" يوليوس قيصر " ، " Gaius Julius Caesar
" - حسبما ذكرت الموسوعة الحرة - جنرال
وقائد سياسي وكاتب
روماني ولد بتاريخ 13 يوليو
سنة 100 قبل
الميلاد وتوفي بتاريخ 15 مارس سنة
44 قبل الميلاد عن عمر يناهز ستة وخمسين عاما .
يوليوس قيصر أول من أطلق على نفسه لقب إمبراطور
وكان قد تولى الحكم بتاريخ 29/10 سنة 49 قبل الميلاد حتى 15/ 3
سنة 44 قبل الميلاد حيث تم اغتياله .
( ووفقا لدائرة المعارف
الحرة لقب إمبراطور من الكلمة اللاتينية imperator وجمعه أباطرة
، وهو لقب ملكي يحمله بعض حكام الدول، كاليابان
مثلا ، وأول من تلقب به هم قادة الجيش
الروماني المنتصرون في الحروب ، والإمبراطورية هي الدولة الواسعة المترامية
الحدود، والتي تُخضِع شعوبا عدّة تحت لوائها الإمبراطوري ، ومن الأمثلة على
الإمبراطوريات ، الإمبراطورية الرومانية ، الجرمانية ، الفرنسية ، البريطانية ،
وكذلك الخلافتين العباسيّة والأموية ) .
وتضيف الموسوعة الحرة
: -
كان " يوليوس
قيصر " منذ صغره محباَ للعلم حيث درس في اليونان
العديد من العلوم ، إذ كانت اليونان مركز
العلوم في ذلك الحين ، وكان أثرياء روما يرسلون أبناءهم إليها للتعلم ثم التدرج في
العمل السياسي أو ما شابه.
انضم " يوليوس
قيصر " إلى المعترك السياسي منذ بداياته حيث كانت عائلة قيصر معادية
بصورة تقليدية لحكم الأقلية المتمثل بمجموعة من الأعضاء النبلاء في مجلس الشيوخ ، فاتبع
" يوليوس قيصر " ذات التقليد ، فأودعه " سولا " بالسجن لفترة
قصيرة .
رغم هذه الظروف تمكن "
يوليوس قيصر " من المحافظة على علاقات طيبة مع النبلاء لعشر سـنوات
بعد إطلاق سراحه ، فتم اختياره زميلاَ جـديداَ في كلية القساوسة عـام 73 ق.م .
انضم "
يوليوس قيصر " بعد ذلك إلى صفوف الجيش الروماني كضابط ومحاسب تابع
للحكومة الرومانية ، إلى أن قاد جيشه الخاص المعروف كأكثر جيوش روما انضباطا على
الإطلاق.
وقف " يوليوس
قيصر " إلى جانب بومبي
مؤيداَ له بصورة صريحة عام 71 ق.م ، وشكل قيصر
وبومبي وكراسوس أول حكومة ثلاثية .
خلال السنوات التسع
التي تلت ذلك انشغل قيصر بقيادة حملاته في بقاع مختلفة من العالم شملت توسعة نفوذ
روما إلى كل من بلاد " الغال" - فرنسا
حاليا- وسوريا ومصر وغيرها .
كانت معظم حملات يوليوس
قيصر ناجحة إلى حد مثير ، فتم تعيينه حاكما لإسبانيا البعيدة ،
ثم انتخب قنصلاَ لروما.
تم تنصيبه بعد ذلك
حاكماَ على " بلاد الغال " ، فشغلته تلك المهمة لتسعة سنوات ترك
خلالها لبومبي وكراسوس أمر حماية مصالحه في روما.
دبت خلافات كثيرة بين
" يوليوس قيصر " و" بومبي" و" كراسوس"
جعلتهم يعقدون لقاءَ فيما بينهم في " لوكا " عام 56 ق.م في
محاولة لحل تلك الخلافات .
عين " بومبي " قنصلاَ وحيداَ عام 52 ق.م بعد موت " كراسوس " الأمر الذي نتج عنه حرب أهلية
عام 45 ق.م ، عاد بعدها " يوليوس قيصر" إلى روما ليصبح حاكمها
الدكتاتوري المطلق بعد انتصاره العظيم على " بومبي " ومجلس
الشيوخ رغم أن جيشهم كان أضعاف جيش قيصر ، إلا أن حكمته وخبرته العسكرية مكنته من
الانتصار ".
لقد لفت نظري فيما قرأته بالموسوعة الحرة عن " يوليوس قيصر
" أن مدة حكمه لم تدم طويلا ، حيث امتدت من عام 49 قبل الميلاد وحتى عام 44
قبل الميلاد أي قرابة الخمسة أعوام ، وأن تكون النهاية باغتياله ، كما لفت نظري ما ورد عن تحوله إلي ديكتاتور
مطلق بعد الانتصارات التي حققها والتي حولت روما من جمهورية إلي إمبراطورية ،
كل ذلك دعاني إلي البحث عما إذا كان هناك رابط بين هذه الأحداث من عدمه ؟.
وجدت الإجابة عن هذا
السؤال في كتاب " see The Assassination of Julius Caesar " وترجمته : " تدبر اغتيال يوليوس قيصر
" لمؤلفه "Michael Parenti " – " مايكل بارنتي " – والذي يقول فيه المؤلف
: -
" إن اغتيال
يوليوس قيصر كان نتيجة مؤامرة رتبها الكثيرون من أعضاء مجلس الشيوخ الروماني
بقيادة كل من " Gaius Cassius Longinus " " جايوس كاسيوس لوجينيوس
" و " Marcus
Junius Brutus " " ماركوس جينيوس بروتوس
" ، لقد طعنوا " يوليوس قيصر " حتى الموت في مكان متاخم
لمسرح بومبي في منتصف مارس سنة 44 قبل الميلاد .
في هذا الوقت كان يوليوس
قيصر ديكتاتورا للجمهورية الرومانية ، حيث أعلنه مجلس الشيوخ منذ وقت قريب ديكتاتورا
أبديا ، هذا الإعلان الذي جعل العديد من أعضاء مجلس الشيوخ يخشون أن يكون قيصر
قد أراد الإطاحة بمجلس الشيوخ لكي يستأثر بالسلطة .
ورغم اغتيال " يوليوس قيصر" لم يتمكن المتآمرون من
استعادة الجمهورية الرومانية ، حيث أدت تداعيات الاغتيال إلي حرب أهلية انتهت
ببداية الفترة الأولي للإمبراطورية الرومانية .
( قالت دائرة المعارف الحرة عن المصطلح " Principate " أنه يشير إلي الفترة الأولي من
الإمبراطورية الرومانية ( 27 قبل الميلاد وحتى 248 ميلادية ) والتي تمتد بين بداية
عهد الإمبراطور أغسطس وحتى أزمة القرن الثالث والتي تميزت بتضافر جهود عدد من
الأباطرة للحفاظ علي وهم استمرار الشكل الرسمي للجمهورية الرومانية والتي انتهت بعد ذلك إلي عهد الاستبداد ) .
نعود إلي المؤلف
" مايكل بارنتي " والذي تابع قائلا : -
"Biographers describe tension
between Caesar and the Senate, and his possible claims to the title of king.
These events were
the principal motive for Caesar's
assassination"
وترجمته : -
كتَّاب السير الذاتية
يربطون بين التوتر الذي وقع بين "يوليوس قيصر" ومجلس الشيوخ وبين
مطالبة قيصر الدائمة للحصول علي لقب ملك ، ويرون أن هذه الأحداث كانت الدافع
الرئيسي لاغتياله .
أطلق مجلس الشيوخ علي يوليوس قيصر لقب "dictator in perpetuity" ، وترجمته
" ديكتاتور إلي الأبد " ، وأصدرت دار صك العملة الرومانية
دينارا علي أحد وجهيه اللقب الجديد لقيصر وبجواره صورته ، وعلي الوجه الآخر
للدينار صورة الإلهة " سيريس " وعبارة تفيد أن اللقب نبوءة
"Pontifex
Maximus " أي الحبر الأعظم .
( قالت دائرة المعارف الحرة عن المصطلح "
بونتيفيكس ماكسيموس " إنه مصطلح روماني يعني " باني الجسر العظيم "
في إشارة إلي أولئك الوسطاء من رجال الدين الذين يمثلون جسورا بين الآلهة والناس ).
ووفقا للمؤرخ "
كاسيوس ديو " ذهب وفد من أعضاء مجلس الشيوخ لإبلاغ قيصر بالرتب الشرفية
الجديدة التي أنعموا بها عليه ، وكان ذلك عام 44 قبل الميلاد ،فتسلم يوليوس
قيصر الرتب الشرفية أثناء جلوسه في معبد الزهرة إلهة الأمومة والحياة
الأسرية دون أن ينهض لمقابلتهم .
( وقبل أن نستكمل ما كتبه " مايكل بارنتي
" عن اغتيال يوليوس قيصر نود أن نشير إلي أن عبارة " معبد الزهرة
إلهة الأمومة والحياة الأسرية " هي ترجمة لعبارة " Temple of Venus Genetrix the" ، وعبارة Venus Genetrix في دائرة المعارف الحرة باللغة الإنجليزية تعني كوكب الزهرة في طور
الأمومة ، كما أفادت أن "يوليوس قيصر" كان يزعم أنه من أحفاد هذه
الإلهة الرومانية ، وأنه وفي أحد الليالي وقبل المعركة الحاسمة " فارسالوس
" – Pharsalus – سنة 48 قبل الميلاد نذر أن
يهدي معبدا للزهرة في روما والتي يزعم أنها من أسلافه ، ووفاء لنذره شيد معبد
الإلهة الزهرة ، والتمثال الذي يُعبد داخل المعبد للإلهة المذكورة تم تشييده
بمعرفة النحات الإغريقي " Arkesilaos " –
أركيسيلاوس - .
هذا
ما قالته دائرة المعارف الحرة عن " Venus Genetrix " ، أما عن " The Temple of Venus Genetrix " أي المعبد الذي بني للإلهة المذكورة فتقول دائرة المعارف
الحرة " إنه معبد مدمر في ميدان قيصر بروما تم تخصيصه للإلهة الزهرة ، وهي
إلهة الأمومة والحياة الأسرية ، والذي قرر إنشاء المعبد هو يوليوس قيصر سنة 44 قبل
الميلاد .
وبعد أن تحدثت دائرة المعارف الحرة عن
أوصاف المعبد والمواد المستخدمة في بناءه وما به من تماثيل وأعمال فنية ، أشارت
إلي أن "يوليوس قيصر" كان مقررا بناء المعبد إلا أن معركة "
فارسالوس " عطلته ، وأنه اتخذ هذا القرار باعتبار الإلهة الزهرة أماً ل
" إينيس " والتي تعد جدة ل " جينز جوليا " التي ينتمي لها
قيصر ) .
يتابع " مايكل بارنتي
"قائلا :
بعد مرور مائة وخمسين عام علي هذه
الأحداث تقريبا ، كتب المؤرخ " ستونيوس " : - أن "يوليوس قيصر" فشل في المضي
قدما في بناء المعبد إما بسبب المهندس " كورنيليوس بالبوس " أو
لأنه أحجم عن اقتراح بناء المعبد .
(
وتشير دائرة المعارف الحرة إلي أن " كورنيليوس بالبوس "
هو أحد أصدقاء قيصر ويعمل مهندسا لتشييد المباني ) .
أعطي " ستونيوس "
تقديرا عدديا للجماهير الكبيرة التي تجمعت لتحية يوليوس قيصر عقب عودته إلي
روما .
وروي
أن عددا من هؤلاء الجماهير وضع إكليل الغار علي تمثال قيصر المشيد علي منصة
الخطابة .
(
ووفقا لدائرة المعارف laurel wreath " " تعني "
إكليل الغار " وهو نوع من أنواع
أكاليل الزهور التي اعتادت روما منحه للمنتصرين في أي مجال من المجالات - ، أما "
the Rostra " أي
" منصة الخطابة " فهي وفقا لذات الموسوعة منصة كبيرة بنيت في
مدينة روما في الجانب الأيسر من مبني مجلس الشيوخ ، وكانت مخصصة لإلقاء الخطب علي
الجماهير الذين يجتمعون أمامها ، وشهدت عهود روما الجمهورية والإمبراطورية ).
ويستكمل " ستونيوس "
الرواية قائلا : -
أمر النائبان جيوس إيبديوس ماركيلوس
و لوسيوس سيسيتيوس فلافوس بإزالة إكليل الغار من تمثال قيصر باعتبار
الإكليل رمزا للإله جوبيتر والملكية فقط .
( وتشير دائرة المعارف الحرة إلي أن
كلمة " tribunes " تعني لغةً المنابر وتشير اصطلاحا إلي جميع الموظفين
المنتخبين في روما ، وأوضحت أن المنتخبين
نوعان أحدهما المنتخبون عن عامة الناس والثاني المنتخبون عن العسكريين ، وأوضحت
كيفية انتخاب كل منهما واختصاصاته ).
قرر يوليوس قيصر إقالة النائبين
سالفي الذكر مستخدما سلطاته ، إلا أنه ومنذ هذه اللحظة لم يعد قادرا علي فصل نفسه
عن لقب الملك حسبما ذكر " ستونيوس " .
وروي
" ستونيوس " أيضا قصة الجماهير التي هتفت لقيصر ونادته بلقب
" الملك " فرد عليهم بأنه الإمبراطور وليس ملكا .
في مهرجان الخصوبة وعندما كان " يوليوس
قيصر " يلقي خطابه من علي منصة الخطابة ، حاول " مارك أنتوني
" – الذي انتخب مساعد قنصل مع يوليوس قيصر – حاول أن يضع التاج علي
رأس قيصر عدة مرات ، ولكن قيصر وضع التاج بجانبه ليقدمه قربانا للإله العظيم جوبيتر .
(
وعبارة " festival of the Lupercalia, " أي مهرجان الخصوبة حسبما ذكرت دائرة المعارف الحرة هو
نوع قديم من المهرجانات سابق للدولة الرومانية واستمر خلالها ، يعقد في الفترة من
13 إلي 15 من شهر فبراير من كل عام بهدف تجنب الأرواح الشريرة وتطهير المدينة
وإنماء الصحة والخصوبة ) .
المؤرخان " بلوتارخ "
و " ستونيوس " يتشابهان في سرد الأحداث ، ولكن المؤرخ "
كاسيوس ديو " جمع بين القصص حيث روي أن النائبين " جيوس إيبديوس
ماركيلوس " و " لوسيوس
سيسيتيوس فلافوس " قبضا علي المواطنين الذين وضعوا التيجان أو الأكاليل
علي تمثال يوليوس قيصر ، وذكر أن الجماهير التي هتفت لقيصر ونادته بلقب
" الملك " أصبحوا علي فوهة بركان مع النائبين الذين قبضا علي عدد منهم ،
وأن العامة احتجوا علي أنهم لم يعودوا قادرين علي التعبير عن أرائهم بحرية .
ويستكمل " مايكل بارنتي
" حديث المؤرخ " ستونيوس " قائلا : -
"Caesar
then brought the tribunes before the senate and put the matter to a vote,
thereafter removing them from office and erasing their names from the records".
وترجمته
: -
أحضر
يوليوس قيصر النائبين أمام مجلس
الشيوخ وعرض الأمر للتصويت فأقالهما من الحكومة ومحي أسمائهم من السجلات .
أضاف
" ستونيوس " أن :"Lucius
Cotta proposed to the Senate that Caesar should be granted the title of
"king" for it was prophesied that only a king would conquer Parthia.
Caesar intended to invade Parthia, a task that later gave considerable trouble
to Mark Antony during the second triumvirate".
وترجمته
: -
" قدم " لوكيوس كوتا
" اقتراحا لمجلس الشيوخ بمنح يوليوس قيصر لقب " الملك " بمقولة أنه من المتنبأ
به أن هذا اللقب سوف يمنح فقط لملك سوف يغزو " بارثيا " ، مضيفا
بأن يوليوس قيصر قرر غزو بارثيا ، وهي المهمة التي سوف تسبب
فيما بعد متاعب كثيرة لنائب القنصل "مارك أنتوني" أثناء الحكومة الثلاثية الثانية .
(وبارثيا هي فارس القديمة حسبما ذكرت دائرة المعارف الحرة
الإنجليزية ).
إن الألقاب المتعددة ليوليوس قيصر والمراتب الشرفية من مجلس
الشيوخ هي في النهاية مجرد تكريم ، بينما هو يسعي باستمرار لمزيد من السلطة ليحكم
منفردا بقليل من الاعتماد علي مجلس الشيوخ أو المراتب الشرفية .
إن
التكريم الاسترضائي لقيصر لا يخفف في نهاية الأمر من حدة المواجهة لأن مجلس الشيوخ
لازال هو السلطة التي تمنح يوليوس قيصر ألقابه ، إن السلطة الرسمية تكمن
فيهم مما يدخلهم في توتر معه .
"
ماركوس بروتوس " بدأ يتآمر ضد يوليوس قيصر هو وصديقه
ونسيبه في ذات الوقت " جيوس كاسيوس لوجينوس " ورجال آخرين ، وأطلقوا
علي أنفسهم وصف المحررين حيث ناقشوا
العديد من الخطط علي نحو ما ذكر المؤرخ " نيكولاس أوف دامسكوس " .
المتآمرون
لم يتقابلوا مطلقا بشكل علني ، وإنما كانوا يتقابلون في كل مرة بعدد قليل في منزل
أحدهم ، أجروا العديد من المناقشات ، وطرحوا الكثير من المقترحات، منها أن تتم
محاولة الاغتيال علي امتداد الطريق المقدس الذي يفضل يوليوس قيصر السير عليه ، بينما رأي آخرون
أن تتم المحاولة في فترة الانتخابات حيث يفترض أن يعبر خلالها " يوليوس
قيصر " جسرا للوصول إلي مكان القضاة في الساحة العامة ، اقترح أحدهم
إجراء قرعة لاختيار بعض منهم ليقوموا بدفعه وإسقاطه من فوق الجسر ، واختيار آخرين
ليندفعوا نحوه ويقتلوه .
أما
الخطة الثالثة فهي انتظار " يوليوس قيصر " عند مجيئه إلي عرض
المصارعة ، وتمثلت ميزة هذه الخطة في أن ظهور الأسلحة في ساحة المصارعة لن يكون
مثيرا للشبهات .
استقر
الأمر علي رأي الأغلبية والذي حظي بالتفضيل ومفاده قتل " يوليوس قيصر
" أثناء وجوده في مجلس الشيوخ ، حيث سيكون هناك بمفرده ، ويكون وجود أعضاء
المجلس طبيعيا ، كما يستطيع المتآمرون إخفاء الخناجر تحت ملابسهم ، لقد فازت هذه
الخطة هذا اليوم .
ذكر
المؤرخ " نيكولاس " أن قيصر تلقي تحذيرات في الأيام السابقة
للاغتيال من الأطباء والأصدقاء ومن زوجته " كالبورنيا " بعدم
الذهاب إلي مجلس الشيوخ في منتصف الشهر لأسباب مختلفة ما بين مخاوف صحية وفقا لنصيحة
الأطباء أو أحلام مزعجة كتلك التي رأتها " كالبورنيا " .
أصدقاؤه
كانوا قلقين بسبب بعض الشائعات ، وحاولوا منعه من الذهاب إلي مبني مجلس الشيوخ ،
كذلك فعل أطباءه لأنه كان يعاني من نوبات دوار متقطعة ، زوجته " كالبورنيا
" تشبثت به وقالت إنها لن تدعه يخرج هذا اليوم لاسيما بعد أن انتابتها حالة
من الانزعاج بسب بعض المشاهد التي رأتها في أحلامها .
"
ماركوس بروتوس
" أحد المتآمرين الذي كان يعتقد فيه أنه صديق مخلص تحرك مسرعا وقال ما هذا يا
قيصر ؟ هل أنت رجل من أولئك الذين يعطون اهتماما لأحلام إمرأة وكلام فارغ
من رجال أغبياء ؟ وتهين مجلس الشيوخ بعدم الذهاب إليه رغم تكريمه لك ، هذا فضلا عن
أنه مستدعي من قبلك .
وتابع
" ماركوس بروتوس " قائلا : استمع لي يا قيصر اطرح جانبا
نذر الشؤم التي أبداها هؤلاء الناس ، وهيا بنا ، فالمجلس في حالة انعقاد منذ
الصباح الباكر ينتظر قدومك ، تأثر قيصر بحديث " بروتوس "
فخرج معه متوجها إلي مجلس الشيوخ .
كان
" يوليوس قيصر " قد أعد لغزو إمبراطورية الفرس القديمة ، وهي
الحملة التي قادها فيما بعد خلفه " مارك أنتوني " ، وقرر قيصر
أن يتجه نحو الشرق في النصف الأخير من شهر مارس ، هذا فرض علي المتآمرين زمنا
محددا ، حيث لم يتبقَ سوي يومان فقط يمكن خلالهما تنفيذ الاغتيال ، "
كاسيوس " قابل المتآمرين وحذرهم ، إذا اكتشف أي شخص هذه الخطة فسوف
تضطرون إلي توجيه الخناجر إلي أنفسكم .
لقد
حاول أسلاف يوليوس قيصر غزو إمبراطورية الفرس القديمة وألمانيا ولكن دون
تحقيق نتائج ثابتة .
في 15 مارس من سنة 44 قبل الميلاد نظم
المتآمرون مباراة للمصارعة الرياضية في مسرح بومبي ، وكان " ديسيموس بروتوس
" يمد المصارعين بالأموال إذا ما احتاج إلي خدماتهم .
( تقول دائرة المعارف الحرة عن المصطلح " Ides
of March " إنه يعني بالتقويم الروماني 15 مارس
وهو يوم تجري فيه العديد من الشعائر الدينية إلا أنه أصبح يوما سيئ السمعة بعد أن تم
فيه اغتيال " يوليوس قيصر " ، لاسيما بعد أن أصبح نقطة تحول
فاصلة في تحول روما من الجمهورية الرومانية إلي الإمبراطورية الرومانية ، وتقول عن
" ديسيموس بروتوس " أنه سياسي روماني وأحد المحرضين علي قتل يوليوس
قيصر ولكنه ليس " ماركوس بروتوس" الشهير الذي كان أحد مجموعة
المتآمرين علي قتل قيصر ) .
انتظر
المتآمرون في الصالة الكبرى من رواق المسرح .
علم
" مارك أنتوني " بشكل غامض بالمؤامرة قبلها بليلة من أحد
المتآمرين والذي كان مذعورا ويدعي " سيرفيليوس كاسكا " ، ونظرا
لخشية مارك أنتوني من سوء العواقب ذهب ليجنب قيصر هذه المؤامرة ، وفي هذه
الأثناء اعترض مجموعة من النواب يوليوس قيصر أثناء مروره في مسرح بومبي
وتحديدا في الساحة العامة ، وتوجهوا به
إلي حجرة في القاعة الشرقية بمدخل المبني .
ووفقا
لرواية " بلوتارخ " عندما وصل " يوليوس قيصر "
إلي مجلس الشيوخ قدم له " لوكيوس تيليوس سيمبر " إلتماسا للعفو
عن أخيه الذي قرر قيصر نفيه ، و قدم باقي المتآمرين دعمهم بالتزاحم حول يوليوس
قيصر وإطلاق الصياح .
ذكر
كل من " بلوتارخ " و " ستونيوس " أن يوليوس قيصر
لوح بيديه متباعدا عنه ، إلا أن " سيمبر " أمسك بأكتاف قيصر
وأسقط عباءته ، فصاح قيصر لماذا هذا الإرهاب يا سيمبر ؟
في
هذه الأثناء أخرج " كاسكا " خنجره ووجه طعنة خاطفة لعنق
الديكتاتور ، فاستدار قيصر مسرعا وأمسك " كاسكا " بذراعيه ، وقال
حسبما ذكر " بلوتارخ " : كاسكا ماذا تفعل ؟ فأجاب كاسكا
وهو في حالة من الذعر : إنني أساعد أخي ، وفي لحظات انهالت علي يوليوس قيصر
طعنات مجموعة المتآمرين بالكامل بمن فيهم بروتوس . حاول يوليوس
الهرب ، ولكن الدماء أعمته فتعثر في سيره
وسقط علي الأرض ، واصل الرجال طعنه رغم سقوطه بلا مقاومة علي أسفل سلالم القاعة .
وفقا
للمؤرخ " أوتروبيوس " ستون رجلا أو أكثر شاركوا في اغتيال يوليوس
قيصر والذي طعن ثلاثة وعشرون طعنة .
ذكر
" ستونيوس " أن الطبيب الذي أجري تشريحا لجثة " يوليوس
قيصر " أثبت أن الطعنة الوحيدة التي كانت مميتة هي الطعنة الثانية التي
وجهت إلي الصدر ، ومن الجدير بالذكر أن تقرير تشريح جثة يوليوس قيصر كان
أول تقرير عن تشريح لجثة بعد الموت عرفه التاريخ ، والذي أعزي الوفاة إلي كمية
الدماء التي فقدها جسمه من الجروح الطعنية المتعددة .
آخر كلمات للديكتاتور تعد ضمن
الموضوعات المختلف عليها بين المؤرخين والباحثين ومن شابههم . ذكر "
ستونيوس " أن الآخرين قالوا أن آخر كلمات يوليوس قيصر هي ، " حتى
أنت يا بني " ، بينما ذكر " ستونيوس " نفسه أن قيصر لم يقل شيئا .
" بلوتارخ " ذكر أيضا أن يوليوس قيصر
لم يقل شيئا ، وأنه فقط جذب سترته وغطي بها رأسه عندما رأي " بروتوس
" بين المتآمرين . أما النص المشهور في العالم الناطق بالإنجليزية والمتمثل
في الجملة اللاتينية Et
tu, Brute?" " وترجمته
بالإنجليزية "You too, Brutus?" وبالعربية
" حتى أنت يا بروتوس " ، ثم سقط قيصر بعدها فهو نص مأخوذ عن مسرحية "
شكسبير " عن " يوليوس قيصر " والتي استخدم فيها شكسبير
خليطا من لغة وطنية ، وهذا النص لا أساس له في حقائق التاريخ .
ولم يكن استخدام شكسبير لهذه
الجملة اللاتينية نتيجة نيته استخدام اللغة اللاتينية في كتابة مسرحيته ، وإنما
استخدمها لأنها كانت عبارة شهيرة في ذلك الوقت الذي كتبت فيه المسرحية .
ذكر " بلوتارخ " أنه
وبعد عملية الاغتيال تقدم " بروتوس " للأمام كما لو كان يريد أن
يقول شيئا لزملائه من أعضاء مجلس الشيوخ الذين هربوا من المبني رغم أنهم غير
متورطين في المؤامرة ، ثم سار بعدها بصحبة رفاقه إلي مبني استراحة النواب وهم
يصيحون بالنداء علي مدينتهم المحبوبة " شعب روما لقد عدنا أحرارا مرة أخري
" ، وقوبل ندائهم بالصمت ، لأن مواطني روما حبسوا أنفسهم في منازلهم
بمجرد أن شاع أمر ما حدث وبدأ في الانتشار .
ووفقا لما ذكر " ستونيوس
" هرب جميع المتآمرين ، بينما ظل جثمان يوليوس قيصر ملقي علي الأرض في
مكانه لبعض الوقت إلي أن قام ثلاثة من العبيد السوقة بحمله علي نقالة إلي منزله
وأحد ذراعيه يتدلي منها .
الجماهير التي احتشدت هناك بدأت في
إشعال النيران والتي تسببت في إتلاف المباني المجاورة ، واشتعلت سلسلة من الحروب
الأهلية خلال السنوات التي تلت الاغتيال متسببة في نهاية الجمهورية الرومانية
وصعود الإمبراطورية الرومانية .
كتب الشاعر " فيرجل "
في قصيدته " الأشياء الزراعية " التي ألفها سنة 26 قبل الميلاد أن
العديد من الأحداث غير العادية حدثت بعد اغتيال قيصر .
ومن النتائج التي لم يتوقعها قتلة "
يوليوس قيصر " أن اغتياله عجَّل بنهاية الجمهورية الرومانية ، فالطبقات
الرومانية الدنيا التي أحبت قيصر استشاطت غضبا من قيام مجموعة صغيرة من
الأرستقراطيين باغتياله والتضحية به .
" مارك أنتوني " نائب القنصل والذي انجرف بعيدا
عن قيصر استفاد من غضب الجماهير الرومانية وهدد بأن يطلق لهم العنان ضـد the Optimates "مجموعة الرجال الأفاضل " ، وربما كان ذلك بنية
الاستيلاء علي حكم روما لنفسه .
( تقول دائرة المعارف
الحرة عن كلمة " The Optimates " أنها
تعني " الرجال الأفاضل " والمقصود بهم غالبية المحافظين علي الجمهورية
الرومانية المتأخرة ، كانوا يسعون للحد من سلطة المجالس الشعبية ومنابر ( نواب )
العامة وتوسيع سلطة مجلس الشيوخ والذي كان ينظر إليه علي أنه مخصصا لتحقيق مصالح
الطبقة الأرستقراطية والتي كانت تمسك بمقاليد السلطة ، وكانوا في غاية القلق من
صعود القادة العسكريين والذين كانوا مدعومين من نواب العامة والمجالس الشعبية
وجنودهم الخصوصيين ، لأنهم وبهذه الإمكانات يستطيعون الاستيلاء علي السلطة من مجلس
الشيوخ والأرستقراطيين ).
فوجئ " مارك أنتوني "
وتعكر صفوه عندما علم أن يوليوس قيصر " سمي حفيده ووريثه الوحيد " جايوس
أوكتافيوس " وأورثه اسم قيصر واسع السلطة كما جعله واحدا من بين أثري
أثرياء الجمهورية الرومانية .
تغير اسم " جايوس أوكتافيوس
" إلي " جايوس يوليوس قيصر أوكتافيوس " أو " أوكتافيان
ابن قيصر العظيم " ، ونتيجة لذلك حظي بولاء الكثير من الجماهير الرومانية
.
كان عمر " أوكتافيان
" ثمانية عشر عاما عند وفاة قيصر ، وأثبت أنه يمتلك مهارات سياسية ضخمة ،
وعندما واجه " مارك أنتوني " " ديسيموس بروتوس
" في الجولة الأولي من الحرب الأهلية ، تمكن " أوكتافيان " من تعزيز
موقف أنتوني الضعيف .
تمكن " بروتوس "
بالاشتراك مع " كاسيوس " من حشد جيش ضخم باليونان ، ولكي يتمكن "
مارك أنتوني " من محاربتهما فإنه يحتاج إلي جنود وأموال من الموازنة
المخصصة للحروب ، كما يحتاج إلي الشرعية المستمدة من اسم أوكتافيان قيصر
والتي ينبغي أن يحصل عليها في كل عمل يتخذه ضدهما .
تم تمرير قانون الموافقة علي الحكومة
الثلاثية الثانية والذي صدر بتاريخ 27/11/43 قبل الميلاد ، تلك الحكومة التي تكونت
من " أوكتافيان " و " مارك أنتوني " و "
ليبيدوس " ، وأضاف القانون تأليه " يوليوس قيصر " ، ليصبح
قيصر " أوكتافيان " ابن الإله .
استدعت الحكومة الثلاثية الثانية نظام
إدانة خصوم الدولة ومعاقبتهم بالقتل أو النفي ، وهو النظام الذي ظل مهجورا منذ
القنصل " سولا " ، كما تورطت في تقرير عقوبة القتل علي خصومها ،
وربما كان ذلك وسيلة لتمويل خمسة وأربعين فيلقا سوف تتجه لشن الحرب علي "
بروتوس " و " كاسيوس " في الحرب الأهلية الثانية والتي انتصر فيها "
أوكتافيان " و " مارك أنتوني " علي " فيلبي
" .
وبعد ما تقدم تزوج " مارك
أنتوني " من محبوبة قيصر " كليوباترا " بقصد الاستفادة
من ثروة مصر الخرافية في الهيمنة علي روما .
اندلعت الحرب الأهلية الثالثة بين "
أوكتافيان " من ناحية و " مارك أنتوني " و " كليوباترا
من ناحية أخري ، وكانت هي الحرب الأهلية الأخيرة والتي بلغت ذروتها بهزيمة الأخير
في معركة " أكتيوم " ، ليحقق " أوكتافيان "
الهيمنة النهائية ويصبح أول إمبراطور روماني تحت اسم قيصر" أوغسطس
" و الذي حظي بدرجة الإلوهية .
هكذا كشف لنا " مايكل بارنتي
" العلاقة بين ميول " يوليوس قيصر" ورغبته في الاستبداد
والإمساك بكل مقاليد السلطة وبين اغتياله والذي نستخلصه في النقاط الآتية : -
- حقق " يوليوس قيصر
" انتصارات عظيمة وفتوحات ضخمة أخضعت العديد من الدول والبلدان لسيادة روما
والتي تحولت إلي إمبراطورية مترامية الأطراف مما أصابه بالغرور والزهو وزرع فيه
الإحساس بأنه المستحق الأوحد للحكم دون شريك .
- لم يطلب " يوليوس قيصر "
توسيع اختصاصاته بلسانه ، وإنما كان يحرك آخرين من المواطنين لممارسة الضغوط علي
مجلس الشيوخ وأعضاءه ، وقد مر علينا كيف هتف المواطنون المحتشدون في انتظاره عقب
عودته إلي روما ونادوه بالملك ، ووضعوا إكليل الغار علي تمثاله وهو شارة الملوك أو
الإله جوبيتر ، وعندما اعترض النائبان جيوس إيبديوس ماركيلوس و لوسيوس
سيسيتيوس فلافوس علي ذلك وطلبا إزالة إكليل الغار من تمثال يوليوس قيصر
، فعقد الأخير اجتماعا لمجلس الشيوخ وتمكن من إقالتهما من الحكومة ومحا اسميهما من
السجلات ونفاهما من البلاد .
- مر علينا محاولات " مارك أنتوني
" مساعد القنصل وضع إكليل الغار شارة الملوك علي رأس يوليوس قيصر عدة
مرات أثناء مهرجان الخصوبة ، بينما يضع يوليوس الإكليل بجانبه وكأنه زاهدا
في منصب الملك .
- مر علينا كيف قدم " لوكيوس
كوتا " اقتراحا لمجلس الشيوخ بمنح يوليوس قيصر لقب " الملك " بمقولة أنه من المتنبأ
به أن هذا اللقب سوف يمنح فقط لملك سوف يغزو " بارثيا " ، مضيفا
بأن يوليوس قيصر قرر غزو بارثيا .
- رأينا كيف أدت هذه الضغوط إلي سعي
مجلس الشيوخ لاسترضاء يوليوس قيصر بمنحه المزيد من الألقاب كالديكتاتور
الأبدي أو الحبر الأعظم وإصدار عملة باسمه وصورته ، ولكن ذلك كله لم يكن مرضيا له
، لأنه يريد الإنفراد بالسلطة واتخاذ القرار وليس ألقابا لا تقدم ولا تؤخر .
ولما كان " يوليوس قيصر
" قد أدرك أن انتصاراته الخارجية قد حققت له الشعبية الواسعة بين العامة ،
لذا أعد العدة لغزو بلاد فارس القديمة ليجعل هذا الغزو مبررا جديدا – كما جاء علي
لسان لوكيوس كوتا – لمنحه ملكا لا يشاركه فيه أحد ، يتخلص بمقتضاه من مجلس
الشيوخ ونواب الشعب .
وحتى عندما مات " يوليوس قيصر
" اكتشف الشعب ومجلس الشيوخ أنه أوصي بأن يخلفه في منصبه حفيده " جايوس
أوكتافيوس " ، ما أقدمك يا أيها التوريث ؟
هكذا يتضح لنا أن الاستبداد ملة واحدة
، وأن جميع الشخصيات الديكتاتورية عبر التاريخ هي وجوه مختلفة لعملة واحدة ،
فالديكتاتور دائما شخصية نرجسية تشعر بالعظمة ، تشعر بأنها فوق مستوي البشر ، تشعر
بأنها تمتلك من الفكر والوعي والإدراك ما لا يملكه غيرها ، شخصية لا تفكر في فكرة
ولا تخطو خطوة ما لم تمثل هذه الفكرة أو الخطوة حجرا جديدا يضاف إلي بناء الاستبداد
، شخصية لا تكتفي باحتكار السلطة بل تسعي لتوريثها للأهل أو الأقارب أو الأصدقاء
والأحباب إذا لم يوجد هذا ولا ذاك .
كان سعي " يوليوس قيصر
" للملك والانفراد بالسلطة دون معارضة من مجلس الشيوخ أو نواب الشعب هو
المحرك الأساسي لتلك المجموعة التي التفت حول " ماركوس بروتوس "
وأطلقت علي نفسها مجموعة المحررين في إشارة إلي رغبتهم وسعيهم لتحرير الجمهورية
الرومانية من استبداد يوليوس قيصر ، وتخطيطهم لاغتياله ، وسواء صدقت نيتهم
كما وصفهم بعض المؤرخين أو كانوا يدافعون عن مصالحهم الخاصة ، فالنتيجة التي
يؤكدها التاريخ واحدة " الاستبداد سيف يقتل صاحبه كما يقتل خصومه ".
ديكتاتورية يوليوس قيصر اغتالته ، فهل يتعظ " السيسي
قيصر " وعصابته .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق