الجمعة، 22 يناير 2016

العسكر وإهدار ثروات مصر البترولية . ( 31 )

 
المستشار / هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات
(( الجهاز المركزي للمحاسبات : لا رقابة علي الشركات الأجنبية التي تستخرج البترول والغاز المصري ))
بتاريخ 2015/9/12 نشرت صحيفة " النبأ " تحقيقا صحفيا بعنوان " بالمستندات .. فساد وزارة البترول في عهد رئيس الحكومة الجديدة " الحلقة الأولي " جاء فيه :
( - إجراءات الطرح والبت والإسناد بلا رقابة والجهات المعنية لا تعلم شيئا بالعقود المبرمة .
 - مصروفات الكشف عن الغاز تراكمت لملايين الدولارات بفضل التلاعب القائمين  في مبالغ الإنفاق .
جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكليف المهندس شريف إسماعيل المكلف بتشكيل الحكومة بعد الإطاحة بالمهندس إبراهيم محلب مفاجئا للجميع وصادما في نفس الوقت .
المعروف عن المهندس شريف إسماعيل المكلف بتشكيل الحكومة أنه تخرج عام 1978 في كلية الهندسة قسم الميكانيكا جامعة عين شمس ، عمل مهندسا في البحث والاستكشاف بشركة موبيل 1979 ، بدأ العمل بشركة انبي منذ عام 1979 حتى عام 2000 حتى وصل إلى منصب مدير عام الشؤون الفنية وعضو مجلس الإدارة ، ثم عمل وكيلا لوزارة البترول لمتابعة شؤون وعمليات البترول والغاز منذ عام 2000 حتى 2005 ، ثم تولى رئاسة مجلس إدارة شركة إيجاس منذ عام 2005 حتى 2007 ، ثم تولى رئاسة مجلس إدارة شركة جنوب الوادي القابضة للبترول منذ عام 2007 وحتى 2013 .
وعن مناصب المهندس شريف  إسماعيل  الوزارية فقد إسماعيل تولى وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية ضمن وزارة حازم الببلاوي في 16 يوليو 2013 خلفا للمهندس شريف هدارة، واستمر وزيرا للبترول ضمن وزارتي إبراهيم محلب الأولى والثانية .
لكن الذي لا يعرفه العامة عن المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة الجديدة أن قطاع البترول شهد في عهده عمليات نهب ممنهجة لا يكفي الحديث عنها في حلقة واحدة، بل يحتاج لعدة حلقات متتالية .
الحلقة الأولى :
من فساد وزارة البترول في عهد رئيس الحكومة الجديدة ، تتمثل في عمليات السرقة الممنهجة لكميات الإنتاج الناتجة من أعمال الشركات المشتركة التي يشارك فيها شركات أجنبية عالمية مقابل جزء من الإنتاج في مناطق الحقول البترولية ، تحت ستار " اتفاقيات اقتسام إنتاج البترول " .
وجاءت هذه السرقات بعد نجاح حيتان البترول منع الجهات الرقابية عن من الرقابة على مراحل العمل المختلفة لتلك الشركات ، كما هو ثابت بتقارير رقابية صادرة من الجهاز المركزي للمحاسبات .
فقد كشف تقرير تقييم منظومة الشركات العامة في مجال البترول والغاز الطبيعي الصادر من إدارة مراقبة حسابات البترول بالجهاز المركزي للمحاسبات ، عن تعرض أموال الشركات المشتركة بقطاع البترول للإستنذاف بفضل نجاح قيادات وزارة البترول ورؤساء مجالس الإدارة في مباشرتها تحت أعمال تلك الشركات تحت "بير السلم"ومنع الجهات الرقابية من الاقتراب منها وفحص قوائمها المالية . 
أوضح التقرير أن الشركات المشتركة داخل قطاع البترول تعرف بمسمى شركات " اقتسام الإنتاج " ويصل عددها إلى نحو 70 شركة ، حيث يتم من خلالها مشاركة الشركات العالمية المتخصصة التي تعمل على الاستثمار في مصر مقابل المشاركة في الإنتاج من البترول والغاز الناتج من الاستكشافات ، وتواجه الأجهزة الرقابية العديد من التحديات عند مجرد تفكيرها في الاقتراب من مراجعة نشاط تلك الشركات على مستوى مراحل العمل الأربعة ، المتمثلة في مرحلة إجراءات الطرح والبت والإسناد لمناطق البحث ، ومرحلة البحث قبل الاكتشاف التجاري ، ومرحلة تأسيس الشركات القائمة بالعمليات، مرحلة تجديد اتفاقيات الالتزام للشريك الأجنبي . 
 
بالنسبة للمرحلة الأولى من مراحل عمل الشركات المشتركة (اقتسام الإنتاج ) المتمثلة في مرحلة " إجراءات الطرح والبت والإسناد لمناطق البحث " ، تتمسك الهيئة المصرية العامة للبترول بعدم إخضاع الشركات المشتركة في تلك المرحلة لرقابة الأجهزة الرقابية ، وبررت الهيئة موقفها بصدور ترخيص من السلطة التشريعية بقانون يرخص للهيئة والشريك بأعمال البحث والاستغلال وذلك بناء على إجراءات الطرح والبت والإسناد ، ومن ثم فإن مراجعة الإجراءات والتحقق منها هي اختصاص أصيل للسلطة التشريعية قبل صدور القانون ، وأن اتفاقية الامتياز تعرض على عدة جهات قبل إحالتها للسلطة التشريعية .
وتجاهلت الهيئة المصرية العامة للبترول المادة رقم 5 من قانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 144 لسنة 1988 والمعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1998 وتعديلاته ، والتي أولت الاهتمام بضرورة قيام مراقب الحسابات بأداء واجبه المهني في ضوء التأكد من سلامة التصرفات المالية الخاصة بالجهات محل الرقابة وبما لا يخل بدور إدارات تلك الجهات في اتخاذ القرار المناسب ، حيث تستلزم هذه المادة ضرورة إخضاع شركات البترول المشركة في مرحلة إجراءات الطرح والبت والإسناد لمناطق البحث إلى رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات لعدة أساب تتمثل ، في أن هذه المرحلة تمثل أعمال تنفيذية لإحدى إدارات هيئة البترول التي تخضع لرقابة الجهاز أن اتفاقيات الامتياز تمثل بحث واستغلال لأموال وملكية عامة ، فضلا عن أحقية الجهاز في التحقق من مدى صحة البيانات والمعلومات المعروضة على السلطة التشريعية ومدي مطابقتها للمستندات المؤيدة وكذلك التحقق من صحة الإجراءات وفقا لما حدده القانون .
 
أما بالنسبة للمرحلة الثانية من مرحل عمل شركات البترول المشتركة والمتمثلة في مرحلة " البحث قبل الاكتشاف التجاري " تبين عدم تمكين الهيئة المصرية العامة للبترول الجهات الرقابية من مراجعة ما يتم في تلك المرحلة ، وذلك تحت مبررات عدم تأثر حسابات الهيئة أو قوائمها المالية بأي معاملات مالية عن تلك المرحلة ،وتوافر كافة المستندات المؤيدة للصرف لدى الشريك الأجنبي ، وتولى الهيئة لأعمال مراجعة مصروفات الشريك الأجنبي ، وعدم وجود نصوص صريحة باتفاقيات حق الامتياز يمنح الجهاز المركزي للمحاسبات حق مراجعة تلك المرحلة ، الأمر الذي ينتج عنه تراكم قوائم الإنفاق والمصروفات لفترات زمنية طويلة حتى تتجاوز مبالغها ملايين الدولارات وعند الاكتشاف التجاري تصبح واجبة الاسترداد للشريك ويتعذر على الجهات الرقابية مراجعتها .
 
وبالنسبة للمرحلة الثالثة من مراحل عمل شركات البترول المشتركة ( اقتسام الإنتاج )المتمثلة في مرحلة " تأسيس الشركة القائمة بالعمليات " تبين أنه لا توجد مراجعة من الجهات الرقابية للمستندات المؤيدة لقوائم إنفاق الشريك الأجنبي والمحفوظة لديه ، بسبب وجود رؤية داخل وزارة البترول ترى عدم إخضاع الشركات القائمة بالعمليات مباشرة لاختصاصات الجهاز المركزي للمحاسبات ، ومراجعتها فقط كمركز مالي من حسابات الهيئة المصرية العامة للبترول ، بحجة صدور قانون خاص للاتفاقيات يمنحها حصانة وسياج لا يخرجها عن الأحكام الواردة بالعقد .
 
أما بالنسبة للمرحلة الرابعة من مراحل عمل شركات البترول المشتركة (اقتسام الإنتاج ) المتمثلة في مرحلة " تجديد اتفاقيات الإلتزم للشريك الأجنبي " فقد تبين أن الجهة التنفيذية الممثلة في الهيئة المصرية العامة للبترول ، والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية ، وشركة جنوب الوادي القابضة للبترول ، درجت على عرض تجديد اتفاقيات الشريك الأجنبي تحت مسمى تعديل بنود الاتفاقية ، حيث يتم تعديل مدة الاتفاقية والحصول على منحة توقيع ضئيلة وتحديد حد أدنى للصرف على أعمال البحث بالمنطقة ، كما لا توجد دراسة تقدر كمية وقيمة الاحتياطات وكذلك القيمة العادلة للأصول والتسهيلات التي بمقتضى تعديل مدة الاتفاقية يعيد الشريك الأجنبي شركاته للجانب المصري ، والاستفادة من تلك الأصول والتسهيلات والاحتياطات دون مقابل أو بمقابل زهيد .
وهكذا يتضح من التقرير السابق للجهاز المركزي للمحاسبات أنه لا توجد أي رقابة علي الشركات الأجنبية التي تتعاقد مع وزارة البترول وأجهزتها بشأن التنقيب عن البترول والغاز واستخراجه سواء رقابة علي بنود العقد المبرم أو قيمة المصروفات التي تدعي الشركة الأجنبية أنها أنفقتها علي البحث والتنقيب أو التي تدعي أنها أنفقتها علي استخراج البترول أو الغاز ، كما لا توجد رقابة علي الكميات التي يتم إنتاجها .
وأكد الجهاز أن قيادات البترول هي التي تتعمد عدم إخضاع الشركات الأجنبية للرقابة في جميع المراحل ، وأنها تبرر ذلك بتبريرات غير قانونية وغير مقبولة ومثيرة للريبة .
ولاشك أن ما أوضحه الجهاز المركزي للمحاسبات يذكرنا بالاستجواب الذي عرضناه في المقالات السابقة من السلسلة بشأن فساد قيادات البترول فيما يتعلق بتعديل بنود إتفاقيتي شمال إسكندرية وغرب البحر المتوسط ، وهي التعديلات التي تنازلت بمقتضاهها قيادات البترول عن جميع حقوق مصر في الاتفاقيتن لتقوم مصر بعد إدخال التعديلات بشراء بترولها وغازها بأزيد من الأسعار العالمية .
 
وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ببرلمان الثورة .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق