في مقال نشرته موسوعة
ويكيبيديا الحرة تحت عنوان :
Army of the Guardians of
the Islamic Revolution "
"
ومعناه " جيش من
الحراس للثورة الإسلامية " يقول فيه الكاتب :
جيش من الحراس للثورة
الإسلامية يسمي في الغالب " الحرس الثوري " ، إنه فرع من الجيش الإيراني
تأسس بعد الثورة الإيرانية في 5/5/1979 ، ففي حين يختص الجيش النظامي بالدفاع عن الحدود
والحفاظ علي الأمن الداخلي وفقا للدستور الإيراني ، فإن الحرس الثوري يختص بالحفاظ
علي النظام الإسلامي للدولة .
الحرس الثوري يقولون إن دورهم في
الحفاظ علي النظام الإسلامي للدولة يتمثل في منع التدخل الأجنبي ، وكذلك منع الانقلابات
سواء العسكرية أو تلك التي تحدث من الحركات المنحرفة .
تعداد الحرس الثوري
تقريبا مائة وخمسة وعشرون ألف فرد شاملة القوات البرية والبحرية والجوية ، وقواته البحرية هي الآن القوات الأساسية المكلفة
بقيادة العمليات في الخليج الفارسي .
كذلك يتحكم الحرس
الثوري في قوات " ميليشيا الباسيج " شبه العسكرية والتي يبلغ
عددها تسعين ألف من الأشخاص المدنيين النشطين .
قوات الباسيج - وفقا لذات الموسوعة - هي "قوات التعبئة
الشعبية " وهي قوات شبه
عسكرية تتكون من متطوعين من المدنيين ذكور وإناث، أسسها مصطفى أحمد الموسوي
الخميني في نوفمبر 1979م ، وهي تتبع الحرس الثوري الإيراني الذي يتبع بدوره
سلطة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران ، كذلك تضم قوات الباسيج مجموعات
من رجال الدين وتابعيهم .
كان لتلك الميليشيا
نشاط بارز أثناء الحرب العراقية الإيرانية
في
الثمانينيات ، ويبلغ عددهم حاليا قرابة 90.000 متطوع ومتطوعة ، ويمكن أن يرتفع إلى
مليون عند الحاجة .
وفي السنوات
الأخيرة تطور جهاز الحرس الثوري ليصبح إمبراطورية اقتصادية تمتلك مليارات
الدولارات ، وقد ورد في بعض التقارير أنه أصبح ثالث أغني منظمة في إيران بعد
الشركة الوطنية الإيرانية للنفط وأوقاف الإمام الرضا .
ومنذ تصنيفه
كميليشيا تدار أيديولوجيا أصبح للحرس الثوري دورا جادا أكثر من أي وقت مضي في كل
جانب من الجوانب الحياتية للمجتمع الإيراني ، لقد تمدد دوره ليشمل الجوانب
الاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية .
وفي ظل إدارة
الرئيس أحمدي نجاد ، خاصة أثناء الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2009 والاحتجاجات
التي وقعت بعدها ، ثار الجدل بين العديد من المحللين حول تجاوز السلطة السياسية للحرس
الثوري للسلطة الدينية الشيعية ذاتها .
المقال ينطوي علي
الكثير من المعلومات القيمة ، ولكن ما يعنيني منه الآن ما ذكره الكاتب عن أسباب
إنشاء جهاز الحرس الثوري ، حيث قال في هذا الشأن :
الحرس الثوري تشكل في 5/5/1979
عقب الثورة الإسلامية في مسعى لدمج العديد من القوات شبه العسكرية في قوة واحدة تدين بالولاء للنظام
الجديد وليؤدي مهمة مواجهة سلطة وتأثير الجيش النظامي الذي كان ينظر له من البداية
علي أنه موال للشاه ومصدر محتمل للمعارضة .
دستور الجمهورية
الإيرانية أعطي للجيش مهمتي الدفاع عن سلامة الإقليم الإيراني والدفاع عن
الاستقلال السياسي ، بينما حمل الحرس الثوري مسئولية حماية الثورة نفسها .
بعد أيام من عودة
آية الله " روح الله الخميني " لطهران في 1/2/ 1979 أنشأت حكومة
" بازاركان " المؤقتة جهاز الحرس الثوري بموجب مرسوم من الخميني
صدر بتاريخ 5/5/1979 ، كان الهدف منه حماية الثورة ومساعدة الجهة الدينية الحاكمة
، وبمرور الأيام وفي ظل تطبيق الحكومة الجديدة للشريعة الإسلامية والأخلاق أصبح
للحرس الثوري مهام أخري أكثر أهمية .
" The Revolution needed to
rely on a force of its own rather than borrowing the previous regime's tainted
units. As one of the first revolutionary institutions, the Pasdaran helped
legitimize the Revolution and gave the new regime an armed basis of support.
Moreover, the establishment of the Pasdaran served notice to both the population
and the regular armed forces that the Khomeini regime was quickly developing
its own enforcement body. Thus, the Pasdaran, along with its political
counterpart, Crusade for Reconstruction, brought a new order to Iran. In time,
the Pasdaran would rival the police and the judiciary in terms of its
functions. It would even challenge the performance of the regular armed forces
on the battlefield "
وترجمته :
" الثورة كانت في حاجة للاعتماد علي قوة خاصة بها كبديل عن استعارة
عناصر ملوثة من النظام السابق ، والحرس الثوري كأول المؤسسات الثورية ساعد
في إضفاء الشرعية علي الثورة وإعطائها عنصرا مسلحا للدعم .
إن إنشاء جهاز
الحرث الثوري كان بمثابة إنذار لكل من الشعب والجيش النظامي بأن نظام الخميني كان
يطور هيكله التنفيذي بسرعة كبيرة بما يتماشي مع برنامجه السياسي .
حملة عنيفة لإعادة البناء أتت بنظام جديد
في إيران . وفي الوقت الحالي ينافس الحرس الثوري كل من الشرطة والقضاء في نطاق
اختصاصاتهما ، كما يتحدي أداء الجيش النظامي علي أرض المعركة .
وهذا يتفق مع ما قالته الكاتبة هدي
النعيمي عن أسباب إنشاء الحرس الثوري حيث قالت :
" جاء تشكيل الحرس الثوري بعد انتصار
الثورة الإيرانية عام 1979 ، على خلفية حماية أهدافها ، ومنع تكرار انقلاب عام
1953 ، الذي أجهض ثورة محمد مصدق آنذاك ، وحماية الجمهورية والحفاظ على
“الثورة الإسلامية” ، وإيجاد جيش ثوري
مواز للجيش الإيراني ، الذي كان يُعتقد أن الكثير من ضباطه لم يتخلوا عن ولائهم
للشاه ، ويدور الهدف الرئيس من إنشاء الحرس حول جمع القوات العسكرية المختلفة ،
التي نشأت بعد الثورة في بنية واحدة موالية للنظام ، وحماية الثورة حسبما وضعها الخميني .
وقد أضيفت إليه مهمات أخرى ، أهمها حراسة
المناطق الحدودية الحساسة والمؤسسات السرية ، وحماية مضيق هرمز ومنع التهريب عبر
الحدود، وتطوير نظم الصواريخ الإيرانية. وفي أيلول/ سبتمبر 2008، اتخذ المرشد
الأعلى علي خامنئي قراراً بتحويل مسؤولية أمن الخليج من قوات البحرية التابعة
للجيش الإيراني النظامي، إلى قوات الحرس الثوري للدفاع عن الخليج ضد أي هجوم
أميركي محتمل " .
ومن العجيب أن الانقلاب علي رئيس الوزراء
الإيراني محمد مصدق عام 1953 قد وقع بنفس الكيفية التي وقع بها الانقلاب ضد
الدكتور / محمد مرسي ، ومن العجيب أيضا أن تعترف المخابرات الأمريكية بدورها في
الانقلاب علي مصدق عام 2013 أي بعد ستين عام من وقوعه ، وهذا ما نشره موقع"
بي بي سي عربي " بتاريخ 20/8/2013 حيث قال : -
" أفرجت وكالة الاستخبارات المركزية
الأمريكية (سي آي إيه) عن وثائق تعترف رسميا وللمرة الأولى بدورها الرئيسي في الانقلاب
الذي وقع في إيران عام 1953 وأطاح برئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا آنذاك محمد
مصدق
.
.
ونشرت هذه الوثائق في أرشيف الأمن القومي ،
وهو معهد بحثي غير حكومي ومقره جامعة جورج واشنطن ، وذلك في الذكرى الستين
للانقلاب.
وقال أحد الخبراء: " نُفِّذ
الانقلاب العسكري بتوجيه من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في إطار تطبيق
بنود السياسة الخارجية ."
وأشارت "مادلين أولبرايت"
وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عام
2000 بصراحة إلى الدور الأمريكي في الانقلاب ، كما أشار الرئيس الأمريكي باراك
أوباما إلى ذلك الدور في خطاب له في القاهرة عام 2009.
ويقول " مالكولم بايرن " محرر الوثائق التي كُشِف عنها إن
أجهزة الاستخبارات كانت تصدر نفيا عاما لأي دور لها في ذلك الإنقلاب.
ويعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي تقر
فيها وكالة الاستخبارات المركزية بنفسها بالدور الذي لعبته في هذه الحالة بالتنسيق
مع جهاز المخابرات الخارجية البريطانية (MI16) .
عُزل رئيس الوزراء الإيراني الراحل محمد
مصدق من منصبه بعد محاولته إعادة تأميم شركات إنتاج النفط الإيرانية .
ويقول بايرن إن هذه الوثائق مهمة ليس
فقط لأنها توفر تفاصيل جديدة ، ولمحات حول عمل وكالات الاستخبارات قبل وبعد عملية
الانقلاب ، ولكن أيضا لأن الأحزاب السياسية من كل الاتجاهات ، بما في ذلك الحكومة
الإيرانية آنذاك ، كانت تدعم الانقلاب باستمرار .
وقد تم الحصول على هذه الوثائق بموجب قانون حرية المعلومات من خلال معهد
أرشيف الأمن القومي المستقل .
وقد انتخب الإيرانيون مصدق عام 1951 إذ
بادر بسرعة إلى إعادة تأميم شركات إنتاج النفط الإيرانية ، والتي كانت تخضع
للسيطرة البريطانية من خلال الشركة البريطانية - الفارسية للنفط ، والتي أصبحت
تعرف فيما بعد بشركة " بريتش بيتروليم ".
وكانت تلك الخطوة مصدرا لقلق بالغ لدى كل
من الولايات المتحدة وبريطانيا ، إذ كانتا تعتبران النفط الإيراني مصدرا رئيسيا
لهما لإعادة البناء الاقتصادي في فترة ما بعد الحرب العالمية ، كما كانت الحرب
الباردة أيضا عاملا مهما بالنسبة إلى البلدين في تلك الحسابات.
وقال " دونالد ويلبر "
وهو أحد مخططي الانقلاب في وثيقة كتبت بعد
أشهر من الإطاحة بمصدق : " كانت هناك تقديرات بأن إيران كانت تواجه خطر
السقوط الحقيقي خلف الستار الحديدي ، وإذا ما وقع هذا ، فإن ذلك سيعني نصرا
للسوفيت في الحرب الباردة ، وانتكاسة كبرى للغرب في الشرق الأوسط."
وتشير الوثائق أيضا إلى كيفية إعداد
الاستخبارات المركزية للانقلاب من خلال وضع أخبار معارضة لمصدق في كل من الإعلام
الإيراني والأمريكي.
وقد عزز الانقلاب حكم شاه إيران محمد
رضا بهلوي، الذي كان قد فر من إيران في أعقاب صراع على السلطة مع مصدق، وعاد
بعد الانقلاب ليصبح حليفا مقربا للولايات المتحدة .
وقد دعمت الولايات المتحدة وبريطانيا القوى الموالية للشاه وساعدت في
تنظيم الاحتجاجات المناهضة لمصدق " .
أما عن خطة الانقلاب فتقول موسوعة ويكيبيديا الحرة :
" وقع الانقلاب على حكومة الزعيم الإيراني محمد مصدق يوم التاسع عشر
من أغسطس عام 1953 ، بعد أن احتدم الصراع بين الشاه ومصدق في بداية شهر أغسطس من
عام 1953 ، فهرب الشاه إلى إيطاليا عبر العراق وقبل أن يغادر وقع قرارين ، الأول
يعزل مصدق ، والثاني يعين الجنرال فضل
الله زاهدي محله.
قام زاهدي في التاسع عشر من أغسطس 1953
بقصف منزل مصدق وسط مدينة طهران .
في حين قام " كرميت روزفلت
" ضابط الاستخبارات الأميركي والقائد الفعلي للانقلاب الذي
أطلقت المخابرات المركزية الأميركية عليه اسماً سرياً هو أجاكس (Ajax
) بإخراج تظاهرات معادية لمصدق في وسائل الإعلام
الإيرانية والدولية.
كما أوعز " كروميت روزفلت "
إلى كبير زعران طهران وقتذاك شعبان جعفري بالسيطرة على الشارع ، وإطلاق الهتافات
الرخيصة التي تحط من هيبة مصدق ، بالتوازي مع اغتيال القيادات التاريخية للجبهة
الوطنية التي شكلها مثل الدكتور حسين فاطمي الذي اغتيل بالشارع في وضح النهار .
حوكم مصدق أمام محكمة صورية استفاض بعدها
محاميه " جليل بزركمهر " في كشف أنها لم تكن تتمتع بالحد الأدنى من شروط
الحيادية.
حَكَم نظام الشاه على الدكتور مصدق بالإعدام، ثم خفف الحكم لاحقاً إلى
سجن انفرادي لثلاث سنوات ، ومن ثم إقامة جبرية لمدى الحياة في قرية أحمد آباد ،
الواقعة في شمالي إيران " .
وأود أن أنبه إلي أن قراري الشاه بعزل محمد مصدق وتعيين الزاهدي بدلا منه
هما قراران منعدمان لأن رئيس الحكومة وفقا للدستور الإيراني في هذا الوقت كان يتم اختياره
من أغلبية البرلمان والتي تمثلت في الجبهة
الوطنية أو جبهة ملي التي أسسها مصدق بالاشتراك مع الدكتور حسين فاطمي و أحمد زراكزاده
و على شاكان و كريم سنجابي .
لقد صدق فلاسفة التاريخ حين قالوا من لا
يقرأ التاريخ يحكم عليه بتكرار مآسيه وآلامه ، إنها نفس الرواية مع تغير في أسماء
الأبطال ، ثورة يناير2011 في مصر ويقابلها ثورة مصدق 1953 في إيران ، انقلاب علي
الرئيس الدكتور/ محمد مرسي في مصر يقابله انقلاب علي رئيس الوزراء / الدكتور محمد
مصدق في إيران ، انقلاب من عناصر النظام السابق في مصر مدعومة من أمريكا والغرب
يقابله انقلاب من عناصر النظام السابق في إيران مدعومة من أمريكا وبريطانيا ،
انقلاب بتخطيط ضابط المخابرات الأمريكي " كرميت روزفلت " في
إيران يقابله انقلاب بتخطيط وزير الدفاع الأمريكي / هيجل في مصر ، انقلاب
يعتمد علي حملة إعلامية شرسة في مصر ضد الرئيس / محمد مرسي وكل أنصار الشرعية
ووصفهم بأسوأ الصفات بل وبالإرهاب وارتكاب كافة الجرائم التي تقع في جميع أنحاء
العالم يقابله انقلاب يعتمد علي ذات الحملة الإعلامية الشرسة في إيران والهتافات
المسيئة للدكتور / محمد مصدق .
بئس الحلفاء هم ، غرب أثبت عبر التاريخ
أنه يعبد الدولار والبزنس ومصادر الطاقة والمواد الخام ، ولديه الاستعداد لسفك
بحور من الدماء للحفاظ علي هذه المصالح ، دون أدني اهتمام بتعاليم موسي وعيسي عليهما السلام ، أو الكتاب
المقدس الذي استبدلوه بكتاب صناعة البندقية والمسدس......
وعناصر علمانية الديانة داخل الأوطان
العربية تم شرائهم واستقطابهم وتدريبهم والاستفادة من طباعهم التي حوت كل خبيث ،
الكذب والنفاق والفحش في السلوك واللفظ والكراهية للأديان والقيم الأخلاقية وعبادة
الذات والمصالح الخاصة واستباحتهم التحريض علي قتل خصومهم السياسيين من أبناء
وطنهم ، والسبب بسيط للغاية أنه لا يطوف علي بال أحد منهم أنه سوف يسأل يوما ما
عما يفعل ، وأنه سوف يكافئ أو يعاقب ، فالندم علي الذنوب والآثام يعد من قبيل
إقحام الدين في السياسة .
فالسبب الرئيس إذن لنجاح الثورة الإيرانية
وتعثر الثورة المصرية ، أن الإيرانيين استفادوا من درس الانقلاب علي مصدق ، أدركوا
أن أي نظام قديم مستبد لا يمكن بحال من الأحوال أن يسمح بديمقراطية وتداول سلمي
للسلطة ، وإذا تعرضوا لضغوط فإنهم يسمحون ببدء الإجراءات حتى يمنحوا أنفسهم فرصة
للتخطيط للانقلاب علي الديمقراطية الوليدة مستغلين أن جميع عناصر السلطة والقوة
لازالت تحت أيديهم .
أدرك الثوار الإيرانيون أن المعادلة الجديدة للغرب بعد أن تم طرده من
الشرق الأوسط ، هي استبدال - احتلال الأرض
بما يتكلفه من خسائر باهظة قد تستوعب المكاسب من وراء الاحتلال - بمساندة ودعم أنظمة حكم عميلة مستبدة تُخضع لهم
شعوب المنطقة بالقوة والبطش والتنكيل ، ومحاربة أي تجربة ديمقراطية جديدة والتآمر
عليها واستبدالها بنظام عميل قائم أو مستجد ، لذلك بادر الثوار الإيرانيون بإنشاء
جهاز الحرس الثوري ليتسلم مفاتيح السلطة وقوة الدولة من عناصر النظام القديم الذي
قامت ضده الثورة وتسليمها لعناصر موالية للثورة وأفكارها وقياداتها ، فنجحت الثورة
الإيرانية .
فماذا حدث لدينا في مصر ، لقد بدأت الثورة المضادة منذ إتمام أول مؤسسة
من مؤسسات الدولة بعد الثورة وهي البرلمان ، بدأت حملة إعلامية شرسة لتشويه
نواب البرلمان وتسفيه أفكارهم ومشروعاتهم ، لم يتحدث إعلام الدولة العميقة أو
إعلام رجال أعمال مبارك عن القوانين الإصلاحية القيمة سواء التي صدرت أو التي كانت
قيد المناقشة ، وكان هذا سلوكا طبيعيا منهم لأن استمرار عملية الإصلاح التشريعي
كفيلة بالقضاء عليهم قضاء مبرما .
كنت وكيلا للجنة الشئون الدستورية
والتشريعية ببرلمان الثورة الذي قضت عليه المحكمة الدستورية العليا ، لم استمع
يوما لإعلامي ممن ذكرت يتحدث عن قانون إلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين الذي
أصدرناه ، تلك المحاكمات التي ظلت قابعة علي صدور المصريين منذ عام 1966 ، لم
يتحدثوا عن الضمانات التي أضفناها إلي قانون الانتخابات الرئاسية عندما ألزمنا
اللجان الفرعية التي يتم التصويت بها أن تحسب عدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح
رئاسي وأن تعلن هذه النتائج بعد عملية الفرز وتضمنها في كشف رسمي تسلم صورة منه
لكل وكيل من وكلاء المرشحين ممن حضروا عملية الفرز ، وألزمنا اللجان العامة داخل
كل محافظة بأن تفعل مثلما فعلت اللجان الفرعية ، بحيث نضمن في النهاية معرفة
النتائج قبل وصولها إلي لجنة الانتخابات الرئاسية بالقاهرة .
ورغم أن - جميع الفضائيات والصحف الخاصة
بإعلام الدولة العميقة أو رجال الأعمال الذين صنعوا ثرواتهم في عهد مبارك نتيجة
دعمهم له وصحبتهم لأبنائه - كان لهم صحفيون منتدبون لمتابعة أعمال المجلس ، إلا أن
هذه الفضائيات والصحف لم تتحدث عن مشروع قانون إلغاء لجان فض المنازعات وهي
الوظيفة الوهمية التي تم ابتكارها لمنح السادة القضاة رواتب تقدر بآلاف الجنيهات
شهريا بعد إحالتهم للمعاش بعد سن السبعين ، لم يتحدثوا عن قانون الحد الأقصى
للأجور الذي أصدره المجلس و كان سيوفر مليارات لخزانة الدولة ، لم يتحدثوا عن
قوانين كان سيترتب عليها تثبيت العمالة المؤقتة ، لم يتحدثوا عن العديد من مشروعات
القوانين التي قدمت بهدف تحقيق الاستقلال للأجهزة الرقابية علي المال العام بحيث
لا تخضع لقيادات السلطة التنفيذية الذين كانوا يمارسون ضغوطهم للتستر علي جرائم
إهدار المال العام ، وغير ذلك كثير .
إنني أشهد للتاريخ وأطالب الباحثين في الشئون القانونية والسياسية بعمل
دراسات علي القوانين التي أصدرها برلمان الثورة ، وتلك التي كانت قيد المناقشة لدي
اللجان حتى يعرف الشعب أن هذا البرلمان قد تم حله لإنقاذ إمبراطورية الفساد التي
تم بنائها في عهد مبارك وأصبح المستفيد الأوحد منها هم القيادات والموظفون بمؤسسات
الدولة العميقة .
بدأ الانقلاب في مصر بما أسمته صحيفة " نيويورك تايمز "
"مؤامرة الانقلاب القضائي الناعم علي الثورة المصرية" ، وهذا ما
استخلصته الصحيفة بعد حوار أجرته مع المستشارة السابقة / تهاني الجبالي نائب
رئيس المحكمة الدستورية ، والتي صرحت لهم بأسرار خطيرة كان منها قولها بأن البرلمان
تم حله لمنع صعود تيار الإسلام السياسي ، وأجري مكتب النائب العام تحقيقات عن هذا
الموضوع ، وفيما يلي نذكر بعض الوقائع الكفيلة بأن تكشف لنا ما إذا كان هناك
انقلاب قضائي من عدمه : -
- أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بحل البرلمان وصفه العديد
من أساتذة وكبار رجال القانون بأنه حكم سياسي ، وأشاروا إلي أوجه المخالفات
الجسيمة للقانون التي اعترت الحكم ، ومن بينها أن الدعوي الدستورية كانت متعلقة
بمدي جواز ترشح الأحزاب علي الثلث المخصص للمستقلين ، وعليه فإن أقصي مدي للحكم
الصادر فيها هو بطلان انتخاب ثلث المجلس المنتخب بالقوائم الفردية ، وأن ثلثي
المجلس المتبقي لم يكن محل منازعة أو طلبات في الدعوي الأصلية التي رفعت أمام محكمة القضاء الإداري ، بل
قرروا أنه وإن كان هناك ظلم في السماح للأحزاب بالترشح علي مقاعد المستقلين إلا
أنه لم يكن هناك عدم دستورية لأن النص القانوني المطعون عليه كان منقولا حرفيا عن
المادة 38 من الإعلان الدستوري ، ومن ثم يصح أن يقال أن الحالة تمثل ظلما لكن لا
يصح القول بأنها تمثل عدم دستورية ، وأضافوا بأن المحكمة الدستورية تجاوزت
اختصاصها حين قررت في حيثيات حكمها حل البرلمان واعتباره غير قائم بمقتضي الحكم ،
لأن اختصاص المحكمة وفقا لقانونها هو القضاء بعدم دستورية النص المطعون عليه أو
رفض الدعوي ، وأن تشير إلي بطلان تشكيل المجلس إذا كان النص المطعون عليه متعلق
بانتخاب ما يزيد عن نصف الأعضاء ، أما حل البرلمان فيتم باستفتاء يطرحه رئيس
الجمهورية علي حل البرلمان إذا كانت المحكمة قد أشارت في حكما إلي بطلان تشكيل
المجلس في مجمله ، وهذا ما تكرر مرتين قبل ذلك ، لأن حل البرلمان ينبغي الرجوع فيه
إلي الشعب الذي انتخبه ، فالذي يختص بمنح السلطة هو الذي يختص بسحبها .
- عندما أصدر الدكتور / محمد مرسي رئيس
الجمهورية المنتخب قرارا بإعادة البرلمان المنتخب بشكل مؤقت لحين انتخاب
البرلمان الجديد استنادا إلي حالة الضرورة وأن البرلمان المنتخب بإرادة الشعب
وبأكبر عدد من المواطنين ( 32) مليون مواطن هو الأولي بالقيام بالتشريع ، أصدرت
المحكمة الدستورية حكما في اليوم التالي بإلغاء القرار ، وكان ذلك عقب اجتماع مطول
للمجلس العسكري لمناقشة قرار الرئيس – علي نحو يعكس اعتراضهم علي صدوره - دون أن يصدر عنهم أي بيانات إلا أنه قد أعقب
ذلك رفع إشكال في اليوم التالي وصدور حكم فيه بإلغاء القرار .
وقد وصف أيضا هذا الحكم بأنه حكم سياسي لأسباب متعددة ، منها أن قرار
الرئيس كان قرارا إداريا مكتمل الأركان تختص بنظره محكمة القضاء الإداري ، ومنها
أن المحكمة الدستورية خالفت قانونها مخالفة جسيمة حين فصلت في الإشكال اليوم
التالي دون أن تعرض الطلب علي هيئة مفوضي المحكمة لإعداد تقرير بالرأي القانوني
فيها حيث استوجب القانون عرض أي دعوي أو طلب علي الهيئة سالفة الذكر ، ومنها أنها
خالفت قضائها السابق في حالات مماثلة حيث سبق أن أصدرت المحكمة الدستورية حكما
أشارت في حيثياته إلي بطلان مجلس الشعب في كامل تكوينه ، فقام مبارك بعرض مسألة حل
المجلس للاستفتاء الشعبي علي بقائه أو حله
علي ضوء الفتاوى القانونية التي أفادت أن الشعب وحده الذي انتخب المجلس هو الذي
يملك التصريح بحله أو الإبقاء عليه ، فقام مواطن برفع إشكال يطلب فيه إلغاء قرار
مبارك بذريعة أن حكم الدستورية الذي قرر بطلان تشكيل المجلس كاف بذاته لحل
البرلمان دون حاجة إلي استفتاء ، قضت المحكمة الدستورية برفض الإشكال مقررة أن عرض حل
البرلمان للاستفتاء الشعبي هو قرار سيادي فضلا عن كونه عمل سياسي لا تختص المحكمة
بنظره .
- أعدت المحكمة الدستورية تقريرا في دعوى أخري يوصي بحل مجلس الشورى
المنتخب بنفس الكيفية التي تم بها حل مجلس الشعب ، وفي اليوم المحدد للجلسة حدث
تجمع للمتظاهرين أمام المحكمة احتجاجا علي حل المؤسسات المنتخبة انتخابا نزيها
لأول مرة في تاريخ مصر دون مبررات مقبولة لديهم ، بل كان أكثرهم يعتبر هذه الأحكام
انقلابا من نظام مبارك علي كل المؤسسات المنتخبة التي أنتجتها الثورة.
- أصدرت محكمة القضاء الإداري حكما بإلغاء قرار تشكيل الجمعية
التأسيسية الأولي بحكم خالف القانون مخالفة جسيمة وخالف مبادئها المستقرة ،
ذلك أن قرار تشكيل الجمعية التأسيسية هو قرار برلماني صادر من أعضاء برلمانين
بمقتضي إعلان دستوري خولهم بهذه المهمة دون غيرهم ، ولاشك أن تكليف مجلسين منتخبين
بتشكيل هذه الجمعية كان القصد منه أن يكون العمل برلمانيا وليس قرارا إداريا شأنه
كشأن أي قرار يخرج عن موظف حكومي صغير بالدولة .
- بعد حل الجمعية التأسيسية الأولي بحكم محكمة القضاء الإداري ، أصدر
البرلمان قانون يتضمن معايير تشكيل الجمعية التأسيسية ، وأثناء مناقشة القانون تمسكت
بإضافة مادة تكشف عن الطبيعة القانونية لقرار تشكيل الجمعية التأسيسية ، وبالفعل
أضيفت إلي المادة الأولي ومفادها أن قرار تشكيل الجمعية التأسيسية عمل برلماني
وليس إداريا ، ومن ثم لا يخضع لرقابة القضاء الإداري ، وبالطبع قام الانقلابيون برفع دعوي جديدة
لإلغاء قرار تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية ، فإذا بمحكمة القضاء الإداري تقضي
بإحالة الدعوي للمحكمة الدستورية لبحث مدي دستورية المادة الأولي من قانون معايير
تشكيل الجمعية التأسيسية تمهيدا لإلغائها ومن ثم إبطال الجمعية التأسيسية الثانية
وحلها .
- وضعت الجمعية التأسيسية الثانية في دستور 2012 فقرة مفادها أن تكون رقابة
المحكمة الدستورية العليا علي القوانين المتعلقة بالانتخابات والاستفتاءات سابقة
لصدور القانون ، حتي لا تستغل الرقابة اللاحقة لحل المجالس المنتخبة لأسباب سياسية
كما حدث مع برلمان الثورة ، ولم يخطر في بال أعضاء اللجنة أن المحكمة الدستورية
سوف تستغل هذه الفقرة الجديدة لشل حركة المرحلة الانتقالية بالكامل ووقف انتخاب
البرلمان الجديد ، وهذا ما حدث .
فقد قام الدكتور محمد مرسي الرئيس المنتخب بنقل سلطة التشريع إلي مجلس
الشورى ، وبعد أن قام المجلس بإجراء التعديلات اللازمة علي قانون مباشرة الحقوق
السياسية المتعلقة بالانتخابات علي ضوء الدستور الجديد ( 2012) تمهيدا لإجراء
انتخابات مجلس الشعب الجديد ، وتم عرض القانون علي المحكمة الدستورية لإبداء الرأي
في مدي دستوريته قبل إصداره ، فإذا بها تعطل القانون قدر ما استطاعت ، ثم تستخرج
فيه ما يقرب من عشرة عيوب دستورية ، قام مجلس الشورى علي الفور بتعديل هذه النصوص
، وأرسل القانون للمحكمة الدستورية مرة أخري ، فاستخرجت المرة الثانية عيوبا أكثر
مما استخرجتها المرة الأولي ، منها أمورا لم تتحدث عنها في المرة الأولي ، ولا
مجال الآن للحديث عن تقييم هذه المآخذ ، ولكن نقول بإيجاز أن دستورية مبارك ذات
الموازنة ( 170 مليون جنيه في السنة علي بضع أفراد ) قد أقسمت بلسان الحال للمؤسسات
المنتخبة ، سوف نقضي عليكم لا محالة ، تمت الاتفاقات وجفت الأقلام وطويت الصحف ،
في هذه الأثناء كان الانقلابيون قد أقاموا دعوي أمام محكمة القضاء الإداري لوقف
انتخابات مجلس الشعب التي كان الرئيس محمد مرسي قد دعا لها ، وبالفعل صدر الحكم
بوقف انتخابات مجلس الشعب .
أعتقد أنه يمكنك أخي القارئ أن تجيب عن السؤال الهام ..
هل صدقت صحيفة نيويورك تايمز أم كذبت
عندما عنونت حوارها - مع تهاني الجبالي
المرأة الفولاذية النائب السابق لرئيس المحكمة الدستورية – " بمؤامرة
الانقلاب القضائي الناعم " ؟
إن الذي يجهله الكثيرون من أبناء الشعب
المصري هو حجم عسكرة وأمنجة جميع الوزارات والمصالح الحكومية ، فكل وزارة ومصلحة
حكومية بها عدد كبير من رجال الجيش والشرطة المحالين إلي المعاش أو لازالوا في
الخدمة ، وذلك دون استثناء لسلطة قضائية أو غير قضائية ، ولمن أراد أن يعرف أكثر
فليقرأ مذكرات المستشار العظيم يحيي الرفاعي وغيره من مستشاري مجلس الدولة العظام
الذين كانوا يقضون بإلغاء قرارات مبارك بإحالة المواطنين المدنيين إلي المحاكم
العسكرية .
هذه البؤر العسكرية الشرطية داخل الوزارات
و المصالح كانت هي حلقة الوصل التي تنقل الرسائل بين النظام العسكري الديكتاتوري
وقيادات هذه الوزارات والمصالح ، ولذلك تري مثلا أن الإعلام المصري الرسمي (
ماسبيرو والصحف القومية ) كان يعمل ضد الرئيس محمد مرسي ووزير إعلامه ، لأن
القيادات الفعلية لهذه المؤسسات هي قيادات عسكرية متربعة داخل هذه المؤسسات وتدير
كل شيئ دون أن يعلم عامة الشعب أي شيئ عن هذه الدهاليز .
لكل ما تقدم لم يحدث أن قام القضاء المصري
طوال مدة حكم مبارك بإصدار أحكام من شأنها أن تشل حركته أو تعرقل حكمه ، وإنما كان
لكل شيئ حدود ، بينما حدث ذلك ضد مرسي وباقي المؤسسات المنتخبة وبموجب أحكام أثق
أنها سوف تكون محلا للمراجعة والتقييم من الباحثين المتخصصين في الأيام القادمة .
إن الاختلاف بين موقف القضاء من الدعاوي ذات الطابع السياسي قبل الثورة
وبعد الثورة مرتبط بظاهرة عسكرة الوزارات والمصالح الحكومية ، هذا فضلا عن المزايا
التي حصلت عليها المؤسسات في عهد مبارك الذي اتسم بالفساد علي جميع المستويات
والتي أصبحت مهددة في ظل تحول الدولة إلي الديمقراطية .
لم يقم الدكتور محمد مرسي بإنشاء جهاز أمني كالحرس الثوري الإيراني ، ولم
يفعل مثلما فعل السيسي الذي أصدر قانونا لضم أعداد كبيرة من حملة الإعدادية لكل
يستحدث لنفسه جهازا أمنيا مواليا كالحرس الثوري الإيراني ، وإنما كل ما فعله هو
إصدار إعلان دستوري يتمكن من خلاله من تحصين مجلس الشورى الذي تم إعداد التقرير
لحله بكل استخفاف بإرادة الشعب المصري وبتلك المليارات التي تم إنفاقها لاستكمال
مؤسسات الدولة ، لأن كل ذلك لا يهم أصحاب المصالح ، المهم أن يظلوا جاسمين علي
قلوب الشعب ، أما الأموال التي تهدر فيمكن جمعها مرة أخري علي قفي الشعب برفع
أسعار البنزين والسولار والغاز والكهرباء والمياه ورسوم التقاضي وتعريفة المرور في
طرق الجيش وغيره كثير .
أراد الدكتور مرسي أن يحصن مجلس الشورى ،
وأن يعين نائبا عاما جديدا عسي أن يحرك المؤسسات القضائية والأمنية التي أعلنت أن
مدة رئاسة الدكتور مرسي إجازة رسمية ، عسي أن تتحرك النيابة التي كانت تخلي سبيل
من يقومون بحرق مقرات الأحزاب أو قتل من فيها ، وإخلاء سبيل أفراد " البلاك
بلوك " ليخرجوا من ساحات النيابة إلي شاشات تليفاز الإنقلاب كأبطال شعبيين
وطنيين .
لم يتضمن الإعلان الدستوري أي مساس بحقوق
الشعب وحرياته التي حفظها الدكتور مرسي فك الله عز وجل أسره ، الذي لم يستخدم
سلطته التشريعية إلا لإصدار قانون يمنع الحبس الاحتياطي في قضايا النشر حتي يتم
الإفراج عن صحفي أساء إليه شخصيا .
والذين يعرفون أسباب إصدار الإعلان
الدستوري كانوا مؤيدين له بقوة ، وكان من بينهم رجال قانون كبار مثل مجموع قضاة من
أجل مصر وغيرهم كثير .
رغم كل ذلك قام الانقلابيون باستغلال
الإعلان الدستوري كذريعة لتحركات جديدة تضاف إلي كافة مشاهد التآمر التي عرضناها
للتدبير للقيام بخطوتهم الأخيرة لإتمام الانقلاب والتي كانت آتية لا محالة
بالإعلان الدستوري أو بدونه ، هذه الخطوة الأخيرة التي تنبأت بها قبل حدوثها وهي
عزل الدكتور مرسي وثابت ذلك بالصوت والصورة في فيديو لازال موجودا بالحفظ والصون .
لم يتوقف القضاء عند هذا الحد بل أصدر
حكما بإلغاء الإعلان الدستوري فيما يتعلق بتغيير النائب العام السابق المستشار عبد
المجيد محمود وأعاده إلي عمله ، القضاء العادي يلغي نصوصا دستورية حتي دون أن
يحتاج الأمر لإحالته إلي المحكمة الدستورية .
ما قاله السيسي في بحثه الذي قدمه لمعهد
الدراسات الإستراتيجية التابع لكلية الحرب الأمريكية من أن أنظمة الحكم في الشرق
الأوسط تفضل الحكم العلماني ، وأن الإعلام في هذه الدول يعمل بفلسفة علمانية
ويساند الأنظمة حدث بالفعل في كافة الترتيبات التي تم إعدادها للانقلاب .
نجحوا في استغلال المنافسة بين العلمانيين
والإسلاميين ، أثاروا الذعر في نفوس الأقباط من الأحزاب الإسلامية ، بل ومن
الشريعة الإسلامية رغم أنها تقرر صراحة المواطنة والمساواة المطلقة بين المسلمين
وأهل الكتاب في الحقوق والواجبات .
لعبوا علي حرص مؤسسات مبارك علي ما حققته
من مكتسبات ومصالح في عهد مبارك وأنها أصبحت في خطر ، إنها خبرة ستون عام في الحكم
الاستبدادي يصعب علي الثوار أن ينتبهوا لألاعيبها أو يحصنوا أنفسهم من سمومها
ومخاطرها.
وبعد أن نجحوا فيما أرادوا كشروا عن أنياب
مصاصي الدماء للجميع ، فسقط الشهداء من كل التيارات وفئات المجتمع ، وامتلأت
السجون بالجميع بلا رحمة حتي لمن كان معهم ومنحهم غطاءاً شعبيا للانقلاب .
ولأنهم أصحاب مصالح خاصة لا تعنيهم الدولة ولا يعنيهم الشعب ، لم يجدوا
حرجا في شق الصف بين أبناء الشعب الواحد أو شق الصف بين الشعب وجيشه ، أو شق الصف
بين المسلمين والأقباط ، أو شق الصف بين الإسلاميين والعلمانيين ، أو شق الصف بين
الشعب والمؤسسات الدينية العريقة ، كل ذلك - في سبيل عودة الرئيس الضابط العسكري والمحافظ
العسكري والوزير العسكري - يهون .
أما آن لشركاء ثورة يناير أن يتحدوا لاستعادة المسار الديمقراطي وكافة
مطالب ثورة يناير المجيدة ، أما آن لهم أن يفكروا في كيفية الحفاظ علي الثورة
ومكتسباتها بعد أن تنجح بإذن الله عز وجل مثلما نجح قادة الثورة الإيرانية في
الحفاظ علي ثورتهم ضد نظام الشاه ورجاله الموالين له في المؤسسة العسكرية أو غيرها
من المؤسسات .
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية
ببرلمان الثورة
شارك هذا المقال
ردحذف