في شهر إبريل من عام 2006 أصدر مكتب المحاسبة الأمريكي الحكومي التابع
للكونجرس الأمريكي تقريرا مكون من 43 صفحة ، ذكر التقرير أن مصر وعلي ضوء هذه
المساعدات العسكرية تدعم أهداف الولايات المتحدة الأمريكية المحددة في خطة الدولة
الأمريكية السنوية لأداء المهمات ، وتتمثل هذه الأهداف في الآتي :
1 – تحديث وتدريب الجيش المصري .
2 – تسهيل مشاركة مصر كشريك متحالف .
3 – توفير الحماية العسكرية للقوات الأمريكية في المنطقة .
4 – ضمان المرور العسكري للولايات المتحدة الأمريكية في قناة السويس .
5 – ضمان تحليق الطيران العسكري الأمريكي في المجال الجوي المصري .
6 – تحقيق التوافق المصري مع القوات الأمريكية .
وأكد التقرير أن المسئولين المصريين والأمريكيين ذكروا العديد من
الأمثلة علي وفاء مصر بالتزاماتها حيال الأهداف سالفة الذكر ، ومن هذه الأمثلة : -
1 – نشرت مصر حوالي 800 من الأفراد العسكريين المصريين في منطقة
دارفور بالسودان عام 2004 .
2 – قامت مصر بتدريب 250 من أفراد الشرطة العراقية ، وكذلك تدريب 25
دبلوماسيا عراقيا عام 2004 .
3 – أقامت مصر مستشفي عسكري مصري بطاقمه الطبي في قاعدة باجرام الجوية
في أفغانستان في الفترة من 2003 وحتى 2005 حيث قامت بمعالجة ما يقرب من 100000
مائة ألف مريض .
4 – سمحت مصر بتحليق عدد 36553 طائرة عسكرية أمريكية في الأجواء
المصرية في الفترة من 2001 وحتى 2005 .
5 – سمحت مصر بعبور 861 سفينة حربية أمريكية في قناة السويس في الفترة
من 2001 وحتي 2005 .
والمعونة العسكرية لمصر هي جزء من المعونة الأمريكية والتي بدأت مصر
في تلقيها من الحكومة الأمريكية في أعقاب توقيع" إتفاقية كامب ديفيد "
للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 ، حيث أعلن الرئيس الأمريكي وقتها / جيمي كارتر
عن تقديم معونة اقتصادية وأخري عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل تحولت منذ عام
1982 إلي منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل و 2.1 مليار دولار لمصر ،
منها 815 مليار دولار معونة اقتصادية و 1.3 مليار دولار معونة عسكرية .
والحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية حين قررت صرف هذه المساعدات العسكرية
لمصر عام 1979 لم تكن تهدف إلي تحقيق أهداف محددة ومحصورة العدد – علي نحو ما قد
يفهم من تقرير مكتب المحاسبة الحكومي سالف الذكر – وإنما كانت تهدف إلي تحقيق
السيطرة علي ضباط الجيش المصري بحيث تستطيع من خلالهم أن تحقق ما تشاء من أهداف
داخل مصر أو خارجها ، وهذا بالطبع ليس كلامي ، وليس مجرد تخمينات من هذه الجهة أو
تلك ، وإنما هي تصريحات مسئولي الإدارة الأمريكية التي كشفتها لنا" منظمة الأبحاث
العالمية لشئون العولمة" والتي أظهرت لنا النوايا الكامنة خلف تقرير تلك
المساعدات .
لقد أعدت المنظمة البحثية الأمريكية سالفة الذكر تقريرا تحت عنوان
المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر نشرته بتاريخ 27/7/2013 أي بعد الانقلاب
العسكري في مصر بنحو 23 يوما ، تناولت فيه ارتفاع أسعار الأسلحة التي تقوم مصر
بشرائها من أمريكا بأموال المساعدات ، وكيف أدي ذلك في الفترة الأخيرة إلي انخفاض
النفوذ الأمريكي علي الجيش المصري ، وهو تقرير قيم سوف ننشره كاملا في وقت لاحق ،
ولكن ما يعنيني فيه الآن هو ما ذكره التقرير بشأن الأسباب والمبررات التي دعت
الولايات المتحدة الأمريكية إلي تقرير مساعدات عسكرية لمصر ، حيث يقول في هذا
الشأن :-
( في عام 1979 ذكر المسئولون الأمريكيون بعض المبررات الجيدة
لإطلاق حزمة المساعدات العسكرية لمصر تحت مظلة برنامج " تمويل المساعدات
العسكرية الخارجية " – FMF - ، كما ذكروا مبررات أخري غير معقولة .
فقد أوضح مساعد وزير الدولة لشئون الشرق الأدنى أن البرنامج الأمني
لمصر سوف يساعدها علي استبدال المعدات العسكرية السوفيتية المتهالكة وتحديث الجيش ، والأكثر أهمية من ذلك سوف يمكن الرئيس / أنور السادات من
تخفيض حجم قواته .
وكرد علي ما أبداه بعض المسئولين الأمريكيين من مخاوف بشأن احتمالية
نقل التكنولوجيا المتقدمة للطائرات للمصريين ، أكد مدير قسم الدفاع لوكالة
المساعدة الأمنية أن عملية منح المساعدات العسكرية لمصر سوف تمكن الجيش الأمريكي
من الوصول إلي ضباط الجيش المصري ، وهو الأمر الذي يعد الجيش الأمريكي في أمس
الحاجة إليه .
إن عمليات بيع الأسلحة لمصر وعمليات التدريب عليها سوف تمنح الولايات
المتحدة الأمريكية وصولا عظيما لضباط الجيش المصري ، حيث كانت الحكومات المصرية في
الماضي تمنع مثل هذه الاتصالات ، وبعد المراجعة التنقيحية في الكونجرس تم تقديم
مبرر آخر للمساعدات العسكرية لمصر يتمثل في ضرورة تقسيم الجيش المصري إلي قسمين
صغيرين ، كل منهما يضم بضع آلاف من الضباط ، ويعمل كل قسم كقوة هجومية ضاربة لخدمة
أهداف أمنية محددة بناء علي طلب من" حلف الناتو "خاصة في مناطق الخليج
العربي المنتجة للنفط ، وإن كانت هناك مخاوف من تحول الجيش المصري إلي مرتزقة .
إن جوهر معاهدة " كامب ديفيد " بالنسبة لنا هو إنشاء قوات
مسلحة مصرية وأخري إسرائيلية لتعمل كل منهما كقوة هجومية تتحرك في مناطق إنتاج
النفط بناء علي طلب" حلف الناتو" ، ولكي نحقق هذا ينبغي منح كل من
الدولتين دفعات ضخمة من المساعدات المالية
العسكرية المشروطة .
إن العامل الحاسم بالنسبة لمصر هو تحويل الجيش المصري إلي قوة مبتورة
تتكون من قسمين من النخبة ، كل قسم يضم خمسة آلاف رجل ليتم استخدامه كوحدات تدخل
في المنطقة ، إن مصر – وفقا لإحدي منظمات اللوبي الصهيوني الكبرى ذات الصلات
الوثيقة بوزارة الدفاع الأمريكية – لا تحتاج إلي جيش كبير ، وعلي أي حال ليس هناك
سبيل للجيش المصري من الناحية اللوجستية لإدارة عمليات عسكرية كبري ، ففي هذه
المرحلة الشيء الوحيد المفيد لنا هو أن نفكر في خلق أقسام خاصة من الجيش المصري
يمكن استخدامها لتلعب أدوارا في أفريقيا
ومنطقة الخليج العربي ) .
In 1979, US officials presented some good, and
other absurd, reasons for launching the aid package to Egypt, under the
umbrella of the Foreign Military Financing (FMF) program. The assistant
secretary of state for Near Eastern affairs indicated that the security program
for Egypt would help it replace obsolete Soviet equipment and modernize the
army, and, more importantly, enable President Anwar al-Sadat “to reduce the
size of his forces.”[iii] In response to some officials’
concerns about the transfer of advanced jet technology to the Egyptians, the
Department of Defense’s director of the security assistance agency asserted
that this process would also allow the US army much needed access to Egyptian
officers. “[S]uch sales and the related training, operations would give the
U.S. greater access to Egyptian officers. The Egyptian government in the past
had limited such contacts.”[iv] An intelligence review
presented in Congress added that another reason for aid was to downsize the
Egyptian army into two small divisions, each of a few thousand officers. These
divisions would act as “striking forces” to serve specific security goals on
behalf of the NATO—especially in the oil-producing Arabian Gulf. But there were
concerns that this might turn the Egyptian army into mercenaries:
The crux of the Camp David treaty is the
establishment of Egyptian and Israeli military power as regional “strike
forces” to move into oil-producing regions it the behest of NATO. To achieve
this, the two countries will be provided with massive arrays of and
military-directed financial aid…The crucial factor in Egypt is to be the
transformation of that country’s citizen- republican army into a truncated
force of two “elite” divisions comprising 5,000 men each, to be used as “strike
force” intervention units into the region. According to one top Zionist lobby
source with extensive Pentagon connections, “Egypt does not need a big army,
and there is no way anyway that the Egyptians can logistically run any big
military operations. At this point, the only useful thing for us to think about
is to create special divisions that can be used for roles in Africa and in the
Arabian Gulf.[v]
وهكذا انتهي تقرير منظمة " الأبحاث العالمية لشئون أبحاث العولمة " إلي أن
المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر لها هدف واحد واضح وصريح هو الوصول إلي ضباط
الجيش المصري .
ولعله لا يخفي عليك أخي القارئ ما في كلمة الوصول إلي من دلالات ، لاسيما حين يذكر المسئولون الأمريكيون أن الجيش الأمريكي في حاجة ماسة للوصول والتواصل مع ضباط الجيش المصري ، مؤكدين أن الحكومات المصرية في الماضي كانت تمنع مثل هذه الاتصالات .
ولعله لا يخفي عليك أخي القارئ ما في كلمة الوصول إلي من دلالات ، لاسيما حين يذكر المسئولون الأمريكيون أن الجيش الأمريكي في حاجة ماسة للوصول والتواصل مع ضباط الجيش المصري ، مؤكدين أن الحكومات المصرية في الماضي كانت تمنع مثل هذه الاتصالات .
ويتلاحظ علي الأهداف التي تنشد أمريكا من مصر أن تحققها أنها جميعا
تمس بسيادة مصر وأمنها القومي ، مثل إلزام مصر بالسماح للطائرات الحربية الأمريكية
بالمرور في المجال الجوي المصري أو السفن الحربية في قناة السويس في جميع الظروف
والأحوال ، أو تقسيم الجيش المصري إلي وحدات تستخدم لتحقيق أهداف في أفريقيا
ومنطقة الخليج العربي أو فيما تسميه أمريكا الحرب علي الإرهاب .
ولم تكن المساعدات العسكرية هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلي ضباط الجيش
المصري والسيطرة عليهم ، وإنما لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلي وسيلة أخري
لتحقيق ذات الغاية تمثلت في استقبال بعثات عسكرية من دول أخري تحددها الولايات
المتحدة الأمريكية حسب مصالحها ليتم تدريبهم وتعليمهم والحصول علي أبحاث منهم في
كلية الحرب الأمريكية بولاية " بنسليفينيا " وفقا للبرنامج الدولي للتعليم العسكري والتدريب " الذي
تم استحداثه ، وكان الفريق / صدقي صبحي وزير الدفاع الحالي من أوائل من حصلوا علي
هذا التدريب عام 2005 ولحق به الفريق/ السيسي عام 2006 .
ففي جلسة خاصة عقدها الكونجرس الأمريكي بتاريخ 11/3/2014 لمناقشة
ميزانية القوات الخاصة الأمريكية ومن بينها جزء مخصص لتدريب بعض ضباط الجيوش من
دول أخري ، تم سماع شهادة السيناتور/
تيم كين والذي قال : - ( لقد عدت لتوي من الميدان فقد قمت بزيارة أنا
والسيناتور / كينج لإسرائيل ولبنان ومصر ، وسمعنا الكثير من الإيجابيات عن الوحدات
الخاصة لاسيما في مهام التدريب التي ذكرتها وبالنسبة للميزانيات الضخمة فإنني
أعتقد أن التدريب الذي نقدمه للدول الأخري ربما يكون هو أفضل استثماراتنا ، ليس
فقط علي المدى القصير من حيث بناء القدرات وإنما في بناء الرجال الذين ندربهم ثم
ينتهي بهم الأمر إلي أن يصبحوا وزراء دفاع
ورؤساء ، هذا استثمار يؤت ثماره حقا ..... ) .وفي مقال بعنوان
EGYPT.S TOP GENERAL AND HIS US LESSONS IN
DEMOCRAcy""
يقول "جوردون
أدم" المحلل
الدفاعي والذي عمل في إدارة كلينتون : - ( إن تدريب ضباط أجانب يسمح
للولايات المتحدة الأمريكية أن تقيم علاقات سيتم استثمارها فيما بعد ، ولكنها أيضا
تساعد في بناء الجيوش الأجنبية علي نحو يمكن أن يهدد الحكومات الديمقراطية ) ..
سبحان الله كأن جوردون أدم قد علم ما سيفعله أول طالبين مصريين تخرجا من كلية
الحرب الأمريكية من قبل أن يحدث .
وحتى يكون هذا البحث مشتركا بيني وبينك أخي القارئ فإنني أدعوك للإجابة
عن الأسئلة الآتية : -
س :- كم مرة التقي وزير الدفاع الأمريكي / هيجل بالفريق/ السيسي قبل
وبعد الانقلاب ؟
س :- كم مرة اتصل وزير الدفاع الأمريكي تليفونيا بالفريق/ السيسي قبل
وبعد الانقلاب ؟ وما هو مضمون هذه المكالمات ؟
س :- ما هي التصريحات التي أدلي بها وزير الدفاع الأمريكي بشأن الفريق
السيسي ؟ وما هي الأوصاف التي وصفه بها ؟ وما هي أوجه الدفاع التي أبداها لمساندة
الانقلاب ؟
س :- ما هي التصريحات التي أدلي بها ضباط كلية الحرب الأمريكية بشأن
الفريق / السيسي سواء المؤيدين منهم أو المعارضين ؟
س :- رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تستضيف عدد ضئيل من
الضباط الأجانب فبماذا تبرر ما ذكره السيناتور/ تيم كين من أن تكاليف هذه
التدريبات للضباط الأجانب باهظة التكاليف
لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار أن الكونجرس يعقد لجنة لمناقشة ما تم إنفاقه
علي برنامج تدريب الضباط الأجانب ؟
فإذا تمكنت من إجابة هذه الأسئلة فسوف تتمكن من الإجابة عن الأسئلة
الأهم والأعظم أثرا في حاضر مصر ومستقبلها وهي : -
هل نجحت أمريكا في تنفيذ نظرية السيطرة علي ضباط الجيش المصري من خلال
برنامج المساعدات العسكرية وبرنامج تدريب الضباط الأجانب ؟
هل استفادت من الضابطين المصريين الذين كانا من باكورة المتدربين في
كلية الحرب الأمريكية من خلال التخطيط والمشاركة في تدبير انقلاب عسكري ترد به
الحكم للعسكر حتى تحفظ أموالها التي أنفقتها علي الجيش المصري منذ عام 1979؟
س :- هل تمكنت أمريكا من استخدام وحدات من الجيش المصري لتقوم بمهام
في أفريقيا – ليبيا مثلا – أو مهام في أسيا – العراق وسوريا مثلا – أو علي وجه
العموم في حربها المزعومة علي الإرهاب ؟؟
اللهم احفظنا من المهالك ومصاصي الدماء وقطاع الطرق ومنتهكي الأعراض
الذين ختمت علي قلوبهم فامتلأت بالسواد وتبخرت منها الرحمة .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق