى الأنبياء ، وعندنا الصحف التي قال الله عزوجل : " صحف إبراهيم وموسى " قلت : جعلت فداك هي الالواح ؟ قال: نعم )).
6- عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام :
(( أنه سأله عن قول الله عزوجل : " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " ما الزبور وما الذكر ؟ قال : الذكر عند الله ، والزبور الذي انزل على داود ، وكل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم )).
7- عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال :
(( قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله ورث النبيين كلهم ؟ قال : نعم ، قلت : من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه ؟ قال : ما بعث الله نبيا إلا ومحمد صلى الله عليه وآله أعلم منه ، قال : قلت : إن عيسى ابن مريم كان يحيى الموتى بإذن الله ، قال : صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقدر على هذه المنازل ، قال : فقال : إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره " فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين " حين فقده ، فغضب عليه فقال : " لاعذبنه عذابا شديدا أو لاذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " وإنما غضب لانه كان يدله على الماء، فهذا - وهو طائر - هذا أعطي ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والإنس والجن والشياطين [و] المردة له طائعين ، ولم يكن بعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه وإن الله يقول في كتابه : " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى " وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان ، ونحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، جعله الله لنا في ام الكتاب ، إن الله يقول : " وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين " ثم قال : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شئ )).
ثلاثون : باب أن الائمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عزوجل و أنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها :
- عن هشام ابن الحكم في حديث بريه :
(( أنه لما جاء معه إلى أبي عبد الله عليه السلام فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فحكى له هشام الحكايه ، فلما فرغ قال أبوالحسن عليه السلام لبريه : يا بريه كيف علمك بكتابك ؟ قال: أنا به عالم ، ثم قال : كيف ثقتك بتأويله ؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه ، قال : فابتدأ أبوالحسن عليه السلام يقرء الانجيل ؟ فقال بريه : إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك ، قال : فآمن بريه وحسن إيمانه ، وآمنت المرأة التي كانت معه.
فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبد الله عليه السلام فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى عليه السلام وبين بريه ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ، فقال بريه : أنى لكم التوراة والانجيل وكتب الانبياء؟ قال : هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤوها ونقولها كما قالوا ، إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شئ فيقول لا أدري )).
2- عن مفضل بن عمر قال:
(( أتينا باب أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد الإذن عليه فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكى فبكينا لبكائه ، ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه فقلت : أصلحك الله أتيناك نريد الاذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكيت فبكينا لبكائك ، فقال : نعم ذكرت إلياس النبي وكان من عباد أنبياء نبي إسرائيل فقلت كما كان يقول في سجوده ، ثم اندفع فيه بالسريانية فلا والله ما رأينا قسا ولا جاثليقا أفصح لهجة منه به ثم فسره لنا بالعربية ، فقال : كان يقول في سجوده : " أتراك معذبي وقد أظمأت لك هواجرى ، أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي ، أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي ، أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي " قال : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فاني غير معذبك قال : فقال : إن قلت لا أعذبك ثم عذبتني ماذا ؟ ألست عبدك وأنت ربي ؟ [قال]: فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك ، فإني غير معذبك ، إني إذا وعدت وعدا وفيت به )) .
واحد وثلاثون : باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام وأنهم يعلمون علمه كله :
1- عن جابر قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام )).
2- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:
(( ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء)).
3- عن سلمة بن محرز قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من علم ما اوتينا تفسير القرآن وأحكامه. وعلم تغيير الزمان وحدثانه، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ولو أسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع ثم امسك هنيئة ، ثم قال : ولو وجدنا أوعية أو مستراحا لقلنا والله المستعان )).
4- عن عبد الأعلى مولى آل سام قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي فيه خبر السماء وخبر الأرض ، وخبر ما كان ، وخبر ما هو كائن ، قال الله عزوجل : " فيه تبيان كل شئ ".
5- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
(( " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال : ففرج أبوعبد الله عليه السلام بين أصابعه فوضعها في صدره ، ثم قال : وعندنا والله علم الكتاب كله )).
6- عن بريد بن معاوية قال:
(( قلت لابي جعفر عليه السلام: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب "؟ قال: إيانا عنى، وعلي أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله )).
اثنان وثلاثون : باب ما أعطى الأئمة عليهم السلام من اسم الله الأعظم :
1- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ونحن عندنا من الإسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )).
2- عن هارون بن الجهم ، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام لم أحفظ اسمه قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( إن عيسى ابن مريم عليه السلام اعطي حرفين كان يعمل بهما واعطي موسى أربعة أحرف ، واعطي إبراهيم ثمانية أحرف ، وأعطي نوح خمسة عشر حرفا ، وأعطي آدم خمسه وعشرين حرفا ، وإن الله تعالى جمع ذلك كله لمحمد صلى الله عليه وآله وإن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، أعطى محمدا صلى الله عليه وآله اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرف واحد )).
3- عن أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام قال:
(( سمعته يقول : اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، كان عند آصف حرف فتكلم به فانخرقت له الارض فيما بينه وبين سبأ فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ، ثم انبسطت الارض في أقل من طرفه عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب )).
ثلاث وثلاثون : باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء عليهم السلام :
1- عن محمد بن الفيض ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( كانت عصا موسى لآدم عليه السلام فصارت إلى شعيب ، ثم صارت إلى موسى بن عمران ، وإنها لعندنا وإن عهدي بها آنفا وهي خضراء كهيئتها حين أنتزعت من شجرتها ، وإنها لتنطق إذا استنطقت ، اعدت لقائمنا عليه السلام يصنع بها ما كان يصنع موسى وإنها لتروع وتلقف ما يأفكون وتصنع ما تؤمر به ، إنها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون يفتح لها شعبتان : إحداهما في الارض والاخرى في السقف ، وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها )).
2- عن محمد بن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول:
(( ألواح موسى عليه السلام عندنا ، وعصا موسى عندنا ، ونحن ورثة النبيين )).
3-عن أبي سعيد الخراساني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال أبوجعفر عليه السلام : إن القائم إذا قام بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انبعث عين منه ، فمن كان جائعا شبع ومن كان ظامئا روى ، فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة )).
4- عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( خرج أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة بعد عتمة وهو يقول همهمة همهمة ، وليلة مظلمة خرج عليكم الإمام ، عليه قميص آدم ، وفي يده خاتم سليمان ، وعصا موسى عليهما السلام )).
5- عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول:
(( أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام ؟ قال : قلت : لا، قال : إن إبراهيم عليه السلام لما اوقدت له النار أتاه جبرئيل عليه السلام بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه ، فلم يضره معه حر ولا برد ، فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة وعلقه على إسحاق ، وعلقه إسحاق على يعقوب ، فلما ولد يوسف عليه السلام علقه عليه ، فكان في عضده حتى كان من أمره ما كان ، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله : " إني لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون " فهو ذلك القميص الذي أنزله الله من الجنة ، قلت : جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص ؟ قال : إلى أهله ، ثم قال : كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمد صلى الله عليه وآله )).
أربع وثلاثون : باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ومتاعه :
1- عن سعيد السمان قال :
(( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له : أفيكم إمام مفترض الطاعة ؟ قال : فقال : لا قال : فقالا له : قد أخبرنا عنك الثقات أنك تفتي وتقر وتقول به ونسميهم لك ، فلان وفلان ، وهم أصحاب ورع وتشمير وهم ممن لا يكذب فغضب أبو عبد الله عليه السلام فقال : ما أمرتهم بهذا فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا.فقال لي : أتعرف هذين ؟ قلت : نعم هما من أهل سوقنا وهما من الزيدية وهما يزعمان أن سيف رسول الله صلى الله عليه السلام عند عبدالله بن الحسن ، فقال : كذبا لعنهما الله والله ما رآه عبدالله بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه ، اللهم إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين ، فإن كانا صادقين فما علامة في مقبضة ؟ وما أثر في موضع مضربه . وإن عندي لسيف رسول الله صلى الله عليه وآله وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله ودرعه ولامته ومغفره ، فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله المغلبة ، وإن عندي ألواح موسى وعصاه ، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود ، وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب به القربان ، وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة وإن عندي لمثل الذي جاءت به الملائكة.
ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل ، في أي اهل بيت وجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوة ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة ، ولقد لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله فخطت على الارض خطيطا ولبستها أنا فكانت وكانت وقائمنا من إذا لبسها ملاها إن شاء الله )).
2- عن عبد الأعلى بن أعين قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : عندي سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ، لا انازع فيه ، ثم قال إن السلاح مدفوع عنه لو وضع عند شر خلق الله لكان خيرهم ، ثم قال : إن هذا الأمر يصير إلى من يلوى له الحنك فإذا كانت من الله فيه المشيئة خرج فيقول الناس : ما هذا الذي كان ، ويضع الله له يدا على رأس رعيته )).
3- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال : ترك رسول الله صلى الله عليه وآله في المتاع سيفا ودرعا وعنزة ورحلا وبغلته الشهباء فورث ذلك كله علي بن أبي طالب عليه السلام )).
4- عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات الفضول فخطت ولبستها أنا ففضلت )).
5- عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( سألته عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وآله من أين هو؟ قال : هبط به جبرئيل عليه السلام من السماء وكانت حليته من فضة وهو عندي )) .
6- عن محمد ابن حكيم عن أبي إبراهيم عليه السلام قال :
(( السلاح موضوع عندنا ، مدفوع عنه ، لو وضع عند شر خلق الله كان خيرهم ، لقد حدثني أبي أنه حيث بنى بالثقفية - وكان قد شق له في الجدار - فنجد البيت ، فلما كانت صبيحة عرسه رمى ببصره فرأى حذوه خمسة عشر مسمارا ففزع لذلك وقال لها : تحولي فإني اريد أن أدعو موالي في حاجة فكشطه فما منها مسمار إلا وجده مصرفا طرفه عن السيف ، وما وصل إليه منها شئ )).
7- عن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( سألته عما يتحدث الناس أنه دفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهما السلام فلما خشينا أن نغشى استودعها أم سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين عليه السلام ، قال : فقلت : نعم ثم صار إلى أبيك ثم انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك ، قال : نعم )).
8- عن عمر بن أبان قال :
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عما يتحدث الناس أنه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك ، ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهما السلام ، قال : قلت : ثم صار إلى علي بن الحسين ، ثم صار إلى ابنه ، ثم انتهى إليك ، فقال : نعم )).
9- عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين عليه السلام فقال للعباس : يا عم محمد تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته ؟ فرد عليه فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي إني شيخ كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح ، قال : فأطرق صلى الله عليه وآله هنيئة ثم قال : يا عباس أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه ؟ فقال بأبي أنت وأمي شيخ كثير العيال قليل المال وأنت تباري الريح.
قال : أما إني ساعطيها من ياخذها بحقها ثم قال : يا علي يا أخا محمد أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتقبض تراثه ؟ فقال : نعم بأبي أنت وامي ذاك علي ولي ، قال : فنظرت إليه حتى نزع خاتمه من أصبعه فقال : تختم بهذا في حياتي ، قال : فنظرت إلى الخاتم حين وضعته في أصبعي فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم .
ثم صاح يا بلال علي بالمغفر والدرع والراية والقميص وذي الفقار والسحاب والبرد والأبرقة والقضيب قال : فوالله ما رأيتها غير ساعتي تلك - يعني الابرقة - فجيئ بشقة كادت تخطف الأبصار فإذا هي من أبرق الجنة فقال : يا علي إن جبرئيل أتاني بها وقال: يا محمد اجعلها في حلقة الدرع واستدفر بها مكان المنطقة ثم دعا بزوجي نعال عربيين جميعا أحدهما مخصوف والآخر غير مخصوف والقميصين : القميص الذي أسري به فيه والقميص الذي خرج فيه يوم احد ، والقلانس الثلاث : قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين والجمع ، وقلنسوة كان يلبسها ويقعد مع أصحابه . ثم قال : يا بلال علي بالبغلتين : الشهباء والدلدل ، والناقتين : العضباء والقصوى والفرسين : الجناح كانت توقف بباب المسجد لحوائج رسول الله صلى الله عليه وآله يبعث الرجل في حاجته فيركبه فيركضه في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله وحيزوم وهو الذي كان يقول : أقدم حيزوم والحمار عفير فقال : أقبضها في حياتي . فذكر أمير المؤمنين عليه السلام أن أول شئ من الدواب توفي عفير ساعة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره.
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن ذلك الحمار كلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : بأبي أنت وأمي إن أبي حدثنى ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال : يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم ، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار )).
خمس وثلاثون : باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل :
1- عن سعيد السمان قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل ، كانت بنو إسرائيل أي أهل بيت وجد التابوت على بابهم أوتوا النبوة فمن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة )).
2- عن عبد الله بن أبي يعفور، قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل ، حيثما دار التابوت دار الملك، فأينما دار السلاح فينا دار العلم )).
3- عن صفوان ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( كان أبوجعفر عليه السلام يقول إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل حيثما دار التابوت اوتوا النبوة ، وحيثما دار السلاح فيما فثم الأمر، قلت : فيكون السلاح مزايلا للعمل ؟ قال : لا )).
4- عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( قال أبوجعفر عليه السلام : إنما مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل أينما دار التابوت دار الملك ، وأينما دار السلاح فينا دار العلم )).
ست وثلاثون : باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام :
1- عن أبي بصير قال:
(( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : جعلت فداك إني أسألك عن مسألة ، ههنا أحد يسمع كلامي ؟ قال : فرفع أبوعبد عليه السلام سترا بينه وبين بيت آخر فأطلع فيه ثم قال : يا أبا محمد سل عما بدا لك ، قال : قلت : جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله علم عليا عليه السلام بابا يفتح له منه ألف باب ؟ قال : فقال : يا أبا محمد علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ألف باب يفتح من كل باب ألف باب قال : قلت: هذا والله العلم قال: فنكت ساعة في الأرض ثم قال : إنه لعلم وما هو بذاك.
قال : ثم قال : يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة ؟ قال: قلت : جعلت فداك وما الجامعة ؟ قال : صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه وخط علي بيمينه ، فيها كل حلال وحرام وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش وضرب بيده إلي فقال : تأذن لي يا أبا محمد ؟ قال : قلت : جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت ، قال : فغمزني بيده وقال : حتى أرش هذا - كأنه مغضب - قال : قلت : هذا والله العلم قال إنه لعلم وليس بذاك.
ثم سكت ساعة ، ثم قال : وإن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر ؟ قال قلت : وما الجفر ؟ قال : وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين ، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل ، قال قلت : إن هذا هو العلم ، قال : إنه لعلم وليس بذاك.
ثم سكت ساعة ثم قال : وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت : وما مصحف فاطمة عليها السلام ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد ، قال : قلت : هذا والله العلم قال : إنه لعلم وما هو بذاك.
ثم سكت ساعة ثم قال : إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال : قلت : جعلت فداك هذا والله هو العلم ، قال : إنه لعلم وليس بذاك.
قلت : جعلت فداك فأي شئ العلم ؟ قال : ما يحدث بالليل والنهار ، الأمر من بعد الامر، والشئ بعد الشئ، إلى يوم القيامة )).
2- عن حماد بن عثمان قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام ، قال : قلت : وما مصحف فاطمة ؟ قال : إن الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عزوجل فأرسل الله إليها ملكا يسلي غمها ويحدثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين عليه السلام يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا قال : ثم قال : أما إنه ليس فيه شئ من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون )).
3- عن الحسين ابن أبي العلاء قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن عندي الجفر الأبيض ، قال : قلت : فأي شئ فيه ؟ قال : زبور داود ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ، وصحف ابراهيم عليهم السلام والحلال والحرام ، ومصحف فاطمة ، ما أزعم أن فيه قرآنا ، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة ، ونصف الجلدة ، وربع الجلدة وأرش الخدش.
وعندي الجفر الأحمر، قال : قلت : وأي شئ في الجفر الاحمر؟ قال : السلاح وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل ، فقال له عبد الله ابن أبي يعفور: أصلحك الله أيعرف هذا بنو الحسن ؟ فقال : إي والله كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والانكار، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم )).
4- عن سليمان بن خالد قال: قال أبوعبدالله عليه السلام:
(( إن في الجفر الذي يذكرونه لما يسوؤهم ، لأنهم لا يقولون الحق والحق فيه ، فليخرجوا قضايا علي وفرائضه إن كانوا صادقين ، وسلوهم عن الخالات والعمات ، وليخرجوا مصحف فاطمة عليها السلام ، فإن فيه وصية فاطمة عليها السلام ، ومعه سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله عزوجل يقول : " فأتوا بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنت صادقين " )).
5- عن أبي عبيدة قال:
(( سأل أبا عبد الله عليه السلام بعض أصحابنا عن الجفر فقال : هو جلد ثور مملوء علما ، قال : له فالجامعة ؟ قال : تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج ، فيها كل ما يحتاج الناس إليه ، وليس من قضية إلا وهي فيها ، حتى أرش الخدش .
قال : فمصحف فاطمة عليها السلام ؟ قال، فسكت طويلا ثم قال : إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وأن جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها السلام )).
6- عن بكر بن كرب الصيرفي قال :
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن عندنا مالا نحتاج معه إلى الناس ، وإن الناس ليحتاجون إلينا ، وإن عندنا كتابا إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام ، صحيفة فيها كل حلال وحرام ، وإنكم لتأتونا بالامر فنعرف إذا أخذتم به ونعرف إذا تركتموه )).
7- عن فضيل بن يسار وبريد بن معاوية وزرارة :
(( أن عبد الملك بن أعين قال لأبي عبد الله عليه السلام : إن الزيدية والمعتزلة قد أطافوا بمحمد بن عبدالله فهل له سلطان ؟ فقال : و الله إن عندي لكتابين فيهما تسمية كل نبي وكل ملك يملك الارض ، لا والله ما محمد بن عبدالله في واحد منهما )).
8- عن فضيل [بن] سكرة قال:
(( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال : يافضيل أتدري في أي شئ كنت انظر قبيل ؟ قال : قلت : لا ، قال : كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام ليس من ملك يملك الأرض إلا وهو مكتوب فيه بأسمه وأسم ابيه وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا )).
سبع وثلاثون : باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها :
1- عن الحسن العباس بن الحريش عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال:
(( قال أبوعبدالله عليه السلام : بينا أبي عليه السلام يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر قد قيض له فقطع عليه أسبوعه حتى أدخله إلى دار جنب الصفا ، فأرسل إلي فكنا ثلاثة فقا : مرحبا يا ابن رسول الله ثم وضع يده على رأسي وقال بارك الله فيك يا أمين الله بعد أبائه يا أبا جعفران شئت فأخبرني وأن شئت فأخبرتك وان شئت سلني وان شئت سألتك وإن شئت فاصدقني وإن شئت صدقتك ؟ قال : كل ذلك أشاء ، قال : فأياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره قال : انما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه وإن الله عزوجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف قال : هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها.
أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف ، من يعلمه ؟ قال : أما جملة العلم فعند الله جل ذكره ، وأما ما لا بد للعباد فعند الأوصياء، قال : ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجهه ، وقال : هذه أردت ولها أتيت زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء ، فكيف يعلمونه ؟ قال : كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرى ، لانه كان نبيا وهم محدثون ، وأنه كان يفد إلى الله عزوجل فيسمع الوحي وهم لا يسمعون ، فقال : صدقت يا ابن رسول الله سآتيك بمسألة صعبة .
أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر؟ كما كان يظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال فضحك أبي عليه السلام وقال : أبى الله عزوجل أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به كما قضى على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصبر على أذى قومه ، ولا يجاهدهم ، إلا بأمره ، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له : اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا ، ولكنه إنما نظر في الطاعة ، وخاف الخلاف فلذلك كف ، فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الأمة ، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء . ثم أخرج سيفا ثم قال : ها إن هذا منها ، قال : فقال : أبي إي والذي اصطفى محمدا على البشر، قال : فرد الرجل اعتجاره وقال : أنا إلياس ، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لاصحابك و ساخبرك بآية انت تعرفها إن خاصموا بها فلجوا.
قال: فقال له أبي : إن شئت أخبرتك بها ؟ قال : قد شئت ، قال : إن شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا : إن الله عزوجل يقول لرسوله صلى الله عليه وآله : " إنا أنزلناه في ليلة القدر " - إلى آخرها - فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم من العلم - شيئا لا يعلمه - في تلك الليلة أو يأتيه به جبرئيل عليه السلام في غيرها ؟ فإنهم سيقولون : لا، فقل لهم : فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون : لا، فقل لهم: فهل كان فيما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله من علم الله عز ذكره اختلاف؟ فان قالوا : لا ، فقل لهم : فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف فهل خالف رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فيقولون : نعم - فإن قالوا : لا، فقد نقضوا أول كلامهم - فقل لهم : ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم .
فإن قالوا : من الراسخون في العلم ؟ فقل : من لا يختلف في علمه ، فإن قالوا فمن هو ذاك ؟ فقل : كان رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب ذلك ، فهل بلغ أولا؟ فإن قالوا : قد بلغ فقل : فهل مات صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف ؟ فإن قالوا : لا ، فقل : إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله مؤيد ولا يستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله إلا من يحكم بحكمه وإلا من يكون مثله إلا النبوة ، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده.
فإن قالوا لك فإن علم رسول الله صلى الله عليه وآله كان من القرآن فقل : " حم والكتاب المبين ، إنا أنزلناه في ليلة مباركة [إنا كنا منذرين فيها] - إلى قوله -: إنا كنا مرسلين " فإن قالوا لك : لا يرسل الله عزوجل إلا إلى نبي فقل : هذا الأمر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلى سماء ، أو من سماء إلى أرض ؟ فإن قالو ا: من سماء إلى سماء ، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية ، فإن قالوا : من سماء إلى أرض - وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك - فقل : فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه ؟ فإن قالوا : فإن الخليفة هو حكمهم فقل : " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور - إلى قوله -: خالدون " لعمري ما في الارض ولا في السماء ولي لله عز ذكره إلا و هو مؤيد ، ومن أيد لم يخظ ، وما في الأرض عدو لله عز ذكره إلا وهو مخذول ، ومن خذل لم يصب ، كما أن الأمر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الارض ، كذلك لابد من وال ، فإن قالوا : لا نعرف هذا فقل : [لهم] قولوا ما أحببتم ، أبى الله عزوجل بعد محمد صلى الله عليه وآله أن يترك العباد ولا حجة عليهم.
قال أبوعبد الله عليه السلام : ثم وقف فقال : ههنا يا أبن رسول الله باب غامض أرأيت إن قالوا : حجة الله : القرآن ؟ قال : إذن أقول لهم : إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهى ، ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون ، وأقول : قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبةما هي في السنة والحكم الذي ليس فيه اختلاف ، وليست في القرآن، أبى الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الارض ، وليس في حكمه راد لها ومفرج عن أهلها.
فقال : ههنا تفلجون يا أبن رسول الله ، أشهد أن الله عز ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الارض أو في أنفسهم من الدين أو غير ه، فوضع القرآن دليلا قال: فقال الرجل: هل تدري يا ابن رسول الله دليل ما هو؟ قال أبو جعفر عليه السلام : نعم فيه جمل الحدود ، وتفسيرها عند الحكم فقال أبى الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو [في] ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة.
قال : فقال الرجل : أما في هذا الباب فقد فلجتهم بحجة إلا أن يفتري خصمكم على الله فيقول: ليس لله جل ذكره حجة ولكن أخبرني عن تفسير " لكيلا تأسوا على ما فاتكم "؟ مما خص به علي عليه السلام " ولا تفرحوا بما آتاكم " قال: في أبي فلان واصحابه واحدة مقدمة وواحدة مؤخرة " لا تأسوا على ما فاتكم " مما خص به علي عليه السلام " ولا تفرحوا بما آتاكم " من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الرجل : أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه ثم قام الرجل وذهب فلم أره.
2- عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( بينا أبي جالس وعنده نفر إذا استضحك حتى اغرورقت عيناه دموعا ثم قال : هل تدرون ما أضحكني ؟ قال : فقالوا : لا ، قال زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.
فقلت له : هل رأيت الملائكة يا ابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة ، مع الأمن من الخوف والحزن ، قال فقال إن الله تبارك وتعالى يقول : " إنما المؤمنون إخوة " وقد دخل في هذا جميع الأمة ، فاستضحكت.
ثم قلت : صدقت يا ابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله جل ذكره اختلاف قال : فقال : لا، فقلت : ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت ثم ذهب وأتى رجل آخر فأطار كفه فأتى به إليك وأنت قاض ، كيف أنت صانع ؟ قال : أقول لهذا القاطع : أعطه دية كفه وأقول لهذا المقطوع : صالحه على ما شئت وابعث به إلى ذوي عدل ، قلت : جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره ، ونقضت القول الأول ، أبى الله عز ذكره أن يحدث في خلقة شيئا من الحدود [و] ليس تفسيره في الأرض ، اقطع قاطع الكف أصلا ثم أعطه دية الأصابع هكذا حكم الله ليلة تنزل فيها أمره ، إن جحدتها بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله فأدخلك الله النار كما أعمى بصرك يوم جحدتها علي بن ابي طالب قال : فلذلك عمي بصري ، قال : وما علمك بذلك فوالله إن عمي بصري إلا من صفقة جناح الملك.
قال : فاستضحكت ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله ، ثم لقيته فقلت : يا ابن عباس ما تكلمت بصدق مثل أمس ، قال لك علي بن أبي طالب عليه السلام : إن ليلة القدر في كل سنة ، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وإن لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : من هم ؟ فقال : أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون ، فقلت : لا أراها كانت إلا مع رسول الله فتبدا لك الملك الذي يحدثه فقال : كذبت يا عبد الله رأت عيناي الذي حدثك به علي - ولم تره عيناه ولكن وعا قلبه ووقر في سمعه - ثم صفقك بجناحه فعميت قال فقال ابن عباس ما اختلفنا في شئ فحكمه إلى الله ، فقلت له : فهل حكم الله في حكم من حكمه بأمرين ؟ قال : لا ، فقلت : ههنا هلكت وأهلكت.
3- وبهذا الإسناد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال الله عزوجل في ليلة القدر " فيها يفرق كل أمر حكيم " يقول : ينزل فيها كل أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنما هو شئ واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عز وجل ، ومن حكم بأمر فيه أختلاف فرأي أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عزوجل الخاص والمكنون العجيب المخزون ، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الامر، ثم قرأ : " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم )).
4- وبهذا الإسناد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( كان علي بن الحسين صلوات الله عليه يقول : " إنا انزلناه في ليلة القدر " صدق الله عزوجل أنزل الله القرآن في ليلة القدر " وما أدراك ما ليلة القدر " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا أدري، قال الله عزوجل " ليلة القدر خير من ألف شهر " ليس فيها ليلة القدر ، قال لرسول الله صلى الله عليه وآله : وهل تدري لم هي خير من الف شهر؟ قال لا ، قال : لانها تنزل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر، وإذا أذن الله عزوجل بشئ فقد رضيه " سلام هي حتى مطلع الفجر " يقول: تسلم عليك يا محمد ملائكتي وروحي بسلامي من أول ما يهبطون إلى مطلع الفجر.
ثم قال : في بعض كتابه : " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " في " إنا أنزلناه في ليلة القدر " وقال في بعض كتابه : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " يقول في الآية الاولى : إن محمدا حين يموت ، يقول أهل الخلاف لأمر الله عزوجل : مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله فهذه فتنة أصابتهم خاصة ، وبها ارتدوا على أعقابهم ، لأنه إن قالوا : لم تذهب ، فلابد أن يكون لله عزوجل فيها أمر، وإذا أقروا بالأمر لم يكن له من صاحب بد.
5- وعن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( كان علي عليه السلام كثيرا ما يقول -: [ما] اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقرأ : " إنا انزلناه " بتخشع وبكاء فيقولان : ما أشد رقتك لهذه السورة ؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله : لما رأت عيني ووعا قلبي ، ولما يرى قلب هذا من بعدي فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى قال : فيكتب لهما في التراب " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر " قال: ثم يقول : هل بقي شئ بعد قوله عزوجل : " كل أمر " فيقولان : لا ، فيقول : هل تعلمان من المنزل إليه بذلك ؟ فيقولان : أنت يا رسول الله ، فيقول : نعم ، فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدى ؟ فيقولان : نعم ، قال : فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها ؟ فيقولان : نعم ، قال : فيقول : إلى من ؟ فيقولان : لا ندري ، فيأخذ برأسي ويقول : إن لم تدريا فادريا ، هو هذا من بعدي قال : فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من شدة ما يداخلهما من الرعب )).
6- وعن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه (تفلحوا؟) ، فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وإنها لسيدة دينكم ، وإنها لغاية علمنا ، يا معشر الشيعة خاصموا ب " حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين " فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى : " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " قيل : يا أبا جعفر نذيرها محمد صلى الله عليه وآله قال : صدقت ، فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الارض ، فقال السائل : لا ، قال أبوجعفر عليه السلام :
أرأيت بعيثه أليس نذيره ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله في بعثته من الله عزوجل نذير، فقال : بلى ، قال : فكذلك لم يمت محمد إلا وله بعيث نذير قال : فإن قلت لا فقد ضيع رسول الله صلى الله عليه وآله من في أصلاب الرجال من أمته ، قال : وما يكفيهم القرآن ؟ قال : بلي إن وجدوا فله مفسرا قال : وما فسره رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : بلى قد فسره لرجل واحد ، وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام .
قال السائل : يا أبا جعفر كان هذا أمر خاص لا يحتمله العامة ؟ قال : أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه ، كما أنه كان رسول الله مع خديجة مستترا حتى امر بالاعلان ، قال السائل : ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم ؟ قال : أو ما كتم علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ظهر أمره ؟ قال : بلى ، قال : فكذلك أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله )).
7- وعن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون ، ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة ، من جحد ذلك فقد رد على الله عزوجل علمه ، لأنه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدثون إلا أن تكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة ، مع الحجة التي يأتيهم بها جبرئيل عليه السلام ، قلت : والمحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة عليهم السلام ؟ قال : أما الأنبياء والرسل صلى الله عليهم فلا شك ، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدنيا أن تكون على أهل الأرض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحب من عباده .
وأيم الله لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم ، وأيم الله ما مات آدم إلا وله وصي ، وكل من بعد آدم من الانبياء قد أتاه الامر فيها ، ووضع لوصيه من بعده ، وأيم الله إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه ، من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله أن أوصى إلى فلان ، ولقد قال الله عزوجل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم - إلى قوله - فاولئك هم الفاسقون " يقول : أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه " يعبدونني لا يشركون بي شيئا " يقول : يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك " فاولئك هم الفاسقون " فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد بالعلم و نحن هم ، فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين أما علمنا فظاهر، وأما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف ، فإن له أجلا من ممر الليالي والايام ، إذا أتى ظهر، وكان الامر واحدا.
وأيم الله لقد قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف ، ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد صلى الله عليه وآله علينا ، ولنشهد على شيعتنا ، ولتشهد شيعتنا على الناس ، أبى الله عزوجل أن يكون في حكمه اختلاف ، أو بين أهل علمه تناقض .
ثم قال أبوجعفر عليه السلام فضل إيمان المؤمن بحمله " إنا أنزلنا " وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها ، كفضل الإنسان على البهائم ، وإن الله عزوجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا - لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم - ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين ولا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار)).
8- قال: وقال رجل لأبي جعفر عليه السلام:
(( يا ابن رسول الله لا تغضب علي قال : لماذا ؟ قال : لما اريد أن أسألك عنه ، قال : قل ، قال : ولا تغضب ؟ قال : ولا أغضب قال : أرأيت قولك في ليلة القدر، وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء ، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله قد علمه ؟ أو ياتونهم بأمر كان رسول الله صلى الله عليه وآله علمه؟ وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مات وليس من علمه شئ إلا وعلي عليه السلام له واع ، قال أبوجعفر عليه السلام : مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي ؟ قال : أدخلني عليك القضاء لطلب الدين ، قال : فافهم ما أقول لك.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون ، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان علي بن أبي طالب عليه السلام قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال السائل : أوما كان في الجمل تفسير؟ قال : بلى ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الأوصياء : افعل كذا وكذا ، لأمر قد كانوا علموه ، أمروا كيف يعملون فيه ؟ قلت : فسر لي هذا قال لم يمت رسول الله صلى الله عليه وآله إلا حافظا لجملة وتفسيره ، قلت فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال : الأمر واليسر فيما كان قد علم ، قال السائل : فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا ؟ قال : هذا مما امروا بكتمانه ، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عزوجل.
قال السائل : فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الانبياء ؟ قال : لا وكيف يعلم وصي غير علم ما اوصي إليه ، قال السائل : فهل يسعنا أن نقول : إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال : لا لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد ، قال السائل ، و ما كانوا علموا ذلك الحكم ؟ قال : بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة ، قال السائل : يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : من أنكره فليس منا.
قال السائل : يا أبا جعفر أرأيت النبي صلى الله عليه وآله هل كان يأتيه في ليالي القدر شئ لم يكن علمه ؟ قال : لا يحل لك أن تسأل عن هذا ، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه ، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عزوجل أبى أن يطلع الاوصياء عليه إلا أنفسهم ، قال السائل : يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة ؟ قال : إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة فاذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سالت عنه )).
9- وقال : قال أبوجعفر عليه السلام :
(( لما ترون من بعثه الله عزوجل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأزواجهم أكثر مما ترون خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة ، قيل : يا أبا جعفر وكيف يكون شئ أكثر من الملائكة ؟ قال : كما شاء الله عزوجل : قال السائل : يا أبا جعفر إني لو حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث لانكروه قال : كيف ينكرونه ؟ قال ، يقولون : إن الملائكة عليهم السلام أكثر من الشياطين قال : صدقت افهم عني ما أقول : إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين ، تزور أئمة الضلالة ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتى إذا أتت ليلة القدر ، فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الامر ، خلق الله - أو قال قيض الله - عزوجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول : رأيت كذا وكذا ، فلو سأل ولي الأمر عن ذلك لقال رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيرا ويعلمه الضلالة التي هو عليها.
وأيم الله إن من صدق بليلة القدر، ليعلم أنها لنا خاصة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام حين دنا موته : هذا وليكم من بعدي ، فان أطعتموه رشدتم ، ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر ، ومن آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فانه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول ، إنها لنا ومن لم يقل فانه كاذب ، إن الله عزوجل أعظم من أن ينزل الامر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق ، فإن قال : إنه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها فليس قولهم ذلك بشئ ، وإن قالوا : إنه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شئ إلى غير شئ وإن قالوا - وسيقولون -: ليس هذا بشئ فقد ضلوا ضلالا بعيدا )).
ثمان وثلاثون : باب في أن الائمة عليهم السلام يزدادون في ليلة الجمعة :
1- عن أبي يحيى الصنعاني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال لي : يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن ، قال قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال : يؤذن لارواح الأنبياء الموتى عليهم السلام وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم ، يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها ، فتطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملؤا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير )).
2- عن المفضل قال:
(( قال لي أبوعبدالله عليه السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك : يا ابا عبد الله قال : قلت : لبيك ، قال : إن لنا في كل ليلة جمعة سرورا قلت زادك الله وما ذاك ؟ قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الائمة عليهم السلام معه ووافينا معهم ، فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لانفدنا )).
3- عن يونس أو المفضل ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال :
(( ما من ليلة جمعة إلا ولأولياء الله فيها سرور قلت : كيف ذلك ؟ جعلت فداك قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الأئمة عليهم السلام ووافيت معهم فما أرجع إلا بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفد ما عندي )).
تسع وثلاثون : باب لولا أن الأئمة عليهم السلام يزدادون لنفد ما عندهم :
1- عن صفوان بن يحيى قال :
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : كان جعفر بن محمد عليهما السلام يقول : لولا أنا نزداد لانفدنا )).
2- عن ذريح المحاربي قال :
(( قال لي أبوعبدالله عليه السلام : لو لا أنا نزداد لانفدنا )).
3- عن زرارة قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لولا أنا نزداد لأنفدنا ، قال : قلت : تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : أما إنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم على الائمة ثم انتهى الأمر إلينا )).
4- عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( ليس يخرج شئ من عند الله عزوجل حتى يبدأ برسول الله صلى الله عليه وآله ثم بأمير المؤمنين عليه السلام ثم بواحد بعد واحد ، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أولنا )).
باب أن الائمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام :
1- عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن لله تبارك وتعالى علمين : علما أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله ، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه ، وعلما استأثر به فإذا بدا لله في شئ منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا من قبلنا )).
2- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن لله عزوجل علمين : علما عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، وعلما نبذه إلى ملائكته ورسله ، فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا )).
3- عن ضريس ، قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن لله عزوجل علمين : علم مبذول ، وعلم مكفوف فأما المبذول فانه ليس من شئ تعلمه الملائكة والرسل إلا نحن نعلمه ، وأما المكفوف فهو الذي عند الله عزوجل في أم الكتاب إذا خرج نفذ )).
4- عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن لله عزوجل علمين : علم لا يعلمه إلا هو وعلم علمه ملائكته ورسله ، فما علمه ملائكته ورسله عليهم السلام فنحن نعلمه )).
أربعون : باب نادر فيه ذكر الغيب :
1- عن معمر بن خلاد قال:
(( سأل أبا الحسن عليه السلام رجل من أهل فارس فقال له : أتعلمون الغيب ؟ فقال : قال أبو جعفر عليه السلام : يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم ، وقال : سر الله عزوجل أسره إلى جبرئيل عليه السلام وأسره جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله ، وأسرة محمد إلى من شاء الله )).
2- عن سدير الصيرفي قال:
(( سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليه السلام : عن قول الله عزوجل: " بديع السماوات والارض " قال أبوجعفر عليه السلام : إن الله عز وجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون ، أما تسمع لقوله تعالى : " وكان عرشه على الماء ".
فقال له حمران : " أرأيت قوله جل ذكره : " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا " فقال أبوجعفر عليه السلام : " إلا من ارتضى من رسول " وكان والله محمد ممن ارتضاه ، وأما قوله " عالم الغيب " فإن الله عزوجل عالم بما غاب عن خلقه فيما قدر من شئ، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه ، وقبل أن يفضيه إلى الملائكة ، فذلك يا حمران ، علم موقوف عنده ، إليه فيه المشيئة ، فيقضيه إذا أراد ، ويبدو له فيه فلا يمضيه ، فأما العلم الذي يقدره الله عزوجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إلينا )).
3- عن سدير قال :
(( كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجبا لاقوام يزعمون أنا نعلم الغيب ، ما يعلم الغيب إلا الله عزوجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة ، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي قال سدير: فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وابوبصير وميسر وقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال : فقال : يا سدير : ألم تقرء القرآن ؟ قلت : بلى ، قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل : " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال : قلت : جعلت فداك قد قرأته ، قال : فهل عرفت الرجل؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب ؟ قال : قلت : أخبرنى به ؟ قال : قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب ؟ ! قال : قلت جعلت : فداك ما أقل هذا فقال : يا سدير : ما أكثر هذا ، أن ينسبه لله عزوجل إلى العلم الذي اخبرك به يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل أيضا : " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال : قلت : قد قرأته جعلت فداك قال : أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه ؟ قلت : لا، بل من عنده علم الكتاب كله ، قال : فأومأ بيده إلى صدره وقال : علم الكتاب والله كله عندنا ، علم الكتاب والله كله عندنا )).
4- عن عمار الساباطي قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإمام ؟ يعلم الغيب ؟ فقال : لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشئ أعلمه الله ذلك )).
واحد وأربعون : باب أن الائمة عليهم السلام إذا شاؤوا أن يعلموا علموا :
1- عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم )).
2- عن أبي الربيع ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الإمام إذا شاء أن يعلم أعلم )).
3- عن أبي عبيدة المدائني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك )).
باب أن الائمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون ، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم :
1- عن أبي بصير قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير، فليس ذلك بحجة لله على خلقه )).
2- عن الحسن بن محمد بن بشار قال :
(( حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ببغداد ممن كان ينقل عنه ، قال : قال لي : قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل هذا البيت ، فما رأيت مثله قط في فضله ونسكه فقلت له : من ؟ وكيف رأيته ، قال : جمعنا أيام السندي بن شاهك ثمانين رجلا من الوجوه المنسوبين إلى الخير، فأدخلنا على موسى بن جعفر عليهما السلام فقال لنا السندي : يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث ؟ فإن الناس يزعمون أنه قد فعل به ويكثرون في ذلك وهذا منزله وفراشه موسع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءا وإنما ينتظر به أن يقدم فيناظر أمير المؤمنين وهذا هو صحيح موسع عليه في جميع أموره ، فسلوه ، قال : ونحن ليس لنا هم إلا النظر إلى الرجل والى فضله وسمته فقال موسى بن جعفر عليهما السلام: أما ما ذكر من التوسعة وما أشبهها فهو على ما ذكر غير أني أخبركم أيها النفر أني قد سقيت السم في سبع تمرات وأنا غدا أخضر وبعد غد أموت قال : فنظرت إلى السندي بن شاهك يضطرب ويرتعد مثل السعفة )).
3- عن عبد الله ابن أبي جعفر قال حدثني أخي ، عن جعفر ، عن أبيه :
(( أنه أتى علي بن الحسين عليهما السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال : يا أبت أشرب هذا فقال : يا بني إن هذه الليلة التي اقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وآله )).
4- عن الحسن بن الجهم قال:
(( قلت للرضا عليه السلام : إن أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها والموضع الذي قتل فيه وقوله لما سمع صياح الاوز في الدار: صوائح تتبعها نوائح ، وقول أم كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس ، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه السلام أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف ، كان هذا مما لم يجز تعرضه ، فقال : ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة ، لتمضي مقادير الله عزوجل )).
5- عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال:
(( إن الله عزوجل غضب على الشيعة فخيرني نفسي أو هم ، فوقيتهم والله بنفسي )).
6- عن مسافر :
(( أن أبا الحسن الرضا عليه السلام قال له : يا مسافر هذا القناة فيها حيتان ؟ قال : نعم جعلت فداك ، فقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله البارحة وهو يقول : يا علي ما عندنا خير لك )).
7- عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره ، فقلت : يا أباه والله ما رأيتك منذ اشتكيت أحسن منك اليوم ، ما رأيت عليك أثر الموت ، فقال : يا بني أما سمعت علي بن الحسين عليهما السلام ينادي من وراء الدار يا محمد تعال ، عجل ؟ )).
8- عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام حتى كان [ما] بين السماء والأرض ثم خير: النصر، أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله تعالى )).
اثنان وأربعون : باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم :
1- عن سيف التمار قال :
(( كنا مع أبي عبد الله عليه السلام جماعة من الشيعة في الحجر فقال : علينا عين ؟ فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا فقلنا : ليس علينا عين فقال : ورب الكعبة ورب البنية - ثلاث مرات - لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما ولانبئتهما بما ليس في أيديهما ، لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة )).
2- وعدة من أصحابنا منهم عبد الأعلى وأبوعبيدة وعبد الله ابن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبدالله عليه السلام يقول :
(( إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون ، قال : ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال : علمت ذلك من كتاب الله عزوجل ، إن الله عزوجل يقول فيه تبيان كل شئ )).
3- عن جماعة بن سعد الخثعمي أنه قال :
(( كان المفضل عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له المفضل : جعلت فداك يفرض الله طاعة عبد على العباد ويحجب عنه خبر السماء ؟ قال : لا ، الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد على العباد ثم يحجب عنه خبر السماء صباحا ومساء )).
4- عن ضريس الكناسي قال :
سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول - وعنده اناس من أصحابه -: عجبت من قوم يتولونا ويجعلونا أئمة ويصفون أن طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم ، فينقصونا حقنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لامرنا ، أترون أن الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم ؟ ! فقال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره ، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : ياحمران إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الإختيار ثم أجراه فبتقدم علم إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله قام علي والحسن والحسين عليهم السلام ، وبعلم صمت من صمت منا ، ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل بهم ما نزل من أمر الله عزوجل وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله عزوجل أن يدفع عنهم ذلك وألحوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت وذهاب ملكهم إذا لأجابهم ودفع ذلك عنهم ، ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد ، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله ، أراد أن يبلغوها ، فلا تذهبن بك المذاهب فيهم )).
5- عن هشام بن الحكم قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام فأقبلت أقول: يقولون كذا وكذا قال : قل كذا وكذا ، قلت : جعلت فداك هذا الحلال وهذا الحرام ، أعلم أنك صاحبه وأنك أعلم الناس به وهذا هو الكلام ، فقال لي : ويحك يا هشام [لا] يحتج الله تبارك وتعالى على خلقه بحجة لا يكون عنده كل ما يحتاجون إليه )).
6- عن أبي حمزة قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لا والله لا يكون عالم جاهلا أبدا ، عالما بشئ جاهلا بشئ ، ثم قال : الله أجل وأعز وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه ، ثم قال : لا يحجب ذلك عنه )).
ثلاث وأربعون : باب أن الله عزوجل لم يعلم نبيه علما إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه كان شريكه في العلم :
1- عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله إحداهما وكسر الأخرى بنصفين فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان ؟ قال : لا ، قال : أما الاولى فالنبوة ، ليس لك فيها نصيب وأما الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه ، فقلت : أصلحك الله كيف كان ؟ يكون شريكه فيه ؟ قال : لم يعلم الله محمدا صلى الله عليه وآله علما إلا وأمره أن يعلمه عليا عليه السلام )).
2- عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة فأعطاه إياهما فأكل واحدة وكسر الأخرى بنصفين فأعطى عليا عليه السلام نصفها فأكلها ، فقال يا علي أما الرمانة الاولى التي أكلتها فالنبوة ليس لك فيها شئ ، وأما الأخرى فهو العلم فأنت شريكي فيه )).
3- عن محمد بن مسلم قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة ، فلقيه علي عليه السلام فقال : ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك ؟ فقال: أما هذه فالنبوة ، ليس لك فيها نصيب ، وأما هذه فالعلم ، ثم فلقها رسول الله صلى الله عليه وآله بنصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله نصفها ثم قال : أنت شريكي فيه وأنا شريكك فيه ، قال : فلم يعلم والله رسول الله صلى الله عليه وآله حرفا مما علمه الله عزوجل إلا وقد علمه عليا ثم انتهى العلم إلينا ، ثم وضع يده على صدره )).
أربع وأربعون : باب جهات علوم الأئمة عليهم السلام :
1- عن علي السائي عن أبي الحسن الأول موسى عليه السلام قال:
(( مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض وغابر وحادث فاما الماضي فمفسر، وأما الغابر فمزبور وأما الحادث فقذف في القلوب ، ونقر في الأسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا )).
2- عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه السلام [قال] :
(( قلت: أخبرني عن علم عالمكم ؟ قال : وراثة من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن علي عليه السلام قال : قلت : إنا نتحدث أنه يقذف في قلوبكم وينكت في آذانكم قال: أو ذاك )).
3- عن المفضل بن عمر قال :
(( قلت لأبي الحسن عليه السلام : روينا ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : إن علمنا غابر ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الأسماع فقال أما الغابر فما تقدم من علمنا ، وأما المزبور فما يأتينا ، وأما النكت في القلوب فإلهام وأما النقر في الاسماع فأمر الملك)).
خمس وأربعون : باب أن الأئمة عليهم السلام لولا ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه :
1- عن عبد الواحد بن المختار قال ، قال أبوجعفر عليه السلام :
(( لو كان لألسنتكم أوكية لحدثت كل امرئ بما له وعليه.
2- عن عبد الله بن مسكان قال: سمعت أبا بصير يقول:
(( قلت لأبي عبدالله عليه السلام : من أين أصاب أصحاب علي ما أصابهم مع علمهم بمناياهم وبلاياهم ؟ قال : فأجابني - شبه المغضب -: ممن ذلك إلا منهم ؟ ! فقلت : ما يمنعك جعلت فداك ؟ قال : ذلك باب أغلق إلا أن الحسين بن علي صلوات عليهما فتح منه شيئا يسيرا ثم قال : يا أبا محمد ، إن أولئك كانت على أفواههم أوكية )).
ست وأربعون : باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله والى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين :
1- عن أبي إسحاق النحوي قال:
(( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسمعته يقول : إن الله عزوجل أدب نبيه على محبته فقال : " وإنك لعلى خلق عظيم " ثم فوض إليه فقال عز وجل : " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وقال عز وجل : " من يطع الرسول فقد أطاع الله " قال : ثم قال وإن نبي الله فوض إلى علي وائتمنه فسلمتم وجحد الناس فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا وأن تصمتوا إذا صمتنا ونحن فيما بينكم وبين الله عز وجل ، ما جعل الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا )).
2- عن موسى بن أشيم قال:
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عزوجل فأخبره بها ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر [به] الأول فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطاء كله ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي ، فسكنت نفسي ، فعلمت أن ذلك منه تقية ، قال : ثم التفت إلي فقال لي : يا ابن أشيم إن الله عزوجل فوض إلى سليمان بن داود فقال : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " وفوض إلى نبيه ، صلى الله عليه وآله فقال : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا )).
3- عن زرارة قال :
(( سمعت أبا جعفر وأبا عبدالله عليهما السلام يقولان : إن الله عزوجل فوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ، ثم تلا هذه الآية : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " )).
4- عن فضيل بن يسار قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر: إن الله عزوجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال : " إنك لعلى خلق عظيم "، ثم فوض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده ، فقال عزوجل : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس ، لا يزل ولا يخطئ في شئ مما يسوس به الخلق ، فتأدب بآداب الله ثم إن الله عزوجل فرض الصلاة ركعتين ، ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن إلا في سفر وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر فأجاز الله عزوجل له ذلك فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة ، ثم سن رسول الله صلى الله عليه وآله النوافل أربعا وثلاثين ركعة مثلي الفريضة فأجاز الله عزوجل له ذلك والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان وسن رسول الله صلى الله عليه وآله صوم شعبان وثلاث أيام في كل شهر مثلي الفريضة فأجاز الله عزوجل له ذلك وحرم الله عزوجل الخمر بعينها وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله المسكر من كل شراب فأجاز الله له ذلك كله وعاف رسول الله صلى الله عليه وآله أشياء وكرهها ولم ينه عنها نهي حرام إنما نهى عنها نهي إعافة وكراهة ، ثم رخص فيها فصار الاخذ برخصه واجبا على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه وعزائمه ولم يرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وآله فيما نهاهم عنه نهي حرام ولا فيما أمر به أمر فرض لازم فكثير المسكر من الأشربة نهاهم عنه نهي حرام لم يرخص فيه لاحد ولم يرخص رسول الله صلى الله عليه وآله لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما إلى ما فرض الله عزوجل ، بل ألزمهم ذلك إلزاما واجبا ، لم يرخص لأحد في شئ من ذلك إلا للمسافر وليس لاحد أن يرخص [شيئا] ما لم يرخصه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فوافق أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أمر الله عزوجل ونهيه نهي الله عزوجل ووجب على العباد التسليم له كالتسليم لله تبارك وتعالى )).
5- عن زرارة :
(( أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام يقولان : إن الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ، ثم تلا هذه الآية " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " )).
6- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الله تبارك وتعالى أدب نبيه صلى الله عليه وآله فلما انتهى به إلى ما أراد ، قال له : " إنك لعلى خلق عظيم " ففوض إليه دينه فقال : " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وإن الله عزوجل فرض الفرائض ولم يقسم للجد شيئا وإن رسول الله صلى الله عليه وآله أطعمه السدس فأجاز الله جل ذكره له ذلك ، وذلك قول الله عزوجل : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ".
7- عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( وضع رسول الله صلى الله عليه وعلي آله دية العين ودية النفس وحرم النبيذ وكل مسكر، فقال له رجل : وضع رسول الله صلى الله عليه وآله من غير أن يكون جاء فيه شئ ؟ قال : نعم ليعلم من يطع الرسول ممن يعصيه.
8 - عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( لا والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الائمة ، قال عزوجل : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أريك الله " وهي جارية في الأوصياء عليهم السلام )).
9- عن محمد بن الحسن الميثمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( سمعته يقول : إن الله عز وجل أدب رسوله حتى قومه على ما أراد ، ثم فوض إليه فقال عز ذكره : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " فما فوض الله إلى رسوله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا )).
10- عن زيد الشحام قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " قال : أعطى سليمان ملكا عظيما ثم جرت هذه الآية في رسول الله صلى الله عليه وآله فكان له أن يعطي ما شاء من شاء ويمنع من شاء ، وأعطاه [الله] أفضل مما أعطى سليمان لقوله : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " )).
سبع وأربعون : باب في أن الائمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهية القول فيهم بالنبوة :
1- عن حمران بن أعين قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما موضع العلماء ؟ قال : مثل ذي القرنين وصاحب سليمان وصاحب موسى عليهم السلام )).
2- عن الحسين بن أبي العلاء قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( إنما الوقوف علينا في الحلال فأما النبوة فلا )).
3- عن أيوب بن الحر، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( إن الله عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبدا ، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبدا ، وأنزل فيه تبيان كل شئ وخلقكم وخلق السماوات والأرض ونبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون إليه )).
4- عن الحارث بن المغيرة قال : قال أبوجعفر عليه السلام :
(( إن عليا عليه السلام كان محدثا فقلت : فتقول : نبي؟ قال : فحرك بيده هكذا ، ثم قال : أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين أو ما بلغكم أنه قال : وفيكم مثله ؟ )).
5- عن بريد ابن معاوية ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال:
(( قلت له : ما منزلتكم ؟ ومن تشبهون ممن مضى ؟ قال : صاحب موسى وذو القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيين )).
6- عن سدير قال:
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن قوما يزعمون أنكم آلهة ، يتلون بذلك علينا قرآنا : " وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله " فقال : يا سدير سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري من هؤلاء براء وبرئ الله منهم ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم ، قال : قلت : وعندنا قوم يزعمون أنكم رسل يقرؤون علينا بذلك قرآنا " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم " فقال : يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء وبرئ الله منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم ، قال : قلت : فما أنتم ؟ قال نحن خزان علم الله ، نحن تراجمة أمر الله ، نحن قوم معصومون ، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجة البالغة على من دون السماء و فوق الأرض)).
7- عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( الأئمة بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي صلى الله عليه وآله فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله )).
ثمان وأربعون : باب أن الأئمة عليهم السلام محدثون مفهمون :
1- عن عبيد بن زرارة قال :
(( أرسل أبو جعفر عليه السلام إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة أن أوصياء محمد عليه وعليهم السلام محدثون )).
2- عن الحكم بن عتيبة قال :
(( دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام يوما فقال : يا حكم هل تدري الآية التي كان علي بن أبي طالب عليه السلام يعرف قاتله بها ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس ؟ قال الحكم : فقلت في نفسي : قد وقعت على علم من علم علي بن الحسين ، أعلم بذلك تلك الأمور العظام ، قال : فقلت : لا والله لا أعلم ، قال : ثم قلت : الآية تخبرني بها يا ابن رسول الله ؟ قال : هو والله قول الله عز ذكره: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) " وكان علي بن أبي طالب عليه السلام محدثا فقال له رجل يقال له : عبدالله بن زيد ، كان أخا علي لأمه ، سبحان الله محدثا ؟ ! كأنه ينكر ذلك ، فأقبل علينا أبوجعفر عليه السلام فقال : أما والله إن ابن امك بعد قد كان يعرف ذلك ، قال : فلما قال ذلك سكت الرجل ، فقال: هي التي هلك فيها أبوالخطاب فلم يدر ما تأويل المحدث والنبي )).
3- عن محمد بن إسماعيل قال :
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : الأئمة علماء صادقون مفهمون محدثون )).
4- عن محمد بن مسلم قال :
(( ذكر المحدث عند أبي عبدالله عليه السلام فقال : إنه يسمع الصوت ولا يرى الشخص فقلت له : جعلت فداك كيف يعلم أنه كلام الملك ؟ قال : إنه يعطي السكينة والوقار حتى يعلم أنه كلام ملك )).
5- عن حمران بن أعين قال:
(( قال أبو جعفر عليه السلام إن عليا عليه السلام كان محدثا ، فخرجت إلى أصحابي فقلت : جئتكم بعجيبة ، فقالوا : وما هي ؟ فقلت : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ، كان علي عليه السلام محدثا فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه ، فرجعت إليه فقلت : إني حدثت أصحابي بما حدثتني فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه ؟ ، فقال لي : يحدثه ملك ، قلت : تقول : إنه نبي ؟ قال: فحرك يده - هكذا -: أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين ، أو ما بلغكم أنه قال : وفيكم مثله )).
تسع وأربعون : باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة عليهم السلام :
1- عن جابر الجعفي قال:
(( قال أبوعبد الله عليه السلام : يا جابر إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف وهو قول الله عزوجل : " وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون اولئك المقربون " فالسابقون هم رسل الله عليهم السلام وخاصة الله من خلقه ، جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس فبه عرفوا الاشياء ، وأيدهم بروح الايمان فبه خافوا الله عزوجل وأيدهم بروح القوة فبه قدروا على طاعة الله ، وأيدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عزوجل وكرهوا معصيته ، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيؤون ، وجعل في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الايمان فبه خافوا الله ، وجعل فيهم روح القوة فبه قدروا على طاعة الله ، وجعل فيهم روح الشهوه فبه اشتهوا طاعة الله ، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيؤون )).
2- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( سألته عن علم العالم ، فقال لي : يا جابر إن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح: روح القدس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة ، فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى ، ثم قال : يا جابر إن هذه الاربعة أرواح يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب )).
3- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سألته عن علم الإمام بما في أقطار الارض وهو في بيته مرخى عليه ستره ، فقال : يا مفضل إن الله تبارك وتعالى جعل في النبي صلى الله عليه وآله خمسة أرواح : روح الحياة فبه دب ودرج ، وروح القوة فبه نهض وجاهد ، وروح الشهوة فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال ، وروح الإيمان فبه آمن وعدل ، وروح القدس فبه حمل النبوة فاذا قبض النبي صلى الله عليه وآله انتقل روح القدس فصار إلى الإمام ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو والأربعة الأرواح تنام وتغفل وتزهو وتلهو، وروح القدس كان يرى به )).
خمسون : باب الروح التى يسدد الله بها الأئمة عليهم السلام :
1- عن أبي بصير قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى : " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان " قال : خلق من خلق الله عزوجل أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره ويسدده وهو مع الأئمة من بعده )).
2- عن أسباط بن سالم قال:
(( سأله رجل من أهل هيت - وأنا حاضر - عن قول الله عزوجل : " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " فقال : منذ أنزل الله عزوجل ذلك الروح على محمد ، صلى الله عليه وآله ما صعد إلى السماء وإنه لفينا )).
3- عن أبي بصير قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي " قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة ، وهو من الملكوت )).
4- عن أبي بصير قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : " يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي " قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، لم يكن مع أحد ممن مضى ، غير محمد صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة يسددهم ، وليس كل ما طلب وجد )).
5- عن أبي حمزة قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العلم ، أهوعلم يتعلمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرؤنه . فتعلمون منه ؟ قال : الأمر أعظم من ذلك وأوجب ، أما سمعت قول الله عزوجل : " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان " ثم قال : أي شئ يقول أصحابكم في هذه الآية ، أيقرون أنه كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الايمان ؟ فقلت : لا أدري - جعلت فداك - ما يقولون ، فقال [لي]: بلى قد كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان حتى بعث الله تعالى الروح التي ذكر في الكتاب ، فلما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم ، وهي الروح التي يعطيها الله تعالى من شاء ، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم )).
6- عن سعد الإسكاف قال :
(( أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام يسأله عن الروح ، أليس هو جبرئيل ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : جبرئيل عليه السلام من الملائكة والروح غير جبرئيل ، فكرر ذلك على الرجل فقال ل ه: لقد قلت عظيما من القول ، ما أحد يزعم أن الروح غير جبرئيل فقال له : أمير المؤمنين (ع) : إنك ضال تروي عن أهل الضلال ، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : " أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ، ينزل الملائكة بالروح " والروح غير الملائكة صلوات الله عليهم )).
واحد وخمسون : باب وقت ما يعلم الإمام جميع علم الإمام الذي كان قبله عليهم جميعا السلام :
- عن بعض أصحابنا قال:
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام متى يعرف الأخير ما عند الأول ؟ قال : في آخر دقيقة تبقى من روحه )).
2- عن عبيد بن زرارة وجماعة معه قالوا :
(( سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : يعرف الذي بعد الإمام علم من كان قبله في آخر دقيقة تبقى من روحه )).
3- عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قلت له : الإمام متى يعرف إمامته وينتهي الامر إليه ؟ قال : في آخر دقيقة من حياة الأول )).
اثنان وخمسون : باب في أن الأئمة صلوات الله عليهم في العلم والشجاعة والطاعة سواء :
1- عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال [الله تعالى] (الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ(1)) قال (الذين امنوا) النبي صلى الله عليه وآله وذريته الأئمة والأوصياء صلوات الله عليهم ، ألحقنا بهم ولم ننقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة )).
2- عن علي بن جعفر ، عن أبي الحسن عليه السلام قال:
(( قال لي : نحن في العلم والشجاعة سواء وفي العطايا على قدر ما نؤمر )).
3- عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نحن في الأمر والفهم والحلال والحرام نجري مجرى واحد ، فأما رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام فلهما فضلهما )).
ثلاث وخمسون : باب أن الإمام عليه السلام يعرف الإمام الذي يكون من بعده وأن قول الله تعالى " ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " فيهم عليهم السلام نزلت :
1- عن بريد العجلي قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " قال : إيانا عنى ، أن يؤدي الاول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم السلاح " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم ، ثم قال للناس : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا ، فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اولي الامر منكم ، كذا نزلت وكيف يأمرهم الله عزوجل بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم ؟ ! إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم، " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " )).
2- عن أحمد بن عمر قال :
(( سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عزوجل : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال : هم الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله أن يؤدي الإمام الأمانة إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه )).
3- عن محمد بن الفضيل :
(( عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في قول الله عزوجل : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال : هم الأئمة يؤدي الإمام إلى الإمام من بعده ، ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه )).
4- عن المعلى بن خنيس قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال : أمر الله الإمام الأول أن يدفع إلى الإمام الذي بعده كل شئ عنده )).
5- عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( لا يموت الإمام حتى يعلم من يكون من بعده فيوصي [إليه] )).
6- عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الإمام يعرف الإمام الذي من بعده فيوصي إليه )).
7- عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( ما مات عالم حتى يعلمه الله عز وجل إلى من يوصي )).
أربع وخمسون : باب أن الإمامة عهد من الله عزوجل معهود من واحد إلى واحد عليهم السلام :
1- عن أبي بصير قال :
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فذكروا الأوصياء وذكرت إسماعيل فقال : لا والله يا أبا محمد ما ذاك إلينا وما هو إلا إلى الله عزوجل ينزل واحدا بعد واحد )).
2- عن عمرو بن الاشعث قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد ؟ ! لا والله ولكن عهد من الله ورسوله صلى الله عليه وآله لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه )).
3- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الإمامة عهد من الله عزوجل معهود لرجال مسمين ، ليس للإمام أن يزويها عن الذي يكون من بعده ، إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام أن اتخذ وصيا من أهلك فإنه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيا إلا وله وصي من أهله وكان لداود عليه السلام أولاد عدة وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا ، فدخل داود عليه السلام عليها حين أتاه الوحي فقال لها : إن الله عزوجل أوحى إلي يأمرني أن أتخذ وصيا من أهلي فقالت له امرأته : فليكن ابني ؟ قال : ذلك أريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده أنه سليمان ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود : أن لا تعجل دون أن يأتيك أمري فلم يلبث داود عليه السلام أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله عزوجل إلى داود أن اجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك ، فجمع داود عليه السلام ولده ، فلما أن قص الخصمان قال سليمان عليه السلام : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك ؟ قال : دخلته ليلا ، قال : قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ، ثم قال له داود : فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل وكان ثمن الكرم قيمة الغنم ؟ فقال سليمان : إن الكرم لم يجتث من أصله وإنما أكل حمله وهو عائد في قابل ، فأوحى الله عزوجل إلى داود : أن القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به ، يا داود أردت أمرا وأردنا أمرا غيره ، فدخل داود على امرأته فقال : أردنا أمرا وأراد الله عزوجل أمرا غيره ولم يكن إلا ما أراد الله عزوجل ، فقد رضينا بأمر يالله عزوجل وسلمنا . وكذلك الأوصياء عليهم السلام ، ليس لهم أن يتعدوا بهذا الامر فيجاوزون صاحبه إلى غيره )).
قال الكليني معنى الحديث الأول : أن الغنم لو دخلت الكرم نهار، لم يكن على صاحب الغنم شئ لان لصاحب الغنم أن يسرح غنمه بالنهار ترعى وعلى صاحب الكرم حفظه وعلى صاحب الغنم أن يربط غنمه ليلا ولصاحب الكرم أن ينام في بيته .
4- عن عمرو بن مصعب قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : أترون أن الموصي منا يوصي إلى من يريد ؟ لا والله ولكنه عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رجل فرجل حتى انتهى إلى نفسه )).
خمس وخمسون : باب أن الأئمة عليهم السلام لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله عزوجل وأمر منه لا يتجاوزونه :
1-عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الوصية نزلت من السماء على محمد كتابا ، لم ينزل على محمد صلى الله عليه وآله كتاب مختوم إلا الوصية ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمد هذه وصيتك في امتك عند أهل بيتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أي أهل بيتي يا جبرئيل ؟ قال : نجيب الله منهم وذريته ، ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم عليه السلام وميراثه لعلي عليه السلام و ذريتك من صلبه ، قال : وكان عليها خواتيم ، قال : ففتح علي عليه السلام الخاتم الأول ومضى لما فيها ثم فتح الحسن عليه السلام الخاتم الثاني ومضى لما أمر به فيها ، فلما توفي الحسن ومضى فتح الحسين عليه السلام الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل واخرج بأقوام للشهادة ، لا شهادة لهم إلا معك ، قال : ففعل عليه السلام ، فلما مضى دفعها إلى علي بن الحسين عليهما السلام قبل ذلك ، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت وأطرق لما حجب العلم ، فلما توفي ومضى دفعها إلى محمد بن علي عليهما السلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها أن فسر كتاب الله تعالى وصدق أباك وورث ابنك واصطنع الامة وقم بحق الله عزوجل وقل الحق في الخوف والأمن ولا تخش إلا الله، ففعل ، ثم دفعها إلى الذي يليه ، قال : قلت له : جعلت فداك فأنت هو ؟ قال : فقال : ما بي إلا أن تذهب يا معاذ فتروي علي قال : فقلت : أسأل الله الذي رزقك من آبائك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات ، قال ؟ قد فعل الله ذلك يا معاذ ، قال: فقلت : فمن هو جعلت فداك ؟ قال : هذا الراقد - وأشار بيده إلى العبد الصالح - وهو راقد )).
2- عن جده ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الله عزوجل أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله كتابا قبل وفاته ، فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النجبة من أهلك ، قال : وما النجبة يا جبرئيل ؟ فقال : علي بن أبي طالب وولده عليهم السلام ، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبي صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه ، ففك أمير المؤمنين عليه السلام خاتما وعمل بما فيه ، ثم دفعه إلى ابنه الحسن عليه السلام ففك خاتما وعمل بما فيه ، ثم دفعه إلى الحسين عليهما السلام ، ففك خاتما فوجد فيه أن اخرج بقوم إلى الشهادة ، فلا شهادة لهم إلا معك واشر نفسك لله عزوجل ، ففعل ثم دفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام ففك خاتما فوجد فيه أن أطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ، ففعل ، ثم دفعه إلى ابنه محمد بن علي عليهما السلام ، ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم ولا تخافن إلا الله عزوجل ، فإنه لا سبيل لاحد عليك [ففعل] ، ثم دفعه إلى ابنه جعفر ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آبائك الصالحين ولا تخافن إلا الله عزوجل وأنت في حرز وأمان ، ففعل ، ثم دفعه إلى ابنه موسى عليه السلام وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده ثم كذلك إلى قيام المهدي صلى الله عليه )).
3- عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر علي والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عزوجل وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام يا حمران إن الله تبارك وتعالى [قد] كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه ، ثم أجراه فبتقدم علم ذلك إليهم من رسول الله قام علي والحسن والحسين ، وبعلم صمت من صمت منا )).
4- عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال:
(( حدثني موسى بن جعفر عليهما السلام قال : قلت لابي عبد الله : أليس كان أمير المؤمنين عليه السلام كاتب الوصية ورسول الله صلى الله عليه وآله المملي عليه وجبرئيل والملائكة المقربون عليهم السلام شهود ؟ قال : فأطرق طويلا ثم قال : يا أبا الحسن قد كان ما قلت ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله الأمر، نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا ، نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة ، فقال جبرئيل : يا محمد مر بإخراج من عندك إلا وصيك ، ليقبضها منا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها - يعني عليا عليه السلام - فأمر النبي صلى الله عليه وآله بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا عليه السلام ،وفاطمة فيما بين الستر والباب ، فقال جبرئيل : يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول : هذا كتاب ما كنت عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمد شهيدا ، قال : فارتعدت مفاصل النبي صلى الله عليه وآله فقال يا جبرئيل ربي هو السلام ومنه السلام.
وإليه يعود السلام صدق عزوجل وبر، هات الكتاب ، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : أقرأه ، فقرأه حرفا حرفا ، فقال : يا علي ! هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي شرطه علي وأمانته وقد بلغت ونصحت وأديت ، فقال علي عليه السلام وأنا أشهد لك [بأبي وامي أنت] بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي ، فقال : جبرئيل عليه السلام : وأنا لكما على ذلك من الشاهدين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها ، فقال علي عليه السلام : نعم بأبي أنت وأمي علي ضمانها وعلي الله عوني وتوفيقي على أدائها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي إني أريد ان أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة .
فقال علي عليه السلام نعم أشهد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لاشهدهم عليك ، فقال : نعم ليشهدوا وأنا - بأبي أنت وامي - اشهدهم ، فأشهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وكان فيما اشترط عليه النبي بأمر جبرئيل عليه السلام فيما أمر الله عزوجل أن قال له : يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله والبرائة منهم على الصبر منك [و] على كظم الغيظ وعلى ذهاب حقي وغصب خمسك وانتهاك حرمتك ؟ فقال : نعم يا رسول الله فقال أمير المؤمنين عليه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت جبرئيل عليه السلام يقول للنبي : يا محمد عرفه أنه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط قال أمير المؤمنين عليه السلام : فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل حتى سقطت على وجهي وقلت : نعم قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن ومزق الكتاب وهدمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك ، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين ، فقالوا مثل قوله فختمت الوصية بخواتيم من ذهب ، لم تمسه النار ودفعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقلت لابي الحسن عليه السلام : بأبي أنت وامي ألا تذكر ما كان في الوصية ؟ فقال : سنن الله وسنن رسوله ، فقلت : أكان في الوصية توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال : نعم والله شيئا شيئا ، وحرفا حرفا ، أما سمعت قول الله عزوجل : " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين "؟ والله لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام : أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه ؟ فقالا : بلى وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا.
" وفي نسخة الصفواني زيادة : عن حريز قال :
قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ما أقل بقاء كم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة الناس إليكم ؟ ! فقال : إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته ، فإذا انقضى ما فيها مما أمر به عرف أن أجله قد حضر فأتاه النبي صلى الله عليه وآله ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله وإن الحسين عليه السلام قرأ صحيفته التي أعطيها ، وفسر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض، فخرج للقتال وكانت تلك الأمور التي بقيت أن الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتى قتل فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل عليه السلام ، فقالت الملائكة : يا رب أذنت لنا في الإنحدار وأذنت لنا في نصرته ، فانحدرنا وقد قبضته ، فأوحى الله إليهم : أن الزموا قبره حتى تروه وقد خرج فانصروه وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه ، فبكت الملائكة تعزيا وحزنا على ما فاتهم من نصرته ، فإذا خرج يكونون أنصاره ")).
ست وخمسون : باب الأمور التي توجب حجة الإمام عليه السلام :
1- عن ابن أبي نصر قال:
(( قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : إذا مات الإمام بم يعرف الذي بعده ؟ فقال للإمام علامات منها أن يكون أكبر ولد أبيه ويكون فيه الفضل والوصية ، ويقدم الركب فيقول : إلى من أوصى فلان ؟ فيقال : إلى فلان ، والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل ، تكون الإمامة مع السلاح حيثما كان )).
2- عن عبد الأعلى قال:
(( قلت لابي عبد الله عليه السلام : المتوثب على هذا الامر ، المدعي له ، ما الحجة عليه ؟ قال : يسأل عن الحلال والحرام ، قال : ثم أقبل علي فقال : ثلاثة من الحجة لم تجتمع في أحد إلا كان صاحب هذا الأمر أن يكون أولى الناس بمن كان قبله ويكون عنده السلاح ويكون صاحب الوصية الظاهرة التي إذا قدمت المدينة سألت عنها العامة والصبيان : إلى من أوصى فلان ؟ فيقولون : إلى فلان بن فلان )).
3- عن هشام بن سالم وحفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه وآله قال :
(( قيل له ، بأي شئ يُعرف الإمام ؟ قال : بالوصية الظاهرة وبالفضل ، إن الإمام لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج ، فيقال : كذاب ويأكل أموال الناس ، وما أشبه هذا )).
4- عن معاوية بن وهب قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما علامة الإمام الذي بعد الإمام ؟ فقال : طهارة الولادة وحسن المنشأ ، ولا يلهو ولا يعلب )).
5- عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
(( سألته عن الدلالة على صاحب هذا الامر، فقال : الدلالة عليه : الكبر والفضل والوصية ، إذا قدم الركب المدينة فقالوا ، إلى من أوصى فلان ؟ قيل : فلان بن فلان، ودوروا مع السلاح حيثما دار، فأما المسائل فليس فيها حجة )).
6- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام [قال]:
(( إن الأمر في الكبير ما لم تكن فيه عاهة )).
7- عن أبي بصير قال :
(( قلت لأبي الحسن عليه السلام : جعلت فداك بم يعرف الإمام ؟ قال : فقال : بخصال : أما أولها فإنه بشئ قد تقدم من أبيه فيه بإشارة إليه لتكون عليهم حجة ويسأل فيجيب وإن سكت عنه ابتدأ ويخبر بما في غد ويكلم الناس بكل لسان ، ثم قال لي : يا أبا محمد أعطيك علامة قبل أن تقوم فلم ألبث أن دخل علينا رجل من أهل خراسان ، فكلمه الخراساني بالعربية فأجابه أبوالحسن عليه السلام بالفارسية فقال له الخراساني : والله جعلت فداك ما منعني أن أكلمك بالخراسانية غير أني ظننت أنك لا تحسنها ، فقال: سبحان الله إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك قال لي : يا أبا محمد إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شئ فيه الروح ، فمن لم يكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام )).
سبع وخمسون : باب ثبات الإمامة في الأعقاب وانها لا تعود في أخ ولا عم ولا غيرهما من القرابات :
1- عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبى عبد الله عليه السلام قال:
(( لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبدا ، إنما جرت من علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فلا تكون بعد علي بن الحسين عليه السلام إلا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب )).
2- عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام :
(( أنه سمعه يقول : أبى الله أن يجعلها لاخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام )).
3- عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :
(( أنه سئل أتكون الامامة في عم أو خال ؟ فقال : لا، فقلت : ففي أخ ؟ قال : لا، قلت: ففي من ؟ قال : في ولدي ، وهو يومئذ لا ولد له )).
4- عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :
(( لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب )).
5- عن عيسى بن عبدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قلت له : إن كان كون - ولا أراني الله - فبمن أئتم ؟ فأومأ إلى ابنه موسى ، قال : قلت : فإن حدث بموسى حدث فبمن أئتم؟ قال : بولده ، قلت فإن حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا ، فبمن أئتم ؟ قال : بولده ثم واحدا فواحدا )).
وفي نسخة الصفواني: ثم هكذا أبدا.
ثمان وخمسون : باب ما نص الله عزوجل ورسوله على الأئمة عليهم السلام واحدا فواحدا :
1- عن أبي بصير قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام : فقلت له : إن الناس يقولون : فما له لم يسم عليا وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عز و جل ؟ قال : فقال : قولوا لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم ، ونزل الحج فلم يقل لهم : طوفوا اسبوعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " - ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : في علي : من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، وقال صلى الله عليه وآله اوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، فإني سألت الله عزوجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض ، فأعطاني ذلك وقال : لا تعلموهم فهم أعلم منكم ، وقال : إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبين من أهل بيته ، لادعاها آل فلان وآل فلان ، لكن الله عزوجل أنزله في كتابة تصديقا لنبيه صلى الله عليه وآله " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام ، فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة ، ثم قال : اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي ، فقالت أم سلمة : ألست من أهلك ؟ فقال : إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وإقامته للناس وأخذه بيده ، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحدا من ولده إذا لقال الحسن والحسين : إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك ، فلما مضى علي عليه السلام كان الحسن عليه السلام أولى بها لكبره ، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عزوجل يقول : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك وبلغ في رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين عليه السلام لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه ، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السلام فجرى تأويل هذه الآية " وأولوا الأرحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله " ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي عليه السلام )).
وقال: الرجس هو الشك ، والله لا نشك في ربنا أبدا.
2- عن عبدالرحيم بن روح القصير :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فيمن نزلت؟ فقال : نزلت في الامرة، إن هذه الآية جرت في ولد الحسين عليه السلام من بعده ، فنحن أولى بالأمر وبرسول الله صلى الله عليه وآله من المؤمنين والمهاجرين والانصار، قلت : فولد جعفر لهم فيها نصيب ؟ قال : لا ، قلت : فلولد العباس فيها نصيب ؟ فقال : لا ، فعددت عليه بطون بني عبدالمطلب ، كل ذلك يقول : لا، قال : ونسيت ولد الحسن عليه السلام ، فدخلت بعد ذلك عليه ، فقلت له : هل لولد الحسن عليه السلام فيها نصيب ؟ فقال : لا ، والله يا عبد الرحيم ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا )).
3- عن أحمد بن عيسى :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " قال : إنما يعني أولى بكم أي أحق بكم وبأموركم وأنفسكم وأموالكم ، الله ورسوله والذين آمنوا يعني عليا وأولاده الائمة عليهم السلام إلى يوم القيامة ، ثم وصفهم الله عزوجل فقال : " الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " وكان أمير المؤمنين عليه السلام في صلاة الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار ، وكان النبي صلى الله عليه وآله كساه إياها ، وكان النجاشي أهداها له ، فجاء سائل فقال : السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم ، تصدق على مسكين ، فطرح الحلة إليه وأومأ بيده إليه أن احملها : فأنزل الله عزوجل فيه هذه الآية وصير نعمة أولاده بنعمته فكل من بلغ من أولاده مبلغ الامامة ، يكون بهذه النعمة مثله فيتصدقون وهم راكعون والسائل الذي سأل أمير المؤمنين عليه السلام من الملائكة ، والذين يسألون الائمة من أولاده يكونون من الملائكة )).
4- عن زرارة والفضيل بن يسار ، وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( أمر الله عزوجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة " وفرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي ، فأمر الله محمدا صلى الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية ، كما فسر لهم الصلاة ، والزكاة والصوم والحج ، فلما أتاه ذلك من الله ، ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه فضاق صدره وراجع ربه عزوجل فأوحى الله عزوجل إليه " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " فصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم ، فنادى الصلاة جامعة وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب )).
- قال عمر بن أذنية : قالوا جميعا غير أبي الجارود - وقال أبو جعفر عليه السلام : وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض ، فأنزل الله عزوجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " قال أبوجعفر عليه السلام : يقول الله عزوجل : لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة ، قد أكملت لكم الفرائض .
5- عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( كنت عنده جالسا ، فقال له رجل : حدثني عن ولاية علي ، أمن الله أو من رسوله ؟ فغضب ثم قال : ويحك كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخوف من أن يقول ما لم يأمره به الله ، بل افترضه كما افترض الله الصلاة والزكاة والصوم والحج )).
6- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
(( فرض الله عزوجل على العباد خمسا ، أخذوا أربعا وتركوا واحدا ، قلت : أتسميهن لي جعلت فداك ؟ فقال : الصلاة وكان الناس لا يدرون كيف يصلون ، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد أخبرهم بمواقيت صلاتهم ، ثم نزلت الزكاة فقال : يا محمد أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم ، ثم نزل الصوم فكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم عاشورا بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال ، ثم نزل الحج فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم .
ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة ، أنزل الله عزوجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب عليه السلام فقال عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله : امتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ، ويقول قائل - فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني - فأتتني عزيمة من الله عزوجل بتلة أوعدني إن لم ابلغ أن يعذبني ، فنزلت " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين " فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام فقال : أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله ، ثم دعاه فأجابه ، فأوشك أن ادعى فاجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فما ذا أنتم قائلون ؟ فقالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت ، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين ، فقال : اللهم اشهد - ثلاث مرات - ثم قال : يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب .
قال أبوجعفر عليه السلام : كان والله [علي عليه السلام] أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله حضره الذي حضر، فدعا عليا فقال : يا علي إني اريد أن أئتمنك على ما ائتمنني الله عليه من غيبه وعلمه ومن خلقه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه فلم يشرك والله فيها يا زياد أحدا من الخلق ثم إن عليا عليه السلام حضره الذي حضره فدعا ولده وكانوا اثنا عشر ذكرا فقال لهم : يا بني إن الله عزوجل قد أبى إلا أن يجعل في سنة من يعقوب وإن يعقوب دعا ولده وكانوا اثنا عشر ذكرا ، فأخبرهم بصاحبهم ، ألا وإني أخبركم بصاحبكم ، إلا إن هذين ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين عليهما السلام فاسمعوا لهما وأطيعوا ، ووازروهما فإني قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله مما ائتمنه الله عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه ، فأوجب الله لهما من علي عليه السلام ما أوجب لعلي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن لاحد منهما فضل على صاحبه إلا بكبره، وإن الحسين كان إذ حضر الحسن لم ينطق في ذلك المجلس حتى يقوم ، ثم إن الحسن عليه السلام حضره الذي حضره فسلم ذلك إلى الحسين عليه السلام ، ثم إن حسينا حضره الذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة - بنت الحسين عليه السلام - فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة و كان علي بن الحسين عليه السلام مبطونا لا يرون إلا أنه لما به ، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا )).
7- عن أبي بصير قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : إن رجلا من المختارية لقيني فزعم أن محمد بن الحنفية إمام ، فغضب أبوجعفر عليه السلام ، ثم قال : أفلا قلت له ؟ قال قلت : لا والله ما دريت ما أقول ، قال : أفلا قلت له : إن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى إلى علي والحسن والحسين فلما مضى علي عليه السلام أوصى إلى الحسن والحسين ولو ذهب يزويها عنهما لقالا له : نحن وصيان مثلك ولم يكن ليفعل ذلك، وأوصى الحسن إلى الحسين ولو ذهب يزويها عنه لقال : أنا وصي مثلك من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن أبي ولم يكن ليفعل ذلك ، قال الله عزوجل : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " هي فينا وفي أبنائنا )).
تسع وخمسون : باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين عليه السلام :
1- عن زيد بن الجهم الهلالي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : لما نزلت ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وكان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله : سلموا على علي بإمرة المؤمنين ، فكان مما أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد قول رسول صلى الله عيله وآله لهما : قوما فسلما عليه بإمرة المؤمنين فقالا أمن الله أو من رسوله يا رسول الله ؟ فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله : من الله ومن رسوله ، فأنزل الله عزوجل " ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون " يعني به قول رسول الله صلى الله عليه وآله لهما وقولهما أمن الله أو من رسوله " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون " أئمة هي أزكى من أئمتكم ، قال : قلت : جعلت فداك أئمة ؟ قال : إي والله أئمة قلت : فانا نقرء أربى ، فقال : ما أربى ؟ وأومأ بيده فطرحها - " إنما يبلوكم الله به (يعني بعلي عليه السلام) وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون * لو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن يوم القيامة عما كنتم تعملون * ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها (يعني بعد مقالة رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام) وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله (يعني به عليا عليه السلام) ولكم عذاب عظيم " )).
2- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( سمعته يقول : لما أن قضى محمد نبوته ، واستكمل أيامه ، أوحى الله تعالى إليه أن يا محمد قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالب ، فإني لن أقطع العلم والايمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من ذريات الأنبياء )).
3- عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( أوصى موسى عليه السلام إلى يوشع ابن نون ، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون ، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى ، إن الله تعالى له الخيرة ، يختار من يشاء ممن يشاء ، وبشر موسى ويوشع بالمسيح عليهم السلام فلما أن بعث الله عز وجل المسيح عليه السلام قال المسيح لهم : إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل عليه السلام يجيئ بتصديقي وتصديقكم ، وعذري وعذركم وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين ، وإنما سماهم الله تعالى المستحفظين لانهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شئ، الذي كان مع الأنبياء صلوات الله عليهم يقول الله تعالى .
" ولقد أرسلنا رسلا قبلك وأنزلنا معهم الكتاب والميزان " الكتاب الاسم الاكبر وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم عليهم السلام فأخبر الله عزوجل : " إن هذا لفي الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى " فأين صحف إبراهيم ، إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى الاسم الأكبر فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد صلى الله عليه وآله.
فلما بعث الله عزوجل محمدا صلى الله عليه وآله أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل ودعا إلى الله عزوجل وجاهد في سبيله ، ثم أنزل الله جل ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال : رب إن العرب قوم جفاة ، لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ولا يعرفون فضل نبوات الانبياء عليهم السلام ولا شرفهم ، ولا يؤمنون بي إن أنا اخبرتهم بفضل أهل بيتي ، فقال الله جل ذكره : " ولا تحزن عليهم " " وقل سلام فسوف يعلمون " فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم ، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك وما يقولون ، فقال الله جل ذكره : يا محمد ! " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " ولكنهم يجحدون بغير حجة لهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض ، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة ، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ، ونعيت إليه نفسه ، فقال الله جل ذكره : " فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب " يقول : إذا فرغت فانصب علمك ، وأعلن وصيك فأعلمهم فضله علانية ، فقال صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وآل من والاه، وعاد من عاداه - ثلاث مرات - ثم قال : لابعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، ليس بفرار يعرض بمن رجع ، يجبن أصحابه ويجبنونه ، و قال : صلى الله عليه وآله : علي سيد المؤمنين وقال : علي عمود الدين ، وقال : هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي وقال : الحق مع علي أينما مال ، وقال : إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا : كتاب الله عز وجول أهل بيتي عترتي ، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت ، إنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين والثقلان : كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم .
فوقعت الحجة بقول النبي صلى الله عليه وآله وبالكتاب الذي يقرأه الناس فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم القرآن : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " وقال عز ذكره: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " ثم قال : " وآت ذا القربى حقه " فكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية التي جعلت له ، والاسم الاكبر، ميراث العلم ، وآثار علم النبوة فقال : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ثم قال : وإذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت " يقول أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها ، مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم وقال جل ذكره : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال : الكتاب [هو] الذكر، وأهله آل محمد عليهم السلام أمر الله عزوجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال وسمى الله عزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى : " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون " وقال عزوجل : "؟ وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " وقال عزوجل : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " وقال عزوجل : " ولو ردوه (إلى الله و) إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " فرد الأمر - أمر الناس - إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم.
فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين " فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم شوكهن ، ثم قال صلى الله عليه وآله : [يا] أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم ؟ فقالوا : الله ورسوله ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وآل من والاه ، وعاد من عاداه - ثلاث مرات - فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا : ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد قط وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه.
فلما قدم المدينة أتته الانصار فقالوا : يا رسول الله إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا ، فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا وقد يأتيك وفود، فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم ، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ولم يقبل أموالهم ، فقال المنافقون : ما أنزل الله هذا على محمد وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته يقول أمس : من كنت مولاه فعلي مولاه واليوم : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ثم نزل عليه آية الخمس فقالوا : يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا ، ثم أتاه جبرئيل فقال : يا محمد إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل الاسم الأكبر، وميراث العلم وأثار علم النبوة عند علي عليه السلام فإني لم أترك الارض إلا ولي فيها علم تعرف به طاعتي ، وتعرف به ولايتي ، ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر ، قال : فأوصى إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة ، وأوصى إليه بألف كلمة وألف باب ، يفتح كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب )).
4- عن بشير الدهان ، عن أبي عبد الله عليه السلام :
(( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي توفي فيه : ادعوا لي خليلي ، فأرسلنا إلى أبويهما فلما نظر إليهما رسول الله صلى الله عليه وآله أعرض عنهما ، ثم قال : ادعوا لي خليلي ، فأرسل إلى علي فلما نظر إليه أكب عليه يحدثه ، فلما خرج لقياه فقالا له : ما حدثك خليلك ؟ فقال : حدثني ألف باب يفتح كل باب ألف باب )).
5- عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال : علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا صلى الله عليه وآله ألف حرف كل حرف يفتح ألف حرف )).
6- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( كان في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة صغيرة ، فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : أي شئ كان في تلك الصحيفة ؟ قال : هي الأحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف . قال : أبوبصير : قال أبوعبد الله عليه السلام فما خرج منها حرفان حتى الساعة )).
7- عن فضيل [بن] سكرة قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ، هل للماء الذي يغسل به الميت حد محدود ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : إذا مت فاستق ست قرب من ماء بئر غرس فغسلني وكفني وحنطني ، فإذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني ثم سلني عما شئت ، فوالله لا تسألني عن شئ إلا أجبتك فيه )).
8- عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله الموت دخل عليه علي عليه السلام فأدخل رأسه ثم قال : يا علي إذا أنا مت فغسلني وكفني ثم أقعدني وسلني واكتب.
9- عن يونس بن رباط قال:
(( دخلت أنا وكامل التمار على أبي عبد الله عليه السلام فقال له كامل : جعلت فداك حديث رواه فلان ؟ فقال : اذكره، فقال : حدثني أن النبي صلى الله عليه وآله حدث عليا عليه السلام بألف باب يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وآله ، كل باب يفتح ألف باب ، فذلك ألف ألف باب ، فقال : لقد كان ذلك ، قلت : جعلت فداك فظهر ذلك لشيعتكم ومواليكم ؟ فقال : يا كامل باب أو بابان فقلت [له] جعلت فداك فما يروى من فضلكم من ألف ألف باب إلا باب أو بابان ؟ قال : وما عسيتم أن ترووا من فضلنا ، ما تروون من فضلنا إلا ألفا غير معطوفة )).
ستون : باب الإشارة والنص على الحسن بن علي عليهما السلام :
1- عن سليم بن قيس قال:
(( شهدت وصية أمير المؤمنين عليه السلام حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن عليه السلام : يا بني أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله صلى الله عليه وآله ودفع إلى كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين عليه السلام ، ثم اقبل على ابنه الحسين عليه السلام فقال ، وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى ابنك هذا ، ثم أخذ بيد علي بن الحسين عليه السلام ثم قال لعلي بن الحسين : وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومني السلام )).
2- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما حضره الذي حضره قال لابنه الحسن : ادن مني حتى أسر إليك ما أسر رسول اله صلى الله عليه وآله إلي ، وأئتمنك على ما ائتمنني عليه ، ففعل )).
3- قالوا : حدثنا شهر بن حوشب :
(( أن عليا عليه السلام حين سار إلى الكوفة استودع أم سلمة كتبه والوصية ، فلما رجع الحسن عليه السلام دفعتها إليه )).
" وفي نسخة الصفواني: 4 - أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف ، عن أبي بكر ، عن أبي عبد الله عليه السلام أن عليا صلوات الله عليه وآله حين سار إلى الكوفة ، استودع أم سلمة كتبه والوصية فلما رجع الحسن دفعتها إليه ".
5- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( أوصى أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ، ثم دفع اليه الكتاب والسلاح ، ثم قال لابنه الحسن : يا بني أمرني رسول الله أن اوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله ودفع إلي كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرت الموت أن تدفع إلى أخيك الحسين ، ثم أقبل على ابنه الحسين وقال : أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعه إلى ابنك هذا ، ثم أخذ بيد ابن ابنه علي بن الحسين ، ثم قال لعلي بن الحسين : يا بني وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعه إلى ابنك محمد بن علي وأقرئه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومني السلام ، ثم أقبل على ابنه الحسن ، فقال : يا بني أنت ولي الامر وولي الدم ، فإن عفوت فلك وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم )).
6- عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري رفعه قال :
(( لما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام حف به العواد وقيل له : يا أمير المؤمنين أوص فقال : اثنوا لي وسادة ثم قال : الحمد لله حق قدره متبعين أمره وأحمده كما أحب ، ولا إله إلا الله الواحد الأحد الصمد كما انتسب ، أيها الناس كل امرء لاق في فراره ما منه يفر، والأجل مساق النفس إليه ، والهرب منه موافاته ، كم اطردت الايام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله عز ذكره إلا إخفاءه ، هيهات علم مكنون ، أما وصيتي فأن لا تشركوا بالله جل ثناؤه شيئا ومحمدا صلى الله عليه وآله فلا تضيعوا سنته ، أقيموا هذين العودين وأوقدوا هذين المصباحين ، وخلاكم ذم ما لم تشردوا حمل كل امرئ مجهوده ، وخفف عن الجهلة ، رب رحيم ، وإمام عليم ، ودين قويم .
أنا بالأمس صاحبكم و [أنا] اليوم عبرة لكم ، وغدا مفارقكم ، إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك المراد ، وإن تدحض القدم ، فإنا كنا في أفياء أغصان وذرى رياح ، وتحت ظل غمامة اضمحل في الجو متلفقها ، وعفا في الأرض محطها ، وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما وستعقبون مني جثة خلاء ، ساكنة بعد حركة ، وكاظمة بعد نطق ، ليعظكم هدوي وخفوف إطراقي ، وسكون أطرافي ، فإنه أوعظ لكم من الناطق البليغ ، ودعتكم وداع مرصد للتلاقي ، غدا ترون أيامي ، ويكشف الله عزوجل عن سرائري ، وتعرفوني بعد خلو مكاني ، وقيام غيري مقامي ، إن أبق فأنا ولي دمي ، وإن أفن فالفناء ميعادي [وإن أعف] فالعفو لي قربة ، ولكم حسنة ، فاعفوا واصفحوا ، ألا تحبون أن يعفو الله لكم ، فيالها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو تؤديه أيامه إلى شقوة ، جعلنا الله وإياكم ممن لا يقصر به عن طاعة الله رغبة ، أو تحل به بعد الموت نقمة ، فإنما نحن له وبه ، ثم أقبل على الحسن عليه السلام فقال : يا بني ضربة مكان ضربة ولا تأثم )).
7- عن علي بن إبراهيم العقيلي يرفعه قال :
(( لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين عليه السلام قال للحسن: يا بني إذا أنا مت فاقتل ابن ملجم واحفر له في الكناسة (ووصف العقيلي الموضع على باب طاق المحامل موضع الشواء والرواس) ثم ارم به فيه، فإنه واد من أودية جهنم )).
واحد وستون : باب الإشارة والنص على الحسين بن علي عليهما السلام :
1- عن محمد ابن مسلم قال :
(( سمعت أبا جفعر عليه السلام يقول : لما حضر الحسن بن علي عليهما السلام الوفاة قال للحسين عليه السلام : يا أخي إني أوصيك بوصية فاحفظها ، إذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لاحدث به عهدا ثم اصرفني إلى أمي عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع ، واعلم أنه سيصيبني من عائشة ما يعلم الله والناس صنيعها وعداوتها لله ولرسوله وعداوتها لنا أهل البيت ، فلما قبض الحسن عليه السلام [و] وضع على السرير ثم انطلقوا به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلي فيه على الجنائز فصلى عليه الحسين عليه السلام وحمل وأدخل إلى المسجد فلما أوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ذهب ذو العوينين إلى عائشة فقال لها : إنهم قد أقبلوا بالحسن ليدفنوا مع النبي صلى الله عليه وآله فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا - فقالت نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنه لا يدفن في بيتي ويهتك على رسول الله حجابه ، فقال لها الحسين عليه السلام : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وأدخلت عليه ببيته من لا يحب قربه ، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة )).
2- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( لما حضرت الحسن بن علي عليهما السلام الوفاة ، قال : يا قنبر انظر هل ترى من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد عليهم السلام ؟ فقال : الله تعالى ورسوله وابن رسوله أعلم به مني ، قال : ادع لي محمد بن علي ، فأتيته فلما دخلت عليه ، قال : هل حدث إلا خير؟ قلت : أجب أبا محمد فعجل على شسع نعله ، فلم يسوه وخرج معي يعدو ، فلما قام بين يديه سلم ، فقال له الحسن بن علي عليهما السلام: اجلس فإنه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيى به الأموات ، ويموت به الأحياء، كونوا أوعية العلم ، ومصابيح الهدى ، فإن ضوء النهار بعضه أضوء من بعض.
أما علمت أن الله جعل ولد إبراهيم عليه السلام أئمة ، وفضل بعضهم على بعض ، وآتى داود عليه السلام : زبورا وقد علمت بما استأثر به محمدا صلى الله عليه وآله يا محمد بن علي إني أخاف عليك الحسد وإنما وصف الله به الكافرين ، فقال الله عزوجل : " كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق " ولم يجعل الله عزوجل للشيطان عليك سلطانا ، يا محمد بن علي ألا اخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟ قال : بلى، قال : سمعت أباك عليه السلام يقول يوم البصرة : من أحب أن يبرني في الدينا والآخرة فليبر محمدا ولدي ، يا محمد بن علي لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لاخبرتك ، يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي عليهما السلام بعد وفاة نفسي ، ومفارقة روحي جسمي ، إمام من بعدي ، وعند الله جل اسمه في الكتاب ، وراثة من النبي صلى الله عليه وآله أضافها الله عزوجل له في وراثة أبيه وأمه فعلم الله أنكم خيرة خلقه ، فاصطفى منكم محمدا صلى الله عليه وآله واختار محمد عليا عليه السلام واختارني علي عليه السلام بالإمامة واخترت أنا الحسين عليه السلام ، فقال له محمد بن علي : أنت إمام وأنت وسيلتي إلى محمد صلى الله عليه وآله والله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ألا وإن في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء ولا تغيره نغمة الرياح ، كالكتاب المعجم في الرق المنمنم أهم بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل أو ما جاءت به الرسل ، وإنه لكلام يكل به لسان الناطق ، ويد الكاتب ، حتى لا يجد قلما ، ويؤتوا بالقرطاس حمما فلا يبلغ إلى فضلك وكذلك يجزي الله المحسنين ولا قوة إلا بالله، الحسين أعلمنا علما ، و أثقلنا حلما ، وأقربنا من رسول الله صلى الله عليه وآله رحما ، كان فقيها قبل أن يخلق ، وقرأ الوحي قبل أن ينطق ، ولو علم الله في أحد خيرا ما اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله ، فلما اختار الله محمدا واختار محمد عليا واختارك علي إماما واخترت الحسين ، سلمنا ورضينا ، من [هو] بغيره يرضى و [من غيره] كنا نسلم به من مشكلات أمرنا.
3- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لما احتضر الحسن بن علي عليهما السلام قال للحسين : يا أخي إني اوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه السلم لأحدث به عهدا ثم اصرفني إلى أمي فاطمة عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع ، واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وعداوتها لنا أهل البيت ، فلما قبض الحسن عليه السلام [و] وضع على سريره فانطلقوا به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلي فيه على الجنائز فصلى على الحسن عليه السلام فلما أن صلى عليه حمل فادخل المسجد، فلما أوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بلغ عائشة الخبر وقيل لها : إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا - فوقفت وقالت : نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه ، فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما : قديما هتكت انت وأبوك حجاب رسول الله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه ، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله صلى الله عليه وآله ليحدث به عهدا واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره ، لان الله تبارك وتعالى يقول : " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم " وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلى الله عليه وآله الرجال بغير أذنه وقد قال الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " ولعمري لقد ضربت أنت لابيك وفاروقه عند اذن رسول الله صلى الله عليه وآله المعاول ، وقال الله عزوجل " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى " ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى الله عليه وآله بقربهما منه الاذى ، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله ، إن الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء ، وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول الله صلوات الله عليهما جائزا فيما بيننا وبين الله لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك.
قال : ثم تكلم محمد بن الحنفية وقال : يا عائشة يوما على بغل ، ويوما على جمل ، فما تملكين نفسك ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم ، قال : فأقبلت عليه فقالت : يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك ؟ فقال لها الحسين عليه السلام : وأنى تبعدين محمدا من الفواطم ، فوالله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت زائدة بن الاصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر ، قال فقالت عائشة للحسين عليه السلام : نحوا ابنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون . قال : فمضى الحسين عليه السلام إلى قبر أمه ثم أخرجه فدفنه بالبقيع )).
اثنان وستون : باب الإشارة والنص على علي بن الحسين صلوات الله عليهما :
1- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إن الحسين بن علي عليهما السلام لما حضره الذي حضره ، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليه السلام فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة وكان علي بن الحسين عليهما السلام مبطونا معهم لا يرون إلا أنه لما به ، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليه السلام ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا يا زياد قال : قلت : ما في ذلك الكتاب جلعني الله فداك ؟ قال : فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا ، والله إن فيه ، الحدود ، حتى أن فيه أرش الخدش )).
2- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( لما حضر الحسين عليه السلام ما حضره، دفع وصيته إلى ابنته فاطمة ظاهرة في كتاب مدرج، فلما أن كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، دفعت ذلك إلى علي بن الحسين عليهما السلام، قلت له: فما فيه - يرحمك الله -؟ فقال: ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا إلى أن تفنى )).
3- عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين عليه السلام دفعتها إليه )).
- " وفي نسخة الصفواني:
عن فليح بن أبي بكر الشيباني ، قال :
(( والله إني لجالس عند علي بن الحسين وعنده ولده إذ جاء ه جابر بن عبدالله الأنصاري فسلم عليه، ثم أخذ بيد أبي جعفر عليه السلام فخلا به، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أني سأدرك رجلا من أهل بيته يقال له: محمد بن علي يكنى أبا جعفر، فاذا أدركته فاقرءه مني السلام، قال: ومضى جابر ورجع أبوجعفر عليه السلام فجلس مع أبيه علي بن الحسين عليهما السلام وإخوته فلما صلى المغرب قال علي بن الحسين لأبي جعفر عليه السلام: أي شئ قال لك جابر بن عبدالله الانصاري؟ فقال: قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه محمد بن علي يكنى أبا جعفر فأقرئه مني السلام، فقال له أبوه: هنيئا لك يا بني ما خصك الله به من رسوله من بين أهل بيتك لا تطلع إخوتك على هذا فيكيدوا لك كيدا، كما كادوا إخوة يوسف ليوسف عليه السلام " )).
ثلاث وستون : باب الإشارة والنص على أبي جعفر عليه السلام :
1- عن إسماعيل بن محمد بن عبدالله بن علي بن الحسين عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( لما حضر علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة، قبل ذلك أخرج سفطا أو صندوقا عنده، فقال: يا محمد احمل هذا الصندوق، قال: فحمل بين أربعة، فلما توفي جاء إخوته يدعون [ما] في الصندوق فقالوا: أعطنا نصيبنا في الصندوق فقال: والله ما لكم فيه شئ ولو كان لكم فيه شئ ما دفعه إلي وكان في الصندوق سلاح رسول الله صلى الله عليه آله )).
2- عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده قال :
(( التفت علي بن الحسين عليهما السلام إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده، ثم التفت إلى محمد بن علي فقال: يا محمد هذا الصندوق اذهب به إلى بيتك، قال: أما إنه لم يكن فيه دينار ولا درهم، ولكن كان مملوءا علما )).
3- عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول: إن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى ابن حزم أن يرسل إليه بصدقة علي وعمر وعثمان وإن ابن حزم بعث إلى زيد بن الحسن وكان أكبرهم، فسأله الصدقة، فقال زيد: إن الوالي كان بعد علي الحسن، وبعد الحسن الحسين، وبعد الحسين علي بن الحسين، وبعد علي ابن الحسين محمد بن علي، فابعث إليه فبعث ابن حزم إلى أبي، فأرسلني أبي بالكتاب إليه حتى دفعته إلى ابن حزم.
فقال له بعضنا: يعرف هذا ولد الحسن؟ قال: نعم كما يعرفون أن هذا ليل ولكنهم يحملهم الحسد ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم ولكنهم يطلبون الدنيا )).
أربع وستون : باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليهما :
1- عن أبي الصباح الكناني قال:
(( نظر أبوجعفر عليه السلام إلى أبي عبدالله عليه السلام يمشي فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عزوجل: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ".
2- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( لما حضرت أبي عليه السلام الوفاة قال: يا جعفر اوصيك بأصحابي خيرا، قلت: جعلت فداك والله لأدعنهم - والرجل منهم يكون في المصر - فلا يسأل أحدا )).
3- عن سدير الصيرفي قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من سعادة الرجل أن يكون له الولد، يعرف فيه شبه خلقه وخلقه وشمائله، وإني لأعرف من ابني هذا شبه خلقي وخلقي وشمائلي، يعني أبا عبد الله عليه السلام )).
4- عن طاهر قال:
(( كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبوجعفر عليه السلام: هذا خير البرية أو أخير )).
5- عن طاهر قال:
(( كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه لسلام فقال أبو جعفر عليه السلام: هذا خير البرية )).
6- عن طاهر، قال:
(( كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبوجعفر عليه السلام: هذا خير البرية )).
7- عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( سئل عن القائم عليه السلام فضرب بيده على أبي عبد الله عليه السلام فقال: هذا والله قائم آل محمد صلى الله عليه وآله، قال عنبسة: فلما قبض أبوجعفر عليه السلام دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته بذلك ، فقال صدق جابر، ثم قال: لعلكم ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله )).
8- عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن أبي عليه السلام استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت له أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال: اكتب، هذا ما أوصى به يعقوب بنيه " يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة، وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره، ويرفعه أربع أصابع وأن يحل عنه أطماره عند دفنه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت له: يا أبت - بعد ما انصرفوا - ما كان في هذا بأن تشهد عليه فقال: يا بني كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص إليه، فأردت أن تكون لك الحجة )).
خمس وستون : باب الإشارة والنص على أبي الحسن موسى عليه السلام :
- عن الفيض بن المختار قال:
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام خذ بيدي من النار من لنا بعدك؟ فدخل عليه أبو إبراهيم عليه السلام - وهو يومئذ غلام - فقال: هذا صاحبكم، فتمسك به )).
2- عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قلت له: أسأل الله الذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها، فقال: قد فعل الله ذلك قال: قلت: من هو - جعلت فداك -؟ فأشار إلى العبد الصالح وهو راقد فقال: هذا الراقد وهو غلام )).
3- عن أحمد بن محمد قال:
(( حدثني أبوعلي الأرجاني الفارسي عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: سألت عبد الرحمن في السنة التي اخذ فيها أبو الحسن الماضي عليه السلام فقلت له: إن هذا الرجل قد صار في يد هذا وما ندري إلى ما يصير فهل بلغك عنه في أحد من ولده شئ؟ فقال لي: ماظننت أن أحدا يسألني عن هذه المسأله، دخلت على جعفر بن محمد في منزله فإذا هو في بيت كذا في داره في مسجد له وهو يدعو وعلى يمنيه موسى بن جعفر عليه السلام يؤمن على دعائه، فقلت له، جعلني الله فداك قد عرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك، فمن ولي الناس بعدك؟ فقال: إن موسى قد لبس الدرع وساوى عليه، فقلت له: لا أحتاج بعد هذا إلى شئ )).
4- عن المفضل بن عمر قال:
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل أبو إبراهيم عليه السلام وهو غلام ، فقال: استوص به، وضع أمره عند من تثق به من أصحابك )).
5- حدثني إسحاق بن جعفر قال:
(( كنت عند أبي يوما، فسأله علي بن عمر بن علي فقال: جعلت فداك إلى من نفزع ويفزع الناس بعدك؟ فقال: إلى صاحب الثوبين الأصفرين والغديرين - يعني الذؤابتين - وهو الطالع عليك من هذا الباب، يفتح البابين بيده جميعا، فما لبثنا أن طلعت علينا كفان آخذة بالبابين ففتحهما ثم دخل علينا أبو إبراهيم )).
6- عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قال له منصور بن حازم: بأبي أنت وأمي إن الانفس يغدا عليها ويراح، فإذا كان ذلك فمن؟ فقال أبوعبد الله عليه السلام: إذا كان ذلك فهو صاحبكم وضرب بيده على منكب أبي الحسن عليه السلام الايمن - في ما أعلم - وهو يومئذ خماسي وعبدالله بن جعفر جالس معنا )).
7- عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبي عبد الله عليه إلسلام قال:
(( قلت له إن كان كون - ولا أراني الله ذلك - فبمن أئتم؟ قال: فأومأ إلى ابنه موسى عليه السلام قلت: فإن حدث بموسى حدث فبمن أئتم؟ قال: بولده، قلت: فإن حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا فبمن أئتم؟ قال: بولده، ثم قال: هكذا أبدا، قلت: فإن لم أعرفه ولا أعرف موضعه؟ قال: تقول: اللهم إني أتولى من بقي من حججك من ولد الإمام الماضي، فإن ذلك يجزيك إن شاء الله )).
8- عن المفضل بن عمر قال:
(( ذكر أبو عبد الله عليه السلام أبا الحسن عليه السلام - وهو يومئذ غلام - فقال: هذا المولود الذي لم يولد فينا مولود أعظم بركة على شيعتنا منه، ثم قال لي: لا تجفوا إسماعيل )).
9- عن فيض بن المختار في حديث طويل في أمر أبي الحسن عليه السلام حتى قال له أبوعبد الله عليه السلام:
(( هو صاحبك الذي سألت عنه، فقم إليه فأقر له بحقه، فقمت حتى قبلت رأسه ويده ودعوت الله عزوجل له، فقال أبوعبد الله عليه السلام: أما إنه لم يؤذن لنا في أول منك، قال: قلت: جعلت فداك فاخبر به أحدا؟ فقال: نعم أهلك وولدك، وكان معي أهلي وولدي ورفقائي وكان يونس بن ظبيان من رفقائي، فلما أخبرتم حمدوا الله عزوجل وقال يونس: لا والله حتى أسمع ذلك منه وكانت به عجلة، فخرج فأتبعته، فلما انتهيت إلى الباب، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول له: - وقد سبقني إليه - يا يونس الأمر كما قال لك فيض: قال: فقال: سمعت وأطعت، فقال لي أبوعبد الله عليه السلام: خذه إليك يا فيض )).
10- عن طاهر عن أبي عبد الله قال:
(( كان أبوعبد الله عليه السلام يلوم عبد الله ويعاتبه ويعظه ويقول: ما منعك أن تكون مثل أخيك، فوالله إني لأعرف النور في وجهه؟ فقال عبد الله: لم، أليس أبي وأبوه واحدا وأمي وأمه واحدة ؟ فقال له أبوعبد الله: إنه من نفسي وأنت ابني )).
11- عن يعقوب السراج قال:
(( دخلت على أبي عبد الله وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى وهو في المهد، فجعل يساره طويلا، فجلست حتى فرغ، فقمت إليه فقال لي: ادن من مولاك فسلم، فدنوت فسلمت عليه فرد علي السلام بلسان فصيح، ثم قال لي : اذهب فغير أسم ابنتك التي سميتها أمس، فإنه اسم يبغضه الله، وكان ولدت لي ابنة سميتها بالحميراء، فقال أبوعبد الله عليه السلام: انته إلى أمره ترشد، فغيرت اسمها )).
12- عن سليمان بن خالد قال :
(( دعا أبوعبد الله عليه السلام أبا الحسن عليه السلام يوما ونحن عنده فقال لنا: عليكم بهذا، فهو والله صاحبكم بعدي )).
13- عن أبي أيوب النحوي قال:
(( بعث إلي أبوجعفر المنصور في جوف الليل فأتيته فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، قال: فلما سلمت عليه رمى بالكتاب إلي وهو يبكي، فقال لي: هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات، فإنا لله وإنا إليه راجعون - ثلاثا - وأين مثل جعفر؟ ثم قال لي: اكتب قال: فكتبت صدر الكتاب، ثم قال: اكتب إن كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدمه واضرب عنقه، قال: فرجع إليه الجواب أنه قد أوصى إلى خمسة واحدهم أبوجعفر المنصور ومحمد بن سليمان وعبد الله وموسى وحميدة )).
14- عن النضر بن سويد :
(( بنحو من هذا إلا أنه ذكر أنه أوصى إلى أبي جعفر المنصور وعبدالله وموسى ومحمد بن جعفر مولى لابي عبد الله عليه السلام قال: فقال أبوجعفر: ليس إلى قتل هؤلاء سبيل )).
15- عن صفوان الجمال قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صاحب هذا الأمر، فقال: إن صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب، وأقبل أبوالحسن موسى - وهو صغير ومعه عناق مكية وهو يقول لها: اسجدي لربك - فاخذه أبوعبد الله عليه السلام وضمه إليه وقال: بأبي و أمي من لا يلهو ولا يلعب )).
16- عن فيض بن المختار قال:
(( إني لعند أبي عبد الله عليه السلام إذ أقبل أبوالحسن موسى عليه السلام - وهو غلام - فالتزمته وقبلته، فقال أبوعبدالله عليه السلام: أنتم السفينة وهذا ملاحها، قال: فحججت من قابل ومعي ألفا دينار فبعثت بألف إلى أبي عبد الله عليه السلام وألف إليه، فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال: يا فيض عدلته بي؟ قلت: إنما فعلت ذلك لقولك، فقال: أما والله ما أنا فعلت ذلك، بل الله عزوجل فعله به )).
ست وستون : باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا عليه السلام :
1- عن الحسين بن نعيم الصحاف قال:
(( كنت وأنا وهشام بن الحكم وعلي بن يقطين ببغداد، فقال علي بن يقطين: كنت عند العبد الصالح جالسا فدخل عليه ابنه علي فقال لي: يا علي بن يقطين هذا علي سيد ولدي، أما إني قد نحلته كنيتي، فضرب هشام بن الحكم براحته جبهته، ثم قال: ويحك كيف قلت؟ فقال علي بن يقطين: سمعت والله منه كما قلت، فقال هشام: أخبرك أن الأمر فيه من بعده )).
2- عن نعيم القابوسي عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال:
(( إن ابني عليا أكبر ولدي وأبرهم عندي وأحبهم إلي وهو ينظر معي في الجفر ولم ينظر فيه إلا نبي أو وصي نبي )).
3- عن داود الرقي قال:
(( قلت لابي إبراهيم عليه السلام: جعلت فداك إني قد كبر سني، فخذ بيدي من النار، قال: فأشار إلى ابنه أبي الحسن عليه السلام، فقال: هذا صاحبكم من بعدي )).
4- عن محمد بن إسحاق بن عمار قال:
(( قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: ألا تدلني إلى من آخذ عنه ديني؟ فقال: هذا ابني علي إن أبي اخذ بيدي فأدخلني إلى قبر سول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا بني ! إن الله عزوجل قال: " إني جاعل في الأرض خليفة " وإن الله عزوجل إذا قال قولا وفى به )).
5- عن داود الرقي قال:
(( قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: إني قد كبرت سني ودق عظمي وإني سألت أباك عليه السلام فأخبرني بك فأخبرني [من بعدك] فقال: هذا أبوالحسن الرضا )).
6- عن زياد بن مروان القندي وكان من الواقفة قال:
(( دخلت على أبي إبراهيم وعنده ابنه أبوالحسن عليه السلام، فقال لي: يا زياد هذا ابني فلان، كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي وما قال فالقول قوله )).
7- عن محمد بن الفضيل قال: حدثني المخزومي وكانت أمه من ولد جعفر بن أبي طالب عليه السلام قال:
(( بعث إلينا أبوالحسن موسى عليه السلام فجمعنا ثم قال لنا: أتدرون لم دعوتكم؟ فقلنا: لا فقال: اشهدوا أن ابني هذا وصيي و القيم بأمري وخليفتي من بعدي، من كان له عندي دين فليأخذه من ابني هذا، ومن كانت له عندي عدة فلينجزها منه ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقني إلا بكتابه )).
8- عن الحسين بن المختار قال:
(( خرجت إلينا ألواح من أبي الحسن عليه السلام - وهو في الحبس -: عهدي إلى أكبر ولدي أن يفعل كذا وأن يفعل كذا، وفلان لا تنله شيئا حتى ألقاك أو يقضي الله علي الموت )).
9- عن الحسين بن المختار قال:
(( خرج إلينا من أبي الحسن عليه السلام بالبصرة ألواح مكتوب فيها بالعرض: عهدي إلى أكبر ولدي، يعطى فلان كذا، وفلان كذا، وفلان كذا، وفلان لا يعطى حتى أجيئ أو يقضي الله عزوجل علي الموت، إن الله يفعل ما يشاء )).
10- عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن عليه السلام قال:
(( كتب إلي من الحبس أن فلانا ابني، سيد ولدي، وقد نحلته كنيتي )).
11- عن داود بن سليمان قال:
(( قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: إني أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك، فأخبرني من الإمام بعدك؟ فقال: ابني فلان - يعني أبا الحسن عليه السلام )).
12- عن النصر بن قابوس قال:
(( قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: إني سألت أباك عليه السلام من الذي يكون من بعدك؟ فأخبرني أنك أنت هو، فلما توفي أبوعبد الله عليه السلام ذهب الناس يمينا وشمالا وقلت: فيك أنا وأصحابي فأخبرني من الذي يكون من بعدك من ولدك؟ فقال: ابني فلان )).
13- عن داود بن زربي قال:
(( جئت إلى أبي إبراهيم عليه السلام بمال، فأخذ بعضه وترك بعضه، فقلت: أصلحك الله لاي شئ تركته عندي؟ قال: إن صاحب هذا الأمر يطلبه منك، فلما جاء نا نعيه بعث إلي أبو الحسن عليه السلام ابنه، فسألني ذلك المال، فدفعته إليه )).
14- عن يزيد بن سليط قال:
(( لقيت أبا إبراهيم عليه السلام - ونحن نريد العمرة - في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟ قال: نعم فهل تثبته أنت؟ قلت: نعم إني أنا وأبي لقيناك ههنا وأنت مع أبي عبد الله عليه السلام ومعه إخوتك، فقال له أبي: بأبي أنت وأمي أنتم كلكم أئمة مطهرون، والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إلي شيئا احدث به من يخلفني من بعدي فلا يضل، قال: نعم يا أبا عبد الله هؤلاء ولدي وهذا سيدهم - وأشار إليك - وقد علم الحكم والفهم والسخاء، والمعرفة بما يحتاج إليه الناس، وما اختلفوا فيه من أمر دينهم ودنياهم وفيه حسن الخلق وحسن الجواب وهو باب من أبواب الله عزوجل وفيه اخرى خير من هذا كله. فقال له أبي: وما هي؟ - بأبي أنت وامي - قال عليه السلام: يخرج الله عزوجل منه غوث هذه الأمة وغياثها وعلمها ونورها وفضلها وحكمتها، خير مولد وخير ناشئ، يحقن الله عزوجل به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلم به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل الله به القطر، ويرحم به العباد، خير كهل وخير ناشئ قوله حكم وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه، ويسود عشيرته من قبل أوان حلمه، فقال له أبي: بأبي أنت و أمي وهل ولد؟ قال: نعم ومرت به سنون، قال يزيد: فجاءنا من لم نستطع معه كلاما. قال يزيد: فقلت لابي إبراهيم عليه السلام: فأخبرني أنت بمثل ما أخبرني به أبوك عليه السلام، فقال لي: نعم إن أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا زمانه، فقلت له: فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة الله، قال: فضحك أبو إبراهيم ضحكا شديدا، ثم قال: أخبرك يا أبا عمارة أني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان، وأشركت معه بني في الظاهر، وأوصيته في الباطن، فأفردته وحده ولو كان الأمر إلي لجعلته في القاسم ابني، لحبي إياه ورأفتي عليه ولكن ذلك إلى الله عزوجل، يجعله حيث يشاء، ولقد جاءني بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله، ثمن أرانيه وأراني من يكون معه وكذلك لا يوصي إلى أحد منا حتى يأتي بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وجدي علي صلوات الله عليه ورأيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله خاتما وسيفا وعصا وكتابا وعمامة، فقلت: ما هذا يا رسول الله؟ فقال لي: أما العمامة فسلطان الله عزوجل، وأما السيف فعز الله تبارك و تعالى، وأما الكتاب فنور الله تبارك وتعالى، وأما العصا فقوة الله، وأما الخاتم فجامع هذه الأمور، ثم قال لي: والأمر قد خرج منك إلى غيرك، فقلت: يا رسول الله أرنيه أيهم هو؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رأيت من الائمة أحدا أجزع على فراق هذا الأمر منك ولو كانت الإمامة بالمحبة لكان إسماعيل أحب إلى أبيك منك ولكن ذلك من الله عزوجل. ثم قال أبو إبراهيم: ورأيت ولدي جميعا الأحياء منهم والأموات، فقال لي أمير المؤمنين عليه السلام: هذا سيدهم وأشار إلى ابني علي فهو مني وأنا منه والله مع المحسنين، قال يزيد: ثم قال أبو إبراهيم عليه السلام: يا يزيد إنها وديعة عندك قال تخبر بها إلا عاقلا أو عبدا تعرفه صادقا وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، وهو قول الله عزوجل: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " وقال لنا ايضا: " ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله " قال: فقال أبو إبراهيم عليه السلام، فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: قد جمعتهم لي - بأبي وأمي - فأيهم هو؟ فقال: هو الذي ينظر بنور الله عزوجل ويسمع بفهمه وينطق بحكمته يصيب فلا يخطئ، ويعلم فلا يجهل، معلما حكما وعلما، هو هذا - وأخذ بيد علي ابني - ثم قال: ما أقل مقامك معه، فإذا رجعت من سفرك فأوض وأصلح أمرك وافرغ مما أردت، فإنك منتقل عنهم ومجاور غيرهم، فإذا أردت فادع عليا فليغسلك و ليكفنك، فإنه طهر لك، ولا يستقيم إلا ذلك وذلك سنة قد مضت، فاضطجع بين يديه وصف إخوته خلفه وعمومته، ومره فليكبر عليك تسعا، فإنه قد استقامت وصيته ووليك وأنت حي، ثم اجمع له ولدك من بعدهم، فأشهد عليهم وأشهد الله عزوجل وكفى بالله شهيدا، قال يزيد ثم قال لي أبو إبراهيم عليه السلام: إنى اوخذ في هذه السنة والأمر هو إلى ابني علي، سمي علي وعلي: فأما علي الاول فعلي بن أبي طالب، وأما الآخر فعلي بن الحسين عليهما السلام، أعطي فهم الأول وحلمه ونصره ووده ودينه ومحنته، ومحنة الآخر وصبره على ما يكره وليس له أن يتكلم إلا بعد موت هارون بأربع سنين.
ثم قال لي: يا يزيد وإذا مررت بهذا الموضع ولقيته وستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام، أمين، مأمون، مبارك وسيعلمك أنك قد لقيتني فأخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول الله صلى الله عليه وآله ام إبراهيم، فان قدرت أن تبلغها مني السلام فافعل، قال يزيد؟ فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم عليه السلام عليا عليه السلام فبدأني، فقال لي يا يزيد ما تقول في العمرة؟ فقلت: بأبي أنت وأمي ذلك إليك وما عندي نفقة، فقال: سبحان الله ما كنا نكلفك ولا نكفيك، فخرجنا حتى انتهينا إلى ذلك الموضع فابدأني فقال: يا يزيد إن هذا الموضع كثيرا ما لقيت فيه جيرتك و عمومتك، قلت نعم ثم قصصت عليه الخبر فقال لي: أما الجارية فلم تجئ بعد، فاذا جاءت بلغتها منه السلام، فانطلقنا إلى مكة فاشتراها في تلك السنة، فلم تلبث إلا قليلا حتى حملت فولدت ذلك الغلام، قال يزيد: وكان إخوة علي يرجون أن يرتوه فعادوني إخوته من غير ذنب، فقال لهم إسحاق بن جعفر: والله لقد رأيته وإنه ليقعد من أبي إبراهيم بالمجلس الذي لا أجلس فيه أنا )).
15- عن يزيد بن سليط قال:
(( لما أوصى أبو إبراهيم عليه السلام أشهد إبراهيم بن محمد الجعفري وإسحاق بن محمد الجعفري وإسحاق بن جعفر بن محمد وجعفر ابن صالح ومعاوية الجعفري ويحيى بن الحسين بن زيد بن علي وسعد بن عمران الأنصاري ومحمد بن الحارث الأنصاري ويزيد بن سليط الأنصاري ومحمد بن جعفر بن سعد الأسلمي - وهو كاتب الوصية الاولى - أشهدهم أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث ما في القبور وأن البعث بعد الموت حق وأن الوعد حق وأن الحساب حق والقضاء حق وأن الوقوف بين يدي الله حق وأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله حق وأن ما نزل به الروح الأمين حق، على ذلك أحيا و عليه أموت وعليه ابعث إن شاء الله، وأشهدهم أن هذه وصيتي بخطي وقد نسخت وصية جدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ووصية محمد بن علي قبل ذلك نسختها حرفا بحرف ووصية جعفر بن محمد، على مثل ذلك وإني قد أوصيت إلى علي وبني بعد معه إن شاء وآنس منهم رشدا وأحب أن يقرهم فذاك له وإن كرههم وأحب أن يخرجهم فذاك له ولا أمر لهم معه وأوصيت إليه بصدقاتي وأموالي وموالي وصبياني الذي خلفت وولدي إلى إبراهيم والعباس وقاسم وإسماعيل وأحمد وام أحمد وإلى علي أمر نسائي دونهم و ثلث صدقة أبي وثلثي، يضعه حيث يرى ويجعل فيه مايجعل ذو المال في ماله، فإن أحب أن يبيع أو يهب أو ينحل أو يتصدق بها على من سميت له وعلى غير من سميت، فذاك له وهو أنا في وصيتي في مالي وفي أهلي وولدي وإن يرى أن يقر إخوته الذين سميتهم في كتابي هذا أقرهم وإن كره فله أن يخرجهم غير مثرب عليه ولا مردود، فإن آنس منهم غير الذي فارقتهم عليه فأحب أن يردهم في ولاية فذاك له وإن أراد رجل منهم أن يزوج اخته فليس له أن يزوجها إلا بإذنه وأمره، فإنه أعرف بمناكح قومه وأي سلطان أو أحد من الناس كفه عن شئ أو حال بينه وبين شئ مما ذكرت في كتابي هذا أو أحد ممن ذكرت، فهو من الله ومن رسوله بريئ والله ورسوله منه براء وعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين والنبيين والمرسلين وجماعة المؤمنين وليس لأحد من السلاطين أن يكفه عن شئ وليس لي عنده تبعة ولا تباعة ولا لأحد من ولدي له قبلي مال، فهو مصدق فيما ذكر، فإن أقل فهو أعلم وإن أكثر فهو الصادق كذلك وإنما أردت بإدخال الذين أدخلتهم معه من ولدي التنويه بأسمائهم والتشريف لهم وأمهات أولادي من أقامت منهن في منزلها وحجابها فلها ما كان يجري عليها في حياتي إن رأى ذلك، ومن خرجت منهن إلى زوج فليس له أن ترجع إلى محواي إلا أن يرى علي غير ذلك وبناتي بمثل ذلك ولا يزوج بناتي أحد من إخوتهن من امهاتهن ولا سلطان ولا عم إلا برأيه و مشورته، فإن فعلوا غير ذلك فقد خالفوا الله ورسوله وجاهدوه في ملكه وهو أعرف بمناكح قومه، فإن أراد أن يزوج زوج وإن أراد أن يترك ترك وقد أوصيتهن بمثل ما ذكرت في كتابي هذا وجعلت الله عزوجل عليهم شهيدا وهو وأم أحمد [شاهدان] وليس لأحد أن يكشف وصيتي ولا ينشرها وهو منها على غير ما ذكرت وسميت، فمن أساء فعليه ومن أحسن فلنفسه وما ربك بظلام للعبيد وصلى الله عليه محمد وعلى آله وليس لأحد من سلطان ولا غيره أن يفض كتابي هذا الذي ختمت عليه الأسفل، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين وجماعة المرسلين والمؤمنين من المسلمين وعلى من فض كتابي هذا.
وكتب وختم أبو إبراهيم والشهود وصلى الله على محمد وعلى آله، قال أبوالحكم: فحدثني عبد الله بن آدم الجعفري عن يزيد بن سليط قال: كان أبو عمران الطلحي قاضي المدينة فلما مضى موسى قدمه إخوته إلى الطلحي القاضي فقال العباس ابن موسى: أصلحك الله وأمتع بك، إن في أسفل هذا الكتاب كنزا وجوهرا ويريد أن يحتجبه ويأخذه دوننا ولم يدع أبونا رحمه الله شيئا إلا ألجأه إليه وتركنا عالة ولولا أني أكف نفسي لأخبرتك بشئ على رؤوس الملاء، فوثب إليه إبراهيم بن محمد فقال: إذا والله تخبر بما لا نقبله منك ولا نصدقك عليه، ثم تكون عندنا ملوما مدحورا، نعرفك بالكذب صغيرا وكبيرا وكان أبوك أعرف بك لو كان فيك خيرا وإن كان أبوك لعارفا بك في الظاهر والباطن وما كان ليأمنك على تمرتين، ثم وثب إليه إسحاق بن جعفر عمه فأخذ بتلبيبه فقال له: إنك لسفيه ضعيف أحمق أجمع هذا مع ما كان بالأمس منك، وأعانه القوم أجمعون، فقال أبوعمران القاضي لعلي: قم يا أبا الحسن حسبي ما لعنني أبوك اليوم وقد وسع لك أبوك ولا والله ما أحد أعرف بالولد من والده ولا والله ما كان أبوك عندنا بمستخف في عقله ولا ضعيف في رأيه، فقال العباس للقاضي.
أصلحك الله فض الخاتم واقرء ما تحته فقال أبوعمران: لا أفضه حسبي ما لعنني أبوك اليوم، فقال العباس: فانا أفضه، فقال: ذاك إليك، ففض العباس الخاتم فإذا فيه إخراجهم وإقرار علي لها وحده وإدخاله إياهم في ولاية علي إن أحبوا أو كرهوا وإخراجهم من حد الصدقة وغيرها وكان فتحه عليهم بلاء وفضيحة وذلة ولعلي عليه السلام خيرة وكان في الوصية التي فض العباس تحت الخاتم هؤلاء الشهود: إبراهيم بن محمد وإسحاق بن جعفر وجعفر بن صالح وسعيد بن عمران وأبرزوا وجه أم أحمد في مجلس القاضي وادعوا أنها ليست إياها حتى كشفوا عنا وعرفوها، فقالت عند ذلك: قد والله قال سيدي هذا: إنك ستؤخذين جبرا وتخرجين إلى المجالس، فزجرها إسحاق بن جعفر وقال: اسكتي فإن النساء إلى الضعف، ما أظنه قال من هذا شيئا، ثم إن عليا عليه السلام التفت إلى العباس فقال: يا أخي إني أعلم أنه إنما حملكم على هذه الغرائم والديون التي عليكم، فانطلق يا سعيد فتعين لي ما عليهم، ثم اقض عنهم ولا والله لا أدع مواساتكم وبركم ما مشيت على الأرض فقولوا ما شئتم، فقال العباس: ما تعطينا إلا من فضول أموالنا وما لنا عندك أكثر، فقال: قولوا ما شئتم فالعرض عرضكم فإن تحسنوا فذاك لكم عند الله وإن تسيؤوا فإن الله غفور رحيم والله إنكم لتعرفوا أنه مالي يومي هذا ولد ولا وارث غيركم ولئن حبست شيئا ما تظنون أو ادخرته فإنما هو لكم ومرجعه إليكم والله ما ملكت منذ مضي أبوكم رضي الله عنه شيئا إلا وقد سيبته حيث رأيتم، فوثب العباس فقال: والله ما هو كذلك وما جعل الله لك من رأي علينا ولكن حسد أبينا لنا وإرادته ما أراد مما لا يسوغه الله إياه ولا إياك وإنك لتعرف أني أعرف صفوان بن يحيى بياع السابري بالكوفة ولئن سلمت لا غصصنه بريقه وأنت معه، فقال علي عليه السلام: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أما إني يا إخوتي فحريص على مسرتكم، الله يعلم، اللهم إن كنت تعلم أني احب صلاحهم وأني بار بهم وأصل لهم رفيق عليهم أعني بأمورهم ليلا ونهارا فأجزني به خيرا وإن كنت على غير ذلك فأنت علام الغيوب فأجزني به ما أنا أهله إن كان شرا فشرا وإن كان خيرا فخيرا، اللهم.
أصلحهم وأصلح لهم واخسأ عنا وعنهم الشيطان وأعنهم على طاعتك ووفقهم لرشدك أما أنا يا أخي فحريص على مسرتكم، جاهد على صلاحكم، والله على ما نقول وكيل فقال العباس: ما أعرفني بلسانك وليس لمسحاتك عندي طين، فافترق القوم على هذا وصلى الله على محمد وآله )).
16- عن ابن سنان قال:
(( دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام من قبل أن يقدم العراق بسنة وعلي ابنه جالس بين يديه، فنظر إلي فقال: يا محمد أما إنه سيكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع لذلك، قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟ فقد أقلقني ما ذكرت فقال: أصير إلى الطاغية، أما إنه لا يبداني منه سوء ومن الذي يكون بعده، قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟ قال: يضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء، قال: قلت: وما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه وجحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب حقه وجحده إمامته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: قلت: والله لئن مد الله لي في العمر لاسلمن له حقه ولاقرن له بإمامته، قال: صدقت يا محمد يمد الله في عمرك وتسلم له حقه وتقر له بامامته من يكون من بعده، قال: قلت: ومن ذاك؟ قال محمد ابنه، قال: قلت: له الرضا والتسليم )).
سبع وستون : باب الإشارة والنص على أبي جعفر الثاني عليه السلام :
1- عن يحيى بن حبيب الزيات قال:
(( أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا عليه السلام جالسا، فلما نهضوا قال لهم: القوا أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا، فلما نهض القوم التفت إلي فقال: يرحم الله المفضل إنه كان ليقنع بدون هذا )).
2- عن معمر بن خلاد قال:
(( سمعت الرضا عليه السلام وذكر شيئا فقال: ما حاجتكم إلى ذلك، هذا أبوجعفر قد أجلسته مجلسي وصيرته مكاني وقال: إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة )).
3- عن أبيه محمد بن عيسى قال:
(( دخلت على أبي جعفر الثاني عليه السلام فناظرني في أشياء، ثم قال لي: يا أبا علي ارتفع الشك ما لأبي غيري )).
4- عن الحسين بن بشار قال:
(( كتب أبن قياما إلى أبي الحسن عليه السلام كتابا يقول فيه: كيف تكون إماما وليس لك ولد؟ فأجابه أبوالحسن الرضا عليه السلام - شبه المغضب -: وما علمك أنه لا يكون لي ولد والله لا تمضي الأيام والليالي حتى يرزقني الله ولدا ذكرا يفرق به بين الحق والباطل )).
5- عن ابن أبي نصر قال:
(( قال لي ابن النجاشي: من الإمام بعد صاحبك؟ فأشتهي أن تسأله حتى أعلم، فدخلت على الرضا عليه السلام فأخبرته، قال: فقال لي: الإمام ابني، ثم قال: هل يتجرى أحد أن يقول ابني وليس له ولد )).
6- عن معمر بن خلاد قال:
(( ذكرنا عند أبي الحسن عليه السلام شيئا بعد ما ولد له أبو جعفر عليه السلام، فقال: ما حاجتكم إلى ذلك، هذا أبوجعفر قد أجلسته مجلسي وصيرته في مكاني )).
7- عن ابن قياما الواسطي قال:
(( دخلت على علي بن موسى عليهما السلام فقلت له: أيكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت، فقلت له: هو ذا أنت، ليس لك صامت - ولم يكن ولد له أبو جعفر عليه السلام بعد - فقال لي: والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، ويمحق به الباطل وأهله، فولد له بعد سنة أبوجعفر عليه السلام وكان ابن قياما واقفيا )).
8- عن الحسن بن الجهم قال:
(( كنت مع أبي الحسن عليه السلام جالسا، فدعا بابنه وهو صغير فأجلسه في حجري، فقال لي: جرده وانزع قميصه، فنزعته فقال لي: انظر بين كتفيه، فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللحم، ثم قال: أترى هذا؟ كان مثله في هذا الموضع من أبي عليه السلام )).
9- عن أبي يحيى الصنعاني قال:
(( كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فجيئ بابنه أبي جعفر عليه السلام وهو صغير، فقال: هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه )).
10- عن صفوان بن يحيى قال:
(( قلت للرضا عليه السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليه السلام فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟ ! فقال: وما يضره من ذلك فقد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين )).
11- عن معمر بن خلاد قال:
(( سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرضا عليه السلام: إن ابني في لسانه ثقل فأنا أبعث به إليك غدا تمسح على رأسه وتدعو له فانه مولاك، فقال: هو مولى أبي جعفر فابعث به غدا إليه )).
12- عن محمد بن الحسن بن عمار قال:
(( كنت عند علي بن جعفر بن محمد جالسا بالمدينة و كنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما يسمع من أخيه - يعني أبا الحسن عليه السلام - إذ دخل عليه أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام المسجد - مسجد الرسول صلى الله عليه وآله - فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه، فقال له أبو جعفر عليه السلام: يا عم اجلس رحمك الله فقال: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم، فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه ويقولون: أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل؟ فقال: اسكتوا إذا كان الله عزوجل - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه، انكر فضله؟ ! نعوذ بالله مما تقولون، بل أنا له عبد )).
13- عن الخيراني، عن أبيه قال:
(( كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر ابني، فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام، فقال أبوالحسن عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم رسولا نبيا، صاحب شريعة مبتداة في أصغر من السن الذي فيه أبوجعفر عليه السلام )).
14- عن زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي قال:
(( سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال: والله لقد نصر الله ابا الحسن الرضا عليه السلام، فقال له الحسن: إي والله جعلت فداك لقد بغى عليه إخوته، فقال علي بن جعفر: إي والله ونحن عمومته بغينا عليه، فقال له الحسن: جعلت فداك كيف صنعتم فإني لم أحضركم؟ قال: قال له إخوته ونحن أيضا: ما كان فينا إمام قط حائل اللون فقال لهم الرضا عليه السلام هو ابني، قالوا: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى بالقافة فبيننا وبينك القافة، قال: ابعثوا أنتم إليهم فأما أنا فلا، ولا تعلموهم لما دعوتموهم ولتكونوا في بيوتكم. فلما جاؤوا أقعدونا في البستان واصطف عمومته وإخوته وأخواته وأخذوا الرضا عليه السلام وألبسوه جبة صوف وقلنسوة منها ووضعوا على عنقه مسحاة وقالوا له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه، ثم جاؤوا بأبي جعفر عليه السلام فقالوا: ألحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا: ليس له ههنا أب ولكن هذا عم أبيه، وهذا عم أبيه، وهذا عمه، وهذه عمته، وإن يكن له ههنا أب فهو صاحب البستان، فإن قدميه وقدميه واحدة فلما رجع أبو الحسن عليه السلام قالوا: هذا أبوه.
قال علي بن جعفر: فقمت فمصصت ريق أبي جعفر عليه السلام ثم قلت له: أشهد أنك إمامي عند الله، فبكى الرضا عليه السلام، ثم قال: يا عم ! ألم تسمع أبي وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بابي ابن خيرة الإماء ابن النوبية الطيبة الفم، المنتجبة الرحم، ويلهم لعن الله الأعيبس وذريته، صاحب الفتنة، ويقتلهم سنين وشهورا وأياما يسومهم خسفا ويسقيهم كأسا مصبرة، وهو الطريد الشريد الموتور بأبيه وجده صاحب الغيبة، يقال: مات أو هلك، أي واد سلك؟ ! أفيكون هذا ياعم إلا مني، فقلت: صدقت جعلت فداك )).
ثمان وستون : باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه السلام :
1- عن إسماعيل بن مهران قال:
(( لما خرج أبوجعفر عليه السلام من المدينة إلى بغداد في الدفعة الاولى من خرجتيه، قلت له عند خروجه: جعلت فداك إني أخاف عليك في هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك؟ فكر بوجهه إلي ضاحكا وقال ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة، فلما أخرج به الثانية إلى المعتصم صرت إليه فقلت له: جعلت فداك أنت خارج فإلى من هذا الأمر من بعدك؟ فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم التفت إلي فقال: عند هذه يخاف علي، الأمر من بعدي إلى ابني علي )).
2- عن الخيراني، عن أبيه أنه قال:
(( كان يلزم باب أبي جعفر عليه السلام للخدمة التي كان وكل بها وكان أحمد بن محمد بن عيسى يجيئ في السحر في كل ليلة ليعرف خبر علة أبي جعفر عليه السلام وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليه السلام وبين أبي إذا حضر قام أحمد وخلا به أبي، فخرجت ذات ليله وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لأبي: إن مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني ماضي والأمر صائر إلى ابني علي وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي ثم مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه وقال لأبي ما الذي قد قال لك؟ قال: خيرا، قال: قد سمعت ما قال، فلم تكتمه؟ وأعاد ما سمع فقال له أبي: قد حرم الله عليك ما فعلت لأن الله تعالى يقول: " ولا تجسسوا " فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوما ما وإياك أن تظهرها إلى وقتها.
فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة وقال: إن حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحوها واعلموا بما فيها، فلما مضى أبوجعفر عليه السلام ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر، فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده وأنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبي: ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمن عنده الرقاع: احضروا الرقاع فأحضروها، فقال لهم: هذا ما أمرت به، فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر؟ فقال لهم: قد آتاكم الله عزوجل به هذا أبوجعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة وسأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئا فدعاه أبي إلى المباهلة، فقال: لما حقق عليه، قال: قد سمعت ذلك وهذا مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم: فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعا )).
" وفي نسخة الصفواني:
3- محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن الحسين الواسطي أنه سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر يحكي أنه أشهده على هذه الوصية المنسوخة : " شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر أن أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أشهده أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته وجعل أمر موسى إذا بلغ إليه وجعل عبدالله بن المساور قائما على تركته من الضياع والأموال والنفقات والرقيق وغير ذلك إلى أن يبلغ علي بن محمد.
صير عبد الله بن المساور ذلك اليوم إليه ، يقوم بأمر نفسه وأخواته ويصير أمر موسى إليه، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها وذلك يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه وشهد الحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو الجواني على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب وكتب شهادته بيده وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده )).
تسع وستون : باب الإشارة والنص على أبي محمد عليه السلام :
1- عن يحيى بن يسار القنبري قال:
(( أوصى أبوالحسن عليه السلام إلى ابنه الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي )).
2- عن علي بن عمر النوفلي قال:
(( كنت مع أبي الحسن عليه السلام في صحن داره، فمر بنا محمد ابنه فقلت له: جلعت فداك هذا صاحبنا بعدك؟ فقال: لا، صاحبكم بعدي الحسن )).
3- عن عبد الله بن محمد الأصفهاني قال:
(( قال أبوالحسن عليه السلام: صاحبكم بعدي الذي يصلي علي، قال: ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك، قال: فخرج أبومحمد فصلى عليه )).
4- عن علي بن جعفر قال:
(( كنت حاضرا أبا الحسن عليه السلام لما توفي ابنه محمد فقال للحسن: يا بني أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا )).
5- عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباري قال :
(( كنت حاضرا عند [مضي] أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام فجاء أبوالحسن عليه السلام فوضع له كرسي فجلس عليه، وحوله أهل بيته، وأبومحمد قائم في ناحية، فلما فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمد عليه السلام فقال: يا بني أحدث لله تبارك وتعالى شكرا فقد أحدث فيك أمرا )).
6- عن علي بن مهزيار قال:
(( قلت لأبي الحسن عليه السلام: إن كان كون - وأعوذ بالله - فإلى من؟ قال: عهدي إلى الأكبر من ولدي )).
7- عن علي بن عمرو العطار قال:
(( دخلت على أبي الحسن العسكري عليه السلام وأبوجعفر ابنه في الأحياء وأنا أظن أنه هو، فقلت له: جعلت فداك من أخص من ولدك؟ فقال: لا تخصوا أحدا حتى يخرج إليكم أمري قال: فكتبت إليه بعد: فيمن يكون هذا الأمر؟ قال: فكتب إلي في الكبير من ولدي، قال: وكان أبومحمد أكبر من أبي جعفر )).
8- عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن ابن الحسن الأفطس :
(( أنهم حضروا - يوم توفي محمد بن علي بن محمد - باب أبي الحسن يعزونه وقد بسط له في صحن داره والنساء جلوس حوله، فقالوا: قدرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس اذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب، حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه، فنظر إليه أبوالحسن عليه السلام بعد ساعة فقال: يا بني أحدث لله عزوجل شكرا، فقد أحدث فيك أمرا، فبكى الفتى وحمد الله واسترجع، وقال: الحمد لله رب العالمين وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك وإنا لله وإنا إليه راجعون، فسألنا عنه، فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو أرجح، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه )).
9- عن محمد بن يحيى بن درياب قال:
(( دخلت على أبي الحسن عليه السلام بعد مضي أبي جعفر فعزيته عنه وأبومحمد عليه السلام جالس فبكى أبومحمد عليه السلام، فأقبل عليه أبوالحسن عليه السلام فقال [له]: إن الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفا منه فاحمد الله )).
10- عن أبي هاشم الجعفري قال:
(( كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد ما مضى ابنه أبوجعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر ابن محمد عليهم السلام وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبومحمد المرجى بعد أبي جعفر عليه السلام فأقبل علي أبوالحسن قبل أن أنطق فقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر عليه السلام ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبومحمد ابني الخلف من بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الامامة)).
11- عن أبي بكر الفهفكي قال:
(( كتب إلي أبوالحسن عليه السلام: أبومحمد ابني أنصح آل محمد غريزة وأوثقهم حجة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عرى الإمامة وأحكامها، فما كنت سائلي فسله عنه، فعنده ما يحتاج إليه )).
12- عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال:
(( كتب إلي أبوالحسن في كتاب: أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر وقلقت لذلك فلا تغتم فإن الله عزوجل " لا يضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون " وصاحبك بعدي أبومحمد ابني وعنده ما تحتاجون إليه، يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء الله " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان )).
13- عن داود بن القاسم قال:
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد عليهم السلام )).
سبعون : باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار عليه السلام " الإمام الغائب " :
1- عن محمد بن علي بن بلال قال:
(( خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إلى من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده )).
2- عن أبي هاشم الجعفري قال:
(( قلت لأبي محمد عليه السلام: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل، قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم، فقلت: فإن بك حدث فأين أسأل عنه؟ فقال: بالمدينة )).
3- عن عمرو الأهوازي قال:
(( أراني أبومحمد ابنه وقال: هذا صاحبكم من بعدي )).
4- عن حمدان القلانسي قال:
(( قلت للعمري: قد مضى أبومحمد؟ فقال لي: قد مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذه، وأشار بيده )).
5- عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال:
(( خرج عن أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري لعنه الله هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه، يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب، فكيف رأى قدرة الله فيه، وولد له ولد سماه " محمد " في سنه ست وخمسين ومائتين )).
6- عن رجل من أهل فارس سماه قال:
(( أتيت سامرا ولزمت باب أبي محمد عليه السلام فدعاني، فدخلت عليه وسلمت فقال: ما الذي أقدمك؟ قال: قلت: رغبة في خدمتك، قال: فقال لي: فالزم الباب، قال: فكنت في الدار مع الخدم، ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في الدار رجال قال: فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت فناداني: مكانك لا تبرح، فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج، فخرجت علي جارية معها شئ مغطى، ثم ناداني ادخل، فدخلت ونادى الجارية فرجعت إليه، فقال لها: اكشفي عما معك، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه وكشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته أخضر ليس بأسود، فقال: هذا صاحبكم، ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبومحمد عليه السلام )).
واحد وسبعون : باب في تسمية من رآه عليه السلام :
1- عن عبدالله بن جعفر الحميري قال:
(( اجتمعت أنا والشيخ أبوعمرو رحمه الله عند أحمد بن إسحاق فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له: يا أبا عمرو إني اريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما اريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجة واغلق باب التوبة فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فاولئك أشرار من خلق الله عز و جل وهم الذين تقوم عليهم القيامة ولكني أحببت أن أزداد يقينا وإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه عزوجل أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أو لم تؤمن قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، وقد أخبرني أبوعلي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته وقلت: من أعامل أو عمن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون، وأخبرني أبوعلي أنه سأل أبا محمد عليه السلام عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك عني فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعمها فإنهما الثقتان المأمونان، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك.
قال: فخر أبوعمرو ساجدا وبكى ثم قال: سل حاجتك فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه السلام؟ فقال: إي والله ورقبته مثل ذا - وأومأ بيده - فقلت له: فبقيت واحدة فقال لي: هات، قلت: فالاسم؟ قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أحلل ولا أحرم، ولكن عنه عليه السلام، فإن الأمر عند السلطان، أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له فيه وهوذا، عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئا، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك )).
قال الكليني رحمه الله: وحدثني شيخ من أصحابنا - ذهب عني اسمه - أن أبا عمرو سأل عن أحمد بن إسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا.
2- عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر وكان أسن شيخ من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله بالعراق فقال:
(( رأيته بين المسجدين وهو غلام عليه السلام )).
3- عن الحسين بن رزق الله أبوعبد الله قال:
(( حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر قال: حدثتني حكيمة إبنة محمد بن علي - وهي عمة أبيه - أنها رأته ليلة مولده وبعد ذلك )).
4- عن حمدان القلانسي قال:
(( قلت للعمري: قد مضى أبومحمد عليه السلام؟ فقال: قد مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذا، وأشار بيده )).
5- عن فتح مولى الزراري قال:
(( سمعت أبا علي بن مطهر يذكر أنه قد رآه ووصف له قده )).
6- عن خادمة لإبراهيم بن عبده النيسابوري أنها قالت :
(( كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء عليه السلام حتى وقف على إبراهيم وقبض على كتاب مناسكه وحدثه بأشياء )).
7- عن أبي عبد الله بن صالح :
(( أنه رآه عند الحجر الأسود والناس يتجاذبون عليه وهو يقول: ما بهذا أمروا )).
8- عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس ، عن أبيه أنه قال:
(( رأيته عليه السلام بعد مضي أبي محمد حين أيفع وقبلت يديه ورأسه )).
9- عن القنبري - رجل من ولد قنبر الكبير - مولى أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: (( جرى حديث جعفر بن على فذمه، فقلت له: فليس غيره فهل رأيته؟ فقال: لم أره ولكن رآه غيري، قلت: ومن رآه؟ قال: قد رآه جعفر مرتين وله حديث )).
10- علي بن محمد، عن أبي محمد الوجناني أنه أخبرني عمن رآه:
(( أنه خرج من الدار قبل الحادث بعشرة أيام وهو يقول: اللهم إنك تعلم أنها من أحب البقاع لولا الطرد، أو كلام هذا نحوه )).
11- عن بعض جلاوزة السواد قال:
(( شاهدت سيماء آنفا بسر من رأى وقد كسر باب الدار، فخرج عليه وبيده طبرزين فقال له: ما تصنع في داري؟ فقال سيماء: إن جعفرا زعم أن أباك مضى ولا ولد له، فإن كانت دارك فقد انصرفت عنك، فخرج عن الدار قال: علي بن قيس: فخرج علينا خادم من خدم الدار فسألته عن هذا الخبر، فقال لي: من حدثك بهذا؟ فقلت له: حدثني بعض جلاوزة السواد، فقال لي: لا يكاد يخفى على الناس شئ )).
12- عن عمرو الأهوازي قال:
(( أرانيه أبومحمد عليه السلام وقال: هذا صاحبكم )).
13- عن أبي نصر ظريف الخادم :
(( أنه رآه )).
14- عن رجل من أهل فارس سماه :
(( أن أبا محمد أراه إياه )).
15- عن بعض أهل المدائن قال:
(( كنت حاجا مع رفيق لي، فوافينا إلى الموقف فإذا شاب قاعد عليه إزار ورداء، وفي رجليه نعل صفراء، قومت الإزار والرداء بمائة وخمسين دينارا وليس عليه أثر السفر، فدنا منا سائل فرددنا، فدنا من الشاب فسأله، فحمل شيئا من الأرض وناوله، فدعا له السائل واجتهد في الدعاء وأطال، فقام الشاب وغاب عنا، فدنونا من السائل فقلنا له ويحك ما أعطاك؟ فأرانا حصاة ذهب مضرسة قدرناها عشرين مثقالا، فقلت لصاحبي: مولانا عندنا ونحن لا ندري، ثم ذهبنا في طلبه فدرنا الموقف كله، فلم نقدر عليه، فسألنا كل من كان حوله من أهل مكة والمدينة، فقالوا شاب علوي يحج، في كل سنة ماشيا )).
اثنان وسبعون : باب في النهي عن الإسم :
1- عن داود بن القاسم الجعفري قال:
(( سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ قال: إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه )).
2- عن أبي عبد الله الصالحي قال:
(( سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد عليه السلام أن أسأل عن الاسم والمكان، فخرج الجواب: إن دللتهم على الاسم أذاعوه وإن عرفوا المكان دلوا عليه )).
3- عن الريان بن الصلت قال:
(( سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول - وسئل عن القائم - فقال: لا يرى جسمه، ولا يسمى اسمه )).
4- عن ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( صاحب هذا الأمر لا يسميه باسمه إلا كافر )).
ثلاث وسبعون : باب نادر في حال الغيبة :
1- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( أقرب ما يكون العباد من الله جل ذكره وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله عزوجل ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقعوا الفرج صباحا ومساء، فإن أشد ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته ولم يظهر لهم، وقد علم أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته عنهم طرفه عين، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس )).
2- عن عمار الساباطي قال:
(( قلت لأبي عبدالله عليه السلام: أيما أفضل: العبادة في السر مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل، أو العبادة في ظهور الحق ودولته، مع الإمام منكم الظاهر؟ فقال يا عمار الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية وكذلك والله عبادتكم في السر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل وتخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممن يعبد الله عزوجل ذكره في ظهور الحق مع إمام الحق الظاهر في دولة الحق وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحق واعلموا أن من صلى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة، مستتر بها من عوده في وقتها فأتمها، كتب الله له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلى منكم صلاة فريضة وحده مستترا بها من عوده في وقتها فأتمها، كتب الله عزوجل بها له خمسا وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها، كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب الله عزوجل له بها عشرين حسنة ويضاعف الله عزوجل حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان بالتقية على دينه وإمامه و نفسه، وأمسك من لسانه أضعافا مضاعفة إن الله عزوجل كريم .
قلت: جعلت فداك قد والله رغبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكن احب أن اعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام الظاهر منكم في دولة الحق ونحن على دين واحد؟ فقال: إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله عز وجل وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل خير وفقه وإلى عبادة الله عز ذكره سرا من عدوكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له، صابرين معه، منتظرين لدولة الحق خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة، تنتظرون إلى حق إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك، واضطروكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف مع عدوكم، فبذلك ضاعف الله عزوجل لكم الأعمال، فهنيئا لكم.
قلت: جعلت فداك فما ترى إذا أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحق و نحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أصحاب دولة الحق والعدل؟ فقال: سبحان الله أما تحبون أن يظهر الله تبارك وتعالى الحق والعدل في البلاد ويجمع الله الكلمة ويؤلف الله بين قلوب مختلفة، ولا يعصون الله عزوجل في أرضه، وتقام حدوده في خلقه، ويرد الله الحق إلى أهله فيظهر، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق، أما والله يا عمار لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها إلا كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر واحد فأبشروا )).
3- عن أبي إسحاق قال:
(( حدثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أنهم سمعوا أمير المؤمنين عليه السلام يقول في خطبة له: اللهم وإني لاعلم أن العلم لا يأزر كله، ولا ينقطع مواده وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور، كيلا تبطل حججك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم، بل أين هم وكم؟ أولئك الأقلون عددا، والأعظمون عند الله جل ذكره قدرا، المتبعون لقادة الدين: الأئمة الهادين، الذين يتأدبون بآدابهم، وينهجون نهجهم، فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة الإيمان، فتستجيب أرواحهم لقادة العلم، ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون، وأباه المسرفون اولئك أتباع العلماء صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه ودانوا بالتقية عن دينهم والخوف من عدوهم، فأرواحهم معلقة بالمحل الاعلى، فعلماؤهم وأتباعهم خرس صمت في دولة الباطل، منتظرون لدولة الحق وسيحق الله الحق بكلماته ويمحق الباطل، ها، ها، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم، وياشوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم )).
أربع وسبعون : باب في الغيبة :
1- عن يمان التمار قال:
(( كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جلوسا فقال لنا: إن لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثم قال هكذا بيده - فأيكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثم أطرق مليا، ثم قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه )).
2- عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:
(( إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد، يا بني إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هو محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا لاتبعوه قال: فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني ! عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه )).
3- عن المفضل بن عمر قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم والتنويه أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم ولتمحصن حتى يقال: مات قتل، هلك، بأي واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أي من أي، قال: فبكيت ثم قلت: فكيف نصنع؟ فنظر إلى شمس داخلة في الصفة فقال: يا أبا عبدالله ترى هذه الشمس قلت نعم، فقال: والله لأمرنا أبين من هذه الشمس )).
4- عن سدير الصيرفي قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في صاحب هذا الأمر شبها من يوسف عليه السلام، قال قلت له: كأنك تذكره حياته أو غيبته؟ قال: فقال لي: وما تنكر من ذلك، هذه الأمة أشباه الخنازير، إن إخوة يوسف عليه السلام كانوا أسباطا أولاد الأنبياء تاجروا يوسف، وبايعوه وخاطبوه، وهم إخوته، وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتى قال: أنا يوسف وهذا أخي، فما تنكر هذه الامة المعلونة أن يفعل الله عزوجل بحجته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف، إن يوسف عليه السلام كان إليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد ان يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب عليه السلام وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الأمة أن يفعل الله عزوجل بحجته كما فعل بيوسف، أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك له كما أذن ليوسف، قالوا: " أئنك لأنت يوسف؟ قال: أنا يوسف " )).
5- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للغلام غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف ومنهم من يقول: حمل ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير أن الله عزوجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة، [قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شي ء أعمل؟ قال: يا زرارة] إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء " اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني " ثم قال: يا زرارة لابد من قتل غلام بالمدينة، قلت: جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني؟ قال: لا ولكن يقتله جيش آل بني فلان يجيئ حتى يدخل المدينة، فيأخذ الغلام فيقتله، فإذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لا يمهلون، فعند ذلك توقع الفرج إن شاء الله)).
6- عن عبيد بن زرارة قال:
((سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه)).
7- عن الأصبغ بن نباتة قال:
(( أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته متفكرا ينكت في الأرض، فقلت، يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكرا تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها؟ فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي الذي يملا الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، تكون له غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين ! وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ اولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العتره، فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك فقال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداء ات وإرادات وغايات ونهايات )).
8- عن معروف بن خربوذ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إنما نحن كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بأعناقكم، غيب الله عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبد المطلب، فلم يعرف أي من أي، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم )).
9- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقائم عليه السلام غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل )).
10- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها )).
11- عن مفضل بن عمر قال:
(( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده في البيت أناس فظننت أنه إنما أراد بذلك غيري، فقال: أما والله ليغيبن عنكم صاحب هذا الأمر وليخملن هذا حتى يقال: مات، هلك، في أي واد سلك؟ ولتكفأن كما تكفأ السفينة في أمواج البحر، لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الإيمان في قلبه، وأيده بروح منه ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي، قال: فبكيت، فقال: ما يبكيك يا ابا عبد الله؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا ابكي وأنت تقول: اثنتا عشرة راية مشتبة لا يدري أي من أي !؟ قال: وفي مجلسه كوة تدخل فيها الشمس فقال: أبينة هذه؟ فقلت: نعم، قال: أمرنا أبين من هذ الشمس )).
12- عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( للقائم غيبتان، يشهد في إحداهما المواسم، يرى الناس ولا يرونه )).
13- عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن يوثق به :
(( أن أمير المؤمنين عليه السلام تكلم بهذا الكلام وحفظ عنه وخطب به على منبر الكوفة: اللهم إنه لا بد لك من حجج في أرضك، حجة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك كيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم يترقب، إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون.
ويقول عليه السلام في هذه الخطبة في موضع آخر: فيمن هذا؟ ولهذا يأزر العلم إذا لم يوجد له حملة يحفظونه ويروونه، كما سمعوه من العلماء ويصدقون عليهم فيه، اللهم فإني لأعلم أن العلم لا يأزر كله ولا ينقطع مواده وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور كيلا تبطل حجتك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم بل أين هم؟ وكم هم؟ اولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا )).
14- عن علي بن جعفر :
(( عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين " قال: إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد)).
15- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن بلغكم من عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها )).
16- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة ولابد له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة )).
17- عن أبان بن تغلب قال:
(( قال أبوعبد الله عليه السلام: كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين، فيأرز العلم كما تأرز الحية في جحرها، واختلفت الشيعة وسمى بعضه بعضا كذابين، وتفل بعضهم في وجوه بعض؟ قلت: جعلت فداك ما عند ذلك من خير، فقال لي: الخير كله عند ذلك، ثلاثا )).
18- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل )).
19- عن إسحاق بن عمار قال: قال أبوعبد الله عليه السلام:
(( للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه )).
20- عن مفضل بن عمر قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لصاحب هذا الأمر غيبتان: إحداهما يرجع منها إلى أهله والأخرى يقال: هلك، في أي واد سلك، قلت: كيف نصنع إذا كان كذلك؟ قال: إذا ادعاها مدع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله )).
21- عن أبي حمزة قال :
(( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: لا، فقلت: فولدك؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك هو؟ قال: لا، فقلت: فولد ولد ولدك؟ فقال: لا، قلت: من هو؟ قال: الذي يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا، على فترة من الأئمة، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث على فترة من الرسل )).
22- عن أم هانئ قالت:
(( سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام، عن قول الله تعالى: " فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس" قالت: فقال: إمام يخنس سنة ستين ومائتين، ثم يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرت عينك )).
23- عن أم هانئ قالت:
(( لقيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام فسألته عن هذه الآية " فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس " قال: الخنس إمام يخنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الواقد في ظلمة الليل، فإن أدركت ذلك قرت عينك )).
24- عن أيوب بن نوح، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام قال:
(( إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم )).
25- عن أيوب بن نوح قال:
(( قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إني أرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، وأن يسوقه الله إليك بغير سيف، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منا أحد اختلفت إليه الكتب، واشير إليه بالأصابع، وسئل عن المسائل، وحملت إليه الأموال، إلا اغتيل أو مات على فراشه، حتى يبعث الله لهذا الأمر غلاما منا، خفي الولادة والمنشأ، غير خفي في نسبه )).
26- عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له:
(( إن شيعتك بالعراق كثيرة والله ما في أهل بيتك مثلك، فكيف لا تخرج؟ قال: فقال يا عبد الله بن عطاء قد أخذت تفرش اذنيك للنوكى إي والله ما أنا بصاحبكم، قال: قلت له: فمن صاحبنا؟ قال: انظروا من عمي على الناس ولادته، فذاك صاحبكم إنه ليس منا أحد يشار إليه بالأصبع ويمضغ بالألسن إلا مات غيظا أو رغم أنفه )).
27- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( يقوم القائم وليس لأحد في عنقه عهد ولا عقد ولا بيعة )).
28- عن منصور، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قلت: إذا أصبحت وأمسيت لا أرى إماما أئتم به ما أصنع؟ قال: فأحب من كنت تحب وأبغض من كنت تبغض، حتى يظهره الله عز وجل )).
29- عن زرارة بن أعين قال:
(( قال أبوعبد الله عليه السلام، لابد للغلام من غيبة، قلت: ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - وهو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته، فمنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: مات أبوه ولم يخلف ومنهم من يقول: ولد قبل موت أبيه بسنتين قال زرارة: فقلت: وما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان؟ قال: ادع الله بهذا الدعاء: " اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك، اللهم عرفني نبيك، فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرفه قط، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني " قال أحمد بن الهلال: سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة )).
30- عن المفضل بن عمر،
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " فإذا نقر في الناقور" قال: إن منا إماما مظفرا مستطرا، فإذا أراد الله عز ذكره إظهار أمره، نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله تبارك وتعالى )).
31- عن محمد بن الفرج قال:
(( كتب إلي أبوجعفر عليه السلام إذا غضب الله تبارك وتعالى على خلقه نحانا عن جوارهم )).
خمس وسبعون : باب ما يضل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة :
1- عن سلام بن عبدالله الهاشمي، قال محمد بن علي: وقد سمعته منه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( بعث طلحة والزبير رجلا من عبدالقيس يقال له: خداش إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقالا له: إنا نبعثك إلى رجل طال ما كنا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانه، وأنت أوثق من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلك، وأن تحاجه لنا حتى تقفه على أمر معلوم، واعلم أنه أعظم الناس دعوى فلا يكسرنك ذلك عنه، ومن الأبواب التي يخدع الناس بها الطعام والشراب والعسل والدهن وأن يخالي الرجل، فلا تأكل له طعاما، ولا تشرب له شرابا، ولا تمس له عسلا ولا دهنا ولا تخل معه واحذر هذا كله منه، وانطلق على بركة الله، فإذا رأيته فاقرأ آيه السخرة، وتعوذ بالله من كيده وكيد الشيطان. فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كله ولا تستأنس به. ثم قل له: إن أخويك في الدين وابني عمك في القرابة يناشدانك القطيعة، ويقولان لك: أما تعلم أنا تركنا الناس لك وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض الله عزوجل محمدا صلى الله عليه وآله فلما نلت أدنى منال، ضيعت حرمتنا وقطعت رجاءنا، ثم قد رأيت أفعالنا فيك وقدرتنا على النأي عنك، وسعة البلاد دونك، وإن من كان يصرفك عنا وعن صلتنا كان أقل لك نفعا وأضعف عنك دفعا منا، وقد وضح الصبح لذي عينين، وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا، فما الذي يحملك على ذلك؟ ! فقد كنا نرى أنك أشجع فرسان العرب، أتتخذ اللعن لنا دينا، وترى أن ذلك يكسرنا عنك.
فلما أتى خداش أمير المؤمنين عليه السلام صنع ما أمراه، فلما نظر إليه علي عليه السلام - وهو يناجي نفسه - ضحك وقال: ههنا يا أخا عبد قيس - وأشار له إلى مجلس قريب منه - فقال: ما أوسع المكان، اريد أن أؤدي إليك رسالة، قال: بل تطعم وتشرب وتحل ثيابك وتدهن ثم تؤدي رسالتك قم يا قنبر فأنزله، قال: ما بي إلى شئ مما ذكرت حاجة، قال: فأخلو بك؟ قال: كل سر لي علانية، قال: فأنشدك بالله الذي هو أقرب إليك من نفسك، الحائل بينك وبين قلبك، الذي بعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أتقدم إليك الزبير بما عرضت عليك؟ قال: اللهم نعم، قال: لو كتمت بعد ما سألتك ما ارتد إليك طرفك، فأنشدك الله هل علمك كلاما تقوله إذا أتيتني؟ قال: اللهم نعم، قال علي عليه السلام: آية السخرة؟ قال نعم، قال: فاقرأها وجعل علي عليه السلام يكررها ويرددها ويفتح عليه إذا أخطأ حتى إذا قرأها سبعين مرة قال الرجل: ما يرى أمير المؤمنين عليه السلام أمره بترددها سبعين مرة ثم قال له: أتجد قلبك اطمأن قال إي: - والذي نفسي بيده - قال: فما قالا لك؟ فأخبره، فقال: قل لهما: كفى بمنطقكما حجة عليكما، ولكن الله لا يهدي القوم الظالمين، زعمتما أنكما أخواي في الدين وابنا عمي في النسب فأما النسب فلا انكره وإن كان النسب مقطوعا إلا ما وصله الله بالاسلام، وأما قولكما: إنكما أخواي في الدين، فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب الله عزوجل، وعصيتما أمره بأفعالكما في أخيكما في الدين، وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين وأما مفارقتكما الناس منذ قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما ذلك الحق بفراقكما إياي أخيرا، وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع الحدث الذي أحدثتما، مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن إلا لطمع الدنيا، زعمتما وذلك قولكما: " فقطعت رجاءنا " لا تعيبان بحمد الله من ديني شيئا وأما الذي صرفني عن صلتكما، فالذي صرفكما عن الحق وحملكما على خلعه من رقابكما كما يخلع الحرون لجامه وهو الله ربي لا أشرك به شيئا فلا تقولا: " أقل نفعا وأضعف دفعا " فتستحقا اسم الشرك مع النفاق، وأما قولكما: إني أشجع فرسان العرب، وهربكما من لعني ودعائي، فإن لكل موقف عملا إذا اختلفت الأسنة و ماجت لبود الخيل وملا سحرا كما أجوافكما، فثم يكفيني الله بكمال القلب، وأما إذا أبيتما بأني أدعو الله فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما، اللهم أقعص الزبير بشر قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرف طلحة المذلة وادخر لهما في الآخرة شرا من ذلك، إن كانا ظلماني وافتريا علي وكتما شهادتهما وعصياك وعصيا رسولك في، قل: آمين، قال خداش: آمين.
ثم قال خداش لنفسه: والله ما رأيت لحية قط أبين خطأ منك، حامل حجة ينقض بعضها بعضا لم يجعل الله لها مساكا، أنا أبرأ إلى الله منهما، قال علي عليه السلام: ارجع إليهما وأعلمها ما قلت، قال: لا والله حتى تسأل الله أن يردني إليك عاجلا وأن يوفقني لرضاه فيك، ففعل فلم يلبث أن انصرف وقتل معه يوم الجمل رحمه الله )).
2- عن رافع بن سلمة قال:
(( كنت مع علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوم النهروان فبينا علي عليه السلام جالس إذ جاء فارس فقال: السلام عليك يا علي فقال له علي عليه السلام: وعليك السلام مالك ثكلتك امك - لم تسلم علي بإمرة المؤمنين؟ قال: بلى ساخبرك عن ذلك كنت إذ كنت على الحق بصفين فلما حكمت الحكمين برئت منك وسميتك مشركا، فأصبحت لا أدري إلى أين أصرف ولايتي، والله لان أعرف هداك من ضلالتك أحب إلى من الدنيا وما فيها فقال له: علي عليه السلام: ثكلتك أمك قف مني قريبا اريك علامات الهدى من علامات الضلالة، فوقف الرجل قريبا منه فبينما هو كذلك إذ أقبل فارس يركض حتى أتى عليا عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أبشر بالفتح أقر الله عينك، قد والله قتل القوم أجمعون، فقال له: من دون النهر أو من خلفه؟ قال: بل من دونه، فقال: كذبت والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يعبرون أبدا حتى يقتلوا، فقال الرجل: فازددت فيه بصيرة، فجاء آخر يركض على فرس له فقال له مثل ذلك فرد عليه أمير المؤمنين عليه السلام مثل الذي رد على صاحبه، قال الرجل الشاك: وهممت أن أحمل على علي عليه السلام فأفلق هامته بالسيف ثم جاء فارسان يركضان قد أعرقا فرسيهما فقالا: أقر الله عينك يا أمير المؤمنين ابشر بالفتح قد والله قتل القوم أجمعون، فقال علي عليه السلام: أمن خلف النهر أو من دونه؟ قالا: لا بل خلفه، إنهم لما اقتحموا خيلهم النهروان وضرب الماء لبات خيولهم رجعوا فأصيبوا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدقتما، فنزل الرجل عن فرسه فأخذ بيد أمير المؤمنين عليه السلام وبرجله فقبلهما، فقال علي عليه السلام: هذه لك آية )).
3- عن حبابة الوالبية قالت:
(( رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس ومعه درة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه، ثم أتبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت: له يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة يرحمك الله: قالت: فقال ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة ! إذا ادعى مدع الإمامة، فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شئ يريده، قالت ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين عليه السلام فجئت إلى الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام والناس يسألونه فقال: يا حبابة الوالبية فقلت: نعم يامولاي فقال: هاتي ما معك قال: فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام، قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقرب ورحب، ثم: قال لي: إن في الدلالة دليلا على ما تريدين، أفتريدين دلالة الإمامة؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها، قالت: ثم أتيت علي بن الحسين عليهما السلام وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة فرأيته راكعا وساجدا و مشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا، قالت: ثم قال لي: هاتي ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبد الله عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها. وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمد بن هشام )).
4- عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال:
(( كنت عند أبي محمد عليه السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن عليه، فدخل رجل عبل، طويل جسيم، فسلم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول وأمره بالجلوس، فجلس ملاصقا لي، فقلت في نفسي: ليت شعري من هذا؟ فقال أبومحمد عليه السلام: هذا من ولد الاعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي عليهم السلام فيها بخواتيمهم فانطبعت وقد جاء بها معه يريد أن أطبع فيها، ثم قال: هاتها فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس، فأخذها أبومحمد عليه السلام ثم أخرج خاتمة فطبع فيها فانطبع فكأني أرى نقش خاتمة الساعة " الحسن بن علي " فقلت لليماني: رأيته قبل هذا قط؟ قال: لا والله وإني لمنذ دهر حريص على رؤيته حتى كأن الساعة أتاني شاب لست أراه فقال لي: قم فادخل، فدخلت ثم نهض اليماني وهو يقول رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، ذرية بعضها من بعض اشهد بالله أن حقك لواجب كوجوب حق أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ثم مضى فلم أره بعد ذلك، قال إسحاق: قال أبوهاشم الجعفري: وسألته عن اسمه فقال: اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم وهي الاعرابية اليمانية، صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين عليه السلام والسبط إلى وقت أبي الحسن عليه السلام .
5- عن أبي عبيدة وزرارة جميعا، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( لما قتل الحسين عليه السلام أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين عليهما السلام فخلا به فقال له: يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله دفع الوصية والامامة من بعده إلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم إلى الحسن عليه السلام، ثم إلى الحسين عليه السلام وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلي على روحه ولم يوص، وأنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي عليه السلام في سني وقديمي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصية والامامة ولا تحاجني، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: يا عم اتق الله ولا تدع ما ليس لك بحق إني أعظك أن تكون من الجاهلين، إن أبي يا عم صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله عندي، فلا تتعرض لهذا، فإني أخاف عليك نقص العمر وتشتت الحال، إن الله عزوجل جعل الوصية والامامة في عقب الحسين عليه السلام فإذا اردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الاسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك قال أبوجعفر عليه السلام: وكان الكلام بينهما بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر الاسود، فقال علي بن الحسين لمحمد بن الحنفية: ابدأ أنت فابتهل إلى الله عزوجل وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل، فابتهل محمد في الدعاء وسأل الله ثم دعا الحجر فلم يجبه، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: يا عم لو كنت وصيا وإماما لاجابك، قال له محمد: فادع الله أنت يا ابن أخي وسله، فدعا الله علي بن الحسين عليهما السلام بما أراد ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الانبياء وميثاق الاوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي و الامام بعد الحسين بن علي عليه السلام؟ قال: فتحرك الحجر حتى كاد ان يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله عزوجل بلسان عربي مبين، فقال: اللهم إن الوصية والامامة بعد الحسين ابن علي عليهما السلام إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فانصرف محمد بن علي وهو يتولى علي بن الحسين عليه السلام )).
6- أخبرني الكلبي النسابة قال:
(( دخلت المدينة ولست أعرف شيئا من هذا الامر فأتيت المسجد فإذا جماعة من قريش فقلت: أخبروني عن عالم أهل هذا البيت؟ فقالوا: عبدالله بن الحسن، فأتيت منزله فاستأذنت، فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له، فقلت له: استأذن لي على مولاك فدخل ثم خرج فقال لي: ادخل فدخلت فإذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد، فسلمت عليه فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا الكلبي النسابة، فقال: ما حاجتك؟ فقلت: جئت إسألك، فقال: أمررت بابني محمد؟ قلت: بدأت بك: فقال: سل، فقلت: أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: تبنى برأس الجوزاء والباقي وزر عليه وعقوبة، فقلت في نفسي: واحدة، فقلت: ما يقول الشيخ في المسح على الخفين؟ فقال: قد مسح قوم صالحون ونحن أهل البيت لا نمسح، فقلت في نفسي: ثنتان، فقلت: ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت نعافه فقلت في نفسي: ثلاث، فقلت: فما تقول في شرب النبيذ؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه، فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول: هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت.فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس فسلمت عليهم ثم قلت لهم: من أعلم أهل هذا البيت؟ فقالوا: عبدالله بن الحسن، فقلت: قد أتيته فلم أجد عنده شيئا فرفع رجل من القوم رأسه فقال: ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو أعلم أهل هذا البيت، فلامه بعض من كان بالحضرة - فقلت: إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد - فقلت له: ويحك إياه أردت، فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب، فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب فوالله لقد أدهشني فدخلت وأنا مضطرب ونظرت فإذا شيخ على مصلى بلا مرفقة ولا بردعة، فابتدأني بعد أن سملت عليه، فقال لي: من أنت؟ فقلت في نفسي: يا سبحان الله ! غلامه يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى من أنت؟ ! فقلت له: أنا الكلبي النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا و خسروا خسرانا مبينا، يا أخال كلب إن الله عزوجل يقول: " وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا " أفتنسبها أنت؟ فقلت: لا جعلت فداك، فقال لي: أفتنسب نفسك؟ قلت: نعم أنا فلان بن فلان بن فلان حتى أرتفعت فقال لي: قف ليس حيث تذهب، ويحك أتدري من فلان بن فلان؟ قلت: نعم فلان بن فلان، قال: إن فلان ابن فلان بن فلان الراعي الكردي إنما كان فلان الراعي الكردي على جبل آل فلان فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه، فأطعمها شيئا وغشيها فولدت فلانا، وفلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان، ثم قال: أتعرف هذه الاسامي؟ قلت: لا والله جعلت فداك فإن رأيت أن تكف عن هذا فعلت؟ فقال: إنما قلت فقلت، فقلت: إني لا أعود، قال: لا نعود إذا واسأل عما جئت له، فقلت له: أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: ويحك أما تقرأ سورة الطلاق؟ قلت: بلى، قال: فاقرأ فقرأت: " فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " قال: أترى ههنا نجوم السماء؟ قلت: لا قلت: فرجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا؟ قال: ترد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، ثم قال: لا طلاق إلا على طهر، من غير جماع بشاهدين مقبولين، فقلت في نفسي: واحدة، ثم قال: سل، قلت: ما تقول في المسح على الخفين؟ فتبسم ثم قال، إذا كان يوم القيامة ورد الله كل شئ إلى شيئه ورد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم؟ فقلت في نفسي: ثنتان، ثم التفت إلي فقال: سل فقلت: أخبرني عن أكل الجري؟ فقال: إن الله عزوجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري والمارماهي و الزمار وما سوى ذلك وما أخذ منهم برا فالقردة والخنازير والوبر والورك وما سوى ذلك فقلت في نفسي: ثلاث، ثم التفت إلى فقال: سل وقم، فقلت: ما تقول في النبيذ؟ فقال: حلال، فقلت: إنا ننبذ فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك ونشربه؟ فقال: شه شه تلك الخمرة المنتنة، فقلت: جعلت فداك فاي نبيذ تعني؟ فقال: إن أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تغيير الماء وفساد طبايعهم، فأمرهم أن ينبذوا، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له، فيعمد إلى كف من التمر فيقذف به في الشن فمنه شربه ومنه طهوره، فقلت: وكم كان عدد التمر الذي [كان] في الكف؟ فقال: ما حمل الكف، فقلت: واحدة وثنتان؟ فقال: ربما كانت واحدة وربما كانت ثنتين فقلت: وكم كان يسع الشن؟ فقال: مابين الاربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك فقلت: بالارطال؟ فقال: نعم أرطال بمكيال العراق، قال سماعة: قال الكلبي: ثم نهض عليه السلام وقمت فخرجت وأنا أضرب بيدي على الاخرى وأنا أقول: إن كان شئ فهذا، فلم يزل الكلبي يدين الله بحب آل هذا البيت حتى مات )).
7- عن هشام بن سالم قال:
(( كنا بالمدينة بعد وفات أبي عبدالله عليه السلام أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون على عبدالله بن جعفر انه صاحب الامر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده وذلك أنهم رووا عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: إن الامر في الكبير ما لم تكن به عاهة، فدخلنا عليه نسأله عما كنا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال: في مائتين خمسة، فقلنا: ففي مائة؟ فقال: درهمان ونصف فقلنا: والله ما تقول المرجئة هذا، قال: فرفع يده إلى السماء فقال: والله ما أدري ما تقول المرجئة، قال: فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو جعفر الاحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد؟ ونقول: إلى المرجئة؟ إلى القدرية؟ إلى الزيدية؟ إلى المعتزلة؟ إلى الخوارج؟ فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه، يومي إلي بيده فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى من اتفقت شيعة جعفر عليه السلام عليه، فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم فقلت للاحول: تنح فإني خائف على نفسي وعليك، وإنما يريدني لا يريدك، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحى غير بعيد وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت أني لا اقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت حتى ورد بي على باب ابي الحسن عليه السلام ثم خلاني ومضى، فإذا خادم بالباب فقال لي: أدخل رحمك الله، فدخلت فإذا أبوالحسن موسى عليه السلام فقال لي أبتداء منه: لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج إليإلي فقلت جعلت فداك مضى أبوك؟ قال: نعم، قلت: مضى موتا؟ قال: نعم، قلت: فمن لنا من بعده؟ فقال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قلت جعلت فداك إن عبدالله يزعم أنه من بعد أبيه، قال: يريد عبدالله أن لا يعبد الله، قال: قلت: جعلت فداك فمن لنا من بعده؟ قال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قال: قلت: جعلت فداك فأنت هو؟ قال لا، ما أقول ذلك، قال: فقلت في نفسي لم اصب طريق المسألة، ثم قلت له: جعلت فداك عليك إمام؟ قال: لا فداخلني شئ لا يعلم إلا الله عزوجل إعظاما له وهيبة أكثر مما كان يحل بي من أبيه إذا دخلت عليه، ثم قلت له: جعلت فداك أسألك عما كنت أسأل اباك؟ فقال: سل تخبر ولا تذع، فإن أذعت فهو الذبح، فسألته فإذا هو بحر لا ينزف، قلت: جعلت فداك شيعتك وشيعة أبيك ضلال فألقى إليهم وأدعوهم إليك؟ وقد أخذت علي الكتمان؟ قال: من آنست منه رشدا فالق إليه وخذ عليه الكتمان فإن أذاعوا فهو الذبح - وأشار بيده إلى حلقه - قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر الاحول فقال لي: ما وراءك؟ قلت: الهدى فحدثته بالقصة قال: ثم لقينا الفضيل وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وساء لاه وقطعا عليه بالامامة، ثم لقينا الناس أفواجا فكل من دخل عليه قطع إلا طائفة عمار وأصحابه وبقي عبدالله لا يدخل إليه إلا قليل من الناس، فلما رأى ذلك قال: ما حال الناس؟ فأخبر أن هشاما صد عنك الناس، قال هشام: فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني )).
8- عن محمد بن فلان الواقفي قال:
(( كان لي ابن عم يقال له: الحسن بن عبدالله كان زاهدا وكان من أعبد أهل زمانه وكان يتقيه السلطان لجده في الدين واجتهاده وربما استقبل السلطان بكلام صعب يعظه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر وكان السلطان يحتمله لصلاحه، ولم تزل هذه حالته حتى كان يوم من الايام إذ دخل عليه أبوالحسن موسى عليه السلام وهو في المسجد فرآه فأومأ إليه فأتاه فقال له: يا ابا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني إلا أنه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة، قال: جعلت فداك وما المعرفة؟ قال: اذهب فتفقه واطلب الحديث، قال: عمن؟ قال: عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض علي الحديث، قال: فذهب فكتب ثم جاءه فقرأه عليه فأسقطه كله ثم قال له: اذهب فاعرف المعرفة وكان الرجل معنيا بدينه فلم يزل يترصد أبا الحسن عليه السلام حتى خرج إلى ضيعة له، فلقيه في الطريق فقال له: جعلت فداك إني أحتج عليك بين يدي الله فدلني على المعرفة قال: فأخبره بأمير المؤمنين عليه السلام وما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بأمر الرجلين فقبل منه، ثم قال له: فمن كان بعد أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: الحسن عليه السلام ثم الحسين عليه السلام حتى انتهى إلى نفسه ثم سكت، قال: فقال له: جعلت فداك فمن هو اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل؟ قال: بلى جعلت فداك؟ قال: أنا هو، قال: فشئ أستدل به؟ قال: اذهب إلى تلك الشجرة - وأشار [بيده] إلى ام غيلان - فقل لها: يقول لك موسى بن جعفر: أقبلي، قال: فأتيتها فرأيتها والله تخد الارض خدا حتى وقفت بين يديه، ثم أشار إليها فرجعت قال: فأقر به ثم لزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك )).
9- عن محمد بن أبي العلاء قال:
(( سمعت يحيى بن أكثم - قاضي سامراء - بعد ما جهدت به وناظرته وحاورته وواصلته وسألته عن علوم آل محمد فقال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيت محمد بن علي الرضا عليهما السلام يطوف به، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي، فقلت له: والله إني أريد أن أسألك مسألة وإني والله لاستحيي من ذلك، فقال لي: أنا أخبرك قبل أن تسألني، تسألني عن الامام، فقلت: هو والله هذا، فقال: أنا هو، فقلت: علامة؟، فكان في يده عصا فنطقت وقالت: إن مولاي إمام هذا الزمان وهو الحجة )).
10- عن الحسين ابن عمر بن يزيد قال:
(( دخلت على الرضا عليه السلام وأنا يومئذ واقف وقد كان ابي سأل أباه عن سبع مسائل فأجابه في ست وأمسك عن السابعة، فقلت: والله لاسألنه عما سأل أبي أباه، فإن أجاب بمثل جواب أبيه كانت دلالة، فسألته فأجاب بمثل جواب ابيه أبي في المسائل الست، فلم يزد في الجواب واوا ولا ياء وأمسك عن السابعة وقد كان أبي قال لابيه: إني أحتج عليك عند الله يوم القيامة أنك زعمت أن عبدالله لم يكن إماما، فوضع يده على عنقه، ثم قال له: نعم احتج علي بذلك عند الله عزوجل فما كان فيه من إثم فهو في رقبتي، فلما ودعته قال: إنه ليس أحد من شيعتنا يبتلي ببلية أو يشتكي فيصبر على ذلك إلا كتب الله له أجر ألف شهيد، فقلت في نفسي: والله ما كان لهذا ذكر، فلما مضيت وكنت في بعض الطريق، خرج بي عرق المديني فلقيت منه شدة، فلما كان من قابل حججت فدخلت عليه وقد بقي من وجعي بقية، فشكوت إليه وقلت له: جعلت فداك عوذ رجلي وبسطتها بين يديه، فقال لي: ليس على رجلك هذه بأس ولكن أرني رجلك الصحيحة فبسطتها بين يديه فعوذها، فلما خرجت لم ألبث إلا يسيرا حتى خرج بي العرق وكان وجعه يسيرا )).
11- عن ابن قياما الواسطي - وكان من من الواقفة - قال:
(( دخلت على علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت له: يكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت، فقلت له: هو ذا أنت ليس لك صامت - ولم يكن ولد له أبوجعفر بعد - فقال لي: والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، و ويمحق الباطل وأهله، فولدله بعد سنة أبوجعفر عليه السلام - فقيل لابن قياما: ألا تقنعك هذه الآية؟ فقال: أما والله إنها لآية عظيمة ولكن كيف أصنع بما قال أبوعبدالله عليه السلام في ابنه؟ ))
12- عن الوشاء قال:
(( أتيت خراسان - وأنا واقف - فحملت معي متاعا وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم ولم أشعر به ولم أعرف مكانه، فلما قدمت مرو، ونزلت في بعض منازلها لم أشعر إلا ورجل مدني من بعض مولديها، فقال لي: إن أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول لك: ابعث إلي الثوب الوشي الذي عندك قال: فقلت: ومن أخبر أبا الحسن بقدومي وأنا قدمت آنفا وما عندي ثوب وشي؟ ! فرجع إليه وعاد إلي، فقال: يقول لك: بلى هو في موضع كذا و كذا ورزمته كذا وكذا، فطلبته حيث قال: فوجدته في أسفل الرزمة، فبعثت به إليه)).
13- عن عبدالله بن المغيرة قال:
(( كنت واقفا وحججت على تلك الحال، فلما صرت بمكة خلج في صدري شئ، فتعلقت بالملتزم ثم قلت: اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي فأرشدني إلى خير الاديان، فوقع في نفسي أن آتي الرضا عليه السلام، فأتيت المدينة فوقفت ببابه وقلت: للغلام قل لمولاك: رجل من أهل العراق بالباب، قال: فسمعت نداء ه وهو يقول: ادخل يا عبدالله بن المغيرة، ادخل يا عبدالله بن المغيرة، فدخلت، فلما نظر إلي قال لي: قد أجاب الله دعاءك وهداك لدينه، فقلت: أشهد أنك حجة الله وأمينه على خلقه )).
14- عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال:
(( كان عبدالله بن هليل يقول بعبد الله فصار إلى العسكر فرجع عن ذلك، فسألته عن سبب رجوعه، فقال: إني عرضت لابي الحسن عليه السلام أن أسأله عن ذلك، فوافقني في طريق ضيق، فمال نحوي حتى إذا حاذاني، أقبل نحوي بشئ من فيه، فوقع على صدري، فأخذته فإذا هو رق فيه مكتوب: ما كان هنالك، ولا كذلك )).
15- عن بعض أصحابنا ذكر اسمه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال:
(( أخبرنا موسى بن محمد بن إسماعيل بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب قال: حدثني جعفر بن زيد بن موسى، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قالوا: جائت ام أسلم يوما إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو في منزل ام سلمة، فسألتها عن رسول الله صلى الله عليه آله، فقالت خرج في بعض الحوائج والساعة يجيئ، فانتظرته عند ام سلمة حتى جاء صلى الله عليه وآله، فقالت أم أسلم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني قد قرأت الكتب وعلمت كل نبي ووصي، فموسى كان له وصي في حياته ووصي بعد موته، وكذلك عيسى، فمن وصيك يا رسول الله؟ فقال لها: يا ام أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد، ثم قال لها: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، ثم ضرب بيده إلى حصاة من الارض ففركها بأصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثم عجنها، ثم طبعها بخاتمه، ثم قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت من عنده، فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: بأبي أنت وامي أنت وصي رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم يا ام أسلم ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها وختمها بخاتمه، ثم قال: يا ام أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، فأتيت الحسن عليه السلام وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا ام أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما، فخرجت من عنده فأتيت الحسين عليه السلام - وإني لمستصغرة لسنه - فقلت له: بأبي أنت وامي، أنت وصي أخيك؟ فقال، نعم يا ام أسلم ايتيني بحصاة، ثم فعل كفعلهم، فعمرت ام أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين عليه السلام في منصرفه، فسألته أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم، ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين )).
16- عن موسى بن بكر بن داب، عمن حدثه :
(( عن أبي جعفر عليه السلام أن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام دخل على أبي جعفر محمد بن علي ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج، فقال له أبوجعفر عليه السلام: هذه الكتب ابتداء منهم، أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال: بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله ولما يجدون في كتاب الله عزوجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك و البلاء، فقال له أبوجعفر عليه السلام، إن الطاعة مفروضة من الله عزوجل وسنة أمضاها في الاولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، و أمر الله يجري لاوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول، وحتم مقضى وقدر مقدور، وأجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنك الذين لا يوقنون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، فلا تعجل، فإن الله لا يجعل لعجلة العباد ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك، قال: فغضب زيد عند ذلك، ثم قال: ليس الامام منا من جلس في بيته و أرخى سترة وثبط عن الجهاد ولكن الامام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه، قال أبوجعفر عليه السلام: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيئ عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله صلى الله عليه وآله أو تضرب به مثلا، فإن الله عزوجل أحل حلالا وحرم حراما و فرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الامام القائم بأمره شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله، أو يجاهد فيه قبل حلوله، وقد قال الله عز وجل في الصيد: " لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله .
وجعل لكل شئ محلا وقال الله عزوجل: " وإذا حللتم فاصطادوا " وقال عزوجل: " لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال: " فسيحوا في الارض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله "، ثم قال تبارك وتعالى: " فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " فجعل لذلك محلا وقال: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " فجعل لكل شئ أجلا ولكل أجل كتابا فان كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك، فشأنك وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك و شبهة، ولا تتعاط زوال ملك لم تنقض اكله، ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله فلو قد بلغ مداه وانقطع اكله وبلغ الكتاب أجله، لانقطع الفصل وتتابع النظام و لاعقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهواء هم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله؟ ! أعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه، ثم قال: الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا )).
17- عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الجعفري قال:
(( أتينا خديجة بنت عمر ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام نعزيها بابن بنتها، فوجدنا عندها موسى بن عبدالله بن الحسن، فإذا هي في ناحية قريبا من النساء، فعزيناهم، ثم أقبلنا عليه فاذا هو يقول لابنة أبي يشكر الراثية: قولي فقالت: اعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الاله وثالثا عباسا واعدد علي الخير واعدد جعفرا * واعدد عقيلا بعده الرواسا فقال: أحسنت وأطربتني، زيديني، فاندفعت تقول: ومنا إمام المتقين محمد * وفارسه ذاك الامام المطهر ومنا علي صهره وابن عمه * وحمزة منا والمهذب جعفر فاقمنا عندها حتى كاد الليل أن يجيئ، ثم قالت خديجة: سمعت عمي محمد بن علي صلوات الله عليه وهو يقول: إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح، ثمن خرجنا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها من دار أبي عبدالله جعفر بن محمد، فقال: هذه دار تسمى دار السرقة، فقالت: هذا ما اصطفى مهدينا - تعني محمد بن عبدالله بن الحسن - تمازحه بذلك - فقال موسى بن عبدالله: والله لاخبرنكم بالعجب رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبدالله وأجمع على لقاء أصحابه، فقال لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبدالله جعفر بن محمد، فانطلق وهو متك علي، فانطلقت معه حتى أتينا أبا عبدالله عليه السلام فلقيناه خارجا يريد المسجد فاستوقفه أبي و كلمه، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ليس هذا موضع ذلك، نلتقي إن شاء الله، فرجع أبي مسرورا، ثم أقام حتى إذا كان الغد أو بعده بيوم، انطلقنا حتى أتيناه، فدخل عليه أبي وأنا معه فابتدأ الكلام، ثم قال له فيما يقول: قد علمت جعلت فداك أن السن لي عليك وأن في قومك من هو أسن منك ولكن الله عز وجل قد قدم لك فضلا ليس هو لاحد من قومك وقد جئتك معتمدا لما أعلم من برك، واعلم - فديتك - إنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك ولم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم، فقال له ابوعبدالله عليه السلام: إنك تجد غيري أطوع لك مني ولا حاجة لك في، فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أو أهم بها فأثقل عنها، واريد الحج فما ادركه إلا بعد كد وتعب و مشقة على نفسي، فاطلب غيري وسله ذلك ولا تعلمهم أنك جئتني، فقال له: إن الناس ما دون أعناقهم إليك وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها، قال: وهجم علينا ناس فدخلوا وقطعوا كلامنا، فقال أبي: جعلت فداك ما تقول؟ فقال: نلتقي إن شاء الله، فقال: أليس على ما احب؟ فقال: على ما تحب إن شاء الله من إصلاحك ثم انصرف حتى جاء البيت، فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة، يقال له الاشقر، على ليلتين من المدينة، فبشره وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب، ثم عاد بعد ثلاثة أيام، فوقفنا بالباب ولم نكن نحجب إذا جئنا فأبطأ الرسول، ثم أذن لنا، فدخلنا عليه فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه، ثم قال جعلت فداك قد عدت إليك راجيا، مؤملا، قد انبسط رجائي وأملي و رجوت الدرك لحاجتي، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: يا ابن عم إني اعيذك بالله من التعرض لهذا الامر الذي أمسيت فيه، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا، فجرى الكلام بينهما، حتى أفضى إلى ما لم يكن يريد وكان من قوله: بأي شئ كان الحسين أحق بها من الحسن؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: رحم الله الحسن ورحم الحسين وكيف ذكرت هذا؟ قال: لان الحسين عليه السلام كان ينبغي له إذا عدل أن يجعلها في الاسن من ولد الحسن، فقال أبوعبدالله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما أن أوحى إلى محمد صلى الله عليه وآله أوحى إليه بما شاء ولم يؤامر أحدا من خلقه وأمر محمد صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بما شاء ففعل ما أمر به، ولسنا نقول فيه إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله من تبجيله وتصديقه، فلو كان أمر الحسين أن يصيرها في الاسن أو ينقلها في ولدهما - يعني الوصية - لفعل ذلك الحسين وما هو المتهم عندنا في الذخيرة لنفسه، ولقد ولي وترك ذلك ولكنه مضى لما امر به وهو جدك وعمك، فإن قلت خيرا فما أولاك به وإن قلت هجرا فيغفر الله لك، أطعني يا ابن عم واسمع كلامي، فوالله الذي لا إله إلا هو لا آلوك نصحا وحرصا فكيف ولا أراك تفعل، وما لامر الله من مرد، فسر أبي عند ذلك، فقال له أبوعبدالله: والله إنك لتعلم أنه الاحول الاكشف الاخضر المقتول بسدة أشجع، عند بطن مسيلها، فقال أبي: ليس هو ذلك والله ليحاربن باليوم يوما، وبالساعة ساعة وبالسنة سنة وليقومن بثار بني أبي طالب جميعا، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون هذا البيت يلحق صاحبنا " منتك نفسك في الخلاء ضلالا " لا والله لا يملك أكثر من حيطان المدينة ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل - يعني إذا أجهد نفسه - وما للامر من بد أن يقع، فاتق الله وارحم نفسك وبني أبيك، فوالله إني لاراه أشأم سلحة أخرجتها أصلاب الرجال إلي أرحام النساء والله إنه المقتول بسدة أشجع بين دورها والله لكأني به صريعا مسلوبا بزته بين رجليه لبنة ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع - قال موسى بن عبدالله - يعنيني - وليخرجن معه فيهزم ويقتل صاحبه، ثم يمضي فيخرج معه راية اخرى، فيقتل كبشها ويتفرق جيشها، فإن أطاعني فليطلب الامان عند ذلك من بني العباس حتى يأتيه اليه بالفرج ولقد علمت بأن هذا الامر لا يتم وأنك لتعلم ونعلم أن ابنك الاحول الاخضر الاكشف المقتول بسدة اشجع بين دورها عند بطن مسيلها، فقام أبي وهو يقول: بل يغني الله عنك ولتعودن أو ليقي الله بك وبغيرك وما أردت بهذا إلا امتناع غيرك وأن تكون ذريعتهم إلى ذلك، فقال أبوعبدالله عليه السلام الله يعلم ما اريد إلا نصحك ورشدك وما علي إلا الجهد، فقام أبي يجر ثوبه مغضبا فلحقه أبوعبدالله عليه السلام، فقال له: اخبرك أني سمعت عمك وهو خالك يذكر أنك وبني أبيك ستقتلون، فإن أطعتني ورأيت أن تدفع بالتي هي أحسن فافعل، فوالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الكبير المتعال على خلقه لوددت أني فديتك بولدي وبأحبهم إلي وبأحب أهل بيتي إلي، وما يعدلك: عندي شئ، فلا ترى أني غششتك، فخرج أبي من عنده مغضبا أسفا، قال: فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا - عشرين ليلة أو نحوها - حتى قدمت رسل أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن وحسن بن حسن وإبراهيم بن حسن وداود بن حسن وعلي بن حسن وسليمان بن داود بن حسن وعلي بن إبراهيم بن حسن وحسن بن جعفر بن حسن وطباطبا إبراهيم ابن إسماعيل بن حسن وعبدالله بن داود، قال: فصفدوا في الحديد، ثم حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها ووقفوا بالمصلى لكي يشمتهم الناس، قال: فكف الناس عنهم ورقوا لهم للحال التي هم فيها، ثم انطلقوا بهم حتى وقفوا عند باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال عبدالله بن إبراهيم الجعفري: فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم لما اوقفوا عند باب المسجد - الباب الذي يقال له باب جبرئيل - أطلع عليهم أبوعبدالله عليه السلام وعامة ردائه مطروح بالارض، ثم أطلع من باب المسجد فقال: لعنكم الله يا معاشر الانصار - ثلاثا - ما على هذا عاهدتم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا بايعتموه، أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت وليس للقضاء مدفع، ثم قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله والاخرى في يده وعامة ردائه يجره في الارض، ثم دخل بيته فحم عشرين ليلة، لم يزل يبكي فيه الليل والنهار حتى خفنا عليه، فهذا حديث خديجة.
قال الجعفري: وحدثنا موسى بن عبدالله بن الحسن أنه لما طلع بالقوم في المحامل، قام أبوعبدالله عليه السلام من المسجد ثم أهوى إلى المحمل الذي فيه عبدالله بن الحسن يريد كلامه، فمنع أشد المنع وأهوى إليه الحرسي فدفعه وقال: تنح عن هذا، فإن الله سيكفيك ويكفي غيرك، ثم دخل بهم الزقاق و رجع أبوعبدالله عليه السلام إلى منزله، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتلى الحرسي بلاء شديدا، رمحته ناقته فدقت وركه فمات فيها ومضى بالقوم، فأقمنا بعد ذلك حينا، ثم أتى محمد ابن عبدالله بن حسن، فاخبر أن أباه وعمومته قتلوا - قتلهم أبوجعفر - إلا حسن ابن جعفر وطباطبا وعلي بن إبراهيم وسليمان بن داود وداود بن حسن وعبدالله بن داود قال: فظهر محمد بن عبدالله عند ذلك ودعا الناس لبيعته، قال: فكنت ثالث ثلاثة بايعوه واستونق الناس لبيعته ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا عربي، قال؟ وشاور عيسى بن زيد وكان من ثقاته وكان على شرطه فشاوره في البعثة إلى وجوه قومه، فقال له عيسى بن زيد: إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك، أو تغلظ عليهم، فخلني و إياهم فقال له محمد: امضى إلى من أردت منهم، فقال: ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم - يعني أبا عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام - فإنك إذا أغلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها أبا عبدالله عليه السلام، قال: فوالله ما لبثنا أن اتي بأبي عبدالله عليه السلام حتى أوقف بين يديه فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم: فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أحدثت نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم فقال له محمد: لا ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك، ولا تكلفن حربا، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ما في حرب ولا قتال ولقد تقدمت إلى ابيك وحذرته الذي حاق به ولكن لا ينفع حذر من قدر، يا ابن أخي عليك بالشباب ودع عنك الشيوخ، فقال له محمد: ما أقرب ما بيني وبينك في السن، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: إني لم اعازك ولم أجئ لاتقدم عليك في الذي أنت فيه، فقال: له محمد: لا والله لابد من أن تبايع، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ما في يا ابن أخي طلب ولا حرب وإني لاريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى تكلمني في ذلك الاهل غير مرة، ولا يمنعني منه إلا الضعف، والله والرحم أن تدبر عنا ونشقى بك، فقال له: يا أبا عبدالله قد والله مات أبوالدوانيق - يعني أبا جعفر - فقال له أبوعبدالله عليه السلام: وما تصنع بي وقد مات؟ قال: اريد الجمال بك، قال: ما إلى ما تريد سبيل، لا والله ما مات أبوالدوانيق إلا أن يكون مات موت النوم قال: والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك، فأبى عليه إباء شديدا وأمر إلى الحبس، فقال له عيسى بن زيد: أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق، خفنا أن يهرب منه، فضحك أبوعبدالله عليه السلام، ثم قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أو تراك تسجنني؟ قال: نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة لاسجننك ولاشددن عليك، فقال عيسى بن زيد: احبسوه في المخبأ - وذلك دار ريطة اليوم - فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله إني سأقول ثم أصدق، فقال له عيسى ابن زيد لو تكلمت لكسرت فمك، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله يا أكشف يا ازرق لكأني بك تطلب لنفسك جحرا تدخل فيه وما أنت في المذكورين عند اللقاء وإني لاظنك إذا صفق خلفك، طرت مثل الهيق النافر فنفر عليه محمد بانتهار: احبسه و وشدد عليه واغلظ عليه، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله لكأني بك خارجا من سدة أشجع إلى بطن الوادي وقد حمل عليك فارس معلم في يده طرادة نصفها أبيض ونصفها أسود، على فرس كميت أقرح فطعنك فلم يصنع فيك شيئا وضربت خيشوم فرسه فطرحته وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين عليه غديرتان مضفورتان، وقد خرجتا من تحت بيضة، كثير شعر الشاربين، فهو والله صاحبك، فلا رحم الله رمته فقال له محمد: يا أبا عبدالله، حسبت فأخطأت وقام إليه السراقي بن سلخ الحوت، فدفع في ظهره حتى أدخل السجن واصطفي ما كان له من مال وما كان لقومه ممن لم يخرج مع محمد، قال: فطلع باسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب وهو شيخ كبير ضعيف، قد ذهبت إحدى عينيه وذهبت رجلاه وهو يحمل حملا، فدعاه إلى البيعة، فقال له: يا ابن أخي إني شيخ كبير ضعيف وأنا إلى برك وعونك أحوج، فقال له: لا بد من أن تبايع، فقال له: وأي شئ تنتفع ببيعتي والله إني لاضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته، قال: لابد لك أن تفعل، وأغلظ له في القول، فقال له إسماعيل: ادع لي جعفر بن محمد، فلعلنا نبايع جميعا، قال: فدعا جعفرا عليه السلام، فقال له إسماعيل: جعلت فداك إن رأيت أن تبين له فافعل، لعل الله يكفه عنا، قال: قد أجمعت الا اكلمه، أفليرفي برأيه، فقال إسماعيل لابي عبدالله عليه السلام: أنشدك الله هل تذكر يوما أتيت أباك محمد بن علي عليهما السلام وعلي حلتان صفراوان، فدام النظر إلي فبكى، فقلت له: ما يبكيك فقال لي: يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعا، لا ينتطح في دمك عنزان، قال: قلت: فمتى ذاك؟ قال: إذا دعيت إلى الباطل فأبيته، واذإ نظرت إلى الاحول مشؤم قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، يدعو إلى نفسه، قد تسمى بغير اسمه، فأحدث عهدك واكتب وصيتك، فإنك مقتول في يومك أو من غد، فقال له أبوعبدالله عليه السلام نعم وهذا - ورب الكعبة - لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله .
فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك وأحسن الخلافة على من خلفت وإنا لله وإنا إليه راجعون، قال: ثم احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس، قال: فوالله ما أمسينا حتى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر فتوطؤوه حتى قتلوه وبعث محمد بن عبدالله إلى جعفر فخلى سبيله، قال: وأقمنا بعد ذلك حتى استهللنا شهر رمضان فبلغنا خروج عيسى ابن موسى، يريد المدينة، قال: فتقدم محمد بن عبدالله، على مقدمته يزيد بن معاوية ابن عبدالله بن جعفر، وكان عى مقدمة عيسى بن موسى ولد الحسن ابن زيد بن الحسن بن الحسن وقاسم ! ! ومحمد بن زيد وعلي وإبراهيم بنو الحسن بن زيد، فهزم يزيد بن معاوية وقدم عيسى بن موسى المدينة وصار القتال بالمدينة، فنزل بذباب ودخلت علينا المسودة من خلفنا وخرج محمد في أصحابه حتى بلغ السوق، فأوصلهم ومضى، ثم تبعهم حتى انتهى إلى مسجد الخوامين فنظر إلى ما هناك فضاء ليس فيه مسود ولا مبيض، فاستقدم حتى انتهى إلى شعب فزارة ثم دخل هذيل ثم مضى إلى أشجع، فخرج إليه الفارس الذي قال أبوعبدالله من خلفه، من سكة هذيل فطعنه، فلم يصنع فيه شيئا وحمل على الفارس، فضرب خيشوم فرسه بالسيف، فطعنه الفارس، فأنفذه في الدرع وانثنى عليه محمد، فضربه فأثخنه وخرج عليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على الفارس يضربه من زقاق العماريين، فطعنه طعنة، أنفذ السنان فيه، فكسر الرمح وحمل على حميد فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه، ثم نزل إليه فضربه حتى أثخنه وقتله وأخذ رأسه ودخل الجند من كل جانب واخذت المدينة واجلينا هربا في البلاد، قال موسى بن عبدالله: فانطلقت حتى لحقت بإبراهيم بن عبدالله، فوجدت عيسى بن زيد مكمنا عنده، فأخبرته بسوء تدبيره وخرجنا معه حتى اصيب رحمه الله، ثم مضيت مع ابن أخي الاشتر عبدالله بن محمد بن عبدالله بن حسن حتى اصيب بالسند، ثم رجعت شريدا طريدا، تضيق علي البلاد، فلما ضاقت علي الارض واشتد [بي] الخوف، ذكرت ما قال أبوعبدالله عليه السلام: فجئت إلى المهدي وقد حج وهو يخطب الناس في ظل الكعبة، فما شعر إلا وأني قد قمت من تحت المنبر فقلت: لي الامان يا أمير المؤمنين؟ وأدلك على نصيحة لك عندي؟ فقال نعم ما هي؟ قلت: أدلك على موسى بن عبدالله بن حسن، فقال لي: نعم لك الامان، فقلت له: أعطني ما أثق به، فأخذت منه عهودا ومواثيق ووثقت لنفسي ثم قلت: أنا موسى بن عبدالله، فقال لي: إذا تكرم وتحبا فقلت له: اقطعني إلى بعض أهل بيتك، يقوم بأمري عندك، فقال لي: انظر إلى من أردت، فقلت: عمك العباس بن محمد فقال العباس لا حاجة لي فيك، فقلت: ولكن لي فيك الحاجة، أسألك بحق أمير المؤمنين إلا قبلتني فقبلني، شاء أو أبى، وقال لي المهدي: من يعرفك؟ - وحوله أصحابنا أو اكثرهم - فقلت: هذا الحسن بن زيد يعرفني وهذا موسى بن جعفر يعرفني وهذا الحسن بن عبدالله ابن العباس يعرفني، فقالوا: نعم يا أمير المؤمنين كأنه لم يغب عنا، ثم قلت للمهدي يا أمير المؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام أبوهذا الرجل وأشرت إلى موسى بن جعفر، قال موسى بن عبدالله: وكذبت على جعفر كذبة فقلت له: وأمرني أن أقرئك السلام وقال إنه إمام عدل وسخاء، قال: فأمر لموسى بن جعفر بخمسة آلاف دينار.
فأمر لي منها موسى بألفي دينار ووصل عامة أصحابه ووصلني، فأحسن صلتي، فحيث ما ذكر ولد محمد بن علي بن الحسين، فقولوا صلى الله عليه وملائكته وحملة عرشه والكرام الكاتبون وخصوا أبا عبدالله بأطيب ذلك، وجزى موسى بن جعفر عني خيرا، فأنا والله مولاهم بعد الله )).
18- عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال:
(( حدثنا عبدالله بن المفضل مولى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما خرج الحسين بن علي المقتول بفخ واحتوى على المدينة، دعا موسى بن جعفر إلى البيعة، فأتاه فقال له: يا أبن عم لا تكلفني ما كلف ابن عمك عمك أبا عبدالله فيخرج مني ما لا اريد كما خرج من أبي عبدالله ما لم يكن يريد، فقال له الحسين: إنما عرضت عليك أمرا فإن أردته دخلت فيه، وإن كرهته لم أحملك عليه والله المستعان، ثم ودعه، فقال له أبوالحسن موسى بن جعفر حين ودعه يا ابن عم إنك مقتول فأجد الضراب فإن القوم فساق يظهرون إيمانا ويسترون شركا وإنا لله وإنا إليه راجعون، أحتسبكم عند الله من عصبة، ثم خرج الحسين وكان من أمره ما كان، قتلوا كلهم كما قال عليه السلام )).
19- عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال :
(( كتب يحيى بن عبدالله ابن الحسن إلى موسى بن جعفر عليهما السلام " أما بعد فإني اوصي نفسي بتقوى الله وبها اوصيك فإنها وصية الله في الاولين ووصيته في الآخرين، خبرني من ورد علي من أعوان الله على دينه ونشر طاعته بما كان من تحننك مع خذلانك، وقد شاورت في الدعوة للرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك وقديما ادعيتم ما ليس لكم وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله، فاستهويتم وأظللتم وأنا محذرك ما حذرك الله من نفسه ".
فكتب إليه أبوالحسن موسى بن جعفر عليه السلام " من موسى بن أبي عبدالله جعفر وعلي مشتركين في التذلل لله وطاعته إلى يحيى بن عبدالله بن حسن، أما بعد فإني احذرك الله ونفسي واعلمك إليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته، واوصيك و نفسي بتقوى الله فإنها زين الكلام وتثبيت النعم، أتاني كتابك تذكر فيه أني مدع وأبي من قبل، وما سمعت ذلك مني وستكتب شهادتهم ويسألون ولم يدع حرص الدنيا ومطالبها لاهلها مطلبا لآخرتهم، حتى يفسد عليهم مطلب آخرتهم في دنياهم وذكرت أني ثبطت الناس عنك لرغبتي فيما في يديك وما منعني من مدخلك الذي أنت فيه لو كنت راغبا ضعف عن سنة ولا قلة بصيرة بحجة ولكن الله تبارك وتعالى خلق الناس أمشاجا وغرائب وغرائز، فأخبرني عن حرفين أسألك عنهما ما العترف في بدنك وما الصهلج في الانسان، ثم اكتب إلي بخبر ذلك وأنا متقدم إليك احذرك معصية الخليفة و أحثك على بره وطاعته وأن تطلب لنفسك أمانا قبل ان تأخذك الاظفار ويلزمك الخناق من كل مكان، فتروح إلى النفس من كل مكان ولا تجده، حتى يمن الله عليك بمنه وفضله ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك ويحفظ فيك أرحام رسول الله والسلام على من اتبع الهدى، إنا قد اوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى.
قال الجعفري: فبلغني أن كتاب موسى بن جعفر عليه السلام وقع في يدي هارون فلما قرأه قال: الناس يحملوني على موسى بن جعفر وهو برئ مما يرمى به.
تم الجزء الثاني من كتاب الكافي ويتلوه بمشيئة الله وعونه الجزء الثالث وهو باب كراهية التوقيت.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين.
ست وسبعون : باب كراهية التوقيت :
1- عن أبي حمزة الثمالي قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: يا ثابت إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الامر في السبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل الارض، فأخره إلى أربعين و ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
قال أبوحمزة: فحدثت بذلك أبا عبدالله عليه السلام فقال: قد كان كذلك )).
2- عن عبد الرحمن ابن كثير قال :
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه مهزم، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الامر الذي ننتظر، متى هو؟ فقال: يا مهزم كذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلمون )).
3- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سألته عن القائم عليه السلام فقال: كذب الوقاتون، إنا أهل بيت لا نوقت )).
4- أحمد باسناده قال:
(( قال: أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين )).
5- عن الفضل بن يسار، عن ابي جعفر عليه السلام قال:
(( قلت: لهذا الامر وقت؟ فقال كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، إن موسى عليه السلام لما خرج وافدا إلى ربه، واعدهم ثلاثين يوما، فلما زاده الله على الثلاثين عشرا، قال قومه: قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا، فإذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم [به] فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتين ))
6- عن أبيه علي بن يقطين قال:
(( قال لي أبوالحسن عليه السلام: الشيعة تربى بالاماني منذ مأتي سنة، قال: وقال يقطين لابنه علي بن يقطين: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن؟ قال: فقال له علي: إن الذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد، غير أن أمركم حضر، فاعطيتم محضة، فكان كما قيل لكم، وإن أمرنا لم يحضر، فعللنا بالاماني، فلو قيل لنا: إن هذا الامر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجع عامة الناس من الاسلام ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألفا لقلوب الناس وتقريبا للفرج )).
7- عن إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( ذكرنا عنده ملوك آل فلان فقال: إنما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر، إن الله لا يعجل لعجلة العباد إن لهذا الامر غاية ينتهي إليها، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا )).
سبع وسبعون : باب التمحيص والامتحان :
1- عن يعقوب السراج وعلي بن رئاب :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب بخطبة ذكرها يقول فيها: ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة، حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سباقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا، والله ما كتمت وسمة ولا كذبت كذبة، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم )).
2- عن ابن أبي يعفور قال :
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ويل لطغاة العرب، من أمر قد اقترب، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير، قلت: والله إن من يصف هذا الامر منهم لكثير، قال: لا بد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير )).
3- عن منصور قال:
(( قال لي أبوعبد الله عليه السلام يا منصور إن هذا الامر لا يأتيكم إلا بعد إياس ولا والله حتى تميزوا ولا والله حتى تمحصوا ولا والله حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد.
4- عن معمر بن خلاد قال:
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: " الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " ثم قال لي: ما الفتنة؟ قلت: جعلت فداك الذي عندنا الفتنة في الدين، فقال: يفتنون كما يفتن الذهب، ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب )).
5- عن سليمان بن صالح رفعه عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قال: إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال، فمن أقر به فزيدوه، ومن أنكره فذروه، إنه لا بد من أن يكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعر بشعرتين، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا )).
6- عن محمد بن منصور الصيقل، عن أبيه قال:
(( كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوسا وأبوعبدالله عليه السلام يسمع كلامنا، فقال لنا في أي شئ أنتم؟ هيهات، هيهات ! ! لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تميزوا لا والله ما يكون ما تمدون إليه أعينكم إلا بعد إياس، ولا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد )).
ثمان وسبعون : باب أنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر :
1- عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
(( اعرف إمامك فإنك إذا عرفت لم يضرك، تقدم هذا الأمر أو تأخر )).
2- عن الفضيل بن يسار قال:
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تبارك و تعالى: " يوم ندعو كل اناس بإمامهم " فقال: يا فضيل اعرف إمامك، فانك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل ان يقوم صاحب هذا الامر، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه، قال: وقال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله )).
3- عن أبي بصير قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك متى الفرج؟ فقال: يا أبا بصير وأنت ممن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الامر فقد فرج عنه لانتظاره )).
4- عن إسماعيل بن محمد الخزاعي قال:
(( سأل أبوبصير أبا عبدالله عليه السلام وأنا أسمع، فقال: تراني ادرك القائم عليه السلام؟ فقال: يا أبا بصير ألست تعرف إمامك؟ فقال: إي والله وأنت هو - وتناول يده - فقال: والله ما تبالي يا أبا بصير ألا تكون محتبيا بسيفك في ظل رواق القائم صلوات الله عليه)).
5- عن فضيل بن يسار قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية، ومن مات وهو عارف لامامه لم يضره، تقدم هذا الامر أو تأخر ومن مات و هو عارف لامامه، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه )).
6- علي بن هاشم، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( ما ضر من مات منتظرا لامرنا ألا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره )).
7- عن عمر بن أبان قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: اعرف العلامة فإذا عرفته لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، إن الله عزوجل يقول: " يوم ندعو كل اناس بإمامهم " فمن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط المنتظر عليه السلام )) .
تسع وسبعون : باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها باهل :
1- عن سورة ابن كليب، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قلت له: قول الله عزوجل: " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسود "؟ قال: من قال: إني إمام وليس بامام قال: قلت: وإن كان علويا؟ قال: وإن كان علويا، قلت وإن كان من ولد علي ابن أبي طالب عليه السلام؟ قال: وإن كان.
2- عن الفضيل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( من ادعى الامامة وليس من أهلها فهو كافر )).
3- عن الحسين بن المختار قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله "؟ قال: كل من زعم أنه إمام وليس بإمام، قلت: وإن كان فاطميا علويا؟ قال وإن كان فاطميا علويا )).
4- عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سمعته يقول: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيبا )).
5- عن الوليد بن صبيح قال:
(( سمعت أبا عبدالله يقول إن هذا الامر لا يدعيه غير صاحبه إلا تبر الله عمره )).
6- عن طلحة بن زيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( من أشرك مع إمام إمامته من عند الله من ليست إمامته من الله كان مشركا بالله )).
7- عن محمد بن مسلم قال:
((( قلت لابي عبدالله عليه السلام: رجل قال لي: اعرف الآخر من الائمة ولا يضرك أن لا تعرف الاول، قال: فقال: لعن الله هذا، فاني ابغضه ولا أعرفه، وهل عرف الآخر إلا بالاول )).
8- عن ابن مسكان قال:
((سألت الشيخ ، عن الائمة عليه السلام قال: من أنكر واحدا من الاحياء فقد أنكر الاموات )).
9- عن محمد بن منصور قال:
(( سألته عن قول الله عزوجل: " وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون " قال فقال: هل رأيت أحدا زعم أن الله أمر بالزنا وشرب الخمر أو شئ من هذه المحارم؟ فقلت: لا، فقال: ما هذه الفاحشة التي يدعون أن الله أمرهم بها قلت: الله أعلم ووليه، قال: فإن هذا في أئمة الجور، ادعوا أن الله أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمرهم الله بالائتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم فأخبر أنهم قد قالوا عليه الكذب وسمى ذلك منهم فاحشة )).
10- عن محمد بن منصور قال:
(( سألت عبدا صالحا عن قول الله عزوجل: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن " قال: فقال: إن القرآن له ظهر وبطن فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق )).
11- عن جابر قال:
(( سالت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله " قال: هم والله أولياء فلان وفلان، اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما، فلذلك قال " ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هو بخارجين من النار " ثم قال أبوجعفر عليه السلام: هم والله يا جابر أئمة الظلمة وأشياعهم )).
12- عن ابن ابي يعفور قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في السلام نصيبا )).
ثمانون : باب فيمن دان الله عزوجل بغير إمام من الله جل جلاله :
1- عن ابن أبي نصر،
(( عن ابي الحسن عليه السلام في قوله الله عزوجل: " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله " قال: يعني من اتخذ دينه رأيه، بغير إمام من أئمة الهدى )).
2- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير والله شانئ لاعماله ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت ذاهبة وجائية يومها، فلما جنها الليل بصرت بقطيع مع غير راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فباتت معها في ربضتها فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها، فبصرت بغنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك، فإنك تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة متحيرة نادة لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فاكلها، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عزوجل ظاهرا عادلا أصبح ضالا تائها وإن مات على هذه الحال ما ت ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلو وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد )).
3- عن عبد الله بن أبي يعفور قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: إني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا، لهم أمانة و صدق ووفاء، وأقوام يتولونكم، ليس لهم تلك الامانة ولا الوفاء والصدق؟ قال: فاستوى أبوعبدالله عليه السلام جالسا فأقبل علي كالغضبان، ثم قال: لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله، قلت: لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء؟ ! قال: نعم لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء، ثم قال، ألا تسمع لقول الله عزوجل: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " يعني [من] ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل من الله وقال: " والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الاسلام فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله عزوجل خرجوا بولايتهم [إياه] من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب الله لهم النار من الكفار، ف " أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " )).
4- عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قال الله تبارك وتعالى: لاعذبن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله، وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية، ولاعفون عن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل إمام عادل من الله وإن كانت الرعيه في أنفسها ظالمة مسيئة )).
5- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قال: إن الله لا يستحيي أن يعذب امة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية وإن الله ليستحيي أن يعذب امة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة )).
واحد وثمانون : باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى وهو من الباب الأول :
1- عن الفضيل بن يسار قال:
(( ابتدأنا أبوعبدالله عليه السلام يوما وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية، فقلت: قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: إي والله قد قال، قلت: فكل من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية؟ ! قال: نعم )).
2- عن ابن أبي يعفور قال:
(( سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية، قال: قلت: ميتة كفر؟ قال: ميتة ضلال، قلت: فمن مات اليوم وليس له أمام، فميتته ميتة جاهلية؟ فقال: نعم )).
3- عن الحارث بن المغيرة قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت: جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال )).
4- عن المفضل بن عمر قال:
(( قال أبوعبدالله عليه السلام: من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله - البتة - إلى العناء ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون )).
اثنان وثمانون : باب فيمن عرف الحق من أهل البيت ومن أنكر :
1- عن سليمان بن جعفر قال:
(( سمعت الرضا عليه السلام يقول: إن علي بن عبدالله بن الحسين ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام وامرأته وبنيه من أهل الجنة، ثم قال: من عرف هذا الامر من ولد علي وفاطمة عليهما السلام لم يكن كالناس )).
2- حدثنا أحمد ابن عمر الحلال قال:
(( قلت لابي الحسن عليه السلام: أخبرني عمن عاندك ولم يعرف حقك من ولد فاطمة؟ هو وسائر الناس سواء في العقاب؟ فقال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: عليهم ضعفا العقاب )).
3- حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي قال:
(( حدثنا ربعي بن عبدالله قال: قال لي عبدالرحمن ابن أبي عبدالله قلت لابي عبدالله عليه السلام: المنكر لهذا الامر من بني هاشم وغيرهم سواء؟ فقال لي: المنكر، ولكن قل: الجاحد من بني هاشم وغيرهم، قال أبوالحسن: فتفكرت [فيه] فذكرت قول الله عزوجل في إخوة يوسف: " فعرفهم وهم له منكرون " )).
4- عن ابن أبي نصر قال:
(( سألت الرضا عليه السلام قلت له: الجاحد منكم ومن غيركم سواء؟ فقال: الجاحد منا له ذنبان و المحسن له حسنتان )).
باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام :
1- عن يعقوب بن شعيب قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: إذا حدث على الامام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: أين قول الله عزوجل: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قوهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " قال: هم في عذر ما داموا في الطلب وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر، حتى يرجع إليهم أصحابهم )).
2- حدثنا حماد، عن عبد الأعلى قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول العامة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية، فقال: الحق و الله، قلت: فإن إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال: لا يسعه إن الامام إذا هلك وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم، إن الله عزوجل يقول: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذورن " قلت: فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟ قال: إن الله عزوجل يقول: " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله " قلت: فبلغ البلد بعضه فوجدك مغلقا عليك بابك، ومرخى عليك سترك، لا تدعوهم إلى نفسك ولا يكون من يدلهم عليك فبما يعرفون ذلك؟ قال: بكتاب الله المنزل قلت: فيقول الله عزوجل كيف؟ قال: أراك قد تكلمت في هذا قبل اليوم، قلت: أجل، قال فذكر ما أنزل الله في علي عليه السلام وما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله في حسن وحسين عليهما السلام وما خص الله به عليا عليه السلام وما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله من وصيته إليه ونصبه إياه وما يصيبهم وإقرار الحسن والحسين بذلك و وصيته إلى الحسن وتسليم الحسين له بقول الله: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " قلت فإن الناس تكلموا في أبي جعفر عليه السلام ويقولون: كيف تخطت من ولد أبيه من له مثل قرابته ومن هو أسن منه وقصرت عمن هو أصغر منه، فقال: يعرف صاحب هذا الامر بثلاث خصال لا تكون في غيره: هو أولى الناس بالذين قبله وهو وصيه، وعنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيته وذلك عندي، لا انازع فيه، قلت: إن ذلك مستور مخافة السلطان؟ قال: لا يكون في ستر إلا وله حجة ظاهرة، إن أبي استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبدالله بن عمر، قال: اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه " يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " و أوصى محمد بن علي إلى ابنه جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمع وأن يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع، ثم يخلي عنه، فقال: اطووه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت بعد ما انصرفوا: ما كان في هذا يا أبت أن تشهد عليه؟ فقال: إني كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص، فأردت أن تكون لك حجة فهو الذي إذا قدم الرجل البلد قال: من وصي فلان، قيل فلان، قلت: فإن اشرك في الوصية؟ قال: تسألونه فإنه سيبين لكم )).
3- عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام:
(( أصلحك الله بلغنا شكواك وأشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟ قال: إن عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله، قلت: أفيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: أما أهل هذه البلدة فلا - يعني المدينة - وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قوهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " قال: قلت: أرأيت من مات في ذلك فقال: هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، قال: قلت: فإذا قدموا بأي شئ يعرفون صاحبهم؟ قال: يعطى السكينة والوقار والهيبة )).
ثلاث وثمانون : باب في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار اليه :
- عن أبي جرير القمي قال:
(( قلت لابي الحسن عليه السلام: جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك ثم إليك، ثم حلفت له: وحق رسول الله صلى الله عليه وآله وحق فلان وفلان حتى انتهيت إليه بأنه لا يخرج مني ما تخبرني به إلى أحد من الناس، وسألته عن أبيه أحي هو أو ميت؟ فقال قد والله مات، فقلت: جعلت فداك إن شيعتك يروون: أن فيه سنة أربعة أنبياء، قال: قد والله الذي لا إله إلا هو هلك، قلت: هلاك غيبة أو هلاك موت؟ قال: هلاك موت، فقلت: لعلك مني في تقية؟ فقال سبحان الله، قلت: فأوصى إليك؟ قال: نعم، قلت: فأشرك معك فيها أحدا؟ قال: لا، قلت: فعليك من إخوتك إمام؟ قال: لا، قلت: فأنت الامام؟ قال: نعم )).
2- عن علي بن أسباط قال:
(( قلت للرضا عليه السلام: إن رجلا عنى أخاك إبراهيم، فذكر له أن أباك في الحياة، وأنك تعلم من ذلك ما يعلم، فقال سبحان الله يموت رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يموت موسى عليه السلام قد والله مضى كما مضى رسول الله صلى الله عليه واله ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا يمن بهذا الدين على أولاد الاعاجم ويصرفه عن قرابة نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء، لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعتق مماليكه ولكن قد سمعت ما لقي يوسف من إخوته )).
3- عن الوشاء قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام :
(( إنهم رووا عنك في موت أبي الحسن عليه السلام أن رجلا قال لك: علمت ذلك بقول سعيد، فقال: جاء سعيد بعد ما علمت به قبل مجيئه، قال: وسمعته يقول طلقت أم فروة بنت إسحاق في رجب بعد موت أبى الحسن بيوم، قلت: طلقتها وقد علمت بموت أبي الحسن؟ قال: نعم، قلت: قبل أن يقدم عليك سعيد؟ قال: نعم )).
4- عن صفوان قال:
(( قلت للرضا عليه السلام: أخبرني عن الامام متى يعلم أنه إمام؟ حين يبلغه أن صاحبه قد مضى أو حين يمضي؟ مثل أبي الحسن قبض ببغداد وأنت ههنا، قال: يعلم ذلك حين يمضي صاحبه، قلت: بأي شئ؟ قال: يلهمه الله )).
5- عن هارون ابن الفضل قال :
(( رأيت أبا الحسن علي بن محمد في اليوم الذي توفي فيه أبوجعفر عليه السلام فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى أبوجعفر عليه السلام، فقيل له: وكيف عرفت؟ قال: لانه تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها )).
6- عن مسافر قال:
(( أمر أبوإبراهيم عليه السلام - حين أخرج به - أبا الحسن عليه السلام أن ينام على بابه في كل ليلة أبدا ما كان حيا إلى أن يأتيه خبره قال: فكنا في كل ليلة نفرش لابي الحسن في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء فينام فإذا أصبح انصرف إلى منزله، قال: فمكث على هذه الحال أربع سنين، فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له فلم يأت كما كان ياتي، فاستوحش العيال وذعروا ودخلنا أمر عظيم من إبطائه، فلما كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال وقصد إلى ام أحمد فقال لها: هات التي أودعك أبي، فصرخت ولطمت وجهها وشقت جيبها وقالت: مات والله سيدي، فكفها وقال لها لا تكلمي بشئ ولا تظهريه، حتى يجيئ الخبر إلى الوالي، فأخرجت إليه سفطا وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره وقالت: إنه قال لي فيما بيني وبينه وكانت أثيرة(1) عنده: احتفظي بهذه الوديعة عندك، لا تطلعي عليها أحدا حتى أموت، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك، فادفعيها إليه واعلمي أني قدمت وقد جاء ني والله علامة سيدي، فقبض ذلك منها وأمرهم بالامساك جميعا إلى أن ورد الخبر، وانصرف فلم يعد لشئ من المبيت كما كان يعفل، فما لبثنا إلا أياما يسيرة حتى جاءت الخريطة بنعيه فعددنا الايام وتفقدنا الوقت فإذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبوالحسن عليه السلام ما فعل، من تخلفه عن المبيت وقبضه لما قبض )).
أربع وثمانون : باب حالات الأئمة عليهم السلام في السن :
1- عن يزيد الكناسي، قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام أكان عيسى ابن مريم عليه السلام حين تكلم في المهد حجة [ا] لله على أهل زمانه؟ فقال: كان يومئذ نبيا حجة [ا] لله غير مرسل أما تسمع لقوله حين قال: " إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا و جعلني مباركا أينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا(2) " قلت: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال: كان عيسى في تلك الحال آية للناس ورحمة من الله لمريم حين تكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضيت له سنتان وكان زكريا الحجة لله عزوجل على الناس بعد صمت عيسى بسنتين ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع لقوله عزوجل: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا " فلما بلغ عيسى عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله تعالى إليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين وليس تبقى الارض يا ابا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم عليه السلام وأسكنه الارض، فقلت: جعلت فداك أكان علي عليه السلام حجة من الله ورسوله على هذه الامة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: نعم يوم أقامه للناس ونصبه علما ودعاهم إلى ولايته وأمرهم بطاعته، قلت: وكانت طاعة علي عليه السلام واجبة على الناس في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد وفاته؟ فقال: نعم ولكنه صمت فلم يتكلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وآله على امته وعلى علي عليه السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الطاعة من الله ومن رسوله على الناس كلهم لعلي عليه السلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وكان علي عليه السلام حكيما عالما )).
2- عن صفوان بن يحيى قال:
(( قلت للرضا عليه السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليه السلام فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهب الله لك فقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك، فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين !؟ قال، وما يضره من ذلك شئ، قد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين )).
3- عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال:
(( قلت له: إنهم يقولون في حداثة سنك، فقال: إن الله تعالى أوحى إلى داود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل وعلماؤهم، فأوحى الله إلى داود عليه السلام أن خذ عصا المتكلمين وعصا سليمان واجعلهما في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فإذا كان من الغد، فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة، فأخبرهم داود، فقالوا: قد رضينا وسلمنا )).
4- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال أبوبصير:
(( دخلت إليه ومعي غلام خماسي لم يبلغ، فقال لي: كيف أنتم إذا احتج عليكم بمثل سنة [أو قال: سيلي عليكم بمثل سنه] )).
5- عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال:
(( سألته - يعني أبا جعفر عليه السلام - عن شئ من أمر الامام، فقلت: يكون الامام ابن أقل من سبع سنين؟ فقال: نعم وأقل من خمس سنين، فقال سهل: فحدثني علي بن مهزيار بهذا في سنة إحدى وعشرين ومائتين )).
6- عن الخيراني، عن أبيه قال:
(( كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان، فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر أبني، فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام، فقال أبوالحسن عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم عليه السلام رسولا، نبيا، صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبوجعفر )).
7- عن علي بن أسباط قال:
(( رأيت أبا جعفر عليه السلام وقد خرج علي فأخذت النظر إليه وجعلت أنظر إلى رأسه ورجليه، لاصف قامته لاصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتى قعد، فقال: يا علي إن الله احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال: " وآتيناه الحكم صبيا " و " لما بلغ أشده " " وبلغ أربعين سنة " فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتاها وهو ابن أربعين سنة )).
8- علي بن إبراهيم، عن أبيه قال:
(( قال علي بن حسان لابي جعفر عليه السلام: يا سيدي إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك، فقال: وما ينكرون من ذلك قول الله عزوجل؟ لقد قال الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " فوالله ما تبعه إلا علي عليه السلام وله تسع سنين وأنا ابن تسع سنين )).
خمس وثمانون : باب أن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمة عليهم السلام :
1- عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره، عن الرضا عليه السلام قال:
(( قلت له: إنهم يحاجونا يقولون: إن الامام لا يغسله إلا الامام قال: فقال: ما يدريهم من غسله؟ فما قلت لهم؟ قال: فقلت: جعلت فداك قلت لهم: إن قال إنه غسله تحت عرش ربي فقد صدق وإن قال: غسله في تخوم الارض فقد صدق قال: لا هكذا [قال] فقلت: فما أقول لهم؟ قال: قل لهم: إني غسلته، فقلت: أقول لهم إنك غسلته؟ فقال: نعم )).
2- الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور قال: حدثنا أبومعمر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الامام يغسله الامام، قال: سنة موسى بن عمران عليه السلام.
3- وعنه، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن يونس، عن طلحة قال قلت للرضا عليه السلام: إن الامام لا يغسله إلا الامام؟ فقال: أما تدرون من حضر لغسله(2) قد حضره خير ممن غاب عنه: الذين حضروا يوسف في الجب حين غاب عنه أبواه وأهل بيته.
ست وثمانون : باب مواليد الائمة عليهم السلام :
1- عن أبي بصير قال:
(( حججنا مع أبي عبدالله عليه السلام في السنة التي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام، فلما نزلنا الابواء وضع لنا الغداء وكان إذا وضع الطعام لاصحابه أكثر وأطاب، قال: فبينا نحن نأكل إذا أتاه رسول حميدة فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا، فقام أبوعبد الله عليه السلام فانطلق مع الرسول، فلما انصرف قال له أصحابه: سرك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حميدة؟ قال سلمها الله وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ الله في خلقه ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرف ولقد كنت أعلم به منها، فقلت: جعلت فداك وما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟ قال: ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الارض، رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده، فقلت: جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده؟ فقال لي: إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتى آت جد أبي بكاس فيه شربة أرق من الماء وألين من الزبد وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن، فسقاه إياه وأمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدي ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه كما سقى جد أبي وأمره بمثل الذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم فقمت بعلم الله وإني مسرور بما يهب الله لي، فجامعت فعلق بابني هذا المولود فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي، إن نطفة الامام مما أخبرتك وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وانشئ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال له: حيوان فكتب على عضده الايمن " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " وإذا وقع من بطن امه وقع واضعا يديه على الارض رافعا رأسه إلى السماء فأما وضعه يديه على الارض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الارض وأما رفعه رأسه إلى السماء فان مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الافق الاعلى باسمه واسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان اثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني وأحللت جواري، ثم وعزتي وجلالي لاصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " قال: فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الاول والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من الملائكة، أليس يقول الله تبارك وتعالى: " تنزل الملائكة والروح ".
2- عن الحسن بن راشد قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الله تبارك و تعالى إذا أحب أن يخلق الامام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه فمن ذلك يخلق الامام، فيمكث أربعين يوما وليلة في بطن امه لا يسمع الصوت ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث ذلك الملك فيكتب بين عينيه: " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " فإذا مضى الامام الذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى أعمال الخلائق، فبهذا يحتج الله على خلقه )).
3- عن يونس بن ظبيان قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الله عزوجل إذا أراد أن يخلق الامام من الامام بعث ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثم أوقعها أو دفعها إلى الامام فشربها، فيمكث في الرحم أربعين يوما لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته امه بعث الله إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة، فكتب على عضده الايمن " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته " فإذا قام بهذا الامر رفع الله له في كل بلدة منارا ينظر به إلى أعمال العباد )).
4- عن محمد بن مروان قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الامام ليسمع في بطن امه فإذا ولد خط بين كتفيه " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " فإذا صار الامر إليه جعل الله له عمودا من نور، يبصر به ما يعمل أهل كل بلدة )).
5- عن عبدالله بن إبراهيم الجعفري قال: سمعت إسحاق بن جعفر يقول:
(( سمعت أبي يقول: الاوصياء إذا حملت بهم امهاتهم أصابها فترة شبه الغشية، فأقامت في ذلك يومها ذلك إن كان نهارا، أو ليلتها إن كان ليلا، ثم ترى في منامها رجلا يبشرها بغلام، عليم حليم، فتفرح لذلك، ثم تنتبه من نومها، فتسمع من جانبها الايمن في جانب البيت صوتا يقول: حملت بخير وتصيرين إلى خير وجئت بخير، أبشري بغلام، حليم عليم، وتجد خفة في بدنها ثم لم تجد بعد ذلك امتناعا من جنبيها وبطنها فإذا كان لتسع من شهرها سمعت في البيت حسا شديدا، فإذا كانت الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه لا يراه غيرها إلا أبوه، فإذا ولدته ولدته قاعدا وتفتحت له حتى يخرج متربعا يستدير بعد وقوعه إلى الارض، فلا يخطئ القبلة حيث كانت بوجهه، ثم يعطس ثلاثا يشير بأصبعه بالتحميد ويقع مسروا مختونا ورباعيتاه من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهبا وكذلك الانبياء إذا ولدوا وإنما الاوصياء أعلاق من الانبياء )).
6- عن جميل بن دراج قال روى غير واحد من أصحابنا أنه قال:
(( لا تتكلموا في الامام فإن الامام يسمع الكلام وهو في بطن امه فاذا وضعته كتب الملك بين عينيه " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " فإذا قام بالامر رفع له في كل بلدة منار ينظر منه إلى أعمال العباد )).
7- عن محمد بن عيسى بن عبيد قال:
(( كنت أنا وابن فضال جلوسا إذ أقبل يونس فقال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقلت له: جعلت فداك قد أكثر الناس في العمود، قال: فقال لي: يا يونس ما تراه، أتراه عمودا من حديد يرفع لصاحبك؟ قال: قلت: ما أدري، قال: لكنه ملك موكل بكل بلدة يرفع الله به أعمال تلك البلدة، قال فقام ابن فضال فقبل رأسه وقال: رحمك الله يا أبا محمد لا تزال تجيئ بالحديث الحق الذي يفرج الله به عنا )).
8- عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( للامام عشر علامات: يولد مطهرا، مختونا، وإذا وقع على الارض وقع على راحته رافعا صوته بالشهادتين، ولا يجنب، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يتثاء ب ولا يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك والارض موكلة بستره وابتلاعه، وإذا لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله كانت عليه وفقا وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبرا، وهو محدث إلى أن تنقضي أيامه )).
سبع وثمانون : باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم عليهم السلام :
- عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( إن الله خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك وخلق أرواح شيعتنا من عليين وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحن إلينا )).
2- عن محمد بن مروان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول:
(( إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقا وبشرا نورانيين لم يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا و أبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل الله لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للانبياء، ولذلك صرنا نحن وهم: الناس، وصار سائر الناس همج، للنار وإلى النار )).
3- عن علي بن رئاب رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال:
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن لله نهرا دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور نوره وإن في حافتي النهر روحين مخلوقين: روح القدس وروح من أمره وإن لله عشر طينات، خمسة من الجنة وخمسة من الارض، ففسر الجنان وفسر الارض، ثم قال: ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلا نفخ فيه من إحدى الروحين وجعل النبي صلى الله عليه وآله من إحدى الطينتين، قلت لابي الحسن الاول عليه السلام ما الجبل فقال: الخلق غيرنا أهل البيت، فإن الله عزوجل خلقنا من العشر طينات ونفخ فينا من الروحين جميعا فأطيب بها طيبا )).
وروى غيره، عن أبي الصامت قال: طين الجنان جنة عدن وجنة المأوى وجنة النعيم والفردوس والخلد وطين الارض مكة والمدينة والكوفة وبيت المقدس والحائر.
4- عن أبي حمزة الثمالي قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا، لانها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الابرار لفي عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم يشهده المقربون " و خلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لانها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين * وما أدراك ما سجين * كتاب مرقوم " )).
ثمان وثمانون : باب التسليم وفضل المسلمين :
1- عن سدير قال:
(( قلت لابي جعفر عليه السلام: إني تركت مواليك مختلفين يتبرء بعضهم من بعض قال: فقال: وما أنت وذاك، إنما كلف الناس ثلاثة: معرفة الائمة، والتسليم لهم فيما ورد عليهم، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه )).
2- عن عبد الله الكاهلي قال: قال أبوعبد الله عليه السلام:
(( لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله الا صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثم تلا هذه الآية " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " ثم قال أبوعبدالله عليه السلام: عليكم بالتسليم )).
3- عن زيد الشحام، عن عبدالله عليه السلام قال قلت له:
(( إن عندنا رجلا يقال له كليب، لا يجيئ عنكم شئ إلا قال: أنا اسلم، فسميناه كليب تسليم، قال: فترحم عليه، ثم قال: أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا، فقال: هو والله الاخبات، قول الله عزوجل: " الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم" )).
4- عن محمد بن مسلم :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا " قال: الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وألا يكذب علينا )).
5- عن كامل التمار قال:
(( قال أبوجعفر عليه السلام " قد أفلح المؤمنون " أتدري من هم؟ قلت أنت أعلم، قال: قد أفلح المؤمنون المسلمون، إن المسلمين هم النجباء، فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء )).
6- عن يحيى بن زكريا الانصاري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سمعته يقول: من سره أن يستكمل الايمان كله فليقل: القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد، فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني )).
7- عن زرارة أو بريد، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قال: لقد خاطب الله أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه قال: قلت: في أي موضع؟ قال: في قوله: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما * فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " فيما تعاقدوا عليه لئن أمات الله محمدا ألا يردوا هذا الامر في بني هاشم " ثم لا يجدوا في أنفسه حرجا مما قضيت (عليهم من القتل أو العفو) و يسلموا تسليما " )).
8- عن أبي بصير قال:
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه " إلى آخر الآية قال: هم المسلمون لآل محمد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤوا به كما سمعوه )).
تسع وثمانون : باب أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الامام فيسألونه عن معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم له :
1- عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما امروا أن يطوفوا بها، ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم، ثم قرأ هذه الآية " واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم " )).
2- عن داود بن النعمان عن أبي عبيدة قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام - ورأى الناس بمكة وما يعملون - قال فقال: فعال كفعال الجاهلية أما والله ما امروا بهذا وما امروا إلا أن يقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم )).
3- عن سدير قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي، ثم استقبل البيت فقال: يا سدير إنما امر الناس أن ياتوا هذه الاحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " - ثم أومأ بيده إلى صدره - إلى ولايتنا .
ثم قال: يا سدير فاريك الصادين عن دين الله، ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد، فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، إن هؤلاء الاخابث لو جسلوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله )).
تسعون : باب أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم بالأخبار عليهم السلام
1- عن مسمع كردين البصري قال:
(( كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار، فربما استأذنت على أبي عبدالله عليه السلام وأجد المائدة قد رفعت، لعلي لا أراها بين يديه، فإذا دخلت دعا بها فاصيب معه من الطعام ولا أتأذى بذلك وإذا عقبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقر ولم أنم من النفخة، فشكوت ذلك إليه وأخبرته بأني إذا أكلت عنده لم أتاذ به، فقال: يا أبا سيار إنك تأكل طعام قوم صالحين، تصافحهم الملائكة على فرشهم، قال: قلت ويظهرون لكم؟ قال: فمسح يده على بعض صبيانه، فقال: هم ألطف بصبياننا منا بهم )).
2- عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قال: يا حسين - وضرب بيده إلى مساور في البيت - مساور طال ما اتكت عليها الملائكة وربما التقطنا من زغبها )).
3- عن أبي حمزة الثمالي قال:
(( دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فاحتبست في الدار ساعة، ثم دخلت البيت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت، فقلت: جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقطه أي شئ هو؟ فقال: فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا، نجعله سيحا(1) لاولادنا، فقلت: جعلت فداك وإنهم ليأتونكم؟ فقال: يا أبا حمزة إنهم ليزاحمونا على تكأتنا )).
4- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن عليه السلام قال:
(( سمعته يقول: ما من ملك يهبطه الله في أمر ما يهبطه إلا بدأ بالامام، فعرض ذلك عليه، وإن مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الامر )).
واحد وتسعون : باب أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم :
1- عن سعد الإسكاف قال:
(( أتيت أبا جعفر عليه السلام في بعض ما أتيته فجعل يقول: لا تعجل حتى حميت الشمس علي وجعلت أتتبع الافياء، فما لبث أن خرج علي قوم كأنهم الجراد الصفر، عليهم البتوت قد انتهكتم العبادة، قال: فوالله لانساني ما كنت فيه من حسن هيئة القوم، فلما دخلت عليه قال لي: أراني قد شققت عليك، قلت: أجل والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بي لم أر قوما أحسن هيئة منهم في زي رجل واحد كأن ألوانهم الجراد الصفر، قد انتهكتهم العبادة فقال: يا سعد رأيتهم؟ قلت: نعم قال اولئك إخوانك من الجن، قال: فقلت: يأتونك؟ قال: نعم يأتونا يسألونا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم )).
2- عن ابن جبل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزط ، عليهم ازر وأكسية، فسألنا أبا عبدالله عليه عنهم، فقال: هؤلاء إخوانكم من الجن )).
3- عن سعد الاسكاف قال:
(( أتيت أبا جعفر عليه السلام اريد الاذن عليه، فإذا رحال إبل على الباب مصفوفة، وإذا الاصوات قد ارتفعت، ثم خرج قوم معتمين بالعمائم بشبهون الزط، قال: فدخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت: جعلت فداك أبطأ إذنك علي اليوم ورأيت قوما خرجوا علي معتمين بالعمائم فأنكرتهم فقال: أوتدري من اولئك يا سعد؟ قال: قلت: لا، قال: فقال: اولئك إخوانكم من الجن يأتونا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم ومعالم دينهم )).
4- عن سدير الصيرفي قال:
(( أوصاني أبوجعفر عليه السلام بحوائج له بالمدينة فخرجت، فبينا أنا بين فج الروحاء على راحلتي إذا إنسان يلوي ثوبه قال: فملت إليه وظننت أنه عطشان فناولته الاداوة فقال لي: لا حاجة لي بها وناولني كتاب طينه رطب، قال: فلما نظرت إلى الخاتم إذا خاتم أبي جعفر عليه السلام، فقلت: متى عهدك بصاحب الكتاب قال: الساعة وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثم التفت فإذا ليس عندي أحد، قال: ثم قدم أبوجعفر عليه السلام فلقيته، فقلت: جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب فقال: يا سدير إن لنا خدما من الجن فإذا أردنا السرعة بعثناهم )).
وفي رواية اخرى قال: إن لنا أتباعا من الجن، كما أن لنا أتباعا من الانس فإذا أردنا أمرا بعثناهم.
5- عن محمد بن جحرش قال: حدثتني حكيمة بنت موسى قالت:
(( رأيت الرضا عليه السلام واقفا على باب بيت الحطب وهو يناجي ولست أرى أحدا، فقلت: يا سيدي لمن تناجي؟ فقال: هذا عامر الزهرائي أتاني يسألني ويشكو إلي، فقلت: يا سيدي احب أن أسمع كلامه فقال لي: إنك إن سمعت به حممت سنة، فقلت: يا سيدي احب أن أسمعه، فقال لي: اسمعي، فاستمعت فسمعت شبه الصفير وركبتني الحمى فحممت سنة )).
6- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( بينا أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحيه باب من أبواب المسجد، فهم الناس أن يقتلوه، فأرسل أمير المؤمنين عليه السلام أن كفوا، فكفوا وأقبل الثعبان ينساب حتى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلم على أمير المؤمنين عليه السلام فأشار أمير المؤمنين عليه السلام إليه أن يقف حتى يفرغ من خطبته ولما فرغ من خطبته أقبل عليه فقال: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجن وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك وقد أتيتك يا أمير المؤمنين فما تأمرني به وما ترى؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: اوصيك بتقوى الله وأن تنصرف فتقوم مقام ابيك في الجن، فإنك خليفتي عليهم، قال: فودع عمرو أمير المؤمنين وانصرف فهو خليفته على الجن، فقلت له: جعلت فداك فيأتيك عمرو وذاك الواجب عليه؟ قال: نعم )).
7- عن النعمان بن بشير قال:
(( كنت مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي، فلما أن كنا بالمدينة دخل على أبي جعفر عليه السلام فودعه وخرج من عنده وهو مسرور حتى وردنا الاخيرجة - أول منزل نعدل من فيد(4) إلى المدينة - يوم جمعة فصلينا الزوال، فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتبا، فناوله جابرا فتناوله فقبله ووضعه على عينيه وإذا هو: من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب، فقال له: متى عهدك بسيدي؟ فقال: الساعة فقال له: قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال: بعد الصلاة، ففك الخاتم وأقبل يقرؤه ويقبض وجهه حتى أتى على آخره، ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة، فلما وافينا الكوفة ليلا بت ليلتي، فلما أصبحت أتيته إعظاما له فوجدته قد خرج علي وفي عنقه كعاب، قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول: " أجد منصور بن جمهور أميرا غير مأمور " وأبياتا من نحو هذا فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئا ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته واجتمع علي وعليه الصبيان والناس، و جاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون: جن جابر بن يزيد جن، فوالله ما مضت الايام حتى ورد كتاب هشام بن عبدالملك إلى واليه أن انظر رجلا يقال له: جار بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه، فالتفت إلى جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا: أصلحك الله كان رجلا له علم وفضل و حديث، وحج فجن وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم قال: فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب، فقال الحمد لله الذي عافاني من قتله، قال ولم تمض الايام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر )).
اثنان وتسعون : باب في الائمة عليهم السلام انهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يُسألون البينة ، [عليهم السلام والرحمة والرضوان] :
1- عن أبي عبيدة الحذاء قال:
(( كنا زمان أبي جعفر عليه السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي لها، فلقينا سالم بن أبي حفصة، فقال لي: يا أبا عبيدة من إمامك؟ فقلت أئمتي آل محمد فقال: هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر عليه السلام يقول: من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية؟ فقلت: بلى لعمري، ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فرزق الله المعرفة، فقلت لابي عبدالله عليه السلام: إن سالما قال لي كذا وكذا، قال: فقال: يا أبا عبيدة إنه لا يموت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه، يا ابا عبيدة إنه لم يمنع ما اعطي داود أن اعطي سليمان، ثم قال: يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة )).
2- عن أبان قال :
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل مني يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بينة، يعطي كل نفس حقها )).
3- عن عمار الساباطي قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: بما تحكمون إذا حكمتم؟ قال: بحكم الله وحكم داود فإذا ورد علينا الشئ الذي ليس عندنا، تلقانا به روح القدس )).
4- عن جعيد الهمداني، عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال:
(( سألته بأي حكم تحكمون؟ قال: حكم آل داود، فإن أعيانا شئ تلقانا به روح القدس )).
5- عن عمار الساباطي قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: ما منزلة الائمة؟ قال: كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان، قال: فبما تحكمون؟ قال: بحكم الله وحكم آل داود وحكم محمد صلى الله عليه وآله ويتلقانا به روح القدس )).
ثلاث وتسعون : باب أن مستقى العلم من بيت آل محمد عليهم السلام :
1- عن ابن محبوب قال: حدثنا يحيى بن عبدالله أبي الحسن صاحب الديلم قال:
(( سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول - وعنده انا من اهل الكوفة -: عجبا للناس إنهم اخذوا علمهم كله عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فعملوا به واهتدوا ويرون أن أهل بيته لم يأخذوا علمه، ونحن أهل بيته وذريته في منازلنا نزل الوحي، ومن عندنا خرج العلم إليهم، أفيرون أنهم علموا واهتدوا وجهلنا نحن وضللنا، إن هذا لمحال )).
2- عن الحكم بن عتيبة قال:
(( لقي رجل الحسين بن علي عليهما السلام بالثعلبية وهو يريد كربلا، فدخل عليه فسلم عليه، فقال له الحسين عليه السلام: من أي البلاد أنت؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أما والله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لاريتك أثر جبرئيل عليه السلام من دارنا ونزوله بالوحي على جدي، يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا فعلموا وجهلنا؟ ! هذا ما لا يكون )).
أربع وتسعون : باب أنه ليس شئ من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة عليهم السلام وأن كل شئ لم يخرج من عندهم فهو باطل :
1- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب ولا أحد من الناس يقضي بقضاء حق إلا ما خرج منا أهل البيت وإذا تشعبت بهم الامور كان الخطاء منهم والصواب من علي عليه السلام )).
2- عن زرارة قال:
(( كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال: له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين عليه السلام: " سلوني عما شئتم فلا تسألوني عن شئ إلا أنبأتكم به " قال: إنه ليس أحد عنده علم شئ إلا خرج من عند أمير المؤمنين عليه السلام، فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الامر إلا من ههنا، وأشار بيده إلى بيته )).
3- عن أبي مريم قال قال:
(( أبوجعفر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت )).
4- عن أي بصير قال: قال لي:
(( إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين " ، فليشرق الحكم وليغرب، أما والله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل )).
5- عن أبي بصير قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة ولد الزنا تجوز؟ فقال: لا فقلت: إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز .فقال: اللهم لا تغفر ذنبه ما قال الله للحكم " إنه لذكر لك ولقومك " فليذهب الحكم يمينا وشمالا، فوالله لا يؤخذ العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل عليه السلام )).
6- عن بدر عن أبيه قال:
(( حدثني سلام أبوعلي الخراساني، عن سالم بن سعيد المخزومي قال: بينا أنا جالس عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة وابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبي عبدالله عليه السلام ميمون القداح مولى أبي جعفر عليه السلام، فسأله عباد بن كثير فقال: يا أبا عبدالله في كم ثوب كفن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: في ثلاثة أثواب: ثوبين صحاريين وثوب حبرة، وكان في البرد قلة، فكأنما ازور عباد بن كثير من ذلك، فقال: أبوعبدالله عليه السلام إن نخلة مريم عليها السلام إنما كانت عجوة ونزلت من السماء، فما نبت من أصلها كان عجوة وما كان من لقاط فهو لون، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح: والله ما أدري ما هذا المثل الذي ضربه لي أبوعبدالله، فقال ابن شريح: هذا الغلام يخبرك فإنه منهم - يعني ميمون - فسأله فقال ميمون: أما تعلم ما قال لك؟ قال: لا والله، قال: إنه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك أنه ولد من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلم رسول الله عندهم، فما جاء من عندهم فهو صواب وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط )).
خمس وتسعون : باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب :
1- عن جابر قال :
(( قال أبوجعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد صلى الله عليه وآله فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشئ منه لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا والله ما كان هذا، والانكار هو الكفر )).
2- عن مسعدة ابن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين عليهما السلام فقال: والله لو علم أبوذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخا رسول الله صلى الله عليه وآله بينهما، فما ظنكم بسائر الخلق، إن علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فقال: وإنما صار سلمان من العلماء لانه أمرء منا أهل البيت، فلذلك نسبته إلى العلماء )).
3- عن ابن سنان أو غيره رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا صدور منيرة أو قلوب سليمة أو أخلاق حسنة، إن الله أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ على بني آدم " ألست بربكم " فمن وفى لنا وفى الله له بالجنة ومن أبغضنا ولم يؤد إلينا حقنا ففي النار خالدا مخلدا )).
4- عن بعض أصحابنا قال:
(( كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام جعلت فداك ما معنى قول الصادق عليه السلام: حديثنا لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فجاء الجواب إنما معنى قول الصادق عليه السلام - أي: لا يحتمله ملك ولا نبي ولا مؤمن - أن الملك لا يحتمله حتى يخرجه إلى ملك غيره والنبي لا يحتمله حتى يخرجه إلى نبي غيره والمؤمن لا يحتمله حتى يخرجه إلى مؤمن غيره فهذا معنى قول جدي عليه السلام )).
5- عن محمد بن عبدالخالق وأبي بصير قال:
(( قال أبوعبدالله عليه السلام: يا أبا محمد إن عندنا والله سرا من سر الله، وعلما من علم الله، والله ما يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان والله ما كلف الله ذلك أحدا غيرنا ولا استعبد بذلك أحدا غيرنا وإن عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله، أمرنا الله بتبليغه، فبلغنا عن الله عزوجل ما أمرنا بتبليغه، فلم نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواما، خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله وذريته عليهم السلام ومن نور خلق الله منه محمدا وذريته وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمدا وذريته، فبلغنا عن الله ما امرنا بتبليغه، فقبلوه و احتملوا ذلك [فبلغهم ذلك عنا فقبلوه واحتملوه] وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا، فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك، لا والله ما احتملوه، ثم قال: إن الله خلق أقواما لجهنم والنار، فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم واشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا ساحر كذاب، فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثم أطلق الله لسانهم ببعض الحق، فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة، ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته ولولا ذلك ما عبدالله في أرضه، فامرنا بالكف عنهم والستر والكتمان فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه واستروا عمن أمر الله بالستر والكتمان عنه، قال: ثم رفع يده وبكى وقال: اللهم إن هؤلاء لشرذمة قليلون فاجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم ولا تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم، فانك إن أفجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما )).
ست وتسعون : باب ما أمر النبي صلى الله عليه وآله بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم ؟ :
1- عن ابن أبي يعفور :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطب الناس في مسجد الخيف فقال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله، والنصحية لائمة المسلمين، واللزم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المسلمون إخوة تتكافى دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم )).
ورواه أيضا عن حماد بن عثمان، عن أبان، عن ابن أبي يعفور مثله وزاد فيه: وهم يد على من سواهم وذكر في حديثه أنه خطب في حجة الوداع بمنى في مسجد الخيف.
2- عن الحكم ابن مسكين، عن رجل من قريش من أهل مكة قال:
(( قال سفيان الثوري: اذهب بنا إلى جعفر بن محمد، قال: فذهبت معه إليه فوجناه قد ركب دابته، فقال له سفيان: يا أبا عبدالله حدثنا بحديث خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف، قال: دعني حتى أذهب في حاجتى فإني قد ركبت فإذا جئت حدثتك، فقال: أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله لما حدثتني، قال: فنزل، فقال له سفيان: مر لي بدواة وقرطاس حتى اثبته فدعا به ثم قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف: " نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم تبلغه يا أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب، فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله والنصيحة لائمة المسليمن واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المؤمنون إخوة تتكافى دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم " فكتبه سفيان ثم عرضه عليه وركب أبوعبدالله عليه السلام وجئت أنا وسفيان فلما كنا في بعض الطريق قال لي كما أنت حتى أنظر في هذا الحديث، قلت له: قد والله ألزم أبو عبدالله رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال: وأي شئ ذلك؟ فقلت له: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله قد عرفناه والنصيحة لائمة المسلمين، من هؤلاء الائمة الذين يجب علينا نصيحتهم؟ معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم، وكل من لا تجوز الصلاة خلفهم؟ وقوله: واللزوم لجماعتهم فأي الجماعة؟ مرجئ يقول: من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة ونكح امه فهو على إيمان جبرئيل وميكائيل، أو قدري يقول: لا يكون ما شاء الله عزوجل ويكون ما شاء إبليس، أو حروري يتبرأ من علي بن أبي طالب وشهد عليه بالكفر أو جهمي يقول: إنما هي معرفة الله وحده ليس الايمان شئ غيرها؟ ! ! قال: ويحك وأي شئ يقولون؟ فقلت: يقولون: إن علي بن أبي طالب عليه السلام والله الامام الذي وجب علينا نصيحته، ولزوم جماعتهم: أهل بيته، قال: فأخذ الكتاب فخرقه ثم: قال لا تخبر بها أحدا )).
3- عن بريد بن معاوية،
(( عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما نظر الله عزوجل إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة لامامه و النصيحة إلا كان معنا في الرفيق الاعلى )).
4- عن محمد الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه ))
5- وبهذا الاسناد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( من فارق جماعة المسلمين و نكث صفقة الامام جاء إلى الله عزوجل أجذم )).
باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام :
1- عن ابي حمزة قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام ما حق الامام على الناس؟ قال حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا: قلت: فما حقهم عليهم؟ قال: يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعية، فاذا كان ذلك في الناس فلا يبالي من أخذ ههنا وههنا )).
2- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام مثله إلا أنه قال:
(( هكذا و هكذا وهكذا يعني [من] بين يديه وخلفه وعن يمينه وعن شماله )).
3- عن مسعدة ابن صدقة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تختانوا ولاتكم، ولا تغشوا هداتكم، ولا تجهلوا أئمتكم، ولا تصدعوا عن حبلكم فتفشلوا و تذهب ريحكم، وعلى هذا فليكن تأسيس اموركم، والزموا هذه الطريقة، فانكم لو عاينتم ما عاين من قد مات منكم ممن خالف ما قد تدعون إليه، لبدرتم وخرجتم ولسمعتم ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا، وقريبا ما يطرح الحجاب )).
4- عن حنان بن سدير الصيرفي قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: نعيت إلى النبي صلى الله عليه وآله نفسه وهو صحيح ليس به وجع، قال: نزل به الروح الامين، قال: فنادى صلى الله عليه وآله الصلاة جامعة وأمر المهاجرين والانصار بالسلاح واجتمع الناس، فصعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر فنعى إليهم نفسه ثم قال: " اذكر الله الوالي من بعدي على امتي، الا يرحم على جماعة المسلمين فاجل كبيرهم، ورحم ضعيفهم، ووقر عالمهم، ولم يضر بهم فيذلهم، ولم يفقرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم ولم يخبزهم في بعوثهم فيقطع نسل امتي . قال: [قد] بلغت ونصحت فاشهدوا " )).
وقال أبوعبدالله عليه السلام: هذا آخر كلام تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله على منبره.
5- عن حبيب بن أبي ثابت قال:
(( جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام عسل وتين من همدان وحلوان فأمر العرفاء أن يأتوا باليتامى، فأمكنهم من رؤوس الازقاق يلعقونها وهو يقسمها للناس قدحا، قدحا، فقيل له: يا أمير المؤمنين ما لهم يلعقونها؟ فقال: إن الامام أبواليتامى وإنما ألعقهم هذا برعاية الآباء )).
6- عن سفيان ابن عيينة :
(( عن ابي عبدالله عليه السلام أن النبي صلى الله عليه واله قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه وعلي أولى به من بعدي، فقيل له: ما معنى ذلك؟ فقال: قول النبي صلى الله عليه وآله من ترك دينا أو ضياعا فعلي، ومن ترك مالا فلورثته، فالرجل ليست له على نفسه ولاية إذا لم يكن له مال، وليس له على عياله أمر ولا نهي إذا لم يجر عليهم النفقة والنبي وأمير المؤمنين عليهما السلام ومن بعدهما ألزمهم هذا، فمن هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم وما كان سبب إسلام عامة اليهود إلامن بعد هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وآله وأنهم أمنوا على أنفسهم وعلى عيالاتهم )).
7- عن صباح بن سيابة،
(( عن ابي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيما مؤمن أو مسلم مات وترك دينا لم يكن في فساد ولا إسراف فعلى الامام أن يقضيه فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك، إن الله تبارك وتعالى يقول: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " الآية فهو من الغارمين، وله سهم عند الامام، فإن حبسه فإثمه عليه )).
8- عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تصلح الامامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم )).
وفي رواية اخرى حتى يكون للرعية كالاب الرحيم.
9- عن محمد بن أسلم، عن رجل من طبرستان يقال له: محمد قال:
(( قال معاوية: ولقيت الطبري محمدا بعد ذلك فأخبرني قال: سمعت علي بن موسى عليه السلام يقول المغرم إذا تدين أو استدان في حق - الوهم من معاوية - اجل سنة، فإن اتسع وإلا قضى عنه الامام من بيت المال )).
سبع وتسعون : باب أن الأرض كلها للإمام عليه السلام :
- عن ابي خالد الكابلي، عن ابي جعفر عليه السلام قال:
(( وجدنا في كتاب علي عليه السلام " أن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الارض ونحن المتقون والارض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها، يؤدي خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها، كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم و يترك الارض في أيديهم )).
2- أخبرني أحمد بن محمد بن عبدالله عمن رواه قال:
(( الدنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا، فمن غلب على شئ منها فليتق الله، وليؤد حق الله تبارك وتعالى وليبر إخوانه، فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن برآء منه )).
3- عن عمر بن يزيد قال :
(( رأيت مسمعا بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبدالله عليه السلام تلك السنة مالا فرده أبوعبدالله عليه السلام فقلت له: لم رد عليك أبي عبدالله المال الذي حملته إليه؟ قال: فقال لي: إني قلت له حين حملت إليه المال: إني كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وأن أعرض لها وهي حقك الذي جعله الله تبارك وتعالى في أموالنا، فقال: أو ما لنا من الارض وما أخرج الله منها إلا الخمس يا أبا سيار؟ إن الارض كلها لنا فما أخرج الله منها من شئ فهو لنا، فقلت له: وأنا أحمل إليك المال: كله؟ فقال: يا أبا سيار قد طيبناه لك وأحللناك منه فضم إليك مالك، وكل ما في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك الارض في أيديهم وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الارض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا، فيأخذ الارض من أيديهم ويخرجهم صغرة.
قال عمر بن يزيد: فقال لي أبوسيار: ما أرى أحدا من أصحاب الضياع ولا ممن يلي الاعمال يأكل حلالا غيري إلا من طيبوا له ذلك )).
4- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قلت له: أما على الامام زكاة؟ فقال: أحلت يا أبا محمد أما علمت أن الدنيا والآخرة للامام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء، جائز له ذلك من الله، إن الامام يا أبا محمد لا يبيت ليلة أبدا ولله في عنقه حق يسأله عنه )).
5- عن يونس بن ظبيان أو المعلى ابن خنيس قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: مالكم من هذه الارض؟ فتبسم ثم قال: إن الله تبارك وتعالى بعث جبرئيل عليه السلام وأمره أن يخرق بابهامه ثمانية أنهار في الارض، منها سيحان وجيحان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش ومهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات، فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا منه شئ إلا ما غصب عليه وإن ولينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه - يعني بين السماء والارض - ثم تلا هذه الآية: " قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا (المغصوبين عليها) خالصة (لهم) يوم القيامة " بلا غصب )).
6- عن محمد بن الريان قال:
(( كتبت إلى العسكري عليه السلام جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا إلا الخمس، فجاء الجواب أن الدنيا وما عليها لرسول الله صلى الله عليه وآله )).
7- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة، فما كان لآدم عليه السلام فلرسول الله صلى الله عليه وآله وما كان لرسول الله فهو للائمة من آل محمد عليهم السلام )).
8- عن حفص بن البختري، عن ابي عبدالله عليه السلام قال:
(( إن جبرئيل عليه السلام كري برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه: الفرات ودجلة ونيل مصر و مهران ونهر بلخ فما سقت أو سقي منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا [للامام] )).
9- عن السري بن الربيع قال:
(( لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا وكان لا يغب إتيانه، ثم انقطع عنه وخالفه وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام ووقع بينه وبين أبن أبي عمير ملاحاة في شئ من الامامة، قال ابن ابي عمير: الدنيا كلها للامام عليه السلام على جهة الملك وأنه أولى بها من الذين هي في أيديهم، وقال أبومالك: [ليس] كذلك أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للامام من الفيئ والخمس والمغنم فذلك له و ذلك أيضا قد بين الله للامام أين يضعه وكيف يصنع به، فتراضيا بهشام بن الحكم و صار إليه، فحكم هشام لابي مالك على ابن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما بعد ذلك )).
ثمان وتسعون : باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولى الأمر :
1- عن حماد، عن حميد وجابر العبدي قال:
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله جعلني إماما لخلقه، ففرض علي التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضعفاء الناس، كي يقتدي الفقير بفقري ولا يطغي الغني غناه )).
2- عن المعلى ابن خنيس قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام يوما: جعلت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم، فقال: هيهات يا معلى أما والله أن لو كان ذاك ما كان إلا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل الجشب، فزوي ذلك عنا فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله تعالى نعمة إلا هذه )).
3- عن أحمد بن محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة :
(( في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: علي بعاصم بن زياد، فجيئ به فلما رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها، أنت أهون على الله من ذلك، أوليس الله يقول: " والارض وضعها للانام * فيها فاكهة والنخل ذات الاكمام " أوليس [الله] يقول: " مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان - إلى قوله - يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان " فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، وقد قال الله عزوجل: " وأما بنعمة ربك فحدث(2) " فقال: عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة؟ فقال: ويحك إن الله عزوجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفهسم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره، فألقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء )).
4- عن حماد بن عثمان قال:
(( حضرت أبا عبدالله وقال له رجل: أصلحك الله ذكرت أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد، فقال له: إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر [عليه] ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به، فخير لباس كل زمان لباس أهله، غير أن قائمنا أهل البيت عليهم السلام إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرة علي عليه السلام.
تسع وتسعون : باب نادر :
1- عن أيوب ابن نوح قال:
(( عطس يوما وأنا عنده، فقلت: جعلت فداك ما يقال للامام إذا عطس؟ قال: يقولون: صلى الله عليك )).
2- عن جعفر بن محمد قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري عن عمر بن زاهر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام، لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه؟ قال: يقولون: السلام عليك يا بقية الله، ثم قرأ " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين " )).
3- عن أحمد بن عمر قال:
(( سألت أبا الحسن عليه السلام لم سمي أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: لانه يميرهم العلم، أما سمعت في كتاب الله " ونمير أهلنا ". وفي رواية اخرى قال: لان ميرة المؤمنين من عنده، يميرهم العلم )).
4- عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قلت له: لم سمي أمير المؤمنين؟ قال: الله سماه وهكذا أنزل في كتابه " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم " وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين )).
مائة : باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية :
1- عن سالم الحناط قال:
(( قلت لابي جعفر عليه السلام: أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: " نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين " قال: هي الولاية لامير المؤمنين عليه السلام )).
2- عن إسحاق بن عمار، عن رجل، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " (( إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا " قال: هي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام )).
3- عن عبدالرحمن بن كثير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز و جل: " [و] الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم(3) " قال: بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان، فهو الملبس بالظلم )).
4- عن الحسن بن نعيم الصحاف قال :
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " فمنكم مؤمن ومنكم كافر " فقال: عرف الله إيمانهم بولايتنا وكفرهم بها، يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم عليه السلام وهم ذر )).
5- عن محمد بن الفضيل :
(( عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل: " يوفون بالنذر(5) " الذي اخذ عليهم من ولايتنا )).
6- عن ربعي بن عبدالله :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولو أنهم أقاموا التوراة و الانجيل وما انزل إليهم من ربهم " قال: الولاية )).
7- عن زرارة ، عن عبدالله بن عجلان :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قال: هم الائمة عليهم السلام )).
8- عن أبي بصير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن يطع الله ورسوله (في ولاية علي [وولاية] الائمة من بعده) فقد فاز فوزا عظيما " هكذا نزلت )).
9- عن محمد بن مروان رفعه إليهم :
(( في قول الله عزوجل: " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله " في علي و " الائمة " كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا " )).
10- عن علي بن عبد الله قال :
(( سأله رجل عن قوله تعالى : " فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى " قال: من قال بالائمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم )).
11- عن أحمد بن محمد بن عبدالله رفعه :
(( في قوله تعالى : " لا اقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما ولد ". قال: أمير المؤمنين وما ولد من الائمة عليهم السلام )).
12- عن عبدالرحمن بن كثير :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : " واعلموا أنما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى " قال: أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام )).
13- عن عبدالله بن سنان قال :
(( سالت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " وممن خلقنا امة يهدون بالحق و به يعدلون " قال: هم الائمة )).
14- عن عبدالرحمن بن كثير :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب " قال أمير المؤمنين عليه السلام والائمة " واخر متشابهات " قال: فلان وفلان " فأما الذين في قلوبهم زيغ " أصحابهم وأهل ولايتهم " فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم " أمير المؤمنين عليه السلام والائمة عليهم السلام )).
15- عن عبد الله ابن عجلان :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " يعني بالمؤمنين الائمة عليهم السلام، لم يتخذوا الولائج من دونهم )).
16- عن الحلبي :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " [قال] قلت: ما السلم؟ قال: الدخول في أمرنا )).
17- عن زرارة :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " لتركبن طبقا عن طبق " قال: يا زرارة أو لم تركب هذه الامة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان )).
18- عن عبد الله بن جندب قال :
(( سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون " قال: إمام إلى إمام )).
19- عن سلام :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا " قال: إنما عنى بذلك عليا عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين وجرت بعدهم في الائمة عليهم السلام، ثم يرجع القول من الله في الناس فقال: " فإن آمنوا (يعني الناس) بمثل ما آمنتم به (يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام) فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق " )).
20- عن عبد الله ابن عجلان :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا " قال: هم الائمة عليهم السلام ومن اتبعهم )).
21-عن مالك الجهني قال :
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: قوله عزوجل: " و اوحي إلي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ " قال: من بلغ أن يكون إماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله صلى الله عليه وآله )).
22- عن جابر :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولقد عهدنا إلى أدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما " قال عهدنا إليه في محمد والائمة من بعده، فترك ولم يكن له عزم أنهم هكذا وإنما سمي أولوا العزم اولي العزم لانه عهد إليهم في محمد والاوصياء من بعده والمهدي وسيرته وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والاقرار به )).
23- عن عبدالله بن سنان :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل " كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام من ذريتهم " فنسي " هكذا والله نزلت على محمد صلى الله عليه وآله )).
24- عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله " فاستمسك بالذي اوحي إليك إنك على صراط مستقيم " قال: إنك على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم )).
25- عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال :
(( نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا: " بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغيا " )).
26- عن جابر، قال :
(( نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد هكذا : " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا (في علي) فأتوا بسورة من مثله " )).
27- عن منخل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
(( نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: " يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا (في علي) نورا مبينا " )).
28- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم " )).
29- عن عبدالله بن عجلان،
(( عن أبي جعفر عليه السلام: في قول الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين " قال: في ولايتنا )).
30- عن المفضل بن عمر قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: قوله عزوجل: " بل تؤثرون الحياة الدنيا " قال: ولايتهم " والآخرة خير وأبقى " قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام " إن هذا لفي الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى " )).
31- عن منخل عن جابر :
(( عن أبي جعفر عليه السلام قال: " أفكلما جاء كم (محمد) بما لا تهوى أنفسكم (بموالاة علي) فاستكبرتم ففريقا (من آل محمد) كذبتم وفريقا تقتلون " )).
32- عن محمد بن سنان :
(( عن الرضا عليه السلام في قول الله عزوجل: " كبر على المشركين (بولاية علي) ما تدعوهم إليه " يا محمد من ولاية علي هكذا في الكتاب مخطوطة )).
33- عن أبي بصير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله " فقال: إذا كان يوم القيامة دعي بالنبي صلى الله عليه وآله وبأمير المؤمنين وبالائمة من ولده عليهم السلام فينصبون للناس فإذا رأتهم شيعتهم قالوا: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، يعني هدانا الله في ولاية أمير المؤمنين والائمة من ولده عليهم السلام )).
34- عن عبد الله بن كثير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " عم يتساء لون عن النباء العظيم " قال: النبأ العظيم الولاية، وسألته عن قوله " هنالك الولاية لله الحق " قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام )).
35- عن أبي بصير :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " فأقم وجهك للدين حنيفا(1) " قال: هي الولاية )).
36- عن إبراهيم الهمداني :
(( يرفعه إلى ابي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة " قال: الانبياء والاوصياء عليهم السلام )).
37- عن المفضل بن عمر قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " ائت بقرآن غير هذا أو بدله " قال: قالوا: أو بدل عليا عليه السلام )).
38- عن إدريس بن عبدالله ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
(( سألته عن تفسير هذه الآية " ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين " قال: عنى بها لم نك من أتباع الائمة الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم: " والسابقون السابقون اولئك المقربون " أما ترى الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة " مصلي، فذلك الذي عنى حيث قال: " لم نك من المصلين ": لم نك من أتباع السابقين )).
39- عن يونس بن يعقوب ، عمن ذكره :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " و أن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا " يقول: لاشربنا قلوبهم الايمان والطريقة هي ولاية علي بن أبي طالب والاوصياء عليهم السلام )).
40 - عن محمد بن مسلم قال :
(( سألت: أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " فقال: أبوعبدالله عليه السلام استقاموا على الائمة واحدا بعد واحد " تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " )).
41-عن أبي حمزة قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى: " قل إنما أعظكم بواحدة " فقال: إنما أعظكم بولاية علي عليه السلام هي الواحدة التي قال الله تبارك وتعالى " إنما أعظكم بواحدة " )).
42- عن عبدالرحمن بن كثير:
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا " " لن تقبل توبتهم " قال: نزلت في فلان وفلان وفلان، آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله في أول الامر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية، حين قال النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم آمنو بالبيعة لامير المؤمنين عليه السلام ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ )).
43- وبهذا الاسناد :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى: " إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى " فلان وفلان وفلان، ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قلت: قوله تعالى: " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر " قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول الله عزوجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله: " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله (في علي عليه السلام) سنطيعكم في بعض الامر " قال: دعوا بني امية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الامر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ، ولم يبالوا أن يكون الامر فيهم، فقالوا: سنطيعكم في بعض الامر الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئا وقوله " كرهوا ما نزل الله " والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وكان معهم أبوعبيدة وكان كاتبهم، فأنزل الله " أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم - الآية - )).
44- وبهذا الإسناد :
(( عن ابي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم " قال: نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه السلام، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعدا للقوم الظالمين )).
45- عن أبي بصير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " فستعلمون من هو في ضلال مبين " يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي عليه السلام و الائمة عليهم السلام من بعده، من هو في ضلال مبين؟ كذا انزلت وفي قوله تعالى: " إن تلووا أو تعرضوا " فقال: إن تلووا الامر وتعرضوا عما امرتم به " فإن الله كان بما تعملون خبيرا " وفي قوله: " فلنذيقن الذين كفروا (بتركهم ولاية امير المؤمنين عليه السلام) عذابا شديدا (في الدنيا) ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ".
46- عن الوليد بن صبيح :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام " ذلك بأنه إذا دعي الله وحده (وأهل الولاية) كفرتم " )).
47- عن أبي بصير:
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى: " سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين (بولاية علي) ليس له دافع " ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله )).
48- عن أبي حمزة :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " إنكم لفي قول مختلف * (في أمر الولاية) يؤفك عنه من افك(2) " قال: من افك عن الولاية افك عن الجنة )).
49- عن يونس قال: أخبرني :
(( من رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام في قوله عزوجل: " فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة " يعني بقوله: " فك رقبة " ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فإن ذلك فك رقبة )).
50- وبهذا الإسناد ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : " بشر الذين آمنوا آن لهم قدم صدق عند ربهم " قال : ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.
51- عن أبي حمزة :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا (بولاية علي) قطعت لهم ثياب من نار )).
52- عن عبد الرحمن بن كثير، قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " هنالك الولاية لله الحق " قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام )).
53- عن عبد الرحمن ابن كثير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله عزوجل " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة "
قال: صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق )).
54- عن محمد بن علي الحلبي :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل: " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا " يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الانبياء عليهم السلام، وقوله: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " يعني الائمة عليهم السلام وولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبي صلى الله عليه وآله )).
55- وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن محمد بن الفضيل، عن الرضا عليه السلام قال:
(( قلت: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " قال: بولاية محمد، وآل محمد عليهم السلام خير مما يجمع هؤلاء من دنياهم )).
56- عن زيد الشحام قال:
(( قال لي أبوعبدالله عليه السلام - ونحن في الطريق في ليلة الجمعة -: إقرأ فإنها ليلة الجمعة قرآنا، فقرأت: " إن يوم الفصل (كان) ميقاتهم أجمعين * يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله " فقال أبوعبدالله عليه السلام: نحن والله الذي رحم الله ونحن والله الذي استثنى الله لكنا نغني عنهم )).
57- عن يحيى بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( لما نزلت: " وتعيها اذن واعية " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هي اذنك يا علي)).
58- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا " فبدل الذين ظلموا (آل محمد حقهم) قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا (آل محمد حقهم) رجزا من السماء بما كانوا يفسقون " )).
59- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: " إن الذين ظلموا (آل محمد حقهم) لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها ابدا وكان ذلك على الله يسيرا " ثم قال: " يا أيها الناس قد جاء كم الرسول بالحق من ربكم (في ولاية علي) فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا (بولاية علي) فإن لله ما في السماوات وما في الارض " )).
60- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال هكذا نزلت هذه الآية " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم ")).
61- عن مالك الجهني قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: " واوحي إلي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ " قال: من بلغ أن يكون إماما من آل محمد ينذر بالقرآن كما ينذر به رسول الله صلى الله عليه وآله)).
62- عن الحسين بن مياح، عمن أخبره قال:
(( قرأ رجل عند أبي عبدالله عليه السلام: " قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " فقال: ليس هكذا هي، إنما هي والمأمونون، فنحن المأمونون )).
63- عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (( هذا صراط مستقيم )) .
64- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: " فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفورا " قال: ونزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: " وقل الحق من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين (آل محمد) نارا ".
65- عن محمد بن الفضيل :
(( عن ابي الحسن عليه السلام في قوله: " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " قال: هم الاوصياء )).
66- عن الأحول عن سلام بن المستنير :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " قال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والاوصياء من بعدهم )).
67- عن سالم الحناط قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: " فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " فقال أبوجعفر عليه السلام: آل محمد لم يبق فيها غيرهم )).
68- عن زرارة :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون(7) " قال: هذه نزلت في أمير المؤمنين وأصحابه الذين عملوا ما عملوا، يرون أمير المؤمنين عليه السلام في أغبط الاماكن لهم، فيسئ وجوههم ويقال لهم: هذا الذي كنتم به تدعون: الذي انتحلتم اسمه.
69- عن عبدالرحمن ابن كثير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " وشاهد ومشهود " قال: النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام )).
70- عن أحمد بن عمر الحلال قال:
(( سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله تعالى: " فاذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين " قال: المؤذن أمير المؤمنين عليه السلام )).
71- عن عبد الرحمن بن كثير:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: " وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد " قال: ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسليمان و أبوذر والمقداد بن الاسود وعمار هدوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقوله: " حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم (يعني أمير المؤمنين) وكره إليكم الكفر والفسوق و والعصيان " الاول والثاني والثالث)).
72- عن أبي عبيدة قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: " ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين " قال: عنى بالكتاب التوراة والانجيل وأثارة من علم فإنما عنى بذلك علم أوصياء الانبياء عليهم السلام )).
73- عن معلى بن محمد، عمن أخبره، عن علي بن جعفر قال :
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله تيما وعديا وبني امية يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله تبارك وتعالى قرآنا يتأسى به: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى " ثم أوحى إليه يا محمد إني أمرت فلم اطع فلا تجزع أنت إذا امرت فلم تطع في وصيك )).
74- عن الحسين بن نعيم الصحاف قال:
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوله: " فمنكم كافر ومنكم مؤمن " فقال: عرف الله عزوجل إيمانهم بموالاتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق وهم ذر في صلب آدم وسألته عن قوله عزوجل: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين " فقال: أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتى يقوم قائمنا عليه السلام إلا في ترك ولايتنا وجحود حقنا وما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا حتى الزم رقاب هذه الامة حقنا، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )).
75- عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر:
((عن أخيه موسى عليه السلام في قوله تعالى: " وبئر معطلة وقصر مشيد " قال: البئر المعطلة الامام الصامت والقصر المشيد الامام الناطق )).
76- عن رجل :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " ولقد اوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك " قال: يعني إن أشركت في الولاية غيره " بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " يعني بل الله فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمك.
77- عن أحمد بن عيسى قال:
(( حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام في قوله عزوجل: " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " قال: لما نزلت " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد المدينة، فقال: بعضهم لبعض ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها وإن آمنا فإن هذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب، فقالوا: قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول ولكنا نتولاه ولا نطيع عليا فيما امرنا، قال: فنزلت هذه الآية " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " يعرفون يعني ولاية [علي بن أبي طالب] وأكثرهم الكافرون بالولاية )).
78- عن سلام قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: " الذين يمشون على الارض هونا " قال: هم الاوصياء من مخافة عدوهم )).
79- عن الأصبغ بن نباتة :
(( أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى: " أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير " فقال: الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر، هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وامر الناس بطاعتهما، ثم قال الله: " إلي المصير " فمصير العباد إلى الله والدليل على ذلك الوالدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة وصاحبه، فقال: في الخاص والعام " وإن جاهداك على أن تشرك بي " يقول في الوصية وتعدل عمن امرت بطاعته فلا تطعهما ولا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين فقال: وصاحبهما في الدنيا معروفا " يقول: عزف الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما وذلك قوله: " واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم " فقال: إلى الله ثم إلينا، فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضى الله وسخطهما سخط الله )).
80- عن عمرو بن حريث قال:
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله: " كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء " قال: فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله أصلها، وأميرالمؤمنين عليه السلام فرعها، والائمة من ذريتهما أغصانها وعلم الائمة ثمرتها وشيعتهم المؤمنون ورقها، هل فيها فضل؟ قال: قلت: لا والله، قال: والله إن المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها وإن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها )).
81- عن هشام بن الحكم :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل (يعني في الميثاق) أو كسبت في ايمانها خيرا " قال: الاقرار بالانبياء والاؤصياء وأمير المؤمنين عليه السلام خاصة، قال: لا ينفع إيمانها لانها سلبت )).
82 - عن أبي حمزة :
(( عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل: " بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته " قال: إذا جحد إمامة أمير المؤمنين عليه السلام " فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " )).
83- عن ابي عبيدة الحذاء قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة وقول الناس، فقال: وتلا هذه الآية " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " يا أبا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول وكلهم هالك، قال: قلت: قوله: " إلا من رحم ربك "؟ قال: هم شيعتنا ولرحمته خلقهم وهو قوله: " ولذلك خلقهم " يقول: لطاعة الامام، الرحمة التي يقول: " ورحمتي وسعت كل شئ " يقول: علم الامام ووسع علمه الذي هو من علمه كل شئ هم شيعتنا، ثم قال: " فسأكتبها للذين يتقون " يعني ولاية غير الامام وطاعته، ثم قال: " يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يعني النبي صلى الله عليه وآله والوصي والقائم " يأمرهم بالمعروف (إذا قام) وينهاهم عن المنكر " والمنكر من أنكر فضل الامام وجحده " ويحل لهم الطيبات " أخذ العلم من أهله " ويحرم عليهم الخبائث " والخبائث قول من خالف " ويضع عنهم إصرهم " وهي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الامام " والاغلال التي كانت عليهم " والاغلال ما كانوا يقولون مما لم يكونوا امروا به من ترك فضل الامام، فلما عرفوا فضل الامام وضع عنهم إصرهم والاصر الذنب وهي الآصار، ثم نسبهم فقال: " الذين آمنوا به (يعني الامام) وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون " يعني الذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان والعبادة طاعة الناس لهم، ثم قال: " انيبوا إلى ربكم وأسلموا له(5) " ثم جزاهم فقال: " لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة " والامام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم وبالنجاة في الآخرة والورود على محمد - صلى الله على محمد وآله الصادقين - على الحوض )).
84- عن عمار الساباطي قال:
(( سالت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير * هم درجات عند الله" فقال: الذين اتبعوا رضوان الله هم الائمة وهم والله يا عمار درجات للمؤمنين وبولايتهم و معرفتهم إيانا يضاعف الله لهم أعمالهم ويرفع [الله] لهم الدرجات العلى )).
85- عن عمار الأسدي :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " ولايتنا أهل البيت - وأهوى بيده إلى صدره - فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملا )).
86- عن سماعة بن مهران :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " يؤتكم كفلين من رحمته " قال: الحسن والحسين " ويجعل لكم نورا تمشون به " قال: إمام تأتمون به )).
87- عن بعض أصحابه :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله ويستنبئونك أحق هو " قال: ما تقول في علي " قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين " )).
88- عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قلت له: جعلت فداك قوله: " فلا اقتحم العقبة " فقال: من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة، ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا، قال: فسكت فقال لي: فهلا افيدك حرفا خير لك من الدنيا وما فيها؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: قوله " فك رقبة " ثم قال: الناس كلهم عبيد النار غيرك وأصحابك فإن الله فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت )).
89- عن سماعة :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " وأوفوا بعهدي " قال: بولاية أمير المؤمنين عليه السلام " اوف بعهدكم اوف لكم بالجنة )).
90- عن أبي بصير:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا اي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا " قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا، فقال الذين كفروا من قريش للذين آمنوا: الذين أقروا لامير المؤمنين ولنا أهل البيت: أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا، تعييرا منهم، فقال الله ردا عليهم: " وكم أهلكنا قبلهم من قرن - من الامم السالفة - هم أحسن أثاثا ورئيا " قلت: قوله: " من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا " قال: كلهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولا بولايتنا فكانوا ضالين مضلين، فيمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا، قلت: قوله: " حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا "؟ قال: أما قوله: " حتى إذا رأوا ما يوعدون " فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه، فذلك قوله: " من هو شر مكانا (يعني عند القائم) وأضعف جندا " قلت: قوله: " ويزيد الله الذين اهتدوا هدى "؟ قال: يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه، قلت: قوله: " لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا "؟ قال: إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين والائمة من بعده فهو العهد عند الله قلت: قوله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا "؟ قال: ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي قال الله تعالى، قلت: " فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا "؟ قال: إنما يسره الله على لسانه حين أقام أمير المؤمنين عليه السلام علما، فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم الذين ذكرهم الله في كتابه لدا أي كفارا، قال: وسألته، عن قول الله: " لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون " قال: لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن الله و عن رسوله وعن وعيده " لقد حق القول على أكثرهم (ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده) فهم لا يؤمنون " بإمامة أمير المؤمنين والاوصياء من بعده، فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الاذقان فهم مقمحون " في نار جهنم، ثم قال: " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خفلهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " عقوبة منه لهم حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده هذا في الدنيا وفي الآخرة في نار جهنم مقمحون، ثم قال: يا محمد " وسواء عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " بالله وبولاية علي ومن بعده ثم قال: " إنما تنذر من اتبع الذكر (يعني أمير المؤمنين عليه السلام) وخشي الرحمن بالغيب فبشره (يا محمد) بمغفرة وأجر كريم " )).
91- عن أبي الحسن الماضي، عليه السلام قال:
(( سألته عن قول الله عزوجل: " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم " قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم، قلت: " والله متم نوره " قال: والله متم الامامة، لقوله عزوجل: " الذين آمنوا بالله ورسوله و النور الذي انزلنا " فالنور هو الامام . قلت: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق " قال: هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه والولاية هي دين الحق، قلت: " ليظهره على على الدين كله " قال: يظهره على جميع الاديان عند قيام القائم، قال: يقول الله: والله متم نوره " ولاية القائم " ولو كره الكافرون " بولاية علي، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم أما هذا الحرف فتنزيل وأما غيره فتأويل .
قلت: " ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا" قال: إن الله تبارك وتعالى سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين وجعل من جحد وصيه إمامته كمن جحد محمدا وأنزل بذلك قرآنا فقال يا محمد إذا جاءك المنافقون (بولاية وصيك) قالوا: نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين (بولاية علي) لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله (والسبيل هو الوصي) إنهم ساء ما كانوا يعملون * ذلك بأنهم آمنوا (برسالتك) وكفروا (بولاية وصيك) فطبع (الله) على قلوبهم فهم لا يفقهون " قلت: ما معنى لا يفقهون؟ قال: يقول: لا يعقلون بنبوتك قلت: " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله "؟ قال: إذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم " لووا رؤوسهم " قال الله: " ورأيتهم يصدون (عن ولاية علي) وهم مستكبرون " عليه ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم، فقال: " سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين " يقول: الظالمين لوصيك.
قلت: " أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم " قال: إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لامره وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أمير المؤمنين عليه السلام.
قال: قلت: قوله: " إنه لقول رسول كريم "؟ قال: يعني جبرئيل عن الله في ولاية علي عليه السلام، قال: قلت: " وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون "؟ قال: قالوا: إن محمدا كذاب على ربه وما أمره الله بهذا في علي، فأنزل الله بذلك قرآنا فقال: " (إن ولاية علي) تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا (محمد) بعض الاقاويل * لاخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين " ثم عطف القول فقال: " إن (ولاية علي لتذكرة للمتقين (للعالمين) وإنا لنعلم أن منكم مكذبين * وإن (عليا) لحسرة على الكافرين * و إن (ولايته) لحق اليقين * فسبح (يا محمد) باسم ربك العظيم " يقول اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل.
قلت: قوله: " لما سمعنا الهدى آمنا به "؟ قال: الهدى الولاية، آمنا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه، " فلا يخاف بخسا ولا رهقا " قلت: تنزيل؟ قال: لا تأويل، قلت: قوله: " لا أملك لكم ضرا ولا رشدا " قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الناس إلى ولاية علي فاجتمعت إليه قريش، فقالوا يا محمد اعفنا من هذا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا إلى الله ليس إلي، فاتهموه وخرجوا من عنده فأنزل الله " قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا * قل إني لن يجيرني من الله (إن عصيته) أحد ولن أجد من دونه ملتحدا * إلا بلاغا من الله ورسالاته (في علي) " قلت، هذا تنزيل؟ قال: نعم، ثم قال توكيدا: " ومن يعص الله ورسوله (في ولاية علي) فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا " قلت: " حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا " يعني بذلك القائم وأنصاره.
قلت: " واصبر على ما يقولون؟ قال يقولون فيك " واهجرهم هجرا جميلا * وذرني (يا محمد) والمكذبين (بوصيك) اولي النعمة ومهلهم قليلا " قلت: إن هذا تنزيل؟ قال: نعم.
قلت: " ليستيقن الذين اوتوا الكتاب "؟ قال: يستيقنون أن الله ورسوله و وصيه حق، قلت: " ويزداد الذين آمنوا إيمانا "؟ قال: ويزدادون بولاية الوصي إيمانا، قلت: " ولا يرتاب الذين اوتوا الكتاب والمؤمنون " قال بولاية علي عليه السلام قلت: ما هذا الارتياب؟ قال يعني بذلك أهل الكتاب والمؤمنين الذين ذكر الله فقال: ولا يرتابون في الولاية، قلت: " وماهي إلا ذكرى للبشر "؟ قال: نعم ولاية علي عليه السلام، قلت: " إنها لاحدى الكبر" قال: الولاية، قلت: " لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر "؟ قال: من تقدم إلى ولايتنا اخر عن سقر ومن تأخر عنا تقدم إلى سقر " إلا أصحاب اليمين " قال: هم والله شيعتنا، قلت: " لم نك من المصلين "؟ قال: إنا لم نتول وصي محمد والاوصياء من بعده - ولا يصلون عليهم -، قلت: " فمالهم عن التذكرة معرضين "؟ قال: عن الولاية معرضين، قلت: " كلا إنها تذكرة "؟ قال: الولاية.
قلت: قوله: " يوفون بالنذر "؟ قال: يوفون لله بالنذر الذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا، قلت: " إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا "؟ قال: بولاية علي عليه السلام تنزيلا، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم ذا تأويل، قلت: " إن هذه تذكرة "؟ قال: الولاية، قلت: " يدخل من يشاء في رحمته "؟ قال: في ولايتنا، قال: " والظالمين أعد لهم عذابا أليما " ألا ترى أن الله يقول: " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفهسم يظلمون " قال: إن الله أعز وأمنع من أن يظلم أو ينسب نفسه إلى ظلم ولكن الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه فقال: " وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم.
قلت: " ويل يومئذ للمكذبين " قال: يقول: ويل للمكذبين يا محمد بما أوحيت إليك من ولاية [علي بن أبي طالب عليه السلام] " ألم نهلك الاولين * ثم نتبعهم الآخرين " قال: الاولين الذين كذبوا الرسل في طاعة الاوصياء " كذلك نفعل بالمجرمين " قال: من أجرم إلى آل محمد وركب من وصيه ما ركب، قلت: " إن المتقين "؟ قال: نحن والله وشيعتنا ليس على ملة إبراهيم غيرنا وسائر الناس منها برآء، قلت " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون. " الآية قال: نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صوابا، قلت: ما تقولون إذا تكلمتم؟ قال: نمجد ربنا ونصلي على نبينا ونشفع لشيعتنا، فلا يردنا ربنا، قلت: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين " قال: هم الذين فجروا في حق الائمة واعتدوا عليهم، قلت: ثم يقال: " هذا الذي كنتم به تكذبون "؟ قال: يعني أمير المؤمنين، قلت: تنزيل؟ قال: نعم )).
92- عن أبي بصير:
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " قال: يعني به ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: " و نحشره يوم القيامة أعمى "؟ قال: يعني أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قال: وهو متحير في القيامة يقول: " لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها " قال: الآيات الائمة عليهم السلام " فنسيتها و كذلك اليوم تنسى " يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الائمة عليهم السلام، فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم، قلت " وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى "؟ قال: يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين عليه السلام غيره ولم يؤمن بآيات ربه وترك الائمة معاندة فلم يتبع آثارهم ولم يتولهم، قلت: " الله لطيف بعباده يرزق من يشاء "؟ قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: " من كان يريد حرث الآخرة "؟ قال: معرفة أمير المؤمنين عليه السلام والائمة " نزد له في حرثه " قال: نزيده منها، قال: يستوفي نصيبه من دولتهم " ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب " قال: ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب)).
مائة وواحد : باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية :
1- عن بكير بن أعين قال:
(( كان أبوجعفر عليه السلام يقول: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر والاقرار له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة )).
2- عن عبدالله بن محمد الجعفري، عن أبي جعفر عليه السلام، وعن عقبة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن الله خلق، فخلق ما أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، وخلق ما ابغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال: فقلت: وأي شئ الظلال؟ قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعونهم إلى الاقرار بالله وهو قوله: " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولون الله " ثم دعاهم إلا الاقرار بالنبيين، فأقر بعضهم وأنكر بعضهم، ثم دعاهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض وهو قوله: " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل " ثم قال أبوجعفر عليه السلام: كان التكذيب ثم )).
3- عن محمد بن عبدالرحمن، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبيا قط إلا بها )).
4- عن عبد الأعلى قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول ما من نبي جاء قط إلا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سوانا )).
5- عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( سمعته يقول: والله إن في السماء لسبعين صفا من الملائكة، لو اجتمع أهل الارض كلهم يحصون عدد كل صف منهم ما أحصوهم وإنهم ليدينون بولايتنا )).
6- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام قال:
(( ولاية علي عليه السلام مكتوبة في جميع صحف الانبياء ولن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله ووصية علي عليه السلام )).
7- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن الله عز و جل نصب عليا عليه السلام علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة )).
8- عن أبي حمزة قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عليا عليه السلام باب فتحه الله، فمن دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك وتعالى: لي فيهم المشيئة )).
9- عن بكير بن أعين قال:
(( كان أبوجعفر عليه السلام يقول: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر، بالاقرار له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة وعرض الله عزوجل على محمد صلى الله عليه وآله امته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفهم عليا ونحن نعرفهم في لحن القول )).
مائة واثنان : باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض اليهم :
1- عن صالح بن سهل، عن أبي عبدالله عليه السلام :
(( أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو مع أصحابه فسلم عليه ثم قال له: أنا والله احبك وأتولاك، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت، قال بلى والله إني احبك وأتولاك، فكرر ثلاثا، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت، ما أنت كما قلت إن الله خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام ثم عرض علينا المحب لنا، فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض، فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه )).
وفي رواية اخرى قال أبوعبدالله عليه السلام: كان في النار.
2- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وحقيقة النفاق )).
3- عن عبدالله بن سليمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سألته عن الامام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: نعم . وذلك أن رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الاول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الاولين، ثم قال: " هذا عطاؤنا فامنن أو (أعط) بغير حساب " وهكذا هي في قراءة علي عليه السلام، قال: قلت: أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الامام؟ قال: سبحان الله أما تسمع الله يقول: " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " وهم الائمة " وإنها لبسبيل مقيم " لا يخرج منها أبدا، ثم قال لي: نعم إن الامام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه وإن سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، إن الله يقول: " ومن آياته خلق السماوات والارض واختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين(1) " وهم العلماء، فليس يسمع شيئا من الامر ينطق به إلا عرفه، ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم )).
مائة وثلاث : باب ما جاء في الأثنى عشر والنص عليهم ، عليهم السلام :
1- عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال :
(( أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن علي عليه السلام وهو متكئ على يد سليمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم وإن تكن الاخرى علمت أنك وهم شرع سواء.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام سلني عما بدالك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن فقال: يا أبا محمد أجبه، قال: فأجابه الحسن عليه السلام فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله والقائم بحجته - وأشار إلى أمير المؤمنين - ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته - وأشار إلى الحسن عليه السلام - وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي ابن موسى وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملاها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي عليهما السلام فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، قال: هو الخضر عليه السلام )).
2- وحدثني محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي هاشم مثله سواء.
قال محمد بن يحيى: فقلت لمحمد بن الحسن: يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبدالله قال: فقال: لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين.
3- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قال أبي لجابر بن عبدالله الانصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها، فقال له جابر: أي الاوقات أحببته فخلا به في بعض الايام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما أخبرتك به امي أنه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على امك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فهنيتها بولادة الحسين ورأيت في يديها لوحا أخضر، ظننت أنه من زمرد ورأيت فيه كتابا أبيض، شبه لون الشمس، فقلت لها: بأبي وامي يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الاوصياء من ولدي وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك، قال جابر فأعطتنيه امك فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته، فقال له أبي: فهل لك يا جابر: أن تعرضه علي قال: نعم، فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رق، فقال: يا جابر انظر في كتابك لاقرأ [أنا] عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا، فقال جابر: فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا .
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الامين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله إله إلا أنا قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديان الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذبته عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين فإياي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه و انقضت مدته إلا جعلت له وصيا وإني فضلتك على الانبياء وفضلت وصيك على الاوصياء وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسنا معدن علمي، بعد انقضاء مدة أبيه وجلعت حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه و حجتي البالغة عنده، بعترته اثيب واعاقب، أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين وابنه شبه جده المحمود محمد الباقر علمي والمعدن لحكمتي سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لاكرمن مثوى جعفر ولاسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، اتيحت بعده موسى فتنة عمياء حندس لان خيط فرضي لا ينقطع وحجتي لا تخفى وأن أوليائي يسقون بالكأس الاوفى، من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في علي وليي وناصري و من أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع بها يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي حق القول مني لاسرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي وموضع سري وحجتي على خلقي لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني علي وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن واكمل ذلك بابنه " م ح م د " رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون و يكونون خائفين، مرعوبين، وجلين، تصبغ الارض بدمائهم ويفشو الويل والرنا في نسائهم أولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والاغلال اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون )).
قال عبدالرحمن بن سالم: قال أبوبصير: لو لم تسمع في دهرك، إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله.
4- عن سليم بن قيس قال:
(( سمعت عبدالله بن جعفر الطيار يقول: كنا عند معاوية، أنا والحسن والحسين وعبدالله بن عباس وعمر بن ام سلمة واسامة بن زيد، فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد علي فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم ابني الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي(1)، ثم ابنه محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين، ثم تكمله اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين، قال عبدالله بن جعفر: واستشهدت الحسن والحسين وعبدالله بن عباس وعمر بن ام سلمة واسامة بن زيد، فشهدوا لي عند معاوية، قال سليم: وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى عليه وآله.
5- عن أبي الطفيل قال:
(( شهدت جنازة أبي بكر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعلي عليه السلام جالس ناحية فأقبل غلام يهودي جميل [الوجه] بهئ، عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتى قام على رأس عمر فقال: يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الامة بكتابهم وأمر نبيهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إياك أعني وأعاد عليه القول، فقال له عمر: لم ذاك؟ قال إني جئتك مرتادا لنفسي، شاكا في ديني، فقال: دونك هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا أبوالحسن والحسين ابني رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فأقبل اليهودي على علي عليه السلام فقال: أكذاك أنت؟ قال: نعم، قال: إني اريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة، قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام من غير تبسم وقال: يا هاروني ما منعك أن تقول سبعا؟ قال: أسألك عن ثلاث فإن أجبتني سألت عما بعدهن وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم عالم، قال علي عليه السلام: فإني أسألك بالاله الذي تعبده لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني؟ قال: ما جئت إلا لذاك، قال: فسل قال: أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الارض أي قطرة هي؟ وأول عين فاضت على وجه الارض، أي عين هي؟ وأول شئ اهتز على وجه الارض أي شئ هو؟ فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أخبرني عن الثلاث الاخر، أخبرني عن محمد كم له من إمام عدل؟ وفي أي جنة يكون؟ ومن ساكنه معه في جنته؟ فقال: يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إمام عدل، لا يضرهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم وإنهم في الدين أرسب من الجبال(1) الرواسي في الارض، ومسكن محمد في جنته معه اولئك الاثني عشر الامام العدل، فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لاجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده وإملاء موسى عمي عليهما السلام، قال: فأخبرني عن الواحدة، أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟ قال: يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة، لا يزيد يوما ولا ينقص يوما، ثم يضرب ضربة ههنا - يعني على قرنه - فتخضب هذه من هذا قال: فصاح الهاروني وقطع كستيجه وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنك وصيه، ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تستضعف، قال: ثم مضى به علي عليه السلام إلى منزله فعلمه معالم الدين )).
6- عن أبي حمزة قال:
(( سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: إن الله خلق محمدا وعليا وأحد عشر من ولده من نور عظمته، فأقامهم أشباحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون الله ويقدسونه وهم الائمة من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله )).
7- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الاثنا عشر الامام من آل محمد عليهم السلام كلهم محدث من رسول الله صلى عليه وآله ومن ولد علي ورسول الله وعلي عليهما السلام هما الوالدان، فقال علي بن راشد وكان أخا علي بن الحسين لامه وأنكر ذلك فصرر أبوجعفر عليه السلام وقال: أما إن ابن امك كان أحدهم )).
8- عن أبي سعيد الخدري قال:
(( كنت حاضرا لما هلك أبوبكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة أنه أعلم أهل زمانه حتى رفع إلى عمر فقال له: يا عمر إني جئتك اريد الاسلام فإن أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما اريد أن أسأل عنه، قال: فقال له عمر: إني لست هناك لكني ارشدك إلى من هو أعلم امتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك - فأومأ إلى علي عليه السلام - فقال له اليهودي: يا عمر إن كان هذا كما تقول فمالك ولبيعة الناس وإنما ذاك أعلمكم ! فزبره عمر ثم إن اليهودي قام إلى علي عليه السلام فقال له: أنت كما ذكر عمر؟ فقال: وما قال عمر؟ فأخبره، قال: فإن كنت كما قال سألتك عن أشياء اريد أن أعلم هل يعلمه أحد منكم فأعلم أنكم في دعواكم خير الامم وأعلمها صادقين ومع ذلك أدخل في دينكم الاسلام، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: نعم أنا كما ذكر لك عمر، سل عما بدا لك أخبرك به إن شاء الله.
قال: أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة، فقال له علي عليه السلام: يا يهودي ولم لم تقل: أخبرني عن سبع، فقال له اليهودي: إنك إن أخبرتني بالثلاث، سألتك عن البقية وإلا كففت، فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الارض وأفضلهم وأولى الناس بالناس، فقال له: سل عما بدالك يا يهودي قال: أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الارض؟ وأول شجرة غرست على وجه الارض؟ وأول عين نبعت على وجه الارض؟ فأخبره أمير المؤمنين عليه السلام، ثم قال له اليهودي: أخبرني عن هذه الامة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة؟ وأخبرني من معه في الجنة؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام إن لهذه الامة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها وهم مني وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وامهم وجدتهم وام امهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد )).
9- عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبدالله الانصاري قال:
(( دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الاوصياء من ولدها، فعددت اثني عشر آخرهم القائم عليه السلام، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي )).
10- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وآله إلى الجن والانس وجعل من بعده اثني عشر وصيا، منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة والاوصياء الذين من بعد محمد صلى الله عليه وآله على سنة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر وكان أمير المؤمنين عليه السلام على سنة المسيح )).
11- عن الحسن بن العباس بن الجريش، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عباس:
(( إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ولذلك الامر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال ابن عباس: من هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون )).
12- وبهذا الاسناد :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: آمنوا بليلة القدر إنها تكون لعلي بن ابي طالب ولولده الاحد عشر من بعدي )).
13- وبهذا الاسناد :
(( أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابي بكر يوما: " لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " وأشهد [أن] محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله مات شهيدا والله ليأتينك، فأيقن إذا جاءك فان الشيطان غير متخيل به فأخذ علي بيد أبي بكر فأراه النبي صلى الله عليه وآله فقال له: يا أبا بكر آمن بعلي وبأحد عشر من ولده، إنهم مثلي إلا النبوة وتب إلى الله مما في يدك، فإنه لا حق لك فيه، قال ثم ذهب فلم ير. ))
- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الاثنا عشر الامام من آل محمد كلهم محدث من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وولد علي بن أبي طالب عليه السلام فرسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه لسلام هما الوالدان )).
15- عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي، تاسعهم قائمهم )).
16- عن زرارة قال:
((سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر إماما منهم حسن وحسين ثم الائمة من ولد الحسين عليه السلام )).
17- عن أبي الجاورد، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زر الارض يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الله الارض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الارض بأهلها ولم ينظروا )).
18- وبهذا الإسناد، عن أبي سعيد رفعه، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ولدي اثنا عشر نقيبا، نجباء، محدثون، مفهمون، آخرهم القائم بالحق يملاها عدلا كما ملئت جورا )).
19- عن كرام قال:
(( حلفت فيما بيني وبين نفسي ألا آكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد، فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال: فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله عليه ألا يأكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد؟ قال: فصم إذا يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ولا إذا كنت مسافرا ولا مريضا فإن الحسين عليه السلام لما قتل عجت السماوات والارض ومن عليهما والملائكة، فقالوا: يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدهم عن جديد الارض بما استحلوا حرمتك، وقتلوا صفوتك، فأوحى الله إليهم يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا، ثم كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمد صلى الله عليه وآله واثنا عشر وصيا له عليهم السلام وأخذ بيد فلان القائم من بينهم، فقال: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر [لهذا] - قالها ثلاث مرات )).
20- عن سماعة بن مهران قال:
(( كنت أنا وأبوبصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه السلام في منزله بمكة فقال: محمد بن عمران: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر محدثا فقال له: أبوبصير سمعت من أبي عبدالله عليه السلام؟ فحلفه مرة أو مرتين أنه سمعه؟ فقال أبوبصير: لكني سمعته من أبي جعفر عليه السلام )).
مائة وأربع : باب في أنه إذا قيل في الرجل شئ فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فانه هو الذي قيل فيه :
1- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الله تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا سويا، مباركا، يبرئ الاكمه والابرص ويحيي الموتى بإذن الله، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي ام مريم، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام، فلما وضعتها قالت: رب إني وضعتها انثى وليس الذكر كالانثى، أي لا يكون البنت رسولا يقول الله عزوجل والله أعلم بما وضعت، فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك )).
2- عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( إذا قلنا في رجل قولا، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء )).
3- عن أبي خديجة قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: قد يقوم الرجل بعدل أو يجور وينسب إليه ولم يكن قام به، فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده، فهو هو )).
مائة وخمس : باب أن الأئمة عليهم السلام كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون اليه :
1- عن الحكم بن أبى نعيم قال:
(( أتيت أبا جعفر عليه السلام وهو بالمدينة، فقلت له: علي نذر بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا، فلم يجبني بشئ، فأقمت ثلاثين يوما، ثم أستقبلني في طريق فقال: يا حكم وإنك لههنا بعد، فقلت: نعم إني أخبرتك بما جعلت لله علي، فلم تأمرني ولم تنهني عن شئ ولم تجبني بشئ؟ فقال: بكر علي غدوة المنزل، فغدوت عليه فقال عليه السلام: سل عن حاجتك، فقلت: إني جعلت لله علي نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا، فإن كنت أنت رابطتك وإن لم تكن أنت، سرت في الارض فطلبت المعاش، فقال: يا حكم كلنا قائم بأمر الله، قلت: فأنت المهدي؟ قال: كلنا نهدي إلى الله، قلت: فأنت صاحب السيف؟ قال: كلنا صاحب السيف ووارث السيف، قلت: فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك اولياء الله ويظهر بك دين الله؟ فقال: يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين [سنة]؟ وإن صاحب هذا الامر أقرب عهدا باللبن مني وأخف على ظهر الدابة )).
2- عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام :
(( أنه سئل عن القائم فقال: كلنا قائم بأمر الله، واحد بعد واحد حتى يجيئ صاحب السيف، فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان )).
3- عن عبد الله بن سنان قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: " يوم ندعو كل اناس بإمامهم " قال: إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه )).
مائة وست : باب صلة الإمام عليه السلام :
1- الحسين بن محمد بن عامر بإسناده رفعه قال:
(( قال أبوعبد الله عليه السلام: من زعم أن الامام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الامام، قال الله عزوجل: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " )).
2- عن الخيبري ويونس بن ظبيان قالا:
(( سمعنا أبا عبدالله عليه السلام يقول ما من شئ أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الامام وإن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل احد، ثم قال: إن الله تعالى يقول في كتابه: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " قال: هو والله في صلة الامام خاصة )).
3- عن معاذ صاحب الاكسية قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الله لم يسأل خلقه ما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك، وما كان لله من حق فإنما هو لوليه )).
4- عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:
(( سألته عن قول الله عزوجل: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم " قال: نزلت في صلة الامام )).
5- عن الحسن بن مياح، عن أبيه قال:
(( قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا مياح درهم يوصل به الامام أعظم وزنا من احد )).
6- عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( درهم يوصل به الامام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر )).
7- عن ابن بكير قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما اريد بذلك إلا أن تطهروا )).
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في هذه الآية : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " فأومأ بيده إلى صدره )).
2- عن عبدالعزيز العبدي :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم " قال : هم الأئمة عليهم السلام )).
3- عن سماعة ، عن أبي بصير، قال :
(( قال أبو جعفر عليه السلام في هذه الآية : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " ثم قال : أما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف ؟ قلت : من هم ؟ جعلت فداك ؟ قال : من عسى أن يكونوا غيرنا )).
4- عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : " بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم " قال : هم الأئمة عليهم السلام خاصة )).
5- عن محمد بن الفضيل قال :
(( سألته عن قول الله عزوجل : " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " قال : هم الأئمة عليهم السلام خاصة )).
عشرون : باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة عليهم السلام :
1- عن سالم قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله " قال السابق بالخيرات : الإمام، والمقتصد : العارف للامام ، والظالم لنفسه : الذي لا يعرف الإمام )).
2- عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سألته عن قوله تعالى : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " فقال : " أي شئ تقولون أنتم ؟ قلت : نقول : إنها في الفاطميين ؟ قال : ليس حيث تذهب ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا الناس إلى خلاف ، فقلت : فأي شئ الظالم لنفسه ؟ قال : الجالس في بيته لا يعرف حق الامام ، والمقتصد : العارف بحق الامام ، والسابق بالخيرات : الإمام )).
3- عن أحمد بن عمر قال :
(( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قول الله عزوجل : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " الآية ، قال : فقال : ولد فاطمة عليها السلام والسابق بالخيرات : الإمام ، والمقتصد : العارف بالإمام ، والظالم لنفسه : الذي لا يعرف الإمام )).
4- عن أبي ولاد قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " الذين آتياهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به " قال : هم الأئمة عليهم السلام )).
واحد وعشرون : باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان : إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار :
1- عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال : لما نزلت هذه الآية : " يوم ندعو كل اناس بإمامهم " قال المسلمون : يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي ، يقومون في الناس فيكذبون ، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم ، فمن والاهم ، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني ، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ )).
2- عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قال: إن الأئمة في كتاب الله عزوجل إمامان قال الله تبارك وتعالى : " وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا " لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل امرهم ، وحكم الله قبل حكمهم ، قال: " وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار" يقدمون أمرهم قبل امر الله ، وحكمهم قبل حكم الله ، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عزوجل )).
اثنان وعشرون : باب أن القرآن يهدي للإمام :
1- عن الحسن بن محبوب قال:
(( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قوله عزوجل : " ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم " قال : إنما عنى بذلك الائمة عليهم السلام بهم عقد الله عزوجل أيمانكم )).
2- عن العلاء بن سيابة :
((عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" قال: يهدي إلى الإمام )).
ثلاث وعشرون : باب أن النعمة التي ذكرها الله عزوجل في كتابه الائمة عليهم السلام :
1- عن الأصبغ بن نباتة قال :
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام : ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وعدلوا عن وصيه ؟ لا يتخوفون أن ينزل بهم العذاب ، ثم تلا هذه الآية : " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم " ، ثم قال : نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده ، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة )).
2- عن معلى بن محمد رفعه :
(( في قول الله عزوجل : " فبأي آلاء ربكما تكذبان " : أ بالنبي أم بالوصي تكذبان ؟ نزلت في " الرحمن " )).
3- عن أبي يوسف البزاز قال :
(( تلا أبوعبد الله عليه السلام هذه الآية : " وأذكروا آلاء الله " قال: أتدري ما آلاء الله؟ قلت: لا ، قال : هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا )).
4- عن عبد الرحمن بن كثير قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن قول الله عز و جل : " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا " الآية ، قال : عني بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله صلى الله عليه واله ونصبوا له الحرب وجحدوا وصية وصية )).
أربع وعشرون : باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة عليهم السلام والسبيل فيهم مقيم :
1 - أخبرني أسباط بياع الزطي قال:
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فساله رجل عن قول الله عزوجل : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم " قال : فقال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم )).
2- حدثني أسباط بن سالم قال :
(( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت فقال له : أصلحك الله ما تقول في قول الله عزوجل : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " ؟ قال : نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم )).
3- عن محمد بن مسلم :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله الله عزوجل : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " قال : هم الائمة عليهم السلام ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عزوجل في قول الله تعالى : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " )).
4- عن عبد الله بن سليمان :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " فقال : هم الأئمة عليهم السلام " وإنها لبسبيل مقيم " قال : لا يخرج منا أبدا )).
5- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله : المتوسم ، وأنا من بعده والأئمة من ذريتي المتوسمون )).
خمس وعشرون : باب عرض الأعمال على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام :
1- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( تعرض الأعمال على رسول الله صلى الله عليه وآله أعمال العباد كل صباح أبرارها وفجارها فاحذروها ، وهو قول الله تعالى : " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله " وسكت )).
2- عن يعقوب بن شعيب قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " قال : هم الأئمة )).
3- عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : مالكم تسوؤن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! فقال رجل : كيف نسوؤه ؟ فقال : أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه ، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك ، فلا تسوؤا رسول الله وسروه )).
4- عن عبد الله بن أبان الزيات وكان مكينا عند الرضا عليه السلام قال :
(( قلت للرضا عليه السلام : أدع الله لي ولاهل بيتي فقال : أولست أفعل ؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة ، قال : فاستعظمت ذلك ، فقال لي : أما تقرء كتاب الله عزوجل : " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله والمؤمنون "؟ قال : هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام )).
5- عن يحيى بن مساور :
(( عن أبي جعفر عليه السلام أنه ذكر هذه الآية : " فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون " قال : هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام )).
6- عن الوشاء : قال :
(( سمعت الرضا عليه السلام يقول : إن الأعمال تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله أبرارها وفجارها )).
ست وعشرون : باب [ أن الطريقة التي حث على الإستقامة عليها ولاية علي عليه السلام ] :
1- عن يونس بن يعقوب ، عمن ذكره :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : " وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا " قال : يعني لو استقاموا على ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين والأوصياء من ولده عليهم السلام وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لاسقيناهم ماء غدقا، يقول : لأشربنا قلوبهم الإيمان ، والطريقة هي الإيمان بولاية علي والأوصياء )).
2- عن محمد بن مسلم قال :
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " فقال أبوعبدالله عليه السلام : استقاموا على الأئمة واحد بعد واحد " تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " )).
سبع وعشرون : باب أن الائمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة :
1- عن أبي الجارود قال :
(( قال علي بن الحسين عليه السلام : ما ينقم الناس منا ، فنحن والله شجرة النبوة ، وبيت الرحمة ، ومعدن العلم ، ومختلف الملائكة )).
2- عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال :
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام : إنّا - أهل البيت - شجرة النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وبيت الرحمة ، ومعدن العلم )).
3- عن خيثمة قال :
(( قال لي أبوعبد الله عليه السلام : يا خيثمة نحن شجرة النبوة ، وبيت الرحمة ، ومفاتيح الحكمة ، ومعدن العلم ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وموضع سر الله ، ونحن وديعة الله في عباده ، ونحن حرم الله الاكبر ، ونحن ذمة الله ، ونحن عهد الله ، فمن وفي بعهدنا فقد وفى بعهد الله ، ومن خفرها فقد خفر ذمة الله وعهده )).
ثمان وعشرون : باب أن الائمة عليهم السلام ورثة العلم ، يرث بعضهم بعضا العلم :
1- عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث ، ولن يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم علمه ، أو ما شاء الله )).
2- عن زرارة والفضيل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع ، والعلم يتوارث ، وكان علي عليه السلام عالم هذه الامة ، وإنه لم يهلك منا عالم قط إلا خلفه من أهله من علم مثل علمه ، أو ما شاء الله )).
3- عن محمد بن مسلم قال:
(( قال أبو جعفر عليه السلام إن العلم يتوارث ، ولا يموت عالم إلا وترك من يعلم مثل علمه ، أو ما شاء الله )).
4- عن الفضيل بن يسار قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن في علي عليه السلام سنة ألف نبي من الانبياء وإن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع ، وما مات عالم فذهب علمه ، والعلم يتوارث )).
5- عن عمر بن أبان قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع ، وما مات عالم فذهب علمه )).
6- عن علي بن النعمان رفعه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال أبو جعفر عليه السلام يمصون الثماد ويدعون النهر العظيم ، قيل له : وما النهر العظيم ؟ قال : رسول الله صلى عليه وآله والعلم الذي أعطاه الله ، إن الله عزوجل جمع لمحمد صلى الله عليه وآله سنن النبيين من آدم وهلم جرا إلى محمد صلى الله عليه وآله قيل له : وما تلك السنن ؟ قال : علم النبيين بأسره ، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله صير ذلك كله عند أمير المؤمنين عليه السلام فقال له رجل : يا ابن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيين ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : اسمعوا ما يقول ؟ إن الله يفتح مسامع من يشاء ، إني حدثته أن الله جمع لمحمد صلى الله عليه وآله علم النبيين وأنه جمع ذلك كله عند أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيين )).
7- عن محمد بن مسلم قال : قال أبوجعفر عليه السلام :
(( إن العلم يتوارث ، فلا يموت عالم إلا ترك من يعلم مثل علمه ، أو ما شاء الله )).
8- عن الحارث بن المغيرة قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
(( إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع ، و ما مات عالم إلا وقد ورث علمه ، إن الارض لا تبقى بغير عالم )).
تسع وعشرون : باب أن الائمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم :
1- عن عبد الله بن جندب :
(( أنه كتب إليه الرضا عليه السلام : أما بعد، فان محمدا صلى الله عليه وآله كان أمين الله في خلقه فلما قبض صلى الله عليه وآله كنا أهل البيت ورثته ، فنحن أمناء الله في أرضه ، عندنا علم البلايا والمنايا ، وأنساب العرب ، ومولد الإسلام ، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان ، وحقيقة النفاق ، وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم ، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق ، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا ، ليس على ملة الاسلام غيرنا وغيرهم ، نحن النجباء النجاة ، ونحن أفراط الانبياء ونحن أبناء الاوصياء ، ونحن المخصوصون كتاب الله عزوجل ، ونحن أولى الناس بكتاب الله ، ونحن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وآله ، ونحن الذين شرع الله لنا دينه فقال في كتابه : " شرع لكم (يا آل محمد) من الدين ما وصى به نوحا (قد وصانا بما وصى به نوحا) والذي أوحينا إليك (يا محمد) وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (فقد علمنا وبلغنا علم ما علمنا واستودعنا علمهم نحن ورثة أولي العزم من الرسل) أن أقيموا الدين (يا آل محمد) ولا تتفرقوا فيه (وكونوا على جماعة) كبر على المشركين (من أشرك بولاية علي) ما تدعوهم إليه (من ولاية علي) إن الله (يا محمد) يهدي إليه من ينيب " من يجيبك إلى ولاية علي عليه السلام )).
2- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن أول وصي كان على وجه الأرض هبة الله بن آدم وما من نبى مضى إلا وله وصي وكان جميع الانبياء مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي ، منهم خمسة اولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام وإن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد ، وورث علم الاوصياء ، وعلم من كان قبله ، أما إن محمدا ورث علم من كان قبله من الانبياء والمرسلين.
على قائمة العرش مكتوب : " حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء ، وفي ذؤابة العرش علي أمير المؤمنين " فهذه حجتنا على من أنكر حقنا ، وجحد ميراثنا ، وما منعنا من الكلام وأمامنا اليقين ، فأي حجة تكون أبلغ من هذا )).
3- عن المفضل بن عمر قال :
(( قال أبوعبد الله عليه السلام : إن سليمان ورث داود ، وإن محمدا ورث سليمان ، وإنا ورثنا محمدا ، وإن عندنا علم التوراة والانجيل والزبور، وتبيان ما في الالواح ، قال : قلت : إن هذا لهو العلم ؟ قال : ليس هذا هو العلم ، إن العلم الذي يحدث يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة )).
4- عن ضريس الكناسي قال:
(( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده أبوبصير فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن داود ورث علم الانبياء ، وإن سليمان ورث داود ، وإن محمدا صلى الله عليه وآله ورث سليمان ، وإنا ورثنا محمدا صلى الله عليه وآله وإن عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى ، فقال أبوبصير: إن هذا لهو العلم ، فقال : يا أبا محمد ليس هذا هو العلم ، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار، يوما بيوم وساعة بساعة )).
5- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال لي : يا أبا محمد إن الله عزوجل لم يعط الانبياء شيئا إلا وقد أعطاه محمدا صلى الله عليه وآله ، قال : وقد أعطى محمدا جميع ما أعطى الأنبياء ، وعندنا الصحف التي قال الله عزوجل : " صحف إبراهيم وموسى " قلت : جعلت فداك هي الالواح ؟ قال: نعم )).
6- عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام :
(( أنه سأله عن قول الله عزوجل : " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر " ما الزبور وما الذكر ؟ قال : الذكر عند الله ، والزبور الذي انزل على داود ، وكل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم )).
7- عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال :
(( قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله ورث النبيين كلهم ؟ قال : نعم ، قلت : من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه ؟ قال : ما بعث الله نبيا إلا ومحمد صلى الله عليه وآله أعلم منه ، قال : قلت : إن عيسى ابن مريم كان يحيى الموتى بإذن الله ، قال : صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقدر على هذه المنازل ، قال : فقال : إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره " فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين " حين فقده ، فغضب عليه فقال : " لاعذبنه عذابا شديدا أو لاذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين " وإنما غضب لانه كان يدله على الماء، فهذا - وهو طائر - هذا أعطي ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والإنس والجن والشياطين [و] المردة له طائعين ، ولم يكن بعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه وإن الله يقول في كتابه : " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى " وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان ، ونحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، جعله الله لنا في ام الكتاب ، إن الله يقول : " وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين " ثم قال : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شئ )).
ثلاثون : باب أن الائمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عزوجل و أنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها :
- عن هشام ابن الحكم في حديث بريه :
(( أنه لما جاء معه إلى أبي عبد الله عليه السلام فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فحكى له هشام الحكايه ، فلما فرغ قال أبوالحسن عليه السلام لبريه : يا بريه كيف علمك بكتابك ؟ قال: أنا به عالم ، ثم قال : كيف ثقتك بتأويله ؟ قال : ما أوثقني بعلمي فيه ، قال : فابتدأ أبوالحسن عليه السلام يقرء الانجيل ؟ فقال بريه : إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك ، قال : فآمن بريه وحسن إيمانه ، وآمنت المرأة التي كانت معه.
فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبد الله عليه السلام فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى عليه السلام وبين بريه ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ، فقال بريه : أنى لكم التوراة والانجيل وكتب الانبياء؟ قال : هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤوها ونقولها كما قالوا ، إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شئ فيقول لا أدري )).
2- عن مفضل بن عمر قال:
(( أتينا باب أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد الإذن عليه فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكى فبكينا لبكائه ، ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه فقلت : أصلحك الله أتيناك نريد الاذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكيت فبكينا لبكائك ، فقال : نعم ذكرت إلياس النبي وكان من عباد أنبياء نبي إسرائيل فقلت كما كان يقول في سجوده ، ثم اندفع فيه بالسريانية فلا والله ما رأينا قسا ولا جاثليقا أفصح لهجة منه به ثم فسره لنا بالعربية ، فقال : كان يقول في سجوده : " أتراك معذبي وقد أظمأت لك هواجرى ، أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي ، أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي ، أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي " قال : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فاني غير معذبك قال : فقال : إن قلت لا أعذبك ثم عذبتني ماذا ؟ ألست عبدك وأنت ربي ؟ [قال]: فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك ، فإني غير معذبك ، إني إذا وعدت وعدا وفيت به )) .
واحد وثلاثون : باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة عليهم السلام وأنهم يعلمون علمه كله :
1- عن جابر قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة من بعده عليهم السلام )).
2- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:
(( ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء)).
3- عن سلمة بن محرز قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من علم ما اوتينا تفسير القرآن وأحكامه. وعلم تغيير الزمان وحدثانه، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ولو أسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع ثم امسك هنيئة ، ثم قال : ولو وجدنا أوعية أو مستراحا لقلنا والله المستعان )).
4- عن عبد الأعلى مولى آل سام قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي فيه خبر السماء وخبر الأرض ، وخبر ما كان ، وخبر ما هو كائن ، قال الله عزوجل : " فيه تبيان كل شئ ".
5- عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
(( " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال : ففرج أبوعبد الله عليه السلام بين أصابعه فوضعها في صدره ، ثم قال : وعندنا والله علم الكتاب كله )).
6- عن بريد بن معاوية قال:
(( قلت لابي جعفر عليه السلام: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب "؟ قال: إيانا عنى، وعلي أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله )).
اثنان وثلاثون : باب ما أعطى الأئمة عليهم السلام من اسم الله الأعظم :
1- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ونحن عندنا من الإسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )).
2- عن هارون بن الجهم ، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام لم أحفظ اسمه قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( إن عيسى ابن مريم عليه السلام اعطي حرفين كان يعمل بهما واعطي موسى أربعة أحرف ، واعطي إبراهيم ثمانية أحرف ، وأعطي نوح خمسة عشر حرفا ، وأعطي آدم خمسه وعشرين حرفا ، وإن الله تعالى جمع ذلك كله لمحمد صلى الله عليه وآله وإن اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، أعطى محمدا صلى الله عليه وآله اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرف واحد )).
3- عن أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام قال:
(( سمعته يقول : اسم الله الأعظم ثلاثة وسبعون حرفا ، كان عند آصف حرف فتكلم به فانخرقت له الارض فيما بينه وبين سبأ فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ، ثم انبسطت الارض في أقل من طرفه عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب )).
ثلاث وثلاثون : باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء عليهم السلام :
1- عن محمد بن الفيض ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( كانت عصا موسى لآدم عليه السلام فصارت إلى شعيب ، ثم صارت إلى موسى بن عمران ، وإنها لعندنا وإن عهدي بها آنفا وهي خضراء كهيئتها حين أنتزعت من شجرتها ، وإنها لتنطق إذا استنطقت ، اعدت لقائمنا عليه السلام يصنع بها ما كان يصنع موسى وإنها لتروع وتلقف ما يأفكون وتصنع ما تؤمر به ، إنها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون يفتح لها شعبتان : إحداهما في الارض والاخرى في السقف ، وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها )).
2- عن محمد بن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول:
(( ألواح موسى عليه السلام عندنا ، وعصا موسى عندنا ، ونحن ورثة النبيين )).
3-عن أبي سعيد الخراساني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال أبوجعفر عليه السلام : إن القائم إذا قام بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انبعث عين منه ، فمن كان جائعا شبع ومن كان ظامئا روى ، فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة )).
4- عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( خرج أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة بعد عتمة وهو يقول همهمة همهمة ، وليلة مظلمة خرج عليكم الإمام ، عليه قميص آدم ، وفي يده خاتم سليمان ، وعصا موسى عليهما السلام )).
5- عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول:
(( أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام ؟ قال : قلت : لا، قال : إن إبراهيم عليه السلام لما اوقدت له النار أتاه جبرئيل عليه السلام بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه ، فلم يضره معه حر ولا برد ، فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة وعلقه على إسحاق ، وعلقه إسحاق على يعقوب ، فلما ولد يوسف عليه السلام علقه عليه ، فكان في عضده حتى كان من أمره ما كان ، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله : " إني لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون " فهو ذلك القميص الذي أنزله الله من الجنة ، قلت : جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص ؟ قال : إلى أهله ، ثم قال : كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمد صلى الله عليه وآله )).
أربع وثلاثون : باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ومتاعه :
1- عن سعيد السمان قال :
(( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له : أفيكم إمام مفترض الطاعة ؟ قال : فقال : لا قال : فقالا له : قد أخبرنا عنك الثقات أنك تفتي وتقر وتقول به ونسميهم لك ، فلان وفلان ، وهم أصحاب ورع وتشمير وهم ممن لا يكذب فغضب أبو عبد الله عليه السلام فقال : ما أمرتهم بهذا فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا.فقال لي : أتعرف هذين ؟ قلت : نعم هما من أهل سوقنا وهما من الزيدية وهما يزعمان أن سيف رسول الله صلى الله عليه السلام عند عبدالله بن الحسن ، فقال : كذبا لعنهما الله والله ما رآه عبدالله بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه ، اللهم إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين ، فإن كانا صادقين فما علامة في مقبضة ؟ وما أثر في موضع مضربه . وإن عندي لسيف رسول الله صلى الله عليه وآله وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله ودرعه ولامته ومغفره ، فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله المغلبة ، وإن عندي ألواح موسى وعصاه ، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود ، وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب به القربان ، وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة وإن عندي لمثل الذي جاءت به الملائكة.
ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل ، في أي اهل بيت وجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوة ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة ، ولقد لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله فخطت على الارض خطيطا ولبستها أنا فكانت وكانت وقائمنا من إذا لبسها ملاها إن شاء الله )).
2- عن عبد الأعلى بن أعين قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : عندي سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ، لا انازع فيه ، ثم قال إن السلاح مدفوع عنه لو وضع عند شر خلق الله لكان خيرهم ، ثم قال : إن هذا الأمر يصير إلى من يلوى له الحنك فإذا كانت من الله فيه المشيئة خرج فيقول الناس : ما هذا الذي كان ، ويضع الله له يدا على رأس رعيته )).
3- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال : ترك رسول الله صلى الله عليه وآله في المتاع سيفا ودرعا وعنزة ورحلا وبغلته الشهباء فورث ذلك كله علي بن أبي طالب عليه السلام )).
4- عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات الفضول فخطت ولبستها أنا ففضلت )).
5- عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( سألته عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وآله من أين هو؟ قال : هبط به جبرئيل عليه السلام من السماء وكانت حليته من فضة وهو عندي )) .
6- عن محمد ابن حكيم عن أبي إبراهيم عليه السلام قال :
(( السلاح موضوع عندنا ، مدفوع عنه ، لو وضع عند شر خلق الله كان خيرهم ، لقد حدثني أبي أنه حيث بنى بالثقفية - وكان قد شق له في الجدار - فنجد البيت ، فلما كانت صبيحة عرسه رمى ببصره فرأى حذوه خمسة عشر مسمارا ففزع لذلك وقال لها : تحولي فإني اريد أن أدعو موالي في حاجة فكشطه فما منها مسمار إلا وجده مصرفا طرفه عن السيف ، وما وصل إليه منها شئ )).
7- عن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( سألته عما يتحدث الناس أنه دفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهما السلام فلما خشينا أن نغشى استودعها أم سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين عليه السلام ، قال : فقلت : نعم ثم صار إلى أبيك ثم انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك ، قال : نعم )).
8- عن عمر بن أبان قال :
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عما يتحدث الناس أنه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك ، ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهما السلام ، قال : قلت : ثم صار إلى علي بن الحسين ، ثم صار إلى ابنه ، ثم انتهى إليك ، فقال : نعم )).
9- عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين عليه السلام فقال للعباس : يا عم محمد تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته ؟ فرد عليه فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي إني شيخ كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح ، قال : فأطرق صلى الله عليه وآله هنيئة ثم قال : يا عباس أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه ؟ فقال بأبي أنت وأمي شيخ كثير العيال قليل المال وأنت تباري الريح.
قال : أما إني ساعطيها من ياخذها بحقها ثم قال : يا علي يا أخا محمد أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتقبض تراثه ؟ فقال : نعم بأبي أنت وامي ذاك علي ولي ، قال : فنظرت إليه حتى نزع خاتمه من أصبعه فقال : تختم بهذا في حياتي ، قال : فنظرت إلى الخاتم حين وضعته في أصبعي فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم .
ثم صاح يا بلال علي بالمغفر والدرع والراية والقميص وذي الفقار والسحاب والبرد والأبرقة والقضيب قال : فوالله ما رأيتها غير ساعتي تلك - يعني الابرقة - فجيئ بشقة كادت تخطف الأبصار فإذا هي من أبرق الجنة فقال : يا علي إن جبرئيل أتاني بها وقال: يا محمد اجعلها في حلقة الدرع واستدفر بها مكان المنطقة ثم دعا بزوجي نعال عربيين جميعا أحدهما مخصوف والآخر غير مخصوف والقميصين : القميص الذي أسري به فيه والقميص الذي خرج فيه يوم احد ، والقلانس الثلاث : قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين والجمع ، وقلنسوة كان يلبسها ويقعد مع أصحابه . ثم قال : يا بلال علي بالبغلتين : الشهباء والدلدل ، والناقتين : العضباء والقصوى والفرسين : الجناح كانت توقف بباب المسجد لحوائج رسول الله صلى الله عليه وآله يبعث الرجل في حاجته فيركبه فيركضه في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله وحيزوم وهو الذي كان يقول : أقدم حيزوم والحمار عفير فقال : أقبضها في حياتي . فذكر أمير المؤمنين عليه السلام أن أول شئ من الدواب توفي عفير ساعة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره.
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن ذلك الحمار كلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : بأبي أنت وأمي إن أبي حدثنى ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال : يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم ، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار )).
خمس وثلاثون : باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل :
1- عن سعيد السمان قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل ، كانت بنو إسرائيل أي أهل بيت وجد التابوت على بابهم أوتوا النبوة فمن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة )).
2- عن عبد الله بن أبي يعفور، قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل ، حيثما دار التابوت دار الملك، فأينما دار السلاح فينا دار العلم )).
3- عن صفوان ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( كان أبوجعفر عليه السلام يقول إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل حيثما دار التابوت اوتوا النبوة ، وحيثما دار السلاح فيما فثم الأمر، قلت : فيكون السلاح مزايلا للعمل ؟ قال : لا )).
4- عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
(( قال أبوجعفر عليه السلام : إنما مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل أينما دار التابوت دار الملك ، وأينما دار السلاح فينا دار العلم )).
ست وثلاثون : باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام :
1- عن أبي بصير قال:
(( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له : جعلت فداك إني أسألك عن مسألة ، ههنا أحد يسمع كلامي ؟ قال : فرفع أبوعبد عليه السلام سترا بينه وبين بيت آخر فأطلع فيه ثم قال : يا أبا محمد سل عما بدا لك ، قال : قلت : جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله علم عليا عليه السلام بابا يفتح له منه ألف باب ؟ قال : فقال : يا أبا محمد علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ألف باب يفتح من كل باب ألف باب قال : قلت: هذا والله العلم قال: فنكت ساعة في الأرض ثم قال : إنه لعلم وما هو بذاك.
قال : ثم قال : يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة ؟ قال: قلت : جعلت فداك وما الجامعة ؟ قال : صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه من فلق فيه وخط علي بيمينه ، فيها كل حلال وحرام وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش وضرب بيده إلي فقال : تأذن لي يا أبا محمد ؟ قال : قلت : جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت ، قال : فغمزني بيده وقال : حتى أرش هذا - كأنه مغضب - قال : قلت : هذا والله العلم قال إنه لعلم وليس بذاك.
ثم سكت ساعة ، ثم قال : وإن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر ؟ قال قلت : وما الجفر ؟ قال : وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين ، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل ، قال قلت : إن هذا هو العلم ، قال : إنه لعلم وليس بذاك.
ثم سكت ساعة ثم قال : وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت : وما مصحف فاطمة عليها السلام ؟ قال : مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد ، قال : قلت : هذا والله العلم قال : إنه لعلم وما هو بذاك.
ثم سكت ساعة ثم قال : إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال : قلت : جعلت فداك هذا والله هو العلم ، قال : إنه لعلم وليس بذاك.
قلت : جعلت فداك فأي شئ العلم ؟ قال : ما يحدث بالليل والنهار ، الأمر من بعد الامر، والشئ بعد الشئ، إلى يوم القيامة )).
2- عن حماد بن عثمان قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام ، قال : قلت : وما مصحف فاطمة ؟ قال : إن الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عزوجل فأرسل الله إليها ملكا يسلي غمها ويحدثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين عليه السلام يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا قال : ثم قال : أما إنه ليس فيه شئ من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون )).
3- عن الحسين ابن أبي العلاء قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : إن عندي الجفر الأبيض ، قال : قلت : فأي شئ فيه ؟ قال : زبور داود ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ، وصحف ابراهيم عليهم السلام والحلال والحرام ، ومصحف فاطمة ، ما أزعم أن فيه قرآنا ، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة ، ونصف الجلدة ، وربع الجلدة وأرش الخدش.
وعندي الجفر الأحمر، قال : قلت : وأي شئ في الجفر الاحمر؟ قال : السلاح وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل ، فقال له عبد الله ابن أبي يعفور: أصلحك الله أيعرف هذا بنو الحسن ؟ فقال : إي والله كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والانكار، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم )).
4- عن سليمان بن خالد قال: قال أبوعبدالله عليه السلام:
(( إن في الجفر الذي يذكرونه لما يسوؤهم ، لأنهم لا يقولون الحق والحق فيه ، فليخرجوا قضايا علي وفرائضه إن كانوا صادقين ، وسلوهم عن الخالات والعمات ، وليخرجوا مصحف فاطمة عليها السلام ، فإن فيه وصية فاطمة عليها السلام ، ومعه سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله عزوجل يقول : " فأتوا بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنت صادقين " )).
5- عن أبي عبيدة قال:
(( سأل أبا عبد الله عليه السلام بعض أصحابنا عن الجفر فقال : هو جلد ثور مملوء علما ، قال : له فالجامعة ؟ قال : تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج ، فيها كل ما يحتاج الناس إليه ، وليس من قضية إلا وهي فيها ، حتى أرش الخدش .
قال : فمصحف فاطمة عليها السلام ؟ قال، فسكت طويلا ثم قال : إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وأن جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها السلام )).
6- عن بكر بن كرب الصيرفي قال :
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن عندنا مالا نحتاج معه إلى الناس ، وإن الناس ليحتاجون إلينا ، وإن عندنا كتابا إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام ، صحيفة فيها كل حلال وحرام ، وإنكم لتأتونا بالامر فنعرف إذا أخذتم به ونعرف إذا تركتموه )).
7- عن فضيل بن يسار وبريد بن معاوية وزرارة :
(( أن عبد الملك بن أعين قال لأبي عبد الله عليه السلام : إن الزيدية والمعتزلة قد أطافوا بمحمد بن عبدالله فهل له سلطان ؟ فقال : و الله إن عندي لكتابين فيهما تسمية كل نبي وكل ملك يملك الارض ، لا والله ما محمد بن عبدالله في واحد منهما )).
8- عن فضيل [بن] سكرة قال:
(( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال : يافضيل أتدري في أي شئ كنت انظر قبيل ؟ قال : قلت : لا ، قال : كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام ليس من ملك يملك الأرض إلا وهو مكتوب فيه بأسمه وأسم ابيه وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا )).
سبع وثلاثون : باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها :
1- عن الحسن العباس بن الحريش عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال:
(( قال أبوعبدالله عليه السلام : بينا أبي عليه السلام يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر قد قيض له فقطع عليه أسبوعه حتى أدخله إلى دار جنب الصفا ، فأرسل إلي فكنا ثلاثة فقا : مرحبا يا ابن رسول الله ثم وضع يده على رأسي وقال بارك الله فيك يا أمين الله بعد أبائه يا أبا جعفران شئت فأخبرني وأن شئت فأخبرتك وان شئت سلني وان شئت سألتك وإن شئت فاصدقني وإن شئت صدقتك ؟ قال : كل ذلك أشاء ، قال : فأياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره قال : انما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه وإن الله عزوجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف قال : هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها.
أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف ، من يعلمه ؟ قال : أما جملة العلم فعند الله جل ذكره ، وأما ما لا بد للعباد فعند الأوصياء، قال : ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجهه ، وقال : هذه أردت ولها أتيت زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء ، فكيف يعلمونه ؟ قال : كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرى ، لانه كان نبيا وهم محدثون ، وأنه كان يفد إلى الله عزوجل فيسمع الوحي وهم لا يسمعون ، فقال : صدقت يا ابن رسول الله سآتيك بمسألة صعبة .
أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر؟ كما كان يظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال فضحك أبي عليه السلام وقال : أبى الله عزوجل أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به كما قضى على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصبر على أذى قومه ، ولا يجاهدهم ، إلا بأمره ، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له : اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا ، ولكنه إنما نظر في الطاعة ، وخاف الخلاف فلذلك كف ، فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الأمة ، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء . ثم أخرج سيفا ثم قال : ها إن هذا منها ، قال : فقال : أبي إي والذي اصطفى محمدا على البشر، قال : فرد الرجل اعتجاره وقال : أنا إلياس ، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لاصحابك و ساخبرك بآية انت تعرفها إن خاصموا بها فلجوا.
قال: فقال له أبي : إن شئت أخبرتك بها ؟ قال : قد شئت ، قال : إن شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا : إن الله عزوجل يقول لرسوله صلى الله عليه وآله : " إنا أنزلناه في ليلة القدر " - إلى آخرها - فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم من العلم - شيئا لا يعلمه - في تلك الليلة أو يأتيه به جبرئيل عليه السلام في غيرها ؟ فإنهم سيقولون : لا، فقل لهم : فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون : لا، فقل لهم: فهل كان فيما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله من علم الله عز ذكره اختلاف؟ فان قالوا : لا ، فقل لهم : فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف فهل خالف رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فيقولون : نعم - فإن قالوا : لا، فقد نقضوا أول كلامهم - فقل لهم : ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم .
فإن قالوا : من الراسخون في العلم ؟ فقل : من لا يختلف في علمه ، فإن قالوا فمن هو ذاك ؟ فقل : كان رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب ذلك ، فهل بلغ أولا؟ فإن قالوا : قد بلغ فقل : فهل مات صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف ؟ فإن قالوا : لا ، فقل : إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله مؤيد ولا يستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله إلا من يحكم بحكمه وإلا من يكون مثله إلا النبوة ، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده.
فإن قالوا لك فإن علم رسول الله صلى الله عليه وآله كان من القرآن فقل : " حم والكتاب المبين ، إنا أنزلناه في ليلة مباركة [إنا كنا منذرين فيها] - إلى قوله -: إنا كنا مرسلين " فإن قالوا لك : لا يرسل الله عزوجل إلا إلى نبي فقل : هذا الأمر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلى سماء ، أو من سماء إلى أرض ؟ فإن قالو ا: من سماء إلى سماء ، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية ، فإن قالوا : من سماء إلى أرض - وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك - فقل : فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه ؟ فإن قالوا : فإن الخليفة هو حكمهم فقل : " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور - إلى قوله -: خالدون " لعمري ما في الارض ولا في السماء ولي لله عز ذكره إلا و هو مؤيد ، ومن أيد لم يخظ ، وما في الأرض عدو لله عز ذكره إلا وهو مخذول ، ومن خذل لم يصب ، كما أن الأمر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الارض ، كذلك لابد من وال ، فإن قالوا : لا نعرف هذا فقل : [لهم] قولوا ما أحببتم ، أبى الله عزوجل بعد محمد صلى الله عليه وآله أن يترك العباد ولا حجة عليهم.
قال أبوعبد الله عليه السلام : ثم وقف فقال : ههنا يا أبن رسول الله باب غامض أرأيت إن قالوا : حجة الله : القرآن ؟ قال : إذن أقول لهم : إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهى ، ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون ، وأقول : قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبةما هي في السنة والحكم الذي ليس فيه اختلاف ، وليست في القرآن، أبى الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الارض ، وليس في حكمه راد لها ومفرج عن أهلها.
فقال : ههنا تفلجون يا أبن رسول الله ، أشهد أن الله عز ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الارض أو في أنفسهم من الدين أو غير ه، فوضع القرآن دليلا قال: فقال الرجل: هل تدري يا ابن رسول الله دليل ما هو؟ قال أبو جعفر عليه السلام : نعم فيه جمل الحدود ، وتفسيرها عند الحكم فقال أبى الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو [في] ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة.
قال : فقال الرجل : أما في هذا الباب فقد فلجتهم بحجة إلا أن يفتري خصمكم على الله فيقول: ليس لله جل ذكره حجة ولكن أخبرني عن تفسير " لكيلا تأسوا على ما فاتكم "؟ مما خص به علي عليه السلام " ولا تفرحوا بما آتاكم " قال: في أبي فلان واصحابه واحدة مقدمة وواحدة مؤخرة " لا تأسوا على ما فاتكم " مما خص به علي عليه السلام " ولا تفرحوا بما آتاكم " من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال الرجل : أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه ثم قام الرجل وذهب فلم أره.
2- عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( بينا أبي جالس وعنده نفر إذا استضحك حتى اغرورقت عيناه دموعا ثم قال : هل تدرون ما أضحكني ؟ قال : فقالوا : لا ، قال زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.
فقلت له : هل رأيت الملائكة يا ابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة ، مع الأمن من الخوف والحزن ، قال فقال إن الله تبارك وتعالى يقول : " إنما المؤمنون إخوة " وقد دخل في هذا جميع الأمة ، فاستضحكت.
ثم قلت : صدقت يا ابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله جل ذكره اختلاف قال : فقال : لا، فقلت : ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت ثم ذهب وأتى رجل آخر فأطار كفه فأتى به إليك وأنت قاض ، كيف أنت صانع ؟ قال : أقول لهذا القاطع : أعطه دية كفه وأقول لهذا المقطوع : صالحه على ما شئت وابعث به إلى ذوي عدل ، قلت : جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره ، ونقضت القول الأول ، أبى الله عز ذكره أن يحدث في خلقة شيئا من الحدود [و] ليس تفسيره في الأرض ، اقطع قاطع الكف أصلا ثم أعطه دية الأصابع هكذا حكم الله ليلة تنزل فيها أمره ، إن جحدتها بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله فأدخلك الله النار كما أعمى بصرك يوم جحدتها علي بن ابي طالب قال : فلذلك عمي بصري ، قال : وما علمك بذلك فوالله إن عمي بصري إلا من صفقة جناح الملك.
قال : فاستضحكت ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله ، ثم لقيته فقلت : يا ابن عباس ما تكلمت بصدق مثل أمس ، قال لك علي بن أبي طالب عليه السلام : إن ليلة القدر في كل سنة ، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وإن لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : من هم ؟ فقال : أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون ، فقلت : لا أراها كانت إلا مع رسول الله فتبدا لك الملك الذي يحدثه فقال : كذبت يا عبد الله رأت عيناي الذي حدثك به علي - ولم تره عيناه ولكن وعا قلبه ووقر في سمعه - ثم صفقك بجناحه فعميت قال فقال ابن عباس ما اختلفنا في شئ فحكمه إلى الله ، فقلت له : فهل حكم الله في حكم من حكمه بأمرين ؟ قال : لا ، فقلت : ههنا هلكت وأهلكت.
3- وبهذا الإسناد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قال الله عزوجل في ليلة القدر " فيها يفرق كل أمر حكيم " يقول : ينزل فيها كل أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ، إنما هو شئ واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عز وجل ، ومن حكم بأمر فيه أختلاف فرأي أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة ، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عزوجل الخاص والمكنون العجيب المخزون ، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الامر، ثم قرأ : " ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم )).
4- وبهذا الإسناد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( كان علي بن الحسين صلوات الله عليه يقول : " إنا انزلناه في ليلة القدر " صدق الله عزوجل أنزل الله القرآن في ليلة القدر " وما أدراك ما ليلة القدر " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا أدري، قال الله عزوجل " ليلة القدر خير من ألف شهر " ليس فيها ليلة القدر ، قال لرسول الله صلى الله عليه وآله : وهل تدري لم هي خير من الف شهر؟ قال لا ، قال : لانها تنزل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر، وإذا أذن الله عزوجل بشئ فقد رضيه " سلام هي حتى مطلع الفجر " يقول: تسلم عليك يا محمد ملائكتي وروحي بسلامي من أول ما يهبطون إلى مطلع الفجر.
ثم قال : في بعض كتابه : " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " في " إنا أنزلناه في ليلة القدر " وقال في بعض كتابه : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " يقول في الآية الاولى : إن محمدا حين يموت ، يقول أهل الخلاف لأمر الله عزوجل : مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله فهذه فتنة أصابتهم خاصة ، وبها ارتدوا على أعقابهم ، لأنه إن قالوا : لم تذهب ، فلابد أن يكون لله عزوجل فيها أمر، وإذا أقروا بالأمر لم يكن له من صاحب بد.
5- وعن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( كان علي عليه السلام كثيرا ما يقول -: [ما] اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقرأ : " إنا انزلناه " بتخشع وبكاء فيقولان : ما أشد رقتك لهذه السورة ؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله : لما رأت عيني ووعا قلبي ، ولما يرى قلب هذا من بعدي فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى قال : فيكتب لهما في التراب " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر " قال: ثم يقول : هل بقي شئ بعد قوله عزوجل : " كل أمر " فيقولان : لا ، فيقول : هل تعلمان من المنزل إليه بذلك ؟ فيقولان : أنت يا رسول الله ، فيقول : نعم ، فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدى ؟ فيقولان : نعم ، قال : فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها ؟ فيقولان : نعم ، قال : فيقول : إلى من ؟ فيقولان : لا ندري ، فيأخذ برأسي ويقول : إن لم تدريا فادريا ، هو هذا من بعدي قال : فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من شدة ما يداخلهما من الرعب )).
6- وعن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه (تفلحوا؟) ، فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وإنها لسيدة دينكم ، وإنها لغاية علمنا ، يا معشر الشيعة خاصموا ب " حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين " فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى : " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " قيل : يا أبا جعفر نذيرها محمد صلى الله عليه وآله قال : صدقت ، فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الارض ، فقال السائل : لا ، قال أبوجعفر عليه السلام :
أرأيت بعيثه أليس نذيره ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله في بعثته من الله عزوجل نذير، فقال : بلى ، قال : فكذلك لم يمت محمد إلا وله بعيث نذير قال : فإن قلت لا فقد ضيع رسول الله صلى الله عليه وآله من في أصلاب الرجال من أمته ، قال : وما يكفيهم القرآن ؟ قال : بلي إن وجدوا فله مفسرا قال : وما فسره رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : بلى قد فسره لرجل واحد ، وفسر للأمة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام .
قال السائل : يا أبا جعفر كان هذا أمر خاص لا يحتمله العامة ؟ قال : أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه ، كما أنه كان رسول الله مع خديجة مستترا حتى امر بالاعلان ، قال السائل : ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم ؟ قال : أو ما كتم علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ظهر أمره ؟ قال : بلى ، قال : فكذلك أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله )).
7- وعن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون ، ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الأمور إلى مثلها من السنة المقبلة ، من جحد ذلك فقد رد على الله عزوجل علمه ، لأنه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدثون إلا أن تكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة ، مع الحجة التي يأتيهم بها جبرئيل عليه السلام ، قلت : والمحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة عليهم السلام ؟ قال : أما الأنبياء والرسل صلى الله عليهم فلا شك ، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدنيا أن تكون على أهل الأرض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحب من عباده .
وأيم الله لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على آدم ، وأيم الله ما مات آدم إلا وله وصي ، وكل من بعد آدم من الانبياء قد أتاه الامر فيها ، ووضع لوصيه من بعده ، وأيم الله إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه ، من الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله أن أوصى إلى فلان ، ولقد قال الله عزوجل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم - إلى قوله - فاولئك هم الفاسقون " يقول : أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه " يعبدونني لا يشركون بي شيئا " يقول : يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك " فاولئك هم الفاسقون " فقد مكن ولاة الأمر بعد محمد بالعلم و نحن هم ، فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين أما علمنا فظاهر، وأما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف ، فإن له أجلا من ممر الليالي والايام ، إذا أتى ظهر، وكان الامر واحدا.
وأيم الله لقد قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف ، ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد صلى الله عليه وآله علينا ، ولنشهد على شيعتنا ، ولتشهد شيعتنا على الناس ، أبى الله عزوجل أن يكون في حكمه اختلاف ، أو بين أهل علمه تناقض .
ثم قال أبوجعفر عليه السلام فضل إيمان المؤمن بحمله " إنا أنزلنا " وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها ، كفضل الإنسان على البهائم ، وإن الله عزوجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا - لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم - ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين ولا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار)).
8- قال: وقال رجل لأبي جعفر عليه السلام:
(( يا ابن رسول الله لا تغضب علي قال : لماذا ؟ قال : لما اريد أن أسألك عنه ، قال : قل ، قال : ولا تغضب ؟ قال : ولا أغضب قال : أرأيت قولك في ليلة القدر، وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء ، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله قد علمه ؟ أو ياتونهم بأمر كان رسول الله صلى الله عليه وآله علمه؟ وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مات وليس من علمه شئ إلا وعلي عليه السلام له واع ، قال أبوجعفر عليه السلام : مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي ؟ قال : أدخلني عليك القضاء لطلب الدين ، قال : فافهم ما أقول لك.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون ، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان علي بن أبي طالب عليه السلام قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال السائل : أوما كان في الجمل تفسير؟ قال : بلى ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الأوصياء : افعل كذا وكذا ، لأمر قد كانوا علموه ، أمروا كيف يعملون فيه ؟ قلت : فسر لي هذا قال لم يمت رسول الله صلى الله عليه وآله إلا حافظا لجملة وتفسيره ، قلت فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال : الأمر واليسر فيما كان قد علم ، قال السائل : فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا ؟ قال : هذا مما امروا بكتمانه ، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عزوجل.
قال السائل : فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الانبياء ؟ قال : لا وكيف يعلم وصي غير علم ما اوصي إليه ، قال السائل : فهل يسعنا أن نقول : إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال : لا لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد ، قال السائل ، و ما كانوا علموا ذلك الحكم ؟ قال : بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة ، قال السائل : يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : من أنكره فليس منا.
قال السائل : يا أبا جعفر أرأيت النبي صلى الله عليه وآله هل كان يأتيه في ليالي القدر شئ لم يكن علمه ؟ قال : لا يحل لك أن تسأل عن هذا ، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه ، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عزوجل أبى أن يطلع الاوصياء عليه إلا أنفسهم ، قال السائل : يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة ؟ قال : إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة فاذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سالت عنه )).
9- وقال : قال أبوجعفر عليه السلام :
(( لما ترون من بعثه الله عزوجل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأزواجهم أكثر مما ترون خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة ، قيل : يا أبا جعفر وكيف يكون شئ أكثر من الملائكة ؟ قال : كما شاء الله عزوجل : قال السائل : يا أبا جعفر إني لو حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث لانكروه قال : كيف ينكرونه ؟ قال ، يقولون : إن الملائكة عليهم السلام أكثر من الشياطين قال : صدقت افهم عني ما أقول : إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين ، تزور أئمة الضلالة ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتى إذا أتت ليلة القدر ، فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الامر ، خلق الله - أو قال قيض الله - عزوجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالإفك والكذب حتى لعله يصبح فيقول : رأيت كذا وكذا ، فلو سأل ولي الأمر عن ذلك لقال رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيرا ويعلمه الضلالة التي هو عليها.
وأيم الله إن من صدق بليلة القدر، ليعلم أنها لنا خاصة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام حين دنا موته : هذا وليكم من بعدي ، فان أطعتموه رشدتم ، ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر ، ومن آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فانه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول ، إنها لنا ومن لم يقل فانه كاذب ، إن الله عزوجل أعظم من أن ينزل الامر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق ، فإن قال : إنه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها فليس قولهم ذلك بشئ ، وإن قالوا : إنه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شئ إلى غير شئ وإن قالوا - وسيقولون -: ليس هذا بشئ فقد ضلوا ضلالا بعيدا )).
ثمان وثلاثون : باب في أن الائمة عليهم السلام يزدادون في ليلة الجمعة :
1- عن أبي يحيى الصنعاني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال لي : يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن ، قال قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال : يؤذن لارواح الأنبياء الموتى عليهم السلام وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم ، يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها ، فتطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملؤا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير )).
2- عن المفضل قال:
(( قال لي أبوعبدالله عليه السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك : يا ابا عبد الله قال : قلت : لبيك ، قال : إن لنا في كل ليلة جمعة سرورا قلت زادك الله وما ذاك ؟ قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الائمة عليهم السلام معه ووافينا معهم ، فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لانفدنا )).
3- عن يونس أو المفضل ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال :
(( ما من ليلة جمعة إلا ولأولياء الله فيها سرور قلت : كيف ذلك ؟ جعلت فداك قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الأئمة عليهم السلام ووافيت معهم فما أرجع إلا بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفد ما عندي )).
تسع وثلاثون : باب لولا أن الأئمة عليهم السلام يزدادون لنفد ما عندهم :
1- عن صفوان بن يحيى قال :
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : كان جعفر بن محمد عليهما السلام يقول : لولا أنا نزداد لانفدنا )).
2- عن ذريح المحاربي قال :
(( قال لي أبوعبدالله عليه السلام : لو لا أنا نزداد لانفدنا )).
3- عن زرارة قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لولا أنا نزداد لأنفدنا ، قال : قلت : تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : أما إنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم على الائمة ثم انتهى الأمر إلينا )).
4- عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( ليس يخرج شئ من عند الله عزوجل حتى يبدأ برسول الله صلى الله عليه وآله ثم بأمير المؤمنين عليه السلام ثم بواحد بعد واحد ، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أولنا )).
باب أن الائمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام :
1- عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن لله تبارك وتعالى علمين : علما أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله ، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه ، وعلما استأثر به فإذا بدا لله في شئ منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا من قبلنا )).
2- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن لله عزوجل علمين : علما عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه ، وعلما نبذه إلى ملائكته ورسله ، فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا )).
3- عن ضريس ، قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن لله عزوجل علمين : علم مبذول ، وعلم مكفوف فأما المبذول فانه ليس من شئ تعلمه الملائكة والرسل إلا نحن نعلمه ، وأما المكفوف فهو الذي عند الله عزوجل في أم الكتاب إذا خرج نفذ )).
4- عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن لله عزوجل علمين : علم لا يعلمه إلا هو وعلم علمه ملائكته ورسله ، فما علمه ملائكته ورسله عليهم السلام فنحن نعلمه )).
أربعون : باب نادر فيه ذكر الغيب :
1- عن معمر بن خلاد قال:
(( سأل أبا الحسن عليه السلام رجل من أهل فارس فقال له : أتعلمون الغيب ؟ فقال : قال أبو جعفر عليه السلام : يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم ، وقال : سر الله عزوجل أسره إلى جبرئيل عليه السلام وأسره جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله ، وأسرة محمد إلى من شاء الله )).
2- عن سدير الصيرفي قال:
(( سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليه السلام : عن قول الله عزوجل: " بديع السماوات والارض " قال أبوجعفر عليه السلام : إن الله عز وجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون ، أما تسمع لقوله تعالى : " وكان عرشه على الماء ".
فقال له حمران : " أرأيت قوله جل ذكره : " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا " فقال أبوجعفر عليه السلام : " إلا من ارتضى من رسول " وكان والله محمد ممن ارتضاه ، وأما قوله " عالم الغيب " فإن الله عزوجل عالم بما غاب عن خلقه فيما قدر من شئ، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه ، وقبل أن يفضيه إلى الملائكة ، فذلك يا حمران ، علم موقوف عنده ، إليه فيه المشيئة ، فيقضيه إذا أراد ، ويبدو له فيه فلا يمضيه ، فأما العلم الذي يقدره الله عزوجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إلينا )).
3- عن سدير قال :
(( كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجبا لاقوام يزعمون أنا نعلم الغيب ، ما يعلم الغيب إلا الله عزوجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة ، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي قال سدير: فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وابوبصير وميسر وقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال : فقال : يا سدير : ألم تقرء القرآن ؟ قلت : بلى ، قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل : " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال : قلت : جعلت فداك قد قرأته ، قال : فهل عرفت الرجل؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب ؟ قال : قلت : أخبرنى به ؟ قال : قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب ؟ ! قال : قلت جعلت : فداك ما أقل هذا فقال : يا سدير : ما أكثر هذا ، أن ينسبه لله عزوجل إلى العلم الذي اخبرك به يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل أيضا : " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال : قلت : قد قرأته جعلت فداك قال : أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه ؟ قلت : لا، بل من عنده علم الكتاب كله ، قال : فأومأ بيده إلى صدره وقال : علم الكتاب والله كله عندنا ، علم الكتاب والله كله عندنا )).
4- عن عمار الساباطي قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الإمام ؟ يعلم الغيب ؟ فقال : لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشئ أعلمه الله ذلك )).
واحد وأربعون : باب أن الائمة عليهم السلام إذا شاؤوا أن يعلموا علموا :
1- عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم )).
2- عن أبي الربيع ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الإمام إذا شاء أن يعلم أعلم )).
3- عن أبي عبيدة المدائني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك )).
باب أن الائمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون ، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم :
1- عن أبي بصير قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير، فليس ذلك بحجة لله على خلقه )).
2- عن الحسن بن محمد بن بشار قال :
(( حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ببغداد ممن كان ينقل عنه ، قال : قال لي : قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل هذا البيت ، فما رأيت مثله قط في فضله ونسكه فقلت له : من ؟ وكيف رأيته ، قال : جمعنا أيام السندي بن شاهك ثمانين رجلا من الوجوه المنسوبين إلى الخير، فأدخلنا على موسى بن جعفر عليهما السلام فقال لنا السندي : يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث ؟ فإن الناس يزعمون أنه قد فعل به ويكثرون في ذلك وهذا منزله وفراشه موسع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءا وإنما ينتظر به أن يقدم فيناظر أمير المؤمنين وهذا هو صحيح موسع عليه في جميع أموره ، فسلوه ، قال : ونحن ليس لنا هم إلا النظر إلى الرجل والى فضله وسمته فقال موسى بن جعفر عليهما السلام: أما ما ذكر من التوسعة وما أشبهها فهو على ما ذكر غير أني أخبركم أيها النفر أني قد سقيت السم في سبع تمرات وأنا غدا أخضر وبعد غد أموت قال : فنظرت إلى السندي بن شاهك يضطرب ويرتعد مثل السعفة )).
3- عن عبد الله ابن أبي جعفر قال حدثني أخي ، عن جعفر ، عن أبيه :
(( أنه أتى علي بن الحسين عليهما السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال : يا أبت أشرب هذا فقال : يا بني إن هذه الليلة التي اقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وآله )).
4- عن الحسن بن الجهم قال:
(( قلت للرضا عليه السلام : إن أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها والموضع الذي قتل فيه وقوله لما سمع صياح الاوز في الدار: صوائح تتبعها نوائح ، وقول أم كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس ، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه السلام أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف ، كان هذا مما لم يجز تعرضه ، فقال : ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة ، لتمضي مقادير الله عزوجل )).
5- عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال:
(( إن الله عزوجل غضب على الشيعة فخيرني نفسي أو هم ، فوقيتهم والله بنفسي )).
6- عن مسافر :
(( أن أبا الحسن الرضا عليه السلام قال له : يا مسافر هذا القناة فيها حيتان ؟ قال : نعم جعلت فداك ، فقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله البارحة وهو يقول : يا علي ما عندنا خير لك )).
7- عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره ، فقلت : يا أباه والله ما رأيتك منذ اشتكيت أحسن منك اليوم ، ما رأيت عليك أثر الموت ، فقال : يا بني أما سمعت علي بن الحسين عليهما السلام ينادي من وراء الدار يا محمد تعال ، عجل ؟ )).
8- عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام حتى كان [ما] بين السماء والأرض ثم خير: النصر، أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله تعالى )).
اثنان وأربعون : باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم :
1- عن سيف التمار قال :
(( كنا مع أبي عبد الله عليه السلام جماعة من الشيعة في الحجر فقال : علينا عين ؟ فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا فقلنا : ليس علينا عين فقال : ورب الكعبة ورب البنية - ثلاث مرات - لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما ولانبئتهما بما ليس في أيديهما ، لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة )).
2- وعدة من أصحابنا منهم عبد الأعلى وأبوعبيدة وعبد الله ابن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبدالله عليه السلام يقول :
(( إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون ، قال : ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال : علمت ذلك من كتاب الله عزوجل ، إن الله عزوجل يقول فيه تبيان كل شئ )).
3- عن جماعة بن سعد الخثعمي أنه قال :
(( كان المفضل عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له المفضل : جعلت فداك يفرض الله طاعة عبد على العباد ويحجب عنه خبر السماء ؟ قال : لا ، الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد على العباد ثم يحجب عنه خبر السماء صباحا ومساء )).
4- عن ضريس الكناسي قال :
سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول - وعنده اناس من أصحابه -: عجبت من قوم يتولونا ويجعلونا أئمة ويصفون أن طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم ، فينقصونا حقنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لامرنا ، أترون أن الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم ؟ ! فقال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره ، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : ياحمران إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الإختيار ثم أجراه فبتقدم علم إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله قام علي والحسن والحسين عليهم السلام ، وبعلم صمت من صمت منا ، ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل بهم ما نزل من أمر الله عزوجل وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله عزوجل أن يدفع عنهم ذلك وألحوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت وذهاب ملكهم إذا لأجابهم ودفع ذلك عنهم ، ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد ، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله ، أراد أن يبلغوها ، فلا تذهبن بك المذاهب فيهم )).
5- عن هشام بن الحكم قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام فأقبلت أقول: يقولون كذا وكذا قال : قل كذا وكذا ، قلت : جعلت فداك هذا الحلال وهذا الحرام ، أعلم أنك صاحبه وأنك أعلم الناس به وهذا هو الكلام ، فقال لي : ويحك يا هشام [لا] يحتج الله تبارك وتعالى على خلقه بحجة لا يكون عنده كل ما يحتاجون إليه )).
6- عن أبي حمزة قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لا والله لا يكون عالم جاهلا أبدا ، عالما بشئ جاهلا بشئ ، ثم قال : الله أجل وأعز وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه ، ثم قال : لا يحجب ذلك عنه )).
ثلاث وأربعون : باب أن الله عزوجل لم يعلم نبيه علما إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه كان شريكه في العلم :
1- عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( إن جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله إحداهما وكسر الأخرى بنصفين فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان ؟ قال : لا ، قال : أما الاولى فالنبوة ، ليس لك فيها نصيب وأما الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه ، فقلت : أصلحك الله كيف كان ؟ يكون شريكه فيه ؟ قال : لم يعلم الله محمدا صلى الله عليه وآله علما إلا وأمره أن يعلمه عليا عليه السلام )).
2- عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة فأعطاه إياهما فأكل واحدة وكسر الأخرى بنصفين فأعطى عليا عليه السلام نصفها فأكلها ، فقال يا علي أما الرمانة الاولى التي أكلتها فالنبوة ليس لك فيها شئ ، وأما الأخرى فهو العلم فأنت شريكي فيه )).
3- عن محمد بن مسلم قال :
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة ، فلقيه علي عليه السلام فقال : ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك ؟ فقال: أما هذه فالنبوة ، ليس لك فيها نصيب ، وأما هذه فالعلم ، ثم فلقها رسول الله صلى الله عليه وآله بنصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله نصفها ثم قال : أنت شريكي فيه وأنا شريكك فيه ، قال : فلم يعلم والله رسول الله صلى الله عليه وآله حرفا مما علمه الله عزوجل إلا وقد علمه عليا ثم انتهى العلم إلينا ، ثم وضع يده على صدره )).
أربع وأربعون : باب جهات علوم الأئمة عليهم السلام :
1- عن علي السائي عن أبي الحسن الأول موسى عليه السلام قال:
(( مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض وغابر وحادث فاما الماضي فمفسر، وأما الغابر فمزبور وأما الحادث فقذف في القلوب ، ونقر في الأسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا )).
2- عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه السلام [قال] :
(( قلت: أخبرني عن علم عالمكم ؟ قال : وراثة من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن علي عليه السلام قال : قلت : إنا نتحدث أنه يقذف في قلوبكم وينكت في آذانكم قال: أو ذاك )).
3- عن المفضل بن عمر قال :
(( قلت لأبي الحسن عليه السلام : روينا ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : إن علمنا غابر ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الأسماع فقال أما الغابر فما تقدم من علمنا ، وأما المزبور فما يأتينا ، وأما النكت في القلوب فإلهام وأما النقر في الاسماع فأمر الملك)).
خمس وأربعون : باب أن الأئمة عليهم السلام لولا ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه :
1- عن عبد الواحد بن المختار قال ، قال أبوجعفر عليه السلام :
(( لو كان لألسنتكم أوكية لحدثت كل امرئ بما له وعليه.
2- عن عبد الله بن مسكان قال: سمعت أبا بصير يقول:
(( قلت لأبي عبدالله عليه السلام : من أين أصاب أصحاب علي ما أصابهم مع علمهم بمناياهم وبلاياهم ؟ قال : فأجابني - شبه المغضب -: ممن ذلك إلا منهم ؟ ! فقلت : ما يمنعك جعلت فداك ؟ قال : ذلك باب أغلق إلا أن الحسين بن علي صلوات عليهما فتح منه شيئا يسيرا ثم قال : يا أبا محمد ، إن أولئك كانت على أفواههم أوكية )).
ست وأربعون : باب التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله والى الأئمة عليهم السلام في أمر الدين :
1- عن أبي إسحاق النحوي قال:
(( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسمعته يقول : إن الله عزوجل أدب نبيه على محبته فقال : " وإنك لعلى خلق عظيم " ثم فوض إليه فقال عز وجل : " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وقال عز وجل : " من يطع الرسول فقد أطاع الله " قال : ثم قال وإن نبي الله فوض إلى علي وائتمنه فسلمتم وجحد الناس فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا وأن تصمتوا إذا صمتنا ونحن فيما بينكم وبين الله عز وجل ، ما جعل الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا )).
2- عن موسى بن أشيم قال:
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عزوجل فأخبره بها ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر [به] الأول فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطاء كله ، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي ، فسكنت نفسي ، فعلمت أن ذلك منه تقية ، قال : ثم التفت إلي فقال لي : يا ابن أشيم إن الله عزوجل فوض إلى سليمان بن داود فقال : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " وفوض إلى نبيه ، صلى الله عليه وآله فقال : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا )).
3- عن زرارة قال :
(( سمعت أبا جعفر وأبا عبدالله عليهما السلام يقولان : إن الله عزوجل فوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ، ثم تلا هذه الآية : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " )).
4- عن فضيل بن يسار قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر: إن الله عزوجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال : " إنك لعلى خلق عظيم "، ثم فوض إليه أمر الدين والأمة ليسوس عباده ، فقال عزوجل : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس ، لا يزل ولا يخطئ في شئ مما يسوس به الخلق ، فتأدب بآداب الله ثم إن الله عزوجل فرض الصلاة ركعتين ، ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن إلا في سفر وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر فأجاز الله عزوجل له ذلك فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة ، ثم سن رسول الله صلى الله عليه وآله النوافل أربعا وثلاثين ركعة مثلي الفريضة فأجاز الله عزوجل له ذلك والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان وسن رسول الله صلى الله عليه وآله صوم شعبان وثلاث أيام في كل شهر مثلي الفريضة فأجاز الله عزوجل له ذلك وحرم الله عزوجل الخمر بعينها وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله المسكر من كل شراب فأجاز الله له ذلك كله وعاف رسول الله صلى الله عليه وآله أشياء وكرهها ولم ينه عنها نهي حرام إنما نهى عنها نهي إعافة وكراهة ، ثم رخص فيها فصار الاخذ برخصه واجبا على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه وعزائمه ولم يرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وآله فيما نهاهم عنه نهي حرام ولا فيما أمر به أمر فرض لازم فكثير المسكر من الأشربة نهاهم عنه نهي حرام لم يرخص فيه لاحد ولم يرخص رسول الله صلى الله عليه وآله لأحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما إلى ما فرض الله عزوجل ، بل ألزمهم ذلك إلزاما واجبا ، لم يرخص لأحد في شئ من ذلك إلا للمسافر وليس لاحد أن يرخص [شيئا] ما لم يرخصه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فوافق أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أمر الله عزوجل ونهيه نهي الله عزوجل ووجب على العباد التسليم له كالتسليم لله تبارك وتعالى )).
5- عن زرارة :
(( أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام يقولان : إن الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم ، ثم تلا هذه الآية " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " )).
6- عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الله تبارك وتعالى أدب نبيه صلى الله عليه وآله فلما انتهى به إلى ما أراد ، قال له : " إنك لعلى خلق عظيم " ففوض إليه دينه فقال : " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وإن الله عزوجل فرض الفرائض ولم يقسم للجد شيئا وإن رسول الله صلى الله عليه وآله أطعمه السدس فأجاز الله جل ذكره له ذلك ، وذلك قول الله عزوجل : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ".
7- عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( وضع رسول الله صلى الله عليه وعلي آله دية العين ودية النفس وحرم النبيذ وكل مسكر، فقال له رجل : وضع رسول الله صلى الله عليه وآله من غير أن يكون جاء فيه شئ ؟ قال : نعم ليعلم من يطع الرسول ممن يعصيه.
8 - عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( لا والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الائمة ، قال عزوجل : " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أريك الله " وهي جارية في الأوصياء عليهم السلام )).
9- عن محمد بن الحسن الميثمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( سمعته يقول : إن الله عز وجل أدب رسوله حتى قومه على ما أراد ، ثم فوض إليه فقال عز ذكره : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " فما فوض الله إلى رسوله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا )).
10- عن زيد الشحام قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " قال : أعطى سليمان ملكا عظيما ثم جرت هذه الآية في رسول الله صلى الله عليه وآله فكان له أن يعطي ما شاء من شاء ويمنع من شاء ، وأعطاه [الله] أفضل مما أعطى سليمان لقوله : " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " )).
سبع وأربعون : باب في أن الائمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهية القول فيهم بالنبوة :
1- عن حمران بن أعين قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما موضع العلماء ؟ قال : مثل ذي القرنين وصاحب سليمان وصاحب موسى عليهم السلام )).
2- عن الحسين بن أبي العلاء قال : قال أبوعبد الله عليه السلام :
(( إنما الوقوف علينا في الحلال فأما النبوة فلا )).
3- عن أيوب بن الحر، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( إن الله عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبدا ، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبدا ، وأنزل فيه تبيان كل شئ وخلقكم وخلق السماوات والأرض ونبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون إليه )).
4- عن الحارث بن المغيرة قال : قال أبوجعفر عليه السلام :
(( إن عليا عليه السلام كان محدثا فقلت : فتقول : نبي؟ قال : فحرك بيده هكذا ، ثم قال : أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين أو ما بلغكم أنه قال : وفيكم مثله ؟ )).
5- عن بريد ابن معاوية ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال:
(( قلت له : ما منزلتكم ؟ ومن تشبهون ممن مضى ؟ قال : صاحب موسى وذو القرنين ، كانا عالمين ولم يكونا نبيين )).
6- عن سدير قال:
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن قوما يزعمون أنكم آلهة ، يتلون بذلك علينا قرآنا : " وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله " فقال : يا سدير سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري من هؤلاء براء وبرئ الله منهم ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم ، قال : قلت : وعندنا قوم يزعمون أنكم رسل يقرؤون علينا بذلك قرآنا " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم " فقال : يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء وبرئ الله منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم ، قال : قلت : فما أنتم ؟ قال نحن خزان علم الله ، نحن تراجمة أمر الله ، نحن قوم معصومون ، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجة البالغة على من دون السماء و فوق الأرض)).
7- عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
(( الأئمة بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي صلى الله عليه وآله فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله )).
ثمان وأربعون : باب أن الأئمة عليهم السلام محدثون مفهمون :
1- عن عبيد بن زرارة قال :
(( أرسل أبو جعفر عليه السلام إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة أن أوصياء محمد عليه وعليهم السلام محدثون )).
2- عن الحكم بن عتيبة قال :
(( دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام يوما فقال : يا حكم هل تدري الآية التي كان علي بن أبي طالب عليه السلام يعرف قاتله بها ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس ؟ قال الحكم : فقلت في نفسي : قد وقعت على علم من علم علي بن الحسين ، أعلم بذلك تلك الأمور العظام ، قال : فقلت : لا والله لا أعلم ، قال : ثم قلت : الآية تخبرني بها يا ابن رسول الله ؟ قال : هو والله قول الله عز ذكره: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) " وكان علي بن أبي طالب عليه السلام محدثا فقال له رجل يقال له : عبدالله بن زيد ، كان أخا علي لأمه ، سبحان الله محدثا ؟ ! كأنه ينكر ذلك ، فأقبل علينا أبوجعفر عليه السلام فقال : أما والله إن ابن امك بعد قد كان يعرف ذلك ، قال : فلما قال ذلك سكت الرجل ، فقال: هي التي هلك فيها أبوالخطاب فلم يدر ما تأويل المحدث والنبي )).
3- عن محمد بن إسماعيل قال :
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : الأئمة علماء صادقون مفهمون محدثون )).
4- عن محمد بن مسلم قال :
(( ذكر المحدث عند أبي عبدالله عليه السلام فقال : إنه يسمع الصوت ولا يرى الشخص فقلت له : جعلت فداك كيف يعلم أنه كلام الملك ؟ قال : إنه يعطي السكينة والوقار حتى يعلم أنه كلام ملك )).
5- عن حمران بن أعين قال:
(( قال أبو جعفر عليه السلام إن عليا عليه السلام كان محدثا ، فخرجت إلى أصحابي فقلت : جئتكم بعجيبة ، فقالوا : وما هي ؟ فقلت : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ، كان علي عليه السلام محدثا فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه ، فرجعت إليه فقلت : إني حدثت أصحابي بما حدثتني فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه ؟ ، فقال لي : يحدثه ملك ، قلت : تقول : إنه نبي ؟ قال: فحرك يده - هكذا -: أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين ، أو ما بلغكم أنه قال : وفيكم مثله )).
تسع وأربعون : باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة عليهم السلام :
1- عن جابر الجعفي قال:
(( قال أبوعبد الله عليه السلام : يا جابر إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف وهو قول الله عزوجل : " وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون اولئك المقربون " فالسابقون هم رسل الله عليهم السلام وخاصة الله من خلقه ، جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس فبه عرفوا الاشياء ، وأيدهم بروح الايمان فبه خافوا الله عزوجل وأيدهم بروح القوة فبه قدروا على طاعة الله ، وأيدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عزوجل وكرهوا معصيته ، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيؤون ، وجعل في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الايمان فبه خافوا الله ، وجعل فيهم روح القوة فبه قدروا على طاعة الله ، وجعل فيهم روح الشهوه فبه اشتهوا طاعة الله ، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيؤون )).
2- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( سألته عن علم العالم ، فقال لي : يا جابر إن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح: روح القدس وروح الإيمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة ، فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى ، ثم قال : يا جابر إن هذه الاربعة أرواح يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب )).
3- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سألته عن علم الإمام بما في أقطار الارض وهو في بيته مرخى عليه ستره ، فقال : يا مفضل إن الله تبارك وتعالى جعل في النبي صلى الله عليه وآله خمسة أرواح : روح الحياة فبه دب ودرج ، وروح القوة فبه نهض وجاهد ، وروح الشهوة فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال ، وروح الإيمان فبه آمن وعدل ، وروح القدس فبه حمل النبوة فاذا قبض النبي صلى الله عليه وآله انتقل روح القدس فصار إلى الإمام ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو والأربعة الأرواح تنام وتغفل وتزهو وتلهو، وروح القدس كان يرى به )).
خمسون : باب الروح التى يسدد الله بها الأئمة عليهم السلام :
1- عن أبي بصير قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى : " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان " قال : خلق من خلق الله عزوجل أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره ويسدده وهو مع الأئمة من بعده )).
2- عن أسباط بن سالم قال:
(( سأله رجل من أهل هيت - وأنا حاضر - عن قول الله عزوجل : " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا " فقال : منذ أنزل الله عزوجل ذلك الروح على محمد ، صلى الله عليه وآله ما صعد إلى السماء وإنه لفينا )).
3- عن أبي بصير قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي " قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة ، وهو من الملكوت )).
4- عن أبي بصير قال :
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : " يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي " قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، لم يكن مع أحد ممن مضى ، غير محمد صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة يسددهم ، وليس كل ما طلب وجد )).
5- عن أبي حمزة قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العلم ، أهوعلم يتعلمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرؤنه . فتعلمون منه ؟ قال : الأمر أعظم من ذلك وأوجب ، أما سمعت قول الله عزوجل : " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان " ثم قال : أي شئ يقول أصحابكم في هذه الآية ، أيقرون أنه كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الايمان ؟ فقلت : لا أدري - جعلت فداك - ما يقولون ، فقال [لي]: بلى قد كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان حتى بعث الله تعالى الروح التي ذكر في الكتاب ، فلما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم ، وهي الروح التي يعطيها الله تعالى من شاء ، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم )).
6- عن سعد الإسكاف قال :
(( أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام يسأله عن الروح ، أليس هو جبرئيل ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : جبرئيل عليه السلام من الملائكة والروح غير جبرئيل ، فكرر ذلك على الرجل فقال ل ه: لقد قلت عظيما من القول ، ما أحد يزعم أن الروح غير جبرئيل فقال له : أمير المؤمنين (ع) : إنك ضال تروي عن أهل الضلال ، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : " أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ، ينزل الملائكة بالروح " والروح غير الملائكة صلوات الله عليهم )).
واحد وخمسون : باب وقت ما يعلم الإمام جميع علم الإمام الذي كان قبله عليهم جميعا السلام :
- عن بعض أصحابنا قال:
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام متى يعرف الأخير ما عند الأول ؟ قال : في آخر دقيقة تبقى من روحه )).
2- عن عبيد بن زرارة وجماعة معه قالوا :
(( سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : يعرف الذي بعد الإمام علم من كان قبله في آخر دقيقة تبقى من روحه )).
3- عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قلت له : الإمام متى يعرف إمامته وينتهي الامر إليه ؟ قال : في آخر دقيقة من حياة الأول )).
اثنان وخمسون : باب في أن الأئمة صلوات الله عليهم في العلم والشجاعة والطاعة سواء :
1- عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( قال [الله تعالى] (الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ(1)) قال (الذين امنوا) النبي صلى الله عليه وآله وذريته الأئمة والأوصياء صلوات الله عليهم ، ألحقنا بهم ولم ننقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة )).
2- عن علي بن جعفر ، عن أبي الحسن عليه السلام قال:
(( قال لي : نحن في العلم والشجاعة سواء وفي العطايا على قدر ما نؤمر )).
3- عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( سمعته يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نحن في الأمر والفهم والحلال والحرام نجري مجرى واحد ، فأما رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام فلهما فضلهما )).
ثلاث وخمسون : باب أن الإمام عليه السلام يعرف الإمام الذي يكون من بعده وأن قول الله تعالى " ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " فيهم عليهم السلام نزلت :
1- عن بريد العجلي قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " قال : إيانا عنى ، أن يؤدي الاول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم السلاح " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم ، ثم قال للناس : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا ، فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اولي الامر منكم ، كذا نزلت وكيف يأمرهم الله عزوجل بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم ؟ ! إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم، " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " )).
2- عن أحمد بن عمر قال :
(( سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عزوجل : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال : هم الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله أن يؤدي الإمام الأمانة إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه )).
3- عن محمد بن الفضيل :
(( عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في قول الله عزوجل : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال : هم الأئمة يؤدي الإمام إلى الإمام من بعده ، ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه )).
4- عن المعلى بن خنيس قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " قال : أمر الله الإمام الأول أن يدفع إلى الإمام الذي بعده كل شئ عنده )).
5- عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( لا يموت الإمام حتى يعلم من يكون من بعده فيوصي [إليه] )).
6- عن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الإمام يعرف الإمام الذي من بعده فيوصي إليه )).
7- عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( ما مات عالم حتى يعلمه الله عز وجل إلى من يوصي )).
أربع وخمسون : باب أن الإمامة عهد من الله عزوجل معهود من واحد إلى واحد عليهم السلام :
1- عن أبي بصير قال :
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فذكروا الأوصياء وذكرت إسماعيل فقال : لا والله يا أبا محمد ما ذاك إلينا وما هو إلا إلى الله عزوجل ينزل واحدا بعد واحد )).
2- عن عمرو بن الاشعث قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد ؟ ! لا والله ولكن عهد من الله ورسوله صلى الله عليه وآله لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه )).
3- عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الإمامة عهد من الله عزوجل معهود لرجال مسمين ، ليس للإمام أن يزويها عن الذي يكون من بعده ، إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام أن اتخذ وصيا من أهلك فإنه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيا إلا وله وصي من أهله وكان لداود عليه السلام أولاد عدة وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا ، فدخل داود عليه السلام عليها حين أتاه الوحي فقال لها : إن الله عزوجل أوحى إلي يأمرني أن أتخذ وصيا من أهلي فقالت له امرأته : فليكن ابني ؟ قال : ذلك أريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده أنه سليمان ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود : أن لا تعجل دون أن يأتيك أمري فلم يلبث داود عليه السلام أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله عزوجل إلى داود أن اجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك ، فجمع داود عليه السلام ولده ، فلما أن قص الخصمان قال سليمان عليه السلام : يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك ؟ قال : دخلته ليلا ، قال : قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا ، ثم قال له داود : فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل وكان ثمن الكرم قيمة الغنم ؟ فقال سليمان : إن الكرم لم يجتث من أصله وإنما أكل حمله وهو عائد في قابل ، فأوحى الله عزوجل إلى داود : أن القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به ، يا داود أردت أمرا وأردنا أمرا غيره ، فدخل داود على امرأته فقال : أردنا أمرا وأراد الله عزوجل أمرا غيره ولم يكن إلا ما أراد الله عزوجل ، فقد رضينا بأمر يالله عزوجل وسلمنا . وكذلك الأوصياء عليهم السلام ، ليس لهم أن يتعدوا بهذا الامر فيجاوزون صاحبه إلى غيره )).
قال الكليني معنى الحديث الأول : أن الغنم لو دخلت الكرم نهار، لم يكن على صاحب الغنم شئ لان لصاحب الغنم أن يسرح غنمه بالنهار ترعى وعلى صاحب الكرم حفظه وعلى صاحب الغنم أن يربط غنمه ليلا ولصاحب الكرم أن ينام في بيته .
4- عن عمرو بن مصعب قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : أترون أن الموصي منا يوصي إلى من يريد ؟ لا والله ولكنه عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رجل فرجل حتى انتهى إلى نفسه )).
خمس وخمسون : باب أن الأئمة عليهم السلام لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله عزوجل وأمر منه لا يتجاوزونه :
1-عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الوصية نزلت من السماء على محمد كتابا ، لم ينزل على محمد صلى الله عليه وآله كتاب مختوم إلا الوصية ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا محمد هذه وصيتك في امتك عند أهل بيتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أي أهل بيتي يا جبرئيل ؟ قال : نجيب الله منهم وذريته ، ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم عليه السلام وميراثه لعلي عليه السلام و ذريتك من صلبه ، قال : وكان عليها خواتيم ، قال : ففتح علي عليه السلام الخاتم الأول ومضى لما فيها ثم فتح الحسن عليه السلام الخاتم الثاني ومضى لما أمر به فيها ، فلما توفي الحسن ومضى فتح الحسين عليه السلام الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل واخرج بأقوام للشهادة ، لا شهادة لهم إلا معك ، قال : ففعل عليه السلام ، فلما مضى دفعها إلى علي بن الحسين عليهما السلام قبل ذلك ، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت وأطرق لما حجب العلم ، فلما توفي ومضى دفعها إلى محمد بن علي عليهما السلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها أن فسر كتاب الله تعالى وصدق أباك وورث ابنك واصطنع الامة وقم بحق الله عزوجل وقل الحق في الخوف والأمن ولا تخش إلا الله، ففعل ، ثم دفعها إلى الذي يليه ، قال : قلت له : جعلت فداك فأنت هو ؟ قال : فقال : ما بي إلا أن تذهب يا معاذ فتروي علي قال : فقلت : أسأل الله الذي رزقك من آبائك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات ، قال ؟ قد فعل الله ذلك يا معاذ ، قال: فقلت : فمن هو جعلت فداك ؟ قال : هذا الراقد - وأشار بيده إلى العبد الصالح - وهو راقد )).
2- عن جده ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الله عزوجل أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله كتابا قبل وفاته ، فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النجبة من أهلك ، قال : وما النجبة يا جبرئيل ؟ فقال : علي بن أبي طالب وولده عليهم السلام ، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبي صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه ، ففك أمير المؤمنين عليه السلام خاتما وعمل بما فيه ، ثم دفعه إلى ابنه الحسن عليه السلام ففك خاتما وعمل بما فيه ، ثم دفعه إلى الحسين عليهما السلام ، ففك خاتما فوجد فيه أن اخرج بقوم إلى الشهادة ، فلا شهادة لهم إلا معك واشر نفسك لله عزوجل ، ففعل ثم دفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام ففك خاتما فوجد فيه أن أطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ، ففعل ، ثم دفعه إلى ابنه محمد بن علي عليهما السلام ، ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم ولا تخافن إلا الله عزوجل ، فإنه لا سبيل لاحد عليك [ففعل] ، ثم دفعه إلى ابنه جعفر ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آبائك الصالحين ولا تخافن إلا الله عزوجل وأنت في حرز وأمان ، ففعل ، ثم دفعه إلى ابنه موسى عليه السلام وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده ثم كذلك إلى قيام المهدي صلى الله عليه )).
3- عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر علي والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عزوجل وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام يا حمران إن الله تبارك وتعالى [قد] كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه ، ثم أجراه فبتقدم علم ذلك إليهم من رسول الله قام علي والحسن والحسين ، وبعلم صمت من صمت منا )).
4- عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال:
(( حدثني موسى بن جعفر عليهما السلام قال : قلت لابي عبد الله : أليس كان أمير المؤمنين عليه السلام كاتب الوصية ورسول الله صلى الله عليه وآله المملي عليه وجبرئيل والملائكة المقربون عليهم السلام شهود ؟ قال : فأطرق طويلا ثم قال : يا أبا الحسن قد كان ما قلت ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله الأمر، نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا ، نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة ، فقال جبرئيل : يا محمد مر بإخراج من عندك إلا وصيك ، ليقبضها منا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها - يعني عليا عليه السلام - فأمر النبي صلى الله عليه وآله بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا عليه السلام ،وفاطمة فيما بين الستر والباب ، فقال جبرئيل : يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول : هذا كتاب ما كنت عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمد شهيدا ، قال : فارتعدت مفاصل النبي صلى الله عليه وآله فقال يا جبرئيل ربي هو السلام ومنه السلام.
وإليه يعود السلام صدق عزوجل وبر، هات الكتاب ، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : أقرأه ، فقرأه حرفا حرفا ، فقال : يا علي ! هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي شرطه علي وأمانته وقد بلغت ونصحت وأديت ، فقال علي عليه السلام وأنا أشهد لك [بأبي وامي أنت] بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي ، فقال : جبرئيل عليه السلام : وأنا لكما على ذلك من الشاهدين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها ، فقال علي عليه السلام : نعم بأبي أنت وأمي علي ضمانها وعلي الله عوني وتوفيقي على أدائها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي إني أريد ان أشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة .
فقال علي عليه السلام نعم أشهد ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لاشهدهم عليك ، فقال : نعم ليشهدوا وأنا - بأبي أنت وامي - اشهدهم ، فأشهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وكان فيما اشترط عليه النبي بأمر جبرئيل عليه السلام فيما أمر الله عزوجل أن قال له : يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله والبرائة منهم على الصبر منك [و] على كظم الغيظ وعلى ذهاب حقي وغصب خمسك وانتهاك حرمتك ؟ فقال : نعم يا رسول الله فقال أمير المؤمنين عليه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت جبرئيل عليه السلام يقول للنبي : يا محمد عرفه أنه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط قال أمير المؤمنين عليه السلام : فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل حتى سقطت على وجهي وقلت : نعم قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن ومزق الكتاب وهدمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك ، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين ، فقالوا مثل قوله فختمت الوصية بخواتيم من ذهب ، لم تمسه النار ودفعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقلت لابي الحسن عليه السلام : بأبي أنت وامي ألا تذكر ما كان في الوصية ؟ فقال : سنن الله وسنن رسوله ، فقلت : أكان في الوصية توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال : نعم والله شيئا شيئا ، وحرفا حرفا ، أما سمعت قول الله عزوجل : " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين "؟ والله لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام : أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه ؟ فقالا : بلى وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا.
" وفي نسخة الصفواني زيادة : عن حريز قال :
قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ما أقل بقاء كم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة الناس إليكم ؟ ! فقال : إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته ، فإذا انقضى ما فيها مما أمر به عرف أن أجله قد حضر فأتاه النبي صلى الله عليه وآله ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله وإن الحسين عليه السلام قرأ صحيفته التي أعطيها ، وفسر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض، فخرج للقتال وكانت تلك الأمور التي بقيت أن الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتى قتل فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل عليه السلام ، فقالت الملائكة : يا رب أذنت لنا في الإنحدار وأذنت لنا في نصرته ، فانحدرنا وقد قبضته ، فأوحى الله إليهم : أن الزموا قبره حتى تروه وقد خرج فانصروه وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه ، فبكت الملائكة تعزيا وحزنا على ما فاتهم من نصرته ، فإذا خرج يكونون أنصاره ")).
ست وخمسون : باب الأمور التي توجب حجة الإمام عليه السلام :
1- عن ابن أبي نصر قال:
(( قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : إذا مات الإمام بم يعرف الذي بعده ؟ فقال للإمام علامات منها أن يكون أكبر ولد أبيه ويكون فيه الفضل والوصية ، ويقدم الركب فيقول : إلى من أوصى فلان ؟ فيقال : إلى فلان ، والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل ، تكون الإمامة مع السلاح حيثما كان )).
2- عن عبد الأعلى قال:
(( قلت لابي عبد الله عليه السلام : المتوثب على هذا الامر ، المدعي له ، ما الحجة عليه ؟ قال : يسأل عن الحلال والحرام ، قال : ثم أقبل علي فقال : ثلاثة من الحجة لم تجتمع في أحد إلا كان صاحب هذا الأمر أن يكون أولى الناس بمن كان قبله ويكون عنده السلاح ويكون صاحب الوصية الظاهرة التي إذا قدمت المدينة سألت عنها العامة والصبيان : إلى من أوصى فلان ؟ فيقولون : إلى فلان بن فلان )).
3- عن هشام بن سالم وحفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه وآله قال :
(( قيل له ، بأي شئ يُعرف الإمام ؟ قال : بالوصية الظاهرة وبالفضل ، إن الإمام لا يستطيع أحد أن يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج ، فيقال : كذاب ويأكل أموال الناس ، وما أشبه هذا )).
4- عن معاوية بن وهب قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما علامة الإمام الذي بعد الإمام ؟ فقال : طهارة الولادة وحسن المنشأ ، ولا يلهو ولا يعلب )).
5- عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:
(( سألته عن الدلالة على صاحب هذا الامر، فقال : الدلالة عليه : الكبر والفضل والوصية ، إذا قدم الركب المدينة فقالوا ، إلى من أوصى فلان ؟ قيل : فلان بن فلان، ودوروا مع السلاح حيثما دار، فأما المسائل فليس فيها حجة )).
6- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام [قال]:
(( إن الأمر في الكبير ما لم تكن فيه عاهة )).
7- عن أبي بصير قال :
(( قلت لأبي الحسن عليه السلام : جعلت فداك بم يعرف الإمام ؟ قال : فقال : بخصال : أما أولها فإنه بشئ قد تقدم من أبيه فيه بإشارة إليه لتكون عليهم حجة ويسأل فيجيب وإن سكت عنه ابتدأ ويخبر بما في غد ويكلم الناس بكل لسان ، ثم قال لي : يا أبا محمد أعطيك علامة قبل أن تقوم فلم ألبث أن دخل علينا رجل من أهل خراسان ، فكلمه الخراساني بالعربية فأجابه أبوالحسن عليه السلام بالفارسية فقال له الخراساني : والله جعلت فداك ما منعني أن أكلمك بالخراسانية غير أني ظننت أنك لا تحسنها ، فقال: سبحان الله إذا كنت لا أحسن أجيبك فما فضلي عليك قال لي : يا أبا محمد إن الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شئ فيه الروح ، فمن لم يكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام )).
سبع وخمسون : باب ثبات الإمامة في الأعقاب وانها لا تعود في أخ ولا عم ولا غيرهما من القرابات :
1- عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة ، عن أبى عبد الله عليه السلام قال:
(( لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبدا ، إنما جرت من علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فلا تكون بعد علي بن الحسين عليه السلام إلا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب )).
2- عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام :
(( أنه سمعه يقول : أبى الله أن يجعلها لاخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام )).
3- عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام :
(( أنه سئل أتكون الامامة في عم أو خال ؟ فقال : لا، فقلت : ففي أخ ؟ قال : لا، قلت: ففي من ؟ قال : في ولدي ، وهو يومئذ لا ولد له )).
4- عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :
(( لا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب )).
5- عن عيسى بن عبدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قلت له : إن كان كون - ولا أراني الله - فبمن أئتم ؟ فأومأ إلى ابنه موسى ، قال : قلت : فإن حدث بموسى حدث فبمن أئتم؟ قال : بولده ، قلت فإن حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا ، فبمن أئتم ؟ قال : بولده ثم واحدا فواحدا )).
وفي نسخة الصفواني: ثم هكذا أبدا.
ثمان وخمسون : باب ما نص الله عزوجل ورسوله على الأئمة عليهم السلام واحدا فواحدا :
1- عن أبي بصير قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام : فقلت له : إن الناس يقولون : فما له لم يسم عليا وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عز و جل ؟ قال : فقال : قولوا لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم ، ونزل الحج فلم يقل لهم : طوفوا اسبوعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " - ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : في علي : من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، وقال صلى الله عليه وآله اوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، فإني سألت الله عزوجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض ، فأعطاني ذلك وقال : لا تعلموهم فهم أعلم منكم ، وقال : إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبين من أهل بيته ، لادعاها آل فلان وآل فلان ، لكن الله عزوجل أنزله في كتابة تصديقا لنبيه صلى الله عليه وآله " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام ، فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة ، ثم قال : اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي ، فقالت أم سلمة : ألست من أهلك ؟ فقال : إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وإقامته للناس وأخذه بيده ، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحدا من ولده إذا لقال الحسن والحسين : إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك ، فلما مضى علي عليه السلام كان الحسن عليه السلام أولى بها لكبره ، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عزوجل يقول : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك وبلغ في رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين عليه السلام لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه ، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السلام فجرى تأويل هذه الآية " وأولوا الأرحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله " ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي عليه السلام )).
وقال: الرجس هو الشك ، والله لا نشك في ربنا أبدا.
2- عن عبدالرحيم بن روح القصير :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فيمن نزلت؟ فقال : نزلت في الامرة، إن هذه الآية جرت في ولد الحسين عليه السلام من بعده ، فنحن أولى بالأمر وبرسول الله صلى الله عليه وآله من المؤمنين والمهاجرين والانصار، قلت : فولد جعفر لهم فيها نصيب ؟ قال : لا ، قلت : فلولد العباس فيها نصيب ؟ فقال : لا ، فعددت عليه بطون بني عبدالمطلب ، كل ذلك يقول : لا، قال : ونسيت ولد الحسن عليه السلام ، فدخلت بعد ذلك عليه ، فقلت له : هل لولد الحسن عليه السلام فيها نصيب ؟ فقال : لا ، والله يا عبد الرحيم ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا )).
3- عن أحمد بن عيسى :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل : " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " قال : إنما يعني أولى بكم أي أحق بكم وبأموركم وأنفسكم وأموالكم ، الله ورسوله والذين آمنوا يعني عليا وأولاده الائمة عليهم السلام إلى يوم القيامة ، ثم وصفهم الله عزوجل فقال : " الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " وكان أمير المؤمنين عليه السلام في صلاة الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار ، وكان النبي صلى الله عليه وآله كساه إياها ، وكان النجاشي أهداها له ، فجاء سائل فقال : السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم ، تصدق على مسكين ، فطرح الحلة إليه وأومأ بيده إليه أن احملها : فأنزل الله عزوجل فيه هذه الآية وصير نعمة أولاده بنعمته فكل من بلغ من أولاده مبلغ الامامة ، يكون بهذه النعمة مثله فيتصدقون وهم راكعون والسائل الذي سأل أمير المؤمنين عليه السلام من الملائكة ، والذين يسألون الائمة من أولاده يكونون من الملائكة )).
4- عن زرارة والفضيل بن يسار ، وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( أمر الله عزوجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة " وفرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي ، فأمر الله محمدا صلى الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية ، كما فسر لهم الصلاة ، والزكاة والصوم والحج ، فلما أتاه ذلك من الله ، ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه فضاق صدره وراجع ربه عزوجل فأوحى الله عزوجل إليه " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " فصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم ، فنادى الصلاة جامعة وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب )).
- قال عمر بن أذنية : قالوا جميعا غير أبي الجارود - وقال أبو جعفر عليه السلام : وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض ، فأنزل الله عزوجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " قال أبوجعفر عليه السلام : يقول الله عزوجل : لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة ، قد أكملت لكم الفرائض .
5- عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( كنت عنده جالسا ، فقال له رجل : حدثني عن ولاية علي ، أمن الله أو من رسوله ؟ فغضب ثم قال : ويحك كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخوف من أن يقول ما لم يأمره به الله ، بل افترضه كما افترض الله الصلاة والزكاة والصوم والحج )).
6- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
(( فرض الله عزوجل على العباد خمسا ، أخذوا أربعا وتركوا واحدا ، قلت : أتسميهن لي جعلت فداك ؟ فقال : الصلاة وكان الناس لا يدرون كيف يصلون ، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد أخبرهم بمواقيت صلاتهم ، ثم نزلت الزكاة فقال : يا محمد أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم ، ثم نزل الصوم فكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم عاشورا بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال ، ثم نزل الحج فنزل جبرئيل عليه السلام فقال : أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم .
ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة ، أنزل الله عزوجل " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب عليه السلام فقال عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله : امتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ، ويقول قائل - فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني - فأتتني عزيمة من الله عزوجل بتلة أوعدني إن لم ابلغ أن يعذبني ، فنزلت " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين " فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام فقال : أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله ، ثم دعاه فأجابه ، فأوشك أن ادعى فاجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فما ذا أنتم قائلون ؟ فقالوا : نشهد أنك قد بلغت ونصحت ، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين ، فقال : اللهم اشهد - ثلاث مرات - ثم قال : يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب .
قال أبوجعفر عليه السلام : كان والله [علي عليه السلام] أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله حضره الذي حضر، فدعا عليا فقال : يا علي إني اريد أن أئتمنك على ما ائتمنني الله عليه من غيبه وعلمه ومن خلقه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه فلم يشرك والله فيها يا زياد أحدا من الخلق ثم إن عليا عليه السلام حضره الذي حضره فدعا ولده وكانوا اثنا عشر ذكرا فقال لهم : يا بني إن الله عزوجل قد أبى إلا أن يجعل في سنة من يعقوب وإن يعقوب دعا ولده وكانوا اثنا عشر ذكرا ، فأخبرهم بصاحبهم ، ألا وإني أخبركم بصاحبكم ، إلا إن هذين ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين عليهما السلام فاسمعوا لهما وأطيعوا ، ووازروهما فإني قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله مما ائتمنه الله عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه ، فأوجب الله لهما من علي عليه السلام ما أوجب لعلي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن لاحد منهما فضل على صاحبه إلا بكبره، وإن الحسين كان إذ حضر الحسن لم ينطق في ذلك المجلس حتى يقوم ، ثم إن الحسن عليه السلام حضره الذي حضره فسلم ذلك إلى الحسين عليه السلام ، ثم إن حسينا حضره الذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة - بنت الحسين عليه السلام - فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة و كان علي بن الحسين عليه السلام مبطونا لا يرون إلا أنه لما به ، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا )).
7- عن أبي بصير قال :
(( قلت لأبي جعفر عليه السلام : إن رجلا من المختارية لقيني فزعم أن محمد بن الحنفية إمام ، فغضب أبوجعفر عليه السلام ، ثم قال : أفلا قلت له ؟ قال قلت : لا والله ما دريت ما أقول ، قال : أفلا قلت له : إن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى إلى علي والحسن والحسين فلما مضى علي عليه السلام أوصى إلى الحسن والحسين ولو ذهب يزويها عنهما لقالا له : نحن وصيان مثلك ولم يكن ليفعل ذلك، وأوصى الحسن إلى الحسين ولو ذهب يزويها عنه لقال : أنا وصي مثلك من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن أبي ولم يكن ليفعل ذلك ، قال الله عزوجل : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " هي فينا وفي أبنائنا )).
تسع وخمسون : باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين عليه السلام :
1- عن زيد بن الجهم الهلالي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول : لما نزلت ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وكان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله : سلموا على علي بإمرة المؤمنين ، فكان مما أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد قول رسول صلى الله عيله وآله لهما : قوما فسلما عليه بإمرة المؤمنين فقالا أمن الله أو من رسوله يا رسول الله ؟ فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله : من الله ومن رسوله ، فأنزل الله عزوجل " ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون " يعني به قول رسول الله صلى الله عليه وآله لهما وقولهما أمن الله أو من رسوله " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون " أئمة هي أزكى من أئمتكم ، قال : قلت : جعلت فداك أئمة ؟ قال : إي والله أئمة قلت : فانا نقرء أربى ، فقال : ما أربى ؟ وأومأ بيده فطرحها - " إنما يبلوكم الله به (يعني بعلي عليه السلام) وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون * لو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن يوم القيامة عما كنتم تعملون * ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها (يعني بعد مقالة رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام) وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله (يعني به عليا عليه السلام) ولكم عذاب عظيم " )).
2- عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( سمعته يقول : لما أن قضى محمد نبوته ، واستكمل أيامه ، أوحى الله تعالى إليه أن يا محمد قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالب ، فإني لن أقطع العلم والايمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من ذريات الأنبياء )).
3- عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( أوصى موسى عليه السلام إلى يوشع ابن نون ، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون ، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى ، إن الله تعالى له الخيرة ، يختار من يشاء ممن يشاء ، وبشر موسى ويوشع بالمسيح عليهم السلام فلما أن بعث الله عز وجل المسيح عليه السلام قال المسيح لهم : إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل عليه السلام يجيئ بتصديقي وتصديقكم ، وعذري وعذركم وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين ، وإنما سماهم الله تعالى المستحفظين لانهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شئ، الذي كان مع الأنبياء صلوات الله عليهم يقول الله تعالى .
" ولقد أرسلنا رسلا قبلك وأنزلنا معهم الكتاب والميزان " الكتاب الاسم الاكبر وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم عليهم السلام فأخبر الله عزوجل : " إن هذا لفي الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى " فأين صحف إبراهيم ، إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى الاسم الأكبر فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد صلى الله عليه وآله.
فلما بعث الله عزوجل محمدا صلى الله عليه وآله أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل ودعا إلى الله عزوجل وجاهد في سبيله ، ثم أنزل الله جل ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال : رب إن العرب قوم جفاة ، لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ولا يعرفون فضل نبوات الانبياء عليهم السلام ولا شرفهم ، ولا يؤمنون بي إن أنا اخبرتهم بفضل أهل بيتي ، فقال الله جل ذكره : " ولا تحزن عليهم " " وقل سلام فسوف يعلمون " فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم ، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك وما يقولون ، فقال الله جل ذكره : يا محمد ! " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " ولكنهم يجحدون بغير حجة لهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض ، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة ، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ، ونعيت إليه نفسه ، فقال الله جل ذكره : " فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب " يقول : إذا فرغت فانصب علمك ، وأعلن وصيك فأعلمهم فضله علانية ، فقال صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وآل من والاه، وعاد من عاداه - ثلاث مرات - ثم قال : لابعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، ليس بفرار يعرض بمن رجع ، يجبن أصحابه ويجبنونه ، و قال : صلى الله عليه وآله : علي سيد المؤمنين وقال : علي عمود الدين ، وقال : هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي وقال : الحق مع علي أينما مال ، وقال : إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا : كتاب الله عز وجول أهل بيتي عترتي ، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت ، إنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين والثقلان : كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم .
فوقعت الحجة بقول النبي صلى الله عليه وآله وبالكتاب الذي يقرأه الناس فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم القرآن : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " وقال عز ذكره: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " ثم قال : " وآت ذا القربى حقه " فكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية التي جعلت له ، والاسم الاكبر، ميراث العلم ، وآثار علم النبوة فقال : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ثم قال : وإذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت " يقول أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها ، مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم وقال جل ذكره : " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال : الكتاب [هو] الذكر، وأهله آل محمد عليهم السلام أمر الله عزوجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال وسمى الله عزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى : " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون " وقال عزوجل : "؟ وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " وقال عزوجل : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " وقال عزوجل : " ولو ردوه (إلى الله و) إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " فرد الأمر - أمر الناس - إلى أولي الأمر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم.
فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين " فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم شوكهن ، ثم قال صلى الله عليه وآله : [يا] أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم ؟ فقالوا : الله ورسوله ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وآل من والاه ، وعاد من عاداه - ثلاث مرات - فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا : ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد قط وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه.
فلما قدم المدينة أتته الانصار فقالوا : يا رسول الله إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا ، فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا وقد يأتيك وفود، فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم ، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ولم يقبل أموالهم ، فقال المنافقون : ما أنزل الله هذا على محمد وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته يقول أمس : من كنت مولاه فعلي مولاه واليوم : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ثم نزل عليه آية الخمس فقالوا : يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا ، ثم أتاه جبرئيل فقال : يا محمد إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل الاسم الأكبر، وميراث العلم وأثار علم النبوة عند علي عليه السلام فإني لم أترك الارض إلا ولي فيها علم تعرف به طاعتي ، وتعرف به ولايتي ، ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر ، قال : فأوصى إليه بالاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة ، وأوصى إليه بألف كلمة وألف باب ، يفتح كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب )).
4- عن بشير الدهان ، عن أبي عبد الله عليه السلام :
(( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي توفي فيه : ادعوا لي خليلي ، فأرسلنا إلى أبويهما فلما نظر إليهما رسول الله صلى الله عليه وآله أعرض عنهما ، ثم قال : ادعوا لي خليلي ، فأرسل إلى علي فلما نظر إليه أكب عليه يحدثه ، فلما خرج لقياه فقالا له : ما حدثك خليلك ؟ فقال : حدثني ألف باب يفتح كل باب ألف باب )).
5- عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال : علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا صلى الله عليه وآله ألف حرف كل حرف يفتح ألف حرف )).
6- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( كان في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة صغيرة ، فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : أي شئ كان في تلك الصحيفة ؟ قال : هي الأحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف . قال : أبوبصير : قال أبوعبد الله عليه السلام فما خرج منها حرفان حتى الساعة )).
7- عن فضيل [بن] سكرة قال :
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك ، هل للماء الذي يغسل به الميت حد محدود ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : إذا مت فاستق ست قرب من ماء بئر غرس فغسلني وكفني وحنطني ، فإذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني ثم سلني عما شئت ، فوالله لا تسألني عن شئ إلا أجبتك فيه )).
8- عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله الموت دخل عليه علي عليه السلام فأدخل رأسه ثم قال : يا علي إذا أنا مت فغسلني وكفني ثم أقعدني وسلني واكتب.
9- عن يونس بن رباط قال:
(( دخلت أنا وكامل التمار على أبي عبد الله عليه السلام فقال له كامل : جعلت فداك حديث رواه فلان ؟ فقال : اذكره، فقال : حدثني أن النبي صلى الله عليه وآله حدث عليا عليه السلام بألف باب يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وآله ، كل باب يفتح ألف باب ، فذلك ألف ألف باب ، فقال : لقد كان ذلك ، قلت : جعلت فداك فظهر ذلك لشيعتكم ومواليكم ؟ فقال : يا كامل باب أو بابان فقلت [له] جعلت فداك فما يروى من فضلكم من ألف ألف باب إلا باب أو بابان ؟ قال : وما عسيتم أن ترووا من فضلنا ، ما تروون من فضلنا إلا ألفا غير معطوفة )).
ستون : باب الإشارة والنص على الحسن بن علي عليهما السلام :
1- عن سليم بن قيس قال:
(( شهدت وصية أمير المؤمنين عليه السلام حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن عليه السلام : يا بني أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله صلى الله عليه وآله ودفع إلى كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين عليه السلام ، ثم اقبل على ابنه الحسين عليه السلام فقال ، وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى ابنك هذا ، ثم أخذ بيد علي بن الحسين عليه السلام ثم قال لعلي بن الحسين : وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومني السلام )).
2- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما حضره الذي حضره قال لابنه الحسن : ادن مني حتى أسر إليك ما أسر رسول اله صلى الله عليه وآله إلي ، وأئتمنك على ما ائتمنني عليه ، ففعل )).
3- قالوا : حدثنا شهر بن حوشب :
(( أن عليا عليه السلام حين سار إلى الكوفة استودع أم سلمة كتبه والوصية ، فلما رجع الحسن عليه السلام دفعتها إليه )).
" وفي نسخة الصفواني: 4 - أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف ، عن أبي بكر ، عن أبي عبد الله عليه السلام أن عليا صلوات الله عليه وآله حين سار إلى الكوفة ، استودع أم سلمة كتبه والوصية فلما رجع الحسن دفعتها إليه ".
5- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( أوصى أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ، ثم دفع اليه الكتاب والسلاح ، ثم قال لابنه الحسن : يا بني أمرني رسول الله أن اوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله ودفع إلي كتبه وسلاحه ، وأمرني أن آمرك إذا حضرت الموت أن تدفع إلى أخيك الحسين ، ثم أقبل على ابنه الحسين وقال : أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعه إلى ابنك هذا ، ثم أخذ بيد ابن ابنه علي بن الحسين ، ثم قال لعلي بن الحسين : يا بني وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعه إلى ابنك محمد بن علي وأقرئه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومني السلام ، ثم أقبل على ابنه الحسن ، فقال : يا بني أنت ولي الامر وولي الدم ، فإن عفوت فلك وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم )).
6- عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري رفعه قال :
(( لما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام حف به العواد وقيل له : يا أمير المؤمنين أوص فقال : اثنوا لي وسادة ثم قال : الحمد لله حق قدره متبعين أمره وأحمده كما أحب ، ولا إله إلا الله الواحد الأحد الصمد كما انتسب ، أيها الناس كل امرء لاق في فراره ما منه يفر، والأجل مساق النفس إليه ، والهرب منه موافاته ، كم اطردت الايام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله عز ذكره إلا إخفاءه ، هيهات علم مكنون ، أما وصيتي فأن لا تشركوا بالله جل ثناؤه شيئا ومحمدا صلى الله عليه وآله فلا تضيعوا سنته ، أقيموا هذين العودين وأوقدوا هذين المصباحين ، وخلاكم ذم ما لم تشردوا حمل كل امرئ مجهوده ، وخفف عن الجهلة ، رب رحيم ، وإمام عليم ، ودين قويم .
أنا بالأمس صاحبكم و [أنا] اليوم عبرة لكم ، وغدا مفارقكم ، إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك المراد ، وإن تدحض القدم ، فإنا كنا في أفياء أغصان وذرى رياح ، وتحت ظل غمامة اضمحل في الجو متلفقها ، وعفا في الأرض محطها ، وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما وستعقبون مني جثة خلاء ، ساكنة بعد حركة ، وكاظمة بعد نطق ، ليعظكم هدوي وخفوف إطراقي ، وسكون أطرافي ، فإنه أوعظ لكم من الناطق البليغ ، ودعتكم وداع مرصد للتلاقي ، غدا ترون أيامي ، ويكشف الله عزوجل عن سرائري ، وتعرفوني بعد خلو مكاني ، وقيام غيري مقامي ، إن أبق فأنا ولي دمي ، وإن أفن فالفناء ميعادي [وإن أعف] فالعفو لي قربة ، ولكم حسنة ، فاعفوا واصفحوا ، ألا تحبون أن يعفو الله لكم ، فيالها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو تؤديه أيامه إلى شقوة ، جعلنا الله وإياكم ممن لا يقصر به عن طاعة الله رغبة ، أو تحل به بعد الموت نقمة ، فإنما نحن له وبه ، ثم أقبل على الحسن عليه السلام فقال : يا بني ضربة مكان ضربة ولا تأثم )).
7- عن علي بن إبراهيم العقيلي يرفعه قال :
(( لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين عليه السلام قال للحسن: يا بني إذا أنا مت فاقتل ابن ملجم واحفر له في الكناسة (ووصف العقيلي الموضع على باب طاق المحامل موضع الشواء والرواس) ثم ارم به فيه، فإنه واد من أودية جهنم )).
واحد وستون : باب الإشارة والنص على الحسين بن علي عليهما السلام :
1- عن محمد ابن مسلم قال :
(( سمعت أبا جفعر عليه السلام يقول : لما حضر الحسن بن علي عليهما السلام الوفاة قال للحسين عليه السلام : يا أخي إني أوصيك بوصية فاحفظها ، إذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لاحدث به عهدا ثم اصرفني إلى أمي عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع ، واعلم أنه سيصيبني من عائشة ما يعلم الله والناس صنيعها وعداوتها لله ولرسوله وعداوتها لنا أهل البيت ، فلما قبض الحسن عليه السلام [و] وضع على السرير ثم انطلقوا به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلي فيه على الجنائز فصلى عليه الحسين عليه السلام وحمل وأدخل إلى المسجد فلما أوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ذهب ذو العوينين إلى عائشة فقال لها : إنهم قد أقبلوا بالحسن ليدفنوا مع النبي صلى الله عليه وآله فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا - فقالت نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنه لا يدفن في بيتي ويهتك على رسول الله حجابه ، فقال لها الحسين عليه السلام : قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وأدخلت عليه ببيته من لا يحب قربه ، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة )).
2- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( لما حضرت الحسن بن علي عليهما السلام الوفاة ، قال : يا قنبر انظر هل ترى من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد عليهم السلام ؟ فقال : الله تعالى ورسوله وابن رسوله أعلم به مني ، قال : ادع لي محمد بن علي ، فأتيته فلما دخلت عليه ، قال : هل حدث إلا خير؟ قلت : أجب أبا محمد فعجل على شسع نعله ، فلم يسوه وخرج معي يعدو ، فلما قام بين يديه سلم ، فقال له الحسن بن علي عليهما السلام: اجلس فإنه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيى به الأموات ، ويموت به الأحياء، كونوا أوعية العلم ، ومصابيح الهدى ، فإن ضوء النهار بعضه أضوء من بعض.
أما علمت أن الله جعل ولد إبراهيم عليه السلام أئمة ، وفضل بعضهم على بعض ، وآتى داود عليه السلام : زبورا وقد علمت بما استأثر به محمدا صلى الله عليه وآله يا محمد بن علي إني أخاف عليك الحسد وإنما وصف الله به الكافرين ، فقال الله عزوجل : " كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق " ولم يجعل الله عزوجل للشيطان عليك سلطانا ، يا محمد بن علي ألا اخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟ قال : بلى، قال : سمعت أباك عليه السلام يقول يوم البصرة : من أحب أن يبرني في الدينا والآخرة فليبر محمدا ولدي ، يا محمد بن علي لو شئت أن أخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لاخبرتك ، يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي عليهما السلام بعد وفاة نفسي ، ومفارقة روحي جسمي ، إمام من بعدي ، وعند الله جل اسمه في الكتاب ، وراثة من النبي صلى الله عليه وآله أضافها الله عزوجل له في وراثة أبيه وأمه فعلم الله أنكم خيرة خلقه ، فاصطفى منكم محمدا صلى الله عليه وآله واختار محمد عليا عليه السلام واختارني علي عليه السلام بالإمامة واخترت أنا الحسين عليه السلام ، فقال له محمد بن علي : أنت إمام وأنت وسيلتي إلى محمد صلى الله عليه وآله والله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ألا وإن في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء ولا تغيره نغمة الرياح ، كالكتاب المعجم في الرق المنمنم أهم بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل أو ما جاءت به الرسل ، وإنه لكلام يكل به لسان الناطق ، ويد الكاتب ، حتى لا يجد قلما ، ويؤتوا بالقرطاس حمما فلا يبلغ إلى فضلك وكذلك يجزي الله المحسنين ولا قوة إلا بالله، الحسين أعلمنا علما ، و أثقلنا حلما ، وأقربنا من رسول الله صلى الله عليه وآله رحما ، كان فقيها قبل أن يخلق ، وقرأ الوحي قبل أن ينطق ، ولو علم الله في أحد خيرا ما اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله ، فلما اختار الله محمدا واختار محمد عليا واختارك علي إماما واخترت الحسين ، سلمنا ورضينا ، من [هو] بغيره يرضى و [من غيره] كنا نسلم به من مشكلات أمرنا.
3- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لما احتضر الحسن بن علي عليهما السلام قال للحسين : يا أخي إني اوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه السلم لأحدث به عهدا ثم اصرفني إلى أمي فاطمة عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع ، واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وعداوتها لنا أهل البيت ، فلما قبض الحسن عليه السلام [و] وضع على سريره فانطلقوا به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلي فيه على الجنائز فصلى على الحسن عليه السلام فلما أن صلى عليه حمل فادخل المسجد، فلما أوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بلغ عائشة الخبر وقيل لها : إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله فخرجت مبادرة على بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجا - فوقفت وقالت : نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه ، فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما : قديما هتكت انت وأبوك حجاب رسول الله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه ، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله صلى الله عليه وآله ليحدث به عهدا واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره ، لان الله تبارك وتعالى يقول : " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم " وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلى الله عليه وآله الرجال بغير أذنه وقد قال الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي " ولعمري لقد ضربت أنت لابيك وفاروقه عند اذن رسول الله صلى الله عليه وآله المعاول ، وقال الله عزوجل " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى " ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى الله عليه وآله بقربهما منه الاذى ، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله ، إن الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء ، وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول الله صلوات الله عليهما جائزا فيما بيننا وبين الله لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك.
قال : ثم تكلم محمد بن الحنفية وقال : يا عائشة يوما على بغل ، ويوما على جمل ، فما تملكين نفسك ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم ، قال : فأقبلت عليه فقالت : يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك ؟ فقال لها الحسين عليه السلام : وأنى تبعدين محمدا من الفواطم ، فوالله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت زائدة بن الاصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر ، قال فقالت عائشة للحسين عليه السلام : نحوا ابنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون . قال : فمضى الحسين عليه السلام إلى قبر أمه ثم أخرجه فدفنه بالبقيع )).
اثنان وستون : باب الإشارة والنص على علي بن الحسين صلوات الله عليهما :
1- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إن الحسين بن علي عليهما السلام لما حضره الذي حضره ، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليه السلام فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة وكان علي بن الحسين عليهما السلام مبطونا معهم لا يرون إلا أنه لما به ، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليه السلام ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا يا زياد قال : قلت : ما في ذلك الكتاب جلعني الله فداك ؟ قال : فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا ، والله إن فيه ، الحدود ، حتى أن فيه أرش الخدش )).
2- عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( لما حضر الحسين عليه السلام ما حضره، دفع وصيته إلى ابنته فاطمة ظاهرة في كتاب مدرج، فلما أن كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، دفعت ذلك إلى علي بن الحسين عليهما السلام، قلت له: فما فيه - يرحمك الله -؟ فقال: ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا إلى أن تفنى )).
3- عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين عليه السلام دفعتها إليه )).
- " وفي نسخة الصفواني:
عن فليح بن أبي بكر الشيباني ، قال :
(( والله إني لجالس عند علي بن الحسين وعنده ولده إذ جاء ه جابر بن عبدالله الأنصاري فسلم عليه، ثم أخذ بيد أبي جعفر عليه السلام فخلا به، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أني سأدرك رجلا من أهل بيته يقال له: محمد بن علي يكنى أبا جعفر، فاذا أدركته فاقرءه مني السلام، قال: ومضى جابر ورجع أبوجعفر عليه السلام فجلس مع أبيه علي بن الحسين عليهما السلام وإخوته فلما صلى المغرب قال علي بن الحسين لأبي جعفر عليه السلام: أي شئ قال لك جابر بن عبدالله الانصاري؟ فقال: قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه محمد بن علي يكنى أبا جعفر فأقرئه مني السلام، فقال له أبوه: هنيئا لك يا بني ما خصك الله به من رسوله من بين أهل بيتك لا تطلع إخوتك على هذا فيكيدوا لك كيدا، كما كادوا إخوة يوسف ليوسف عليه السلام " )).
ثلاث وستون : باب الإشارة والنص على أبي جعفر عليه السلام :
1- عن إسماعيل بن محمد بن عبدالله بن علي بن الحسين عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( لما حضر علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة، قبل ذلك أخرج سفطا أو صندوقا عنده، فقال: يا محمد احمل هذا الصندوق، قال: فحمل بين أربعة، فلما توفي جاء إخوته يدعون [ما] في الصندوق فقالوا: أعطنا نصيبنا في الصندوق فقال: والله ما لكم فيه شئ ولو كان لكم فيه شئ ما دفعه إلي وكان في الصندوق سلاح رسول الله صلى الله عليه آله )).
2- عن عيسى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده قال :
(( التفت علي بن الحسين عليهما السلام إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده، ثم التفت إلى محمد بن علي فقال: يا محمد هذا الصندوق اذهب به إلى بيتك، قال: أما إنه لم يكن فيه دينار ولا درهم، ولكن كان مملوءا علما )).
3- عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( سمعته يقول: إن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى ابن حزم أن يرسل إليه بصدقة علي وعمر وعثمان وإن ابن حزم بعث إلى زيد بن الحسن وكان أكبرهم، فسأله الصدقة، فقال زيد: إن الوالي كان بعد علي الحسن، وبعد الحسن الحسين، وبعد الحسين علي بن الحسين، وبعد علي ابن الحسين محمد بن علي، فابعث إليه فبعث ابن حزم إلى أبي، فأرسلني أبي بالكتاب إليه حتى دفعته إلى ابن حزم.
فقال له بعضنا: يعرف هذا ولد الحسن؟ قال: نعم كما يعرفون أن هذا ليل ولكنهم يحملهم الحسد ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم ولكنهم يطلبون الدنيا )).
أربع وستون : باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليهما :
1- عن أبي الصباح الكناني قال:
(( نظر أبوجعفر عليه السلام إلى أبي عبدالله عليه السلام يمشي فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عزوجل: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ".
2- عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
(( لما حضرت أبي عليه السلام الوفاة قال: يا جعفر اوصيك بأصحابي خيرا، قلت: جعلت فداك والله لأدعنهم - والرجل منهم يكون في المصر - فلا يسأل أحدا )).
3- عن سدير الصيرفي قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من سعادة الرجل أن يكون له الولد، يعرف فيه شبه خلقه وخلقه وشمائله، وإني لأعرف من ابني هذا شبه خلقي وخلقي وشمائلي، يعني أبا عبد الله عليه السلام )).
4- عن طاهر قال:
(( كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبوجعفر عليه السلام: هذا خير البرية أو أخير )).
5- عن طاهر قال:
(( كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه لسلام فقال أبو جعفر عليه السلام: هذا خير البرية )).
6- عن طاهر، قال:
(( كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبوجعفر عليه السلام: هذا خير البرية )).
7- عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( سئل عن القائم عليه السلام فضرب بيده على أبي عبد الله عليه السلام فقال: هذا والله قائم آل محمد صلى الله عليه وآله، قال عنبسة: فلما قبض أبوجعفر عليه السلام دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته بذلك ، فقال صدق جابر، ثم قال: لعلكم ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الإمام الذي كان قبله )).
8- عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن أبي عليه السلام استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت له أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال: اكتب، هذا ما أوصى به يعقوب بنيه " يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة، وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره، ويرفعه أربع أصابع وأن يحل عنه أطماره عند دفنه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت له: يا أبت - بعد ما انصرفوا - ما كان في هذا بأن تشهد عليه فقال: يا بني كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص إليه، فأردت أن تكون لك الحجة )).
خمس وستون : باب الإشارة والنص على أبي الحسن موسى عليه السلام :
- عن الفيض بن المختار قال:
(( قلت لأبي عبد الله عليه السلام خذ بيدي من النار من لنا بعدك؟ فدخل عليه أبو إبراهيم عليه السلام - وهو يومئذ غلام - فقال: هذا صاحبكم، فتمسك به )).
2- عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قلت له: أسأل الله الذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها، فقال: قد فعل الله ذلك قال: قلت: من هو - جعلت فداك -؟ فأشار إلى العبد الصالح وهو راقد فقال: هذا الراقد وهو غلام )).
3- عن أحمد بن محمد قال:
(( حدثني أبوعلي الأرجاني الفارسي عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: سألت عبد الرحمن في السنة التي اخذ فيها أبو الحسن الماضي عليه السلام فقلت له: إن هذا الرجل قد صار في يد هذا وما ندري إلى ما يصير فهل بلغك عنه في أحد من ولده شئ؟ فقال لي: ماظننت أن أحدا يسألني عن هذه المسأله، دخلت على جعفر بن محمد في منزله فإذا هو في بيت كذا في داره في مسجد له وهو يدعو وعلى يمنيه موسى بن جعفر عليه السلام يؤمن على دعائه، فقلت له، جعلني الله فداك قد عرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك، فمن ولي الناس بعدك؟ فقال: إن موسى قد لبس الدرع وساوى عليه، فقلت له: لا أحتاج بعد هذا إلى شئ )).
4- عن المفضل بن عمر قال:
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل أبو إبراهيم عليه السلام وهو غلام ، فقال: استوص به، وضع أمره عند من تثق به من أصحابك )).
5- حدثني إسحاق بن جعفر قال:
(( كنت عند أبي يوما، فسأله علي بن عمر بن علي فقال: جعلت فداك إلى من نفزع ويفزع الناس بعدك؟ فقال: إلى صاحب الثوبين الأصفرين والغديرين - يعني الذؤابتين - وهو الطالع عليك من هذا الباب، يفتح البابين بيده جميعا، فما لبثنا أن طلعت علينا كفان آخذة بالبابين ففتحهما ثم دخل علينا أبو إبراهيم )).
6- عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قال له منصور بن حازم: بأبي أنت وأمي إن الانفس يغدا عليها ويراح، فإذا كان ذلك فمن؟ فقال أبوعبد الله عليه السلام: إذا كان ذلك فهو صاحبكم وضرب بيده على منكب أبي الحسن عليه السلام الايمن - في ما أعلم - وهو يومئذ خماسي وعبدالله بن جعفر جالس معنا )).
7- عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبي عبد الله عليه إلسلام قال:
(( قلت له إن كان كون - ولا أراني الله ذلك - فبمن أئتم؟ قال: فأومأ إلى ابنه موسى عليه السلام قلت: فإن حدث بموسى حدث فبمن أئتم؟ قال: بولده، قلت: فإن حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا فبمن أئتم؟ قال: بولده، ثم قال: هكذا أبدا، قلت: فإن لم أعرفه ولا أعرف موضعه؟ قال: تقول: اللهم إني أتولى من بقي من حججك من ولد الإمام الماضي، فإن ذلك يجزيك إن شاء الله )).
8- عن المفضل بن عمر قال:
(( ذكر أبو عبد الله عليه السلام أبا الحسن عليه السلام - وهو يومئذ غلام - فقال: هذا المولود الذي لم يولد فينا مولود أعظم بركة على شيعتنا منه، ثم قال لي: لا تجفوا إسماعيل )).
9- عن فيض بن المختار في حديث طويل في أمر أبي الحسن عليه السلام حتى قال له أبوعبد الله عليه السلام:
(( هو صاحبك الذي سألت عنه، فقم إليه فأقر له بحقه، فقمت حتى قبلت رأسه ويده ودعوت الله عزوجل له، فقال أبوعبد الله عليه السلام: أما إنه لم يؤذن لنا في أول منك، قال: قلت: جعلت فداك فاخبر به أحدا؟ فقال: نعم أهلك وولدك، وكان معي أهلي وولدي ورفقائي وكان يونس بن ظبيان من رفقائي، فلما أخبرتم حمدوا الله عزوجل وقال يونس: لا والله حتى أسمع ذلك منه وكانت به عجلة، فخرج فأتبعته، فلما انتهيت إلى الباب، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول له: - وقد سبقني إليه - يا يونس الأمر كما قال لك فيض: قال: فقال: سمعت وأطعت، فقال لي أبوعبد الله عليه السلام: خذه إليك يا فيض )).
10- عن طاهر عن أبي عبد الله قال:
(( كان أبوعبد الله عليه السلام يلوم عبد الله ويعاتبه ويعظه ويقول: ما منعك أن تكون مثل أخيك، فوالله إني لأعرف النور في وجهه؟ فقال عبد الله: لم، أليس أبي وأبوه واحدا وأمي وأمه واحدة ؟ فقال له أبوعبد الله: إنه من نفسي وأنت ابني )).
11- عن يعقوب السراج قال:
(( دخلت على أبي عبد الله وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى وهو في المهد، فجعل يساره طويلا، فجلست حتى فرغ، فقمت إليه فقال لي: ادن من مولاك فسلم، فدنوت فسلمت عليه فرد علي السلام بلسان فصيح، ثم قال لي : اذهب فغير أسم ابنتك التي سميتها أمس، فإنه اسم يبغضه الله، وكان ولدت لي ابنة سميتها بالحميراء، فقال أبوعبد الله عليه السلام: انته إلى أمره ترشد، فغيرت اسمها )).
12- عن سليمان بن خالد قال :
(( دعا أبوعبد الله عليه السلام أبا الحسن عليه السلام يوما ونحن عنده فقال لنا: عليكم بهذا، فهو والله صاحبكم بعدي )).
13- عن أبي أيوب النحوي قال:
(( بعث إلي أبوجعفر المنصور في جوف الليل فأتيته فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، قال: فلما سلمت عليه رمى بالكتاب إلي وهو يبكي، فقال لي: هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات، فإنا لله وإنا إليه راجعون - ثلاثا - وأين مثل جعفر؟ ثم قال لي: اكتب قال: فكتبت صدر الكتاب، ثم قال: اكتب إن كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدمه واضرب عنقه، قال: فرجع إليه الجواب أنه قد أوصى إلى خمسة واحدهم أبوجعفر المنصور ومحمد بن سليمان وعبد الله وموسى وحميدة )).
14- عن النضر بن سويد :
(( بنحو من هذا إلا أنه ذكر أنه أوصى إلى أبي جعفر المنصور وعبدالله وموسى ومحمد بن جعفر مولى لابي عبد الله عليه السلام قال: فقال أبوجعفر: ليس إلى قتل هؤلاء سبيل )).
15- عن صفوان الجمال قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صاحب هذا الأمر، فقال: إن صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب، وأقبل أبوالحسن موسى - وهو صغير ومعه عناق مكية وهو يقول لها: اسجدي لربك - فاخذه أبوعبد الله عليه السلام وضمه إليه وقال: بأبي و أمي من لا يلهو ولا يلعب )).
16- عن فيض بن المختار قال:
(( إني لعند أبي عبد الله عليه السلام إذ أقبل أبوالحسن موسى عليه السلام - وهو غلام - فالتزمته وقبلته، فقال أبوعبدالله عليه السلام: أنتم السفينة وهذا ملاحها، قال: فحججت من قابل ومعي ألفا دينار فبعثت بألف إلى أبي عبد الله عليه السلام وألف إليه، فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال: يا فيض عدلته بي؟ قلت: إنما فعلت ذلك لقولك، فقال: أما والله ما أنا فعلت ذلك، بل الله عزوجل فعله به )).
ست وستون : باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا عليه السلام :
1- عن الحسين بن نعيم الصحاف قال:
(( كنت وأنا وهشام بن الحكم وعلي بن يقطين ببغداد، فقال علي بن يقطين: كنت عند العبد الصالح جالسا فدخل عليه ابنه علي فقال لي: يا علي بن يقطين هذا علي سيد ولدي، أما إني قد نحلته كنيتي، فضرب هشام بن الحكم براحته جبهته، ثم قال: ويحك كيف قلت؟ فقال علي بن يقطين: سمعت والله منه كما قلت، فقال هشام: أخبرك أن الأمر فيه من بعده )).
2- عن نعيم القابوسي عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال:
(( إن ابني عليا أكبر ولدي وأبرهم عندي وأحبهم إلي وهو ينظر معي في الجفر ولم ينظر فيه إلا نبي أو وصي نبي )).
3- عن داود الرقي قال:
(( قلت لابي إبراهيم عليه السلام: جعلت فداك إني قد كبر سني، فخذ بيدي من النار، قال: فأشار إلى ابنه أبي الحسن عليه السلام، فقال: هذا صاحبكم من بعدي )).
4- عن محمد بن إسحاق بن عمار قال:
(( قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: ألا تدلني إلى من آخذ عنه ديني؟ فقال: هذا ابني علي إن أبي اخذ بيدي فأدخلني إلى قبر سول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا بني ! إن الله عزوجل قال: " إني جاعل في الأرض خليفة " وإن الله عزوجل إذا قال قولا وفى به )).
5- عن داود الرقي قال:
(( قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: إني قد كبرت سني ودق عظمي وإني سألت أباك عليه السلام فأخبرني بك فأخبرني [من بعدك] فقال: هذا أبوالحسن الرضا )).
6- عن زياد بن مروان القندي وكان من الواقفة قال:
(( دخلت على أبي إبراهيم وعنده ابنه أبوالحسن عليه السلام، فقال لي: يا زياد هذا ابني فلان، كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي وما قال فالقول قوله )).
7- عن محمد بن الفضيل قال: حدثني المخزومي وكانت أمه من ولد جعفر بن أبي طالب عليه السلام قال:
(( بعث إلينا أبوالحسن موسى عليه السلام فجمعنا ثم قال لنا: أتدرون لم دعوتكم؟ فقلنا: لا فقال: اشهدوا أن ابني هذا وصيي و القيم بأمري وخليفتي من بعدي، من كان له عندي دين فليأخذه من ابني هذا، ومن كانت له عندي عدة فلينجزها منه ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقني إلا بكتابه )).
8- عن الحسين بن المختار قال:
(( خرجت إلينا ألواح من أبي الحسن عليه السلام - وهو في الحبس -: عهدي إلى أكبر ولدي أن يفعل كذا وأن يفعل كذا، وفلان لا تنله شيئا حتى ألقاك أو يقضي الله علي الموت )).
9- عن الحسين بن المختار قال:
(( خرج إلينا من أبي الحسن عليه السلام بالبصرة ألواح مكتوب فيها بالعرض: عهدي إلى أكبر ولدي، يعطى فلان كذا، وفلان كذا، وفلان كذا، وفلان لا يعطى حتى أجيئ أو يقضي الله عزوجل علي الموت، إن الله يفعل ما يشاء )).
10- عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن عليه السلام قال:
(( كتب إلي من الحبس أن فلانا ابني، سيد ولدي، وقد نحلته كنيتي )).
11- عن داود بن سليمان قال:
(( قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: إني أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك، فأخبرني من الإمام بعدك؟ فقال: ابني فلان - يعني أبا الحسن عليه السلام )).
12- عن النصر بن قابوس قال:
(( قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: إني سألت أباك عليه السلام من الذي يكون من بعدك؟ فأخبرني أنك أنت هو، فلما توفي أبوعبد الله عليه السلام ذهب الناس يمينا وشمالا وقلت: فيك أنا وأصحابي فأخبرني من الذي يكون من بعدك من ولدك؟ فقال: ابني فلان )).
13- عن داود بن زربي قال:
(( جئت إلى أبي إبراهيم عليه السلام بمال، فأخذ بعضه وترك بعضه، فقلت: أصلحك الله لاي شئ تركته عندي؟ قال: إن صاحب هذا الأمر يطلبه منك، فلما جاء نا نعيه بعث إلي أبو الحسن عليه السلام ابنه، فسألني ذلك المال، فدفعته إليه )).
14- عن يزيد بن سليط قال:
(( لقيت أبا إبراهيم عليه السلام - ونحن نريد العمرة - في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟ قال: نعم فهل تثبته أنت؟ قلت: نعم إني أنا وأبي لقيناك ههنا وأنت مع أبي عبد الله عليه السلام ومعه إخوتك، فقال له أبي: بأبي أنت وأمي أنتم كلكم أئمة مطهرون، والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إلي شيئا احدث به من يخلفني من بعدي فلا يضل، قال: نعم يا أبا عبد الله هؤلاء ولدي وهذا سيدهم - وأشار إليك - وقد علم الحكم والفهم والسخاء، والمعرفة بما يحتاج إليه الناس، وما اختلفوا فيه من أمر دينهم ودنياهم وفيه حسن الخلق وحسن الجواب وهو باب من أبواب الله عزوجل وفيه اخرى خير من هذا كله. فقال له أبي: وما هي؟ - بأبي أنت وامي - قال عليه السلام: يخرج الله عزوجل منه غوث هذه الأمة وغياثها وعلمها ونورها وفضلها وحكمتها، خير مولد وخير ناشئ، يحقن الله عزوجل به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلم به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل الله به القطر، ويرحم به العباد، خير كهل وخير ناشئ قوله حكم وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه، ويسود عشيرته من قبل أوان حلمه، فقال له أبي: بأبي أنت و أمي وهل ولد؟ قال: نعم ومرت به سنون، قال يزيد: فجاءنا من لم نستطع معه كلاما. قال يزيد: فقلت لابي إبراهيم عليه السلام: فأخبرني أنت بمثل ما أخبرني به أبوك عليه السلام، فقال لي: نعم إن أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا زمانه، فقلت له: فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة الله، قال: فضحك أبو إبراهيم ضحكا شديدا، ثم قال: أخبرك يا أبا عمارة أني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان، وأشركت معه بني في الظاهر، وأوصيته في الباطن، فأفردته وحده ولو كان الأمر إلي لجعلته في القاسم ابني، لحبي إياه ورأفتي عليه ولكن ذلك إلى الله عزوجل، يجعله حيث يشاء، ولقد جاءني بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله، ثمن أرانيه وأراني من يكون معه وكذلك لا يوصي إلى أحد منا حتى يأتي بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وجدي علي صلوات الله عليه ورأيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله خاتما وسيفا وعصا وكتابا وعمامة، فقلت: ما هذا يا رسول الله؟ فقال لي: أما العمامة فسلطان الله عزوجل، وأما السيف فعز الله تبارك و تعالى، وأما الكتاب فنور الله تبارك وتعالى، وأما العصا فقوة الله، وأما الخاتم فجامع هذه الأمور، ثم قال لي: والأمر قد خرج منك إلى غيرك، فقلت: يا رسول الله أرنيه أيهم هو؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رأيت من الائمة أحدا أجزع على فراق هذا الأمر منك ولو كانت الإمامة بالمحبة لكان إسماعيل أحب إلى أبيك منك ولكن ذلك من الله عزوجل. ثم قال أبو إبراهيم: ورأيت ولدي جميعا الأحياء منهم والأموات، فقال لي أمير المؤمنين عليه السلام: هذا سيدهم وأشار إلى ابني علي فهو مني وأنا منه والله مع المحسنين، قال يزيد: ثم قال أبو إبراهيم عليه السلام: يا يزيد إنها وديعة عندك قال تخبر بها إلا عاقلا أو عبدا تعرفه صادقا وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، وهو قول الله عزوجل: " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " وقال لنا ايضا: " ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله " قال: فقال أبو إبراهيم عليه السلام، فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: قد جمعتهم لي - بأبي وأمي - فأيهم هو؟ فقال: هو الذي ينظر بنور الله عزوجل ويسمع بفهمه وينطق بحكمته يصيب فلا يخطئ، ويعلم فلا يجهل، معلما حكما وعلما، هو هذا - وأخذ بيد علي ابني - ثم قال: ما أقل مقامك معه، فإذا رجعت من سفرك فأوض وأصلح أمرك وافرغ مما أردت، فإنك منتقل عنهم ومجاور غيرهم، فإذا أردت فادع عليا فليغسلك و ليكفنك، فإنه طهر لك، ولا يستقيم إلا ذلك وذلك سنة قد مضت، فاضطجع بين يديه وصف إخوته خلفه وعمومته، ومره فليكبر عليك تسعا، فإنه قد استقامت وصيته ووليك وأنت حي، ثم اجمع له ولدك من بعدهم، فأشهد عليهم وأشهد الله عزوجل وكفى بالله شهيدا، قال يزيد ثم قال لي أبو إبراهيم عليه السلام: إنى اوخذ في هذه السنة والأمر هو إلى ابني علي، سمي علي وعلي: فأما علي الاول فعلي بن أبي طالب، وأما الآخر فعلي بن الحسين عليهما السلام، أعطي فهم الأول وحلمه ونصره ووده ودينه ومحنته، ومحنة الآخر وصبره على ما يكره وليس له أن يتكلم إلا بعد موت هارون بأربع سنين.
ثم قال لي: يا يزيد وإذا مررت بهذا الموضع ولقيته وستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام، أمين، مأمون، مبارك وسيعلمك أنك قد لقيتني فأخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول الله صلى الله عليه وآله ام إبراهيم، فان قدرت أن تبلغها مني السلام فافعل، قال يزيد؟ فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم عليه السلام عليا عليه السلام فبدأني، فقال لي يا يزيد ما تقول في العمرة؟ فقلت: بأبي أنت وأمي ذلك إليك وما عندي نفقة، فقال: سبحان الله ما كنا نكلفك ولا نكفيك، فخرجنا حتى انتهينا إلى ذلك الموضع فابدأني فقال: يا يزيد إن هذا الموضع كثيرا ما لقيت فيه جيرتك و عمومتك، قلت نعم ثم قصصت عليه الخبر فقال لي: أما الجارية فلم تجئ بعد، فاذا جاءت بلغتها منه السلام، فانطلقنا إلى مكة فاشتراها في تلك السنة، فلم تلبث إلا قليلا حتى حملت فولدت ذلك الغلام، قال يزيد: وكان إخوة علي يرجون أن يرتوه فعادوني إخوته من غير ذنب، فقال لهم إسحاق بن جعفر: والله لقد رأيته وإنه ليقعد من أبي إبراهيم بالمجلس الذي لا أجلس فيه أنا )).
15- عن يزيد بن سليط قال:
(( لما أوصى أبو إبراهيم عليه السلام أشهد إبراهيم بن محمد الجعفري وإسحاق بن محمد الجعفري وإسحاق بن جعفر بن محمد وجعفر ابن صالح ومعاوية الجعفري ويحيى بن الحسين بن زيد بن علي وسعد بن عمران الأنصاري ومحمد بن الحارث الأنصاري ويزيد بن سليط الأنصاري ومحمد بن جعفر بن سعد الأسلمي - وهو كاتب الوصية الاولى - أشهدهم أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث ما في القبور وأن البعث بعد الموت حق وأن الوعد حق وأن الحساب حق والقضاء حق وأن الوقوف بين يدي الله حق وأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله حق وأن ما نزل به الروح الأمين حق، على ذلك أحيا و عليه أموت وعليه ابعث إن شاء الله، وأشهدهم أن هذه وصيتي بخطي وقد نسخت وصية جدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ووصية محمد بن علي قبل ذلك نسختها حرفا بحرف ووصية جعفر بن محمد، على مثل ذلك وإني قد أوصيت إلى علي وبني بعد معه إن شاء وآنس منهم رشدا وأحب أن يقرهم فذاك له وإن كرههم وأحب أن يخرجهم فذاك له ولا أمر لهم معه وأوصيت إليه بصدقاتي وأموالي وموالي وصبياني الذي خلفت وولدي إلى إبراهيم والعباس وقاسم وإسماعيل وأحمد وام أحمد وإلى علي أمر نسائي دونهم و ثلث صدقة أبي وثلثي، يضعه حيث يرى ويجعل فيه مايجعل ذو المال في ماله، فإن أحب أن يبيع أو يهب أو ينحل أو يتصدق بها على من سميت له وعلى غير من سميت، فذاك له وهو أنا في وصيتي في مالي وفي أهلي وولدي وإن يرى أن يقر إخوته الذين سميتهم في كتابي هذا أقرهم وإن كره فله أن يخرجهم غير مثرب عليه ولا مردود، فإن آنس منهم غير الذي فارقتهم عليه فأحب أن يردهم في ولاية فذاك له وإن أراد رجل منهم أن يزوج اخته فليس له أن يزوجها إلا بإذنه وأمره، فإنه أعرف بمناكح قومه وأي سلطان أو أحد من الناس كفه عن شئ أو حال بينه وبين شئ مما ذكرت في كتابي هذا أو أحد ممن ذكرت، فهو من الله ومن رسوله بريئ والله ورسوله منه براء وعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين والنبيين والمرسلين وجماعة المؤمنين وليس لأحد من السلاطين أن يكفه عن شئ وليس لي عنده تبعة ولا تباعة ولا لأحد من ولدي له قبلي مال، فهو مصدق فيما ذكر، فإن أقل فهو أعلم وإن أكثر فهو الصادق كذلك وإنما أردت بإدخال الذين أدخلتهم معه من ولدي التنويه بأسمائهم والتشريف لهم وأمهات أولادي من أقامت منهن في منزلها وحجابها فلها ما كان يجري عليها في حياتي إن رأى ذلك، ومن خرجت منهن إلى زوج فليس له أن ترجع إلى محواي إلا أن يرى علي غير ذلك وبناتي بمثل ذلك ولا يزوج بناتي أحد من إخوتهن من امهاتهن ولا سلطان ولا عم إلا برأيه و مشورته، فإن فعلوا غير ذلك فقد خالفوا الله ورسوله وجاهدوه في ملكه وهو أعرف بمناكح قومه، فإن أراد أن يزوج زوج وإن أراد أن يترك ترك وقد أوصيتهن بمثل ما ذكرت في كتابي هذا وجعلت الله عزوجل عليهم شهيدا وهو وأم أحمد [شاهدان] وليس لأحد أن يكشف وصيتي ولا ينشرها وهو منها على غير ما ذكرت وسميت، فمن أساء فعليه ومن أحسن فلنفسه وما ربك بظلام للعبيد وصلى الله عليه محمد وعلى آله وليس لأحد من سلطان ولا غيره أن يفض كتابي هذا الذي ختمت عليه الأسفل، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين وجماعة المرسلين والمؤمنين من المسلمين وعلى من فض كتابي هذا.
وكتب وختم أبو إبراهيم والشهود وصلى الله على محمد وعلى آله، قال أبوالحكم: فحدثني عبد الله بن آدم الجعفري عن يزيد بن سليط قال: كان أبو عمران الطلحي قاضي المدينة فلما مضى موسى قدمه إخوته إلى الطلحي القاضي فقال العباس ابن موسى: أصلحك الله وأمتع بك، إن في أسفل هذا الكتاب كنزا وجوهرا ويريد أن يحتجبه ويأخذه دوننا ولم يدع أبونا رحمه الله شيئا إلا ألجأه إليه وتركنا عالة ولولا أني أكف نفسي لأخبرتك بشئ على رؤوس الملاء، فوثب إليه إبراهيم بن محمد فقال: إذا والله تخبر بما لا نقبله منك ولا نصدقك عليه، ثم تكون عندنا ملوما مدحورا، نعرفك بالكذب صغيرا وكبيرا وكان أبوك أعرف بك لو كان فيك خيرا وإن كان أبوك لعارفا بك في الظاهر والباطن وما كان ليأمنك على تمرتين، ثم وثب إليه إسحاق بن جعفر عمه فأخذ بتلبيبه فقال له: إنك لسفيه ضعيف أحمق أجمع هذا مع ما كان بالأمس منك، وأعانه القوم أجمعون، فقال أبوعمران القاضي لعلي: قم يا أبا الحسن حسبي ما لعنني أبوك اليوم وقد وسع لك أبوك ولا والله ما أحد أعرف بالولد من والده ولا والله ما كان أبوك عندنا بمستخف في عقله ولا ضعيف في رأيه، فقال العباس للقاضي.
أصلحك الله فض الخاتم واقرء ما تحته فقال أبوعمران: لا أفضه حسبي ما لعنني أبوك اليوم، فقال العباس: فانا أفضه، فقال: ذاك إليك، ففض العباس الخاتم فإذا فيه إخراجهم وإقرار علي لها وحده وإدخاله إياهم في ولاية علي إن أحبوا أو كرهوا وإخراجهم من حد الصدقة وغيرها وكان فتحه عليهم بلاء وفضيحة وذلة ولعلي عليه السلام خيرة وكان في الوصية التي فض العباس تحت الخاتم هؤلاء الشهود: إبراهيم بن محمد وإسحاق بن جعفر وجعفر بن صالح وسعيد بن عمران وأبرزوا وجه أم أحمد في مجلس القاضي وادعوا أنها ليست إياها حتى كشفوا عنا وعرفوها، فقالت عند ذلك: قد والله قال سيدي هذا: إنك ستؤخذين جبرا وتخرجين إلى المجالس، فزجرها إسحاق بن جعفر وقال: اسكتي فإن النساء إلى الضعف، ما أظنه قال من هذا شيئا، ثم إن عليا عليه السلام التفت إلى العباس فقال: يا أخي إني أعلم أنه إنما حملكم على هذه الغرائم والديون التي عليكم، فانطلق يا سعيد فتعين لي ما عليهم، ثم اقض عنهم ولا والله لا أدع مواساتكم وبركم ما مشيت على الأرض فقولوا ما شئتم، فقال العباس: ما تعطينا إلا من فضول أموالنا وما لنا عندك أكثر، فقال: قولوا ما شئتم فالعرض عرضكم فإن تحسنوا فذاك لكم عند الله وإن تسيؤوا فإن الله غفور رحيم والله إنكم لتعرفوا أنه مالي يومي هذا ولد ولا وارث غيركم ولئن حبست شيئا ما تظنون أو ادخرته فإنما هو لكم ومرجعه إليكم والله ما ملكت منذ مضي أبوكم رضي الله عنه شيئا إلا وقد سيبته حيث رأيتم، فوثب العباس فقال: والله ما هو كذلك وما جعل الله لك من رأي علينا ولكن حسد أبينا لنا وإرادته ما أراد مما لا يسوغه الله إياه ولا إياك وإنك لتعرف أني أعرف صفوان بن يحيى بياع السابري بالكوفة ولئن سلمت لا غصصنه بريقه وأنت معه، فقال علي عليه السلام: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أما إني يا إخوتي فحريص على مسرتكم، الله يعلم، اللهم إن كنت تعلم أني احب صلاحهم وأني بار بهم وأصل لهم رفيق عليهم أعني بأمورهم ليلا ونهارا فأجزني به خيرا وإن كنت على غير ذلك فأنت علام الغيوب فأجزني به ما أنا أهله إن كان شرا فشرا وإن كان خيرا فخيرا، اللهم.
أصلحهم وأصلح لهم واخسأ عنا وعنهم الشيطان وأعنهم على طاعتك ووفقهم لرشدك أما أنا يا أخي فحريص على مسرتكم، جاهد على صلاحكم، والله على ما نقول وكيل فقال العباس: ما أعرفني بلسانك وليس لمسحاتك عندي طين، فافترق القوم على هذا وصلى الله على محمد وآله )).
16- عن ابن سنان قال:
(( دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام من قبل أن يقدم العراق بسنة وعلي ابنه جالس بين يديه، فنظر إلي فقال: يا محمد أما إنه سيكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع لذلك، قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟ فقد أقلقني ما ذكرت فقال: أصير إلى الطاغية، أما إنه لا يبداني منه سوء ومن الذي يكون بعده، قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟ قال: يضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء، قال: قلت: وما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه وجحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب حقه وجحده إمامته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: قلت: والله لئن مد الله لي في العمر لاسلمن له حقه ولاقرن له بإمامته، قال: صدقت يا محمد يمد الله في عمرك وتسلم له حقه وتقر له بامامته من يكون من بعده، قال: قلت: ومن ذاك؟ قال محمد ابنه، قال: قلت: له الرضا والتسليم )).
سبع وستون : باب الإشارة والنص على أبي جعفر الثاني عليه السلام :
1- عن يحيى بن حبيب الزيات قال:
(( أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا عليه السلام جالسا، فلما نهضوا قال لهم: القوا أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا، فلما نهض القوم التفت إلي فقال: يرحم الله المفضل إنه كان ليقنع بدون هذا )).
2- عن معمر بن خلاد قال:
(( سمعت الرضا عليه السلام وذكر شيئا فقال: ما حاجتكم إلى ذلك، هذا أبوجعفر قد أجلسته مجلسي وصيرته مكاني وقال: إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة )).
3- عن أبيه محمد بن عيسى قال:
(( دخلت على أبي جعفر الثاني عليه السلام فناظرني في أشياء، ثم قال لي: يا أبا علي ارتفع الشك ما لأبي غيري )).
4- عن الحسين بن بشار قال:
(( كتب أبن قياما إلى أبي الحسن عليه السلام كتابا يقول فيه: كيف تكون إماما وليس لك ولد؟ فأجابه أبوالحسن الرضا عليه السلام - شبه المغضب -: وما علمك أنه لا يكون لي ولد والله لا تمضي الأيام والليالي حتى يرزقني الله ولدا ذكرا يفرق به بين الحق والباطل )).
5- عن ابن أبي نصر قال:
(( قال لي ابن النجاشي: من الإمام بعد صاحبك؟ فأشتهي أن تسأله حتى أعلم، فدخلت على الرضا عليه السلام فأخبرته، قال: فقال لي: الإمام ابني، ثم قال: هل يتجرى أحد أن يقول ابني وليس له ولد )).
6- عن معمر بن خلاد قال:
(( ذكرنا عند أبي الحسن عليه السلام شيئا بعد ما ولد له أبو جعفر عليه السلام، فقال: ما حاجتكم إلى ذلك، هذا أبوجعفر قد أجلسته مجلسي وصيرته في مكاني )).
7- عن ابن قياما الواسطي قال:
(( دخلت على علي بن موسى عليهما السلام فقلت له: أيكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت، فقلت له: هو ذا أنت، ليس لك صامت - ولم يكن ولد له أبو جعفر عليه السلام بعد - فقال لي: والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، ويمحق به الباطل وأهله، فولد له بعد سنة أبوجعفر عليه السلام وكان ابن قياما واقفيا )).
8- عن الحسن بن الجهم قال:
(( كنت مع أبي الحسن عليه السلام جالسا، فدعا بابنه وهو صغير فأجلسه في حجري، فقال لي: جرده وانزع قميصه، فنزعته فقال لي: انظر بين كتفيه، فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللحم، ثم قال: أترى هذا؟ كان مثله في هذا الموضع من أبي عليه السلام )).
9- عن أبي يحيى الصنعاني قال:
(( كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فجيئ بابنه أبي جعفر عليه السلام وهو صغير، فقال: هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه )).
10- عن صفوان بن يحيى قال:
(( قلت للرضا عليه السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليه السلام فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟ ! فقال: وما يضره من ذلك فقد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين )).
11- عن معمر بن خلاد قال:
(( سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرضا عليه السلام: إن ابني في لسانه ثقل فأنا أبعث به إليك غدا تمسح على رأسه وتدعو له فانه مولاك، فقال: هو مولى أبي جعفر فابعث به غدا إليه )).
12- عن محمد بن الحسن بن عمار قال:
(( كنت عند علي بن جعفر بن محمد جالسا بالمدينة و كنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما يسمع من أخيه - يعني أبا الحسن عليه السلام - إذ دخل عليه أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام المسجد - مسجد الرسول صلى الله عليه وآله - فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه، فقال له أبو جعفر عليه السلام: يا عم اجلس رحمك الله فقال: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم، فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه ويقولون: أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل؟ فقال: اسكتوا إذا كان الله عزوجل - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه، انكر فضله؟ ! نعوذ بالله مما تقولون، بل أنا له عبد )).
13- عن الخيراني، عن أبيه قال:
(( كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر ابني، فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام، فقال أبوالحسن عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم رسولا نبيا، صاحب شريعة مبتداة في أصغر من السن الذي فيه أبوجعفر عليه السلام )).
14- عن زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي قال:
(( سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال: والله لقد نصر الله ابا الحسن الرضا عليه السلام، فقال له الحسن: إي والله جعلت فداك لقد بغى عليه إخوته، فقال علي بن جعفر: إي والله ونحن عمومته بغينا عليه، فقال له الحسن: جعلت فداك كيف صنعتم فإني لم أحضركم؟ قال: قال له إخوته ونحن أيضا: ما كان فينا إمام قط حائل اللون فقال لهم الرضا عليه السلام هو ابني، قالوا: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى بالقافة فبيننا وبينك القافة، قال: ابعثوا أنتم إليهم فأما أنا فلا، ولا تعلموهم لما دعوتموهم ولتكونوا في بيوتكم. فلما جاؤوا أقعدونا في البستان واصطف عمومته وإخوته وأخواته وأخذوا الرضا عليه السلام وألبسوه جبة صوف وقلنسوة منها ووضعوا على عنقه مسحاة وقالوا له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه، ثم جاؤوا بأبي جعفر عليه السلام فقالوا: ألحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا: ليس له ههنا أب ولكن هذا عم أبيه، وهذا عم أبيه، وهذا عمه، وهذه عمته، وإن يكن له ههنا أب فهو صاحب البستان، فإن قدميه وقدميه واحدة فلما رجع أبو الحسن عليه السلام قالوا: هذا أبوه.
قال علي بن جعفر: فقمت فمصصت ريق أبي جعفر عليه السلام ثم قلت له: أشهد أنك إمامي عند الله، فبكى الرضا عليه السلام، ثم قال: يا عم ! ألم تسمع أبي وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بابي ابن خيرة الإماء ابن النوبية الطيبة الفم، المنتجبة الرحم، ويلهم لعن الله الأعيبس وذريته، صاحب الفتنة، ويقتلهم سنين وشهورا وأياما يسومهم خسفا ويسقيهم كأسا مصبرة، وهو الطريد الشريد الموتور بأبيه وجده صاحب الغيبة، يقال: مات أو هلك، أي واد سلك؟ ! أفيكون هذا ياعم إلا مني، فقلت: صدقت جعلت فداك )).
ثمان وستون : باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه السلام :
1- عن إسماعيل بن مهران قال:
(( لما خرج أبوجعفر عليه السلام من المدينة إلى بغداد في الدفعة الاولى من خرجتيه، قلت له عند خروجه: جعلت فداك إني أخاف عليك في هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك؟ فكر بوجهه إلي ضاحكا وقال ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة، فلما أخرج به الثانية إلى المعتصم صرت إليه فقلت له: جعلت فداك أنت خارج فإلى من هذا الأمر من بعدك؟ فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم التفت إلي فقال: عند هذه يخاف علي، الأمر من بعدي إلى ابني علي )).
2- عن الخيراني، عن أبيه أنه قال:
(( كان يلزم باب أبي جعفر عليه السلام للخدمة التي كان وكل بها وكان أحمد بن محمد بن عيسى يجيئ في السحر في كل ليلة ليعرف خبر علة أبي جعفر عليه السلام وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليه السلام وبين أبي إذا حضر قام أحمد وخلا به أبي، فخرجت ذات ليله وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لأبي: إن مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني ماضي والأمر صائر إلى ابني علي وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي ثم مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه وقال لأبي ما الذي قد قال لك؟ قال: خيرا، قال: قد سمعت ما قال، فلم تكتمه؟ وأعاد ما سمع فقال له أبي: قد حرم الله عليك ما فعلت لأن الله تعالى يقول: " ولا تجسسوا " فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوما ما وإياك أن تظهرها إلى وقتها.
فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة وقال: إن حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها فافتحوها واعلموا بما فيها، فلما مضى أبوجعفر عليه السلام ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر، فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده وأنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لأبي: ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمن عنده الرقاع: احضروا الرقاع فأحضروها، فقال لهم: هذا ما أمرت به، فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر؟ فقال لهم: قد آتاكم الله عزوجل به هذا أبوجعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة وسأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئا فدعاه أبي إلى المباهلة، فقال: لما حقق عليه، قال: قد سمعت ذلك وهذا مكرمة كنت أحب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم: فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعا )).
" وفي نسخة الصفواني:
3- محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن الحسين الواسطي أنه سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر يحكي أنه أشهده على هذه الوصية المنسوخة : " شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر أن أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أشهده أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته وجعل أمر موسى إذا بلغ إليه وجعل عبدالله بن المساور قائما على تركته من الضياع والأموال والنفقات والرقيق وغير ذلك إلى أن يبلغ علي بن محمد.
صير عبد الله بن المساور ذلك اليوم إليه ، يقوم بأمر نفسه وأخواته ويصير أمر موسى إليه، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها وذلك يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه وشهد الحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو الجواني على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب وكتب شهادته بيده وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده )).
تسع وستون : باب الإشارة والنص على أبي محمد عليه السلام :
1- عن يحيى بن يسار القنبري قال:
(( أوصى أبوالحسن عليه السلام إلى ابنه الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي )).
2- عن علي بن عمر النوفلي قال:
(( كنت مع أبي الحسن عليه السلام في صحن داره، فمر بنا محمد ابنه فقلت له: جلعت فداك هذا صاحبنا بعدك؟ فقال: لا، صاحبكم بعدي الحسن )).
3- عن عبد الله بن محمد الأصفهاني قال:
(( قال أبوالحسن عليه السلام: صاحبكم بعدي الذي يصلي علي، قال: ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك، قال: فخرج أبومحمد فصلى عليه )).
4- عن علي بن جعفر قال:
(( كنت حاضرا أبا الحسن عليه السلام لما توفي ابنه محمد فقال للحسن: يا بني أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا )).
5- عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباري قال :
(( كنت حاضرا عند [مضي] أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام فجاء أبوالحسن عليه السلام فوضع له كرسي فجلس عليه، وحوله أهل بيته، وأبومحمد قائم في ناحية، فلما فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمد عليه السلام فقال: يا بني أحدث لله تبارك وتعالى شكرا فقد أحدث فيك أمرا )).
6- عن علي بن مهزيار قال:
(( قلت لأبي الحسن عليه السلام: إن كان كون - وأعوذ بالله - فإلى من؟ قال: عهدي إلى الأكبر من ولدي )).
7- عن علي بن عمرو العطار قال:
(( دخلت على أبي الحسن العسكري عليه السلام وأبوجعفر ابنه في الأحياء وأنا أظن أنه هو، فقلت له: جعلت فداك من أخص من ولدك؟ فقال: لا تخصوا أحدا حتى يخرج إليكم أمري قال: فكتبت إليه بعد: فيمن يكون هذا الأمر؟ قال: فكتب إلي في الكبير من ولدي، قال: وكان أبومحمد أكبر من أبي جعفر )).
8- عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن ابن الحسن الأفطس :
(( أنهم حضروا - يوم توفي محمد بن علي بن محمد - باب أبي الحسن يعزونه وقد بسط له في صحن داره والنساء جلوس حوله، فقالوا: قدرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس اذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب، حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه، فنظر إليه أبوالحسن عليه السلام بعد ساعة فقال: يا بني أحدث لله عزوجل شكرا، فقد أحدث فيك أمرا، فبكى الفتى وحمد الله واسترجع، وقال: الحمد لله رب العالمين وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك وإنا لله وإنا إليه راجعون، فسألنا عنه، فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو أرجح، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه )).
9- عن محمد بن يحيى بن درياب قال:
(( دخلت على أبي الحسن عليه السلام بعد مضي أبي جعفر فعزيته عنه وأبومحمد عليه السلام جالس فبكى أبومحمد عليه السلام، فأقبل عليه أبوالحسن عليه السلام فقال [له]: إن الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفا منه فاحمد الله )).
10- عن أبي هاشم الجعفري قال:
(( كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد ما مضى ابنه أبوجعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر ابن محمد عليهم السلام وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبومحمد المرجى بعد أبي جعفر عليه السلام فأقبل علي أبوالحسن قبل أن أنطق فقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر عليه السلام ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبومحمد ابني الخلف من بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الامامة)).
11- عن أبي بكر الفهفكي قال:
(( كتب إلي أبوالحسن عليه السلام: أبومحمد ابني أنصح آل محمد غريزة وأوثقهم حجة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عرى الإمامة وأحكامها، فما كنت سائلي فسله عنه، فعنده ما يحتاج إليه )).
12- عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال:
(( كتب إلي أبوالحسن في كتاب: أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر وقلقت لذلك فلا تغتم فإن الله عزوجل " لا يضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون " وصاحبك بعدي أبومحمد ابني وعنده ما تحتاجون إليه، يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء الله " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان )).
13- عن داود بن القاسم قال:
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد عليهم السلام )).
سبعون : باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار عليه السلام " الإمام الغائب " :
1- عن محمد بن علي بن بلال قال:
(( خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إلى من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده )).
2- عن أبي هاشم الجعفري قال:
(( قلت لأبي محمد عليه السلام: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل، قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم، فقلت: فإن بك حدث فأين أسأل عنه؟ فقال: بالمدينة )).
3- عن عمرو الأهوازي قال:
(( أراني أبومحمد ابنه وقال: هذا صاحبكم من بعدي )).
4- عن حمدان القلانسي قال:
(( قلت للعمري: قد مضى أبومحمد؟ فقال لي: قد مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذه، وأشار بيده )).
5- عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال:
(( خرج عن أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري لعنه الله هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه، يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب، فكيف رأى قدرة الله فيه، وولد له ولد سماه " محمد " في سنه ست وخمسين ومائتين )).
6- عن رجل من أهل فارس سماه قال:
(( أتيت سامرا ولزمت باب أبي محمد عليه السلام فدعاني، فدخلت عليه وسلمت فقال: ما الذي أقدمك؟ قال: قلت: رغبة في خدمتك، قال: فقال لي: فالزم الباب، قال: فكنت في الدار مع الخدم، ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في الدار رجال قال: فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت فناداني: مكانك لا تبرح، فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج، فخرجت علي جارية معها شئ مغطى، ثم ناداني ادخل، فدخلت ونادى الجارية فرجعت إليه، فقال لها: اكشفي عما معك، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه وكشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته أخضر ليس بأسود، فقال: هذا صاحبكم، ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبومحمد عليه السلام )).
واحد وسبعون : باب في تسمية من رآه عليه السلام :
1- عن عبدالله بن جعفر الحميري قال:
(( اجتمعت أنا والشيخ أبوعمرو رحمه الله عند أحمد بن إسحاق فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له: يا أبا عمرو إني اريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما اريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجة واغلق باب التوبة فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فاولئك أشرار من خلق الله عز و جل وهم الذين تقوم عليهم القيامة ولكني أحببت أن أزداد يقينا وإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه عزوجل أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أو لم تؤمن قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، وقد أخبرني أبوعلي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته وقلت: من أعامل أو عمن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون، وأخبرني أبوعلي أنه سأل أبا محمد عليه السلام عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك عني فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعمها فإنهما الثقتان المأمونان، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك.
قال: فخر أبوعمرو ساجدا وبكى ثم قال: سل حاجتك فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه السلام؟ فقال: إي والله ورقبته مثل ذا - وأومأ بيده - فقلت له: فبقيت واحدة فقال لي: هات، قلت: فالاسم؟ قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أحلل ولا أحرم، ولكن عنه عليه السلام، فإن الأمر عند السلطان، أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له فيه وهوذا، عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئا، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك )).
قال الكليني رحمه الله: وحدثني شيخ من أصحابنا - ذهب عني اسمه - أن أبا عمرو سأل عن أحمد بن إسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا.
2- عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر وكان أسن شيخ من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله بالعراق فقال:
(( رأيته بين المسجدين وهو غلام عليه السلام )).
3- عن الحسين بن رزق الله أبوعبد الله قال:
(( حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر قال: حدثتني حكيمة إبنة محمد بن علي - وهي عمة أبيه - أنها رأته ليلة مولده وبعد ذلك )).
4- عن حمدان القلانسي قال:
(( قلت للعمري: قد مضى أبومحمد عليه السلام؟ فقال: قد مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذا، وأشار بيده )).
5- عن فتح مولى الزراري قال:
(( سمعت أبا علي بن مطهر يذكر أنه قد رآه ووصف له قده )).
6- عن خادمة لإبراهيم بن عبده النيسابوري أنها قالت :
(( كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء عليه السلام حتى وقف على إبراهيم وقبض على كتاب مناسكه وحدثه بأشياء )).
7- عن أبي عبد الله بن صالح :
(( أنه رآه عند الحجر الأسود والناس يتجاذبون عليه وهو يقول: ما بهذا أمروا )).
8- عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس ، عن أبيه أنه قال:
(( رأيته عليه السلام بعد مضي أبي محمد حين أيفع وقبلت يديه ورأسه )).
9- عن القنبري - رجل من ولد قنبر الكبير - مولى أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: (( جرى حديث جعفر بن على فذمه، فقلت له: فليس غيره فهل رأيته؟ فقال: لم أره ولكن رآه غيري، قلت: ومن رآه؟ قال: قد رآه جعفر مرتين وله حديث )).
10- علي بن محمد، عن أبي محمد الوجناني أنه أخبرني عمن رآه:
(( أنه خرج من الدار قبل الحادث بعشرة أيام وهو يقول: اللهم إنك تعلم أنها من أحب البقاع لولا الطرد، أو كلام هذا نحوه )).
11- عن بعض جلاوزة السواد قال:
(( شاهدت سيماء آنفا بسر من رأى وقد كسر باب الدار، فخرج عليه وبيده طبرزين فقال له: ما تصنع في داري؟ فقال سيماء: إن جعفرا زعم أن أباك مضى ولا ولد له، فإن كانت دارك فقد انصرفت عنك، فخرج عن الدار قال: علي بن قيس: فخرج علينا خادم من خدم الدار فسألته عن هذا الخبر، فقال لي: من حدثك بهذا؟ فقلت له: حدثني بعض جلاوزة السواد، فقال لي: لا يكاد يخفى على الناس شئ )).
12- عن عمرو الأهوازي قال:
(( أرانيه أبومحمد عليه السلام وقال: هذا صاحبكم )).
13- عن أبي نصر ظريف الخادم :
(( أنه رآه )).
14- عن رجل من أهل فارس سماه :
(( أن أبا محمد أراه إياه )).
15- عن بعض أهل المدائن قال:
(( كنت حاجا مع رفيق لي، فوافينا إلى الموقف فإذا شاب قاعد عليه إزار ورداء، وفي رجليه نعل صفراء، قومت الإزار والرداء بمائة وخمسين دينارا وليس عليه أثر السفر، فدنا منا سائل فرددنا، فدنا من الشاب فسأله، فحمل شيئا من الأرض وناوله، فدعا له السائل واجتهد في الدعاء وأطال، فقام الشاب وغاب عنا، فدنونا من السائل فقلنا له ويحك ما أعطاك؟ فأرانا حصاة ذهب مضرسة قدرناها عشرين مثقالا، فقلت لصاحبي: مولانا عندنا ونحن لا ندري، ثم ذهبنا في طلبه فدرنا الموقف كله، فلم نقدر عليه، فسألنا كل من كان حوله من أهل مكة والمدينة، فقالوا شاب علوي يحج، في كل سنة ماشيا )).
اثنان وسبعون : باب في النهي عن الإسم :
1- عن داود بن القاسم الجعفري قال:
(( سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ قال: إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه )).
2- عن أبي عبد الله الصالحي قال:
(( سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد عليه السلام أن أسأل عن الاسم والمكان، فخرج الجواب: إن دللتهم على الاسم أذاعوه وإن عرفوا المكان دلوا عليه )).
3- عن الريان بن الصلت قال:
(( سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول - وسئل عن القائم - فقال: لا يرى جسمه، ولا يسمى اسمه )).
4- عن ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( صاحب هذا الأمر لا يسميه باسمه إلا كافر )).
ثلاث وسبعون : باب نادر في حال الغيبة :
1- عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( أقرب ما يكون العباد من الله جل ذكره وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله عزوجل ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقعوا الفرج صباحا ومساء، فإن أشد ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته ولم يظهر لهم، وقد علم أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته عنهم طرفه عين، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس )).
2- عن عمار الساباطي قال:
(( قلت لأبي عبدالله عليه السلام: أيما أفضل: العبادة في السر مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل، أو العبادة في ظهور الحق ودولته، مع الإمام منكم الظاهر؟ فقال يا عمار الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية وكذلك والله عبادتكم في السر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل وتخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممن يعبد الله عزوجل ذكره في ظهور الحق مع إمام الحق الظاهر في دولة الحق وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحق واعلموا أن من صلى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة، مستتر بها من عوده في وقتها فأتمها، كتب الله له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلى منكم صلاة فريضة وحده مستترا بها من عوده في وقتها فأتمها، كتب الله عزوجل بها له خمسا وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها، كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب الله عزوجل له بها عشرين حسنة ويضاعف الله عزوجل حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان بالتقية على دينه وإمامه و نفسه، وأمسك من لسانه أضعافا مضاعفة إن الله عزوجل كريم .
قلت: جعلت فداك قد والله رغبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكن احب أن اعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام الظاهر منكم في دولة الحق ونحن على دين واحد؟ فقال: إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله عز وجل وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل خير وفقه وإلى عبادة الله عز ذكره سرا من عدوكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له، صابرين معه، منتظرين لدولة الحق خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة، تنتظرون إلى حق إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك، واضطروكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف مع عدوكم، فبذلك ضاعف الله عزوجل لكم الأعمال، فهنيئا لكم.
قلت: جعلت فداك فما ترى إذا أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحق و نحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أصحاب دولة الحق والعدل؟ فقال: سبحان الله أما تحبون أن يظهر الله تبارك وتعالى الحق والعدل في البلاد ويجمع الله الكلمة ويؤلف الله بين قلوب مختلفة، ولا يعصون الله عزوجل في أرضه، وتقام حدوده في خلقه، ويرد الله الحق إلى أهله فيظهر، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق، أما والله يا عمار لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها إلا كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر واحد فأبشروا )).
3- عن أبي إسحاق قال:
(( حدثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أنهم سمعوا أمير المؤمنين عليه السلام يقول في خطبة له: اللهم وإني لاعلم أن العلم لا يأزر كله، ولا ينقطع مواده وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور، كيلا تبطل حججك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم، بل أين هم وكم؟ أولئك الأقلون عددا، والأعظمون عند الله جل ذكره قدرا، المتبعون لقادة الدين: الأئمة الهادين، الذين يتأدبون بآدابهم، وينهجون نهجهم، فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة الإيمان، فتستجيب أرواحهم لقادة العلم، ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون، وأباه المسرفون اولئك أتباع العلماء صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه ودانوا بالتقية عن دينهم والخوف من عدوهم، فأرواحهم معلقة بالمحل الاعلى، فعلماؤهم وأتباعهم خرس صمت في دولة الباطل، منتظرون لدولة الحق وسيحق الله الحق بكلماته ويمحق الباطل، ها، ها، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم، وياشوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم )).
أربع وسبعون : باب في الغيبة :
1- عن يمان التمار قال:
(( كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جلوسا فقال لنا: إن لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثم قال هكذا بيده - فأيكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثم أطرق مليا، ثم قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه )).
2- عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال:
(( إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد، يا بني إنه لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هو محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا لاتبعوه قال: فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني ! عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه )).
3- عن المفضل بن عمر قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم والتنويه أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم ولتمحصن حتى يقال: مات قتل، هلك، بأي واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أي من أي، قال: فبكيت ثم قلت: فكيف نصنع؟ فنظر إلى شمس داخلة في الصفة فقال: يا أبا عبدالله ترى هذه الشمس قلت نعم، فقال: والله لأمرنا أبين من هذه الشمس )).
4- عن سدير الصيرفي قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في صاحب هذا الأمر شبها من يوسف عليه السلام، قال قلت له: كأنك تذكره حياته أو غيبته؟ قال: فقال لي: وما تنكر من ذلك، هذه الأمة أشباه الخنازير، إن إخوة يوسف عليه السلام كانوا أسباطا أولاد الأنبياء تاجروا يوسف، وبايعوه وخاطبوه، وهم إخوته، وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتى قال: أنا يوسف وهذا أخي، فما تنكر هذه الامة المعلونة أن يفعل الله عزوجل بحجته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف، إن يوسف عليه السلام كان إليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد ان يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب عليه السلام وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الأمة أن يفعل الله عزوجل بحجته كما فعل بيوسف، أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك له كما أذن ليوسف، قالوا: " أئنك لأنت يوسف؟ قال: أنا يوسف " )).
5- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للغلام غيبة قبل أن يقوم، قال: قلت ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف ومنهم من يقول: حمل ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير أن الله عزوجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة، [قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شي ء أعمل؟ قال: يا زرارة] إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء " اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني " ثم قال: يا زرارة لابد من قتل غلام بالمدينة، قلت: جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني؟ قال: لا ولكن يقتله جيش آل بني فلان يجيئ حتى يدخل المدينة، فيأخذ الغلام فيقتله، فإذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لا يمهلون، فعند ذلك توقع الفرج إن شاء الله)).
6- عن عبيد بن زرارة قال:
((سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه)).
7- عن الأصبغ بن نباتة قال:
(( أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته متفكرا ينكت في الأرض، فقلت، يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكرا تنكت في الأرض، أرغبة منك فيها؟ فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي الذي يملا الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، تكون له غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين ! وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق وأنى لك بهذا الأمر يا أصبغ اولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العتره، فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك فقال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداء ات وإرادات وغايات ونهايات )).
8- عن معروف بن خربوذ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( إنما نحن كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بأعناقكم، غيب الله عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبد المطلب، فلم يعرف أي من أي، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم )).
9- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقائم عليه السلام غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل )).
10- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن بلغكم عن صاحب هذا الأمر غيبة فلا تنكروها )).
11- عن مفضل بن عمر قال:
(( كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده في البيت أناس فظننت أنه إنما أراد بذلك غيري، فقال: أما والله ليغيبن عنكم صاحب هذا الأمر وليخملن هذا حتى يقال: مات، هلك، في أي واد سلك؟ ولتكفأن كما تكفأ السفينة في أمواج البحر، لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الإيمان في قلبه، وأيده بروح منه ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي، قال: فبكيت، فقال: ما يبكيك يا ابا عبد الله؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا ابكي وأنت تقول: اثنتا عشرة راية مشتبة لا يدري أي من أي !؟ قال: وفي مجلسه كوة تدخل فيها الشمس فقال: أبينة هذه؟ فقلت: نعم، قال: أمرنا أبين من هذ الشمس )).
12- عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( للقائم غيبتان، يشهد في إحداهما المواسم، يرى الناس ولا يرونه )).
13- عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن يوثق به :
(( أن أمير المؤمنين عليه السلام تكلم بهذا الكلام وحفظ عنه وخطب به على منبر الكوفة: اللهم إنه لا بد لك من حجج في أرضك، حجة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك كيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم يترقب، إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون.
ويقول عليه السلام في هذه الخطبة في موضع آخر: فيمن هذا؟ ولهذا يأزر العلم إذا لم يوجد له حملة يحفظونه ويروونه، كما سمعوه من العلماء ويصدقون عليهم فيه، اللهم فإني لأعلم أن العلم لا يأزر كله ولا ينقطع مواده وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور كيلا تبطل حجتك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم بل أين هم؟ وكم هم؟ اولئك الأقلون عددا، الأعظمون عند الله قدرا )).
14- عن علي بن جعفر :
(( عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين " قال: إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد)).
15- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن بلغكم من عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها )).
16- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة ولابد له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة )).
17- عن أبان بن تغلب قال:
(( قال أبوعبد الله عليه السلام: كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين، فيأرز العلم كما تأرز الحية في جحرها، واختلفت الشيعة وسمى بعضه بعضا كذابين، وتفل بعضهم في وجوه بعض؟ قلت: جعلت فداك ما عند ذلك من خير، فقال لي: الخير كله عند ذلك، ثلاثا )).
18- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، إنه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل )).
19- عن إسحاق بن عمار قال: قال أبوعبد الله عليه السلام:
(( للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه )).
20- عن مفضل بن عمر قال:
(( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لصاحب هذا الأمر غيبتان: إحداهما يرجع منها إلى أهله والأخرى يقال: هلك، في أي واد سلك، قلت: كيف نصنع إذا كان كذلك؟ قال: إذا ادعاها مدع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله )).
21- عن أبي حمزة قال :
(( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: لا، فقلت: فولدك؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك هو؟ قال: لا، فقلت: فولد ولد ولدك؟ فقال: لا، قلت: من هو؟ قال: الذي يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا، على فترة من الأئمة، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث على فترة من الرسل )).
22- عن أم هانئ قالت:
(( سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام، عن قول الله تعالى: " فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس" قالت: فقال: إمام يخنس سنة ستين ومائتين، ثم يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرت عينك )).
23- عن أم هانئ قالت:
(( لقيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام فسألته عن هذه الآية " فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس " قال: الخنس إمام يخنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الواقد في ظلمة الليل، فإن أدركت ذلك قرت عينك )).
24- عن أيوب بن نوح، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام قال:
(( إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم )).
25- عن أيوب بن نوح قال:
(( قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إني أرجو أن تكون صاحب هذا الأمر، وأن يسوقه الله إليك بغير سيف، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منا أحد اختلفت إليه الكتب، واشير إليه بالأصابع، وسئل عن المسائل، وحملت إليه الأموال، إلا اغتيل أو مات على فراشه، حتى يبعث الله لهذا الأمر غلاما منا، خفي الولادة والمنشأ، غير خفي في نسبه )).
26- عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له:
(( إن شيعتك بالعراق كثيرة والله ما في أهل بيتك مثلك، فكيف لا تخرج؟ قال: فقال يا عبد الله بن عطاء قد أخذت تفرش اذنيك للنوكى إي والله ما أنا بصاحبكم، قال: قلت له: فمن صاحبنا؟ قال: انظروا من عمي على الناس ولادته، فذاك صاحبكم إنه ليس منا أحد يشار إليه بالأصبع ويمضغ بالألسن إلا مات غيظا أو رغم أنفه )).
27- عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( يقوم القائم وليس لأحد في عنقه عهد ولا عقد ولا بيعة )).
28- عن منصور، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قلت: إذا أصبحت وأمسيت لا أرى إماما أئتم به ما أصنع؟ قال: فأحب من كنت تحب وأبغض من كنت تبغض، حتى يظهره الله عز وجل )).
29- عن زرارة بن أعين قال:
(( قال أبوعبد الله عليه السلام، لابد للغلام من غيبة، قلت: ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - وهو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته، فمنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: مات أبوه ولم يخلف ومنهم من يقول: ولد قبل موت أبيه بسنتين قال زرارة: فقلت: وما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان؟ قال: ادع الله بهذا الدعاء: " اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك، اللهم عرفني نبيك، فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرفه قط، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني " قال أحمد بن الهلال: سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة )).
30- عن المفضل بن عمر،
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " فإذا نقر في الناقور" قال: إن منا إماما مظفرا مستطرا، فإذا أراد الله عز ذكره إظهار أمره، نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله تبارك وتعالى )).
31- عن محمد بن الفرج قال:
(( كتب إلي أبوجعفر عليه السلام إذا غضب الله تبارك وتعالى على خلقه نحانا عن جوارهم )).
خمس وسبعون : باب ما يضل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة :
1- عن سلام بن عبدالله الهاشمي، قال محمد بن علي: وقد سمعته منه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( بعث طلحة والزبير رجلا من عبدالقيس يقال له: خداش إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقالا له: إنا نبعثك إلى رجل طال ما كنا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانه، وأنت أوثق من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلك، وأن تحاجه لنا حتى تقفه على أمر معلوم، واعلم أنه أعظم الناس دعوى فلا يكسرنك ذلك عنه، ومن الأبواب التي يخدع الناس بها الطعام والشراب والعسل والدهن وأن يخالي الرجل، فلا تأكل له طعاما، ولا تشرب له شرابا، ولا تمس له عسلا ولا دهنا ولا تخل معه واحذر هذا كله منه، وانطلق على بركة الله، فإذا رأيته فاقرأ آيه السخرة، وتعوذ بالله من كيده وكيد الشيطان. فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كله ولا تستأنس به. ثم قل له: إن أخويك في الدين وابني عمك في القرابة يناشدانك القطيعة، ويقولان لك: أما تعلم أنا تركنا الناس لك وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض الله عزوجل محمدا صلى الله عليه وآله فلما نلت أدنى منال، ضيعت حرمتنا وقطعت رجاءنا، ثم قد رأيت أفعالنا فيك وقدرتنا على النأي عنك، وسعة البلاد دونك، وإن من كان يصرفك عنا وعن صلتنا كان أقل لك نفعا وأضعف عنك دفعا منا، وقد وضح الصبح لذي عينين، وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا، فما الذي يحملك على ذلك؟ ! فقد كنا نرى أنك أشجع فرسان العرب، أتتخذ اللعن لنا دينا، وترى أن ذلك يكسرنا عنك.
فلما أتى خداش أمير المؤمنين عليه السلام صنع ما أمراه، فلما نظر إليه علي عليه السلام - وهو يناجي نفسه - ضحك وقال: ههنا يا أخا عبد قيس - وأشار له إلى مجلس قريب منه - فقال: ما أوسع المكان، اريد أن أؤدي إليك رسالة، قال: بل تطعم وتشرب وتحل ثيابك وتدهن ثم تؤدي رسالتك قم يا قنبر فأنزله، قال: ما بي إلى شئ مما ذكرت حاجة، قال: فأخلو بك؟ قال: كل سر لي علانية، قال: فأنشدك بالله الذي هو أقرب إليك من نفسك، الحائل بينك وبين قلبك، الذي بعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أتقدم إليك الزبير بما عرضت عليك؟ قال: اللهم نعم، قال: لو كتمت بعد ما سألتك ما ارتد إليك طرفك، فأنشدك الله هل علمك كلاما تقوله إذا أتيتني؟ قال: اللهم نعم، قال علي عليه السلام: آية السخرة؟ قال نعم، قال: فاقرأها وجعل علي عليه السلام يكررها ويرددها ويفتح عليه إذا أخطأ حتى إذا قرأها سبعين مرة قال الرجل: ما يرى أمير المؤمنين عليه السلام أمره بترددها سبعين مرة ثم قال له: أتجد قلبك اطمأن قال إي: - والذي نفسي بيده - قال: فما قالا لك؟ فأخبره، فقال: قل لهما: كفى بمنطقكما حجة عليكما، ولكن الله لا يهدي القوم الظالمين، زعمتما أنكما أخواي في الدين وابنا عمي في النسب فأما النسب فلا انكره وإن كان النسب مقطوعا إلا ما وصله الله بالاسلام، وأما قولكما: إنكما أخواي في الدين، فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب الله عزوجل، وعصيتما أمره بأفعالكما في أخيكما في الدين، وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين وأما مفارقتكما الناس منذ قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما ذلك الحق بفراقكما إياي أخيرا، وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع الحدث الذي أحدثتما، مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن إلا لطمع الدنيا، زعمتما وذلك قولكما: " فقطعت رجاءنا " لا تعيبان بحمد الله من ديني شيئا وأما الذي صرفني عن صلتكما، فالذي صرفكما عن الحق وحملكما على خلعه من رقابكما كما يخلع الحرون لجامه وهو الله ربي لا أشرك به شيئا فلا تقولا: " أقل نفعا وأضعف دفعا " فتستحقا اسم الشرك مع النفاق، وأما قولكما: إني أشجع فرسان العرب، وهربكما من لعني ودعائي، فإن لكل موقف عملا إذا اختلفت الأسنة و ماجت لبود الخيل وملا سحرا كما أجوافكما، فثم يكفيني الله بكمال القلب، وأما إذا أبيتما بأني أدعو الله فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما، اللهم أقعص الزبير بشر قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرف طلحة المذلة وادخر لهما في الآخرة شرا من ذلك، إن كانا ظلماني وافتريا علي وكتما شهادتهما وعصياك وعصيا رسولك في، قل: آمين، قال خداش: آمين.
ثم قال خداش لنفسه: والله ما رأيت لحية قط أبين خطأ منك، حامل حجة ينقض بعضها بعضا لم يجعل الله لها مساكا، أنا أبرأ إلى الله منهما، قال علي عليه السلام: ارجع إليهما وأعلمها ما قلت، قال: لا والله حتى تسأل الله أن يردني إليك عاجلا وأن يوفقني لرضاه فيك، ففعل فلم يلبث أن انصرف وقتل معه يوم الجمل رحمه الله )).
2- عن رافع بن سلمة قال:
(( كنت مع علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوم النهروان فبينا علي عليه السلام جالس إذ جاء فارس فقال: السلام عليك يا علي فقال له علي عليه السلام: وعليك السلام مالك ثكلتك امك - لم تسلم علي بإمرة المؤمنين؟ قال: بلى ساخبرك عن ذلك كنت إذ كنت على الحق بصفين فلما حكمت الحكمين برئت منك وسميتك مشركا، فأصبحت لا أدري إلى أين أصرف ولايتي، والله لان أعرف هداك من ضلالتك أحب إلى من الدنيا وما فيها فقال له: علي عليه السلام: ثكلتك أمك قف مني قريبا اريك علامات الهدى من علامات الضلالة، فوقف الرجل قريبا منه فبينما هو كذلك إذ أقبل فارس يركض حتى أتى عليا عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أبشر بالفتح أقر الله عينك، قد والله قتل القوم أجمعون، فقال له: من دون النهر أو من خلفه؟ قال: بل من دونه، فقال: كذبت والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يعبرون أبدا حتى يقتلوا، فقال الرجل: فازددت فيه بصيرة، فجاء آخر يركض على فرس له فقال له مثل ذلك فرد عليه أمير المؤمنين عليه السلام مثل الذي رد على صاحبه، قال الرجل الشاك: وهممت أن أحمل على علي عليه السلام فأفلق هامته بالسيف ثم جاء فارسان يركضان قد أعرقا فرسيهما فقالا: أقر الله عينك يا أمير المؤمنين ابشر بالفتح قد والله قتل القوم أجمعون، فقال علي عليه السلام: أمن خلف النهر أو من دونه؟ قالا: لا بل خلفه، إنهم لما اقتحموا خيلهم النهروان وضرب الماء لبات خيولهم رجعوا فأصيبوا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدقتما، فنزل الرجل عن فرسه فأخذ بيد أمير المؤمنين عليه السلام وبرجله فقبلهما، فقال علي عليه السلام: هذه لك آية )).
3- عن حبابة الوالبية قالت:
(( رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس ومعه درة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه، ثم أتبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت: له يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة يرحمك الله: قالت: فقال ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة ! إذا ادعى مدع الإمامة، فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والإمام لا يعزب عنه شئ يريده، قالت ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين عليه السلام فجئت إلى الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام والناس يسألونه فقال: يا حبابة الوالبية فقلت: نعم يامولاي فقال: هاتي ما معك قال: فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام، قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقرب ورحب، ثم: قال لي: إن في الدلالة دليلا على ما تريدين، أفتريدين دلالة الإمامة؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها، قالت: ثم أتيت علي بن الحسين عليهما السلام وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة فرأيته راكعا وساجدا و مشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا، قالت: ثم قال لي: هاتي ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبد الله عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها. وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمد بن هشام )).
4- عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال:
(( كنت عند أبي محمد عليه السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن عليه، فدخل رجل عبل، طويل جسيم، فسلم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول وأمره بالجلوس، فجلس ملاصقا لي، فقلت في نفسي: ليت شعري من هذا؟ فقال أبومحمد عليه السلام: هذا من ولد الاعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي عليهم السلام فيها بخواتيمهم فانطبعت وقد جاء بها معه يريد أن أطبع فيها، ثم قال: هاتها فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس، فأخذها أبومحمد عليه السلام ثم أخرج خاتمة فطبع فيها فانطبع فكأني أرى نقش خاتمة الساعة " الحسن بن علي " فقلت لليماني: رأيته قبل هذا قط؟ قال: لا والله وإني لمنذ دهر حريص على رؤيته حتى كأن الساعة أتاني شاب لست أراه فقال لي: قم فادخل، فدخلت ثم نهض اليماني وهو يقول رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، ذرية بعضها من بعض اشهد بالله أن حقك لواجب كوجوب حق أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ثم مضى فلم أره بعد ذلك، قال إسحاق: قال أبوهاشم الجعفري: وسألته عن اسمه فقال: اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم وهي الاعرابية اليمانية، صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين عليه السلام والسبط إلى وقت أبي الحسن عليه السلام .
5- عن أبي عبيدة وزرارة جميعا، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( لما قتل الحسين عليه السلام أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين عليهما السلام فخلا به فقال له: يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله دفع الوصية والامامة من بعده إلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم إلى الحسن عليه السلام، ثم إلى الحسين عليه السلام وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلي على روحه ولم يوص، وأنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي عليه السلام في سني وقديمي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصية والامامة ولا تحاجني، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: يا عم اتق الله ولا تدع ما ليس لك بحق إني أعظك أن تكون من الجاهلين، إن أبي يا عم صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله عندي، فلا تتعرض لهذا، فإني أخاف عليك نقص العمر وتشتت الحال، إن الله عزوجل جعل الوصية والامامة في عقب الحسين عليه السلام فإذا اردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الاسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك قال أبوجعفر عليه السلام: وكان الكلام بينهما بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر الاسود، فقال علي بن الحسين لمحمد بن الحنفية: ابدأ أنت فابتهل إلى الله عزوجل وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل، فابتهل محمد في الدعاء وسأل الله ثم دعا الحجر فلم يجبه، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: يا عم لو كنت وصيا وإماما لاجابك، قال له محمد: فادع الله أنت يا ابن أخي وسله، فدعا الله علي بن الحسين عليهما السلام بما أراد ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الانبياء وميثاق الاوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي و الامام بعد الحسين بن علي عليه السلام؟ قال: فتحرك الحجر حتى كاد ان يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله عزوجل بلسان عربي مبين، فقال: اللهم إن الوصية والامامة بعد الحسين ابن علي عليهما السلام إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فانصرف محمد بن علي وهو يتولى علي بن الحسين عليه السلام )).
6- أخبرني الكلبي النسابة قال:
(( دخلت المدينة ولست أعرف شيئا من هذا الامر فأتيت المسجد فإذا جماعة من قريش فقلت: أخبروني عن عالم أهل هذا البيت؟ فقالوا: عبدالله بن الحسن، فأتيت منزله فاستأذنت، فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له، فقلت له: استأذن لي على مولاك فدخل ثم خرج فقال لي: ادخل فدخلت فإذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد، فسلمت عليه فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا الكلبي النسابة، فقال: ما حاجتك؟ فقلت: جئت إسألك، فقال: أمررت بابني محمد؟ قلت: بدأت بك: فقال: سل، فقلت: أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: تبنى برأس الجوزاء والباقي وزر عليه وعقوبة، فقلت في نفسي: واحدة، فقلت: ما يقول الشيخ في المسح على الخفين؟ فقال: قد مسح قوم صالحون ونحن أهل البيت لا نمسح، فقلت في نفسي: ثنتان، فقلت: ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت نعافه فقلت في نفسي: ثلاث، فقلت: فما تقول في شرب النبيذ؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه، فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول: هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت.فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس فسلمت عليهم ثم قلت لهم: من أعلم أهل هذا البيت؟ فقالوا: عبدالله بن الحسن، فقلت: قد أتيته فلم أجد عنده شيئا فرفع رجل من القوم رأسه فقال: ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو أعلم أهل هذا البيت، فلامه بعض من كان بالحضرة - فقلت: إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد - فقلت له: ويحك إياه أردت، فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب، فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب فوالله لقد أدهشني فدخلت وأنا مضطرب ونظرت فإذا شيخ على مصلى بلا مرفقة ولا بردعة، فابتدأني بعد أن سملت عليه، فقال لي: من أنت؟ فقلت في نفسي: يا سبحان الله ! غلامه يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى من أنت؟ ! فقلت له: أنا الكلبي النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا و خسروا خسرانا مبينا، يا أخال كلب إن الله عزوجل يقول: " وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا " أفتنسبها أنت؟ فقلت: لا جعلت فداك، فقال لي: أفتنسب نفسك؟ قلت: نعم أنا فلان بن فلان بن فلان حتى أرتفعت فقال لي: قف ليس حيث تذهب، ويحك أتدري من فلان بن فلان؟ قلت: نعم فلان بن فلان، قال: إن فلان ابن فلان بن فلان الراعي الكردي إنما كان فلان الراعي الكردي على جبل آل فلان فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه، فأطعمها شيئا وغشيها فولدت فلانا، وفلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان، ثم قال: أتعرف هذه الاسامي؟ قلت: لا والله جعلت فداك فإن رأيت أن تكف عن هذا فعلت؟ فقال: إنما قلت فقلت، فقلت: إني لا أعود، قال: لا نعود إذا واسأل عما جئت له، فقلت له: أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: ويحك أما تقرأ سورة الطلاق؟ قلت: بلى، قال: فاقرأ فقرأت: " فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " قال: أترى ههنا نجوم السماء؟ قلت: لا قلت: فرجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا؟ قال: ترد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، ثم قال: لا طلاق إلا على طهر، من غير جماع بشاهدين مقبولين، فقلت في نفسي: واحدة، ثم قال: سل، قلت: ما تقول في المسح على الخفين؟ فتبسم ثم قال، إذا كان يوم القيامة ورد الله كل شئ إلى شيئه ورد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم؟ فقلت في نفسي: ثنتان، ثم التفت إلي فقال: سل فقلت: أخبرني عن أكل الجري؟ فقال: إن الله عزوجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري والمارماهي و الزمار وما سوى ذلك وما أخذ منهم برا فالقردة والخنازير والوبر والورك وما سوى ذلك فقلت في نفسي: ثلاث، ثم التفت إلى فقال: سل وقم، فقلت: ما تقول في النبيذ؟ فقال: حلال، فقلت: إنا ننبذ فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك ونشربه؟ فقال: شه شه تلك الخمرة المنتنة، فقلت: جعلت فداك فاي نبيذ تعني؟ فقال: إن أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تغيير الماء وفساد طبايعهم، فأمرهم أن ينبذوا، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له، فيعمد إلى كف من التمر فيقذف به في الشن فمنه شربه ومنه طهوره، فقلت: وكم كان عدد التمر الذي [كان] في الكف؟ فقال: ما حمل الكف، فقلت: واحدة وثنتان؟ فقال: ربما كانت واحدة وربما كانت ثنتين فقلت: وكم كان يسع الشن؟ فقال: مابين الاربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك فقلت: بالارطال؟ فقال: نعم أرطال بمكيال العراق، قال سماعة: قال الكلبي: ثم نهض عليه السلام وقمت فخرجت وأنا أضرب بيدي على الاخرى وأنا أقول: إن كان شئ فهذا، فلم يزل الكلبي يدين الله بحب آل هذا البيت حتى مات )).
7- عن هشام بن سالم قال:
(( كنا بالمدينة بعد وفات أبي عبدالله عليه السلام أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون على عبدالله بن جعفر انه صاحب الامر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده وذلك أنهم رووا عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: إن الامر في الكبير ما لم تكن به عاهة، فدخلنا عليه نسأله عما كنا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال: في مائتين خمسة، فقلنا: ففي مائة؟ فقال: درهمان ونصف فقلنا: والله ما تقول المرجئة هذا، قال: فرفع يده إلى السماء فقال: والله ما أدري ما تقول المرجئة، قال: فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو جعفر الاحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد؟ ونقول: إلى المرجئة؟ إلى القدرية؟ إلى الزيدية؟ إلى المعتزلة؟ إلى الخوارج؟ فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه، يومي إلي بيده فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى من اتفقت شيعة جعفر عليه السلام عليه، فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم فقلت للاحول: تنح فإني خائف على نفسي وعليك، وإنما يريدني لا يريدك، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحى غير بعيد وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت أني لا اقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت حتى ورد بي على باب ابي الحسن عليه السلام ثم خلاني ومضى، فإذا خادم بالباب فقال لي: أدخل رحمك الله، فدخلت فإذا أبوالحسن موسى عليه السلام فقال لي أبتداء منه: لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج إليإلي فقلت جعلت فداك مضى أبوك؟ قال: نعم، قلت: مضى موتا؟ قال: نعم، قلت: فمن لنا من بعده؟ فقال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قلت جعلت فداك إن عبدالله يزعم أنه من بعد أبيه، قال: يريد عبدالله أن لا يعبد الله، قال: قلت: جعلت فداك فمن لنا من بعده؟ قال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قال: قلت: جعلت فداك فأنت هو؟ قال لا، ما أقول ذلك، قال: فقلت في نفسي لم اصب طريق المسألة، ثم قلت له: جعلت فداك عليك إمام؟ قال: لا فداخلني شئ لا يعلم إلا الله عزوجل إعظاما له وهيبة أكثر مما كان يحل بي من أبيه إذا دخلت عليه، ثم قلت له: جعلت فداك أسألك عما كنت أسأل اباك؟ فقال: سل تخبر ولا تذع، فإن أذعت فهو الذبح، فسألته فإذا هو بحر لا ينزف، قلت: جعلت فداك شيعتك وشيعة أبيك ضلال فألقى إليهم وأدعوهم إليك؟ وقد أخذت علي الكتمان؟ قال: من آنست منه رشدا فالق إليه وخذ عليه الكتمان فإن أذاعوا فهو الذبح - وأشار بيده إلى حلقه - قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر الاحول فقال لي: ما وراءك؟ قلت: الهدى فحدثته بالقصة قال: ثم لقينا الفضيل وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وساء لاه وقطعا عليه بالامامة، ثم لقينا الناس أفواجا فكل من دخل عليه قطع إلا طائفة عمار وأصحابه وبقي عبدالله لا يدخل إليه إلا قليل من الناس، فلما رأى ذلك قال: ما حال الناس؟ فأخبر أن هشاما صد عنك الناس، قال هشام: فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني )).
8- عن محمد بن فلان الواقفي قال:
(( كان لي ابن عم يقال له: الحسن بن عبدالله كان زاهدا وكان من أعبد أهل زمانه وكان يتقيه السلطان لجده في الدين واجتهاده وربما استقبل السلطان بكلام صعب يعظه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر وكان السلطان يحتمله لصلاحه، ولم تزل هذه حالته حتى كان يوم من الايام إذ دخل عليه أبوالحسن موسى عليه السلام وهو في المسجد فرآه فأومأ إليه فأتاه فقال له: يا ابا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني إلا أنه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة، قال: جعلت فداك وما المعرفة؟ قال: اذهب فتفقه واطلب الحديث، قال: عمن؟ قال: عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض علي الحديث، قال: فذهب فكتب ثم جاءه فقرأه عليه فأسقطه كله ثم قال له: اذهب فاعرف المعرفة وكان الرجل معنيا بدينه فلم يزل يترصد أبا الحسن عليه السلام حتى خرج إلى ضيعة له، فلقيه في الطريق فقال له: جعلت فداك إني أحتج عليك بين يدي الله فدلني على المعرفة قال: فأخبره بأمير المؤمنين عليه السلام وما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بأمر الرجلين فقبل منه، ثم قال له: فمن كان بعد أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: الحسن عليه السلام ثم الحسين عليه السلام حتى انتهى إلى نفسه ثم سكت، قال: فقال له: جعلت فداك فمن هو اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل؟ قال: بلى جعلت فداك؟ قال: أنا هو، قال: فشئ أستدل به؟ قال: اذهب إلى تلك الشجرة - وأشار [بيده] إلى ام غيلان - فقل لها: يقول لك موسى بن جعفر: أقبلي، قال: فأتيتها فرأيتها والله تخد الارض خدا حتى وقفت بين يديه، ثم أشار إليها فرجعت قال: فأقر به ثم لزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك )).
9- عن محمد بن أبي العلاء قال:
(( سمعت يحيى بن أكثم - قاضي سامراء - بعد ما جهدت به وناظرته وحاورته وواصلته وسألته عن علوم آل محمد فقال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيت محمد بن علي الرضا عليهما السلام يطوف به، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي، فقلت له: والله إني أريد أن أسألك مسألة وإني والله لاستحيي من ذلك، فقال لي: أنا أخبرك قبل أن تسألني، تسألني عن الامام، فقلت: هو والله هذا، فقال: أنا هو، فقلت: علامة؟، فكان في يده عصا فنطقت وقالت: إن مولاي إمام هذا الزمان وهو الحجة )).
10- عن الحسين ابن عمر بن يزيد قال:
(( دخلت على الرضا عليه السلام وأنا يومئذ واقف وقد كان ابي سأل أباه عن سبع مسائل فأجابه في ست وأمسك عن السابعة، فقلت: والله لاسألنه عما سأل أبي أباه، فإن أجاب بمثل جواب أبيه كانت دلالة، فسألته فأجاب بمثل جواب ابيه أبي في المسائل الست، فلم يزد في الجواب واوا ولا ياء وأمسك عن السابعة وقد كان أبي قال لابيه: إني أحتج عليك عند الله يوم القيامة أنك زعمت أن عبدالله لم يكن إماما، فوضع يده على عنقه، ثم قال له: نعم احتج علي بذلك عند الله عزوجل فما كان فيه من إثم فهو في رقبتي، فلما ودعته قال: إنه ليس أحد من شيعتنا يبتلي ببلية أو يشتكي فيصبر على ذلك إلا كتب الله له أجر ألف شهيد، فقلت في نفسي: والله ما كان لهذا ذكر، فلما مضيت وكنت في بعض الطريق، خرج بي عرق المديني فلقيت منه شدة، فلما كان من قابل حججت فدخلت عليه وقد بقي من وجعي بقية، فشكوت إليه وقلت له: جعلت فداك عوذ رجلي وبسطتها بين يديه، فقال لي: ليس على رجلك هذه بأس ولكن أرني رجلك الصحيحة فبسطتها بين يديه فعوذها، فلما خرجت لم ألبث إلا يسيرا حتى خرج بي العرق وكان وجعه يسيرا )).
11- عن ابن قياما الواسطي - وكان من من الواقفة - قال:
(( دخلت على علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت له: يكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت، فقلت له: هو ذا أنت ليس لك صامت - ولم يكن ولد له أبوجعفر بعد - فقال لي: والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، و ويمحق الباطل وأهله، فولدله بعد سنة أبوجعفر عليه السلام - فقيل لابن قياما: ألا تقنعك هذه الآية؟ فقال: أما والله إنها لآية عظيمة ولكن كيف أصنع بما قال أبوعبدالله عليه السلام في ابنه؟ ))
12- عن الوشاء قال:
(( أتيت خراسان - وأنا واقف - فحملت معي متاعا وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم ولم أشعر به ولم أعرف مكانه، فلما قدمت مرو، ونزلت في بعض منازلها لم أشعر إلا ورجل مدني من بعض مولديها، فقال لي: إن أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول لك: ابعث إلي الثوب الوشي الذي عندك قال: فقلت: ومن أخبر أبا الحسن بقدومي وأنا قدمت آنفا وما عندي ثوب وشي؟ ! فرجع إليه وعاد إلي، فقال: يقول لك: بلى هو في موضع كذا و كذا ورزمته كذا وكذا، فطلبته حيث قال: فوجدته في أسفل الرزمة، فبعثت به إليه)).
13- عن عبدالله بن المغيرة قال:
(( كنت واقفا وحججت على تلك الحال، فلما صرت بمكة خلج في صدري شئ، فتعلقت بالملتزم ثم قلت: اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي فأرشدني إلى خير الاديان، فوقع في نفسي أن آتي الرضا عليه السلام، فأتيت المدينة فوقفت ببابه وقلت: للغلام قل لمولاك: رجل من أهل العراق بالباب، قال: فسمعت نداء ه وهو يقول: ادخل يا عبدالله بن المغيرة، ادخل يا عبدالله بن المغيرة، فدخلت، فلما نظر إلي قال لي: قد أجاب الله دعاءك وهداك لدينه، فقلت: أشهد أنك حجة الله وأمينه على خلقه )).
14- عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال:
(( كان عبدالله بن هليل يقول بعبد الله فصار إلى العسكر فرجع عن ذلك، فسألته عن سبب رجوعه، فقال: إني عرضت لابي الحسن عليه السلام أن أسأله عن ذلك، فوافقني في طريق ضيق، فمال نحوي حتى إذا حاذاني، أقبل نحوي بشئ من فيه، فوقع على صدري، فأخذته فإذا هو رق فيه مكتوب: ما كان هنالك، ولا كذلك )).
15- عن بعض أصحابنا ذكر اسمه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال:
(( أخبرنا موسى بن محمد بن إسماعيل بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب قال: حدثني جعفر بن زيد بن موسى، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قالوا: جائت ام أسلم يوما إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو في منزل ام سلمة، فسألتها عن رسول الله صلى الله عليه آله، فقالت خرج في بعض الحوائج والساعة يجيئ، فانتظرته عند ام سلمة حتى جاء صلى الله عليه وآله، فقالت أم أسلم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني قد قرأت الكتب وعلمت كل نبي ووصي، فموسى كان له وصي في حياته ووصي بعد موته، وكذلك عيسى، فمن وصيك يا رسول الله؟ فقال لها: يا ام أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد، ثم قال لها: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، ثم ضرب بيده إلى حصاة من الارض ففركها بأصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثم عجنها، ثم طبعها بخاتمه، ثم قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت من عنده، فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: بأبي أنت وامي أنت وصي رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم يا ام أسلم ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها وختمها بخاتمه، ثم قال: يا ام أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، فأتيت الحسن عليه السلام وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا ام أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما، فخرجت من عنده فأتيت الحسين عليه السلام - وإني لمستصغرة لسنه - فقلت له: بأبي أنت وامي، أنت وصي أخيك؟ فقال، نعم يا ام أسلم ايتيني بحصاة، ثم فعل كفعلهم، فعمرت ام أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين عليه السلام في منصرفه، فسألته أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم، ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين )).
16- عن موسى بن بكر بن داب، عمن حدثه :
(( عن أبي جعفر عليه السلام أن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام دخل على أبي جعفر محمد بن علي ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج، فقال له أبوجعفر عليه السلام: هذه الكتب ابتداء منهم، أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال: بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله ولما يجدون في كتاب الله عزوجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك و البلاء، فقال له أبوجعفر عليه السلام، إن الطاعة مفروضة من الله عزوجل وسنة أمضاها في الاولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، و أمر الله يجري لاوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول، وحتم مقضى وقدر مقدور، وأجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنك الذين لا يوقنون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، فلا تعجل، فإن الله لا يجعل لعجلة العباد ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك، قال: فغضب زيد عند ذلك، ثم قال: ليس الامام منا من جلس في بيته و أرخى سترة وثبط عن الجهاد ولكن الامام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه، قال أبوجعفر عليه السلام: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيئ عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله صلى الله عليه وآله أو تضرب به مثلا، فإن الله عزوجل أحل حلالا وحرم حراما و فرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الامام القائم بأمره شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله، أو يجاهد فيه قبل حلوله، وقد قال الله عز وجل في الصيد: " لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله .
وجعل لكل شئ محلا وقال الله عزوجل: " وإذا حللتم فاصطادوا " وقال عزوجل: " لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال: " فسيحوا في الارض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله "، ثم قال تبارك وتعالى: " فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " فجعل لذلك محلا وقال: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " فجعل لكل شئ أجلا ولكل أجل كتابا فان كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك، فشأنك وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك و شبهة، ولا تتعاط زوال ملك لم تنقض اكله، ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله فلو قد بلغ مداه وانقطع اكله وبلغ الكتاب أجله، لانقطع الفصل وتتابع النظام و لاعقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهواء هم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله؟ ! أعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه، ثم قال: الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا )).
17- عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الجعفري قال:
(( أتينا خديجة بنت عمر ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام نعزيها بابن بنتها، فوجدنا عندها موسى بن عبدالله بن الحسن، فإذا هي في ناحية قريبا من النساء، فعزيناهم، ثم أقبلنا عليه فاذا هو يقول لابنة أبي يشكر الراثية: قولي فقالت: اعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الاله وثالثا عباسا واعدد علي الخير واعدد جعفرا * واعدد عقيلا بعده الرواسا فقال: أحسنت وأطربتني، زيديني، فاندفعت تقول: ومنا إمام المتقين محمد * وفارسه ذاك الامام المطهر ومنا علي صهره وابن عمه * وحمزة منا والمهذب جعفر فاقمنا عندها حتى كاد الليل أن يجيئ، ثم قالت خديجة: سمعت عمي محمد بن علي صلوات الله عليه وهو يقول: إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح، ثمن خرجنا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها من دار أبي عبدالله جعفر بن محمد، فقال: هذه دار تسمى دار السرقة، فقالت: هذا ما اصطفى مهدينا - تعني محمد بن عبدالله بن الحسن - تمازحه بذلك - فقال موسى بن عبدالله: والله لاخبرنكم بالعجب رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبدالله وأجمع على لقاء أصحابه، فقال لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبدالله جعفر بن محمد، فانطلق وهو متك علي، فانطلقت معه حتى أتينا أبا عبدالله عليه السلام فلقيناه خارجا يريد المسجد فاستوقفه أبي و كلمه، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ليس هذا موضع ذلك، نلتقي إن شاء الله، فرجع أبي مسرورا، ثم أقام حتى إذا كان الغد أو بعده بيوم، انطلقنا حتى أتيناه، فدخل عليه أبي وأنا معه فابتدأ الكلام، ثم قال له فيما يقول: قد علمت جعلت فداك أن السن لي عليك وأن في قومك من هو أسن منك ولكن الله عز وجل قد قدم لك فضلا ليس هو لاحد من قومك وقد جئتك معتمدا لما أعلم من برك، واعلم - فديتك - إنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك ولم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم، فقال له ابوعبدالله عليه السلام: إنك تجد غيري أطوع لك مني ولا حاجة لك في، فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أو أهم بها فأثقل عنها، واريد الحج فما ادركه إلا بعد كد وتعب و مشقة على نفسي، فاطلب غيري وسله ذلك ولا تعلمهم أنك جئتني، فقال له: إن الناس ما دون أعناقهم إليك وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها، قال: وهجم علينا ناس فدخلوا وقطعوا كلامنا، فقال أبي: جعلت فداك ما تقول؟ فقال: نلتقي إن شاء الله، فقال: أليس على ما احب؟ فقال: على ما تحب إن شاء الله من إصلاحك ثم انصرف حتى جاء البيت، فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة، يقال له الاشقر، على ليلتين من المدينة، فبشره وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب، ثم عاد بعد ثلاثة أيام، فوقفنا بالباب ولم نكن نحجب إذا جئنا فأبطأ الرسول، ثم أذن لنا، فدخلنا عليه فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه، ثم قال جعلت فداك قد عدت إليك راجيا، مؤملا، قد انبسط رجائي وأملي و رجوت الدرك لحاجتي، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: يا ابن عم إني اعيذك بالله من التعرض لهذا الامر الذي أمسيت فيه، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا، فجرى الكلام بينهما، حتى أفضى إلى ما لم يكن يريد وكان من قوله: بأي شئ كان الحسين أحق بها من الحسن؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: رحم الله الحسن ورحم الحسين وكيف ذكرت هذا؟ قال: لان الحسين عليه السلام كان ينبغي له إذا عدل أن يجعلها في الاسن من ولد الحسن، فقال أبوعبدالله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما أن أوحى إلى محمد صلى الله عليه وآله أوحى إليه بما شاء ولم يؤامر أحدا من خلقه وأمر محمد صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بما شاء ففعل ما أمر به، ولسنا نقول فيه إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله من تبجيله وتصديقه، فلو كان أمر الحسين أن يصيرها في الاسن أو ينقلها في ولدهما - يعني الوصية - لفعل ذلك الحسين وما هو المتهم عندنا في الذخيرة لنفسه، ولقد ولي وترك ذلك ولكنه مضى لما امر به وهو جدك وعمك، فإن قلت خيرا فما أولاك به وإن قلت هجرا فيغفر الله لك، أطعني يا ابن عم واسمع كلامي، فوالله الذي لا إله إلا هو لا آلوك نصحا وحرصا فكيف ولا أراك تفعل، وما لامر الله من مرد، فسر أبي عند ذلك، فقال له أبوعبدالله: والله إنك لتعلم أنه الاحول الاكشف الاخضر المقتول بسدة أشجع، عند بطن مسيلها، فقال أبي: ليس هو ذلك والله ليحاربن باليوم يوما، وبالساعة ساعة وبالسنة سنة وليقومن بثار بني أبي طالب جميعا، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون هذا البيت يلحق صاحبنا " منتك نفسك في الخلاء ضلالا " لا والله لا يملك أكثر من حيطان المدينة ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل - يعني إذا أجهد نفسه - وما للامر من بد أن يقع، فاتق الله وارحم نفسك وبني أبيك، فوالله إني لاراه أشأم سلحة أخرجتها أصلاب الرجال إلي أرحام النساء والله إنه المقتول بسدة أشجع بين دورها والله لكأني به صريعا مسلوبا بزته بين رجليه لبنة ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع - قال موسى بن عبدالله - يعنيني - وليخرجن معه فيهزم ويقتل صاحبه، ثم يمضي فيخرج معه راية اخرى، فيقتل كبشها ويتفرق جيشها، فإن أطاعني فليطلب الامان عند ذلك من بني العباس حتى يأتيه اليه بالفرج ولقد علمت بأن هذا الامر لا يتم وأنك لتعلم ونعلم أن ابنك الاحول الاخضر الاكشف المقتول بسدة اشجع بين دورها عند بطن مسيلها، فقام أبي وهو يقول: بل يغني الله عنك ولتعودن أو ليقي الله بك وبغيرك وما أردت بهذا إلا امتناع غيرك وأن تكون ذريعتهم إلى ذلك، فقال أبوعبدالله عليه السلام الله يعلم ما اريد إلا نصحك ورشدك وما علي إلا الجهد، فقام أبي يجر ثوبه مغضبا فلحقه أبوعبدالله عليه السلام، فقال له: اخبرك أني سمعت عمك وهو خالك يذكر أنك وبني أبيك ستقتلون، فإن أطعتني ورأيت أن تدفع بالتي هي أحسن فافعل، فوالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الكبير المتعال على خلقه لوددت أني فديتك بولدي وبأحبهم إلي وبأحب أهل بيتي إلي، وما يعدلك: عندي شئ، فلا ترى أني غششتك، فخرج أبي من عنده مغضبا أسفا، قال: فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا - عشرين ليلة أو نحوها - حتى قدمت رسل أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن وحسن بن حسن وإبراهيم بن حسن وداود بن حسن وعلي بن حسن وسليمان بن داود بن حسن وعلي بن إبراهيم بن حسن وحسن بن جعفر بن حسن وطباطبا إبراهيم ابن إسماعيل بن حسن وعبدالله بن داود، قال: فصفدوا في الحديد، ثم حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها ووقفوا بالمصلى لكي يشمتهم الناس، قال: فكف الناس عنهم ورقوا لهم للحال التي هم فيها، ثم انطلقوا بهم حتى وقفوا عند باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال عبدالله بن إبراهيم الجعفري: فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم لما اوقفوا عند باب المسجد - الباب الذي يقال له باب جبرئيل - أطلع عليهم أبوعبدالله عليه السلام وعامة ردائه مطروح بالارض، ثم أطلع من باب المسجد فقال: لعنكم الله يا معاشر الانصار - ثلاثا - ما على هذا عاهدتم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا بايعتموه، أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت وليس للقضاء مدفع، ثم قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله والاخرى في يده وعامة ردائه يجره في الارض، ثم دخل بيته فحم عشرين ليلة، لم يزل يبكي فيه الليل والنهار حتى خفنا عليه، فهذا حديث خديجة.
قال الجعفري: وحدثنا موسى بن عبدالله بن الحسن أنه لما طلع بالقوم في المحامل، قام أبوعبدالله عليه السلام من المسجد ثم أهوى إلى المحمل الذي فيه عبدالله بن الحسن يريد كلامه، فمنع أشد المنع وأهوى إليه الحرسي فدفعه وقال: تنح عن هذا، فإن الله سيكفيك ويكفي غيرك، ثم دخل بهم الزقاق و رجع أبوعبدالله عليه السلام إلى منزله، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتلى الحرسي بلاء شديدا، رمحته ناقته فدقت وركه فمات فيها ومضى بالقوم، فأقمنا بعد ذلك حينا، ثم أتى محمد ابن عبدالله بن حسن، فاخبر أن أباه وعمومته قتلوا - قتلهم أبوجعفر - إلا حسن ابن جعفر وطباطبا وعلي بن إبراهيم وسليمان بن داود وداود بن حسن وعبدالله بن داود قال: فظهر محمد بن عبدالله عند ذلك ودعا الناس لبيعته، قال: فكنت ثالث ثلاثة بايعوه واستونق الناس لبيعته ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا عربي، قال؟ وشاور عيسى بن زيد وكان من ثقاته وكان على شرطه فشاوره في البعثة إلى وجوه قومه، فقال له عيسى بن زيد: إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك، أو تغلظ عليهم، فخلني و إياهم فقال له محمد: امضى إلى من أردت منهم، فقال: ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم - يعني أبا عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام - فإنك إذا أغلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها أبا عبدالله عليه السلام، قال: فوالله ما لبثنا أن اتي بأبي عبدالله عليه السلام حتى أوقف بين يديه فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم: فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أحدثت نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم فقال له محمد: لا ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك، ولا تكلفن حربا، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ما في حرب ولا قتال ولقد تقدمت إلى ابيك وحذرته الذي حاق به ولكن لا ينفع حذر من قدر، يا ابن أخي عليك بالشباب ودع عنك الشيوخ، فقال له محمد: ما أقرب ما بيني وبينك في السن، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: إني لم اعازك ولم أجئ لاتقدم عليك في الذي أنت فيه، فقال: له محمد: لا والله لابد من أن تبايع، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ما في يا ابن أخي طلب ولا حرب وإني لاريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى تكلمني في ذلك الاهل غير مرة، ولا يمنعني منه إلا الضعف، والله والرحم أن تدبر عنا ونشقى بك، فقال له: يا أبا عبدالله قد والله مات أبوالدوانيق - يعني أبا جعفر - فقال له أبوعبدالله عليه السلام: وما تصنع بي وقد مات؟ قال: اريد الجمال بك، قال: ما إلى ما تريد سبيل، لا والله ما مات أبوالدوانيق إلا أن يكون مات موت النوم قال: والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك، فأبى عليه إباء شديدا وأمر إلى الحبس، فقال له عيسى بن زيد: أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق، خفنا أن يهرب منه، فضحك أبوعبدالله عليه السلام، ثم قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أو تراك تسجنني؟ قال: نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة لاسجننك ولاشددن عليك، فقال عيسى بن زيد: احبسوه في المخبأ - وذلك دار ريطة اليوم - فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله إني سأقول ثم أصدق، فقال له عيسى ابن زيد لو تكلمت لكسرت فمك، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله يا أكشف يا ازرق لكأني بك تطلب لنفسك جحرا تدخل فيه وما أنت في المذكورين عند اللقاء وإني لاظنك إذا صفق خلفك، طرت مثل الهيق النافر فنفر عليه محمد بانتهار: احبسه و وشدد عليه واغلظ عليه، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله لكأني بك خارجا من سدة أشجع إلى بطن الوادي وقد حمل عليك فارس معلم في يده طرادة نصفها أبيض ونصفها أسود، على فرس كميت أقرح فطعنك فلم يصنع فيك شيئا وضربت خيشوم فرسه فطرحته وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين عليه غديرتان مضفورتان، وقد خرجتا من تحت بيضة، كثير شعر الشاربين، فهو والله صاحبك، فلا رحم الله رمته فقال له محمد: يا أبا عبدالله، حسبت فأخطأت وقام إليه السراقي بن سلخ الحوت، فدفع في ظهره حتى أدخل السجن واصطفي ما كان له من مال وما كان لقومه ممن لم يخرج مع محمد، قال: فطلع باسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب وهو شيخ كبير ضعيف، قد ذهبت إحدى عينيه وذهبت رجلاه وهو يحمل حملا، فدعاه إلى البيعة، فقال له: يا ابن أخي إني شيخ كبير ضعيف وأنا إلى برك وعونك أحوج، فقال له: لا بد من أن تبايع، فقال له: وأي شئ تنتفع ببيعتي والله إني لاضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته، قال: لابد لك أن تفعل، وأغلظ له في القول، فقال له إسماعيل: ادع لي جعفر بن محمد، فلعلنا نبايع جميعا، قال: فدعا جعفرا عليه السلام، فقال له إسماعيل: جعلت فداك إن رأيت أن تبين له فافعل، لعل الله يكفه عنا، قال: قد أجمعت الا اكلمه، أفليرفي برأيه، فقال إسماعيل لابي عبدالله عليه السلام: أنشدك الله هل تذكر يوما أتيت أباك محمد بن علي عليهما السلام وعلي حلتان صفراوان، فدام النظر إلي فبكى، فقلت له: ما يبكيك فقال لي: يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعا، لا ينتطح في دمك عنزان، قال: قلت: فمتى ذاك؟ قال: إذا دعيت إلى الباطل فأبيته، واذإ نظرت إلى الاحول مشؤم قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، يدعو إلى نفسه، قد تسمى بغير اسمه، فأحدث عهدك واكتب وصيتك، فإنك مقتول في يومك أو من غد، فقال له أبوعبدالله عليه السلام نعم وهذا - ورب الكعبة - لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله .
فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك وأحسن الخلافة على من خلفت وإنا لله وإنا إليه راجعون، قال: ثم احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس، قال: فوالله ما أمسينا حتى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر فتوطؤوه حتى قتلوه وبعث محمد بن عبدالله إلى جعفر فخلى سبيله، قال: وأقمنا بعد ذلك حتى استهللنا شهر رمضان فبلغنا خروج عيسى ابن موسى، يريد المدينة، قال: فتقدم محمد بن عبدالله، على مقدمته يزيد بن معاوية ابن عبدالله بن جعفر، وكان عى مقدمة عيسى بن موسى ولد الحسن ابن زيد بن الحسن بن الحسن وقاسم ! ! ومحمد بن زيد وعلي وإبراهيم بنو الحسن بن زيد، فهزم يزيد بن معاوية وقدم عيسى بن موسى المدينة وصار القتال بالمدينة، فنزل بذباب ودخلت علينا المسودة من خلفنا وخرج محمد في أصحابه حتى بلغ السوق، فأوصلهم ومضى، ثم تبعهم حتى انتهى إلى مسجد الخوامين فنظر إلى ما هناك فضاء ليس فيه مسود ولا مبيض، فاستقدم حتى انتهى إلى شعب فزارة ثم دخل هذيل ثم مضى إلى أشجع، فخرج إليه الفارس الذي قال أبوعبدالله من خلفه، من سكة هذيل فطعنه، فلم يصنع فيه شيئا وحمل على الفارس، فضرب خيشوم فرسه بالسيف، فطعنه الفارس، فأنفذه في الدرع وانثنى عليه محمد، فضربه فأثخنه وخرج عليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على الفارس يضربه من زقاق العماريين، فطعنه طعنة، أنفذ السنان فيه، فكسر الرمح وحمل على حميد فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه، ثم نزل إليه فضربه حتى أثخنه وقتله وأخذ رأسه ودخل الجند من كل جانب واخذت المدينة واجلينا هربا في البلاد، قال موسى بن عبدالله: فانطلقت حتى لحقت بإبراهيم بن عبدالله، فوجدت عيسى بن زيد مكمنا عنده، فأخبرته بسوء تدبيره وخرجنا معه حتى اصيب رحمه الله، ثم مضيت مع ابن أخي الاشتر عبدالله بن محمد بن عبدالله بن حسن حتى اصيب بالسند، ثم رجعت شريدا طريدا، تضيق علي البلاد، فلما ضاقت علي الارض واشتد [بي] الخوف، ذكرت ما قال أبوعبدالله عليه السلام: فجئت إلى المهدي وقد حج وهو يخطب الناس في ظل الكعبة، فما شعر إلا وأني قد قمت من تحت المنبر فقلت: لي الامان يا أمير المؤمنين؟ وأدلك على نصيحة لك عندي؟ فقال نعم ما هي؟ قلت: أدلك على موسى بن عبدالله بن حسن، فقال لي: نعم لك الامان، فقلت له: أعطني ما أثق به، فأخذت منه عهودا ومواثيق ووثقت لنفسي ثم قلت: أنا موسى بن عبدالله، فقال لي: إذا تكرم وتحبا فقلت له: اقطعني إلى بعض أهل بيتك، يقوم بأمري عندك، فقال لي: انظر إلى من أردت، فقلت: عمك العباس بن محمد فقال العباس لا حاجة لي فيك، فقلت: ولكن لي فيك الحاجة، أسألك بحق أمير المؤمنين إلا قبلتني فقبلني، شاء أو أبى، وقال لي المهدي: من يعرفك؟ - وحوله أصحابنا أو اكثرهم - فقلت: هذا الحسن بن زيد يعرفني وهذا موسى بن جعفر يعرفني وهذا الحسن بن عبدالله ابن العباس يعرفني، فقالوا: نعم يا أمير المؤمنين كأنه لم يغب عنا، ثم قلت للمهدي يا أمير المؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام أبوهذا الرجل وأشرت إلى موسى بن جعفر، قال موسى بن عبدالله: وكذبت على جعفر كذبة فقلت له: وأمرني أن أقرئك السلام وقال إنه إمام عدل وسخاء، قال: فأمر لموسى بن جعفر بخمسة آلاف دينار.
فأمر لي منها موسى بألفي دينار ووصل عامة أصحابه ووصلني، فأحسن صلتي، فحيث ما ذكر ولد محمد بن علي بن الحسين، فقولوا صلى الله عليه وملائكته وحملة عرشه والكرام الكاتبون وخصوا أبا عبدالله بأطيب ذلك، وجزى موسى بن جعفر عني خيرا، فأنا والله مولاهم بعد الله )).
18- عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال:
(( حدثنا عبدالله بن المفضل مولى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما خرج الحسين بن علي المقتول بفخ واحتوى على المدينة، دعا موسى بن جعفر إلى البيعة، فأتاه فقال له: يا أبن عم لا تكلفني ما كلف ابن عمك عمك أبا عبدالله فيخرج مني ما لا اريد كما خرج من أبي عبدالله ما لم يكن يريد، فقال له الحسين: إنما عرضت عليك أمرا فإن أردته دخلت فيه، وإن كرهته لم أحملك عليه والله المستعان، ثم ودعه، فقال له أبوالحسن موسى بن جعفر حين ودعه يا ابن عم إنك مقتول فأجد الضراب فإن القوم فساق يظهرون إيمانا ويسترون شركا وإنا لله وإنا إليه راجعون، أحتسبكم عند الله من عصبة، ثم خرج الحسين وكان من أمره ما كان، قتلوا كلهم كما قال عليه السلام )).
19- عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال :
(( كتب يحيى بن عبدالله ابن الحسن إلى موسى بن جعفر عليهما السلام " أما بعد فإني اوصي نفسي بتقوى الله وبها اوصيك فإنها وصية الله في الاولين ووصيته في الآخرين، خبرني من ورد علي من أعوان الله على دينه ونشر طاعته بما كان من تحننك مع خذلانك، وقد شاورت في الدعوة للرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك وقديما ادعيتم ما ليس لكم وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله، فاستهويتم وأظللتم وأنا محذرك ما حذرك الله من نفسه ".
فكتب إليه أبوالحسن موسى بن جعفر عليه السلام " من موسى بن أبي عبدالله جعفر وعلي مشتركين في التذلل لله وطاعته إلى يحيى بن عبدالله بن حسن، أما بعد فإني احذرك الله ونفسي واعلمك إليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته، واوصيك و نفسي بتقوى الله فإنها زين الكلام وتثبيت النعم، أتاني كتابك تذكر فيه أني مدع وأبي من قبل، وما سمعت ذلك مني وستكتب شهادتهم ويسألون ولم يدع حرص الدنيا ومطالبها لاهلها مطلبا لآخرتهم، حتى يفسد عليهم مطلب آخرتهم في دنياهم وذكرت أني ثبطت الناس عنك لرغبتي فيما في يديك وما منعني من مدخلك الذي أنت فيه لو كنت راغبا ضعف عن سنة ولا قلة بصيرة بحجة ولكن الله تبارك وتعالى خلق الناس أمشاجا وغرائب وغرائز، فأخبرني عن حرفين أسألك عنهما ما العترف في بدنك وما الصهلج في الانسان، ثم اكتب إلي بخبر ذلك وأنا متقدم إليك احذرك معصية الخليفة و أحثك على بره وطاعته وأن تطلب لنفسك أمانا قبل ان تأخذك الاظفار ويلزمك الخناق من كل مكان، فتروح إلى النفس من كل مكان ولا تجده، حتى يمن الله عليك بمنه وفضله ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك ويحفظ فيك أرحام رسول الله والسلام على من اتبع الهدى، إنا قد اوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى.
قال الجعفري: فبلغني أن كتاب موسى بن جعفر عليه السلام وقع في يدي هارون فلما قرأه قال: الناس يحملوني على موسى بن جعفر وهو برئ مما يرمى به.
تم الجزء الثاني من كتاب الكافي ويتلوه بمشيئة الله وعونه الجزء الثالث وهو باب كراهية التوقيت.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين.
ست وسبعون : باب كراهية التوقيت :
1- عن أبي حمزة الثمالي قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: يا ثابت إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الامر في السبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل الارض، فأخره إلى أربعين و ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب.
قال أبوحمزة: فحدثت بذلك أبا عبدالله عليه السلام فقال: قد كان كذلك )).
2- عن عبد الرحمن ابن كثير قال :
(( كنت عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه مهزم، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الامر الذي ننتظر، متى هو؟ فقال: يا مهزم كذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلمون )).
3- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سألته عن القائم عليه السلام فقال: كذب الوقاتون، إنا أهل بيت لا نوقت )).
4- أحمد باسناده قال:
(( قال: أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين )).
5- عن الفضل بن يسار، عن ابي جعفر عليه السلام قال:
(( قلت: لهذا الامر وقت؟ فقال كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، إن موسى عليه السلام لما خرج وافدا إلى ربه، واعدهم ثلاثين يوما، فلما زاده الله على الثلاثين عشرا، قال قومه: قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا، فإذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم [به] فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتين ))
6- عن أبيه علي بن يقطين قال:
(( قال لي أبوالحسن عليه السلام: الشيعة تربى بالاماني منذ مأتي سنة، قال: وقال يقطين لابنه علي بن يقطين: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن؟ قال: فقال له علي: إن الذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد، غير أن أمركم حضر، فاعطيتم محضة، فكان كما قيل لكم، وإن أمرنا لم يحضر، فعللنا بالاماني، فلو قيل لنا: إن هذا الامر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجع عامة الناس من الاسلام ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألفا لقلوب الناس وتقريبا للفرج )).
7- عن إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( ذكرنا عنده ملوك آل فلان فقال: إنما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر، إن الله لا يعجل لعجلة العباد إن لهذا الامر غاية ينتهي إليها، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا )).
سبع وسبعون : باب التمحيص والامتحان :
1- عن يعقوب السراج وعلي بن رئاب :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب بخطبة ذكرها يقول فيها: ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة، حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سباقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا، والله ما كتمت وسمة ولا كذبت كذبة، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم )).
2- عن ابن أبي يعفور قال :
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ويل لطغاة العرب، من أمر قد اقترب، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير، قلت: والله إن من يصف هذا الامر منهم لكثير، قال: لا بد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير )).
3- عن منصور قال:
(( قال لي أبوعبد الله عليه السلام يا منصور إن هذا الامر لا يأتيكم إلا بعد إياس ولا والله حتى تميزوا ولا والله حتى تمحصوا ولا والله حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد.
4- عن معمر بن خلاد قال:
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: " الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون " ثم قال لي: ما الفتنة؟ قلت: جعلت فداك الذي عندنا الفتنة في الدين، فقال: يفتنون كما يفتن الذهب، ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب )).
5- عن سليمان بن صالح رفعه عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قال: إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال، فمن أقر به فزيدوه، ومن أنكره فذروه، إنه لا بد من أن يكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة حتى يسقط فيها من يشق الشعر بشعرتين، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا )).
6- عن محمد بن منصور الصيقل، عن أبيه قال:
(( كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوسا وأبوعبدالله عليه السلام يسمع كلامنا، فقال لنا في أي شئ أنتم؟ هيهات، هيهات ! ! لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تميزوا لا والله ما يكون ما تمدون إليه أعينكم إلا بعد إياس، ولا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد )).
ثمان وسبعون : باب أنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر :
1- عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:
(( اعرف إمامك فإنك إذا عرفت لم يضرك، تقدم هذا الأمر أو تأخر )).
2- عن الفضيل بن يسار قال:
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تبارك و تعالى: " يوم ندعو كل اناس بإمامهم " فقال: يا فضيل اعرف إمامك، فانك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل ان يقوم صاحب هذا الامر، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه، قال: وقال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله )).
3- عن أبي بصير قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك متى الفرج؟ فقال: يا أبا بصير وأنت ممن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الامر فقد فرج عنه لانتظاره )).
4- عن إسماعيل بن محمد الخزاعي قال:
(( سأل أبوبصير أبا عبدالله عليه السلام وأنا أسمع، فقال: تراني ادرك القائم عليه السلام؟ فقال: يا أبا بصير ألست تعرف إمامك؟ فقال: إي والله وأنت هو - وتناول يده - فقال: والله ما تبالي يا أبا بصير ألا تكون محتبيا بسيفك في ظل رواق القائم صلوات الله عليه)).
5- عن فضيل بن يسار قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية، ومن مات وهو عارف لامامه لم يضره، تقدم هذا الامر أو تأخر ومن مات و هو عارف لامامه، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه )).
6- علي بن هاشم، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( ما ضر من مات منتظرا لامرنا ألا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره )).
7- عن عمر بن أبان قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: اعرف العلامة فإذا عرفته لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، إن الله عزوجل يقول: " يوم ندعو كل اناس بإمامهم " فمن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط المنتظر عليه السلام )) .
تسع وسبعون : باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها باهل :
1- عن سورة ابن كليب، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قلت له: قول الله عزوجل: " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسود "؟ قال: من قال: إني إمام وليس بامام قال: قلت: وإن كان علويا؟ قال: وإن كان علويا، قلت وإن كان من ولد علي ابن أبي طالب عليه السلام؟ قال: وإن كان.
2- عن الفضيل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( من ادعى الامامة وليس من أهلها فهو كافر )).
3- عن الحسين بن المختار قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله "؟ قال: كل من زعم أنه إمام وليس بإمام، قلت: وإن كان فاطميا علويا؟ قال وإن كان فاطميا علويا )).
4- عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سمعته يقول: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيبا )).
5- عن الوليد بن صبيح قال:
(( سمعت أبا عبدالله يقول إن هذا الامر لا يدعيه غير صاحبه إلا تبر الله عمره )).
6- عن طلحة بن زيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( من أشرك مع إمام إمامته من عند الله من ليست إمامته من الله كان مشركا بالله )).
7- عن محمد بن مسلم قال:
((( قلت لابي عبدالله عليه السلام: رجل قال لي: اعرف الآخر من الائمة ولا يضرك أن لا تعرف الاول، قال: فقال: لعن الله هذا، فاني ابغضه ولا أعرفه، وهل عرف الآخر إلا بالاول )).
8- عن ابن مسكان قال:
((سألت الشيخ ، عن الائمة عليه السلام قال: من أنكر واحدا من الاحياء فقد أنكر الاموات )).
9- عن محمد بن منصور قال:
(( سألته عن قول الله عزوجل: " وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون " قال فقال: هل رأيت أحدا زعم أن الله أمر بالزنا وشرب الخمر أو شئ من هذه المحارم؟ فقلت: لا، فقال: ما هذه الفاحشة التي يدعون أن الله أمرهم بها قلت: الله أعلم ووليه، قال: فإن هذا في أئمة الجور، ادعوا أن الله أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمرهم الله بالائتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم فأخبر أنهم قد قالوا عليه الكذب وسمى ذلك منهم فاحشة )).
10- عن محمد بن منصور قال:
(( سألت عبدا صالحا عن قول الله عزوجل: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن " قال: فقال: إن القرآن له ظهر وبطن فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق )).
11- عن جابر قال:
(( سالت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله " قال: هم والله أولياء فلان وفلان، اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما، فلذلك قال " ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هو بخارجين من النار " ثم قال أبوجعفر عليه السلام: هم والله يا جابر أئمة الظلمة وأشياعهم )).
12- عن ابن ابي يعفور قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في السلام نصيبا )).
ثمانون : باب فيمن دان الله عزوجل بغير إمام من الله جل جلاله :
1- عن ابن أبي نصر،
(( عن ابي الحسن عليه السلام في قوله الله عزوجل: " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله " قال: يعني من اتخذ دينه رأيه، بغير إمام من أئمة الهدى )).
2- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير والله شانئ لاعماله ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت ذاهبة وجائية يومها، فلما جنها الليل بصرت بقطيع مع غير راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فباتت معها في ربضتها فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها، فبصرت بغنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك، فإنك تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة متحيرة نادة لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فاكلها، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عزوجل ظاهرا عادلا أصبح ضالا تائها وإن مات على هذه الحال ما ت ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلو وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد )).
3- عن عبد الله بن أبي يعفور قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: إني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا، لهم أمانة و صدق ووفاء، وأقوام يتولونكم، ليس لهم تلك الامانة ولا الوفاء والصدق؟ قال: فاستوى أبوعبدالله عليه السلام جالسا فأقبل علي كالغضبان، ثم قال: لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله، قلت: لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء؟ ! قال: نعم لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء، ثم قال، ألا تسمع لقول الله عزوجل: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " يعني [من] ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل من الله وقال: " والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الاسلام فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله عزوجل خرجوا بولايتهم [إياه] من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب الله لهم النار من الكفار، ف " أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " )).
4- عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قال الله تبارك وتعالى: لاعذبن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله، وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية، ولاعفون عن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل إمام عادل من الله وإن كانت الرعيه في أنفسها ظالمة مسيئة )).
5- عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قال: إن الله لا يستحيي أن يعذب امة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية وإن الله ليستحيي أن يعذب امة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة )).
واحد وثمانون : باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى وهو من الباب الأول :
1- عن الفضيل بن يسار قال:
(( ابتدأنا أبوعبدالله عليه السلام يوما وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية، فقلت: قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: إي والله قد قال، قلت: فكل من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية؟ ! قال: نعم )).
2- عن ابن أبي يعفور قال:
(( سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية، قال: قلت: ميتة كفر؟ قال: ميتة ضلال، قلت: فمن مات اليوم وليس له أمام، فميتته ميتة جاهلية؟ فقال: نعم )).
3- عن الحارث بن المغيرة قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت: جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال )).
4- عن المفضل بن عمر قال:
(( قال أبوعبدالله عليه السلام: من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله - البتة - إلى العناء ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون )).
اثنان وثمانون : باب فيمن عرف الحق من أهل البيت ومن أنكر :
1- عن سليمان بن جعفر قال:
(( سمعت الرضا عليه السلام يقول: إن علي بن عبدالله بن الحسين ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام وامرأته وبنيه من أهل الجنة، ثم قال: من عرف هذا الامر من ولد علي وفاطمة عليهما السلام لم يكن كالناس )).
2- حدثنا أحمد ابن عمر الحلال قال:
(( قلت لابي الحسن عليه السلام: أخبرني عمن عاندك ولم يعرف حقك من ولد فاطمة؟ هو وسائر الناس سواء في العقاب؟ فقال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: عليهم ضعفا العقاب )).
3- حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي قال:
(( حدثنا ربعي بن عبدالله قال: قال لي عبدالرحمن ابن أبي عبدالله قلت لابي عبدالله عليه السلام: المنكر لهذا الامر من بني هاشم وغيرهم سواء؟ فقال لي: المنكر، ولكن قل: الجاحد من بني هاشم وغيرهم، قال أبوالحسن: فتفكرت [فيه] فذكرت قول الله عزوجل في إخوة يوسف: " فعرفهم وهم له منكرون " )).
4- عن ابن أبي نصر قال:
(( سألت الرضا عليه السلام قلت له: الجاحد منكم ومن غيركم سواء؟ فقال: الجاحد منا له ذنبان و المحسن له حسنتان )).
باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام :
1- عن يعقوب بن شعيب قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: إذا حدث على الامام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: أين قول الله عزوجل: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قوهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " قال: هم في عذر ما داموا في الطلب وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر، حتى يرجع إليهم أصحابهم )).
2- حدثنا حماد، عن عبد الأعلى قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول العامة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية، فقال: الحق و الله، قلت: فإن إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال: لا يسعه إن الامام إذا هلك وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم، إن الله عزوجل يقول: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذورن " قلت: فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟ قال: إن الله عزوجل يقول: " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله " قلت: فبلغ البلد بعضه فوجدك مغلقا عليك بابك، ومرخى عليك سترك، لا تدعوهم إلى نفسك ولا يكون من يدلهم عليك فبما يعرفون ذلك؟ قال: بكتاب الله المنزل قلت: فيقول الله عزوجل كيف؟ قال: أراك قد تكلمت في هذا قبل اليوم، قلت: أجل، قال فذكر ما أنزل الله في علي عليه السلام وما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله في حسن وحسين عليهما السلام وما خص الله به عليا عليه السلام وما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله من وصيته إليه ونصبه إياه وما يصيبهم وإقرار الحسن والحسين بذلك و وصيته إلى الحسن وتسليم الحسين له بقول الله: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " قلت فإن الناس تكلموا في أبي جعفر عليه السلام ويقولون: كيف تخطت من ولد أبيه من له مثل قرابته ومن هو أسن منه وقصرت عمن هو أصغر منه، فقال: يعرف صاحب هذا الامر بثلاث خصال لا تكون في غيره: هو أولى الناس بالذين قبله وهو وصيه، وعنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيته وذلك عندي، لا انازع فيه، قلت: إن ذلك مستور مخافة السلطان؟ قال: لا يكون في ستر إلا وله حجة ظاهرة، إن أبي استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبدالله بن عمر، قال: اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه " يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " و أوصى محمد بن علي إلى ابنه جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمع وأن يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع، ثم يخلي عنه، فقال: اطووه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت بعد ما انصرفوا: ما كان في هذا يا أبت أن تشهد عليه؟ فقال: إني كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص، فأردت أن تكون لك حجة فهو الذي إذا قدم الرجل البلد قال: من وصي فلان، قيل فلان، قلت: فإن اشرك في الوصية؟ قال: تسألونه فإنه سيبين لكم )).
3- عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام:
(( أصلحك الله بلغنا شكواك وأشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟ قال: إن عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله، قلت: أفيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: أما أهل هذه البلدة فلا - يعني المدينة - وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قوهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " قال: قلت: أرأيت من مات في ذلك فقال: هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، قال: قلت: فإذا قدموا بأي شئ يعرفون صاحبهم؟ قال: يعطى السكينة والوقار والهيبة )).
ثلاث وثمانون : باب في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار اليه :
- عن أبي جرير القمي قال:
(( قلت لابي الحسن عليه السلام: جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك ثم إليك، ثم حلفت له: وحق رسول الله صلى الله عليه وآله وحق فلان وفلان حتى انتهيت إليه بأنه لا يخرج مني ما تخبرني به إلى أحد من الناس، وسألته عن أبيه أحي هو أو ميت؟ فقال قد والله مات، فقلت: جعلت فداك إن شيعتك يروون: أن فيه سنة أربعة أنبياء، قال: قد والله الذي لا إله إلا هو هلك، قلت: هلاك غيبة أو هلاك موت؟ قال: هلاك موت، فقلت: لعلك مني في تقية؟ فقال سبحان الله، قلت: فأوصى إليك؟ قال: نعم، قلت: فأشرك معك فيها أحدا؟ قال: لا، قلت: فعليك من إخوتك إمام؟ قال: لا، قلت: فأنت الامام؟ قال: نعم )).
2- عن علي بن أسباط قال:
(( قلت للرضا عليه السلام: إن رجلا عنى أخاك إبراهيم، فذكر له أن أباك في الحياة، وأنك تعلم من ذلك ما يعلم، فقال سبحان الله يموت رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يموت موسى عليه السلام قد والله مضى كما مضى رسول الله صلى الله عليه واله ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا يمن بهذا الدين على أولاد الاعاجم ويصرفه عن قرابة نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء، لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعتق مماليكه ولكن قد سمعت ما لقي يوسف من إخوته )).
3- عن الوشاء قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام :
(( إنهم رووا عنك في موت أبي الحسن عليه السلام أن رجلا قال لك: علمت ذلك بقول سعيد، فقال: جاء سعيد بعد ما علمت به قبل مجيئه، قال: وسمعته يقول طلقت أم فروة بنت إسحاق في رجب بعد موت أبى الحسن بيوم، قلت: طلقتها وقد علمت بموت أبي الحسن؟ قال: نعم، قلت: قبل أن يقدم عليك سعيد؟ قال: نعم )).
4- عن صفوان قال:
(( قلت للرضا عليه السلام: أخبرني عن الامام متى يعلم أنه إمام؟ حين يبلغه أن صاحبه قد مضى أو حين يمضي؟ مثل أبي الحسن قبض ببغداد وأنت ههنا، قال: يعلم ذلك حين يمضي صاحبه، قلت: بأي شئ؟ قال: يلهمه الله )).
5- عن هارون ابن الفضل قال :
(( رأيت أبا الحسن علي بن محمد في اليوم الذي توفي فيه أبوجعفر عليه السلام فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى أبوجعفر عليه السلام، فقيل له: وكيف عرفت؟ قال: لانه تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها )).
6- عن مسافر قال:
(( أمر أبوإبراهيم عليه السلام - حين أخرج به - أبا الحسن عليه السلام أن ينام على بابه في كل ليلة أبدا ما كان حيا إلى أن يأتيه خبره قال: فكنا في كل ليلة نفرش لابي الحسن في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء فينام فإذا أصبح انصرف إلى منزله، قال: فمكث على هذه الحال أربع سنين، فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له فلم يأت كما كان ياتي، فاستوحش العيال وذعروا ودخلنا أمر عظيم من إبطائه، فلما كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال وقصد إلى ام أحمد فقال لها: هات التي أودعك أبي، فصرخت ولطمت وجهها وشقت جيبها وقالت: مات والله سيدي، فكفها وقال لها لا تكلمي بشئ ولا تظهريه، حتى يجيئ الخبر إلى الوالي، فأخرجت إليه سفطا وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره وقالت: إنه قال لي فيما بيني وبينه وكانت أثيرة(1) عنده: احتفظي بهذه الوديعة عندك، لا تطلعي عليها أحدا حتى أموت، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك، فادفعيها إليه واعلمي أني قدمت وقد جاء ني والله علامة سيدي، فقبض ذلك منها وأمرهم بالامساك جميعا إلى أن ورد الخبر، وانصرف فلم يعد لشئ من المبيت كما كان يعفل، فما لبثنا إلا أياما يسيرة حتى جاءت الخريطة بنعيه فعددنا الايام وتفقدنا الوقت فإذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبوالحسن عليه السلام ما فعل، من تخلفه عن المبيت وقبضه لما قبض )).
أربع وثمانون : باب حالات الأئمة عليهم السلام في السن :
1- عن يزيد الكناسي، قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام أكان عيسى ابن مريم عليه السلام حين تكلم في المهد حجة [ا] لله على أهل زمانه؟ فقال: كان يومئذ نبيا حجة [ا] لله غير مرسل أما تسمع لقوله حين قال: " إني عبدالله آتاني الكتاب وجعلني نبيا و جعلني مباركا أينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا(2) " قلت: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال: كان عيسى في تلك الحال آية للناس ورحمة من الله لمريم حين تكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضيت له سنتان وكان زكريا الحجة لله عزوجل على الناس بعد صمت عيسى بسنتين ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع لقوله عزوجل: " يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا " فلما بلغ عيسى عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله تعالى إليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى الناس أجمعين وليس تبقى الارض يا ابا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم عليه السلام وأسكنه الارض، فقلت: جعلت فداك أكان علي عليه السلام حجة من الله ورسوله على هذه الامة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: نعم يوم أقامه للناس ونصبه علما ودعاهم إلى ولايته وأمرهم بطاعته، قلت: وكانت طاعة علي عليه السلام واجبة على الناس في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد وفاته؟ فقال: نعم ولكنه صمت فلم يتكلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وآله على امته وعلى علي عليه السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الطاعة من الله ومن رسوله على الناس كلهم لعلي عليه السلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وكان علي عليه السلام حكيما عالما )).
2- عن صفوان بن يحيى قال:
(( قلت للرضا عليه السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليه السلام فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهب الله لك فقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك، فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين !؟ قال، وما يضره من ذلك شئ، قد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين )).
3- عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال:
(( قلت له: إنهم يقولون في حداثة سنك، فقال: إن الله تعالى أوحى إلى داود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل وعلماؤهم، فأوحى الله إلى داود عليه السلام أن خذ عصا المتكلمين وعصا سليمان واجعلهما في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فإذا كان من الغد، فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة، فأخبرهم داود، فقالوا: قد رضينا وسلمنا )).
4- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال أبوبصير:
(( دخلت إليه ومعي غلام خماسي لم يبلغ، فقال لي: كيف أنتم إذا احتج عليكم بمثل سنة [أو قال: سيلي عليكم بمثل سنه] )).
5- عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال:
(( سألته - يعني أبا جعفر عليه السلام - عن شئ من أمر الامام، فقلت: يكون الامام ابن أقل من سبع سنين؟ فقال: نعم وأقل من خمس سنين، فقال سهل: فحدثني علي بن مهزيار بهذا في سنة إحدى وعشرين ومائتين )).
6- عن الخيراني، عن أبيه قال:
(( كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان، فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر أبني، فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام، فقال أبوالحسن عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم عليه السلام رسولا، نبيا، صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبوجعفر )).
7- عن علي بن أسباط قال:
(( رأيت أبا جعفر عليه السلام وقد خرج علي فأخذت النظر إليه وجعلت أنظر إلى رأسه ورجليه، لاصف قامته لاصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتى قعد، فقال: يا علي إن الله احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال: " وآتيناه الحكم صبيا " و " لما بلغ أشده " " وبلغ أربعين سنة " فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتاها وهو ابن أربعين سنة )).
8- علي بن إبراهيم، عن أبيه قال:
(( قال علي بن حسان لابي جعفر عليه السلام: يا سيدي إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك، فقال: وما ينكرون من ذلك قول الله عزوجل؟ لقد قال الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " فوالله ما تبعه إلا علي عليه السلام وله تسع سنين وأنا ابن تسع سنين )).
خمس وثمانون : باب أن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمة عليهم السلام :
1- عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره، عن الرضا عليه السلام قال:
(( قلت له: إنهم يحاجونا يقولون: إن الامام لا يغسله إلا الامام قال: فقال: ما يدريهم من غسله؟ فما قلت لهم؟ قال: فقلت: جعلت فداك قلت لهم: إن قال إنه غسله تحت عرش ربي فقد صدق وإن قال: غسله في تخوم الارض فقد صدق قال: لا هكذا [قال] فقلت: فما أقول لهم؟ قال: قل لهم: إني غسلته، فقلت: أقول لهم إنك غسلته؟ فقال: نعم )).
2- الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور قال: حدثنا أبومعمر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الامام يغسله الامام، قال: سنة موسى بن عمران عليه السلام.
3- وعنه، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن يونس، عن طلحة قال قلت للرضا عليه السلام: إن الامام لا يغسله إلا الامام؟ فقال: أما تدرون من حضر لغسله(2) قد حضره خير ممن غاب عنه: الذين حضروا يوسف في الجب حين غاب عنه أبواه وأهل بيته.
ست وثمانون : باب مواليد الائمة عليهم السلام :
1- عن أبي بصير قال:
(( حججنا مع أبي عبدالله عليه السلام في السنة التي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام، فلما نزلنا الابواء وضع لنا الغداء وكان إذا وضع الطعام لاصحابه أكثر وأطاب، قال: فبينا نحن نأكل إذا أتاه رسول حميدة فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا، فقام أبوعبد الله عليه السلام فانطلق مع الرسول، فلما انصرف قال له أصحابه: سرك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حميدة؟ قال سلمها الله وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ الله في خلقه ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرف ولقد كنت أعلم به منها، فقلت: جعلت فداك وما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟ قال: ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الارض، رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده، فقلت: جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده؟ فقال لي: إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتى آت جد أبي بكاس فيه شربة أرق من الماء وألين من الزبد وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن، فسقاه إياه وأمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدي ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه كما سقى جد أبي وأمره بمثل الذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم فقمت بعلم الله وإني مسرور بما يهب الله لي، فجامعت فعلق بابني هذا المولود فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي، إن نطفة الامام مما أخبرتك وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وانشئ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال له: حيوان فكتب على عضده الايمن " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " وإذا وقع من بطن امه وقع واضعا يديه على الارض رافعا رأسه إلى السماء فأما وضعه يديه على الارض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الارض وأما رفعه رأسه إلى السماء فان مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الافق الاعلى باسمه واسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان اثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني وأحللت جواري، ثم وعزتي وجلالي لاصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " قال: فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الاول والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من الملائكة، أليس يقول الله تبارك وتعالى: " تنزل الملائكة والروح ".
2- عن الحسن بن راشد قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الله تبارك و تعالى إذا أحب أن يخلق الامام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه فمن ذلك يخلق الامام، فيمكث أربعين يوما وليلة في بطن امه لا يسمع الصوت ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث ذلك الملك فيكتب بين عينيه: " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " فإذا مضى الامام الذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى أعمال الخلائق، فبهذا يحتج الله على خلقه )).
3- عن يونس بن ظبيان قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الله عزوجل إذا أراد أن يخلق الامام من الامام بعث ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثم أوقعها أو دفعها إلى الامام فشربها، فيمكث في الرحم أربعين يوما لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته امه بعث الله إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة، فكتب على عضده الايمن " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته " فإذا قام بهذا الامر رفع الله له في كل بلدة منارا ينظر به إلى أعمال العباد )).
4- عن محمد بن مروان قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الامام ليسمع في بطن امه فإذا ولد خط بين كتفيه " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " فإذا صار الامر إليه جعل الله له عمودا من نور، يبصر به ما يعمل أهل كل بلدة )).
5- عن عبدالله بن إبراهيم الجعفري قال: سمعت إسحاق بن جعفر يقول:
(( سمعت أبي يقول: الاوصياء إذا حملت بهم امهاتهم أصابها فترة شبه الغشية، فأقامت في ذلك يومها ذلك إن كان نهارا، أو ليلتها إن كان ليلا، ثم ترى في منامها رجلا يبشرها بغلام، عليم حليم، فتفرح لذلك، ثم تنتبه من نومها، فتسمع من جانبها الايمن في جانب البيت صوتا يقول: حملت بخير وتصيرين إلى خير وجئت بخير، أبشري بغلام، حليم عليم، وتجد خفة في بدنها ثم لم تجد بعد ذلك امتناعا من جنبيها وبطنها فإذا كان لتسع من شهرها سمعت في البيت حسا شديدا، فإذا كانت الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه لا يراه غيرها إلا أبوه، فإذا ولدته ولدته قاعدا وتفتحت له حتى يخرج متربعا يستدير بعد وقوعه إلى الارض، فلا يخطئ القبلة حيث كانت بوجهه، ثم يعطس ثلاثا يشير بأصبعه بالتحميد ويقع مسروا مختونا ورباعيتاه من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهبا وكذلك الانبياء إذا ولدوا وإنما الاوصياء أعلاق من الانبياء )).
6- عن جميل بن دراج قال روى غير واحد من أصحابنا أنه قال:
(( لا تتكلموا في الامام فإن الامام يسمع الكلام وهو في بطن امه فاذا وضعته كتب الملك بين عينيه " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم " فإذا قام بالامر رفع له في كل بلدة منار ينظر منه إلى أعمال العباد )).
7- عن محمد بن عيسى بن عبيد قال:
(( كنت أنا وابن فضال جلوسا إذ أقبل يونس فقال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقلت له: جعلت فداك قد أكثر الناس في العمود، قال: فقال لي: يا يونس ما تراه، أتراه عمودا من حديد يرفع لصاحبك؟ قال: قلت: ما أدري، قال: لكنه ملك موكل بكل بلدة يرفع الله به أعمال تلك البلدة، قال فقام ابن فضال فقبل رأسه وقال: رحمك الله يا أبا محمد لا تزال تجيئ بالحديث الحق الذي يفرج الله به عنا )).
8- عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( للامام عشر علامات: يولد مطهرا، مختونا، وإذا وقع على الارض وقع على راحته رافعا صوته بالشهادتين، ولا يجنب، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يتثاء ب ولا يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك والارض موكلة بستره وابتلاعه، وإذا لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله كانت عليه وفقا وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبرا، وهو محدث إلى أن تنقضي أيامه )).
سبع وثمانون : باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم عليهم السلام :
- عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( إن الله خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك وخلق أرواح شيعتنا من عليين وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحن إلينا )).
2- عن محمد بن مروان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول:
(( إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقا وبشرا نورانيين لم يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا و أبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل الله لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للانبياء، ولذلك صرنا نحن وهم: الناس، وصار سائر الناس همج، للنار وإلى النار )).
3- عن علي بن رئاب رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال:
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن لله نهرا دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور نوره وإن في حافتي النهر روحين مخلوقين: روح القدس وروح من أمره وإن لله عشر طينات، خمسة من الجنة وخمسة من الارض، ففسر الجنان وفسر الارض، ثم قال: ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلا نفخ فيه من إحدى الروحين وجعل النبي صلى الله عليه وآله من إحدى الطينتين، قلت لابي الحسن الاول عليه السلام ما الجبل فقال: الخلق غيرنا أهل البيت، فإن الله عزوجل خلقنا من العشر طينات ونفخ فينا من الروحين جميعا فأطيب بها طيبا )).
وروى غيره، عن أبي الصامت قال: طين الجنان جنة عدن وجنة المأوى وجنة النعيم والفردوس والخلد وطين الارض مكة والمدينة والكوفة وبيت المقدس والحائر.
4- عن أبي حمزة الثمالي قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا، لانها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الابرار لفي عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم يشهده المقربون " و خلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لانها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين * وما أدراك ما سجين * كتاب مرقوم " )).
ثمان وثمانون : باب التسليم وفضل المسلمين :
1- عن سدير قال:
(( قلت لابي جعفر عليه السلام: إني تركت مواليك مختلفين يتبرء بعضهم من بعض قال: فقال: وما أنت وذاك، إنما كلف الناس ثلاثة: معرفة الائمة، والتسليم لهم فيما ورد عليهم، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه )).
2- عن عبد الله الكاهلي قال: قال أبوعبد الله عليه السلام:
(( لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله الا صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثم تلا هذه الآية " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما " ثم قال أبوعبدالله عليه السلام: عليكم بالتسليم )).
3- عن زيد الشحام، عن عبدالله عليه السلام قال قلت له:
(( إن عندنا رجلا يقال له كليب، لا يجيئ عنكم شئ إلا قال: أنا اسلم، فسميناه كليب تسليم، قال: فترحم عليه، ثم قال: أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا، فقال: هو والله الاخبات، قول الله عزوجل: " الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم" )).
4- عن محمد بن مسلم :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا " قال: الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وألا يكذب علينا )).
5- عن كامل التمار قال:
(( قال أبوجعفر عليه السلام " قد أفلح المؤمنون " أتدري من هم؟ قلت أنت أعلم، قال: قد أفلح المؤمنون المسلمون، إن المسلمين هم النجباء، فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء )).
6- عن يحيى بن زكريا الانصاري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سمعته يقول: من سره أن يستكمل الايمان كله فليقل: القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد، فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني )).
7- عن زرارة أو بريد، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( قال: لقد خاطب الله أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه قال: قلت: في أي موضع؟ قال: في قوله: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما * فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " فيما تعاقدوا عليه لئن أمات الله محمدا ألا يردوا هذا الامر في بني هاشم " ثم لا يجدوا في أنفسه حرجا مما قضيت (عليهم من القتل أو العفو) و يسلموا تسليما " )).
8- عن أبي بصير قال:
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه " إلى آخر الآية قال: هم المسلمون لآل محمد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤوا به كما سمعوه )).
تسع وثمانون : باب أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الامام فيسألونه عن معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم له :
1- عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما امروا أن يطوفوا بها، ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم، ثم قرأ هذه الآية " واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم " )).
2- عن داود بن النعمان عن أبي عبيدة قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام - ورأى الناس بمكة وما يعملون - قال فقال: فعال كفعال الجاهلية أما والله ما امروا بهذا وما امروا إلا أن يقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم )).
3- عن سدير قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي، ثم استقبل البيت فقال: يا سدير إنما امر الناس أن ياتوا هذه الاحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله: " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " - ثم أومأ بيده إلى صدره - إلى ولايتنا .
ثم قال: يا سدير فاريك الصادين عن دين الله، ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد، فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، إن هؤلاء الاخابث لو جسلوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله )).
تسعون : باب أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم بالأخبار عليهم السلام
1- عن مسمع كردين البصري قال:
(( كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار، فربما استأذنت على أبي عبدالله عليه السلام وأجد المائدة قد رفعت، لعلي لا أراها بين يديه، فإذا دخلت دعا بها فاصيب معه من الطعام ولا أتأذى بذلك وإذا عقبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقر ولم أنم من النفخة، فشكوت ذلك إليه وأخبرته بأني إذا أكلت عنده لم أتاذ به، فقال: يا أبا سيار إنك تأكل طعام قوم صالحين، تصافحهم الملائكة على فرشهم، قال: قلت ويظهرون لكم؟ قال: فمسح يده على بعض صبيانه، فقال: هم ألطف بصبياننا منا بهم )).
2- عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قال: يا حسين - وضرب بيده إلى مساور في البيت - مساور طال ما اتكت عليها الملائكة وربما التقطنا من زغبها )).
3- عن أبي حمزة الثمالي قال:
(( دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فاحتبست في الدار ساعة، ثم دخلت البيت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت، فقلت: جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقطه أي شئ هو؟ فقال: فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا، نجعله سيحا(1) لاولادنا، فقلت: جعلت فداك وإنهم ليأتونكم؟ فقال: يا أبا حمزة إنهم ليزاحمونا على تكأتنا )).
4- عن علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن عليه السلام قال:
(( سمعته يقول: ما من ملك يهبطه الله في أمر ما يهبطه إلا بدأ بالامام، فعرض ذلك عليه، وإن مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الامر )).
واحد وتسعون : باب أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم :
1- عن سعد الإسكاف قال:
(( أتيت أبا جعفر عليه السلام في بعض ما أتيته فجعل يقول: لا تعجل حتى حميت الشمس علي وجعلت أتتبع الافياء، فما لبث أن خرج علي قوم كأنهم الجراد الصفر، عليهم البتوت قد انتهكتم العبادة، قال: فوالله لانساني ما كنت فيه من حسن هيئة القوم، فلما دخلت عليه قال لي: أراني قد شققت عليك، قلت: أجل والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بي لم أر قوما أحسن هيئة منهم في زي رجل واحد كأن ألوانهم الجراد الصفر، قد انتهكتهم العبادة فقال: يا سعد رأيتهم؟ قلت: نعم قال اولئك إخوانك من الجن، قال: فقلت: يأتونك؟ قال: نعم يأتونا يسألونا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم )).
2- عن ابن جبل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزط ، عليهم ازر وأكسية، فسألنا أبا عبدالله عليه عنهم، فقال: هؤلاء إخوانكم من الجن )).
3- عن سعد الاسكاف قال:
(( أتيت أبا جعفر عليه السلام اريد الاذن عليه، فإذا رحال إبل على الباب مصفوفة، وإذا الاصوات قد ارتفعت، ثم خرج قوم معتمين بالعمائم بشبهون الزط، قال: فدخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت: جعلت فداك أبطأ إذنك علي اليوم ورأيت قوما خرجوا علي معتمين بالعمائم فأنكرتهم فقال: أوتدري من اولئك يا سعد؟ قال: قلت: لا، قال: فقال: اولئك إخوانكم من الجن يأتونا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم ومعالم دينهم )).
4- عن سدير الصيرفي قال:
(( أوصاني أبوجعفر عليه السلام بحوائج له بالمدينة فخرجت، فبينا أنا بين فج الروحاء على راحلتي إذا إنسان يلوي ثوبه قال: فملت إليه وظننت أنه عطشان فناولته الاداوة فقال لي: لا حاجة لي بها وناولني كتاب طينه رطب، قال: فلما نظرت إلى الخاتم إذا خاتم أبي جعفر عليه السلام، فقلت: متى عهدك بصاحب الكتاب قال: الساعة وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثم التفت فإذا ليس عندي أحد، قال: ثم قدم أبوجعفر عليه السلام فلقيته، فقلت: جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب فقال: يا سدير إن لنا خدما من الجن فإذا أردنا السرعة بعثناهم )).
وفي رواية اخرى قال: إن لنا أتباعا من الجن، كما أن لنا أتباعا من الانس فإذا أردنا أمرا بعثناهم.
5- عن محمد بن جحرش قال: حدثتني حكيمة بنت موسى قالت:
(( رأيت الرضا عليه السلام واقفا على باب بيت الحطب وهو يناجي ولست أرى أحدا، فقلت: يا سيدي لمن تناجي؟ فقال: هذا عامر الزهرائي أتاني يسألني ويشكو إلي، فقلت: يا سيدي احب أن أسمع كلامه فقال لي: إنك إن سمعت به حممت سنة، فقلت: يا سيدي احب أن أسمعه، فقال لي: اسمعي، فاستمعت فسمعت شبه الصفير وركبتني الحمى فحممت سنة )).
6- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( بينا أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحيه باب من أبواب المسجد، فهم الناس أن يقتلوه، فأرسل أمير المؤمنين عليه السلام أن كفوا، فكفوا وأقبل الثعبان ينساب حتى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلم على أمير المؤمنين عليه السلام فأشار أمير المؤمنين عليه السلام إليه أن يقف حتى يفرغ من خطبته ولما فرغ من خطبته أقبل عليه فقال: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجن وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك وقد أتيتك يا أمير المؤمنين فما تأمرني به وما ترى؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: اوصيك بتقوى الله وأن تنصرف فتقوم مقام ابيك في الجن، فإنك خليفتي عليهم، قال: فودع عمرو أمير المؤمنين وانصرف فهو خليفته على الجن، فقلت له: جعلت فداك فيأتيك عمرو وذاك الواجب عليه؟ قال: نعم )).
7- عن النعمان بن بشير قال:
(( كنت مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي، فلما أن كنا بالمدينة دخل على أبي جعفر عليه السلام فودعه وخرج من عنده وهو مسرور حتى وردنا الاخيرجة - أول منزل نعدل من فيد(4) إلى المدينة - يوم جمعة فصلينا الزوال، فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتبا، فناوله جابرا فتناوله فقبله ووضعه على عينيه وإذا هو: من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب، فقال له: متى عهدك بسيدي؟ فقال: الساعة فقال له: قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال: بعد الصلاة، ففك الخاتم وأقبل يقرؤه ويقبض وجهه حتى أتى على آخره، ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة، فلما وافينا الكوفة ليلا بت ليلتي، فلما أصبحت أتيته إعظاما له فوجدته قد خرج علي وفي عنقه كعاب، قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول: " أجد منصور بن جمهور أميرا غير مأمور " وأبياتا من نحو هذا فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئا ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته واجتمع علي وعليه الصبيان والناس، و جاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون: جن جابر بن يزيد جن، فوالله ما مضت الايام حتى ورد كتاب هشام بن عبدالملك إلى واليه أن انظر رجلا يقال له: جار بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه، فالتفت إلى جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا: أصلحك الله كان رجلا له علم وفضل و حديث، وحج فجن وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم قال: فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب، فقال الحمد لله الذي عافاني من قتله، قال ولم تمض الايام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر )).
اثنان وتسعون : باب في الائمة عليهم السلام انهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يُسألون البينة ، [عليهم السلام والرحمة والرضوان] :
1- عن أبي عبيدة الحذاء قال:
(( كنا زمان أبي جعفر عليه السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي لها، فلقينا سالم بن أبي حفصة، فقال لي: يا أبا عبيدة من إمامك؟ فقلت أئمتي آل محمد فقال: هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر عليه السلام يقول: من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية؟ فقلت: بلى لعمري، ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فرزق الله المعرفة، فقلت لابي عبدالله عليه السلام: إن سالما قال لي كذا وكذا، قال: فقال: يا أبا عبيدة إنه لا يموت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه، يا ابا عبيدة إنه لم يمنع ما اعطي داود أن اعطي سليمان، ثم قال: يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة )).
2- عن أبان قال :
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل مني يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بينة، يعطي كل نفس حقها )).
3- عن عمار الساباطي قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: بما تحكمون إذا حكمتم؟ قال: بحكم الله وحكم داود فإذا ورد علينا الشئ الذي ليس عندنا، تلقانا به روح القدس )).
4- عن جعيد الهمداني، عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال:
(( سألته بأي حكم تحكمون؟ قال: حكم آل داود، فإن أعيانا شئ تلقانا به روح القدس )).
5- عن عمار الساباطي قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: ما منزلة الائمة؟ قال: كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان، قال: فبما تحكمون؟ قال: بحكم الله وحكم آل داود وحكم محمد صلى الله عليه وآله ويتلقانا به روح القدس )).
ثلاث وتسعون : باب أن مستقى العلم من بيت آل محمد عليهم السلام :
1- عن ابن محبوب قال: حدثنا يحيى بن عبدالله أبي الحسن صاحب الديلم قال:
(( سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول - وعنده انا من اهل الكوفة -: عجبا للناس إنهم اخذوا علمهم كله عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فعملوا به واهتدوا ويرون أن أهل بيته لم يأخذوا علمه، ونحن أهل بيته وذريته في منازلنا نزل الوحي، ومن عندنا خرج العلم إليهم، أفيرون أنهم علموا واهتدوا وجهلنا نحن وضللنا، إن هذا لمحال )).
2- عن الحكم بن عتيبة قال:
(( لقي رجل الحسين بن علي عليهما السلام بالثعلبية وهو يريد كربلا، فدخل عليه فسلم عليه، فقال له الحسين عليه السلام: من أي البلاد أنت؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أما والله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لاريتك أثر جبرئيل عليه السلام من دارنا ونزوله بالوحي على جدي، يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا فعلموا وجهلنا؟ ! هذا ما لا يكون )).
أربع وتسعون : باب أنه ليس شئ من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة عليهم السلام وأن كل شئ لم يخرج من عندهم فهو باطل :
1- عن محمد بن مسلم قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب ولا أحد من الناس يقضي بقضاء حق إلا ما خرج منا أهل البيت وإذا تشعبت بهم الامور كان الخطاء منهم والصواب من علي عليه السلام )).
2- عن زرارة قال:
(( كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال: له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين عليه السلام: " سلوني عما شئتم فلا تسألوني عن شئ إلا أنبأتكم به " قال: إنه ليس أحد عنده علم شئ إلا خرج من عند أمير المؤمنين عليه السلام، فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الامر إلا من ههنا، وأشار بيده إلى بيته )).
3- عن أبي مريم قال قال:
(( أبوجعفر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت )).
4- عن أي بصير قال: قال لي:
(( إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين " ، فليشرق الحكم وليغرب، أما والله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل )).
5- عن أبي بصير قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة ولد الزنا تجوز؟ فقال: لا فقلت: إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز .فقال: اللهم لا تغفر ذنبه ما قال الله للحكم " إنه لذكر لك ولقومك " فليذهب الحكم يمينا وشمالا، فوالله لا يؤخذ العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل عليه السلام )).
6- عن بدر عن أبيه قال:
(( حدثني سلام أبوعلي الخراساني، عن سالم بن سعيد المخزومي قال: بينا أنا جالس عند أبي عبدالله عليه السلام إذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة وابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبي عبدالله عليه السلام ميمون القداح مولى أبي جعفر عليه السلام، فسأله عباد بن كثير فقال: يا أبا عبدالله في كم ثوب كفن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: في ثلاثة أثواب: ثوبين صحاريين وثوب حبرة، وكان في البرد قلة، فكأنما ازور عباد بن كثير من ذلك، فقال: أبوعبدالله عليه السلام إن نخلة مريم عليها السلام إنما كانت عجوة ونزلت من السماء، فما نبت من أصلها كان عجوة وما كان من لقاط فهو لون، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح: والله ما أدري ما هذا المثل الذي ضربه لي أبوعبدالله، فقال ابن شريح: هذا الغلام يخبرك فإنه منهم - يعني ميمون - فسأله فقال ميمون: أما تعلم ما قال لك؟ قال: لا والله، قال: إنه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك أنه ولد من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلم رسول الله عندهم، فما جاء من عندهم فهو صواب وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط )).
خمس وتسعون : باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب :
1- عن جابر قال :
(( قال أبوجعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد صلى الله عليه وآله فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشئ منه لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا والله ما كان هذا، والانكار هو الكفر )).
2- عن مسعدة ابن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين عليهما السلام فقال: والله لو علم أبوذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخا رسول الله صلى الله عليه وآله بينهما، فما ظنكم بسائر الخلق، إن علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فقال: وإنما صار سلمان من العلماء لانه أمرء منا أهل البيت، فلذلك نسبته إلى العلماء )).
3- عن ابن سنان أو غيره رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا صدور منيرة أو قلوب سليمة أو أخلاق حسنة، إن الله أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ على بني آدم " ألست بربكم " فمن وفى لنا وفى الله له بالجنة ومن أبغضنا ولم يؤد إلينا حقنا ففي النار خالدا مخلدا )).
4- عن بعض أصحابنا قال:
(( كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام جعلت فداك ما معنى قول الصادق عليه السلام: حديثنا لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فجاء الجواب إنما معنى قول الصادق عليه السلام - أي: لا يحتمله ملك ولا نبي ولا مؤمن - أن الملك لا يحتمله حتى يخرجه إلى ملك غيره والنبي لا يحتمله حتى يخرجه إلى نبي غيره والمؤمن لا يحتمله حتى يخرجه إلى مؤمن غيره فهذا معنى قول جدي عليه السلام )).
5- عن محمد بن عبدالخالق وأبي بصير قال:
(( قال أبوعبدالله عليه السلام: يا أبا محمد إن عندنا والله سرا من سر الله، وعلما من علم الله، والله ما يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان والله ما كلف الله ذلك أحدا غيرنا ولا استعبد بذلك أحدا غيرنا وإن عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله، أمرنا الله بتبليغه، فبلغنا عن الله عزوجل ما أمرنا بتبليغه، فلم نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواما، خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله وذريته عليهم السلام ومن نور خلق الله منه محمدا وذريته وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمدا وذريته، فبلغنا عن الله ما امرنا بتبليغه، فقبلوه و احتملوا ذلك [فبلغهم ذلك عنا فقبلوه واحتملوه] وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا، فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك، لا والله ما احتملوه، ثم قال: إن الله خلق أقواما لجهنم والنار، فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم واشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا ساحر كذاب، فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثم أطلق الله لسانهم ببعض الحق، فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة، ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته ولولا ذلك ما عبدالله في أرضه، فامرنا بالكف عنهم والستر والكتمان فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه واستروا عمن أمر الله بالستر والكتمان عنه، قال: ثم رفع يده وبكى وقال: اللهم إن هؤلاء لشرذمة قليلون فاجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم ولا تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم، فانك إن أفجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما )).
ست وتسعون : باب ما أمر النبي صلى الله عليه وآله بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم ؟ :
1- عن ابن أبي يعفور :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطب الناس في مسجد الخيف فقال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله، والنصحية لائمة المسلمين، واللزم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المسلمون إخوة تتكافى دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم )).
ورواه أيضا عن حماد بن عثمان، عن أبان، عن ابن أبي يعفور مثله وزاد فيه: وهم يد على من سواهم وذكر في حديثه أنه خطب في حجة الوداع بمنى في مسجد الخيف.
2- عن الحكم ابن مسكين، عن رجل من قريش من أهل مكة قال:
(( قال سفيان الثوري: اذهب بنا إلى جعفر بن محمد، قال: فذهبت معه إليه فوجناه قد ركب دابته، فقال له سفيان: يا أبا عبدالله حدثنا بحديث خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف، قال: دعني حتى أذهب في حاجتى فإني قد ركبت فإذا جئت حدثتك، فقال: أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله لما حدثتني، قال: فنزل، فقال له سفيان: مر لي بدواة وقرطاس حتى اثبته فدعا به ثم قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف: " نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم تبلغه يا أيها الناس ليبلغ الشاهد الغائب، فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله والنصيحة لائمة المسليمن واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المؤمنون إخوة تتكافى دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم " فكتبه سفيان ثم عرضه عليه وركب أبوعبدالله عليه السلام وجئت أنا وسفيان فلما كنا في بعض الطريق قال لي كما أنت حتى أنظر في هذا الحديث، قلت له: قد والله ألزم أبو عبدالله رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال: وأي شئ ذلك؟ فقلت له: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله قد عرفناه والنصيحة لائمة المسلمين، من هؤلاء الائمة الذين يجب علينا نصيحتهم؟ معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم، وكل من لا تجوز الصلاة خلفهم؟ وقوله: واللزوم لجماعتهم فأي الجماعة؟ مرجئ يقول: من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة ونكح امه فهو على إيمان جبرئيل وميكائيل، أو قدري يقول: لا يكون ما شاء الله عزوجل ويكون ما شاء إبليس، أو حروري يتبرأ من علي بن أبي طالب وشهد عليه بالكفر أو جهمي يقول: إنما هي معرفة الله وحده ليس الايمان شئ غيرها؟ ! ! قال: ويحك وأي شئ يقولون؟ فقلت: يقولون: إن علي بن أبي طالب عليه السلام والله الامام الذي وجب علينا نصيحته، ولزوم جماعتهم: أهل بيته، قال: فأخذ الكتاب فخرقه ثم: قال لا تخبر بها أحدا )).
3- عن بريد بن معاوية،
(( عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما نظر الله عزوجل إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة لامامه و النصيحة إلا كان معنا في الرفيق الاعلى )).
4- عن محمد الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه ))
5- وبهذا الاسناد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( من فارق جماعة المسلمين و نكث صفقة الامام جاء إلى الله عزوجل أجذم )).
باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام :
1- عن ابي حمزة قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام ما حق الامام على الناس؟ قال حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا: قلت: فما حقهم عليهم؟ قال: يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعية، فاذا كان ذلك في الناس فلا يبالي من أخذ ههنا وههنا )).
2- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام مثله إلا أنه قال:
(( هكذا و هكذا وهكذا يعني [من] بين يديه وخلفه وعن يمينه وعن شماله )).
3- عن مسعدة ابن صدقة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تختانوا ولاتكم، ولا تغشوا هداتكم، ولا تجهلوا أئمتكم، ولا تصدعوا عن حبلكم فتفشلوا و تذهب ريحكم، وعلى هذا فليكن تأسيس اموركم، والزموا هذه الطريقة، فانكم لو عاينتم ما عاين من قد مات منكم ممن خالف ما قد تدعون إليه، لبدرتم وخرجتم ولسمعتم ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا، وقريبا ما يطرح الحجاب )).
4- عن حنان بن سدير الصيرفي قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: نعيت إلى النبي صلى الله عليه وآله نفسه وهو صحيح ليس به وجع، قال: نزل به الروح الامين، قال: فنادى صلى الله عليه وآله الصلاة جامعة وأمر المهاجرين والانصار بالسلاح واجتمع الناس، فصعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر فنعى إليهم نفسه ثم قال: " اذكر الله الوالي من بعدي على امتي، الا يرحم على جماعة المسلمين فاجل كبيرهم، ورحم ضعيفهم، ووقر عالمهم، ولم يضر بهم فيذلهم، ولم يفقرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم ولم يخبزهم في بعوثهم فيقطع نسل امتي . قال: [قد] بلغت ونصحت فاشهدوا " )).
وقال أبوعبدالله عليه السلام: هذا آخر كلام تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله على منبره.
5- عن حبيب بن أبي ثابت قال:
(( جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام عسل وتين من همدان وحلوان فأمر العرفاء أن يأتوا باليتامى، فأمكنهم من رؤوس الازقاق يلعقونها وهو يقسمها للناس قدحا، قدحا، فقيل له: يا أمير المؤمنين ما لهم يلعقونها؟ فقال: إن الامام أبواليتامى وإنما ألعقهم هذا برعاية الآباء )).
6- عن سفيان ابن عيينة :
(( عن ابي عبدالله عليه السلام أن النبي صلى الله عليه واله قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه وعلي أولى به من بعدي، فقيل له: ما معنى ذلك؟ فقال: قول النبي صلى الله عليه وآله من ترك دينا أو ضياعا فعلي، ومن ترك مالا فلورثته، فالرجل ليست له على نفسه ولاية إذا لم يكن له مال، وليس له على عياله أمر ولا نهي إذا لم يجر عليهم النفقة والنبي وأمير المؤمنين عليهما السلام ومن بعدهما ألزمهم هذا، فمن هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم وما كان سبب إسلام عامة اليهود إلامن بعد هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وآله وأنهم أمنوا على أنفسهم وعلى عيالاتهم )).
7- عن صباح بن سيابة،
(( عن ابي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيما مؤمن أو مسلم مات وترك دينا لم يكن في فساد ولا إسراف فعلى الامام أن يقضيه فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك، إن الله تبارك وتعالى يقول: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " الآية فهو من الغارمين، وله سهم عند الامام، فإن حبسه فإثمه عليه )).
8- عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تصلح الامامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم )).
وفي رواية اخرى حتى يكون للرعية كالاب الرحيم.
9- عن محمد بن أسلم، عن رجل من طبرستان يقال له: محمد قال:
(( قال معاوية: ولقيت الطبري محمدا بعد ذلك فأخبرني قال: سمعت علي بن موسى عليه السلام يقول المغرم إذا تدين أو استدان في حق - الوهم من معاوية - اجل سنة، فإن اتسع وإلا قضى عنه الامام من بيت المال )).
سبع وتسعون : باب أن الأرض كلها للإمام عليه السلام :
- عن ابي خالد الكابلي، عن ابي جعفر عليه السلام قال:
(( وجدنا في كتاب علي عليه السلام " أن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الارض ونحن المتقون والارض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها، يؤدي خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها، كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم و يترك الارض في أيديهم )).
2- أخبرني أحمد بن محمد بن عبدالله عمن رواه قال:
(( الدنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا، فمن غلب على شئ منها فليتق الله، وليؤد حق الله تبارك وتعالى وليبر إخوانه، فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن برآء منه )).
3- عن عمر بن يزيد قال :
(( رأيت مسمعا بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبدالله عليه السلام تلك السنة مالا فرده أبوعبدالله عليه السلام فقلت له: لم رد عليك أبي عبدالله المال الذي حملته إليه؟ قال: فقال لي: إني قلت له حين حملت إليه المال: إني كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وأن أعرض لها وهي حقك الذي جعله الله تبارك وتعالى في أموالنا، فقال: أو ما لنا من الارض وما أخرج الله منها إلا الخمس يا أبا سيار؟ إن الارض كلها لنا فما أخرج الله منها من شئ فهو لنا، فقلت له: وأنا أحمل إليك المال: كله؟ فقال: يا أبا سيار قد طيبناه لك وأحللناك منه فضم إليك مالك، وكل ما في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم ويترك الارض في أيديهم وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الارض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا، فيأخذ الارض من أيديهم ويخرجهم صغرة.
قال عمر بن يزيد: فقال لي أبوسيار: ما أرى أحدا من أصحاب الضياع ولا ممن يلي الاعمال يأكل حلالا غيري إلا من طيبوا له ذلك )).
4- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قلت له: أما على الامام زكاة؟ فقال: أحلت يا أبا محمد أما علمت أن الدنيا والآخرة للامام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء، جائز له ذلك من الله، إن الامام يا أبا محمد لا يبيت ليلة أبدا ولله في عنقه حق يسأله عنه )).
5- عن يونس بن ظبيان أو المعلى ابن خنيس قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: مالكم من هذه الارض؟ فتبسم ثم قال: إن الله تبارك وتعالى بعث جبرئيل عليه السلام وأمره أن يخرق بابهامه ثمانية أنهار في الارض، منها سيحان وجيحان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش ومهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات، فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا منه شئ إلا ما غصب عليه وإن ولينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه - يعني بين السماء والارض - ثم تلا هذه الآية: " قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا (المغصوبين عليها) خالصة (لهم) يوم القيامة " بلا غصب )).
6- عن محمد بن الريان قال:
(( كتبت إلى العسكري عليه السلام جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا إلا الخمس، فجاء الجواب أن الدنيا وما عليها لرسول الله صلى الله عليه وآله )).
7- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة، فما كان لآدم عليه السلام فلرسول الله صلى الله عليه وآله وما كان لرسول الله فهو للائمة من آل محمد عليهم السلام )).
8- عن حفص بن البختري، عن ابي عبدالله عليه السلام قال:
(( إن جبرئيل عليه السلام كري برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه: الفرات ودجلة ونيل مصر و مهران ونهر بلخ فما سقت أو سقي منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا [للامام] )).
9- عن السري بن الربيع قال:
(( لم يكن ابن أبي عمير يعدل بهشام بن الحكم شيئا وكان لا يغب إتيانه، ثم انقطع عنه وخالفه وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام ووقع بينه وبين أبن أبي عمير ملاحاة في شئ من الامامة، قال ابن ابي عمير: الدنيا كلها للامام عليه السلام على جهة الملك وأنه أولى بها من الذين هي في أيديهم، وقال أبومالك: [ليس] كذلك أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للامام من الفيئ والخمس والمغنم فذلك له و ذلك أيضا قد بين الله للامام أين يضعه وكيف يصنع به، فتراضيا بهشام بن الحكم و صار إليه، فحكم هشام لابي مالك على ابن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما بعد ذلك )).
ثمان وتسعون : باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولى الأمر :
1- عن حماد، عن حميد وجابر العبدي قال:
(( قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله جعلني إماما لخلقه، ففرض علي التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضعفاء الناس، كي يقتدي الفقير بفقري ولا يطغي الغني غناه )).
2- عن المعلى ابن خنيس قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام يوما: جعلت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم، فقال: هيهات يا معلى أما والله أن لو كان ذاك ما كان إلا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل الجشب، فزوي ذلك عنا فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله تعالى نعمة إلا هذه )).
3- عن أحمد بن محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة :
(( في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: علي بعاصم بن زياد، فجيئ به فلما رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها، أنت أهون على الله من ذلك، أوليس الله يقول: " والارض وضعها للانام * فيها فاكهة والنخل ذات الاكمام " أوليس [الله] يقول: " مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان - إلى قوله - يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان " فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، وقد قال الله عزوجل: " وأما بنعمة ربك فحدث(2) " فقال: عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة؟ فقال: ويحك إن الله عزوجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفهسم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره، فألقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء )).
4- عن حماد بن عثمان قال:
(( حضرت أبا عبدالله وقال له رجل: أصلحك الله ذكرت أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد، فقال له: إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر [عليه] ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به، فخير لباس كل زمان لباس أهله، غير أن قائمنا أهل البيت عليهم السلام إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرة علي عليه السلام.
تسع وتسعون : باب نادر :
1- عن أيوب ابن نوح قال:
(( عطس يوما وأنا عنده، فقلت: جعلت فداك ما يقال للامام إذا عطس؟ قال: يقولون: صلى الله عليك )).
2- عن جعفر بن محمد قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري عن عمر بن زاهر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام، لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه؟ قال: يقولون: السلام عليك يا بقية الله، ثم قرأ " بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين " )).
3- عن أحمد بن عمر قال:
(( سألت أبا الحسن عليه السلام لم سمي أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: لانه يميرهم العلم، أما سمعت في كتاب الله " ونمير أهلنا ". وفي رواية اخرى قال: لان ميرة المؤمنين من عنده، يميرهم العلم )).
4- عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( قلت له: لم سمي أمير المؤمنين؟ قال: الله سماه وهكذا أنزل في كتابه " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم " وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين )).
مائة : باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية :
1- عن سالم الحناط قال:
(( قلت لابي جعفر عليه السلام: أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: " نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين " قال: هي الولاية لامير المؤمنين عليه السلام )).
2- عن إسحاق بن عمار، عن رجل، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " (( إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا " قال: هي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام )).
3- عن عبدالرحمن بن كثير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز و جل: " [و] الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم(3) " قال: بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان، فهو الملبس بالظلم )).
4- عن الحسن بن نعيم الصحاف قال :
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " فمنكم مؤمن ومنكم كافر " فقال: عرف الله إيمانهم بولايتنا وكفرهم بها، يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم عليه السلام وهم ذر )).
5- عن محمد بن الفضيل :
(( عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل: " يوفون بالنذر(5) " الذي اخذ عليهم من ولايتنا )).
6- عن ربعي بن عبدالله :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولو أنهم أقاموا التوراة و الانجيل وما انزل إليهم من ربهم " قال: الولاية )).
7- عن زرارة ، عن عبدالله بن عجلان :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قال: هم الائمة عليهم السلام )).
8- عن أبي بصير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن يطع الله ورسوله (في ولاية علي [وولاية] الائمة من بعده) فقد فاز فوزا عظيما " هكذا نزلت )).
9- عن محمد بن مروان رفعه إليهم :
(( في قول الله عزوجل: " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله " في علي و " الائمة " كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا " )).
10- عن علي بن عبد الله قال :
(( سأله رجل عن قوله تعالى : " فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى " قال: من قال بالائمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم )).
11- عن أحمد بن محمد بن عبدالله رفعه :
(( في قوله تعالى : " لا اقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما ولد ". قال: أمير المؤمنين وما ولد من الائمة عليهم السلام )).
12- عن عبدالرحمن بن كثير :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : " واعلموا أنما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى " قال: أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام )).
13- عن عبدالله بن سنان قال :
(( سالت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " وممن خلقنا امة يهدون بالحق و به يعدلون " قال: هم الائمة )).
14- عن عبدالرحمن بن كثير :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب " قال أمير المؤمنين عليه السلام والائمة " واخر متشابهات " قال: فلان وفلان " فأما الذين في قلوبهم زيغ " أصحابهم وأهل ولايتهم " فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم " أمير المؤمنين عليه السلام والائمة عليهم السلام )).
15- عن عبد الله ابن عجلان :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " يعني بالمؤمنين الائمة عليهم السلام، لم يتخذوا الولائج من دونهم )).
16- عن الحلبي :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " [قال] قلت: ما السلم؟ قال: الدخول في أمرنا )).
17- عن زرارة :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " لتركبن طبقا عن طبق " قال: يا زرارة أو لم تركب هذه الامة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان )).
18- عن عبد الله بن جندب قال :
(( سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون " قال: إمام إلى إمام )).
19- عن سلام :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا " قال: إنما عنى بذلك عليا عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين وجرت بعدهم في الائمة عليهم السلام، ثم يرجع القول من الله في الناس فقال: " فإن آمنوا (يعني الناس) بمثل ما آمنتم به (يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام) فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق " )).
20- عن عبد الله ابن عجلان :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا " قال: هم الائمة عليهم السلام ومن اتبعهم )).
21-عن مالك الجهني قال :
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: قوله عزوجل: " و اوحي إلي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ " قال: من بلغ أن يكون إماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله صلى الله عليه وآله )).
22- عن جابر :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " ولقد عهدنا إلى أدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما " قال عهدنا إليه في محمد والائمة من بعده، فترك ولم يكن له عزم أنهم هكذا وإنما سمي أولوا العزم اولي العزم لانه عهد إليهم في محمد والاوصياء من بعده والمهدي وسيرته وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والاقرار به )).
23- عن عبدالله بن سنان :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله: " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل " كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام من ذريتهم " فنسي " هكذا والله نزلت على محمد صلى الله عليه وآله )).
24- عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
(( أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله " فاستمسك بالذي اوحي إليك إنك على صراط مستقيم " قال: إنك على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم )).
25- عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال :
(( نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا: " بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغيا " )).
26- عن جابر، قال :
(( نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد هكذا : " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا (في علي) فأتوا بسورة من مثله " )).
27- عن منخل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
(( نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: " يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا (في علي) نورا مبينا " )).
28- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم " )).
29- عن عبدالله بن عجلان،
(( عن أبي جعفر عليه السلام: في قول الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين " قال: في ولايتنا )).
30- عن المفضل بن عمر قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: قوله عزوجل: " بل تؤثرون الحياة الدنيا " قال: ولايتهم " والآخرة خير وأبقى " قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام " إن هذا لفي الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى " )).
31- عن منخل عن جابر :
(( عن أبي جعفر عليه السلام قال: " أفكلما جاء كم (محمد) بما لا تهوى أنفسكم (بموالاة علي) فاستكبرتم ففريقا (من آل محمد) كذبتم وفريقا تقتلون " )).
32- عن محمد بن سنان :
(( عن الرضا عليه السلام في قول الله عزوجل: " كبر على المشركين (بولاية علي) ما تدعوهم إليه " يا محمد من ولاية علي هكذا في الكتاب مخطوطة )).
33- عن أبي بصير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله " فقال: إذا كان يوم القيامة دعي بالنبي صلى الله عليه وآله وبأمير المؤمنين وبالائمة من ولده عليهم السلام فينصبون للناس فإذا رأتهم شيعتهم قالوا: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، يعني هدانا الله في ولاية أمير المؤمنين والائمة من ولده عليهم السلام )).
34- عن عبد الله بن كثير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " عم يتساء لون عن النباء العظيم " قال: النبأ العظيم الولاية، وسألته عن قوله " هنالك الولاية لله الحق " قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام )).
35- عن أبي بصير :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " فأقم وجهك للدين حنيفا(1) " قال: هي الولاية )).
36- عن إبراهيم الهمداني :
(( يرفعه إلى ابي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة " قال: الانبياء والاوصياء عليهم السلام )).
37- عن المفضل بن عمر قال :
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " ائت بقرآن غير هذا أو بدله " قال: قالوا: أو بدل عليا عليه السلام )).
38- عن إدريس بن عبدالله ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
(( سألته عن تفسير هذه الآية " ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين " قال: عنى بها لم نك من أتباع الائمة الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم: " والسابقون السابقون اولئك المقربون " أما ترى الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة " مصلي، فذلك الذي عنى حيث قال: " لم نك من المصلين ": لم نك من أتباع السابقين )).
39- عن يونس بن يعقوب ، عمن ذكره :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: " و أن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا " يقول: لاشربنا قلوبهم الايمان والطريقة هي ولاية علي بن أبي طالب والاوصياء عليهم السلام )).
40 - عن محمد بن مسلم قال :
(( سألت: أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " فقال: أبوعبدالله عليه السلام استقاموا على الائمة واحدا بعد واحد " تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " )).
41-عن أبي حمزة قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى: " قل إنما أعظكم بواحدة " فقال: إنما أعظكم بولاية علي عليه السلام هي الواحدة التي قال الله تبارك وتعالى " إنما أعظكم بواحدة " )).
42- عن عبدالرحمن بن كثير:
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا " " لن تقبل توبتهم " قال: نزلت في فلان وفلان وفلان، آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله في أول الامر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية، حين قال النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم آمنو بالبيعة لامير المؤمنين عليه السلام ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ )).
43- وبهذا الاسناد :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى: " إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى " فلان وفلان وفلان، ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قلت: قوله تعالى: " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر " قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول الله عزوجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله: " ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله (في علي عليه السلام) سنطيعكم في بعض الامر " قال: دعوا بني امية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الامر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ، ولم يبالوا أن يكون الامر فيهم، فقالوا: سنطيعكم في بعض الامر الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئا وقوله " كرهوا ما نزل الله " والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وكان معهم أبوعبيدة وكان كاتبهم، فأنزل الله " أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم - الآية - )).
44- وبهذا الإسناد :
(( عن ابي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم " قال: نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه السلام، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعدا للقوم الظالمين )).
45- عن أبي بصير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " فستعلمون من هو في ضلال مبين " يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي عليه السلام و الائمة عليهم السلام من بعده، من هو في ضلال مبين؟ كذا انزلت وفي قوله تعالى: " إن تلووا أو تعرضوا " فقال: إن تلووا الامر وتعرضوا عما امرتم به " فإن الله كان بما تعملون خبيرا " وفي قوله: " فلنذيقن الذين كفروا (بتركهم ولاية امير المؤمنين عليه السلام) عذابا شديدا (في الدنيا) ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ".
46- عن الوليد بن صبيح :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام " ذلك بأنه إذا دعي الله وحده (وأهل الولاية) كفرتم " )).
47- عن أبي بصير:
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله تعالى: " سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين (بولاية علي) ليس له دافع " ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله )).
48- عن أبي حمزة :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " إنكم لفي قول مختلف * (في أمر الولاية) يؤفك عنه من افك(2) " قال: من افك عن الولاية افك عن الجنة )).
49- عن يونس قال: أخبرني :
(( من رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام في قوله عزوجل: " فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة " يعني بقوله: " فك رقبة " ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فإن ذلك فك رقبة )).
50- وبهذا الإسناد ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : " بشر الذين آمنوا آن لهم قدم صدق عند ربهم " قال : ولاية أمير المؤمنين عليه السلام.
51- عن أبي حمزة :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا (بولاية علي) قطعت لهم ثياب من نار )).
52- عن عبد الرحمن بن كثير، قال:
(( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " هنالك الولاية لله الحق " قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام )).
53- عن عبد الرحمن ابن كثير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله عزوجل " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة "
قال: صبغ المؤمنين بالولاية في الميثاق )).
54- عن محمد بن علي الحلبي :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل: " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا " يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الانبياء عليهم السلام، وقوله: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " يعني الائمة عليهم السلام وولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبي صلى الله عليه وآله )).
55- وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن محمد بن الفضيل، عن الرضا عليه السلام قال:
(( قلت: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " قال: بولاية محمد، وآل محمد عليهم السلام خير مما يجمع هؤلاء من دنياهم )).
56- عن زيد الشحام قال:
(( قال لي أبوعبدالله عليه السلام - ونحن في الطريق في ليلة الجمعة -: إقرأ فإنها ليلة الجمعة قرآنا، فقرأت: " إن يوم الفصل (كان) ميقاتهم أجمعين * يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله " فقال أبوعبدالله عليه السلام: نحن والله الذي رحم الله ونحن والله الذي استثنى الله لكنا نغني عنهم )).
57- عن يحيى بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( لما نزلت: " وتعيها اذن واعية " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هي اذنك يا علي)).
58- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا " فبدل الذين ظلموا (آل محمد حقهم) قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا (آل محمد حقهم) رجزا من السماء بما كانوا يفسقون " )).
59- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: " إن الذين ظلموا (آل محمد حقهم) لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها ابدا وكان ذلك على الله يسيرا " ثم قال: " يا أيها الناس قد جاء كم الرسول بالحق من ربكم (في ولاية علي) فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا (بولاية علي) فإن لله ما في السماوات وما في الارض " )).
60- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال هكذا نزلت هذه الآية " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم ")).
61- عن مالك الجهني قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: " واوحي إلي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ " قال: من بلغ أن يكون إماما من آل محمد ينذر بالقرآن كما ينذر به رسول الله صلى الله عليه وآله)).
62- عن الحسين بن مياح، عمن أخبره قال:
(( قرأ رجل عند أبي عبدالله عليه السلام: " قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " فقال: ليس هكذا هي، إنما هي والمأمونون، فنحن المأمونون )).
63- عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: (( هذا صراط مستقيم )) .
64- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: " فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفورا " قال: ونزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: " وقل الحق من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين (آل محمد) نارا ".
65- عن محمد بن الفضيل :
(( عن ابي الحسن عليه السلام في قوله: " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " قال: هم الاوصياء )).
66- عن الأحول عن سلام بن المستنير :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " قال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والاوصياء من بعدهم )).
67- عن سالم الحناط قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: " فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " فقال أبوجعفر عليه السلام: آل محمد لم يبق فيها غيرهم )).
68- عن زرارة :
(( عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون(7) " قال: هذه نزلت في أمير المؤمنين وأصحابه الذين عملوا ما عملوا، يرون أمير المؤمنين عليه السلام في أغبط الاماكن لهم، فيسئ وجوههم ويقال لهم: هذا الذي كنتم به تدعون: الذي انتحلتم اسمه.
69- عن عبدالرحمن ابن كثير :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " وشاهد ومشهود " قال: النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام )).
70- عن أحمد بن عمر الحلال قال:
(( سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله تعالى: " فاذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين " قال: المؤذن أمير المؤمنين عليه السلام )).
71- عن عبد الرحمن بن كثير:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: " وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد " قال: ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسليمان و أبوذر والمقداد بن الاسود وعمار هدوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقوله: " حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم (يعني أمير المؤمنين) وكره إليكم الكفر والفسوق و والعصيان " الاول والثاني والثالث)).
72- عن أبي عبيدة قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: " ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين " قال: عنى بالكتاب التوراة والانجيل وأثارة من علم فإنما عنى بذلك علم أوصياء الانبياء عليهم السلام )).
73- عن معلى بن محمد، عمن أخبره، عن علي بن جعفر قال :
(( سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله تيما وعديا وبني امية يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله تبارك وتعالى قرآنا يتأسى به: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى " ثم أوحى إليه يا محمد إني أمرت فلم اطع فلا تجزع أنت إذا امرت فلم تطع في وصيك )).
74- عن الحسين بن نعيم الصحاف قال:
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوله: " فمنكم كافر ومنكم مؤمن " فقال: عرف الله عزوجل إيمانهم بموالاتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق وهم ذر في صلب آدم وسألته عن قوله عزوجل: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين " فقال: أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتى يقوم قائمنا عليه السلام إلا في ترك ولايتنا وجحود حقنا وما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا حتى الزم رقاب هذه الامة حقنا، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )).
75- عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر:
((عن أخيه موسى عليه السلام في قوله تعالى: " وبئر معطلة وقصر مشيد " قال: البئر المعطلة الامام الصامت والقصر المشيد الامام الناطق )).
76- عن رجل :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله تعالى: " ولقد اوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك " قال: يعني إن أشركت في الولاية غيره " بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " يعني بل الله فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمك.
77- عن أحمد بن عيسى قال:
(( حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام في قوله عزوجل: " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " قال: لما نزلت " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد المدينة، فقال: بعضهم لبعض ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها وإن آمنا فإن هذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب، فقالوا: قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول ولكنا نتولاه ولا نطيع عليا فيما امرنا، قال: فنزلت هذه الآية " يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها " يعرفون يعني ولاية [علي بن أبي طالب] وأكثرهم الكافرون بالولاية )).
78- عن سلام قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: " الذين يمشون على الارض هونا " قال: هم الاوصياء من مخافة عدوهم )).
79- عن الأصبغ بن نباتة :
(( أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى: " أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير " فقال: الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر، هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وامر الناس بطاعتهما، ثم قال الله: " إلي المصير " فمصير العباد إلى الله والدليل على ذلك الوالدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة وصاحبه، فقال: في الخاص والعام " وإن جاهداك على أن تشرك بي " يقول في الوصية وتعدل عمن امرت بطاعته فلا تطعهما ولا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين فقال: وصاحبهما في الدنيا معروفا " يقول: عزف الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما وذلك قوله: " واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم " فقال: إلى الله ثم إلينا، فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضى الله وسخطهما سخط الله )).
80- عن عمرو بن حريث قال:
(( سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله: " كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء " قال: فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله أصلها، وأميرالمؤمنين عليه السلام فرعها، والائمة من ذريتهما أغصانها وعلم الائمة ثمرتها وشيعتهم المؤمنون ورقها، هل فيها فضل؟ قال: قلت: لا والله، قال: والله إن المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها وإن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها )).
81- عن هشام بن الحكم :
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل (يعني في الميثاق) أو كسبت في ايمانها خيرا " قال: الاقرار بالانبياء والاؤصياء وأمير المؤمنين عليه السلام خاصة، قال: لا ينفع إيمانها لانها سلبت )).
82 - عن أبي حمزة :
(( عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل: " بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته " قال: إذا جحد إمامة أمير المؤمنين عليه السلام " فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " )).
83- عن ابي عبيدة الحذاء قال:
(( سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة وقول الناس، فقال: وتلا هذه الآية " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " يا أبا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول وكلهم هالك، قال: قلت: قوله: " إلا من رحم ربك "؟ قال: هم شيعتنا ولرحمته خلقهم وهو قوله: " ولذلك خلقهم " يقول: لطاعة الامام، الرحمة التي يقول: " ورحمتي وسعت كل شئ " يقول: علم الامام ووسع علمه الذي هو من علمه كل شئ هم شيعتنا، ثم قال: " فسأكتبها للذين يتقون " يعني ولاية غير الامام وطاعته، ثم قال: " يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يعني النبي صلى الله عليه وآله والوصي والقائم " يأمرهم بالمعروف (إذا قام) وينهاهم عن المنكر " والمنكر من أنكر فضل الامام وجحده " ويحل لهم الطيبات " أخذ العلم من أهله " ويحرم عليهم الخبائث " والخبائث قول من خالف " ويضع عنهم إصرهم " وهي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الامام " والاغلال التي كانت عليهم " والاغلال ما كانوا يقولون مما لم يكونوا امروا به من ترك فضل الامام، فلما عرفوا فضل الامام وضع عنهم إصرهم والاصر الذنب وهي الآصار، ثم نسبهم فقال: " الذين آمنوا به (يعني الامام) وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون " يعني الذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان والعبادة طاعة الناس لهم، ثم قال: " انيبوا إلى ربكم وأسلموا له(5) " ثم جزاهم فقال: " لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة " والامام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم وبالنجاة في الآخرة والورود على محمد - صلى الله على محمد وآله الصادقين - على الحوض )).
84- عن عمار الساباطي قال:
(( سالت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل: " أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير * هم درجات عند الله" فقال: الذين اتبعوا رضوان الله هم الائمة وهم والله يا عمار درجات للمؤمنين وبولايتهم و معرفتهم إيانا يضاعف الله لهم أعمالهم ويرفع [الله] لهم الدرجات العلى )).
85- عن عمار الأسدي :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " ولايتنا أهل البيت - وأهوى بيده إلى صدره - فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملا )).
86- عن سماعة بن مهران :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " يؤتكم كفلين من رحمته " قال: الحسن والحسين " ويجعل لكم نورا تمشون به " قال: إمام تأتمون به )).
87- عن بعض أصحابه :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله ويستنبئونك أحق هو " قال: ما تقول في علي " قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين " )).
88- عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( قلت له: جعلت فداك قوله: " فلا اقتحم العقبة " فقال: من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة، ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا، قال: فسكت فقال لي: فهلا افيدك حرفا خير لك من الدنيا وما فيها؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: قوله " فك رقبة " ثم قال: الناس كلهم عبيد النار غيرك وأصحابك فإن الله فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت )).
89- عن سماعة :
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " وأوفوا بعهدي " قال: بولاية أمير المؤمنين عليه السلام " اوف بعهدكم اوف لكم بالجنة )).
90- عن أبي بصير:
(( عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا اي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا " قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا، فقال الذين كفروا من قريش للذين آمنوا: الذين أقروا لامير المؤمنين ولنا أهل البيت: أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا، تعييرا منهم، فقال الله ردا عليهم: " وكم أهلكنا قبلهم من قرن - من الامم السالفة - هم أحسن أثاثا ورئيا " قلت: قوله: " من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا " قال: كلهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولا بولايتنا فكانوا ضالين مضلين، فيمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا، قلت: قوله: " حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا "؟ قال: أما قوله: " حتى إذا رأوا ما يوعدون " فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه، فذلك قوله: " من هو شر مكانا (يعني عند القائم) وأضعف جندا " قلت: قوله: " ويزيد الله الذين اهتدوا هدى "؟ قال: يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه، قلت: قوله: " لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا "؟ قال: إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين والائمة من بعده فهو العهد عند الله قلت: قوله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا "؟ قال: ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي قال الله تعالى، قلت: " فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا "؟ قال: إنما يسره الله على لسانه حين أقام أمير المؤمنين عليه السلام علما، فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم الذين ذكرهم الله في كتابه لدا أي كفارا، قال: وسألته، عن قول الله: " لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون " قال: لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن الله و عن رسوله وعن وعيده " لقد حق القول على أكثرهم (ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده) فهم لا يؤمنون " بإمامة أمير المؤمنين والاوصياء من بعده، فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الاذقان فهم مقمحون " في نار جهنم، ثم قال: " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خفلهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " عقوبة منه لهم حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده هذا في الدنيا وفي الآخرة في نار جهنم مقمحون، ثم قال: يا محمد " وسواء عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " بالله وبولاية علي ومن بعده ثم قال: " إنما تنذر من اتبع الذكر (يعني أمير المؤمنين عليه السلام) وخشي الرحمن بالغيب فبشره (يا محمد) بمغفرة وأجر كريم " )).
91- عن أبي الحسن الماضي، عليه السلام قال:
(( سألته عن قول الله عزوجل: " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم " قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم، قلت: " والله متم نوره " قال: والله متم الامامة، لقوله عزوجل: " الذين آمنوا بالله ورسوله و النور الذي انزلنا " فالنور هو الامام . قلت: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق " قال: هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه والولاية هي دين الحق، قلت: " ليظهره على على الدين كله " قال: يظهره على جميع الاديان عند قيام القائم، قال: يقول الله: والله متم نوره " ولاية القائم " ولو كره الكافرون " بولاية علي، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم أما هذا الحرف فتنزيل وأما غيره فتأويل .
قلت: " ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا" قال: إن الله تبارك وتعالى سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين وجعل من جحد وصيه إمامته كمن جحد محمدا وأنزل بذلك قرآنا فقال يا محمد إذا جاءك المنافقون (بولاية وصيك) قالوا: نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين (بولاية علي) لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله (والسبيل هو الوصي) إنهم ساء ما كانوا يعملون * ذلك بأنهم آمنوا (برسالتك) وكفروا (بولاية وصيك) فطبع (الله) على قلوبهم فهم لا يفقهون " قلت: ما معنى لا يفقهون؟ قال: يقول: لا يعقلون بنبوتك قلت: " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله "؟ قال: إذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم " لووا رؤوسهم " قال الله: " ورأيتهم يصدون (عن ولاية علي) وهم مستكبرون " عليه ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم، فقال: " سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين " يقول: الظالمين لوصيك.
قلت: " أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم " قال: إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لامره وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أمير المؤمنين عليه السلام.
قال: قلت: قوله: " إنه لقول رسول كريم "؟ قال: يعني جبرئيل عن الله في ولاية علي عليه السلام، قال: قلت: " وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون "؟ قال: قالوا: إن محمدا كذاب على ربه وما أمره الله بهذا في علي، فأنزل الله بذلك قرآنا فقال: " (إن ولاية علي) تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا (محمد) بعض الاقاويل * لاخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين " ثم عطف القول فقال: " إن (ولاية علي لتذكرة للمتقين (للعالمين) وإنا لنعلم أن منكم مكذبين * وإن (عليا) لحسرة على الكافرين * و إن (ولايته) لحق اليقين * فسبح (يا محمد) باسم ربك العظيم " يقول اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل.
قلت: قوله: " لما سمعنا الهدى آمنا به "؟ قال: الهدى الولاية، آمنا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه، " فلا يخاف بخسا ولا رهقا " قلت: تنزيل؟ قال: لا تأويل، قلت: قوله: " لا أملك لكم ضرا ولا رشدا " قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الناس إلى ولاية علي فاجتمعت إليه قريش، فقالوا يا محمد اعفنا من هذا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا إلى الله ليس إلي، فاتهموه وخرجوا من عنده فأنزل الله " قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا * قل إني لن يجيرني من الله (إن عصيته) أحد ولن أجد من دونه ملتحدا * إلا بلاغا من الله ورسالاته (في علي) " قلت، هذا تنزيل؟ قال: نعم، ثم قال توكيدا: " ومن يعص الله ورسوله (في ولاية علي) فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا " قلت: " حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا " يعني بذلك القائم وأنصاره.
قلت: " واصبر على ما يقولون؟ قال يقولون فيك " واهجرهم هجرا جميلا * وذرني (يا محمد) والمكذبين (بوصيك) اولي النعمة ومهلهم قليلا " قلت: إن هذا تنزيل؟ قال: نعم.
قلت: " ليستيقن الذين اوتوا الكتاب "؟ قال: يستيقنون أن الله ورسوله و وصيه حق، قلت: " ويزداد الذين آمنوا إيمانا "؟ قال: ويزدادون بولاية الوصي إيمانا، قلت: " ولا يرتاب الذين اوتوا الكتاب والمؤمنون " قال بولاية علي عليه السلام قلت: ما هذا الارتياب؟ قال يعني بذلك أهل الكتاب والمؤمنين الذين ذكر الله فقال: ولا يرتابون في الولاية، قلت: " وماهي إلا ذكرى للبشر "؟ قال: نعم ولاية علي عليه السلام، قلت: " إنها لاحدى الكبر" قال: الولاية، قلت: " لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر "؟ قال: من تقدم إلى ولايتنا اخر عن سقر ومن تأخر عنا تقدم إلى سقر " إلا أصحاب اليمين " قال: هم والله شيعتنا، قلت: " لم نك من المصلين "؟ قال: إنا لم نتول وصي محمد والاوصياء من بعده - ولا يصلون عليهم -، قلت: " فمالهم عن التذكرة معرضين "؟ قال: عن الولاية معرضين، قلت: " كلا إنها تذكرة "؟ قال: الولاية.
قلت: قوله: " يوفون بالنذر "؟ قال: يوفون لله بالنذر الذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا، قلت: " إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا "؟ قال: بولاية علي عليه السلام تنزيلا، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم ذا تأويل، قلت: " إن هذه تذكرة "؟ قال: الولاية، قلت: " يدخل من يشاء في رحمته "؟ قال: في ولايتنا، قال: " والظالمين أعد لهم عذابا أليما " ألا ترى أن الله يقول: " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفهسم يظلمون " قال: إن الله أعز وأمنع من أن يظلم أو ينسب نفسه إلى ظلم ولكن الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه فقال: " وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم.
قلت: " ويل يومئذ للمكذبين " قال: يقول: ويل للمكذبين يا محمد بما أوحيت إليك من ولاية [علي بن أبي طالب عليه السلام] " ألم نهلك الاولين * ثم نتبعهم الآخرين " قال: الاولين الذين كذبوا الرسل في طاعة الاوصياء " كذلك نفعل بالمجرمين " قال: من أجرم إلى آل محمد وركب من وصيه ما ركب، قلت: " إن المتقين "؟ قال: نحن والله وشيعتنا ليس على ملة إبراهيم غيرنا وسائر الناس منها برآء، قلت " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون. " الآية قال: نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صوابا، قلت: ما تقولون إذا تكلمتم؟ قال: نمجد ربنا ونصلي على نبينا ونشفع لشيعتنا، فلا يردنا ربنا، قلت: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين " قال: هم الذين فجروا في حق الائمة واعتدوا عليهم، قلت: ثم يقال: " هذا الذي كنتم به تكذبون "؟ قال: يعني أمير المؤمنين، قلت: تنزيل؟ قال: نعم )).
92- عن أبي بصير:
(( عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " قال: يعني به ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: " و نحشره يوم القيامة أعمى "؟ قال: يعني أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قال: وهو متحير في القيامة يقول: " لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها " قال: الآيات الائمة عليهم السلام " فنسيتها و كذلك اليوم تنسى " يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الائمة عليهم السلام، فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم، قلت " وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى "؟ قال: يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين عليه السلام غيره ولم يؤمن بآيات ربه وترك الائمة معاندة فلم يتبع آثارهم ولم يتولهم، قلت: " الله لطيف بعباده يرزق من يشاء "؟ قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: " من كان يريد حرث الآخرة "؟ قال: معرفة أمير المؤمنين عليه السلام والائمة " نزد له في حرثه " قال: نزيده منها، قال: يستوفي نصيبه من دولتهم " ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب " قال: ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب)).
مائة وواحد : باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية :
1- عن بكير بن أعين قال:
(( كان أبوجعفر عليه السلام يقول: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر والاقرار له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة )).
2- عن عبدالله بن محمد الجعفري، عن أبي جعفر عليه السلام، وعن عقبة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن الله خلق، فخلق ما أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، وخلق ما ابغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال: فقلت: وأي شئ الظلال؟ قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعونهم إلى الاقرار بالله وهو قوله: " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولون الله " ثم دعاهم إلا الاقرار بالنبيين، فأقر بعضهم وأنكر بعضهم، ثم دعاهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض وهو قوله: " فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل " ثم قال أبوجعفر عليه السلام: كان التكذيب ثم )).
3- عن محمد بن عبدالرحمن، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبيا قط إلا بها )).
4- عن عبد الأعلى قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول ما من نبي جاء قط إلا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سوانا )).
5- عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( سمعته يقول: والله إن في السماء لسبعين صفا من الملائكة، لو اجتمع أهل الارض كلهم يحصون عدد كل صف منهم ما أحصوهم وإنهم ليدينون بولايتنا )).
6- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام قال:
(( ولاية علي عليه السلام مكتوبة في جميع صحف الانبياء ولن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله ووصية علي عليه السلام )).
7- عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن الله عز و جل نصب عليا عليه السلام علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة )).
8- عن أبي حمزة قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عليا عليه السلام باب فتحه الله، فمن دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك وتعالى: لي فيهم المشيئة )).
9- عن بكير بن أعين قال:
(( كان أبوجعفر عليه السلام يقول: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر، بالاقرار له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة وعرض الله عزوجل على محمد صلى الله عليه وآله امته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفهم عليا ونحن نعرفهم في لحن القول )).
مائة واثنان : باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض اليهم :
1- عن صالح بن سهل، عن أبي عبدالله عليه السلام :
(( أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو مع أصحابه فسلم عليه ثم قال له: أنا والله احبك وأتولاك، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت، قال بلى والله إني احبك وأتولاك، فكرر ثلاثا، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت، ما أنت كما قلت إن الله خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام ثم عرض علينا المحب لنا، فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض، فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه )).
وفي رواية اخرى قال أبوعبدالله عليه السلام: كان في النار.
2- عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وحقيقة النفاق )).
3- عن عبدالله بن سليمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( سألته عن الامام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: نعم . وذلك أن رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الاول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الاولين، ثم قال: " هذا عطاؤنا فامنن أو (أعط) بغير حساب " وهكذا هي في قراءة علي عليه السلام، قال: قلت: أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الامام؟ قال: سبحان الله أما تسمع الله يقول: " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " وهم الائمة " وإنها لبسبيل مقيم " لا يخرج منها أبدا، ثم قال لي: نعم إن الامام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه وإن سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، إن الله يقول: " ومن آياته خلق السماوات والارض واختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين(1) " وهم العلماء، فليس يسمع شيئا من الامر ينطق به إلا عرفه، ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم )).
مائة وثلاث : باب ما جاء في الأثنى عشر والنص عليهم ، عليهم السلام :
1- عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال :
(( أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن علي عليه السلام وهو متكئ على يد سليمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم وإن تكن الاخرى علمت أنك وهم شرع سواء.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام سلني عما بدالك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن فقال: يا أبا محمد أجبه، قال: فأجابه الحسن عليه السلام فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله والقائم بحجته - وأشار إلى أمير المؤمنين - ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته - وأشار إلى الحسن عليه السلام - وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي ابن موسى وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملاها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي عليهما السلام فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، قال: هو الخضر عليه السلام )).
2- وحدثني محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي هاشم مثله سواء.
قال محمد بن يحيى: فقلت لمحمد بن الحسن: يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبدالله قال: فقال: لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين.
3- عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( قال أبي لجابر بن عبدالله الانصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها، فقال له جابر: أي الاوقات أحببته فخلا به في بعض الايام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما أخبرتك به امي أنه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على امك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فهنيتها بولادة الحسين ورأيت في يديها لوحا أخضر، ظننت أنه من زمرد ورأيت فيه كتابا أبيض، شبه لون الشمس، فقلت لها: بأبي وامي يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الاوصياء من ولدي وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك، قال جابر فأعطتنيه امك فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته، فقال له أبي: فهل لك يا جابر: أن تعرضه علي قال: نعم، فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رق، فقال: يا جابر انظر في كتابك لاقرأ [أنا] عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا، فقال جابر: فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا .
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الامين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله إله إلا أنا قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديان الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذبته عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين فإياي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه و انقضت مدته إلا جعلت له وصيا وإني فضلتك على الانبياء وفضلت وصيك على الاوصياء وأكرمتك بشبليك وسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسنا معدن علمي، بعد انقضاء مدة أبيه وجلعت حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه و حجتي البالغة عنده، بعترته اثيب واعاقب، أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين وابنه شبه جده المحمود محمد الباقر علمي والمعدن لحكمتي سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لاكرمن مثوى جعفر ولاسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، اتيحت بعده موسى فتنة عمياء حندس لان خيط فرضي لا ينقطع وحجتي لا تخفى وأن أوليائي يسقون بالكأس الاوفى، من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في علي وليي وناصري و من أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع بها يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي حق القول مني لاسرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي وموضع سري وحجتي على خلقي لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني علي وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن واكمل ذلك بابنه " م ح م د " رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون و يكونون خائفين، مرعوبين، وجلين، تصبغ الارض بدمائهم ويفشو الويل والرنا في نسائهم أولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والاغلال اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون )).
قال عبدالرحمن بن سالم: قال أبوبصير: لو لم تسمع في دهرك، إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله.
4- عن سليم بن قيس قال:
(( سمعت عبدالله بن جعفر الطيار يقول: كنا عند معاوية، أنا والحسن والحسين وعبدالله بن عباس وعمر بن ام سلمة واسامة بن زيد، فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد علي فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم ابني الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي(1)، ثم ابنه محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين، ثم تكمله اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين، قال عبدالله بن جعفر: واستشهدت الحسن والحسين وعبدالله بن عباس وعمر بن ام سلمة واسامة بن زيد، فشهدوا لي عند معاوية، قال سليم: وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى عليه وآله.
5- عن أبي الطفيل قال:
(( شهدت جنازة أبي بكر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعلي عليه السلام جالس ناحية فأقبل غلام يهودي جميل [الوجه] بهئ، عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتى قام على رأس عمر فقال: يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الامة بكتابهم وأمر نبيهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إياك أعني وأعاد عليه القول، فقال له عمر: لم ذاك؟ قال إني جئتك مرتادا لنفسي، شاكا في ديني، فقال: دونك هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا أبوالحسن والحسين ابني رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فأقبل اليهودي على علي عليه السلام فقال: أكذاك أنت؟ قال: نعم، قال: إني اريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة، قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام من غير تبسم وقال: يا هاروني ما منعك أن تقول سبعا؟ قال: أسألك عن ثلاث فإن أجبتني سألت عما بعدهن وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم عالم، قال علي عليه السلام: فإني أسألك بالاله الذي تعبده لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني؟ قال: ما جئت إلا لذاك، قال: فسل قال: أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الارض أي قطرة هي؟ وأول عين فاضت على وجه الارض، أي عين هي؟ وأول شئ اهتز على وجه الارض أي شئ هو؟ فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أخبرني عن الثلاث الاخر، أخبرني عن محمد كم له من إمام عدل؟ وفي أي جنة يكون؟ ومن ساكنه معه في جنته؟ فقال: يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إمام عدل، لا يضرهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم وإنهم في الدين أرسب من الجبال(1) الرواسي في الارض، ومسكن محمد في جنته معه اولئك الاثني عشر الامام العدل، فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لاجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده وإملاء موسى عمي عليهما السلام، قال: فأخبرني عن الواحدة، أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟ قال: يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة، لا يزيد يوما ولا ينقص يوما، ثم يضرب ضربة ههنا - يعني على قرنه - فتخضب هذه من هذا قال: فصاح الهاروني وقطع كستيجه وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنك وصيه، ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تستضعف، قال: ثم مضى به علي عليه السلام إلى منزله فعلمه معالم الدين )).
6- عن أبي حمزة قال:
(( سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: إن الله خلق محمدا وعليا وأحد عشر من ولده من نور عظمته، فأقامهم أشباحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون الله ويقدسونه وهم الائمة من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله )).
7- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الاثنا عشر الامام من آل محمد عليهم السلام كلهم محدث من رسول الله صلى عليه وآله ومن ولد علي ورسول الله وعلي عليهما السلام هما الوالدان، فقال علي بن راشد وكان أخا علي بن الحسين لامه وأنكر ذلك فصرر أبوجعفر عليه السلام وقال: أما إن ابن امك كان أحدهم )).
8- عن أبي سعيد الخدري قال:
(( كنت حاضرا لما هلك أبوبكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة أنه أعلم أهل زمانه حتى رفع إلى عمر فقال له: يا عمر إني جئتك اريد الاسلام فإن أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما اريد أن أسأل عنه، قال: فقال له عمر: إني لست هناك لكني ارشدك إلى من هو أعلم امتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك - فأومأ إلى علي عليه السلام - فقال له اليهودي: يا عمر إن كان هذا كما تقول فمالك ولبيعة الناس وإنما ذاك أعلمكم ! فزبره عمر ثم إن اليهودي قام إلى علي عليه السلام فقال له: أنت كما ذكر عمر؟ فقال: وما قال عمر؟ فأخبره، قال: فإن كنت كما قال سألتك عن أشياء اريد أن أعلم هل يعلمه أحد منكم فأعلم أنكم في دعواكم خير الامم وأعلمها صادقين ومع ذلك أدخل في دينكم الاسلام، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: نعم أنا كما ذكر لك عمر، سل عما بدا لك أخبرك به إن شاء الله.
قال: أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة، فقال له علي عليه السلام: يا يهودي ولم لم تقل: أخبرني عن سبع، فقال له اليهودي: إنك إن أخبرتني بالثلاث، سألتك عن البقية وإلا كففت، فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الارض وأفضلهم وأولى الناس بالناس، فقال له: سل عما بدالك يا يهودي قال: أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الارض؟ وأول شجرة غرست على وجه الارض؟ وأول عين نبعت على وجه الارض؟ فأخبره أمير المؤمنين عليه السلام، ثم قال له اليهودي: أخبرني عن هذه الامة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة؟ وأخبرني من معه في الجنة؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام إن لهذه الامة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها وهم مني وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وامهم وجدتهم وام امهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد )).
9- عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبدالله الانصاري قال:
(( دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الاوصياء من ولدها، فعددت اثني عشر آخرهم القائم عليه السلام، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي )).
10- عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( إن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وآله إلى الجن والانس وجعل من بعده اثني عشر وصيا، منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة والاوصياء الذين من بعد محمد صلى الله عليه وآله على سنة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر وكان أمير المؤمنين عليه السلام على سنة المسيح )).
11- عن الحسن بن العباس بن الجريش، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عباس:
(( إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ولذلك الامر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال ابن عباس: من هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون )).
12- وبهذا الاسناد :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: آمنوا بليلة القدر إنها تكون لعلي بن ابي طالب ولولده الاحد عشر من بعدي )).
13- وبهذا الاسناد :
(( أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابي بكر يوما: " لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " وأشهد [أن] محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله مات شهيدا والله ليأتينك، فأيقن إذا جاءك فان الشيطان غير متخيل به فأخذ علي بيد أبي بكر فأراه النبي صلى الله عليه وآله فقال له: يا أبا بكر آمن بعلي وبأحد عشر من ولده، إنهم مثلي إلا النبوة وتب إلى الله مما في يدك، فإنه لا حق لك فيه، قال ثم ذهب فلم ير. ))
- عن زرارة قال:
(( سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الاثنا عشر الامام من آل محمد كلهم محدث من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وولد علي بن أبي طالب عليه السلام فرسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه لسلام هما الوالدان )).
15- عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال:
(( يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي، تاسعهم قائمهم )).
16- عن زرارة قال:
((سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر إماما منهم حسن وحسين ثم الائمة من ولد الحسين عليه السلام )).
17- عن أبي الجاورد، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زر الارض يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الله الارض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الارض بأهلها ولم ينظروا )).
18- وبهذا الإسناد، عن أبي سعيد رفعه، عن أبي جعفر عليه السلام :
(( قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ولدي اثنا عشر نقيبا، نجباء، محدثون، مفهمون، آخرهم القائم بالحق يملاها عدلا كما ملئت جورا )).
19- عن كرام قال:
(( حلفت فيما بيني وبين نفسي ألا آكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد، فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال: فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله عليه ألا يأكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد؟ قال: فصم إذا يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ولا إذا كنت مسافرا ولا مريضا فإن الحسين عليه السلام لما قتل عجت السماوات والارض ومن عليهما والملائكة، فقالوا: يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدهم عن جديد الارض بما استحلوا حرمتك، وقتلوا صفوتك، فأوحى الله إليهم يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا، ثم كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمد صلى الله عليه وآله واثنا عشر وصيا له عليهم السلام وأخذ بيد فلان القائم من بينهم، فقال: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر [لهذا] - قالها ثلاث مرات )).
20- عن سماعة بن مهران قال:
(( كنت أنا وأبوبصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه السلام في منزله بمكة فقال: محمد بن عمران: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر محدثا فقال له: أبوبصير سمعت من أبي عبدالله عليه السلام؟ فحلفه مرة أو مرتين أنه سمعه؟ فقال أبوبصير: لكني سمعته من أبي جعفر عليه السلام )).
مائة وأربع : باب في أنه إذا قيل في الرجل شئ فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فانه هو الذي قيل فيه :
1- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(( إن الله تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا سويا، مباركا، يبرئ الاكمه والابرص ويحيي الموتى بإذن الله، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة بذلك وهي ام مريم، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام، فلما وضعتها قالت: رب إني وضعتها انثى وليس الذكر كالانثى، أي لا يكون البنت رسولا يقول الله عزوجل والله أعلم بما وضعت، فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك )).
2- عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( إذا قلنا في رجل قولا، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء )).
3- عن أبي خديجة قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: قد يقوم الرجل بعدل أو يجور وينسب إليه ولم يكن قام به، فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده، فهو هو )).
مائة وخمس : باب أن الأئمة عليهم السلام كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون اليه :
1- عن الحكم بن أبى نعيم قال:
(( أتيت أبا جعفر عليه السلام وهو بالمدينة، فقلت له: علي نذر بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا، فلم يجبني بشئ، فأقمت ثلاثين يوما، ثم أستقبلني في طريق فقال: يا حكم وإنك لههنا بعد، فقلت: نعم إني أخبرتك بما جعلت لله علي، فلم تأمرني ولم تنهني عن شئ ولم تجبني بشئ؟ فقال: بكر علي غدوة المنزل، فغدوت عليه فقال عليه السلام: سل عن حاجتك، فقلت: إني جعلت لله علي نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا، فإن كنت أنت رابطتك وإن لم تكن أنت، سرت في الارض فطلبت المعاش، فقال: يا حكم كلنا قائم بأمر الله، قلت: فأنت المهدي؟ قال: كلنا نهدي إلى الله، قلت: فأنت صاحب السيف؟ قال: كلنا صاحب السيف ووارث السيف، قلت: فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك اولياء الله ويظهر بك دين الله؟ فقال: يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين [سنة]؟ وإن صاحب هذا الامر أقرب عهدا باللبن مني وأخف على ظهر الدابة )).
2- عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام :
(( أنه سئل عن القائم فقال: كلنا قائم بأمر الله، واحد بعد واحد حتى يجيئ صاحب السيف، فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان )).
3- عن عبد الله بن سنان قال:
(( قلت لابي عبدالله عليه السلام: " يوم ندعو كل اناس بإمامهم " قال: إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه )).
مائة وست : باب صلة الإمام عليه السلام :
1- الحسين بن محمد بن عامر بإسناده رفعه قال:
(( قال أبوعبد الله عليه السلام: من زعم أن الامام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الامام، قال الله عزوجل: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " )).
2- عن الخيبري ويونس بن ظبيان قالا:
(( سمعنا أبا عبدالله عليه السلام يقول ما من شئ أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الامام وإن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل احد، ثم قال: إن الله تعالى يقول في كتابه: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة " قال: هو والله في صلة الامام خاصة )).
3- عن معاذ صاحب الاكسية قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن الله لم يسأل خلقه ما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك، وما كان لله من حق فإنما هو لوليه )).
4- عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال:
(( سألته عن قول الله عزوجل: " من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم " قال: نزلت في صلة الامام )).
5- عن الحسن بن مياح، عن أبيه قال:
(( قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا مياح درهم يوصل به الامام أعظم وزنا من احد )).
6- عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال:
(( درهم يوصل به الامام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر )).
7- عن ابن بكير قال:
(( سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما اريد بذلك إلا أن تطهروا )).
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق